تفسير كتاب الله العزيز - ج ١

هود بن محكم الهوّاري الأوراسي

تفسير كتاب الله العزيز - ج ١

المؤلف:

هود بن محكم الهوّاري الأوراسي


المحقق: بالحاج بن سعيد الشريفي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار البصائر للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٢

الدراسات الإسلاميّة إلى مزيد من التحقيق العلميّ والمطالعة المفيدة لتوسيع آفاق معارفهم ؛ فإنّه لا شيء يفتّق أذهانهم ويقوّي فيهم ملكة البحث والاستنباط كالرجوع إلى أمّهات الكتب والمصادر الأولى للتفقّه في الدين والغوص إلى أسرار الشريعة الإسلاميّة وتحصيل كنوزها.

إنّ معرفة طلّابنا لمختلف مذاهب المفسّرين ودراستهم لمناهجهم تجعلهم إذا بلغوا درجة من العلم عالية إن شاء الله ، قادرين على المقارنة والموازنة بين هذه المذاهب التفسيريّة والمدارس الفقهيّة ، وترجيح رأي على رأي ، واختيار أحسن الأقوال التي تناسب عصرهم.

إنّ المستقبل إن شاء الله للدراسات المقارنة حتّى يستفاد عن طريقها من المدارس الفقهيّة كلّها ، لتخريج علماء مجتهدين يتصدّرون مجالس الشورى والإفتاء بكفاءة ، فيقدّمون الأحكام والحلول لقضايا العصر بصدور رحبة ، وبنظرات أعمّ وأشمل ؛ حتّى تستبعد من مجال الفقه والاجتهاد تلك الرؤية الضيّقة القاصرة التي تتقيّد برأي فقهيّ معيّن ، لا تحيد عنه ولا ترى الحقّ إلّا فيه ، وهذا ما ساد في عصور مضت لّما طغى التعصّب المذهبيّ على بعض العلماء ، فأصدروا فتاوى وأحكاما ما أنزل الله بها من سلطان ، فضلّوا وأضلّوا. وهذا لعمري لا يخدم الإسلام في أى مجال.

مخطوطات الكتاب :

اعتمدت في تحقيق تفسير الشيخ الهوّاريّ على خمس نسخ من المخطوطات ، وهي كلّها ناقصة على تفاوت بينها ، بحيث لا يمكن أن يعتمد أى ناشر على واحدة بعينها ليكمل له الكتاب ؛ ثلاثة منها من مدن وادي ميزاب ، واثنتان من جزيرة جربة. وسأتناولها بالوصف مرتّبة حسب تحصيلي إيّاها.

ـ الأولى : نسخة القرارة ، وهي التي أرمز إليها بحرف القاف هكذا : ق ، وتقع في ثلاثة مجلّدات ، معدّل مسطرتها في المجلّدات الثلاثة واحد وعشرون سطرّا ، مقاسها ٢٢* ١٥ سم. وعدد أوراق المجلّد الأول منها ١٤٣ ورقة. ليس في هذه النسخة خطبة الكتاب. يبتدئ المجلّد الأوّل من تفسير سورة الفاتحة ، ويتوقّف التفسير عند الآية ٢٠ من سورة النساء ، ثمّ يستأنف من الآية ١٤٥ من سورة الأنعام إلى آخر السورة. يؤرّخ الناسخ أبو القاسم بن موسى بن عبد الرحمن بن محمّد بن يحيى تمام نسخ المجلّد الأوّل بضحوة يوم السبت ست من شهر جمادى الأولى

٤١

عام ١١١٦ للهجرة.

أمّا المجلّد الثاني فيتبدئ من أوّل الأعراف ، وينتهي بآخر الكهف. وعدد أوراقه ٢٦٨ ورقة. وكان الفراغ من نسخه ضحوة الأحد آخر شهر ربيع الأوّل سنة ١١١٨ للهجرة. (كذا).

أمّا الربع الثالث من القرآن فهو غير موجود في هذه النسخة (١).

وأمّا مجلّد الربع الأخير فهو يبتدئ من الآية ٤٩ من سورة الزمر ، وينتهي بآخر سورة الناس ، وبه خرم في الحواميم. وعدد أوراقه ١٩٤ ورقة. نسخه أحمد بن موسى بن أبي القاسم بن عمور لإخوانه أهل القرارة ، وكان الفراغ من نسخه يوم الأحد ٢٢ صفر سنة ١١١٧ للهجرة (٢).

ـ الثانية : مخطوطة جربة التي أرمز إليها بحرف الجيم : ج ، موجودة بغيزن في خزانة الشيخ سالم بن يعقوب ، أمدّ الله في أنفاسه ، وفيها الربع الثاني كاملا تقريبا مسطرتها ٢١ سطرا ، مقاسها ٢٠* ١٥ سم. الآيات المفسّرة مكتوبة بالمداد الأحمر ، وعدد أوراقها ١٧٦ ورقة. فرغ من نسخها المسمّى صالح بن قاسم بن محمّد بن سعيد بن إبراهيم بن نوح بن يوسف بن صالح البلاز بتاريخ ٤ صفر سنة ١٠٨٦ للهجرة.

ـ الثالثة : مخطوطة العطف (٣) التي أرمز إليها بحرف العين : ع ، وهي مجلّدان من القطع الكبير ، متعدّدة الخطوط ، ومسطرتها تتراوح بين ٢٥ سطرا و ٣٨ سطرا ، مقاس المجلّدين ٢٩* ٢١ سم. عدد أوراق المجلّد الأوّل ١٦٧ ورقة ، وهو يحوي النصف الأوّل من القرآن ، نقصت أوراق منه في أواخره. أمّا المجلّد الثاني فعدد أوراقه ١٤٠ ورقة ، سقطت منه ورقة من أوّله وورقة أو ورقتان في وسطه. والناسخ يسمّى أبا القاسم بن يحيى الغرداوي. ولا يوجد في مجلّديها

__________________

(١) بل وجدت بعد صدور الطبعة الأولى من هذا التفسير عشرين ورقة لسور مختلفة من الربع الثالث ، وهذا يدلّ على أنّ مخطوطة القرارة كانت كاملة.

(٢) كان المرحوم الشيخ أبو إسحاق اطفيّش استعار هذه المخطوطة بمجلّداتها الثلاثة ، ويبدو أنّها أرسلت إليه من القرارة من دون أن يكون قد اطّلع عليها من قبل. وبقيت عنده سنوات بالقاهرة ، ولّما تعذّر تحقيقها وطبعها وهي ناقصة رجع بها الأستاذ الشيخ ناصر المرموري إلى القرارة سنة ١٩٦٥ م وهذه هي المخطوطة التي اطّلع عليها الدكتور محمد حسين الذهبي ، وأشار إليها في كتابه التفسير والمفسرون ، ج ٢ ص ٣١٦.

(٣) هي المخطوطة التي أشار اليها المستشرق يوسف شاخت ، وأوردها في القائمة التي نشرها بالفرنسيّة عن مخطوطات خزائن وادي ميزاب في المجلّة الإفريقيّة ، العدد : ١٠٠ ، السنة ١٩٥٦ ، ص ٣٧٩.

٤٢

أى تاريخ للنسخ (١). وتحتوي المخطوطة على شيء من خطبة الكتاب في بداية مجلّدها الأوّل.

ـ الرابعة : مخطوطة بني يسجن التي أرمز إليها بحرف الباء : ب ، وهي موجودة بمكتبة القطب. تحتوي على الربع الثالث من القرآن ، سقطت منها ورقة أو ورقتان من أوّل سورة مريم. وليس بها أى خرم في وسطها ، نسخها سليمان بن أبي القاسم بن سليمان النفوسي ، ووافق الفراغ من نسخها يوم الجمعة ١٣ رمضان عام ١٠٠٢ للهجرة. وليست الآن بين يديّ حتى أفصّل مسطرتها وعدد أوراقها ، وهي من القطع المتوسّط.

ـ الخامسة : مخطوطة جربة التي أرمز إليها بحرف الدال : د ، وهي من خزانة آل الجادوي ، تقع في مجلّد واحد يحوي تفسير النصف الأوّل من القرآن الكريم ، مسطرتها ٢١ سطرا ، مقاسها ٢٠* ١٤٥ سم. وعدد أوراقها ٣٧٠ ورقة. نسخها الشيخ علي بن سالم بن بيان ، تلميذ الشيخ أبي عبد الله محمّد بن عمر بن أبي ستّة المعروف بالمحشّي. وليس بالمخطوطة أى ذكر لتاريخ نسخها (٢). وتمتاز هذه المخطوطة بإيرادها لجزء من خطبة الكتاب في أوّلها يفوق ما أوردته مخطوطة ع. وهي تمتاز أيضا بأنّها أصحّ المخطوطات كلّها وأدقّها نقلا عن أصلها ، وأقلّها أخطاء. تليها في الرتبة من حيث الصحّة وقلّة الأخطاء مخطوطة ب ، فمخطوطة ج ، فمخطوطة ق وأخيرا مخطوطة ع ، وهذه أوفاها جميعا وأكبرها حجما.

خطوط هذه النسخ كلّها مغربيّة تقرأ بسهولة لمن ألفها. إلّا أنّ أوراق هذه النسخ في حالة سيّئة من البلى وفعل الأرضة فيها ، وخاصّة مخطوطة القرارة. وبمخطوطة جربة : الرطوبة أثّرت في صفحاتها الأولى والأخيرة فطمست كتابتها فلا تقرأ إلّا بمشقّة.

وعند مقارنة هذه النسخ بعضها ببعض لاحظت أنّ مخطوطتي ق وع نقلتا من أصل واحد ، وأنّ نسختي جربة د وج تتشابهان كثيرا ، وإن لم تنقلا من أصل واحد فيما يبدو ، وكذلك مخطوطة ب لم تنقل من الأصل الذي نقلت منه ع.

__________________

(١) ورد اسمه في مخطوطة من ديوان العزابة بمكتبة عشيرة آل يدّر ببني يسجن ، مجلد رقم ١٠٨ ، هكذا : «أبو القاسم بن يحيى المصعبي الغرداوي مسكنا» ، بتاريخ : ضحوة يوم الإثنين ٢٩ ربيع الأوّل ١٠٩٩ ه‍. انظر : جمعية التراث ، دليل مخطوطات وادي ميزاب ، فهرس مكتبة آل يدّر.

(٢) المؤكّد أنّها نسخت قبل ١١٢٠ ه‍ / ١٧٠٨ م ، وهو تاريخ وفاة هذا الناسخ. انظر : جمعية التراث : معجم أعلام الإباضيّة ، دار الغرب الإسلامي ، ج ٢ ص ٢٩٢ ، ترجمة رقم ٦٣٣.

٤٣

ولّما كانت بعض النسخ غير مؤرّخة ، وكانت أصول المخطوطات متعدّدة ، رأيت من الأوفق للتحقيق ألّا أتّخذ بعضها أصلا دون الأخرى ، بل جعلتها كلّها أصولا ؛ فما نقص من واحدة أكملته من الأخرى ، وصحّحت خطأ هذه بما جاء صوابا في تلك ، مع الإشارة إلى أغلب الأخطاء أو النقص أو اختلاف في العبارة على الهوامش. وهكذا أكون قد قدّمت إن شاء الله أكمل نصّ وأصحّه بالنسبة لجميع النسخ.

هذه هي أهمّ المخطوطات التي اعتمدتها في التحقيق ، وتلك هي طريقتي في العمل ، فإن حالفني التوفيق فذلك من فضل الله ونعمته عليّ ، وله الحمد والشكر بما هو أهله ، وإن كانت الأخرى فأستغفر الله وأتوب إليه ، وعذري في ذلك أنّ هذا أوّل عمل أقوم به في التحقيق ، فلا عجب أن يتّسم بالنقص والزلل. وفي ملاحظات القرّاء ما يصحّح الخطأ ويقوّم المعوجّ ، ويكمل النقص إن شاء الله.

وبعد فهذا تفسير الشيخ هود الهوّاريّ أقدّمه بين يدي القرّاء ، وهو ينشر لأوّل مرّة ، وأنا بعد كلّ هذا سعيد بتوفيق الله إيّاي إلى إخراجه إلى النور لإبرازه لأبناء الإسلام ومحبّي لغة القرآن ، وسعيد بأنني عشت في رحاب القرآن سنوات وسنوات ، وأمضيت بجواره أيّاما وليالي هي من أحسن أيّام العمر. وهل هنالك لحظات أسعد وأهنأ وآنس للنفس وأمتع من تلك التي يقضيها المؤمن مع كتاب ربّه ، يتدبّر معانيه ، ويستجلي أسراره ، ويتلقّى نفحاته؟. وهل هنالك أروح للقلب وأدعى للطمأنينة وأكثر جلبا للمسرّة من تلك الساعات التي ينقطع فيها المسلم إلى ربّه يناجيه من خلال آياته المتلوّة أو المجلوّة ، فتزيده إيمانا على إيمان ، وتقوى على تقوى؟! إنّه القرآن! عظيم شأنه في النفوس المؤمنة ، وعجيب أمره في القلوب المخلصة. فاللهمّ أكرمنا من فضائله ، وامنن علينا ببركاته ، وانفعنا بهدايته.

هذا وأرى من الواجب عليّ أن أذكر هنا بكلّ خير ، اعترافا بالجميل ، وتسجيلا للحقيقة ، إخوانا لي وأصدقاء أمدّوني بمساعدتهم العلميّة والأدبيّة ، وأخصّ بالذكر منهم صديقي الأستاذ الحاج محمّد اطفيّش الذي يسّر لي في القاهرة طريق الوصول إلى بعض المصادر والحصول على بعض المخطوطات بكرمه وحسن مشورته ، وصديقي الدكتور فرحات الجعبيري في تونس. فقد كان سعيه معي في جربة وإمداده إيّاي ببعض الوثائق أكبر حافز لي على العمل ، وفي الجزائر صديقي الدكتور محمّد ناصر ، وشقيقي وعزيزي محمّد ، لما قدّما إليّ من توجيه سديد ، ومساعدة

٤٤

فنّيّة غالية لإتمام هذا العمل وإنجازه على خير وجه إن شاء الله ، وكذلك إدارة المعهد الوطني العالي لأصول الدين بالجزائر ، ورئاسة جامعة الجزائر.

ليجد هؤلاء ، وكلّ من أعانني بكلمة خير أو دعاء صالح ، في هذه العبارات القاصرة، جزيل شكري وعظيم امتناني على ما أسدوه إليّ من جميل ؛ فلهم منّي خالص الودّ والتقدير ، ومن الله ـ بفضله وكرمه ـ المثوبة الحسنة والجزاء الأوفى.

اللهمّ إنّا نسألك العصمة من الزلل ، والتوفيق لما فيه رضاك في النية والقول والعمل. اللهمّ ارزقنا علما نافعا ، وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علما. آت يا ربّنا نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها. اللهمّ واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم ، وتقبّلها منّا ، وعافنا واعف عنّا. اللهمّ ثبّت قلوبنا على دينك ، وأقدامنا على نهجك القويم ، وأعنّا لخدمة كتابك ، وإعلاء كلمتك ، واهدنا إلى صراطك المستقيم ، حتّى نلقاك وأنت عنّا راض ، يا أكرم الأكرمين ، ويا أرحم الراحمين. وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. آمين.

بالحاج بن سعيد شريفي

الجزائر (العاصمة)

السبت ٢٧ رجب الحرام ١٤٠٩ ه

٥ مارس ١٩٨٩ م

٤٥
٤٦

المخطوطات

٤٧
٤٨

٤٩

٥٠

٥١

٥٢

٥٣

٥٤

٥٥

٥٦

٥٧

٥٨

٥٩

٦٠