أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٩

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٩

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٦

ولد في النجف الأشرف سنة (١٣٠١) ه‍. وتوفي فيه في شهر ذي الحجة الحرام سنة ١٣٤٣ ه‍. وخلف مؤلفات متنوعة لا زالت مخطوطة. وقد ترجم في كثير من المعاجم. وله ديوان شعر رائق يقع في جزئين : الأول يتضمن مدح ورثاء أهل البيت. والثاني في المديح والتهاني والغزل والنسيب.

فمن شعره قصيدة طويلة استنهض فيها بني هاشم ورثى بها جده سيد الشهداء (ع) مطلعها :

الحرب هذي وهذي السمر والخذم

والخيل تلك عليها اللحم والحزم

ويقول فيها :

قرّت على الضيم يا ويلي لها عدد

لم يغن يوماً فكم منها أريق دم

ضاقت بها الأرض عن إدراك ما وعدت

به وكانت بعين الله تلتطم

يا عصبة ما أهاجتها ، على دمها

يوماً سهام كلام لا ولا كلم

كم أدعو بالويل فيكم يا لفهر دمي

هدر ورحلي منكم راح يغتنم

فالويل لي ولكم إن لم نقم زمراً

نشنّ غاراتها فيهم وننتقم

فالكل منا وإن كنا نغضّ على ال‍

‍بيض الجفون غداة الروع معتصم

فيها نلبي نساءً قد سبين على

عجف المطا حيث نادت والدموع دم

ويقول فيها أيضاً مخاطباً للامام المنتظر عجل الله فرجه.

بقية الله إني لا أبثكها

عطفاً عليك وأن تنتاشك الغمم

المجد يأبى وغن سيقت له حرم

حسرى على هزل أن تذكر الحرم

وله قصيدة اخرى يقول فيها :

يقولون لي والنفس تكتم ما بها

لقد خف منك الطبع من فوق اسحم

تلبي دماء رحن هدرا ونسوة

على هزل اسرى طوت كل منسم

ترجم له الخاقاني في شعراء الغري فقال : مات أبوه وعمر المترجم له سنتان فكفله أخوه النسابة السيد رضا المعروف بالصائغ وكان منذ الصغر يتسم بالذكاء

١٠١

فقد فرغ من العلوم العقلية والنقلية وهو في الثلاثين من عمره وكانت دراسته على أعلام منهم السيد محمد بحر العلوم صاحب البلغة والسيد علي الداماد والسيد محمد كاظم اليزدي وفي الاصول على الشيخ ملا كاظم الخراساني والشيخ أحمد كاشف الغطاء والشيخ مهدي المازندراني والشيخ حسن صاحب الجواهر ، وتخرج على يده جماعة من العلماء. ولما توفي ابن عمه السيد عدنان ـ عالم البصرة ـ جاء وفد مؤلف من وجهاء البصرة وأشرافها يطلبونه للقيام بمقام السيد عدنان فلبّى الطلب وأقام بالبصرة إلى أن حل به المرض فانتقل إلى النجف الأشرف وتوفي فيه في يوم ١٦ ذي الحجة سنة ١٣٤٣ ه‍. ودفن في حُجرةٍ بالصحن الشريف بجنب مرقد السيد عدنان الغريفي والملاصقة لباب الفرج الغربية وكانت هذه الغرفة تُعرف ب‍ مقبرة آل شبر حيث دفن عدد منهم وكانت فاتحة المترجم له تغصّ برجال العلم والأدب والشعر حيث رثاه فريق من الشعراء بقصائد منهم الشيخ محمد رضا فرج الله والخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي بقصيدة مطلعها :

أتدري لادرت نوب الزمان

مضت بسنان هاشم واللسان

فمن يوم الخصام يذود عنها

ويدرأ عنهم يوم الطعان

لقد ذهبت بفرد العصر فضلاً

وهل في العصر للمهدي ثان

مضت بأجل أهل العصر شأنا

وشأن العلم أكبر كل شأن

ومنها :

بني الهادي وأنتم أهل بيت

أتت بمديحه السبع المثاني

تهون النائبات إذا علمنا

بأن جميع من في الأرض فاني

وله ديوان مخطوط يقع في جزئين عند ولده السيد عبد المطلب ، يختص الجزء الأول بأهل البيت مدحاً ورثاء في ٢٤٠ صفحة بخط الشيخ حسن الشيخ علي الحمود الحلي فرغ من نسخة عام ١٣٢٢ ه‍. والجزء الثاني بخط الناظم في ٢٥٠ صفحة يتضمن المديح والرثاء والتهاني والغزل والنسيب والوصف ، وآثاره العلمية ومؤلفاته المخطوطة كثيرة جداً ومنها ما أذكره هنا :

١٠٢

١ ـ هداية المضل في الامامة.

٢ ـ الأشهر الحرم فيما وقع على سادات الحرم.

٣ ـ عين الفطرة في الرد على من غالى في العترة.

٤ ـ زينة الاذان والاقامة في ذكر علي بالولاية والامامة.

٥ ـ أرجوزة في الكبائر من الذنوب.

٦ ـ التحفة في المبدأ والمعاد أرجوزة ، فرغ منها سنة ١٣٤٣ ه‍. طبعت بالنجف.

٧ ـ منظومة سمّاها ب‍ ( الدرة النجفية ) ، في الرد على القائلين بالتثليث.

٨ ـ كتاب ( الانصاف ) في علم الحديث.

٩ ـ كتاب ( الرشحات ) في التوحيد والنبوة والامامة ، فرغ منه ١٣٢٩ ه‍.

١٠ ـ رسالة في أحوال الصحابة.

١١ ـ رسالة في التراجم ، ورسالة في الاجازات.

١٢ ـ كتاب ( الولاية الكبرى ).

١٣ ـ كتاب ( انساب الهاشميين ) ... مع كتب ورسائل كثيرة متنوعة مطبوعة وغير مطبوعة.

١٠٣

محمد حسن أبو المحاسن

المتوفى ١٣٤٤

قال سنة ١٣٢٥ ه‍ :

دع المنى فحديث النفس مختلق

واعزم فإن العلى بالعزم تستبقُ

ولا يؤرقك إلا همّ مكرمة

إن المكارم فيها يجمد الأرق

والسيف أَصدق مصحوب وثقت به

ان لم تجد صاحباً في ودّه تثق

وأَمنعُ العزّ ما أرست قواعده

سمر الأسنة والمسنونة الذلق

وإنما ثمر العلياء في شجر

لها الرماح غصون والضبا ورق

وليس يجمع شمل الفخر جامعه

إلا بحيث ترى الأرواح تفترق

وللردى شرك بثّت حبائله

على الأنام وكل فيه معتلق

فما يجير الردى من صرف حادثه

كهف ولا سلّم ينجى ولا نفق

إذا دجى ليل خطب أو بنا زمن

فاستشعر الصبر حتى ينجلي الغسق

فكل شدة خطب بعدها فرج

وكل ظلمة ليل بعدها فلق

فلا يغرنك عيش طاب مورده

فرب عذب أتى من دونه الشرق

دنياً رغائبها في أهلها دول

وما استجدت لهم من نعمة خلق

وليس في عيشها روح ولا دعة

وان بدا لك منها المنظر الانق

١٠٤

دنياً لآل رسول الله ما اتسقت

انى تؤملها تصفو وتتسق

تلك الرزية جلت أن يغالبها

صبر به الواجد المحزون يعتلق

فكل جفن بماء الدمع منغمر

وكل قلب بنار الحزن محترق

بها اصابت حشا الإسلام نافذة

سهام قوم عن الإسلام قد مرقوا

واستخلصت لسليل الوحي خالصة

من الورى طاب منها الأصل والورق

أَصفاهم الله اكراماً بنصرته

فاستيقنوها وفي نهج الهدى استبقوا

من يخلق الله للدنيا فأنهم

لنصرة العترة الهادين قد خلقوا

كأنهم يوم طافوا محدقين بهم

محاجر وهم ما بينهم حدق

رجال صدق قضوا في الله نحبهم

دون الحسين وفيما عاهدوا صدقوا

وقام يومهم بالطف إذ وقفوا

بيوم بدر وان كانوا بها سبقوا

وفي اولئك في بدر نبيهم

وهؤلاء بهم آل النبي وُقوا

من كل بدر دجى يجرى به مرحاً

إلى الكفاح كميت سابق أفق (١)

ينهل في السلم والهيجاء من يده

وسيفه الواكفان الجود والعلق

تقلدوا مرهفات العزم وادرعوا

سوابغ الصبر لا يلوي بهم فرق

والصبر اثبت في يوم الوغى حلقاً

إذا تطاير من وقع الضبا الحلق

رسوا كأنهم هضبٌ بمعترك

ضنك عواصفه بالموت تختفق

ولابسين ثياب النقع ضافية

كأن نقع المذاكي الوشي والسرق (٢)

مستنشقين من الهيجاء طيب شذا

كأن ارض الوغى بالمسك تنفتق

عشق الحسين دعاهم فاغتدى لهم

مر المنية حلواً دون من عشقوا

جاءوا الشهادة في ميقات ربهم

حتى إذا ما تجلى نوره صعقوا

وما سقوا جرعة حتى قضوا ظمأ

نعم بحدّ المواضي المرهفات سقوا

___________

١ ـ الكميت والافق بضمتين صفة للفرس للذكر والانثى.

٢ ـ السرق محركة : شقق الحرير.

١٠٥

عارين قد نسجت مور الرياح لهم

ملابساً قد تولى صبغها العلق

حاشا اباءهم أن يؤثروا جزعاً

على المنية ورداً صفوة رنق

مضوا كرام المساعي فائزين بها

مكارماً من شذاها المسك ينتشق

واغبرّ من بعدهم وجه الثرى وزها

ببشرهم في جنان الخلد مرتفق

هنالك اقتحم الحرب ابن بجدتها

يطوى الصفوف بماضيه ويخترق

يطاعن الخيل شزراً والقنا قصدٌ

ويفلق الهام ضربا والضبا فلق

طمآن تنهل بيض الهند من دمه

فيستهل لها بشراً ويعتنق

دريئة لسهام القوم مهجته

كأنه غرض يرمى ويرتشق

لو ان بالصخر ما قاساه من عطش

كادت له الصخرة الصماء تنفلق

نفسي الفداء لشاك حرّ غلته

والماء يلمع منه البارد الغدق

موزع الجسم روح القدس يندبه

شجواً وناظره بالدمع مندفق

والشمس طالعة تبكي وغائبة

دماً به شهد الاشراق والشفق

تجري على صدره عدواً خيولهم

كأن صدر الهدى للخيل مستبق

تبدو له طلعة غراء مشرقة

على السنان وشيب بالدما شرق

فما رأى ناظر من قبل طلعته

بدراً له من أنابيب القنا افق

وفي السباء بنات الوحي سائرة

بها المطي وأدنى سيرها العنق

يستشرف البلد الداني مطالعها

ويحشد البلد النائي فيلتحق

تزيد نار الجوى في قلبها حرقاً

بماء دمع من الآماق يندفق

فلا تجف بحر الوجد عبرتها

ولا تبوخ بفيض الأدمع الحرق

وسيد الخلق يشكو ثقل جامعة

تنوء دامية من حملها العنق

تهفو قلوب العدى من عظم هيبته

لكنهم برواسي حلمه وثقوا

ما غض من بأسه سقم ولا جدة

ان الشجاعة في اسد الشرى خُلُق

١٠٦

الشيخ محمد حسن إبن الشيخ حمادي بن محسن بن سلطان آل قاطع الجناجي الحائري ولد في مدينة كربلاء سنة ١٢٩٣ ه‍. وبها نشأ وترعرع ودرس الأدب والفقه على جماعة من ادبائها وعلمائها ، ويمتاز بالذكاء المفرط وسرعة البديهة كما كان بهي الطلعة جميل المحيا نقي المظهر متسماً بالوقار جميل المعاشرة غير متصنع في بشاشته وهو أحد ابطال الثورة العراقية الكبرى عام ١٩١٩ م.

وبعد تأسيس الحكم الوطني في العراق عيّن المترجم له وزيراً للمعارف في وزارة جعفر العسكري.

أجاب داعي ربه بالسكتة القلبية صبيحة الخميس ١٣ من ذي الحجة الحرام في قضاء الهندية عام ١٣٤٤ ه‍. وحمل نعشه إلى النجف الأشرف بطريق النهر ودفن في الصحن الحيدري بين ايوان ميزاب الذهب ومقبرة العلامة السيد محمد سعيد الحبوبي ترجم له السماوي في الطليعة قال : هو اديب شاعر وكاتب ناثر حسن البديهة سيال القريحة ، جلس معي في الصحن العلوي وجلس الينا غلام وسيم فسألني : ما النرجس فداعبته وقلت له : جفنك ، فخجل وقال : وما الاقاح ، فقلت : ثغرك ، فنظم المترجم له ذلك على البديهة فقال :

وشادن يسال ما النرجس

قلت له اجفانك النعّس

فقال لي والاقحوان الجنى

فقلت هذا ثغرك الألعس

ومن شعره قوله :

كم لعيني ليل النوى من جميل

وافر ضاق دونه باع شكري

مذ رأتني انفقت كنز اصطباري

ملأت من لئالئي الدمع حجري

وقال يرثي سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) وذلك في سنة ١٣٣٣ ه‍.

أيرجع عهد بالشقيقة سالف

سقى العهد منهل من الغيث واكف

خليلي هذا موقف الوحد والأسا

وخير الخليلين المعين المساعف

فعوجا عليه بالدموع فانما

تحيته منا الدموع الذوارف

١٠٧

منازل كانت للنعيم معرّسا

وكانت بها للعاشقين مواقف

ترف الأقاحي وهي فيها مباسم

وتثنى بها الأغصان وهي معاطف

فلا تنكرا بالدار فرط صبابتي

فما كل قلب بالصبابة عارف

فلا ذعرت يا دار آرامك التي

بها للظباء الآنسات معارف

ألِفنَ الحسان الغانيات فأكرمت

وتكرم من أجلِ الأليف الآلائف

لئن جرعتني الحزن اطلال دارهم

فكم ارشفتني الراح فيها المراشف

وان تعف بعد الظاعنين ربوعهم

فقلبي منها آهل الربع آلف

وقفت به والدمع يجري كأنني

وان جل رزء الطف بالطف واقف

على مربع روت دماء بني الهدى

ثراه ولم تروِ القلوب اللواهف

فكم غيبت فيه نجوماً وحجّبت

بدو رُعُلا فيها المنايا الخواسف

إلى الطف من أرض الحجاز تطلعت

ثنايا المنايا ما ثنتها المخاوف

ترحل أمن الخائفين عن الحمى

مخافة ان لا يأمن البيت خائف

وقد كان شمساً والحجاز بنوره

مضئ فأمسى بعده وهو كاسف

وصوّح بعد الغيث نبتُ رياضه

وقلّص ظلٌ بالمكارم وارف

قد استصرخته بالعراق عصابة

تحكم فيها جائر الحكم عاسف

فانجدهم غوث اللهيف وشيمة

الكريم إذا داع دعاه يساعف

سرى والمنايا تستحثّ ركابه

إلى موقف تنسى لديه المواقف

تحف به الخيل الكرام وفوقها

من الهاشمين الكرام الغطارف

بنو مطعمي طير السماء سيوفهم

لهن مقاري في الوغى ومضائف

إذا اعتقلوا سمر الرماح تضيّفت

يعاسيبها العقبان فهي عواكف

بهم عرف المعروف واليأس والندى

وفاضت على المسترفدين العوارف

وقد نازلوا الكرب الشديد بكربلا

وكل بحدّ السيف للكرب كاشف

فدارت بأبناء النبي محمد

عصائب أبناء الطليق الزعانف

١٠٨

وما اجتمعت إلا لتطفئ عنوة

مصابيح نور الله تلك الطوائف

وما كان كتب القوم إلا كتائباً

تمج دماً فيها القنيّ الرواعف

وقد أخذ الميثاق منهم فما وفى

اخو موثق منهم ولا برّ حالف

أبى الله والنفس الأبية ضيمه

فمات كريماً وهو للضيم عائف

ونفس علي بين جنبي سليله

فللّه هاتيك النفوس الشرائف

وراموا على حكم الدّعي نزوله

فقال على حكم النزال التناصف

نفوس أبت إلا نفائس مفخر

اليها انتهى مجد تليد وطارف

بنفسي من أحيى شريعة جده

على حين قد كادت تموت العواطف

أبوه الذي قد شيّد الدين سيفه

وهذا ابنه والشبل لليث واصف

أمير المنايا ذو الفقار بكفه

إذا ما قضى أمراً فليست تخالف

ويجري به بحر وفي الكف جدول

تمر على من ذاق منه المراشف

طوى بصفيح الهند نشر جموعهم

كما طويت بالراحتين الصحائف

وفلّ البغاة الماردين كأنه

سليمان لكن المهند آصف

يكر على جمع العدى وهو بينهم

فريد فترفضّ الجموع الزواحف

جناحهم من خيفة الصقر خافق

وقلبهم من سطوة الليث راجف

يفلّ قراع الدارعين حسامه

فيحمل فيهم وهو بالعزم سائف

وقائمه ما بارح الكف في الوغى

إلى أن خبا برق من السيف خاطف

صريعاً يفدى بالنفوس وسيفه

كسير تفدّيه السيوف الرهائف

قضى عطشاً دون الفرات فلا جرى

بورد ولا بلّ الجوى منه راشف

وظمأن لكل من نجيع فؤاده

تروى المواضي والرماح الدوالف

ومرتضع بالسهم أضحى فطامه

فذاق حمام الموت والقلب لاهف

اتى ابن رسول الله مستسقياً له

فما عطفت يوماً عليه العواطف

فأهوت على الجيد المخضب امه

تقبّله والطرف بالدمع واكف

١٠٩

جعلتك لي يا منية النفس زهرة

ولم أدر أنّ السهم للزهر قاطف

فللّه مقدام على الهول ما له

سوى المرهف الماضي عضيد محالف

إذا اشتد ركب زاد بشراً وبهجة

كأن المنايا بالأماني تساعف

وفي الأرض صرعى من بنيه ورهطه

وفي الخدر منه المحصنات العفائف

فلا هو من خطب يلاقيه ناكِل

ولا هو فيما قد مضى منه آسف

واعظم ما قاسى خدور عقائل

بها لم يطف غير الملائك طائف

وعز عليه ان تهاجمها العدى

وهن بحامي خدرهنّ هواتف

ينوء ليحمي الفاطميات جهده

فيكبو به ضعف القوى المتضاعف

لأن عاد مسلوب الثياب مجرداً

فللحمد ابراد له ومطارف

فلم يرَ أحلى من سليب قد اكتسى

من الطعن ما تكسو الجروح النواطف

وفي السبي من آل النبي كرائم

نمتها إلى المجد الأثيل الخلائف

يسار بها من منهل بعد منهل

وتطوي على الأكوار فيها التنائف

وليس لها من رهطها وحماتها

لدى السير الا ناحل الجسم ناحف

تمثلها العين المنيرة للعدى

ويسترها جفن من الليل واطف

وهن بشجو للدموع نواثر

وهنّ بندب للفريد رواصف

هواتف يبكين الحسين إذا بكت

هديلا حمامات الغصون هواتف

وفوق القنا تزهو الرؤوس كأنها

أزاهير لكن الرماح القواطف

وما حملت فوق الرماح رؤوسهم

ولكنما فوق الرماح المصاحف

وله :

أدار الحي باكرك الغمام

وان أقوى محلك والمقام

ولو لم تنزف الأشجان دمعي

لقلت سقتك أدمعي السجام

مررت بدارهم فاستوقفتني

على الدار الصبابة والغرام

١١٠

فيا عهد الأنيس عليك مني

وان حلت التحية والسلام

أُسائلها ولي قلب كليم

وهل تدري المنازل ما الكلام

أعائدة لنا أيام وصل

فينعم بالوصال المستهام

بزهر كواكب وشموس حسن

وأقمار مطالعها الخيام

متى يسلو صبابته كئيب

بليّته اللواحظ والقوام

إذا ملك الهوى قلب المعنى

فأيسر ما يعانيه الملام

يهيج لي الغرام شذى نسيم

يشم وومض بارقة تشام

ويشجين الحمام إذا تغنى

وكل شجٍّ يهيجه الحمام

ويقدح لي الأسى يوم اصيبت

به أبناء فاطمة الكرام

وخطب قادح في كل قلب

بقادحة الجوى فيه ضرام

فيابن الضاربين رواق فخر

سمت فوق الضراح له دعام

أيخضب بالسهام وبالمواضي

محياً دونه البدر التمام

فليت البيض قد فلت شباها

وطاشت عن مراميها السهام

كأنك منهل والبيض ظمأى

لها في ورد مهجتك ازدحام

وقال أبو المحاسن أيضا :

نعلل النفس بالوعد الذي وعدوا

أنى وقد طال في انجازه الأمد

ان كان غيّر بعد العهد ودهم

فودّنا لهم باق كما عهدوا

وان يكن لهم في هجرنا جلد

فأن أبعد شيء فاتنا الجلد

أما وطيب ليالينا التي سلفت

والعيش غض كما شاء الهوى رغد

ان العيون التي كانت بقربهم

قريرة جار فيها الدمع والسهد

ما انصفونا سهرنا ليلنا لهم

صبابة وهم عن ليلنا رقدوا

تبكيهم مقلتي العبرى ولو سعدت

بكت مصاب الاولى في كربلا فقدوا

مصالت كسيوف الهند مرهفة

فرندها كرم الاحساب والصيد

المرتقين من العلياء منزلة

شماء لا يرتقيها بالمنى أحد

الطاعنين إذا أبطالها انكشفت

والمطعمين إذا ما اجدب البلد

١١١

من معشر ضربت فوق السماء لهم

أبيات فخر لها من مجدهم عمد

سادوا قريشاً ولولاهم لما افترعت

طود الفخار ولولا الروح ما الجسد

تخال تحت عجاج الخيل أوجههم

كواكباً في دجى الظلماء تتقد

يمشون خطراً ولا يثنيهم خطر

عن قصدهم وأنابيب القنا قصد

وافى بها الأسد الغضبان يقدمها

اسداً فرائسها يوم الوغى اسد

كأن مرهفه والضرب يوقده

شمس الهجير وأرواح العدى برد

كأنما رقمت آي السجود به

فكلما استله من غمده سجدوا

فحاولت عبد شمس أن يدين لها

قوم لها ابن رسول الله منتقد

حتى إذا جالت الخيلان صاح بهم

ضرب يطيش به المقدامة النجد

فأحجموا حيث لا ورد ولا صدر

والسمهرية في أحشائهم ترد

يا عين لا تعطشي خدي فأنهم

قضوا عطاشا وماء النهر مطرد

وقال أيضاً :

أقّلا عليّ اللوم فيما جنى الحبّ

فان عذاب المستهام به عذب

وصلت غرامي بالدموع وعاقدت

جفوني على هجر الكرى الانجم الشهب

تقاسمن مني ناظراً ضمنت له

دواعى الهوى ان لا يجفّ له غرب (١)

فليت هواهم حمّل القلب وسعه

فيقوى له أو ليت ما كان لي قلب

فابعد بطيب العيش عني فليس لي

به طائل ان لم يكن بيننا قرب

الا في ذمام الله عيس تحملت

بسرب مهاً للدمع في أثرها سرب

وكنا وردنا العيش صفوا فأقبلت

حوادث أيام بها كدر الشرب

عدمناك من دهر خؤون لأهله

إذا ما انقضى خطب له راعناً خطب

على أن رزء الناس يخلق حقبة

ورزء بني طه تجدده الحقب

حدا لهم ركب الفناء آبائهم

وسار بمغبوط الثناء لهم ركب

لحى الله يا أهل العراق صنيعكم

فقد طأطأت هاماتها بكم العرب

__________________

١ ـ الغرب : مسيل الدمع والغروب الدموع.

١١٢

دعوتم حسيناً للعراق ولم تزل

تسير اليه منكم الرسل والكتب

ان اقدم الينا يا بن بنت محمد

فانك ان وافيت يلتئم الشعب

فلما أتاكم واثقاً بعهودكم

اليه إذا مرعى وفائكم جدب

فلم يحظَ إلا بالقنا من قراكم

وضاق عليه فيكم المنزل الرحب

فلم أر أشقى منكم إذ غدرتم

بآل علي كي تسود بكم حرب

فللّه أجسام من النور كونت

تحكم في أعضائها الطعن والضرب

فيا يوم عاشوراء أوقدت في الحشا

من الحزن نيراناً مدى الدهر لا تخبو

وقد كنت عيداً قبل يجنى بك الهنا

فعدت قذى الأجفان يجنى بك الكرب

قضى ابن رسول الله فيك على الظما

وقد نهلت منه المهندة القضب

وحفت به سمر القنا فكأنه

لدى الحرب عين والرماح لها هدب

فكم قد أُريقت فيك من آل أحمد

دماء سادات وكم هتكت حجب

وعبرى أذاب الشجو جامد دمعها

تنوح وللأشجان في قلبها ندب

إذا عطلت أجيادها من حلّيها

تحلت بدمع سقطه اللؤلؤ الرطب

تعاتب صرعى لو يساعدها القضا

إذاً وثبوا غضبى وعنها العدى ذبوا

وله :

أرى امية بعد المصطفى طلبت

أخاه بالثار مذ هبّت بصفين

ثم انثنت للزكي المجتبى حسن

فجرعته ذعاف الذل والهون

أوتار بدر بيوم الطف قد أخذت

وباء في آل حرب آل ياسين

من النبي قضوا ديناً كما زعموا

ولا ديون لهم إلا على الدين

راس ابن فاطمة خير الورى نسباً

يا للعجائب يهدى لابن ميسون

١١٣

السيد علي العلاق

المتوفى ١٣٤٤

أقوت فهنّ من الأنيس خلاء

دمن محت آثارها الأنواء

درست فغيّرها البلا فكأنما

طارت بشمل أنيسها عنقاء

يا دار مقرية الضيوف بشاشة

وقراي منك الوجد والبرحاء

عبقت بتربك نفحة مسكية

وسقت ثراك الديمة الوطفاء

عهدي بربعك آنسا بك آهلا

يعلوه منك البشر والسراء

وثرى ربوعك للنواظر اثمداً

وكعقد حلي ظبائك الحصباء

أخنى عليه دهره والدهر لا

يرجى له بذوي الوفاء وفاء

أين الذين ببشرهم وبنشرهم

يحيا الرجاء وتأرج الارجاء

ضربوا بعرصة كربلاء خيامهم

فأطلّ كرب فوقها وبلاء

لله أيّ رزيةٍ في كربلا

عظمت فهانت دونها الارزاء

يوم به سل ابن أحمد مرهفاً

لفرنده بدجى الوغى لألاء

وفدى شريعة جده بعصابة

تفدى وقلّ من الوجوه فداء

صيدٌ إذا ارتعد الكميّ مهابة

ومشت إلى أكفائها الاكفاء

وعلا الغبار فأظلمت لو لا سنا

جبهاتها وسيوفها الهيجاء

عشت العيون فليس إلا الطعنة الن‍

‍جلا وإلا الحقلة الخوصاء

عبست وجوه عداهم فتبسموا

فرحاً وأظلمت الوغى فأضاؤا

ولها قراع السمهريّ تسامر

وصليل وقع المرهفات غناء

١١٤

يقتادهم للحرب أروع ماجد

صعب القياد على العدى أبّاء

صحبته من عزماته هندية

بيضاء أو يزتيّة سمراء

تجري المنايا السود طوع يمينه

وتصرّف الاقدار حيث يشاء

ذلت لعزمته القروم بموقف

عقّت به آباءها الأبناء

كره الكماة لقاءه في معرك

حسدت به أمواتها الأحياء

بأبي أبي الضيم سيم هوانه

فلواه عن ورد الهوان اباء

يا واحدا للشهب من عزماته

تسري لديه كتيبة شهباء

تشع السيوف رقابهم ضرباً وبالأ

جسام منهم ضاقت البيداء

ما زال يفنيهم الى أن كاد أن

يأتي على الايجاد منه فناء

لكنما طلب الإله لقاءه

وجرى بما قد شاء فيه قضاء

فهوى على غبرائها فتضعضعت

لهويه الغبراء والخضراء

وعلا السنان برأسه فالصعدة

السمراء فيها الطلعة الغراء

ومكفن وثيابه قصد القنا

ومغسل وله المياه دماء

ان تمس مغبر الجبين معفراً

فعليك من نور النبي بهاء

يا ليت لا عذب الفرات لواردٍ

وقلوب أبناء النبي ظماء

لله يوم فيه قد أمسيتم

اسراء قوم هم لكم طلقاء

حملوا لكم في السبي كل مصونة

وسروا بها في الأسر أنى شاؤا

آل النبي لئن تعاظم رزؤكم

وتصاغرت في وقعه الارزاء

فلأنتم يا أيها الشفعاء في

يوم الجزا لجناته الخصماء (١)

ومقيد قام الحديد بمتنه

غلاً وأقعد جسمه الأعياء

وهن الضنى قعدت به اسقامه

وسرت به المهزولة العجفاء

وغدت ترق على بليته العدى

ما حال من رقت له الأعداء

لله سرّ الله وهو محجب

وضمير غيب الله وهو خفاء

أنى اغتدى للكافرين غنيمة

في حكمها ينقاد حيث تشاء

___________

١ ـ الروض الخميل مخطوط السيد جودت القزويني ، أقول ورأيت في ( الطليعة ) تتمة غراء لهذه القصيدة مع نقل كرامة تدل على قبولها عند أهل البيت صلوات الله عليهم.

١١٥

وله في الإمام الحسين (ع) :

يا دار أين ترحل الركب

ولأي أرض يمم الصحب

أبحاجر فمحاجري لهم

من فيضهن سحائب سكب

أم بالغضا فبمهجتي اتقدت

نيرانه شعلا فلم تخب

وإلى العقيق تيامنوا فهمت

عيني به وجرى لها غرب

وبأيمن العلمين قد نزلوا

منه بحيث المربع الخصب

وعلت بداجي الليل نارهم

فذكا الكبا والمندل الرطب

لا يبعدن النازلون به

ان ضاق منه المنزل الرحب

فمن الأضالع منزل لهم

ومن المدامع مورد عذب

ساروا وحفت في هوادجهم

منهم أسود ملاحم غلب

حملتهم النجب العتاق ويا

لله من حملتهم النجب

من كل وضاح الجبين به

يسقى الثرى ان عمه الجدب

عقاد ألوية الحروب إذا

عضت على أنيابها الحرب

ان قال فالخطي مقوله

أو صال فهو الصارم العضب

وسروا لنيل المجد تحملهم

نجب عليها منهم نجب

وبكربلا ضربوا خيامهم

حيث البلايا السود والكرب

ودعاهم للموت سيدهم

والموت جدٌ ما به لعب

فتسابقوا كل لدعوته

فرحاً يسابق جسمه القلب

حشدوا عليه وهو بينهم

كالبدر قد حفت به الشهب

تنبوا الجماجم من مهنده

وحسامه بيديه لا ينبو

وتطايرت من سيفه فِرقا

فَرقا يضيق بها الفضا الرحب

وغدا أبو السجاد منفردا

مذبان عنه الأهل والصحب

وعليه قد حشدت خيولهم

وبه أحاط الطعن والضرب

فثوى على وجه الصعيد لقى

عار تكفن جسمه الترب

ومصونة في خدرها رفعت

عن صونها الأستار والحجب

فهبّ الرجال بما جنوا قتلوا

هل للرضيع بما جنى ذنب

١١٦

السيد علي ابن السيد ياسين ابن السيد مطر الحسني العلاق النجفي. ولد سنة ١٢٩٧ ه‍. وتوفي في ذي الحجة سنة ١٣٤٤ ه‍. ودفن بالنجف الأشرف. شاعر أديب تقرأ في محياه آثار السيادة والنجابة ، تأدب وتفقه في النجف وحاز على شهرة علمية إلى تُقى وورع ، حسني النسب له شعر يروى ومطارحات يتناقلها الادباء ، ورأيت في مصدر آخر أن ولادته سنة ١٢٩٣ ه‍. ووفاته بالنجف الأشرف غرة رمضان ذكره صاحب الحصون فقال : السيد علي العلاقي الأصل ، النجفي المولد والمسكن. فاضل ملأ ظرافة ولطفاً وشريف يفوق على الشرف ، مشتغل في النجف بتحصيل العلوم وحضر على علمائها ، ذو قريحة وقادة وفكرة نقادة سخياً كريماً مع حسن أخلاق وطيب أعراق وصفاء سريرة وحسن سيرة. ذكر البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري لوائح من أشعاره ورسالة له أجاب بها جملة من أقرانه واخدانه وهم : الشيخ عباس ابن الشيخ علي كاشف الغطاء ، والسيد محمد القزويني ، والسيد حسين القزويني ، وقد صدرها بمقطوعة شعرية منها :

وافتك من أقصى مغانيها

مذ بلغت فيك أمانيها

فهنّها بالبشر وأهنأ به

وقرّط السمع بما فيها

عذراء زارتك على غفلة

محجوبة من خوف واشيها

تطوي اليك البيد منشورة

غرّ اللآلي بمطاويها

يأرج بالمسك شذا لفظها

وتنثر الدر معانيها

سرح بها اللحظ تجد روضة

غناء قد رقت حواشيها

لقد تمنت عاطلات المها

أن تتحلى بدراريها

نرجسها زاه بنوارها

والنور زاه بأقاحيها

ودّت نجوم الأفق لو أنها

تقلدت غرّ لآليها

يعيد ميت الشوق من رمسه

منتشراً نظم قوافيها

ما روضة باكرها عارض

أو ديمه تهمي عزاليها

ورنحتها نسمات الصبا

فماس دانيها بعاليها

١١٧

وصفقت بالبشر أزهارها

لما غدا الرعد يغنيها

والغيث إن مرّ بها راقصاً

يضحكها من حيث يبكيها

ومذ همى دراً على تبرها

سال لجيناً في سواقيها

وللندامى حولها اكؤس

لذّ لهم فيها تعاطيها

تسعى بها نحوهم غادة

يقيمها الدل ويثنيها

إذا تهاوت بكؤس الطلا

ضلوا حيارى من تهاديها

تديرها ممزوجة قد غدا

مزاجها القرقف من فيها

يوماً بأبهى نفحة من شذا

مألكة أصبحت منشيها

رسالة كم معجز قد حوت

مذ رتّل الآيات تاليها

أحيت بقايا كبد فيكم

يميتها الشوق ويحييها

أهديتماها والهدايا كما

قالوا على مقدار مهديها

وترجم له الشيخ السماوي في ( الطليعة ) فقال : فاضل ملأ من الفضل إهابه ومن الأدب وطابه ، وشريف يبدو على سمته أثر النجابة ، مشارك في الفنون محاظر بالمحاسن والعيون ، حاضرته فرايت منه فضلاً وعلماً وكرماً جمّاً وتقى إلى ظرف وديانة إلى لطف وصفاء قلب ونزاهة برد وغضّ طرف عن أدنى وصف وله شعر حسن ومطارحات جيدة وقريض تغلب عليه الجزالة فمنه قوله.

أورى الهوى بحشاي جمرا

وجرت دموع العين حمرا

ليل الهموم دجى فمن

لي أن أُطالع منك بدرا

لك مغرم هتك اشتياقك

ستره فأذاع سرّا

يا من لصب سوف يقتله

نوى الأحباب صبرا

لله وصلك ما احيلاه

وهجرك ما أمرا

يقول الشيخ السماوي في ( الطليعة من شعراء الشيعة ) : أخبرني عبد الحسين ابن القاسم الحلي ـ تقدمت ترجمته ـ قال رأيت ليلة في منامي كأني في مجلس يناح فيه على الحسين ، فقرأ محمد بن شريف النائح النجفي قصيدة همزية مضمومة حتى إذا وصل منها إلى قوله :

١١٨

والهف قلبي يا بن بنت محمد

لك والعدا بك أدركوا ما شاؤا

كثر البكاء واصطفقت الأيدي وتكررت الاستعادات استحساناً لهذا البيت فانتبهت وأنا أبكي وأُردد البيت ، فما مرّ عليّ شهر إلا وسمعت النائح المذكور يقرأ هذه القصيدة في بيت المترجم له فسالته عنها فقال هي له سلمه الله تعالى ـ ومنها :

فلخيلها أجسامكم ولنبلها

أكبادكم ولقضبها الأعضاء

وعلى رؤس السمر منكم أرؤس

شمس الضحى لوجوهها حرباء

يا بن النبي أقول فيك معزياً

نفسي وعزّ على الثكول عزاء

ما غضّ من علياك سوء صنيعهم

شرفاً وإن عظم الذي قد جاؤا

إن تمس مغبر الجبين معفراً

فعليك من نور النبي بهاء

أوَ تبق فوق الأرض غير مغسّل

فلك البسيطان الثرى والماء

أو تغتدي عارٍ فقد صنعت لكم

برد العلاء الخط لا صنعاء

أو تقض ظمآن الفؤاد فمن دما

أعداك سيفك والرماح رواء

فلو أن أحمد قد رآك على الثرى

لفرشن منه لجسمك الأحشاء

أو بالطفوف رأت ظماك سقتك من

ماء المدامع أمك الزهراء

يا ليت لا عذب الفرات لواردٍ

وقلوب أبناء النبي ظماء

كم حرة نهب العدى أبياتها

وتقاسمت أحشاءها الارزاء

تعدو وتدعو بالحماة ولم يكن

بسوى السياط لها يجاب دعاء

هتفت تثير كفيلها وكفيلها

قد أرمضته في الثرى الرمضاء

يا كعبة البيت الحرام ومن سمت

بهم على هام السما البطحاء

لله يوم فيه قد أمسيتم

أسراء قوم هم لكم طلقاء

حملوا لكم في السبي كل مصونة

وسروا بها في الأسر ان شاؤا

تنعى ليوث البأس من فتيانها

وغيوثها إن عمّت البأساء

تبكيهم بدم مَقل بالمهجة الحرّا

تسيل العبرة الحمراء

حنّت ولكن الحنين بكاً وقد

ناحت ولكن نوحها إيماء

١١٩

الشيخ عبد الحسين الحيّاوي

المتوفى ١٣٤٥

يا كالئي الدين الحنيف

والامن من خطر الظروف

ومجلياً داجي الضلال

بنور رشد منه موفي

شرف الابا ورثته أُسرتكم

، شريفاً عن شريف

أترى تقرّ على الهوان

وأنت من شمّ الأنوف

وترى حقوقك في يدي

قوم على وثن عكوف

والدين كوكب رشده

الدريّ آذن بالخسوف

فأنر بطلعتك المنيرة

للورى ظلم السدوف

واملأ بصاعقة الضبا

وجه البسيطة بالرجيف

واترك خيول الله تعطف

بالذميل على الوجيف

عربية تستن في العدوات

كالريح العصوف

بجحاجح تزن الجبال

الشمّ في اليوم المخوف

وألحِظ بنيك بعطفة

أو لست خير أبٍ عطوف

وارأف بهم عجلاً فقد

وصفوك بالبرّ الرؤوف

فإلامَ أكباد الورى

لنواك دامية القروف

حنّت اليك حنين ذي

إلف على فقد الأليف

أوَ ما علمت ـ وأنت أعلم

ما جرى يوم الطفوف

حيث الحسين درية

للسمهرية والسيوف

١٢٠