مجمع الأفكار ومطرح الأنظار - ج ١

محمد علي الإسماعيل پور الشهرضائي

مجمع الأفكار ومطرح الأنظار - ج ١

المؤلف:

محمد علي الإسماعيل پور الشهرضائي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٤

تحصل الأمية والبنتية ثم تبطل الزوجية في رتبة متأخرة فيكون الحق مع صاحب الجواهر القائل بان الافتراق الزماني العرفي يتصور بين العلة والمعلول أيضا ويستفاد من الرواية كبرى كلية وهي حرمة أمهات النساء وكبرى أخرى وهو عدم قابلية الجمع بين العناوين أعني الزوجية والأمية والبنتية فاما تبطل زوجية الكبيرة أو الصغيرة وحيث لا ترجيح فنقول ببطلانهما لاستحالة الترجيح بلا مرجح ولكن في الزوجة الثانية لا تبقى عنوان زوجية الصغيرة ليجتمع عنوان الأمية معها نعم كبرى أمهات نسائكم على فرض كون المشتق حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ صادقة.

الجهة الخامسة قد عرفت عدم اختصاص النزاع في المشتقات فقط ولكن قد أشكل في اسم الزمان لأن الذات فيه يعنى نفس الزمان منصرمة لا قرار لها ولو قلنا بقيام العرض بالعرض مثل قيام السرعة والبطء بالحركة التي هي عارضة للجسم فلا يمكن ان يقال هذا زمان مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولو انقضى المبدأ إذ معنى أعمية النزاع بقاء ذات ثابتة ووصف متغير فجميع الأمور التدريجية يكون خارجا عن البحث.

وقد أجاب المحقق الخراسانيّ (قده) بان بعض الأوضاع يكون للمفاهيم العامة وعدم صدق الفرد لا ينافى صدق العام كمفهوم واجب الوجود الّذي هو عام ولا يكون له إلا فرد واحد فكذا في أسماء الزمان انقضاء فرد منه لا ينافى صدق العنوان بخلاف مثل المقتل والمولد فانه لا مصداق له إلا زمن القتل والولادة.

وفيه ان البحث في ذلك يكون لأجل الثمرة فإذا لم يكن مفهوم العام منطبقا على فرد خاص لا وجه للبحث في انه هل يكون في غيره أيضا أم لا وهل زمان التلبس دخيل في الصدق أم لا ولكن الصحيح في الجواب ان يقال ان الوحدة الاتصالية مساوقة للوحدة الشخصية وعنايات الحق تعالى متفاوتة فيعطى كل موجود وجوده بحسب استعداده فبعض الوجود جوهر وبعضه عرض والاعراض أيضا متفاوتة فبعضها لا وجود لها إلّا بنحو الانصرام فعلى هذا فالزمان ما دام لم ينفصل يطلق عليه انه زمان واحد وكذلك الحركة والتكلم فالوحدة السعية لا تنافي التعدد الفردي مثل الوحدة

١٢١

السعية في الوجود مع كثرة الموجود فيمكن ان يقال ان الحركة كانت سريعة في السابق والآن كذلك فلو كان ما انقضى معدوما فلازمه عدم الحاضر أيضا لاتصالهما والشاهد على ذلك جريان الاستصحاب في الزمانيات مثل بقاء الليل والنهار للصوم والإفطار ولا يكون إلّا من جهة ان العرف يرى الزمان مثل النهار وأحدا متصلا فكذلك السرعة بالنسبة إلى ما انقضى من الحركة فمن الممكن ان يصدق المشتق في الزمان بيوم أو شهر أو سنة أو سنوات كما تقول العاشوراء مقتل الحسين عليه‌السلام.

وأجاب شيخنا النائيني (قده) عن الإشكال بان الأسماء موضوع لكلي الزمان فمثل عاشوراء موضوع لطبيعي عاشر المحرم دون الشخصي والطبيعي باق على أي حال مثل الحركة القطعية والتوسطية فان الأولى موضوعة للأشخاص دون الثانية لأنها بمعنى الكون بين المبدأ والمنتهى فالقطعية وان انصرمت ولكن التوسطية باقية.

ويرد عليه ان الموجود الزماني يحتاج إلى زمان شخصي والمكاني إلى مكان شخصي والكلي لا يكون ظرفا للشخص.

الجهة السادسة في الاستدلال على ان المشتق حقيقة في الأعم من المتلبس بالمبدإ أقول قد استدلوا على مرامهم أولا بصدق أكثر المشتقات مع الغفلة عن زمان التلبس وعدمه كما يقال زيد محصل مع انه نائم وكذلك الشاعر والتاجر صادقان في حال النوم بالنسبة إلى من يكون شغله إنشاء الشعر والتجارة.

وفيه ان القائلين بذلك قالوا بمجازية هذه العناوين بالنسبة إلى من لم يتلبس بالمبدإ أصلا ولو كان الأمر كما يقولون يجب ان يقولوا به في جميع المقامات لأنه مع عدم اتصاف الذات بالمبدإ فعلا لا فرق بين ان يكون موجودا فيها ثم عدم أو لم يصر موجودا فيها من أول الأمر.

وقد أجاب المحقق الخراسانيّ (قده) عنهم فقال بان المبدأ في المشتق اما ان يكون صنعة كالنجار أو حرفة كالبقال والعطار أو ما فيه الاقتضاء لشيء مثل السقمونيا مسهل والسنا مسهل ففي صورة كون المبدأ من هذا القبيل لا فرق بين صورة التلبس

١٢٢

وعدمه في صدق ذلك فان البقال بقال ولو لم يتلبس بالعمل فعلا وكذلك النجار والسقمونيا مسهل ولو لم يكن فعلا كذلك بل فيه الاقتضاء واما غير هذه العناوين مثل الضارب فالاتصاف بالمبدإ شرط للصدق حقيقة فانه ما لم يتلبس بالضرب لا يصدق الضارب.

والجواب عنه (قده) هو ان الفرق بين قولنا زيد تاجر وبين قولنا اتجر غير واضح لنقول يلزم الاتصاف فعلا في الثاني دون الأول بمجرد كونه حرفة هذا أولا وثانيا ان ـ الدليل على فرض تسليمه يكون أخص من المدعى لأنه في الأعم من الحرفة وغيرها والصحيح ان يقال بالفرق بين ما كان من قبيل التمار والبقال بنحو (١) صيغة المبالغة وما كان مثل التاجر والضارب بالصدق في غير المتلبس في الثاني على نحو المجاز دون ـ الأول بادعاء عدم تخلل العدم بين الذات والمبدأ إذا كان المبدأ ملكة راسخة في الذات بحيث كان الصدق على وزن صيغ المبالغة بخلاف صورة عدم كون المبدأ راسخا في ـ الذات نعم إشكال الأخصية من المدعى بحاله.

وقد أجيب عن استدلال الأعمي بان اللفظ وان كان صادقا ولكن في غير المتلبس يكون مع العناية وهي دليل المجاز ويحتاج إلى تنزيل مقام الفاقد منزلة الواجد وفيه (٢) ان هذا إذعان بالإشكال ولا يكون جوابا عنه وغايته يكون منع الصغرى.

الأمر الخامس مما في الكفاية في ان المراد بحال التلبس هل هو زمانه أو غيره والزمان هل هو زمان الجري أو النطق أو النسبة (٣) وهذا الأمر وان كان لا يهم البحث عنه

__________________

(١) لا يخفى ان وزن فعال فيما ذكره مد ظله من المثال يكون النسبة لا للمبالغة كما في مثل الظلام إذا قيل وما انا بظلام للعبيد ولكن لا يبعد ان يكون وضع هذا الوزن على ما ذكر لحصول الملكة لأنها تحصل بكثرة الفعل وكيف ما كان فالمراد معلوم.

(٢) أقول أصل الاستدلال كان القول بالصدق بلا عناية والجواب هو الصدق مع العناية ولا يكون إذعانا بالصدق حقيقة وقد ذكرت ذلك بعد الدرس فتلقاه مد ظله بالقبول

(٣) لا يخفى ان نسبة الحكم إلى الموضوع مثل قولنا أهن الضارب لا تكون مربوطة بان الضارب هل هو حقيقة فيما تلبس بالمبدإ أم لا فانه يجب تنقيح هذا البحث قبل الحكم ويكون هذا ثمرته ونتيجته فان أحرز الأعم يكون الحكم كذلك وان كان لخصوص المتلبس فيكون الحكم كذلك أيضا.

١٢٣

ولكن نحن نذكره تبعا للقوم فقيل ان المراد به الزمان يعنى المراد بالحال هو الزمان وقد أشكل عليه أولا بان الزمان غير داخل في ذات المعنى والقيد والتقيد كلاهما خارجان وهو ظرف فقط وثانيا ان الزمان لا دال له وفيه ان الربط بين الذات والمبدأ في الماضي له نحو خصوصية وفي المضارع له نحو خصوصية أخرى وفي الحال أيضا كذلك ولا ينكر الدخل بهذا النحو.

والحاصل في المقام توضيحا لما سبق هو ان الزمان أعم من كونه زمان النطق أو التلبس أو الجري أو النسبة غير داخل في مفهوم المشتق لأن المتبادر منه هو الذات مع المبدأ فان معنى الضارب بالفارسية زننده والمضروب بالفارسية زده شده ولا دخل للزمان في ذلك وان كان له دخل بنحو آخر وهذا (١) هو الدليل الوحيد لنا.

واما ما ذكروه من الإشكال يمكن الجواب عنه بوجوه منه ما عن المحقق ـ الخراسانيّ (قده) بان الزمان متأخر عن المسمى ضرورة انه ما لم ينطبق الناطق لا يكون زمانه حاصلا قبله وكذا ما لم ينسب وما لم يتلبس وكيف يمكن ان يكون المتأخر عن ـ الشيء داخلا في الرتبة المتقدمة وهي رتبة الوضع فالمشتق موضوع لذات المعنى لا ـ الزمان.

والجواب عنه هو ان الزمان في المصداق وان كان متأخرا ولكن يمكن ان يوضع اللفظ بإزاء الحصة المقرونة بالزمان من المفهوم بحيث لا يكون القيد والتقيد داخلا ولكنه مخالف للتبادر على ما حققناه ومنه ان أهل الأدب قالوا ان الزمان خارج عن المشتق وفيه لا إشكال في المقارنة مع الحصة كما مر لكنه خلاف التبادر ومنه ان اللفظ موضوع للذات في حال كونها متلبسة بالمبدإ والجواب انه خلاف التبادر وان لم يكن فيه الإشكال من جهة قيدية الزمان.

__________________

(١) وهذا هو المؤيد لأن الظاهر من هذا العنوان هو ان المشتق هل هو حقيقة للمتلبس بالمبدإ أم الأعم والأزمنة التي ذكروها تكون خارجة عن البحث وإطالة الكلام لا تخلو عن فائدة وهي تشريح الذهن.

١٢٤

تنبيه بقي في المقام شيء وهو ان انفكاك زمان الحكم عن زمان الجري متصور وواضح مثل ان يقال أهن الضارب في الأمس الآن أو غدا فان زمان الحكم الحال وزمان ـ الجري الأمس وكذلك زمان النسبة والجري مثل ان يقال يكره البول تحت شجرة مثمرة في الأمس فنسبة الكراهة الحال والجري في السابق.

انما الإشكال في تفكيك (١) زمان الجري والتلبس وعليه مدار البحث في المقام فانه على فرض كون المشتق موضوعا للأعم من المتلبس وما انقضى عنه المبدأ فواضح ومثاله أهن الضارب الآن فان قلنا الضارب الّذي هو في الآن متلبس لا يشمل من كان ضاربا في الأمس وان كان للأعم فيشمله الإهانة ولو كان في الأمس كذلك واما على فرض كونه موضوعا لخصوص المتلبس فشيخنا الأستاذ العراقي (قده) وان أتعب نفسه الشريفة في انفكاك الزمانين ولكنه لا يكون مجديا ولا نذكره لعدم تصورنا إياه فتحصل ان ثمرة البحث في ذلك يظهر في صورة عدم القول بان الضارب مثلا موضوع للمتلبس حين الحكم بل الأعم منه ومما انقضى عنه

في بيان الأصل عند الشك

الأمر السادس في الكفاية في الأصل في المقام عند الشك والتحقيق في هذا المقام عدم وجود أصل عقلائي ولا التعبدي لأنا لم نجد انهم ان شكوا في ان الشجرة المثمرة هل يصدق عليها الصفة في حال التلبس فقط أو الأعم منه يحكمون بأحد الطرفين واما الأصل التعبدي فلا يكون أيضا لأن أصالة عدم الأعم لا تثبت انه موضوع للأخص من جهة أنها مثبتة وعلى فرض الإثبات لا أثر شرعي لها فانا في تلقى الخطابات تابع للظهورات والتعبد كذلك لا يوجب الظهور.

__________________

(١) إذا قلنا زيد ضارب في الأمس وأردنا إطلاق المفهوم على المصداق في الأمس وقد تلبس بالمبدإ فيما قبل الأمس ينفك زمان النطق عن زمان الجري لأن زمانه في الأمس وينفك زمان الجري عن زمان التلبس لأن زمانه قبل الأمس.

١٢٥

واما ما ذكر من ان النسبة بين العام والخاصّ في المقام كالنسبة بينهما في ساير المقامات فكما انه يحمل العام على الخاصّ ويؤخذ بالقدر المتيقن من باب جريان أصالة عدم العموم فكذلك في المقام فلا تكون النسبة التباين فهو موضوع للأعم من المتلبس وغيره فهو ممنوع لأن الخاصّ وان كان هو القدر المتيقن في الخارج ولكن في الذهن يكون بالعكس لأصالة عدم دخالة خصوصية الخاصّ والتباين يكون (١) في صقع الماهية لا الوجود الخارجي فان الأعم مباين ماهية للأخص هذا هو البحث عن الأصل في الأصول واما الأصل الفقهي ففي المقام اما ان يكون الاستصحاب أو البراءة أو الاشتغال.

اما الأول ففي صورة فرض الموضوع متلبسا بالصفة حين صدور الحكم مثل العالم إذ كان عادلا حين صدور حكم أكرم ثم زال عنه العدالة فانه إذا شك في وجوب الإكرام من جهة الشك في ان المتلبس بالعدالة هو الموضوع أو الأعم يستصحب الوجوب الّذي كان هو الحكم السابق واما استصحاب الموضوع باستصحاب عنوانه فهو مما لا أثر له لأن الأثر لا زال على الوجود الخارجي وهو مردد بين مقطوع الوجود ومقطوع العدم فلو كان خصوص المتلبس يكون مقطوع العدم وإلّا فمقطوع الوجود كما ذكرنا مرارا في الرضاع المحرم إذا شك في عدد الرضعات.

ثم استصحاب الحكم أيضا وان قال بعضهم من الاعلام بعدم جريانه ولكنه يجب ان يقال انه مبنائي فان الجهة في ثبوت الحكم ان كانت تعليلية يجري الأصل واما لو كانت تقييدية فلا يجري والجهات التعليلية في العقليات وان كانت راجعة إلى التقييدية ولكن في الشرعيات لا يكون كذلك لأن لازم هذا القول عدم جريان الاستصحاب في مورد من الموارد فلو استظهرنا من دليل وجوب إكرام العادل قيدية العدالة وجزئيتها للموضوع فلا يجري الأصل.

__________________

(١) أقول توضيحا لمرامه مد ظله الماهية في صقع الذهن أيضا له ثلاث اعتبارات اللابشرط وبشرط لا وبشرط شيء والتباين يتحقق في صورة أخذها بشرط لا فالمطلق بشرط عدم القيد يباين المقيد واما اللابشرط فهو يجتمع مع الشرط وكذلك بشرط شيء يكون هو المقيد.

١٢٦

واما الثاني وهو أصل البراءة فهو فيما إذا كان حين الحكم غير متلبس بالعدالة مثلا ثم صار كذلك ثم زال عنه العدالة (١) كان يقول أكرم العالم في الأمس وهو فيه عادل وفيما بعده فاسق فالأصل البراءة عن وجوب الإكرام لعدم حالة سابقة يقينية للحكم ليستصحب.

واما الثالث وهو الاشتغال فهو إذا كان قبل الحكم غير متلبس بالعدالة وحينه صار متلبسا بها ثم زالت عنه فيدور الأمر بين التعيين والتخيير من جهة انه لا يدرى انه هل يكون موضوع الحكم الذات مع الصفة أو بدونها فان من كان غير واجد لها يكون الشك في فراغ الذّمّة بإكرامه فيجب إكرام المتلبس تعيينا لتحصيل العلم بفراغ الذّمّة ثم قبل الشروع في طريق الاستدلال على حسب الكفاية يلزم البحث عن البساطة والتركيب في المشتق لأنه يتوقف عليه فلا بد أن نخرج هنا عن أسلوب صاحبها (قده) لزيادة التفصيل فنقول ينبغي البحث في ذلك في ضمن تنبيهات

التنبيه الأول

في تحرير محل النزاع فقيل ان النزاع في انه هل يكون مثل الضارب مثلا معناه ذات وضرب ويعبر عنه بذات ثبت لها الضرب أم لا يكون الذات ملحوظة وهذا وان نسب إلى جمع ولكن شأنهم أجل من ذلك بالوجدان والبرهان لأنا لا نجد عند تصورنا الضارب ذات ثبت لها الضرب واما البرهان لأن الضارب يكون من المفهومات التصورية وله نسبة

__________________

(١) لا شبهة ولا ريب في ان كل حكم يحتاج إلى الموضوع فإذا قيل أهن الضارب فلا بد من وجدانه والحكم عليه فإذا قيل أهن الضارب ولم يكن لنا ضارب حين حدوث الحكم ثم وجد ثم صار فاقدا للوصف ففي زمان كونه متصفا بالضرب كان الحكم عليه قطعا وبعده يكون الشك في بقائه فيكون مقام الاستصحاب أيضا فلا معنى للبراءة فان كان الإشكال في الاستصحاب فيكون في هذا أيضا وإلّا فلا إلّا ان يقال بان الحكم إذا لم يكن الالتفات إليه في الوسط فيكون كالعدم وهو مع اختصاصه بصورة عدم الالتفات به حين العدالة يكون فيه التأمل من جهة ان الالتفات غير دخيل في فعلية الحكم.

١٢٧

ناقصة إلى الذات ولازم ما قيل هو صيرورته من المفهومات التصديقية بأنه ذات محكومة بثبوت الضرب وقال المحقق الخراسانيّ (قده) ان النزاع يكون في انه بسيط عقلاني أو مركب من جنس وفصل ولو كان بسيطا خارجيا بمعنى وحدته في الخارج مثل مفهوم الشجر الّذي هو في الخارج واحد لا مثل غلام زيد الّذي هو فيه متعدد مفهوما ومصداقا.

وفيه انه ليس النزاع في ذلك أيضا لأنه منوط بالبحث عن حقائق الأشياء في الفلسفة ولا يكون البحث عن انه هل يكون موضوعا للذات الملفوفة في الخارج أم لا لأن النزاع ليس فيه بل يكون في المفهوم والتحقيق ان النزاع في انه هل يكون مثل الوجود واحدا بسيطا أو يكون له تركيب مع الذات بنحو الاندماج ونحو لف فان الأقوال هنا أربعة.

أحدها ان مفاد اللفظ المشتق امر مركب من الذات والحدث والنسبة إليها.

ثانيها ان مفاده هو الحدث المنتسب إلى ذات ما بمعنى ان الحدث والنسبة يكونان مدلولين للّفظ المشتق لتكون الدلالة على الذات المنتسبة إليها الحدث بالملازمة العقلية.

ثالثها ان مفاده هو الحدث حين انتسابه إلى الذات بمعنى ان تلك الحصة من الحدث هي مفاد لفظ المشتق فتكون النسبة والذات معا خارجتين عن دلالة اللفظ ومستفادتين بالدلالة العقلية.

ورابعها ان مفاده هو الحدث الملحوظ لا بشرط وعلى هذا القول الذات والنسبة ليستا مدلولتي اللفظ تضمنا والتزاما فان المادة لا بشرط قابل للحمل مثل ان يقال زيد أبيض بخلاف ما يكون بشرط لا فلا يقال زيد بياض.

ثم الصور الثلاث الأول واضح انما الكلام في هذه الصورة الأخيرة وبيانها موروث من الحكماء من عهد العتيق فيجب النّظر في انها هل ترجع إلى ساير الصور أو هي بنفسها صورة فنقول لا يكون المائز بين اللابشرط وبشرط لا الاعتبار فقط كما عن المحقق

١٢٨

الخراسانيّ (قده) في المعاني الحرفية وهو ان نحو الوجود فيها وفي الاسم واحد وانما الاختلاف من جهة اعتبار الغير في الأولى من ناحية الاستعمال دونه فإن الاسم لا يحتاج إلى لحاظ الغير في الاستعمال.

لأن هذا خلاف الوجدان لأنا نجد فرقا واضحا بين الضرب والضارب سوى الاعتبار واما ما ذكروه من قابلية الحمل وعدمها فانه وان كان متينا ولكن يكون مجمل المراد لأنا لا ندري انه أي معنى من المعاني أرادوا من الحمل الاتحاد الواقعي أم القرينيّة.

قال شيخنا النائيني (قده) تبعا للميرزا الشيرازي (قده) ان دخل الذات في المبدأ محال لأن وضع المشتقات قانوني لأن لها هيئة ومادة فتكون الاتحاد مع الموضوع بنحو قلب بشرط لا إلى اللابشرط فان المادة تكون مأخوذة بشرط لا والهيئة توجب ان تنقلب إلى اللابشرط الّذي يجتمع مع الذات أيضا ولا يمكن ان يقال ان اللفظ موضوع للمادة والنسبة فقط بل تكون الذات مع النسبة ولا تتصور النسبة الا قائمة بالطرفين وهو هنا الذات والمبدأ وأجاب عن ذلك شيخنا العراقي (قده) بان الوضع يمكن ان يكون لغير الذات وهي من اللوازم الغير الداخلة في أصل الوضع.

أقول نحن في مقام الجواب عن شيخنا النائيني (قده) نقول له أي المعاني من الاتحاد مع الموضوع أريد في المقام فان كان المراد تفرقة الذات عن الصفة خارجا وأن لحاظ اللاحظ يوجب اتحادهما في الخارج فهو غير صحيح لأن الاتحاد يكون في الخارج ولو لم يكن لاحظ أصلا وان كان المراد اتحاد الاجزاء الذهنية فهو غير ممكن لأن لنا ثلاثة أنحاء من الوجودات الذات وهي الوجود الجوهري والصفة وهي الوجود الرابطي والربط وهو النسبة بينهما ولا يكاد يمكن ان تتحد هذه الوجودات المختلفة لا خارجا ولا ذهنا فلا اتحاد في صقع من الأصقاع فالحق هو القول الثالث وهو ان نقول الذات والصفة والنسبة يكون الكل مقرونا في الخارج ولا يكون في صقع الصفة ذات ولا نسبة أصلا.

١٢٩

ونقول لشيخنا العراقي (قده) إذا لم تكن الذات داخلة فإلى أي شيء يكون انتساب النسبة فانها لا تكون الا مع المبدأ والذات وهي غيرهما ومن هنا ظهر ما في المسلك الأول من ان الوضع ان كان في المشتقات على نحو الجمود كما هو التحقيق يصح ذلك أي اتحاد الثلاثة الذات والمبدأ والنسبة.

واما إذا كان على نحو القانون يمكن ان يكون الوضع بلحاظ النسبة والمبدأ والذات من المداليل الالتزامية.

ثم هنا كلام عن السيد الشريف (قده) وهو امتناع أخذ الذات في مفهوم المشتق لأن الذات المدعاة أخذها في مفهوم المشتق اما ان يحمل مفهومها الّذي يساوق الشيء مثل ان يقال الضارب شيء له الضرب فيلزم دخول العرض العام في الفصل مثل ان يقال الناطق شيء له النطق وان كان المراد أن المحمول هو الذات التي تكون مفهوما مساوقا للمبدإ مثل ان يقال الإنسان ناطق أو ضاحك فيكون المفهوم الّذي يكون هو الإنسان هو الّذي يقال له الضاحك فيلزم ان تكون الممكنة ضرورية لأن الإنسان يمكن ان يكون ضاحكا فإذا كان مفهوم ذلك هو الضحك أيضا يكون صدق الشيء على نفسه من الضروريات ولا يكون كلامه (قده) في مثل غلام زيد الّذي يكون له تحليل خارجي ولا يكون مثل الإنسان حيوان ناطق فان الحيوانية والنطق من الاجزاء التحليلية لا الخارجية المنفكة.

وما عن بعض الأعيان من ان التركيب في باب المشتق من باب حمل اللامتحصل على المتحصل مثل تركيب الجنس الّذي لا تحصل له مع الفصل الّذي يكون له التحصل غير وجيه لأن الكلام في تركيب الاجزاء المتحصلة فان المبدأ والذات والنسبة جميعا متحصلات (١) بخلاف الجنس وعلى فرض التسليم فما ذكره يدل على خروج الذات عن المشتق لا النسبة.

__________________

(١) أقول هذا على مبناه مد ظله من ان المادة كالهيولى غير متحصلة غير صحيح بخلاف مبنى من يقول بان مادة الضارب الضرب فانه متحصل وبيانه ان نقول ان المادة هي الجنس ـ

١٣٠

وقد أجيب عن الشق الأول بان الناطق الّذي اعتبر فصلا مقوما لماهية الإنسان انما اعتبر كذلك في حال تجريده عن معناه اللغوي فالفصل في الواقع هو النطق لا الناطق كما عن المحقق الخراسانيّ (قده) لأن الإنسان لا يبلغ إلى كنه الأشياء وذاتياتها وأجاب عنه شيخنا العراقي (قده) بان المجعول فصلا في الفن هو الناطق بماله من المعنى بحسب وضعه وقد جعل معرفا للإنسان لا بالتأويل إلى النطق ولا يشك الوجدان بان الناطق قابل للمحل لا النطق.

لا يقال ان الناطق ذات تلازم النطق فكما ان معروضه فصل فضاحك أيضا نوع لأنه كما يقال الذات التي هي الفصل ناطقة نقول انها ضاحكة فمعروض الفصل فصل ومعروض العرض العام الّذي هو المشي جنس.

لأنا نقول ما يجيء في الذهن من الفصل هو ما يكون من أظهر خواص الشيء فانا نجد بالوجدان ان النطق من خواص الإنسان ولكن المشي لا يكون من أظهر خواصه وكذلك النطق وان كان من خواصه مضافا إلى ان المعروض في العرض الخاصّ وهو الضحك وفي العرض العام وهو المشي معلوم بخلاف المعروض في الناطق هذا كله كلام شيخنا العراقي.

والإشكال عليه هو ان هذا الكلام على فرض كون الوضع في المشتقات على نحو الجمود صحيح ولكن على فرض القول بالوضع القانوني لا يصح لأن الناطق على الأول يكون موضوعا للذات المقرونة بالمبدإ والنسبة بخلاف الوضع القانوني لأن الناطق ينحل إلى ذات ونسبة ومبدأ ولو أغمض يكون مفهوم الذات بنحو الإبهام ومصداقها بنحو التعيين في هذا الفصل الّذي ادعاه فيكون معنى زيد ناطق زيد زيد الناطق فتنقلب نسبة الإمكان إلى الضرورة لأن الذات إذا كانت داخلة لا معنى للإمكان بين الصفة والموصوف فان ذاتي الشيء ضرورية له ولا فرق بين المصداق الخارجي والطبيعي الّذي هو الذات المبهمة.

__________________

ـ ولكن باعتبار بشرط اللائية مادة اصطلاحا وباعتبار اللابشرطية جنس وكذلك الفصل والصورة فانهما واحد من حيث الواقع ولكن الأول بنحو اللابشرط والثانية بنحو بشرط لا.

١٣١

وأجاب بعض الأعيان قده (١) عن إشكال السيد الشريف (ره) بان مفهوم الذات مأخوذ في المشتق ولا يلزم من ذلك ان يكون العرض العام في الفصل فان النطق لا يكون قابلا للحمل بان نقول زيد نطق فما دام لم يكن مضافا ، إلى شيء لم يكن قابلا لذلك فاما ان يقال الإنسان ذو نطق أو يقال ناطق في مقام التفهيم فلا يوجب دخول العرض في الذاتي بداهة ان الفصل الحقيقي هو المبدأ وإلّا فالمشتقات غير موجودة بالذات ولذا لا تدخل تحت المقولات (٢).

وفيه ان هذا (٣) رجوع إلى قول صاحب الفصول (٤) بان الناطق ليس فصلا حقيقيا بل مشهوري والذاتي هي الفصل الحقيقي الّذي يكون هو النطق فيرد عليه (٥) انه بمفهومه العرفي فصل لا بمفهومه الحقيقي وثانيا ان الشيء الّذي يكون مأخوذا بعقيدته في المبدأ فيقول الإنسان شيء له النطق يكون فوق المقولة ولا يكون قابلا للحمل.

ولكن التحقيق ان يقال ان الّذي يكون معمولا للمبدإ هو مصداق الذات لا مفهومها ولا يلزم منه انقلاب الممكنة إلى الضرورية لأن حمل المفهوم على المصداق على نحو ـ الحينية ضروري ولا إشكال فيه ضرورة ان الإنسان ما دام كاتبا أو حين كونه كاتبا يكون صدق الكتابة عليه ضروريا واما نفس الحدث فيكون له النسبة الإمكانية فان الكتابة

__________________

(١) في ص ١١١ من حاشيته على الكفاية المسماة بنهاية الدراية ج ١ فارجع إليها فإن عبارته (قده) أوضح لبيان مطلبه

(٢) هذا عين عبارته للاستدلال في كتابه كتبته في المقام لعدم تلقى المطلب كما هو حقه عن الأستاذ مد ظله ببيانه في الدرس.

(٣) عبارة هذا البعض في شرح الكفاية تكون على الظاهر مشعرة بأنه يقبل ان الناطق فصل لا النطق ولكن إذا أخذ بنحو اللابشرط يكون قابلا للحمل.

(٤) بل هذا رجوع إلى كلام المحقق الخراسانيّ (قده) ويكون عبارته أيضا شرح له ولا يشكل عليه ولا يكون كلام الفصول ما ذكره مد ظله والأمر سهل في أمثال هذا.

(٥) هذا رد للفصول ولا يكون ردا لما ذكره بعض الأعيان (قده) ومر أن كلامه ليس كلام صاحب الفصول.

١٣٢

يمكن ان تكون للإنسان وهذا لا ينافى الضرورة بالغير فالإمكان في ذاتها والضرورة بعارض خارجي وكل الموجودات سوى الله تعالى يكون ممكنا بالذات وواجبا بالغير وهو وجود العلة.

واما كلام صاحب الفصول (قده) في المقام إيرادا على السيد الشريف (قده) هو انه يمكن ان يختار الشق الأول من الترديد وهو ان يكون المحمول هو المفهوم العام كالشيء في قولنا الناطق شيء له النطق ويدفع الإشكال بان كون الناطق مثلا فصلا مبنى على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات وذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك بل فيها يكون موضوعا للذات والمبدأ.

والجواب عنه هو ان الذات الشخصية لا تكون دخيلة في المشتق ضرورة انه إذا قلنا الضارب لا يكون فيه زيد ولا بكر ولا عمرو بنحو الخصوصية لكل واحد بخصوصه أو المجموع في حال اجتماعه بل يكون دخل الشخص فيما إذا انطبق الوصف على شخص فيقال زيد ضارب من تطبيق الحصة (١) على الفرد فان زيدا واحد من الضاربين وعمر وواحد آخر وكذلك إذا قلنا زيد ناطق أو الإنسان ناطق.

وقد أجاب المحقق الخراسانيّ (قده) في الكفاية عن جواب الفصول بان المقطوع ان الناطق اعتبر فصلا بدون التصرف في معناه أصلا بل بماله من المعنى اللغوي ولا يكون للمنطقي اصطلاح آخر في الوضع بل شأنه استعمال اللفظ في معناه وقال التحقيق ان يقال ان مثل الناطق ليس بفصل حقيقي بل هو لازم ما هو الفصل ومن أظهر خواصه وانما يكون فصلا مشهوريا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم نفسه ولا يكاد يعلم لأن حقيقة الأشياء بيد علام الغيوب وهو الله تعالى ولذا ربما يجعل ما هو اللازم له في مقام الفصل إذا كان متساوي النسبة إليه كالحساس والمتحرك بالإرادة في الحيوان وعليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشيء في مثل الناطق فانه وان كان عرضا عاما لا فصلا مقوما للإنسان إلّا انه بعد تقييده بالنطق

__________________

(١) هذا على فرض القول بالحصص في الطبيعي والافراد واما على فرض العدم كما هو التحقيق فلا بد من طريق آخر لجوابه.

١٣٣

واتصافه به كان من أظهر خواصه وبالجملة لا يلزم من أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتق إلا دخول العرض في الخاصة التي هي من العرضي لا في الفصل الحقيقي الّذي هو من الذاتي.

ثم قال صاحب الفصول انه يمكن ان يختار الوجه الثاني أيضا أي القول بان المفهوم هو المصداق ويجاب بان المعمول ليس مصداق الشيء والذات مطلقا بل مقيدا بالوصف وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة لجواز ان لا يكون ثبوت القيد ضروريا فأجاب. المحقق الخراسانيّ (قده) عنه بأنه يمكن ان يقال ان عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب.

فان المحمول ان كان ذات المقيد وكان القيد خارجا وان كان التقيد داخلا بما هو معنى حرفي فالقضية لا محالة تكون ضرورية ضرورة ضرورية ثبوت الإنسان الّذي يكون مقيدا بالنطق للإنسان وان كان المحمول المقيد بما هو المقيد يكون القيد داخلا فقضية الإنسان ناطق تنحل في الحقيقة إلى قضيتين إحداهما قضية الإنسان إنسان وهي ضرورية والأخرى قضية الإنسان له النطق وهي ممكنة وذلك لأن الأوصاف قبل العلم بها اخبار كما ان الاخبار بعد العلم بها أوصاف فعقد الوضع ينحل إلى قضية مطلقة عند الشيخ وقضية ممكنة عند الفارابي (فتأمل).

والجواب عنه (قده) هو ان القيد لا يكون داخلا فان قضية زيد إنسان لا يكون زيد زيد الإنسان فإذا لم تكن الذات داخلة لا تنقلب الممكنة إلى الضرورية واما ما قال من ـ التحليل إلى القضيتين أيضا فمحمول على فرض كون الذات داخلة واما على فرض عدمه كما قلنا بأنه ليس معنى زيد إنسان زيد زيد الإنسان فتكون لنا قضية واحدة وهي زيد إنسان.

بقي في المقام شيء وهو انه على فرض أخذ مفهوم الشيء في المشتق بان يقال الإنسان شيء له النطق قيل يلزم انقلاب الممكنة إلى الضرورية فهذا الإشكال يكون في كلا الشقين من ترديد السيد الشريف ضرورة ان صدق الشيء على الفصل أيضا ضروري وقد قيل هذا

١٣٤

الإشكال المحقق الخراسانيّ (قده) فأجاب عنه بان طبيعي الشيء حمله ضروري ولكنه مقيدا غير ضروري فان الشيء الّذي يكون مقيدا بالنطق حمله على الإنسان غير ضروري.

أقول المفهوم إذا كان مرآتا لذات معينة لا إشكال في هذا الكلام واما إذا لوحظ بحيال ذاته كما لاحظنا الشيء بما انه عنوان انتزاعي لا بما انه زيد أو عمر وفهو فوق المقولة ولا يكون محمولا ولا أثر لحمله فان حمله مثل عدم حمله وقانون الوضع يمنع ذلك بل إذا قلنا زيد كاتب لا يكون معناه زيد شيء له الكتابة بعنوان شيئيته وإلّا يلزم ان يكون كل ما يصدق عليه الشيء كاتبا بل زيد إنسان له الكتابة من جهة كونه مصداقا للإنسانية فلا معنى لحمل الشيء على المشتق أصلا.

ثم قال (قده) في الكفاية إيرادا على الشريف انه لو جعل التالي في الشرطية الثانية لزوم أخذ النوع في الفصل ضرورة ان مصداق الشيء الّذي له النطق هو الإنسان كان أليق بالشرطية الأولى بل كان أولى لفساده مطلقا لو لم يكن مثل الناطق بفصل حقيقي ضرورة بطلان أخذ الشيء في لازمه وخاصته وفيه ان المراد بالحمل هو إفادة فائدة لم يكن حاصلا وهذا خلافه فانه إذا قلنا الإنسان ناطق يصير معناه الإنسان إنسان بخلاف ما يكون من حمل العرض العام على الفرد وأخذ ذات ما في المشتق فيقال الإنسان ناطق أي الشيء الّذي له النطق هو الإنسان.

ثم قال (قده) يمكن ان يستدل على البساطة بضرورة عدم تكرر الموصوف في مثل زيد الكاتب ولزومه من التركب وأخذ الشيء مصداقا أو مفهوما في مفهومه فانا إذا قلنا الإنسان ناطق معناه على دخول الذات مصداقا الإنسان إنسان ناطق وعلى دخول الذات مفهوما الإنسان شيء له النطق فالموصوف بالنطق شيئان الإنسان والإنسان في قولنا الإنسان إنسان ناطق أو الشيء والإنسان في قولنا الإنسان شيء له النطق فان الإنسان يكون مصداق الشيء في الجملة الأولى فيكون في حكم تكرار الموصوف وهكذا أخذ مفهوم الشيء وحيث لا يكون كذلك بالوجدان فلا يكون الذات داخلة في المشتق وهذا الكلام لعله (قده) أخذه عن الميرزا الشيرازي فانه تصور أربع نسب في مثل زيد قائم

١٣٥

اثنتان من النسبة تامتان واثنتان ناقصتان لأنه إذا قلنا زيد قائم على فرض دخول الذات يكون نسبة بين القيام وزيد المذكور تامة ونسبة مع ما هو داخل في قائم تامة أيضا من جهة ان كل نسبة ناقصة تتقدمها نسبة تامة فان الأوصاف قبل العلم بها اخبار ونسبة ناقصة وهي هذه وما فرض تاما لأن جملة زيد قائم بعد العلم بها تصير وصفا يعنى يرجع الخبر إلى الوصف فتصير مثل زيد العالم والجواب عنه هو انه لو كانت الذات التي داخلة ذاتا شخصية مثل زيد وأحمد وتقي كان لكلامه وجه ولكن لا تكون كذلك بل ذات مبهمة وهذه النسبة توجب تطبيقها على الخارج.

في الاستدلال على ان المشتق حقيقة فيمن تلبس بالمبدء

واستدل عليه أولا بان الوضع للأعم يحتاج إلى جامع مفقود في البين وثانيا بان آيات الوضع توافق مع القول بالتلبس دون الأعم بيان الأول هو ان الشيء مع الشرط يباين مع الشيء اللابشرط فان المتلبس بالمبدإ غير ما لا يتلبس به فكيف يمكن أخذ جامع بين المتباينين ولا يكون الزمان دخيلا كما عن بعض الأعيان لنقول الذات بلحاظ الزمانين تنقسم إلى حصتين حصة مقارنة في الماضي وحصة غير مقارنة بالمبدإ في الحال فيكون ما هو الجامع بين الحالين هو الذات المنحفظ بلحاظ الماضي والحال فان المشتق موضوع اما لنفس الوصف أو هو مع الانتساب بذات ما وعلى أي تقدير لا تكون الذات الشخصية دخيلة فيه لتصير وجه الجمع بين الفردين من الصفة فلا يمكن ان يقال ان الحدث جهة تعليلية وحدوثه لا يكون دخيلا في البقاء فان زيدا وان كان ضاربا ويكون حدوث الضرب في الماضي ولا يكون في الحال وزيد باق بحاله ولكن لا يكون دخيلا في المشتق ليصير وجه الجامعية.

وغاية ما يمكن ان يقال لتقريب الجامع هو ان المشتق يكون هو الوصف مع النسبة إلى ذات ما مبهمة وصرف الخروج من العدم إلى الوجود ولو في زمان يكفى لصدق هذا فيكون مهملا من جهة البقاء ويصدق على الفردين الواجد والزائل وفيه ان هذا المفهوم

١٣٦

إذا أردنا تطبيقه على الفرد الخارجي يوجد لا محالة فردان ما له الوصف وما هو فاقد له ولا يخفى تباين الواجد للفاقد ولا يكون لنا جامع بين الوجود والعدم فأول ما يلزم على القائل بالعدم إشكال عدم وجود جامع في البين واما آيات الوضع للمتلبس فمنها التبادر وهو حسب ارتكاز العرف يكون في صورة التلبس بالمبدإ فان العالم يقال عندهم لمن يتصف بصفة العلم لا لمن زال عنه العلم ويكون فعلا جاهلا.

وقد أشكل عليه أولا بان هذا يكون من غلبة الاستعمال في ذلك والجواب عنه واضح لأن كثرة الاستعمال في الفاقد مع العناية شائعة ولكن ما لا عناية في صدق المفهوم عليه حقيقة هو الواجد للصفة وثانيا بان المشتق على ما قلتم لا يكون فيه الذات بل هو لنفس الحدث ولازم ما ذكر هو دخل الذات في الصدق وعدمه وهذا الإشكال وان كان متينا ابتداء ولكن الجواب عنه هو ان الحدث لما يكون من أطوار الذات وأحوالها وأفعالها ولا يوجد بدونها يكون لها نحو دخل فيه.

واستدل عليه ثانيا بتضاد العناوين مثل القائم والقاعد فانه لا يصدق أحدهما حين صدق الآخر ومنه يعلم أن المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدإ فقط وقد أشكل عليه بان هذا مصادرة على المطلوب لأن تضاد المبدأين وهو القيام والقعود والجهل والعلم لا يوجب تضاد العنوانين من العالم والجاهل والقائم والقاعد ليفيد المستدل فان من الممكن ان يكون في الوضع توسعة على صدق ذلك ولو بعد الانقضاء ويجب ان يستدل على انه لم يوضع له اللفظ وادعاء عدم الوضع لا يكون دليلا عليه.

لا يقال ان المشتق اما ان يكون هو الذات مع المبدأ أو المبدأ فقط ولا يكون ـ الذات ملاحظة بنفسها فلو كان هو الأول يكون المدار على المبدأ وان كان الثاني أيضا فهو واضح فلا شأن للذات فيكون تصديق التضاد بين المبدأين هو التصديق بالتضاد بين ـ العنوانين لأنا نقول يمكن ان يقال بان الحدث وجوده الحدوثي يكفى للبقاء أيضا فإذا وجدت صفة الضاربية في زمان من الأزمنة يكفى الحدوث للصدق ولو حين العدم.

فان قيل ان دعوى المستدل هو ان الارتكاز العقلائي على عدم صدق العنوانين

١٣٧

في آن واحد فلا مجال لدعوى ذلك نقول يمكن ان يستدل المانع بان الارتكاز على خلافه إلّا ان الّذي صار سببا لعدم القول بالأعم هو عدم إمكان تصوير جامع للأعمي ليكون هو الموضوع له للفظ.

واستدل ثالثا للوضع لخصوص المتلبس بصحة سلب العنوان عن المنقضى عنه ـ المبدأ بالحمل الشائع الصناعي والأولى الذاتي فان غير الضارب فعلا لا يصدق عليه انه ضارب وهذا لا غبار عليه أصلا إلّا انه أشكل عليه من قبل ونقل المحقق الخراسانيّ (قده) الإشكال وأجاب عنه وهو ان السلب اما يكون مطلقا أو مقيدا بحين الانقضاء فان كان المراد به هو المطلق الشامل للمتلبس أيضا فهو خلاف الوجدان وان كان المراد هو السلب حين الانقضاء فقط فلا يكون صحة السلب مطلقا حتى يكون دليل الوضع لغيره فان صحة السلب المطلق تكون دليل الوضع لا المقيد بحال الانقضاء.

وفيه ان هذا من اشتباه الحمل الأولى الذاتي مثل الضارب ضارب بالحمل الشائع الصناعي مثل زيد ضارب فان الأول يجب ان يكون السلب بالنسبة إليه في جميع الأحوال واما إذا كان من قبيل الثاني فحيث يكون للذات حالتان حالة الانقضاء وحالة التلبس فبلحاظ إحدى الحالتين يصح السلب وهو حال الانقضاء وبلحاظ حال آخر لا يصح وهو حال التلبس ولا يكون التقييد زمانيا حتى يقال المتلبس في زمان صادق عليه الوصف وفي زمان يسلب عنه فكيف يكون السلب مطلقا فالذات بلحاظ حال الانقضاء يكون مسلوبا عنها الضرب مطلقا وهي بالنسبة إلى حال التلبس تكون مصداقا للوصف مطلقا.

فما عن بعض الأعيان من ان الضرب والذات كل واحد منهما لا يكون قابلا للتقييد فلا يرجع القيد إلى الضارب أي قيد الانقضاء مندفع بان الضرب مستقلا الّذي يكون هو مادة للضارب لا يقبل الصدق على ذات ضرورة عدم صحة زيد ضرب بحمل المصدر عليه فما هو قابل للحمل يكون الضارب والقاتل وأمثاله وحيث تكون الذات المحمولة عليها الصفة ذات حالتين حالة الانقضاء وحالة التلبس يمكن السلب ببعض التقادير وهو حال الانقضاء دون حال التلبس.

١٣٨

لا يقال السلب عدمي محض فكيف يمكن تقييده بحال الانقضاء فان القضايا السالبة لا يكون فيها ربط سلبي بل يكون سلب الربط لأنا نقول ان هذا منوط بتسليم ان الأمر كذلك ولكن التحقيق ان السوالب يكون لها ربط سلبي لا سلب الربط وإلّا لا تنعقد قضية ضرورة عدم انعقادها من المتفرقات ومن هنا ظهر ان السلب حال الانقضاء بلحاظ حال ـ التلبس أيضا غير صحيح ضرورة ان الحمل في زيد ضارب في الأمس حين التلبس حقيقة ولو لم يكن التلبس حين التكلم فالإشكال في المقام مندفع بحذافيره.

في الاستدلال على ان المشتق حقيقة في الأعم من المتلبس

وقد استدل الأعمي أولا بالتبادر وهو على فرض تصوير الجامع وان كان قريبا ولكن الّذي يوجب عدم الوجه له هو عدم تصوير الجامع.

وثانيا بصحة حمل المقتول والمضروب على من انقضى عنه القتل والضرب وحيث ان اسم المفعول والفاعل متضايفان فلا فرق بينهما وما أجابوا بان بينهما فرق من جهة ـ المادة مما لا وجه له ضرورة عدم الفرق بين المادة في الضارب والمضروب والصحيح ان يقال انهما وان كانا متضايفين لكن الصدق في اسم المفعول يكون أيضا على نحو المجاز لا الحقيقة وله باب واسع.

وثالثا باستدلال الإمام عليه الصلاة والسلام تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما عن غير واحد من الاخبار بقوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين على عدم لياقة من عبد صنما أو ظلم ظلما آخر للخلافة والاستدلال بهذا يتم على فرض ان نقول عدم الظلم مطلقا شرط للخلافة وان لم يكونوا حينها ظالمين وان يكون زمان الجري والتلبس متحدا على وجه اللزوم في صدق المشتق وان لا يكون الحدوث أي حدوث الظلم كافيا بقاء فان بعض افراد الظلم له البقاء كالغصب فعلى هذا يمكن ان يكون موضوعا للأعم وكل ذلك ممنوع اما عدم الظلم حين الخلافة فانهم كانوا ظالمين بحيث انه نقل أنهم يعبدون الصنم في الخفاء وفيهم ساير أنحاء الظلم فكانوا ملتبسين به حين الاستدلال.

١٣٩

واما اتحاد زمان التلبس والجري فقد مر منعه من انه ان قلنا زيد ضارب في الأمس بلحاظ ظرف التلبس يكون على نحو الحقيقية (١) واما عدم دخالة الظلم حدوثا للبقاء فهو أيضا لما تكون الخلافة من الشئون العظيمة فنفس الظلم في زمان ما تكون علة لصدقه بقاء فلا يكون هذا الاستدلال للأعمي بهذا البيان تاما على انه يكون الكلام على نحو القضايا(١) الحقيقية أي كل من كان ظالما لا ينال عهد الله لا ان هذا الشخص ظالم أولا ويكون من باب عنوان المشير فتحصل عدم تمامية أدلة القائلين بالأعم وان المشتق حقيقة فيمن تلبس فقط.

التنبيه الثاني في الكفاية

قد مر البحث عن التنبيه الأول وهو البحث عن البساطة والتركيب في المشتق قبل ، الاستدلال لدخالته فيه وهنا تعرضنا للتنبيه الثاني وهو ان الفرق بين المبدأ والمشتق هو كون الأول بشرط لا والثاني لا بشرط بحيث ان الأول لا يكون قابلا للحمل فلا يقال زيد علم والثاني قابل له مثل ان يقال زيد عالم ضرورة ان الحمل كما مر فيما سبق يكون نحو اتحاد بين المحمول مع الموضوع ونحو اختلاف فهنا يكون الاختلاف من جهة المفهوم والاتحاد بنحو الهوهوية في الوجود كذا عبر المحقق الخراسانيّ قده ونسبه إلى الفلاسفة ورد الفصول الّذي توهم ان المراد انما هو بيان التفرقة بهذين الاعتبارين بلحاظ الطواري والعوارض الخارجية مع حفظ مفهوم واحد للابشرط وبشرط لا.

__________________

(١) هذا يرجع إلى عدم اشتراط اتحاد زمان التلبس والجري في خصوص الخلافة فانه ولو لم يتلبس حينئذ يكفى التلبس في زمان ما ولا يصدق عليه الظالم فعلا ويكون الاستعمال على القول بالتلبس مجازيا.

(٢) كون القضايا حقيقية غير مربوط بالمقام فانه يحتاج إلى موضوع ومنطبق ويجب إحراز موضوعه فان قلنا بالأعم فهو الموضوع وان قلنا بالأخص فهو.

١٤٠