موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٧٧

سورة ص

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة مكّية ، عدد آياتها ثمان وثمانون آية

( وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ ) (١٦)

قال الإمام عليه‌السلام في تفسير ـ قطّنا ـ : « أي نصيبهم من العذاب » (١).

( فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) (٣٢)

قال ابن عباس : سألت عليّا عليه‌السلام عن هذه الآية ، فقال :

« ما بلغك فيها يا ابن عبّاس؟ ».

قلت : سمعت كعبا يقول : اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة ، فقال : ردّوها عليّ يعني الأفراس ، وكانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها ، فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنّه ظلم الخيل بقتلها.

__________________

(١) الميزان ١٧ : ١٨٧.

١٦١

فقال عليّ : « كذب كعب ، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم لأنّه أراد جهاد العدوّ حتّى توارت الشّمس بالحجاب ، فقال : بأمر الله تعالى للملائكة الموكّلين بالشّمس ردّوها عليّ ، فردّت ، فصلّى العصر في وقتها ، وإنّ أنبياء الله لا يظلمون ، ولا يأمرون بالظّلم لأنّهم مصونون مطهّرون » (١).

( إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ ) (٧١) و (٧٢)

عرض الإمام عليه‌السلام في بعض خطبه إلى إبليس وتكبّره من السجود لآدم الذي هو سجود لله ، قال عليه‌السلام : الحمد لله الّذي لبس العزّ والكبرياء ، واختارهما لنفسه دون خلقه ، وجعلهما حمى وحرما على غيره ، واصطفاهما لجلاله.

وجعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده. ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه وهو العالم بمضمرات القلوب ، ومحجوبات الغيوب : ( ... إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ. فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلاَّ إِبْلِيسَ ... ) اعترضته الحميّة فافتخر على آدم بخلقه ، وتعصّب عليه لأصله. فعدوّ الله إمام المتعصّبين ، وسلف المستكبرين ، الّذي وضع أساس العصبيّة ، ونازع الله رداء الجبريّة ، وادّرع لباس التّعزّز ، وخلع قناع التّذلّل. ألا ترون كيف صغّره الله بتكبّره ، ووضعه بترفّعه ، فجعله في الدّنيا مدحورا ، وأعدّ له في الآخرة سعيرا؟! » (٢). (٣).

__________________

(١) مجمع البيان ٨ : ٧٤١.

(٢) ص : ٧١ ـ ٧٤.

(٣) نهج البلاغة : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.

١٦٢

سورة الزّمر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مكّية ، عدد آياتها خمس وسبعون آية

( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (٣٣)

ورد أنّ الذي جاء بالصدق هو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والذي صدّق به عليّ عليه‌السلام.

( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (٤٢)

سأل رجل الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام عمّا اشتبه عليه من الآيات ، قال عليه‌السلام : « وأمّا قوله : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ... ) (١).

وقوله : ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ... ) (٢).

__________________

(١) السجدة : ١١.

(٢) الزّمر : ٤٢.

١٦٣

وقوله : ( ... تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) (١).

وقوله : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ... ) (٢).

وقوله : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ... ) (٣) ، فإنّ الله تبارك وتعالى يدبّر الأمر كيف يشاء ، ويوكّل من خلقه من يشاء بما يشاء.

أمّا ملك الموت فإنّ الله يوكّله بخاصّة من يشاء من خلقه ، ويوكّل رسله من الملائكة خاصّة بمن يشاء من خلقه وليس كلّ العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسّره لكلّ النّاس لأنّ منهم القويّ والضعيف ، ولأنّ منه ما يطاق حمله ، ومنه ما لا يطاق حمله إلاّ أن يسهّل الله له حمله ، وأعانه عليه من خاصّة أوليائه.

وإنّما يكفيك أن تعلم أنّ الله هو المحيي المميت ، وأنّه يتوفّى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم » (٤).

( قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٥٣)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ما في القرآن آية أوسع من ( ... يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ... ) » (٥).

( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ

__________________

(١) الأنعام : ٦١.

(٢) النحل : ٢٨.

(٣) النحل : ٣٢.

(٤) الميزان ١٧ : ٢٧٦ ، نقلا عن التوحيد.

(٥) مجمع البيان ٨ : ٧٨٥.

١٦٤

أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ ) (٧١)

قال عليه‌السلام :

« أنّ جهنّم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض » ، ووضع إحدى يديه على الاخرى فقال : « هكذا ، وأنّ الله تعالى وضع الجنان على العرض ، ووضع النّيران بعضها فوق بعض ، فأسفلها جهنّم ، وفوقها لظى ، وفوقها الحطمة ، وفوقها سقر ، وفوقها الجحيم ، وفوقها السّعير ، وفوقها الهاوية » (١).

( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ ) (٧٣)

قال الإمام عليه‌السلام : « إنّ للجنّة ثمانية أبواب ، باب يدخل منه النّبيّون والصّدّيقون ، وباب يدخل منه الشّهداء والصّالحون ، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا » (٢).

__________________

(١) مجمع البيان ٦ : ١١٨.

(٢) الخصال ٢ : ٤٠٨.

١٦٥

سورة غافر

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة مكّية ، وهي خمس وثمانون آية

( يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) (١٦)

قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : « يقول الله عزّ وجلّ : ( ... لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ، ثمّ ينطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون : ( لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) ، ثمّ يقول الله جلّ جلاله : ( الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ) (١).

وتحدّث الإمام عليه‌السلام عن فناء الدنيا ، فقال : « وإنّه سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شيء معه. كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها ، بلا وقت ولا زمان ، ولا حين ولا مكان. عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السّنون والسّاعات.

فلا شيء إلاّ الله الواحد القهّار الّذي إليه مصير جميع الأمور. بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها » (٢).

__________________

(١) التوحيد ـ الصدوق : ٢٣٤.

(٢) نهج البلاغة : ٢٧٦.

١٦٦

سورة فصّلت

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مكّية ، عدد آياتها أربع وخمسون آية

( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) (١١)

قال عليه‌السلام في خلق السماوات :

« فمن شواهد خلقه خلق السّماوات موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سندة. دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكّئات ولا مبطئات ؛ ولو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة وإذعانهنّ بالطّواعية ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، ولا مسكنا لملائكته ، ولا مصعدا للكلم الطّيّب والعمل الصّالح من خلقه ... » (١).

( وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ ) (٢٢)

__________________

(١) نهج البلاغة : ٢٦١.

١٦٧

فسّر الإمام عليه‌السلام في وصيّته لمحمّد بن الحنفية ( الجلود في الآية بالفروج (١).

( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ) (٢٩)

فسّر الإمام عليه‌السلام ( الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا ) بإبليس وقابيل بن آدم الذي هو أوّل من أبدع المعصية في الأرض (٢).

__________________

(١) الميزان ١٧ : ٣٨٦.

(٢) مجمع البيان ٩ : ١٦.

١٦٨

سورة الشّورى

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مكّية ، وهي ثلاث وخمسون آية

( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (٢٣)

قال الإمام عليه‌السلام :

« فينا نزلت آل حم ، وفيها آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن » ، ثمّ تلا : ( ... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ... ) ، وإلى هذا أشار شاعر العقيدة الكميت بقوله :

وجدنا لكم في آل حم آية

تأوّلها منّا تقيّ ومعرب (١)

( وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ

__________________

(١) مجمع البيان ٩ : ٤٣.

١٦٩

ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) (٢٧)

قال الإمام عليه‌السلام نزلت هذه الآية في أصحاب الصفّة ، وذلك أنّهم قالوا : لو أنّ لنا ، فتمنّوا الدنيا (١) أصحاب الصفّة : هم الفقراء الذين كانوا على ضفاف الجامع يتصدّق عليهم المسلمون ، ومن أعلامهم أبو هريرة.

( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٣٠)

روى الأصبغ بن نباتة ، عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال :

« إنّي أحدّثكم بحديث ينبغي لكلّ مسلم أن يعيه » ، ثمّ أقبل علينا فقال : « ما عاقب الله عبدا مؤمنا في هذه الدّنيا إلاّ كان الله أحلم وأمجد وأجود وأكرم من أن يعود في عقوبته يوم القيامة ».

ثمّ قال : « وقد يبتلي الله عزّ وجلّ المؤمن بالبليّة في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله » ، ثمّ تلا هذه الآية : ( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (٢). قال الإمام عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير آية في كتاب الله هذه الآية. يا عليّ ، ما من خدش عود ، ولا نكبة قدم إلاّ بذنب ، وما عفا الله عنه في الدّنيا فهو أكرم من أن يعود فيه ، وما عاقب عليه في الدّنيا فهو أعدل من أن يثني على عبده » (٣).

( لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً

__________________

(١) الدرّ المنثور ٦ : ٨٥.

(٢) تفسير القمّي ٢ : ٢٧٦.

(٣) مجمع البيان ٩ : ٤٧.

١٧٠

وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) (٤٩)

قال الإمام عليه‌السلام :

« أتى رجل إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له : يا رسول الله ، إنّ أبي عمد إلى مملوك لي فأعتقه كهيئة المضرّة لي.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت ومالك من هبة الله لأبيك ، أنت سهم من كنانته : ( ... يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ... ) (١) جازت عتاقة أبيك ، يتناول والدك من مالك وبدنك ، وليس لك أن تتناول من ماله ولا من بدنه شيئا إلاّ بإذنه » (٢).

وهذه الرواية تجافي ما ورد « لا عتق إلاّ في ملك » والأب ليس مالكا للمملوك حتى يصح عتقه اللهمّ إلاّ أن يدّعى أنّ هذه الرواية حاكمة على القاعدة.

__________________

(١) الشورى : ٤٩ و ٥٠.

(٢) الميزان ١٨ : ٧٢ ، نقلا عن التهذيب.

١٧١

سورة الزّخرف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مكّية ، عدد آياتها تسع وثمانون آية

( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) (٤٥)

قال الإمام عليه‌السلام :

وأمّا قوله تعالى : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) ، فهذا من براهين نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّتي آتاه الله إيّاها ، وأوجب الحجّة على سائر خلقه لأنّه لما ختم به الأنبياء ، وجعله الله رسولا إلى جميع الامم وسائر الملل ، خصّه الله بالارتقاء إلى السّماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه » (١).

( قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) (٨١)

__________________

(١) الاحتجاج : ٢٤٨ و ٢٤٩.

١٧٢

اثر عن الإمام عليه‌السلام أنّه فسّر العابدين بالجاحدين (١) ، والمعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل الجاحدين له ، وهذا التأويل خلاف المتبادر من هذه الكلمة ، وهو من التأويل المخالف باطنه لظاهره.

__________________

(١) الميزان ١٨ : ١٢٨.

١٧٣

سورة الدّخان

بسم الله الرّحمن الرّحيم

مكّية ، وآياتها تسع وخمسون آية

( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ ) (٢٩)

سئل الإمام عليه‌السلام : هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال :

« إنّه ليس من عبد إلاّ له مصلّى في الأرض ومصعد في السّماء ، وإنّ آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا مصعد في السّماء » (١).

__________________

(١) الدرّ المنثور ٦ : ٣١.

١٧٤

سورة الجاثية

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة مكّية ، وعدد آياتها سبع وثلاثون آية

( هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٢٩)

قال الإمام عليه‌السلام :

« إنّ لله ملائكة ينزلون في كلّ يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم » (١).

__________________

(١) فتح القدير ٥ : ١٦. تفسير جامع البيان ٥ : ٢٠٤.

١٧٥

سورة الأحقاف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مكّية ، عدد آياتها خمس وثلاثون آية

( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) (١٥)

تزوج رجل من جهينة امرأة فولدت له ولدا لستة أشهر ، فانطلق بها زوجها إلى عثمان بن عفان ، فأمر برجمها ، فبلغ ذلك الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام فسارع إلى عثمان فقال له :

« ما صنعت؟ ».

فقال عثمان : ولدت لستة أشهر وهل يكون ذلك؟

فقال له الإمام : « أما سمعت الله يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) ، وقال :

١٧٦

( حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (١) ، فكم تجده بقي إلاّ ستّة أشهر ... ».

فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا ، عليّ بالمرأة ، فوجدوها قد فرغ من رجمها ، وكانت المرأة قد قالت لأختها : لا تحزني فو الله ما كشف فرجي أحد قطّ غيره ، وشب الغلام ، وكان أشبه الناس بأبيه فاعترف به ، وقد أصيب الزوج بكارثة في بدنه انتقاما منه (٢).

وقد ذكرنا تفصيل هذه القصة في بعض أجزاء هذه الموسوعة ، ومن الجدير بالذكر أنّه وقعت نظير هذه الحادثة في أيام عمر بن الخطّاب فسأل الإمام عن الحكم فأجابه عنها ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

__________________

(١) البقرة : ٢٣٣.

(٢) الميزان ١٨ : ٢٠٧.

١٧٧

سورة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مدنية ، عدد آياتها ثمان وثلاثون آية

( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ) (١٦)

قال الإمام عليه‌السلام :

« إنّا كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه ، فإذا خرجنا قالوا ما ذا قال آنفا؟ » (١).

( وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ ) (٣٠)

روي عن أبي سعيد الخدري قال : ( لَحْنِ الْقَوْلِ ) في الآية بغض الإمام

__________________

(١) مجمع البيان ٩ : ١٥٤.

١٧٨

عليّ بن أبي طالب ، قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ ببغضهم عليّ بن أبي طالب.

وروي مثل ذلك عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (١).

وروي أيضا عن عبد الله بن مسعود ، قال : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ ببغض عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) مجمع البيان ٩ : ١٦٠.

(٢) الدرّ المنثور ٦ : ٦٧.

١٧٩

سورة الفتح

بسم الله الرّحمن الرّحيم

هذه السورة المباركة مدنيّة ، عدد آياتها تسع وعشرون آية

( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) (٢٦)

ورد في معنى كلمة التقوى قول الإمام عليه‌السلام :

« لا إله إلاّ الله والله أكبر » (١).

وعرضت السورة بفصولها إلى قصة صلح الحديبيّة الواقعة في السنة السادسة من الهجرة ، وما وقع حولها من أحداث ، وكان للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام الدور البارز في تلك الأحداث ، وقد عرض المؤرّخون والرواة لذلك والتي كان منها كتابته للعهد الذي اصطلح به مع قريش في ترك الحرب مدّة عشر سنين ، وأن يأمن فيه الناس ، ويكفّ بعضهم عن بعض ، وغير ذلك ممّا حفل به هذا العهد.

__________________

(١) جامع البيان ٢٦ : ١٣٥.

١٨٠