موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٤

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٤

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٧٧

مع الرّسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢٨١
٢٨٢

عايش الإمام عليه‌السلام منذ فجر صباه الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآمن به إيمانا مطلقا ، وتبنّى جميع أهدافه ، ووقف إلى جانبه مدافعا عنه في جميع مراحل حياته ، وفداه بنفسه.

ومن المؤكّد أنّه لم يقف على معرفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ الإمام عليه‌السلام فهو باب مدينة علمه ، وخازن حكمته ، وقد نقل الرواة كوكبة من أدعيته عليه‌السلام في تعظيم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصلاة عليه كان منها ما يلي :

٢٨٣

من أدعية الإمام

الدعاء الأوّل

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على أطيب المرسلين محمّد بن عبد الله المنتجب الفاتق الرّاتق.

اللهمّ فخصّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالذّكر المحمود ، والحوض المورود.

اللهمّ آت محمّدا صلواتك عليه وآله الوسيلة والرّفعة والفضيلة ، واجعل في المصطفين محبّته ، وفي العلّيّين درجته ، وفي المقرّبين كرامته.

اللهمّ أعط محمّدا صلواتك عليه وآله من كلّ كرامة أفضل تلك الكرامة ، ومن كلّ نعيم أوسع ذلك النّعيم ، ومن كلّ عطاء أجزل ذلك العطاء ، ومن كلّ يسر أنضر ذلك اليسر ، ومن كلّ قسم أوفر ذلك القسم حتّى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه مجلسا ، ولا أرفع منه عندك ذكرا ومنزلة ، ولا أعظم عليك حقّا ، ولا أقرب وسيلة من محمّد صلواتك عليه وآله ، إمام الخير وقائده ، والدّاعي إليه ، والبركة على جميع العباد والبلاد والرّحمة للعالمين.

اللهمّ اجمع بيننا وبين محمّد صلواتك عليه وآله في برد العيش ، وتروّح الرّوح ، وقرار النّعمة ، وشهوة الأنفس ، ومنّى الشّهوات ، ونعم اللّذّات ، ورجاء الفضيلة ، وشهود الطّمأنينة ، وسؤدد الكرامة ، وقرّة العين ، ونضرة النّعيم ،

٢٨٤

وبهجة لا تشبه بهجات الدّنيا.

نشهد أنّه قد بلّغ الرّسالة ، وأدّى النّصيحة ، واجتهد للامّة ، وأوذي في جنبك ، وجاهد في سبيلك ، وعبدك حتّى أتاه اليقين ، فصلي الله عليه وآله الطّيّبين.

اللهمّ ربّ البلد الحرام ، وربّ الرّكن والمقام ، وربّ المشعر الحرام ، وربّ الحلّ والحرام بلّغ روح محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنّا السّلام.

اللهمّ صلّ على ملائكتك المقرّبين ، وعلى أنبيائك ، ورسلك أجمعين ، وصلّ اللهمّ على الحفظة الكرام الكاتبين ، وعلى أهل طاعتك من أهل السّماوات السّبع وأهل الأرضين السّبع من المؤمنين أجمعين (١).

في هذا الدعاء قدّم عليه‌السلام جميع صنوف التعظيم والتكريم للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

من أدعيته الجليلة في الصلاة على الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الدعاء ، وكان يعلّمه لأصحابه :

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٣ : ٨٣. بحار الأنوار ٩٥ : ١٢٧.

٢٨٥

من ادعية الإمام

الدعاء الثاني

اللهمّ داحي المدحوّات ، وداعم المسموكات ، وجابل القلوب على فطرتها ، شقيّها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورأفة تحيّاتك على محمّد عبدك ورسولك الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ، والمعلن الحقّ بالحقّ ، والدّامغ جيشات الأباطيل ، كما حمّلته فاضطلع بأمرك لطاعتك ، مستوفزا في مرضاتك ، غير ناكل عن قدم ، ولا وهن في عزم ، داعيا لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك ، حتّى أورى قبسا لقابس (١) ، آلاء الله تصل بأهله أسبابه به ، هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم ، موضحات الأعلام ، ونائرات الأحكام ، ومنيرات الإسلام ، فهو أمينك المأمون ، وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدّين ، وبعيثك نعمة ، ورسولك بالحقّ رحمة.

اللهمّ افسح له مفسحا في عدلك ، واجزه مضاعفات الخير من فضلك ، مهنّآت غير مكدّرات ، من فوز ثوابك المحلول ، وجزيل عطائك المعلول (٢).

اللهمّ أعل على بناء البانين بناءه ، وأكرم لديك منزلته ، وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشّهادة ، ومرضيّ المقالة ، ذا منطق عدل ، وخطبة فصل

__________________

(١) في نهج البلاغة : « حتى أورى قبس القابس ».

(٢) المعلول : الشرب بعد الشرب.

٢٨٦

وبرهان عظيم (١).

وحوى هذا الدعاء على أجمل صور التعظيم والتكريم للرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مفجّر العلم والنور في دنيا العرب والمسلمين.

__________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة : ٢٨٠ ـ ٢٨٦. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٩ : ١٣٤. بحار الأنوار ٩١ : ٨٣.

٢٨٧
٢٨٨

ادعية

علّمها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

للإمام عليه‌السلام

٢٨٩
٢٩٠

أمّا الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو داعية الله الأكبر في الأرض ، وهو الذي طهّر أرض العرب من الأوثان والأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله ، وقد وجّه البشرية بصورة عامّة نحو الله تعالى خالق الكون ، وواهب الحياة ، وقد أنار الطريق وأوضح القصد ، وحرّر الفكر من خرافات الجاهلية وتقاليدها.

ولقد كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جميع فترات حياته يناجي ربّه ويلهج بذكره ويدعوه بثقة وإخلاص ، وقد أثرت عنه بعض الأدعية الشريفة علّمها إلى وصيّه وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام كان منها ما يلي :

أرسل النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعه قوّة عسكرية إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، ففتح الله الفتح المبين فأسلموا على يده بلا قتال ، وقد زوّده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الدعاء الشريف :

٢٩١

من ادعيه للامام

الدعاء الأوّل

اللهمّ إنّي أتوجّه إليك بلا ثقة منّي بغيرك ، ولا رجاء يأوي بي إلاّ إليك ، ولا قوّة أتّكل عليها ، ولا حيلة ألجأ إليها إلاّ طلب فضلك ، والتّعرّض لرحمتك ، والسّكون إلى أحسن عادتك ، وأنت أعلم بما سبق لي في وجهي هذا ممّا احبّ وأكره ، فأيّما أوقعت عليّ فيه قدرتك ، فمحمود فيه بلاؤك متّضح فيه قضاؤك ، وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أمّ الكتاب.

اللهمّ فاصرف عنّي مقادير كلّ بلاء ، ومقاصر كلّ لأواء ، وأبسط عليّ كنفا من رحمتك ، وسعة من فضلك ، ولطفا من عفوك ، حتّى لا احبّ تعجيل ما أخّرت ولا تأخير ما عجّلت ، وذلك مع ما أسألك أن تخلفني في أهلي وولدي ، وصروف حزانتي بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كلّ عورة ، وستر كلّ سيّئة ، وحطّ كلّ معصية ، وكفاية كلّ مكروه ، وارزقني على ذلك شكرك وذكرك ، وحسن عبادتك ، والرّضا بقضائك.

يا وليّ المؤمنين ، واجعلني وما خوّلتني وولدي ، ورزقتني من المؤمنين والمؤمنات في حماك الّذي لا يستباح ، وذمّتك الّتي لا تخفر ، وجوارك الّذي لا يرام ، وأمانك الّذي لا ينقض ، وسترك الّذي لا يهتك ، فإنّه من كان في حماك وذمّتك وجوارك وأمانك وسترك كان آمنا محفوظا ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله

٢٩٢

العليّ العظيم (١).

وحكى هذا الدعاء مدى إخلاص النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإيمانه الوثيق بالله تعالى ، فقد فزع وتضرّع إليه بأروع ألوان التضرّع والإنابة إليه تعالى.

من الأدعية الجليلة التي علّمها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هذا الدعاء الشريف ، وقد رواه عنه أنس بن أويس ، وهذا نصّه بعد البسملة :

__________________

(١) مهج الدعوات : ٩٤.

٢٩٣

من ادعية للامام

الدعاء الثاني

اللهمّ أنت الله ، وأنت الرّحمن ، وأنت الرّحيم ، الملك القدّوس ، السّلام المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الأوّل ، الآخر ، الظّاهر ، الباطن ، الحميد ، المجيد ، المبدئ ، المعيد ، الودود ، الشّهيد ، القديم ، العليّ ، العظيم ، العليم ، الصّادق ، الرّءوف ، الرّحيم ، الشّكور ، الغفور ، العزيز ، الحكيم ، ذو القوّة المتين ، الرّقيب ، العظيم ، العليم ، الغنيّ ، الوليّ ، الحفيظ ، ذو الجلال والإكرام ، العظيم ، العليم ، الغنيّ ، الوليّ ، الفتّاح ، القابض ، الباسط ، العدل ، الوفيّ ، الوليّ ، الحقّ ، المبين ، الخلاّق ، الرّزّاق ، الوهّاب ، التّوّاب ، الرّبّ ، الوكيل ، اللّطيف ، الخبير ، السّميع ، البصير ، الدّيّان ، المتعالي ، القريب ، المجيب ، الباعث ، الوارث ، الواسع ، الباقي ، الحيّ ، الدائم الّذي لا يموت ، القيّوم ، النّور ، الغفّار ، الواحد ، القهّار ، الأحد ، الصّمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ذو الطّول ، المقتدر ، علاّم الغيوب ، المبدئ ، البديع ، القابض ، الباسط ، الدّاعي ، المغيث ، الدّافع ، الضّارّ ، النّافع ، المعزّ ، المذلّ ، المطعم ، المنعم ، المهيمن ، المحسن ، الحنّان ، المتفضّل ، المحيي ، المميت ، الفعّال لما يريد ، مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممّن تشاء ، وتعزّ من تشاء ، وتذلّ من تشاء ، بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير ، تولج اللّيل في النّهار ، وتولج النّهار في

٢٩٤

اللّيل ، وتخرج الحيّ من الميّت ، وتخرج الميّت من الحيّ ، وترزق من تشاء بغير حساب ، فالق الإصباح ، وفالق الحبّ والنّوى ، يسبّح له ما في السّماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم.

اللهمّ وما قلت من قول ، أو حلفت من حلف ، أو نذرت من نذر ، في يومي هذا وليلتي هذه ، فمشيّتك بين يدي ذلك كلّه ، ما شئت منه كان ، وما لم تشأ منه لم يكن ، فادفع عنّي بحولك وقوّتك ، فإنّه لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

اللهمّ بحقّ هذه الأسماء عندك صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لي وارحمني ، وتب عليّ ، وتقبّل منّي ، وأصلح لي شأني ، ويسّر اموري ، ووسّع عليّ في رزقي ، وأغنني بكرم وجهك عن جميع خلقك ، وصن وجهي ويدي ولساني عن مسألة غيرك ، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا فإنّك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت على كلّ شيء قدير برحمتك يا أرحم الرّاحمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطّيّبين الطّاهرين (١).

ومن الأدعية الجليلة التي علّمها النّبيّ إلى وصيّة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هذا الدعاء ، وقد رواه عنه أويس القرني ، وقد جاء فيه بعد البسملة :

__________________

(١) مهج الدعوات : ٩٢ ـ ٩٣.

٢٩٥

من ادعية للامام

الدعاء الثالث

اللهمّ إنّي أسألك ولا أسأل غيرك ، وأرغب إليك ولا أرغب إلى غيرك ، أسألك يا أمان الخائفين ، وجار المستجيرين ، أنت الفتّاح ، ذو الخيرات ، مقيل العثرات ، وماحي السّيّئات ، وكاتب الحسنات ، ورافع الدّرجات ، أسألك بأفضل المسائل كلّها ، وأنجحها الّتي لا ينبغي للعباد أن يسألوك إلاّ بها ، وأسألك بك يا الله ، يا رحمن ، وبأسمائك الحسنى ، وأمثالك العليا ، ونعمك الّتي لا تحصى ، وبأكرم أسمائك عليك ، وأحبّها إليك وأشرفها عندك منزلة ، وأقربها منك وسيلة ، وأجزلها مبلغا ، وأسرعها منك إجابة ، وباسمك المخزون الجليل الأجل العظيم الأعظم ، الّذي تحبّه وترضاه ، وترضى عمّن دعاك به ، فاستجبت دعاءه ، وحقّ عليك ألاّ تحرم به سائلك ، وبكلّ اسم هو لك في التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ، وبكلّ اسم هو لك علّمته أحدا من خلقك أو لم تعلّمه أحدا ، وبكلّ اسم دعاك به حملة عرشك وملائكتك وأصفياؤك من خلقك ، وبحقّ السّائلين لك والرّاغبين إليك ، والمتعوّذين بك ، والمتضرّعين لديك ، وبحقّ كلّ عبد متعبّد لك في برّ أو بحر أو سهل أو جبل ، أدعوك دعاء من قد اشتدّت فاقته ، وعظم جرمه ، وأشرف على الهلكة نفسه ، وضعفت قوّته ، ومن لا يثق بشيء من عمله ، ولا يجد لذنبه غافرا غيرك ، ولا لسعيه ملجا سواك ، هربت منك إليك معترفا

٢٩٦

غير مستنكف ، ولا مستكبر عن عبادتك ، يا انس كلّ فقير مستجير ، أسألك بأنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت الحنّان المنّان ، بديع السّماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام ، عالم الغيب والشّهادة ، الرّحمن الرّحيم ، أنت الرّبّ وأنا العبد ، وأنت المالك وأنا المملوك ، وأنت العزيز ، وأنا الذّليل ، وأنت الغنيّ وأنا الفقير ، وأنت الحيّ ، وأنا الميّت ، وأنت الباقي وأنا الفاني ، وأنت المحسن وأنا المسيء ، وأنت الغفور ، وأنا المذنب وأنت الرّحيم ، وأنا الخاطئ وأنت الخالق وأنا المخلوق ، وأنت القويّ وأنا الضّعيف ، وأنت المعطي وأنا السّائل ، وأنت الآمن وأنا الخائف ، وأنت الرّازق وأنا المرزوق ، وأنت أحقّ من شكوت إليه واستغثت به ورجوته ، لأنّك كم من مذنب قد غفرت له ، وكم من مسيء قد تجاوزت عنه ، فاغفر لي ، وتجاوز عنّي ، وارحمني ، وعافني ممّا نزل بي ، ولا تفضحني بما جنيته على نفسي ، وخذ بيدي ، وبيد والديّ وولدي ، وارحمنا برحمتك يا ذا الجلال والإكرام (١).

من الأدعية الشريفة التي علّمها النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام وأمره أن يحتفظ به ، ويدعو به عند كلّ شدة تلمّ به ، وهو هذا الدعاء بعد البسملة :

__________________

(١) مهج الدعوات : ١٠٤.

٢٩٧

من ادعية للامام

الدعاء الرابع

الحمد لله الّذي لا إله إلاّ هو الملك الحقّ المبين ، المدبّر بلا وزير ، ولا خلق من عباده يستشير ، الأوّل غير موصوف ، والباقي بعد فناء الخلق ، العظيم الرّبوبيّة ، نور السّماوات والأرضين وفاطرهما ومبتدعهما ، بغير عمد خلقهما ، وفتقهما فتقا ، فقامت السّماوات طائعات بأمره ، واستقرّت الأرضون باوتادها فوق الماء ، ثمّ علا ربّنا في السّماوات العلى ، الرّحمن على العرش استوى ، له ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى ، فأنا أشهد بأنّك أنت الله لا رافع لما وضعت ، ولا واضع لما رفعت ، ولا معزّ لمن أذللت ، ولا مذلّ لمن أعززت ، ولا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، وأنت الله لا إله إلاّ أنت كنت إذ لم تكن سماء مبنيّة ، ولا أرض مدحيّة ، ولا شمس مضيئة ، ولا ليل مظلم ، ولا نهار مضيء ، ولا بحر لجّيّ ، ولا جبل راس ، ولا نجم سار ، ولا قمر منير ، ولا ريح تهبّ ، ولا سحاب يسكب ، ولا برق يلمع ، ولا رعد يسبّح ، ولا روح تنفّس ، ولا طائر يطير ، ولا نار تتوقّد ، ولا ماء يطّرد ، كنت قبل كلّ شيء ، وكوّنت كلّ شيء ، وقدرت على كلّ شيء ، وابتدعت كلّ شيء ، وأغنيت وأفقرت ، وأمتّ وأحييت ، وأضحكت وأبكيت ، وعلى العرش استويت ، فتباركت يا الله وتعاليت ، أنت الله الّذي لا إله إلاّ أنت الخلاّق المعين ،

٢٩٨

أمرك غالب ، وعلمك نافذ ، وكيدك غريب ، ووعدك صادق ، وقولك حقّ ، وحكمك عدل ، وكلامك هدى ، ووحيك نور ، ورحمتك واسعة ، وعفوك عظيم ، وفضلك كثير ، وعطاؤك جزيل ، وحبلك متين ، وإمكانك عتيد ، وجارك عزيز ، وبأسك شديد ، ومكرك مكيد ، أنت يا ربّ موضع كلّ شكوى ، وحاضر كلّ ملأ ، وشاهد كلّ نجوى ، منتهى كلّ حاجة ، مفرّج كلّ حزن ، غنى كلّ مسكين ، حصن كلّ هارب ، أمان كلّ خائف ، حرز الضّعفاء ، كنز الفقراء ، مفرّج الغمّاء ، معين الصّالحين ، ذلك الله ربّنا لا إله إلاّ هو ، تكفي من عبادك من توكّل عليك ، وأنت جار من لاذ بك وتضرّع إليك ، عصمة من اعتصم بك ، ناصر من انتصر بك ، تغفر الذّنوب لمن استغفرك ، جبّار الجبابرة ، عظيم العظماء ، كبير الكبراء ، سيّد السّادات ، مولى الموال ، صريخ المستصرخين ، المنفّس عن المكروبين ، مجيب دعوة المضطرّين ، أسمع السّامعين ، أبصر النّاظرين ، أحكم الحاكمين ، أسرع الحاسبين ، أرحم الرّاحمين ، خير الغافرين ، قاضي حوائج المؤمنين ، مغيث الصّالحين.

أنت الله لا إله إلاّ أنت ربّ العالمين ، أنت الخالق وأنا المخلوق ، وأنت المالك وأنا المملوك ، وأنت الرّبّ وأنا العبد ، وأنت الرّازق وأنا المرزوق ، وأنت المعطي وأنا السّائل ، وأنت الجواد وأنا البخيل ، وأنت القويّ وأنا الضّعيف ، وأنت العزيز وأنا الذّليل ، وأنت الغنيّ وأنا الفقير ، وأنت السّيّد وأنا العبد ، وأنت الغافر وأنا المسيء ، وأنت العالم وأنا الجاهل ، وأنت الحليم وأنا العجول ، وأنت الرّحمن وأنا المرحوم ، وأنت المعافي وأنا المبتلى ، وأنت المجيب وأنا المضطرّ ،

٢٩٩

وأنا أشهد بأنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت ، المعطي عبادك بلا سؤال ، وأشهد بأنّك أنت الله الواحد الأحد المتفرّد الصّمد الفرد وإليك المصير ، وصلّى الله على محمّد وأهل بيته الطّيّبين الطّاهرين ، واغفر لي ذنوبي ، واستر عليّ عيوبي ، وافتح لي من لدنك رحمة ورزقا واسعا يا أرحم الرّاحمين ، والحمد لله ربّ العالمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم (١).

__________________

(١) مهج الدعوات : ١٢٤ ـ ١٢٦.

٣٠٠