أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٩

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٩

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٦

صاليت نار الخليل فيه

لكن على ريقه المبرّد

بدرٌ واقراطه الثريا

والراح في راحتيه فرقد

شقّ لها في الدجى عموداً

من وجنتيه استنار وامتد

فأسفر المشرقان افقاً

بالنيرين : السلاف والخد

وانصدع الغيهبان جنح

الظلام أو شعره المجعد

وهزّ من معطفيه لدنا

صوّب حتفي به وصعّد

يانع غصن وقد تثنّى

طائر قلبي عليه غرّد

مذ ريّش الهدب قلت قلبي

دونك يا سهمه المسدد

أدمى فؤادي سلوه عما

في راحتيه الخضاب يشهد

كيف تصبّرتَ يا فؤادي

عن عذب ريق له تشهد

أمرد في تيهه يرينا

بلقيس في صرحها الممرد

قال له الحُسن مذ تناهى

أنت بجمع الملاح مفرد

١٦١

السيد محمد حسين الكيشوان

المتوفى ١٣٥٦

لأصبر أو تجري على عاداتها

خيل تشنّ على العدى غاراتها

وتقودها شعث الرؤوس شوائلا

قبّ البطون تضج في صهلاتها

وتثيرها شهباء تملأ جوّها

نقعاً يحط الطير عن وكناتها

فإلامَ يقتدح العدو بزنده

نار الهوان فتصطلى جذواتها

أو ما دريتِ بأن آل أمية

ثارت لتدرك منكم ثاراتها

واتت كتائبها يضيق بها الفضا

حشداً تسدّ الأفق في راياتها

جاءت ودون مرامها شوك القنا

كيما تسود بجهلها ساداتها

عثرت بمدرجة الهوان فأقلعت

نهضاً بعبء الحقد من عثراتها

فهناك أقبل والحفاظ بفتية

ما خطّ وخط الشيب في وفراتها

بمدربين على الحروب إذا خبت

للحرب نار أوقدوا جمراتها

وثبت بمزدلف الهياج كأنها

الآساد في وثباتها وثباتها

هيجت بمخمصة الطوى ولطالما

اتخذت أنابيب القنا أُجماتها

يوم به الأبطال تعثر بالقنا

والموت منتصب بست جهاتها

برقت به بيض السيوف مواطراً

بدم الكماة يفيض من هاماتها

فكأن فيه العاديات جآذر

تختال من مرح على تلعاتها

وكأن فيه البارقات كواكب

للرجم تهوي في دجى ظلماتها

وكأن فيه الذابلات أراقمٌ

تنساب من ظمأ على هضباتها

وكأن فيه السابغات جداول

أضحى يخوض الموت في غمراتها

١٦٢

غنّت لهم سود المنايا في الوغى

وصليل بيض الهند من نغماتها

فتدافعت مشي النزيف إلى الردى

حتى كأن الموت من نشواتها

وتطلعت بدجى القتام أهلّة

لكن ظهور الخيل من هالاتها

تجري الطلاقة في بهاء وجوهها

إن قطّبت فرقاً وجوه كماتها

نزلت بقارعة المنون بموقف

يستوقف الأفلاك عن حركاتها

غرست به شجر الرماح وإنما

قطفت نفوس الشوس من ثمراتها

حتى إذا نفذ القضاء وأقبلت

زمر العدى تستنّ في عدواتها

نشرت ذوائب عزّها وتخايلت

تطوي على حرّ الظما مهجاتها

وتفيأت ظلل القنا فكأنما

شجر الأراك تفيأت عذباتها

وتعانقت هي والسيوف وبعدذا

ملكت عناق الحور في جناتها

وتناهبت أشلاءها قِصد القنا

ورؤوسها رفعت على أسلاتها

وانصاع حامية الشريعة ظامياً

ما بلّ غلته بعذب فراتها

أضحى وقد جعلته آل أمية

شبح السهام رميّةً لرماتها

حتى قضى عطشاً بمعترك الوغى

والسمر تصدر منه في نهلاتها

وجرت خيول الشرك فوق ضلوعه

عدواً تجول عليه في حلباتها

* * *

ومخدرات من عقائل أحمد

هجمت عليها الخيل في أبياتها

من ثاكل حرّى الفؤاد مروعة

أضحت تجاذبها العدى جبراتها

ويتيمةٍ فزعت لجسم كفيلها

حسرى القناع تعجّ في أصواتها

أهوت على جسم الحسين وقلبها

المصدوع كاد يذوب من حسراتها

وقعت عليه تشمّ موضع نحره

وعيونها تنهلّ في عبراتها

ترتاع من ضرب السياط فتنثني

تدعو سرايا قومها وحماتها

أين الحفاظ وفي الطفوف دماؤكم

سفكت بسيف أمية وقناتها

أين الحفاظ وهذه أشلاؤكم

بقيت ثلاثاً في هجير فلاتها

١٦٣

أين الحفاظ وهذه فتياتكم

حملت على الأكوار بين عداتها

حملت برغم الدين وهي ثواكل

حسرى تردد بالشجى عبراتها

فمن المعزي بعد أحمد فاطماً

في قتل أبناها وسبي بناتها

السيد محمد حسين ابن السيد كاظم ابن السيد علي بن أحمد الموسوي القزويني الشهير بالكيشوان النجفي. ولد في النجف عام ١٢٩٥ ه‍. مشهور بعلمه وتحقيقه ، ذو نظر صائب وفكر وقاد ، أديب له الصدارة في المجالس والمكانة السامية عند العلماء وأهل الدين ذكره صاحب ( الحصون المنيعة ) فقال : فاضل مشارك في العلوم سابق في المنثور والمنظوم له فكرة تخرق الحجب وهمة دونها الشهب ، وشعر يسيل رقة وخط يشبه العذار دقة ، إلى حسن أخلاق وطيب اعراق وحلو محاضرة مع الرفاق ، ونسك وتقى بعيد عن الرياء والنفاق ، وله شعر كثير بديع التركيب.

لا زلت أتمثله سيداً وقوراً مربوع القامة حسن الهندام بهي المنظر والعمة السوداء متناسبة مع وجهه ومنسجمة معه كل الانسجام رأيته عشرات المرات في عشرات من المجالس الحسينية وقد طلب منه أبي مقابلة نسخة ( مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار ) للجد الأكبر السيد عبدالله شُبّر على نسخة المؤلف وبخطه ، فأجاب في حين لم تكن بينه وبين أبي صلة قوية أو لأبي عليه دالة تستوجب الاجابة لكنه لخلقه العالي وسجاحة أخلاقه تنازل لرغبته فكان يحضر كل يوم عصراً إلى دارنا وتكون بيده نسخة الأصل ومع الوالد نسخة أخرى فيقرأ أحدهما مرة ومرة فلم أسمع صوته ولا أقدر أن أُميّز نبراته ولكني أتصور كلامه ، لقد كان هادئ الطبع وديع النفس إلى أبعد ما تتصور. وقال لي أحد الأذكياء يوماً ونحن في محفل غاص بالمعممين في دار المرحوم الشيخ مرتضى الخوجه ، والسيد المترجم له في صدر المجلس : هل رأيت ذلك السيد ( وأشار عليه ) زجّ نفسه في كلام أو خاض في مسألة دون

١٦٤

أن يُسأل فيجيب بالرغم من أنه أعلم الموجودين والكل يعلم بذلك ، يقول البحاثة المعاصر علي الخاقاني عنه : لقد أفنى زمناً طويلاً في إحياء كثير من الكتب النادرة بخط جميل وضبط قوي وأتذكر أنه كتب تحرير المجسطي بدوائره وأشكاله فكانت مخطوطته من أروع المخطوطات ، وكتب الأصول الأربعمائة وكثيراً من مؤلفات الشيخ المفيد والصدوق وألّف وصنّف كثيراً منها : تحفة الخليل في العروض والقوافي ورسالة في علم الجبر ، منهج الراغبين في شرح تبصرة المتعلمين في جزئين ، منظومة في علم الحساب تقع في ٢٢١ بيتاً وغيرهما مما دوّنها مترجموه ، نشأت وأنا أسمع أساتذة المنبر الحسيني يروون شعره ويعطرون به المحافل ويرون شعره من الطراز العالي ورثاءه من النوع الممتاز على كثرة الراثين للحسين عليه‌السلام ، وحذراً من أن يقال أن الشاعر لا يحسن إلا الرثاء فاني أروي مقطوعة واحدة من غزله من ديوانه المخطوط الحافل بما لذّ وطاب من مسامرة الأحباب ، قال :

وغادة نادمتها

في غلس الليل الدجى

غازلت منها مقلة

ترنو بعيني أدعج

أحنى عليه الحسن

خط حاجب مزجج

لم أدرِ إذ تكسر خف‍

‍نيها لكسر المهج

أمن حياء أم نعا

س فيهما أم غنج

لهوت فيها أجتلي

روض محياً بهج

دبجه البهاء مث‍

‍ل السندس المدبج

أرخت عليها صدغها

منعطفاً ذا عوج

كأنه ورد علي

‍ه قطعة من سبج

والحسن أذكى خدّها

بجمره المؤجج

وعنبر الخال به

يذكو بطيب الأرج

داعبتها وما على

أهل الهوى من حرج

حتى اختلست رشفة

من ريقها المثلّج

١٦٥

ثم عضضت خدّها

عضة حران شجي

فماج حسناً فوق ما

فيه من التموّج

ولاح مثل الذهب الم‍

‍نقوش بالفيروزج

أو ثمر التفاح بي‍

‍ن طاقتي بنفسج

وبعد ذا حنوت فو

ق ردفها المندمج

أضمّه يرتجّ مث‍

‍ل الزيبق المرجرج

حضنته وهو من الل‍

‍ين يروح ويجي

عبلٌ به ضاق مجال

حضني المنفرج

بلغت فيه لذة

أربت على ما أرتجي

أما رسائله وأدبه النثري ونوادره وملحه فمنها يتألف مؤلف قائم بنفسه. توفي ليلة الأحد ٢٨ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٥٦ ه‍. ودفن في الصحن العلوي في الجهة الغربية الشمالية رحمه الله رحمة واسعة وبقيت روائعه ترددها ألسنة الخطباء ومنها ما يعتز به مخطوطنا ( سوانح الأفكار في منتخب الاشعار ) الجزء الأول منه :

١ ـ رائعته الحسينية التي تتكون من ٧٢ بيتاً وأولها :

هي الدار لاوردي بها ريّقٌ غمرُ

ولا روض آمالي بها مورق نضرُ

٢ ـ قصيدته في رثاء شهداء كربلاء وتتكون من ٤٢ بيتاً وأولها :

لعلّ الحيا حيّا ببرقة ثهمد

معاهد رسم المنزل المتأبد

٣ ـ الثالثة في الزهراء عليها‌السلام وهي ٥٧ بيتاً وأولها :

مالك لا العين تصوب أدمعا

منك ولا القلب يذوب جزعا

وقال مشطراً أبيات عبد الباقي العمري لما جاء لزيارة أمير المؤمنين (ع) :

وليلة حاولنا زيارة حيدر

وقد رجّع الحادي بترديد أشعاري

١٦٦

وسامرت نجم الافق في غلس الدجى

وبدر سماها مختف تحت أستار

بأدلاجنا ضلّ الطريق دليلنا

وقد هوّمت للنوم أجفان سماري

تحريتُ أستهدي بأنوار فكرتي

ومن ضلّ يستهدي بشعلة أنوار

ولما تجلّت قبة المرتضى لنا

بأبهى سناً من قبّة الفلك الساري

قصدنا السنا منها ومذ لاح ضوؤها

وجدنا الهدى منها على النور لا النار

٤ ـ الرابعة في السبط الأكبر الإمام الحسن بن علي عليهما‌السلام وتتكون من ٥٨ بيتاً ، ويقول فيها :

أترى يسوغ على الظما لي مشرع

وارى أنابيب القنا لا تشرع

ما آن أن تقتادها عربية

لا يستميل بها الروى والمرتع

تعلو عليها فتية من هاشم

بالصبر لا بالسابغات تدرّعوا

فلقد رمتنا النائبات فلم تدع

قلباً تقيه أدرع أو أذرع

فإلى مَ لا الهندي مُنصلتٌ ولا

الخطي في رهج العجاج مزعزع

ومتى نرى لك نُهضة من دونها

الهامات تسجد للمنون وتركع

يا ابن الألى وشجت برايته العلى

كرماً عروق أصولهم فتفرّعوا

جحدت وجودك عصبة فتتابعت

فرقاً بها شمل الضلال مجمّع

جهلتكَ فانبعثت ورائد جهلها

أضحى على سَفهٍ يبوع ويذرع

تاهت عن النهج القويم فظالع

لا يستقيم وعاثر لا يُقلع

فأنِر بطلعتك الوجود فقد دجى

والبدر عادته يغيب ويطلع

متطلّباً أوتاركم من أمة

خفّوا لداعيةِ النفاق وأسرعوا

خانوا بعترة أحمد من بعده

ظلماً وما حفظوهم ما استودعوا

فكأنما أوصى النبي بثقله

أن لا يُصان فما رعوه وضيّعوا

جحدوا ولاء المرتضى ولكم وعى

منهم له قلب وأصغى مسمعُ

وبما جرى من حقدهم ونفاقهم

في بيته كُسرت لفاطم أضلع

وغدوا على الحسن الزكي بسالف

الأحقاد حين تالبوا وتجمعوا

١٦٧

وتنكبوا سنن الطريق وإنما

هاموا بغاشية العمى وتولعوا

نبذوا كتاب الله خلف ظهورهم

وسعوا لداعية الشقا لما دعوا

عجباً لحلم الله كيف تأمروا

جنفاً وأبناء النبوّة تُخلع

وتحكموا في المسلمين وطالما

مرقوا عن الدين الحنيف وأبدعوا

أضحى يؤلب لابن هندٍ حزبه

بغياً وشرب ابن النبي مذعذع

غدروا به بعد العهود فغودرت

أثقاله بين اللئام توزع

الله أي فتىً يكابد محنة

يشجى لها الصخر الأصم ويجزع

ورزيّة جرّت لقلب محمد

حزناً تكاد له السما تتزعزع

كيف ابن وحي الله وهو به الهدى

أرسى فقام له العماد الأرفع

أضحى يسالم عصبة أموية

من دونها كفراً ثمود وتُبّع

ساموه قهراً أن يضام وما لوى

لولا القضا به حنان طيّع

أمسى مضاماً يستباح حريمه

هتكاً وجانبه الأعز الأمنع

ويرى بني حرب على أعوادها

جهراً تنال من الوصي ويسمع

ما زال مضطهداً يقاسي منهم

غصصاً بها كأس الردى يتجرّع

حتى إذا نفذ القضاء محتّماً

أضحى يُدس اليه سُمّ منقع

وغدا برغم الدين وهو مكابد

بالصبر غلّة مكمّد لا تنقع

وتفتت بالسُمّ من أحشائه

كبد لها حتى الصفا يتصدّع

وقضى بعين الله يقذف قلبه

قطعاً غدت مما بها تتقطّع

وسرى به نعش تودّ بناته

لو يرتقي للفرقدين ويرفع

نعش له الروح الأمين مشيّع

وله الكتاب المستبين مودّع

نعش أعز الله جانب قدسه

فغدت له زمر الملائك يخضع

نعش به قلب البتول ومهجة

الهادي الرسول وثقله المستودع

نثلوا له حقد الصدور فما يُرى

منها لقوسٍ بالكنانة منزع

ورموا جنازته فعاد وجسمه

غرض لرامية السهام وموقع

١٦٨

شكوه حتى أصبحت من نعشه

تستل غاشية النبال وتنزع

لم ترم نعشك إذ رمتك عصابة

نهضت بها أضغانها تتسرّع

لكنها علمت بأنك مهجة

الزهراء فابتدرت لحربك تهرع

ورمتك كي تصمى حشاشة فاطم

حتى تبيت وقلبها متوجع

ما أنت إلا هيكل القدس الذي

بضمره سرّ النبوة مودع

جلبت عليه بنوا الدعي حقودها

وأتته تمرح بالضلال وتتلع

منعته عن حرم النبي ضلالة

وهو ابنه فلأي أمرٍ يمنع

فكأنه روح النبي وقد رأت

بالبعد بينهما العلائق تقطع

فلا قضت أن لا يخطّ لجسمه

بالقرب من حرم النبوة مضجع

لله أي رزية كادت لها

أركان شامخة الهدى يتضعضع

رزء بكت عين الحسين له ومن

ذوب الحشا عبراته تتدفع

يوم انثنى يدعو ولكن قلبه

وآمروا مقلته تفيض وتدمع

أترى يطيف بي السلو وناظري

من بعد فقدك بالكرى لا يهجع

أُخي لا عيشي يجوس خلاله

رغد ولا يصفو لوردي مشرع

خلفتني مرمى النوائب ليس لي

عضد أرد به الخطوب وأدفع

وتركتني أسفاً أردد بالشجى

نفساً تصعّده الدموع والهمّع

أبكيك يا ريّ القلوب لو أنه

يجدي البكاء لظامئٍ أو ينفع

الأسر القزوينية المعروفة بالعلم في العراق ثلاث : ١ ـ الاسرة النجفية ، وقد اقام قسم من رجالها في بغداد. ٢ ـ الحِلية ، التي ذكرنا منها جملة من الاعلام ومنها السيد مهدي وأنجاله الأربعة وأولادهم ، وهاتان الاسرتان ينتمون للامام الحسين عليه‌السلام وهما فرع واحد تلتقيان في بعض الأجداد. ٣ ـ الكاظمية ، وهي موسوية النسب منها العلامة السيد مهدي نزيل البصرة بعصره وأخوه السيد جواد نزيل الكويت في عصره ولقب بعض رجالها بالكيشوان ومنهم المترجم له.

١٦٩

الحاج مهدي الفلّوجي

المتوفى ١٣٥٧

إلى م وقلبي من جفوني يسكب

ونار الأسى ما بين جنبي تلهبُ

أبيتُ وليلي شطّ عنه صباحه

كأن لم يكن لليل صبح فيرقب

أُحارب فيه النجم والنجم ثائرٌ

متى غاب منه كوكب بان كوكب

وعلمت بالنوح الحمام فأصبحت

على ترح في الدوح تشدو وتندب

فما هي إلا زفرة لو بثثتها

على البحر من وجد يجف وينضب

تجهّم هذا الدهر واغبرّ وجهه

بدهماء لا يجلى لها قط غيهب

لقتلى الألى بالطف لما دعاهم

إلى الحرب سبط المصطفى فتأبهوا

ومذ سمعوا الداعي أتوا حومة الوغى

تعلم أيديها الضبا كيف تضرب

فإن وعظت عن ألسن البيض وعظها

وإن خطبت عن ألسن السمر تخطب

كرام تميت المحل غمرة وفرهم

فتحيا بها الأرض الموات وتعشب

على كثرة الأعداء قلّ عديدهم

وكم فئة قلّت وفي الله تغلب

مواكب أعداهم تعدّ بواحد

وواحدهم يوم الكريهة موكب

مضوا يستلذون الردى فكأنه

رحيق مدام بالقوارير يسكب

كأن المنايا الخرّد العين بينهم

فجدّوا مزاحاً دونها وهي تلعب

ومن بعدهم قام ابن حيدر والعدى

جموع بها غصّ الفضا وهو أرحب

١٧٠

فألبس هذا الأفق ثوب عجاجة

به عاد وجه الشمس وهو منقب

وكيف يحلّ الذل جانب عزه

وفي كفه سيف المنية يصحب

وكيف حسين يلبس الضيم نفسه

ونفس علي بين جنبيه تلهب

إلى أن أراد الله بابن نبيّه

يبيت بفيض النحر وهو مخضب

فأصبح طعماً للضبا وهو ساغبٌ

وأصبح ريّاً للقنا وهو معطب

بنفسي اماماً غسله فيض نحره

وفي أرجل الخيل العتاق يقلب

بنفسي رأساً فوق شاهقة القنا

تمرّ به الأرياح نشراً فتعذب

كأن القنا الخطار أعواد منبر

ورأس حسين فوقها قام يخطب

فوا أسفي تلك الكماة على الثرى

ونسوة آل الوحي تسبى وتسلب

وراحت بعين الله أسرى وحواسراً

تساق وأستار النبوة تنهب

دعت قومها لكنها لم تجدهم

على عهدها فاسترجعت وهي تندب

أيا منعة اللاجين والخطب واقع

ويا أنجم السارين والليل غيهب

أليست حروف العز في جبهاتكم

تحررها أيدي الجلال فتكتب

فأين حماة الجار هاشم كي ترى

نساها على عجف الأضالع تجلب

وفي الأسر ترنو حجة الله بينها

عليلاً إلى الشامات في الغل يسحب

سرت حسراً لكن تحجب وجهها

عن العين أنوار الإله فتحجب

إلى أن أتت في مجلس الرجس أبصرت

ثنايا حسين وهي بالعود تضرب

الحاج مهدي الفلوجي ابن الحاج عمران ابن الحاج سعيد من الطبقة العالية في الشعر وممن تفتخر به الفيحاء وتعتز بأدبه ، حسن الأخلاق طاهر الضمير عف اللسان تخرّج في الأدب على الشيخ حمادى نوح المتقدمة ترجمته. حفظ الكثير من شعر العرب القدامى ، ترجم له اليعقوبي في ( البابليات ) وقال :

١٧١

مولده في الحلة سنة ١٢٨٢ ه‍. وكان يتعاطى التجارة ويحترف بيع البز ويرتدي برأسه العمة السورية ويعدّ من ذوي الثروة والمكانة المرموقة في البلد. يحتوي ديوانه المخطوط على ضروب الشعر من الاجتماع والسياسة والوصف والغزل والنسيب ولا عجب فعصره يموج بالادباء والشعراء وتلك النوادي العلمية الأدبية تصقل المواهب ، قال يرثي استاذه الشيخ حمادى نوح بقصيدة ـ مطلعها :

حق يا قبر أن تباهي النجوما

فيك قد ضمنوا البليغ الحكيما

دفنوا المرتضى الرضي لعمري

هو في جنبك اتخذه نديما

فيك قد غيضوا البحار فأمست

في قوانينها تريك العلوما

ذاك غواصها الذي كان فينا

يجتني درّها النضيد النظيما

ترجم له الشيخ النقدي في ( الروض النضير ) كما ترجم له الخاقاني في ( شعراء الحلة ) وروى له نماذج من الشعر والتواريخ ، ولتعلقه بآل البيت (ع) كان اكثر ما نظم فيهم فمنها قصيدته التي يعدد فيها فجائع يوم كربلاء ويخص أبا الفضل العباس عليه‌السلام بقسم وافر منها وأولها :

هي دنياً وللفنا منتهاها

لعب جدّها وواهٍ قواها

وهي تناهز الستين بيتاً وقال عندما لاح هلال محرم الحرام قصيدة مطلعها :

كم فيك من حرم أُبيح ومن دم

من آل أحمد يا هلال محرم

وقال وقد زار الإمام الحسين عليه‌السلام ليلة النصف من شعبان :

لقد أيقنت أن الله لطفا

محا عني الصغائر والكبائر

لأني جئت في شعبان أسعى

لمرقد سيد الشهداء زائر

وقال في جواب مَن سأل عن مدفن رأس الحسين عليه‌السلام :

لا تطلبوا رأس الحسين فإنه

لا في حمى ثاوٍ ولا في واد

لكنما صفو الولاء يدلّكم

في أنه المقبور وسط فؤادي

١٧٢

وقد تقدم في الجزء السابق تحقيق عن موضع رأس الإمام الحسين (ع).

كانت وفاته بمدينة الكاظمية يوم الثلاثاء خامس جمادى الثانية سنة ١٣٥٧ ه‍. المصادف ٣ آب سنة ١٩٣٨ م. ونقل جثمانه إلى الحلة بموكب حافل ثم شيّع لمرقده الأخير في النجف الأشرف ودفن في الايوان الذهبي أمام الحرم الحيدري وتهافتت الوفود لتعزّي الأسرة وتعاقب الشعراء على منصة المحفل لتأبينه أمثال الشيخ قاسم الملا والشيخ عبد الرزاق السعيد والشيخ باقر سماكه ومحمد علي الفلوجي وغيرهم رحمه الله عدد حسناته.

١٧٣

الشاعر اقبال

المتوفى ١٣٥٧

في الكعبة العليا وقصتها

نبأ يفيض دماً على الحجر

بدأت باسماعيل عبرتها

ودم الحسين نهاية العبر

وللدكتور محمد اقبال :

ارفعوا الورد والشقائق إكليل

ثناءً على ضريح الشهيد

ذاك لون الدم الذي أنبت

المجد وروّى به حياة الخلود

« محمد اقبال فيلسوف باكستاني ، ولد في مدينة سيالكوت سنة ١٨٧٣ م. وتوفي سنة ١٩٣٨ م. سافر إلى عدة بلدان طلباً للعلم ثم عاد إلى وطنه سنة ١٩٠٨ م. حيث عمل بالمحاماة وقرض الشعر. وقد ذاع صيته في الهند وكثر عشاق أدبه ومريدو فلسفته. وقد دعا في شعره إلى نبذ التصوف العجمي الذي يؤدي إلى إماتة الأمة وبشّر بالتصوف العملي الذي يدعو إلى العمل والجهاد. وتدل أشعاره وقصائده على تمجيد الشخصيات الإسلامية كلها.

وتقوم فلسفة إقبال على ( الذات ) التي هي عنده حق لا باطل وهدف الانسان الديني والاخلاقي اثبات ذاته لا نفيها ، وعلى قدر تحقيق ذاته أو

١٧٤

واحديته يقرب من هذا الهدف ، وتنقص فردية الانسان على قدر بعده عن الخالق ، والانسان الكامل هو الأقرب إلى الله وليس معنى ذلك أن يفنى وجوده في الله كما ذهبت إليه فلسفة الاشراق ووحدة الوجود عند ابن العربي واسبينوزا ، بل هو عكس هذا يمثل الخالق في نفسه والحياة عنده رقي مستمر وهي تسخر كل الصعاب التي تعترض طريقها وقد خلقت من أجل اتساعها وترقيها آلات كالحواس الخمس والقوة والمدركة لتقهر بها العقبات. وإذا قهرت الذات كل الصعاب التي في طريقها بلغت منزلة الاختيار فالذات في نفسها فيها اختيار وجبر.

وحسبنا أن نقول أن اقبال يدعو إلى ادراك الذات وتقويتها وإلى العمل الدائب والجهاد الذي لا يفتر ، ويرى أن الحياة في العمل والجهاد والموت في الاستكانة والسكون » (١).

ومما جاء من شعر اقبال في السيدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام كما رواه الكاتب المصري توفيق أبو علم في كتابه ( أهل البيت ) قول :

نسب المسيح بنى لمريم سيرة

بقيت على طول المدى ذكراها

والمجد يشرق من ثلاث مطالع

في مهد فاطمة فما أعلاها

هي بنتُ مَن ، هي زوج مَن ، هي أمّ مَن

مَن ذا يداني في الفخار أباها

هي ومضة من نور عين المصطفى

هادي الشعوب إذا تروم هداها

هو رحمة للعالمين وكعبة الآمال

في الدنيا وفي أخراها

مَن أيقظ الفطر النيام بروحه

وكأنه بعد البلى أحياها

وأعاد تاريخ الحياة جديدة

مثل العرائسى في جديد حلاها

ولزوج فاطمة بسورة هل أتى

تاج يفوق الشمس عند ضحاها (٢)

__________________

١ ـ مجلة العربي الكويتية عدد ١١٥ / ١٤٢.

٢ ـ كتاب اهل البيت لتوفيق ابو علم.

١٧٥

وحدثني الشاب المهذب الشيخ شريف نجل العلامة المصلح المغفور له الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء أنه عندما دعي أبوه لحضور المؤتمر الاسلامي في الباكستان ، ذهب إلى هناك وزار قبر الشاعر الفيلسوف اقبال وذلك في ٢٦ جمادى الاولى عام ١٣٧١ ه‍. وارتجل أبيات منها :

يا عارفاً جلّ قدراً في معارفه

حياك مني إكبار وإجلال

إن كان جسمك في هذا الضريح ثوى

فالروح منك لها في الخلد إقبال

تحية لك من خِلٍّ أتاك على

بعد المزار بقول مثل ما قالوا

لا خيل عند تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم يسعد الحال

ولد محمد اقبال في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ١٢٨٩ ه‍. أدخله أبوه إلى مكتب ليتعلم القرآن ففاق أترابه لذكائه ونال جوائز كثيرة ثم انتقل إلى مدارس عالية وكليات شهيرة فانتدب لتدريس التاريخ والفلسفة في الكلية الشرقية في لاهور ثم اختير لتدريس الفلسفة واللغة الانكليزية بكلية الحكومة التي تخرّج فيها. ونال اعجاب تلاميذه وزملائه بسعة علمه وحسن خلقه وسداد رأيه ، واتجهت الأبصار اليه وذاع ذكره حتى صار من أساتذة لاهور النابهين. ولبث فيها عشر سنوات ثم سافر إلى أوربا بعد ما دوّى صوت إقبال في محافل الأدب ينشد قصائده وقد حرصت الصحف على نشر شعره ، وايقن الشعراء والعلماء أن لهذا الشاب شأنا ، وأول قصائده الرنانة التي أُلقيت في جمع حاشد قصيدته التي أنشدها في الحفل السنوي لجماعة حماية الإسلام في لاهور ( أنجمن حماية إسلام ) سنة ١٨٩٩ م. وعنوانها أنين يتيم.

سافر إلى انكلترا والتحق بجامعة كمبردج لدرس الفلسفة ونال من هذه الجامعة درجة في فلسفة الأخلاق ثم سافر إلى ألمانيا فتعلم الألمانية في زمن قليل والتحق بجامعة مونخ وكتب رسالته ( تطور ما وراء الطبيعة في فارس ) ثم عاد اقبال إلى لندن فدرس القانون وحاز امتحان المحاماة والتحق كذلك

١٧٦

بمدرسة العلوم السياسية زمناً ورجع إلى بلاده ومكث ولبث سنين عميداً لكلية الدراسات الشرقية ورئيساً لقسم الدراسات الفلسفية ، وفي سنة ١٩٣٣ دعي هو والشيخ سليمان الندوي والسير راس مسعود إلى كابل للنظر في التعليم عامة ، وفي نظام جامعة كابل خاصة. وعملت حكومة الأفغان بأكثر ما أوصى به ، وكان دائم الاتصال بمعاهد العلم في لاهور وغيرها ، وكانت الجامعات تدعوه إلى زيارتها والمحاضرة فيها. دعي إلى مدارس سنة ١٩٢٨ م. فألقى محاضرات هناك فجمعت وسميت ( اصلاح الأفكار الدينية في الإسلام ) وهي أعظم ما كتب اقبال في الفلسفة.

كانت حياة اقبال حافلة بالصالحات وودّع الحياة بقوله :

آية المؤمن أن يلقى الردى

باسم الثغر سروراً ورضا

وكان عمره سبعاً وستين سنة وشهراً وستة وعشرين يوماً وستبقى الأجيال تقرأه من وراء فلسفته وآرائه ونبوغه. كتب الدكتور عبد الوهاب عزام سفير مصر في باكستان ( محمد اقبال ، سيرته وفلسفته وشعره ) وألمّ بحياته إلمامة وافية كافية وعرض نماذج من حياته وسيرته وفلسفته وألوان من شعره ، كما ترجم الدكتور عبد الوهاب عزام إلى العربية رسالة المشرق من شعر محمد اقبال وهي جواب لديوان ( كوته ) الشاعر الالماني.

محمد اقبال شاعر نابغة وفيلسوف مبدع وتحتفي الباكستان بذكراه كل عام لأنه فيلسوف وشاعر ومؤمن ، قال الدكتور عبد الوهاب عزام : في اليوم الحادي والعشرين من شهر نيسان سنة ١٩٣٨ م. والساعة خمس من الصباح ، في مدينة لاهور ، مات رجل كان على هذه الأرض عالماً وروحياً يحاول أن ينشيء الناس نشأة اخرى ، ويسنّ لهم في الحياة سنّة جديدة. مات محمد اقبال الفيلسوف الشاعر الذي وهب عقله وقلبه للمسلمين وللبشر أجمعين ..

١٧٧

وقد نشرت جريدة الجمهورية البغدادية بعددها ٣٠٦٧ الصادر بتاريخ ٢٠ ايلول سنة ١٩٧٧ م. والمصادف ٧ شوال سنة ١٣٩٧ ه‍. تحت عنوان : ذكرى الشاعر اقبال ، ما نصه : تحتفل الباكستان خلال شهر كانون الأول المقبل بالذكرى المئوية لميلاد شاعرها القومي محمد اقبال ، وقد وجهت الدعوة إلى أكثر من ٢٠٠ عالم وشاعر من جيمع أنحاء العالم للمشاركة في مؤتمر دولي يستمر أسبوعاً لاحياء ذكرى الشاعر الذي ألّف حول حياته أكثر من ثلاثين كتاباً. ومن جميل الوقائع أن تكون كتابة هذه الترجمة في ٩ نوفمبر ( كانون الأول ) عام ١٩٧٨ م. حيث تصادف الذكرى المئوية لميلاد هذا الفيلسوف العظيم ، فقد احتفلت الباكستان وأكثر الدول بذكرى مولد الدكتور محمد اقبال.

إذ هو شاعر وفيلسوف وممّن شغفوا بحبّ الإسلام فهو خالد بعقيدته وأعماله الجبّارة وخدماته لشعبه خاصة ، وللمسلمين عامة. رحمه الله وأثابه على ذلك.

١٧٨

السيد خضر القزويني

المتوفى ١٣٥٧

ما بال هاشم لا تثير عرابها

نسيت رزية كربلا ومصابها

أو لم تسق أبناء حرب زينباً

حسرى وقد هتكت بذاك حجابها

حسرى بلا حام لنغل سمية

والوجد أنحل جسمها وأذابها

أين الحمية من نزار وبيضها

كانت ولم تزل الرقاب قرابها

أفهل بها قعدت حميتها وكم

هذا القعود وقد أذلّ رقابها

وإلى مَ تغضي والعدو بجنبها

يمسي قريراً وهي تقرع نابها

وهل الحفاظ بها يثور وعزمها

يحيي فتدرك بالطفوف طلابها

الله أكبر كيف تقعد هاشم

والقوم بالطف استباحت غابها

نسيت وهل تنسى غداة تجمعت

وعلى ابن طاها حزبت أحزابها

حتى أحاطت بالحسين ولم تكن

حفظت بذاك نبيها وكتابها

وعدت عليه فغادرته وآله

وذويه صرعى كهلها وشبابها

فتخالها الأقمار وهي على الثرى

صرعى وقد أضحى النجيع خضابها

والطهر زينب مذ رأتهم صُرّعاً

حنّت وقارضت الحسين عتابها

أأخي ترضى أن تجاذب زينباً

أيدي بني حرب الطغاة نقابها

السيد خضرالقزويني هو ابن السيد علي بن محمدبن جواد بن رضا أبو الأسرة القزوينية الحسينية النجفية. ولد المترجم له ١٣٢٣ ه‍. في النجف. خطيب أديب ولوذعيّ لبيب وغرّيد فريد نظم فأجاد ، له ديوان اسمه ( الثمار ) يشتمل على أبواب : الحماسيات ، الاجتماعيات ، الرثاء ، الغزل ، النسيب. مجموع

١٧٩

صفحاته ١٢٤ صفحة ، نبغ كثير من هذه الأسرة في العلم والأدب منهم الشاعر الشهير السيد صالح القزويني الشهير بالبغدادي وولده السيد راضي وهم غير الاسرة القزوينية في الحلة الفيحاء والنجف والهندية ، والخطيب أبا الياس كان غريد المحافل سيما في الأعراس وفي عصره يعدّ من المجددين ولا زلت أتذكره وأحادثه فكان أدبه أكثر من خطابته إذ كان في مواسم الخطابة يكتفي بالرساتيق والقرى ومثل هذه الزوايا لا تشحذ الذهن ولا تربي الملكة الخطابية بل تجعله راض بما عنده إذا كان مجتمعه راض عنه. إن الخطيب الجوّال في الأقطار والأمصار يضطر لتقديم النافع من الكلام إذ يحسّ بما يحتاجه المجتمع من معالجة أمراضه والخطيب كالطبيب فالسيد خضر تعلّق بالمشخاب وهو قطر منزوي لا ثقافة عنده ولا تحسس سوى الزرع والسقي وما دام هذا الخطيب تطربهم نغماته وتؤثر في أحاسيسهم نبراته فهو المرغوب فيه وهو المطلوب عندهم. وكانت أريحيته تسحرهم وهو ممن تسحرهم مناظر الفرات والريف الضاحك ، قال في شاب اسمه حسن ويتصف بالوطنية.

كيف لا يصبح قلبي وطناً

لك والقلب لمن يهوى وطن

فجدير بك لو تدعى بنا

وطنياً مثلما تدعى ( حسن )

ومن روائعه قصيدته في رثاء صديقه الشاعر الشيخ جواد السوداني وأولها :

كيف يقوى على رثاك لساني

والأسى كفّ منطقي وبياني

ليت شعري وكيف يسلوك خلّ

ولقد كنت سلوة الخلان

ومن غزله قصيدته التي عنوانها بنت كسرى :

من عذيري من غادة كسرويه

فتنت بالجمال كل البريه

يا بنفسي فديتها من فتاة

لم ترَ العين مثلها أريحيه

فجدير بالعاشقين إذا ما

سجدت بكرة لها وعشيه

توفي السيد خضر القزويني سنة ١٣٥٧ ه‍. ودفن في ايوان الذهب من الصحن الحيدري الشريف.

١٨٠