موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٤

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٤

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٧٧

٣٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب أدناني من عذابك ، أو نأى بي عن ثوابك ، أو حجب عنّي رحمتك ، أو كدّر عليّ نعمتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام من بعض الذنوب التي تدني الإنسان وتقرّبه من أعداء الله ، وتبعده عن ثوابه ومغفرته.

٣٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب حللت به عقدا شددته ، أو حرمت به نفسي خيرا وعدتني به ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يحلّ بها عقدا عقده على نفسه من فعل الخير واجتناب السيّئات ، ثمّ يخالفه.

٣٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب ارتكبته بشمول عافيتك ، أو تمكّنت منه بفضل نعمتك ، أو قويت عليه بسابغ رزقك ، أو خير أردت به وجهك فخالطني فيه ، وشارك فعلي ما لا يخلص لك ، أو وجب عليّ ما أردت به سواك ، فكثيرا ما يكون كذلك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يقترفها الإنسان وهي ناشئة من عافيته التي أسبغها

١٠١

الله عليه أو من نعمته التي أسداها عليه ، أو من رزقه الذي تفضّل به عليه وغير ذلك.

٤٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب دعتني الرّخصة فحلّلته لنفسي وهو فيما عندك محرّم ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يرتكبها الإنسان ظانّا حلّيتها والرخصة فيها وهي محرّمة ، ولا يعلم بها.

٤١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب خفي عن خلقك ، ولم يعزب عنك ، فاستقلتك منه فأقلتني ، ثمّ عدت فيه فسترته عليّ ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

عدّ عليه‌السلام من الذنوب ما يرتكبه الإنسان بالخفاء ويستره على الناس ولكنّه لا يخفى على الله تعالى الذي أحاط بكلّ شيء علما.

٤٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب خطوت إليه برجلي ، أو مددت إليه يدي ، أو تأمّله بصري ، أو أصغيت إليه بسمعي ، أو نطق به لساني ، أو أنفقت فيه ما رزقتني ، ثمّ استرزقتك على عصياني فرزقتني ، ثمّ استعنت برزقك على معصيتك فسترت عليّ ، ثمّ سألتك الزّيادة فلم تخيّبني ، وجاهرتك فيه فلم تفضحني ، فلا أزال مصرّا على معصيتك ، ولا تزال ساترا عليّ بحلمك ومغفرتك يا أكرم الأكرمين ،

١٠٢

فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

أدلى الإمام عليه‌السلام ببعض الذنوب التي يسعى إليها الإنسان برجله ويده ، ويسمعها أو ينطق بها وهي ممّا تبعده عن الله ، وتبعده عن الطريق القويم.

٤٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يوجب عليّ صغيره أليم عذابك ، ويحلّ بي كبيره شديد عقابك ، وفي إتيانه تعجيل نقمتك ، وفي الإصرار عليه زوال نعمتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

عرض الإمام عليه‌السلام لصغائر الذنوب وكبائرها التي توعّد عليها النار ، والتي يقترفها بعض العباد غير حافلين بما أعدّ الله لهم من أليم العذاب.

٤٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب لم يطّلع عليه أحد سواك ، ولا علمه أحد غيرك ، ولا ينجّيني منه إلاّ حلمك ، ولا يسعه إلاّ عفوك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يرتكبها بعض الناس ، ولم يعلم بها أحد سوى الله تعالى ، والتي لا ينجّي منها مرتكبها إلاّ حلم الله وسعة عفوه عنه.

٤٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يزيل النّعم ، أو يحلّ النّقم ، أو يعجّل العدم ، أو يكثر النّدم ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

١٠٣

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي تزيل النعم وتحلّ النقم ، وتكثر الندم أعاذنا الله منها.

٤٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يمحق الحسنات ، ويضاعف السّيّئات ، ويعجّل النّقمات ، ويغضبك يا ربّ السّماوات ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي تمحق الحسنات وتضاعف السيّئات وتعجّل النقمة أعاذنا الله منها.

٤٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب أنت أحقّ بمعرفته ؛ إذ كنت أولى بستره فإنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

٤٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب تجهّمت فيه وليّا من أوليائك مساعدة فيه لأعدائك ، أو ميلا مع أهل معصيتك على أهل طاعتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب أن يتنكّر الإنسان لوليّ من أولياء الله تعالى ، فيساعد عليه عدوّا من أعدائه تعالى ، ومن الذنوب أن يميل الإنسان بلسانه وعمله مع أهل المعاصي على أهل طاعة الله.

١٠٤

٤٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب ألبسني كبرة ، وانهما كي فيه ذلّة ، أو آيسني من وجود رحمتك ، أو قصّر بي اليأس عن الرّجوع إلى طاعتك لمعرفتي بعظيم جرمي ، وسوء ظنّي بنفسي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ بعض الذنوب الكبيرة ـ أعاذنا الله منها ـ كقتل النفس المحترمة توجب اليأس من رحمة الله ، وتدفع المجرم إلى معاصي الله تعالى.

٥٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب أوردني الهلكة لو لا رحمتك ، وأحلّني دار البوار لو لا تغمّدك ، وسلك بي سبيل الغيّ لو لا رشدك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب التي توقع الإنسان في الهلكة ، وتحلّه دار البوار وتسلك به سبيل الغي ، إلاّ أنّ لطف الله تعالى بعباده ينقذهم وينجيهم منها.

٥١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب نهاني عمّا هديتني إليه ، أو أمرتني به ، أو صرفني عمّا أمرتني به ، أو نهيتني عنه ، أو دللتني عليه فيما فيه الحظّ لي لبلوغ رضاك ، وإيثار محبّتك ، والقرب منك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

عرض الإمام عليه‌السلام لبعض الذنوب التي تصرف الإنسان عن هداية الله ، وتصدّه

١٠٥

عن امتثال أوامره ، وتوقعه في معاصيه.

٥٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يردّ عنك دعائي ، أو يقطع منك رجائي ، أو يطيل في سخطك عنائي ، أو يقصّر فيما عندك أملي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر الإمام عليه‌السلام بعض الذنوب التي تحجب الدعاء ، وتقطع الرجاء ، وتطيل سخط الله ، وهي كبائر الذنوب.

٥٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يميت القلب ، ويشعل الكرب ، ويرضي الشّيطان ، ويسخط الرّحمن ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ بعض الذنوب تميت القلب كالإصرار على ارتكاب صغائر الذنوب ، وهي توجب سخط الله تعالى ، وإرضاء عدوّ الإنسان وهو الشيطان الرجيم.

٥٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يعقب اليأس من رحمتك ، والقنوط من مغفرتك ، والحرمان من سعة ما عندك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من أفحش الذنوب وأكثرها إثما الشّرك بالله تعالى والكفر به ، وهي ممّا توجب اليأس من مغفرة الله ، والقنوط من رحمته ، ولعلّ الإمام عليه‌السلام أشار إليها.

١٠٦

٥٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب مقت نفسي عليه إجلالا لك ، فأظهرت لك التّوبة فقبلت ، وسألتك العفو فعفوت ، ثمّ مال بي الهوى إلى معاودته طمعا في سعة رحمتك ، وكريم عفوك ، ناسيا لوعيدك ، راجيا لجميل وعدك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

وهذه الذنوب التي أدلى بها الإمام عليه‌السلام من أقلّ الذنوب جرما وعقابا.

٥٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يورث سواد الوجوه يوم تبيضّ وجوه أوليائك ، وتسودّ وجوه أعدائك ، إذ أقبل بعضهم على بعض يتلاومون ، فقيل لهم : ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) (١) ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ الناس حينما يحشرون ويبعثون تبيضّ وجوه بعضهم ؛ لأنّهم كانوا من المتّقين في دار الدنيا ، كما تسودّ وجوه بعضهم ؛ لأنّهم أساءوا وظلموا وابتعدوا عن الطريق القويم فذنوبهم هي التي أوجبت سواد وجوههم.

٥٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يدعو إلى الكفر ، ويطيل الفكر ، ويورث الفقر ، ويجلب العسر ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

__________________

(١) ق : ٢٨.

١٠٧

إنّ من الذنوب ما يوجب الكفر والإلحاد ، ومنها الفقر ففي الحديث : كاد الفقر أن يكون كفرا ، أعاذنا الله من الذنوب التي تورث ذلك.

٥٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يدني الآجال ، ويقطع الآمال ، ويبتر الأعمار ، فهت به أو صمت عنه ، حياء منك عند ذكره ، أو أكننته في صدري وعلمته منّي ، فإنّك تعلم السّرّ وأخفى ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

لعلّ الإمام عليه‌السلام عنى بالذنوب التي تدني الآجال وتقطع الآمال قطيعة الرحم ، وعدم صلتهم فإنّه ممّا يوجب ذلك حسبما دلّت عليه الأخبار المتظافرة من أئمّة الهدى عليهم‌السلام.

٥٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يكون في اجتراحه قطع الرّزق ، وردّ الدّعاء ، وتواتر البلاء ، وورود الهموم ، وتضاعف الغموم ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

تحدّث الإمام عليه‌السلام في هذه الكلمات عن بعض الذنوب التي توجب قطع الرزق ، وردّ الدعاء ، وورود الهموم والغموم ، أعاذنا الله منها.

٦٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يبغّضني إلى عبادك ، وينفّر عنّي أولياءك ، أو يوحش منّي أهل طاعتك لوحشة المعاصي ، وركوب الحوب ، وكآبة الذّنوب ، فصلّ على

١٠٨

محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ بعض الذنوب التي يقترفها بعض الناس تترتّب عليها آثار وضيعة ، وهي كراهية أولياء الله له ونفورهم منه ، ومن الطبيعي أن يكون المرتكب لها متجاهرا بها.

٦١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب دلّست به منّي ما أظهرته ، أو كشفت عنّي به ما سترته ، أو قبّحت به منّي ما زيّنته ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ من الذنوب ما يستره الإنسان عن غيره أو يرائي ببعض الأعمال الصالحة أمام الناس بأنّه من الصالحين الأخيار ، لا بدّ وأن يظهر زيغه ، وينكشف واقعه.

٦٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب لا ينال به عهدك ، ولا يؤمن معه غضبك ، ولا تنزل معه رحمتك ، ولا تدوم معه نعمتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب ما لا ينال بها عهد الله ورحمته الشاملة ، وتكون سببا لزوال النعمة.

٦٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب استخفيت له ضوء النّهار من عبادك ، وبارزت به في ظلمة اللّيل جرأة منّي عليك ، على أنّي أعلم أنّ السّرّ عندك علانيّة ، وأنّ الخفيّة

١٠٩

عندك بارزة ، وأنّه لم يمنعني منك مانع ، ولم ينفعني عندك نافع من مال وبنين إلاّ أن آتيك بقلب سليم ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ بعض الذنوب التي يقترفها المجرمون في غلس الليل دون النهار لئلا يعلم بها أحد ، ولم يعلموا أنّ الله مطّلع على جميع أسرار الناس وخفاياهم وما أضمروه.

٦٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يورث النّسيان لذكرك ، ويعقب الغفلة عن تحذيرك ، أو يمادي في الأمن من مكرك ، أو يطمع في طلب الرّزق من عند غيرك ، أو يؤيس من خير ما عندك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من أفحش الذنوب ما يورث النسيان عن ذكر الله ، والأمن من عقابه ، ويصدّ الإنسان عن الله تعالى ، ويجعل طلب رزقه عند غيره.

٦٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب لحقني بسبب عتبي عليك في احتباس الرّزق عنّي ، وإعراضي عنك ، وميلي إلى عبادك بالاستكانة لهم ، والتّضرّع إليهم ، وقد أسمعتني قولك في محكم كتابك : ( فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) (١) ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب العتب على الله تعالى في تأخير رزقه عن العبد ؛ فإنّه يأخذ باللوم والعتب على الله ، وفي نفس الوقت يحيل ويتّجه نحو عباد الله ، ولا يطلب منه.

__________________

(١) المؤمنون : ٧٦.

١١٠

٦٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب لزمني بسبب كربة استعنت عندها بغيرك ، أو استبددت بأحد فيها دونك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ من الذنوب الاستعانة بغير الله تعالى ، والالتجاء إلى غيره فإنّ ذلك من أوهى الآراء وأبعدها عن الله.

٦٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب حملني على الخوف من غيرك ، أو دعاني إلى التّواضع لأحد من خلقك ، أو استمالني إليه للطّمع فيما عنده ، أو زيّن لي طاعته في معصيتك استجرارا لما في يده ، وأنا أعلم بحاجتي إليك ، لا غنى لي عنك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب الخوف من أحد غير الله ، والتواضع والاستمالة للمخلوقين مع العلم أنّ جميع مجريات الأحداث بيده تعالى ، وليس للخلق فيها شأن.

٦٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب مدحته بلساني ، أو هشّت إليه نفسي ، أو حسّنته بفعالي ، أو حثثت عليه بمقالي ، وهو عندك قبيح تعذّبني عليه ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

من الذنوب ما يمدحها الإنسان ويميل إليها من المحرّمات أو يحسّنها بفعله أو

١١١

يحثّ عليها بكلامه ، فإنّه يكون مسئولا عنها يوم يلقى الله.

٦٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب مثّلته في نفسي استقلالا له ، وصوّرت لي استصغاره ، وهوّنت عليّ الاستخفاف به حتّى أفرطتني فيه ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

إنّ من الذنوب استصغار بعضها والاستهانة بها فإنّها من موجبات الهلكة.

٧٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب جرى به علمك فيّ وعليّ إلى آخر عمري بجميع ذنوبي لأوّلها وآخرها ، وعمدها وخطئها ، وقليلها وكثيرها ، ودقيقها وجليلها ، وقديمها وحديثها ، وسرّها وعلانيتها ، وجميع ما أنا مذنبه ، وأتوب إليك وأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي جميع ما أحصيت من مظالم العباد قبلي ؛ فإنّ لعبادك عليّ حقوقا أنا مرتهن بها ، تغفرها لي كيف شئت ، وأنّى شئت يا أرحم الرّاحمين (١).

وانتهت بذلك هذه الاستغفارات التي لم يترك الإمام عليه‌السلام ذنبا يبعد الإنسان ، عن ربّه إلاّ أشار إليه. إنّ الاجتناب عن اقتراف الذنوب له أثره التامّ في صفاء النفس ، والاقتراب من الخالق العظيم ، والفوز برضاه. وهذا الدعاء من ذخائر أدعية إمام المتّقين سلام الله عليه ، ففيه عرض شامل لجميع الذنوب التي توجب البعد عن الله تعالى الذي هو عزّ اسمه مصدر الفيض والخير على الناس لو كانوا يشعرون.

__________________

(١) البلد الأمين : ٣٨ ـ ٤٦.

١١٢

دعاؤه عليه‌السلام

عقيب صلاة الظهر

كان الإمام عليه‌السلام إذا أدّى صلاة الظهر أقبل على الله تعالى ، ودعا بهذا الدعاء الجليل :

اللهمّ لك الحمد كلّه ، وإليك يرجع الأمر كلّه ، علانيته وسرّه ، أنت منتهى الشّأن كلّه. اللهمّ لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ، ولك الحمد على غفرانك بعد عظمتك ، اللهمّ لك الحمد رفيع الدّرجات مجيب الدّعوات ، منزل البركات من فوق سبع سماوات ، معطي السّؤلات ، ومبدّل السّيّئات حسنات ، وجاعل الحسنات درجات ، والمخرج إلى النّور من الظّلمات. اللهمّ لك الحمد غافر الذّنب ، وقابل التّوب ، شديد العقاب ، ذا الطّول ، لا إله إلاّ أنت ، وإليك المصير. اللهمّ لك الحمد في اللّيل إذا يغشى ، ولك الحمد في النّهار إذا تجلّى ، ولك الحمد في الآخرة والأولى. اللهمّ لك الحمد في اللّيل إذا عسعس ، ولك الحمد في الصّبح إذا تنفّس ، ولك الحمد عند طلوع الشّمس وعند غروبها ، ولك الحمد على نعمك الّتي لا تحصى عددا ، ولا تنقضي مددا سرمدا. اللهمّ لك الحمد فيما مضى ، ولك الحمد فيما بقي.

اللهمّ أنت ثقتي في كلّ أمر ، وعدّتي في كلّ حاجة ، وصاحبي في كلّ طلبة ، وأنسي في كلّ وحشة ، وعصمتي عند كلّ هلكة ، اللهمّ صلّ على محمّد

١١٣

وآل محمّد ، ووسّع لي في رزقي ، وبارك لي فيما آتيتني ، واقض عنّي ديني ، وأصلح لي شأني ، إنّك رءوف رحيم. لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، لا إله إلاّ الله ربّ العالمين ، لا إله إلاّ الله ربّ العرش العظيم.

اللهمّ إنّي أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كلّ خير ، والسّلامة من كلّ إثم ، والفوز بالجنّة ، والنّجاة من النّار.

اللهمّ لا تدع لي ذنبا إلاّ غفرته ، ولا همّا إلاّ فرّجته ، ولا غمّا إلاّ كشفته ولا دينا إلاّ قضيته ، ولا سقما إلاّ شفيته ، ولا خوفا إلاّ آمنته ، ولا حاجة إلاّ قضيتها بمنّك ولطفك ورحمتك يا أرحم الرّاحمين (١).

وتجلّت في هذا الدعاء الجليل روحانيّة الإمام عليه‌السلام ، وانقطاعه إلى الله تعالى ، وتذلّله أمامه ، وتقربه إليه ، وأنّه كان في جميع أوقاته يدعوه ويناجيه بقلب سليم.

دعاؤه عليه‌السلام

عقيب صلاة العصر

كان الإمام عليه‌السلام إذا انتهى من صلاة العصر دعا الله تعالى بهذا الدعاء الجليل الذي يلمس فيه مدى تعلّقه بالله وانقطاعه إليه وهذا نصّه :

سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوّة

__________________

(١) فلاح السائل : ١٧٢ ـ ١٧٣.

١١٤

إلاّ بالله العليّ العظيم ، سبحان الله بالغدوّ والآصال ، سبحان الله بالعشيّ والإبكار ، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السّماوات والأرض ، وعشيّا وحين تظهرون.

سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين. سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العزّ والجبروت ، سبحان الحيّ الّذي لا يموت ، سبحان الله القائم الدّائم ، سبحان الحيّ القيّوم ، سبحان العليّ الأعلى ، سبحانه وتعالى ، سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والرّوح.

اللهمّ إنّ ذنبي أمسى مستجيرا بعفوك ، وخوفي أمسى مستجيرا بأمنك ، وفقري أمسى مستجيرا بغناك ، وذلّي أمسى مستجيرا بعزّك ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لي وارحمني إنّك حميد مجيد. اللهمّ تمّ نورك فهديت فلك الحمد. وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد. وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد. وجهك ربّنا أكرم الوجوه ، وجاهك أعظم الجاه ، وعطيّتك أفضل العطاء ، تطاع ربّنا فتشكر ، وتعصى فتغفر ، وتجيب المضطرّ ، وتكشف السّوء ، وتنجي من الكرب ، وتغني الفقير ، وتشفي السّقيم ، ولا يجازي آلاءك أحد ، وأنت أرحم الرّاحمين (١).

حكى هذا الدعاء مدى عبودية الإمام عليه‌السلام ، وطاعته لله وأنّه لا يضارعه أي قدّيس في هذه الظاهرة.

__________________

(١) فلاح السائل : ٢٠٢.

١١٥

ويروى للإمام عليه‌السلام دعاء مختصر عقيب صلاة العصر وهذا نصّه :

سبحان ذي الطّول والنّعم ، سبحان ذي القدرة والإفضال ، أسأل الله الرّضا بقضائه ، والعمل بطاعته ، والإنابة لأمره فإنّه سميع الدّعاء (١).

دعاؤه عليه‌السلام

عقيب صلاة المغرب

كان الإمام عليه‌السلام إذا فرغ من صلاة المغرب ناجى الله تعالى بهذا الدعاء الجليل :

اللهمّ تقبّل منّي ما كان صالحا ، وأصلح منّي ما كان فاسدا. اللهمّ لا تسلّطني على فساد ما أصلحت منّي ، وأصلح لي ما أفسدته من نفسي. اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ ذنب قوي عليه بدني بعافيتك ، ونالته يدي بفضل نعمتك ، وبسطت إليه يدي بسعة رزقك ، واحتجبت فيه عن النّاس بسترك ، واتّكلت فيه على كريم عفوك.

اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ ذنب تبت إليك منه ، وندمت على فعله واستحييت منك وأنا عليه ، ورهبتك وأنا فيه ، ثمّ راجعته وعدت إليه.

اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ ذنب علمته أو جهلته ، ذكرته أو نسيته ، أخطأته أو تعمّدته ، هو ممّا لا أشكّ أنّ نفسي مرتهنة به ، وإن كنت نسيته وغفلت عنه ...

__________________

(١) وقعة صفّين : ١٣٤.

١١٦

اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ ذنب جنيته على نفسي بيدي ، وآثرت فيه شهوتي ، أو سعيت فيه لغيري ، أو استغويت فيه من تابعني ، أو كابرت فيه من منعني ، أو قهرته بجهلي ، أو لطفت فيه بحيلة غيري ، أو استزلّني إليه ميلي وهواي.

اللهمّ إنّي أستغفرك من كلّ شيء أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك ، وشاركني فيه ما لم يخلص لك ، وأستغفرك ممّا عقدته على نفسي ، ثمّ خالفه هواي.

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وأعتقني من النّار ، وجد عليّ بفضلك.

اللهمّ إنّي أسألك بوجهك الكريم الباقي الدّائم الّذي أشرقت بنوره السّماوات والأرض ، وكشفت به ظلمات البرّ والبحر ، ودبّرت به امور الجنّ والإنس أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تصلح شأني برحمتك يا أرحم الرّاحمين (١).

وحكى هذا الدعاء مدى تمسّك الإمام بالله ، ومعرفته به ، وأنّه زعيم الموحّدين وسيّد المتّقين ... وكان من دعائه عليه‌السلام عقيب صلاة المغرب هذا الدعاء الموجز :

الحمد لله الّذي يولج اللّيل في النّهار ، ويولج النّهار في اللّيل ، الحمد لله كلّما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلّما لاح نجم وخفق (٢).

__________________

(١) فلاح السائل : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

(٢) وقعة صفّين : ١٣٤.

١١٧

دعاؤه عليه‌السلام

عقيب صلاة العشاء

كان الإمام عليه‌السلام إذا فرغ من صلاة العشاء ناجى الله تعالى ، وتضرّع إليه ودعاه بهذا الدعاء الجليل :

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، واحرسني بعينك الّتي لا تنام ، واكنفني بركنك الّذي لا يرام ، واغفر لي بقدرتك عليّ ، يا ذا الجلال والإكرام. اللهمّ إنّي أعوذ بك من طوارق اللّيل والنّهار ، ومن جور كلّ جائر ، وحسد كلّ حاسد ، وبغي كلّ باغ. اللهمّ احفظني في نفسي وأهلي ومالي وجميع ما خوّلتني من نعمك.

اللهمّ تولّني فيما عندك ممّا رغبت عنه ، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته. يا من لا تضرّه الذّنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرّك ، وأعطني ما لا ينقصك ، إنّك أنت الوهّاب.

اللهمّ إنّي أسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ورزقا واسعا ، والعفو والعافية في الدّنيا والآخرة. اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات. اللهمّ اجعلني ممّن يكثر ذكرك ، ويتابع شكرك ، ويلزم عبادتك ، ويؤدّي أمانتك. اللهمّ طهّر لساني من الكذب ، وقلبي من النّفاق ، وعملي من الرّياء ، وبصري من الخيانة ، إنّك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.

١١٨

اللهمّ ربّ السّماوات السّبع وما أظلّت ، وربّ الأرضين السّبع وما أقلّت ، وربّ الرّياح وما ذرت ، وربّ كلّ شيء وإله كلّ شيء ، وأوّل كلّ شيء وآخر كلّ شيء ، وربّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تتولاّني برحمتك ، وتشملني بعافيتك ، وتسعدني بمغفرتك ، ولا تسلّط عليّ أحدا من خلقك.

اللهمّ إليك فقرّبني ، وعلى حسن الخلق فقوّمني ، ومن شرّ شياطين الجنّ والإنس فسلّمني ، وفي آناء اللّيل والنّهار فاحرسني ، وفي أهلي ومالي وولدي وإخواني وجميع ما أنعمت به عليّ فاحفظني ، واغفر لي ولوالديّ ولسائر المؤمنين والمؤمنات يا وليّ الباقيات الصّالحات ، إنّك على كلّ شيء قدير ، ويا نعم المولى ونعم النّصير ، برحمتك يا أرحم الرّاحمين ، وصلوات الله على سيّدنا محمّد النّبيّ وآله وعترته الطّاهرين (١).

حوى هذا الدعاء إنابة الإمام عليه‌السلام لله تعالى ، وانقطاعه إليه وإظهاره للعبودية المطلقة له ، فكان بذلك حقّا إمام الموحّدين والمتّقين والعابدين.

دعاؤه عليه‌السلام

بعد كلّ صلاة مفروضة

كان الإمام عليه‌السلام إذا أدّى الصلاة المفروضة شكر الله تعالى وأثنى عليه ، ودعا

__________________

(١) فلاح السائل : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

١١٩

بهذا الدعاء :

اللهمّ إليك رفعت الأصوات ، ودعيت الدّعوات. ولك عنت الوجوه ، ولك خضعت الرّقاب ، وإليك التّحاكم في الأعمال. يا خير من سئل ، ويا خير من أعطى ، يا صادق ، يا بارّ ، يا من لا يخلف الميعاد ، يا من أمر بالدّعاء وتكفّل الإجابة ، يا من قال : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (١) ، يا من قال : ( وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (٢).

ويا من قال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٣) ، لبّيك وسعديك ، ها أنا ذا بين يديك ، المسرف على نفسي ، وأنت القائل : ( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٤).

هذه بعض أدعية الإمام عليه‌السلام عقيب الصلاة المفروضة وهي تحكي إيمانه المطلق بالله تعالى ، واعتصامه به ، وأنّه لا يضارعه أحد في هذه الظاهرة ، ولنقرأ بعض أدعيته في الصلوات المندوبة.

__________________

(١) غافر : ٦٠.

(٢) البقرة : ١٨٦.

(٣) الزمر : ٥٣.

(٤) بحار الأنوار ٩١ : ١١٩.

١٢٠