البلدان

أبي عبدالله أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني [ ابن الفقيه ]

البلدان

المؤلف:

أبي عبدالله أحمد بن محمد بن إسحاق الهمذاني [ ابن الفقيه ]


المحقق: يوسف الهادي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٦٠

ونهر بط كان عنده مراح للبط فقالت العامة نهر بط ، كما قالوا دار بطيخ. وقالوا : بل كان يسمى نهر نبط. وذلك انه كان لامرأة نبطية فخفف وقيل نهر بط (١).

وأهل الأهواز الأم الناس وأبخلهم. وهم أصبر خلق على الغربة والتنقل في البلدان. وحسبك أنك لا تدخل بلدا من سائر البلدان ولا إقليما من جميع الأقاليم إلّا وجدت في تلك المدينة صنفا من الخوز لشحهم وحرصهم على جمع المال.

وذكر الأصمعي قال : الخوز هم الفعلة وهم الذين بنوا الصرح واسمهم مشتق من الخنزير. ذهب إلى أن اسمه بالفارسية خو ، فجعلته العرب خوز وإلى هذا ذهبوا.

وقال آخرون : معنى قولهم خوزي أي زيّهم زي الخنزير. وروى أبو خبرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ليس في ولد آدم شر من الخوز ولم يكن منهم نبي قط ولا نجيب.

وقال عبد الله بن سلام : خلق الله البخل عشرة أجزاء ، تسعة في الخوز وجزء في سائر الخلق.

وقال علي رضي الله عنه فيما روي عنه : على مقدمة الدجّال رجل خوزي يقال له مهران.

وقال عمر رضي الله عنه : إن عشت إلى قابل لأبيعنّ الخوز ولأجعلن أثمانهم في بيت المال.

وفي خبر آخر : من كان جاره خوزيا واحتاج إلى ثمنه ، فليبعه.

وكتب كسرى إلى بعض عماله : ان ابعث إليّ بشر طعام مع شر الناس على

__________________

(١) هذا المقطع في فتوح البلدان ٣٧٦ وفيه أن النهر لامرأة تسمى البطئة فنسب إليها.

أما الشعر الذي أورده قبل هذا المقطع فهو في البلاذري أيضا مع بيت ثالث ٣٧٦. وما سيأتي من قول الأصمعي في الخوز فهو في الحيوان ٤ : ٦٨.

٤٠١

شر الدواب. فبعث إليه برأس سمكة مالحة مع خوزي على حمار.

وقال أبو وائل : خرجنا مع ابن مسعود إلى قرية بالقادسية فجاءه رجل من الأنباط في حاجة. فالتفت عبد الله إلى أصحابه فقال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : تاركوا الترك ما تركوكم ولا تجاوروا الأنباط في بلادهم ، وإذا رأيتموهم قد أظهروا إسلامهم وقرأوا القرآن وتمكنوا في المرباع واحتبوا في المجالس وراجعوا الرجال في كلامهم ، فالهرب الهرب. ولا تناكحوا الخوز فإن لهم أعراقا تدعوا إلى غير الوفاء.

٤٠٢

القول في فارس

حدثنا أبو عمرو عبد العزيز بن محمد بن الفضل ، حدثنا إبراهيم بن الجنيد حدثنا بشر بن محمد بن أبان عن داود بن المخير عن الصلت [٨٩ أ] بن دينار عن عبد الله بن أبي مليكة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أهل فارس عصبتنا. ويروى عن أنس بن مالك قال : إن الله خيّر بين خلقه ، فخيرته من العرب قريش وخيرته من العجم فارس.

ويروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : أسعد الناس بالإسلام أهل فارس. وأشقى العرب به بهراء وتغلب.

وقال ابن لهيعة : فارس والروم قريش العجم.

وقال في قوله عز وجل (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ). قال : الناس إذ ذاك فارس والروم. وفي قوله (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) قال : فارس.

ولما هدم ابن الزبير البيت ، قال اطلبوا من العرب من يبنيه. فلم يجدوا. فقال استعينوا بأهل فارس فإنهم ولد إبراهيم. ولن يرفع البيت إلّا ولد إبراهيم.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أبعد الناس من الإسلام الروم ، ولو كان معلقا بالثريا لتناولته فارس. يعني الإسلام.

[قال وذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) كسرى أنوشروان فقال : ويل أمّه ، ما أعمق سلمه لو كان أسلم.

٤٠٣

وروي عن ابن عباس في قول الله عزّ وجلّ «ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد» قال : أهل فارس.

وقال عليه السلام : لا تسبوا فارس فإنهم عصبتنا. وقال (عليه السلام) : إن لله جندا في أهل فارس إذا غضب على قوم انتقم بهم](١).

وقال الشعبي : أول من استنبط الأنهار العظام أنوشروان ومادة الملك واستصلح الرعية بعده مثله.

وكان أنوشروان إذا أفرض ، يقدم الفارسي على رجلين من الديلم وعلى خمسة من الترك وعلى عشرة من الروم وعلى خمسة عشر من العرب وعلى الثلاثين من الهند. لأنهم كانوا أشجع ممن ذكرنا قلوبا وأعزهم نفرا وأعظمهم ملكا وأكثرهم عددا وأوسعهم بلدا وأخصبهم جنابا وأشدهم قلوبا وأرجحهم عقولا وأحسنهم تدبيرا وأصحهم جوابا وأطلقهم ألسنا.

وقال أبو البختريّ : بلغنا أن إسحاق بن إبراهيم ولد ابنا يقال له نفيس : فولد لنفيس ، العيص ، قبائل من فارس منهم أهل إصطخر وشابور وأردشير. والدليل على ذلك قول جرير :

منابر ملك كلّها مضرية

يصلي علينا من أعرناه منبرا

وأبناء إسحاق الليوث إذا ارتدوا

[حمائل موت لابسين السنوّرا](٢)

إذا انتسبوا عدّوا الصبهبذ منهم

وكسرى ، وعدّوا الهرمزان وقيصرا

وكان إدريس بن عمران يقول : أهل إصطخر أكرم الناس أحسابا ، ملوك أبناء الأنبياء.

وقال أردشير [٨٩ ب] : الأرض أربعة أجزاء. فجزء منها أرض الترك ما بين مغارب الهند إلى مشارق الروم. وجزء منها أرض المغرب ، ما بين مغارب الروم

__________________

(١) ما بين العضادتين موجود في مختصر البلدان فقط.

(٢) بياض في الأصل أكملناه من ابن الأثير ١ : ١٦٤.

٤٠٤

إلى القبط والبرابر. وجزء منها أرض كور السواد ، ما بين البرابر إلى الهند. والجزء الرابع هذه الأرض التي تنسب إلى فارس ما بين نهر بلخ إلى منقطع آذربيجان وأرمينية الفارسية إلى الفرات. ثم برية العرب إلى عمان ومكران وإلى كابل وطخارستان. فكان هذا الجزء صفوة الأرض. وهو من الأرضين بمنزلة الرأس والسرة والسنام والبطن. أما الرأس ، فإن ملوك أقطار الأرض مذ كان ايرج بن أفريدون ، كانت دائنة لملوكنا يسمونهم أملاك الأرض ويهدون لهم صفايا ما في أرضهم.

وأما السرة ، فإن أرضنا وضعت من الأرضين موضع السرة من الجسد في البسطة والكرم وفيما جمع لنا مما نرئسهم به. فأعطينا فروسية الترك وفطنة الهند وصناعة الروم ، وأعطينا في كل شيء من ذلك الزيادة على ما أعطوا ، وأصفينا ما حرموا بأدب الدين في أدب الملك. وأعفينا إلى مسام سيماء مشترعة في صورنا وألواننا وشعورنا كما شوهت سائر الأمم بصنوف الشهرة من لون السواد وشدة الجعودة والسبوطة وصغر العيون وقلّة اللحى. فأعطينا الأوساط من المحاسن والشعور والألوان والصور والأجسام.

وأمّا السنام ، فإن أرضنا على صغرها عند بقية الأرضين هي أكثر منافع والين عيشا من جميع ما سواها.

وأمّا البطن ، فإن الأرضين كلها تجلب إليها منافعها من علمها ورفقها وأطعمتها وأدويتها وأمتعتها وعطرها كما تجبى الأطعمة والأشربة إلى البطن.

وقال الواقدي : شاور عمر بن الخطاب رضي الله عنه الهرمزان في فارس وإصبهان وآذربيجان. فقال الهرمزان : إن إصبهان وآذربيجان الجناحان. فإن قطعت الجناحين ، بقي الرأس. وإن قطعت الرأس وقع الجناحان ، فابدأ بالرأس.

وكان أول من جمع فارس وملكها ، أردشير بن بابك بن ساسان ، وهو أحد ملوك الطوائف وكان على إصطخر ، وهو من أولاد [٩٠ أ] الملوك المتقدمين قبل ملوك الطوائف. فرأى أنه وارث ملكهم فكتب إلى من بقربه من ملوك فارس ومن

٤٠٥

نأى عنه من ملوك الطوائف يخبرهم بالذي أجمع عليه من الطلب بالملك لما فيه من صلاح أمور الرعية وإقامة الدين والسنّة. فمنهم من أقرّ له بالطاعة ، ومنهم من لم يقرّ له حتى قدم عليه ، ومنهم من عصاه فصار عاقبة أمره إلى القتل والهلاك. حتى استوسق له ملكه. وهو الذي افتتح الحضر. وكان ملك السواد متحصنا فيه وكانت العرب تسميه الساطرون. وفيه يقول أبو داود :

وأرى الموت قد تدلّى من

الحضر على رب أهله الساطرون

وقد أتينا بخبره فيما تقدم.

وهو أول من وضع السكك وحذف أذناب دواب البرد وبنى مدينة جور بفارس وكان موضعها صحراء. فمرّ بها أردشير فأمر ببنائها وسماها أردشير خرّة. وسمتها العرب جور. وهي مبنية على صورة دارابجرد. ونصب فيها بيت نار.

وبنى مدينة رام أردشير وبهمن أردشير خرّة وهي فرات البصرة. واستاراباذ وهي كرخ ميسان وهي من كور دجلة. ومدينة سوق الأهواز. وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة وستة أشهر.

وقالوا : سمعوا فارس بفارس بن طهومرث وهو الذي تنسب الفرس إليه ، لأنهم من ولده. وكان ملكا عادلا متحننا محتاطا على أهل عصره. وكان له عشرة بنين منهم : جمّ وشيراز وإصطخر وفسا وجنّابا وكسكر وكلواذى وقرقيسيا وعقرقوف [ودارابجرد]. فأقطع كل واحد منهم البلد الذي سمي به ونسب إليه. وإنما كانوا قبل ذلك يسكنون الخيام. ويقال إن ملكه كان ثلاثمائة سنة.

ومن مدينة سوق الأهواز إلى مدينة أرّجان أول عمل فارس من هذا الوجه واحد وثلاثون فرسخا. وأرجان بناها قباذ بن فيروز لأنه لمّا استرجع الملك من أخيه جاماسف غزا الروم فافتتح مدينتين من مدن الجزيرة مما كانت في أيدي الروم تدعى واحدة آمد والأخرى ميافارقين. وأمر فبنيت فيما بين حدّ فارس والأهواز مدينة وسماها ابرقباد ، وهي التي تسمى أرجان. وأسكن فيها سبي [٩٠ ب] همدان

٤٠٦

وكوّرها كورة وضم إليها رساتيقها من كور رام هرمز وكورة سابور وكورة أردشير خرة وكورة إصبهان.

وبنى أيضا مدينة حلوان مما يلي الماهات. وبنى مدينة يقال لها قباد خرّة.

وكوّر أيضا كورة أخرى بأرض ميسان وسماها شاد قباذ ، وهي التي تسمى أستان العالي. ووضع لها أربعة طساسيج : طسوج فيروز شابور وهي الأنبار وكان منها هيت وعانات فأفردها يزيد بن معاوية (١) في أيامه إلى الجزيرة. وطسوج بادوريا وطسوج قطربل وطسوج مسكن.

وكوّر أيضا كورة بهقباذ الأعلى ووضع لها ستة طساسيج : طسوجي النهرين وطسوج عين التمر والفلوجتين العليا والسفلى وطسوجي بابل وخطرنية.

وكور أيضا بهقباد الأوسط ووضع لها أربعة طساسيج : طسوج سورا. وطسوج باروسما والجبه والبداة. وطسوج نهر الملك.

وكور أيضا بهقباد الأسفل ووضع لها خمسة طساسيج : فرات بادقلى والسيلحين. وطسوج الحيرة وطسوج تستر وطسوج هرمزجرد.

وفرّق كورة إصبهان على شقين : شق جي وشق التيمرة.

وأمر فبنيت مدينة شهرزور وهي بأرض به. وفيما بين جرجان وإيران شهر مدينة أسماها شهر قباد.

وبأرجان قنطرة كسروية طويلة أكثر من ثلاثمائة ذراع مبنية بالحجارة على وادي أرجان.

قال : وأخبرني محمد بن أحمد الأصبهاني قال : بأرجان كهف في جبل ينبع منه ماء يشبه بالعرق من حجارته فيكون منه هذا المومياي الأبيض الجيد. وعلى هذا الكهف باب حديد وحفظة ويغلق ويختم بخاتم السلطان وقاضي البلد إلى يوم من السنة يفتح فيه. ويجتمع القاضي وشيوخ البلد حتى يفتح بحضرتهم ويدخل إليه

__________________

(١) لدى ياقوت (فيروز سابور) : معاوية بن أبي سفيان.

٤٠٧

رجل عريان ثقة. فيجمع ما قد اجتمع من المومياي ويجعله في قارورة ، ويكون مقدار ذلك مائة مثقال أو دونها. ثم يخرج ويختم الباب بعد قفله إلى السنة الأخرى. ويوجه بما يجتمع منه إلى السلطان. وخاصيّته لكل كسر أو صدع في العظم. يسقى الإنسان الذي انكسر شيء من عظامه مثل العدسة فينحطّ أول ما يشربه [٩١ أ] إلى موضع الكسر فيجبره ويصلحه لوقته.

ومن أرّجان إلى النوبندجان ستة (١) فرسخا. وفيها شعب بوان الموصوف بالحسن والنزاهة وكثرة الشجر وتدفق المياه وهو موضع من أحسن ما يعرف. فيه شجر الجوز والزيتون وجميع الفواكه النابتة في الصخر. وروى عن المبرد أنه قال : قرأت على شجرة في شعب بوان هذه الأبيات :

إذا أشرف المكروب من رأس تلعة

على شعب بوّان أفاق من الكرب

وألهاه بطن كالحريرة مسّه

ومطّرد يجري من البارد العذب

وطيب ثمار في رياض أريضة

على قرب أغصان جناها على قرب

فبالله يا ريح الجنوب تحمّلي

إلى أرض بغداد سلام فتى صبّ

وإذا أسفل منه مكتوب :

ليت شعري عن الذين تركنا

خلفنا بالعراق هل يذكرونا

أم لعلّ المدى تطاول حتّى

قدم العهد بعدنا فنسونا

وذكر بعض أهل الأدب أنه قرأ على شجرة دلب تظلّ عينا حسنة بشعب بوّان هذه الأبيات :

متى تبغني في شعب بوّان تلقني

لدى العين مشدود الركاب إلى الدلب

وأعطي وإخواني الفتوّة حقّها

بما شئت من جد وما شئت من لعب

يدير علينا الكاس من لو رأيته

بعينيك ما لمت المحب على الحب

__________________

(١) في الأصل : وعشرين.

٤٠٨

وكتب أحمد بن الضحاك الفلكي (١) إلى صديق يصف شعب بوان : كتبت إليك من شعب بوّان وله عندي يد بيضاء مذكورة ، ومنة غراء مشهورة بما أولانيه من منظر أعدى على الأحزان ، وأقال من صروف الزمان. وسرّح طرفي في جداول تطّرد بماء معين منسكب ، أرق من دموع العشاق ، حررتها لوعة الفراق. وأبرد من ثغور الأحباب ، عند الالتثام. كأنها حين [٩١ ب] جرى آذيها يترقرق ، وتدافع تيارها يتدفق. وارتجّ حبابها يتكسر في خلال زهر ورياض ترنو بحدق تولّد قصب لجين في صفائح عقيان ، وسموط درّ بين زبرجد ومرجان. أثر على حكمة صانعه شهيد ، وعلم على لطف خالقه دليل. إلى ظلّ سجسج أحوى ، وخضل ألمى. قد غنت عليه أغصان فينانة وقضب غيدانة. تشورت لها القدود المهفهفة خجلا ، وتقيلتها الخصور المرهفة تشبها. يستقيدها النسيم فتنقاد ، ويعدل بها فتنعدل. فمن متورد يروق منظره ، ومرتجّ يتهدل مثمره. مشتركة فيه حمرة نضج الثمار ، بنفحة نسيم النوار. وقد أقمت به يوما لخيالك منادما ولشوقك مسامرا. وشربت لك تذكارا. وإذا تفضل الله بإتمام السلامة إلى أن أوافي شيراز ، كتبت إليك من خبري بما تقف عليه إن شاء الله.

ومن النوبندجان إلى شيراز نيف وعشرون فرسخا.

وهي (٢) من كورة أردشير خرّة ورساتيقها : جور والخبر والصيحكان والبرجان والكهرجان والخواروستان وكير وسينيز وسيراف والرويحان وكان فيروز وكازرون وكران وابزر وتوّج.

ومن سوق الأهواز إلى الدورق في الماء ثمانية عشر فرسخا ، وعلى الظهر أربعة وعشرون فرسخا.

__________________

(١) طبقا للسمعاني في الأنساب ٤ : ٣٩٩ فإن الجد الأكبر لعائلة الفلكي من همذان واسمه أبو بكر أحمد بن الحسن بن القاسم الحاسب الفلكي الهمذاني وكان جامعا لسائر العلوم وخاصة علم الحساب.

(٢) وهي : مدينة شيراز. والنص من هنا موجود لدى ابن خرداذبه من ص ٤٤ حتى ٤٧ وهو هنا ينتهي عند (زم الحسن بن صالح يسمى السوران من شيراز على سبعة فراسخ).

٤٠٩

كورة سابور ومدينتها النوبندجان ورساتيقها : الخشن والكيمارج وكازرون وخرّه وبندر همان ودشت بارين والهنديجان والدرخوند وتنبوك والجواندان والميدان والمذار وماهان والجنيد والرامجان والشاهجان ومور ودادين وخمايجان السفلى وخمايجان العليا وتيرمردان وجنحان والسياه مص وانبوران.

كورة إصطخر والمدينة ورساتيقها : مدينة البيضاء وبهران وأسار وإيرج ومائين وخبر إصطخر ونيرز وأبرقويه والبرانجان والميان روذان والكاسكان والهزار.

ومن شيراز إلى مدينة فسا ثلاثون فرسخا. ومن مدينة فسا إلى مدينة دار بجرد ثمانية عشر فرسخا ورساتيقها : كرم وجهرم ونيريز والفستجان والابجرد والانديان وجويم وفرج ويارم وطسان.

كورة أرجان ورساتيقها : قاش وريشهر والسلجان والبحار وفرزن (١).

ومن شيراز إلى مدينة [٩٢ أ] جور عشرون فرسخا وبين شيراز وسابور عشرون فرسخا. وبين شيراز وإصطخر اثنا عشر فرسخا.

زموم (٢) الأكراد بفارس وتفسير الزموم محال الأكراد. قال صاحب كتاب المسالك والممالك وهو عبد الله بن محمد بن خرداذبه : هي أربعة زموم : زم الحسين بن جيلويه ويسمى البازنجان ، وهو من شيراز على أربعة عشر فرسخا. وزم ازدم بن جوانانه من شيراز على ستة وعشرين فرسخا. وزم القاسم بن شهريار ويسمى الكوريان ، من شيراز على خمسين فرسخا. وزم الحسين بن صالح يسمى السوران من شيراز على سبعة فراسخ.

وقال المدائني : كانت إصطخر تجبى ستة عشر ألف ألف درهم. وسابور

__________________

(١) كذا في الأصل ولدي ابن خرداذبه ٤٧ : والملجان وفرزك.

(٢) في الأصل : رم ورموم. وفي المختصر زم وزموم وهو الصواب وفي ياقوت بالراء أيضا وكذلك في فارس نامه (١٦٨ ، ١٣٧). وفي مفاتيح العلوم ١٢٣ (زموم الأكراد : محالّهم ، واحدها زم).

٤١٠

أربعة عشر ألف ألف درهم. وأردشير خرة ثمانية عشر ألف ألف درهم. ودار ابجرد ثمانية عشر ألف ألف درهم.

وكانت أرّجان بعضها إلى إصبهان وبعضها إلى إصطخر وبعضها إلى رام هرمز. فصيرت في الإسلام كورة واحدة.

فصارت فارس خمس كور وهي إصطخر وشابور وأردشير خره ودارابجرد وفسا وأرجان. وفارس مائة وخمسون في فرسخا في مثلها.

وافتتحت عنوة على يدي أبي موسى الأشعري وعثمان بن أبي العاص رضي الله عنهما.

ويقال إن نمرود إبراهيم عليه السلام من إصطخر. ويقال بل كان من قرية يقال لها أبرقوية.

وخراج فارس ثلاثة وثلاثون ألف ألف درهم بالكفاية. وذكر الفضل بن مروان (١) أنه قبلها بخمسة وثلاثين ألف ألف درهم بالكفاية على أنه لا مؤونة على السلطان. وجباها الحجاج بن يوسف والأهواز ثمانية عشر ألف ألف درهم. وكان عمرو بن الليث يجبي من خراجها إحدى وثلاثين ألف ألف درهم ، ومن ضياعها تسعة عشر ألف ألف درهم ، فجميعه خمسون ألف ألف درهم. ويحمل إلى السلطان في كل سنة خمسة عشر ألف ألف درهم. وجباها الناصر في سنة ثمان وسبعين ومائتين ستين ألف ألف درهم. وكانت الفرس قسطت على كور فارس أربعين ألف ألف مثاقيل.

__________________

(١) قال ابن خرداذبه ٤٨ (وخبرني الفضل بن مروان أنه قبّلها ...) والفضل هو وزير المعتصم ، وقد بلغ حدّا في وزارته (ان صار صاحب الخلافة وصارت الدواوين كلها تحت يديه ، وكنز الأموال) ثم إن المعتصم غضب عليه وحبسه وصادره (الطبري ٩ : ١٨ ـ ٢١). ثم ولي ديوان الخراج على عهد المتوكل وعزل عنه عام ٢٣٣ ه‍ (الطبري ٩ : ١٦٢) ويبدو أنه أعيد إلى هذا المنصب في عهد المستعين ، إذ انه عزل عنه عام ٢٤٩ (الطبري ٩ : ٢٦٤). توفي عام ٢٥٠ ه‍ (ابن الأثير ٧ : ١٣٥).

٤١١

ومن العجائب بفارس شجرة تفاح بشيراز ، نصف التفاحة حلو في نهاية الحلاوة ونصفها حامض في غاية الحموضة. وليس بفارس كلها من هذا النوع إلّا هذه الشجرة الواحدة.

ولهم سابور وفيها الأدهان الكثيرة ومن [٩٢ ب] دخلها لم يزل يشم ريحا طيبة حتى يخرج منها ، وذلك لكثرة رياحينها وأنوارها وبساتينها.

ولهم جور وبها يعمل الماورد الجوري وهو النهاية من الماورد.

ولهم الثياب السينيزية (١) والجنابية والنوزية والسابورية. وهم أحذق الناس باتخاذ المرايا والمجامع وغير ذلك من الآلات الحديد.

وقال الأصمعي : حشوش الدنيا ثلاثة : عمان والأبلة وسيراف.

__________________

(١) في الأصل : السينزية. والصواب ما أثبتناه. وسينيز من كور بلاد فارس (أحسن التقاسيم ٣٢٦ ط بيروت) قال ابن البلخي ١٤٩ إنها مدينة على ساحل البحر فيها قلعة ، تقع بين مهروبان وجنابا. تنسج فيها الثياب الكتان يقال للرقيق منها السينيزي.

٤١٢

القول في كرمان

قال ابن الكلبي : سميت كرمان بكرمان بن فلوج من بني ليطي بن يافث بن نوح عليه السلام. ويقال إن بعض ملوك الفرس أخذ قوما فلاسفة (١) فحبسهم وقال : لا يدخل إليكم إلّا الخبز وحده وخيّروهم في إدام واحد. فاختاروا الأترجّ فقيل لهم : كيف اخترتم الأترج دون غيره؟ قالوا : لأن قشره الظاهر طيب فنشمه. وأمّا داخله ففاكهة. وأمّا حمّاضة فأدم ، وأما حبّة فدهن. فأمر بهم فاسكنوا كرمان. وكان ماؤها لا يخرج إلّا على خمسين ذراعا. فهندسوه حتى أظهروه على وجه الأرض. ثم غرسوا بها الأشجار فالتفّت كرمان كلها بالشجر. فعرف الملك ذلك فقال : اسكنوهم الجبال فاسكنوها ، فعملوا الفوّارات وأظهروا الماء على رؤوس الجبال فقال الملك : اسجنوهم. فعملوا في السجن الكيمياء. وقالوا : هذا علم لا نخرجه إلى أحد. وعملوا منه ما علموا أنه يكفيهم مدة أعمارهم ثم أحرقوا كتبهم وانقطع علم الكيمياء.

وقال بعض علماء الفرس : كانت الأكاسرة تجبي السواد مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف درهم سوى ثلاثين ألف ألف من الوضائع لموائد الملوك. وكانوا يجبون فارس أربعين ألف ألف. وكانوا يجبون كرمان ستين ألف ألف لسعتها. وهي ثمانون ومائة فرسخ في مثلها. وكانت كلها عامرة. وبلغ من عمارتها أن القناة تجري من مسيرة خمس ليال. وكانت كرمان ذات أشجار وعيون وأنهار.

ومن شيراز إلى مدينة السيرجان ، مدينة كرمان ، أربعة وستون فرسخا.

__________________

(١) في الأصل : فلافسة!

٤١٣

وكرمان خمسة وأربعون منبرا صغارا وكبارا. ومن مدنها : القفص والبارز والمراح (١) والبلوص [٩٣ أ] وجيرفت ـ وهي من أعظم مدنها ـ والسيرجان وبها تنزل الولاة ، وهزوركند ولافث وهي الرباط وقلعة بني عبد الله. إلّا أن قصبتي البلد جيرفت والسيرجان.

قال : وبكرمان مدينة يقال لها دمندان ، وهي مدينة كبيرة واسعة وبها أكثر معادن كرمان ، بها معادن الحديد والنحاس والذهب والفضة والنوشادر والصفر ومعدنه بجبل يقال له دنباوند ، مرتفع شاهق ، ارتفاعه ثلاثة فراسخ. وهذا الجبل بالقرب من مدينة يقال لها خواش. على سبعة فراسخ من المدينة. وفي هذا الجبل كهف عظيم يسمع من داخله دويّ وخرير مثل خرير الماء ، ويرتفع منه بخار مثل الدخان ، فليتصق حواليه. فإذا كثف وكثر ، خرج إليه أهل تلك الناحية ، فيقلع في كل شهر أو شهرين. وقد وكل السلطان به قوما ، حتى إذا اجتمع سائره أخذ السلطان منه الخمس وأخذ أهل البلد باقيه فاقتسموه بينهم على سهام قد تراضوا [بها] فهو النوشادر الذي يحمل إلى سائر الآفاق.

وبها مدينة يقال لها خبيص ، لم تمطر داخلها قط وتمطر خارجها. فربما أخرج الإنسان يده من السور فيصيبها المطر ولا تقطر داخلها قطرة.

وبها خشب لا تحرقه الناس ، يلقى فيها ويترك الوقت الطويل ثم يخرج منها وهو صحيح ما احترق. والنصارى يموّهون الخشب ويزعمون أنه من الخشب الذي صلب عليه ـ بقولهم ـ المسيح عليه السلام. وكان مع بعض الرهبان صليب من هذا الخشب ، فافتتن به خلقا من الناس ، وذلك أنه كان يلقيه في النار ساعات من النهار ثم يخرجه عنها ولم تعمل فيه شيئا. فلم يزل على ذلك حتى فطن له رجل من أهل هذه المدينة. فأتى بقطعة خشبة كانت معه ففعل بها كفعل الراهب فبطل ما كان يمخرق.

وقال المأمون : لو أخذ الطحلب فجفف في الظل وطرح في النار لم يحترق.

__________________

(١) ابن خرداذبه ٤٩ : المراج.

٤١٤

وطائر يعرف بالسمندل (١) يدخل النار فيتمرغ فيها ثم يخرج منها كما دخل لم تحترق من ريشه ولا واحدة. وذكر طمياث الحكيم في كتاب الحيوان : إن بالمشرق طائرا يقال له بنجس في مدينة يقال لها مدينة الشمس وليس له أنثى ولا شكل يشبهه. وأهل تلك المدينة يعبدون الشمس ويسجدون [٩٣ ب] لها عند طلوعها. وتسمى المدينة اغفطوس. وهذا الطائر يكون بها ويعرف في غيرها. فإذا أراد الله بإذنه فيجمع بمنقاره شيئا كثيرا من عيدان الدار صيني. ثم لا يزال يضرب تلك العيدان بجناحيه مكبّا على ذلك لا يفتر ، حتى تشتعل نارا. فإذا علا لهبها قذف نفسه فيها حتى يحترق وتأكله النار فيصير رمادا. فإذا كان بعد أيام يعرفون عددها ، تصوّر من ذلك الرماد دودة كبيرة فلا تزال تكبر حتى تصير مثل الفرخ ثم ينبت الله له جناحين (٢) وريشا وتعود صورة ذلك الطائر لا يغادر منه شيئا. وأهل هذه المدينة يذكرون أن ذلك يكون في كل خمسمائة سنة.

وفي بعض مدن خراسان هوة عظيمة في جبل فيها نار تتقد ولا تطفأ شتاء ولا صيفا. وفي هذه الهوة جرذان كبار بيض تخترق النار في دخولها وخروجها ، فإذا كانت خارجة من الهوة ونظرت إلى إنسان بادرت فخاضت النار مخترقة للهوة إلى مواضعها لا تؤذيها النار ولا تحرقها.

ومن كرمان إلى سجستان مائة وثمانون فرسخا. ولها من المدن (٣) : زالق

__________________

(١) حيوان من الضفدعيات المذنّبة زعم القدماء أنه يدخل النار ولا يحترق. ويرى الأب الكرملي أن العرب كانوا يطلقون لفظة السمندل وأخواتها على هذا الحيوان المسمى Salamandre وعلى الطائر المعروف بالفنقس Phoenix لأنه كان يدخل النار حسب زعمهم ولا يحترق. وعلى الحجر المعروف بحجر الفتيل Asbestos ، لأنه لا يحترق. انظر معجم الحيوان ٢١٣ ـ ٢١٤. وفي طبائع الحيوان (الورقة ١٣١ أ). (السمندل ويقال له سالامندرا : هو حيوان يتولد في معدن النوشادر ، شبيه بالفأر الكبير. وخاصّيته أنه يدخل في النار العظيمة ويلعب ويبقى فيها إلى أن يحمّر مثل الجمرة ثم يخرج إلى أن يعود إليه لونه).

(٢) في الأصل جناحان.

(٣) مدن سجستان لدى ابن خرداذبه ٥٠ وفيه : روشت بدلا من بست ، وباسورد بدلا من ناشروذ.

٤١٥

وكركويه وهيسوم وزرنج وبست وناشروذ والقرنين وبها أثر مربط فرس رستم المعروف بالشديد ونهرها المعروف بالهندمند. يقول أهل سجستان أنه ينصب إليه مياه ألف نهر فلا تظهر فيه زيادة. وينشق منه ألف نهر ولا يرى فيه نقصان.

وفي شرط أهل سجستان على المسلمين أن لا يقتل من بلدهم قنفذ ولا يصاد. وذلك أن كل بيت ليس فيه قنفذ هو كثير الأفاعي. والقنافذ تأكل الأفاعي. ولولا ذلك لأتت عليهم. والقنافذ بسجستان مثل النمس بمصر. فلولاها لأتت الثعابين على أهل مصر.

ومن مدنها الرخج وبلاد الداور ، وهي مملكة رستم الشديد ملكه إياها كيكاوس.

وبين مدينة سجستان إلى مدينة هراة ثمانون فرسخا.

ومن شيراز إلى نيسابور مائة وعشرون فرسخا.

ومن شيراز إلى داربجرد سبعة وأربعون فرسخا.

ومن إصطخر إلى السيرجان ، مدينة كرمان تسعة وخمسون فرسخا.

ومن كرمان إلى حدّ عمل فارس ستة عشر فرسخا [٩٤ أ].

ومن جيرفت إلى بم عشرون فرسخا.

ومن جيرفت إلى أول عمل مكران واحد وأربعون فرسخا.

ومن أول عمل مكران إلى المنصورة ومولتان السند ثلاثمائة وثمانية وخمسون فرسخا.

ومن زرنج مدينة سجستان إلى المولتان مسيرة شهرين.

٤١٦

القول في الجبل

ويسمى هذا الصقع بلاد البهلويين وهي همذان وماسبندان ومهر جانقذق ـ وهي الصيمرة ـ وقم وماه البصرة وماه الكوفة وقرميسين وما ينسب إلى الجبل. وليس منه : الري وإصبهان وقومس وطبرستان وجرجان وسجستان وكرمان ومكران وقزوين والديلم والطيلسان والببر.

القول في قرميسين :

قال أبو المنذر هشام بن السائب الكلبي : لمّا ظفر قتيبة بن مسلم بفيروز بن كسرى يزدجرد حيث افتتح خراسان أخذ ابنته شاه آفريد (١) ومعها سفط مختوم فوجّه بها إلى الحجاج. فحملها الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك. فولدت له يزيد الناقص. وفضّ الحجاج السفط فإذا فيه كتاب بالفارسية. فدعا زادانفروخ بن بيري الكسكري فقرأه ، فإذا فيه : بسم الله المصوّر ، ميّز قباذ بن فيروز إقليمه ووزن المياه والترب ليبني لنفسه مدينة ينزلها فوجد أنزه بقاع إقليمه بعد أن بدأ بالعراق التي هي سرة الأقاليم ثلاثة عشر موضعا : المدائن والسوس وجنديسابور وتستر وسابور وإصبهان والري وبلخ وسمرقند وباورد وبطن بنهاوند ـ يعني روذراور ـ وماسبندان ومهر جانقذق وتل ما سير.

ووجد أبرد بقاع إقليمه سبعة مواضع : قاليقلا وأردبيل وهمذان وقزوين وجوالق وخوارزم ومرو.

__________________

(١) في مختصر البلدان شاهفرند وكذلك في تاريخ قم ٩١ الذي نقل هذه الواقعة عن ابن الفقيه. إلّا ان أصل مخطوط البلدان نصّ على ما هو أعلاه.

٤١٧

ووجد أوبأ بقاع إقليمه ستة مواضع : البندنيجين وبطن ماستون ـ وهو شابور خواست ـ وجرجان والخوار وبرذعة وزنجان.

ووجد أقحط بقاع إقليمه ثمانية مواضع : ميسان وبادرايا ودستميسان والكلتانية وباكسايا وما سبندان والري وإصبهان.

ووجد أبخل أهل إقليمه تسعة مواضع : خراسان وإصبهان وأردبيل وماسبندان وبادرايا وباكسايا وإصطخر وشيراز وفسا.

وأخصب بقاع إقليمه عشرة مواضع أرمينية وآذربيجان وجور ومكران وكرمان ودستبى [٩٤ ب] وماه الكوفة وماه البصرة وأرجان ودورق.

ووجد أجمل بقاع إقليمه عشرة مواضع : الحيرة والمدائن وكلواذى وسابور وإصطخر وجنابا والري وإصبهان وقم والنشوى.

ووجد أعقل سبعة مواضع : عكبرا وقطربل وعقرقوف والري وإصبهان وماسبندان ومهرجانقذق.

وأفطن أهل إقليمه ستة مواضع : إسكاف العليا وإسكاف السفلى ونفّر وسمّر وكسكر وعبدسي.

ووجد أحسد أهل إقليمه خمسة مواضع : جرجرايا وحلوان وسحاران (١) وهمذان وما سبندان.

ووجد أعلم أهل إقليمه بالسلاح أربعة مواضع : همذان وحلوان وإصبهان وشهرزور.

ووجد أخف مياه إقليمه عشرة مواضع : دجلة والفرات وجنديسابور وماسبندان وبلخ وسمرقند وقزوين وماسورا وهي عين بقرميسين وماء ذات المطامير وماء ملّجان قرية الثلج بماسبندان.

__________________

(١) كذا في الأصل. وفي مختصر البلدان : سحاران. ولعلها سيسجان وهي من كور أرمينية الأولى (ابن خرداذبه ١٢٢).

٤١٨

ووجد أمكر أهل إقليمه أحد عشر موضعا : خراسان وإصبهان والري وهمذان وأرمينية وآذربيجان وماسبندان ومهرجانقذق وتستر والمذار وأرتوى.

ووجود أسرى فواكه إقليمه سبعة مواضع : المدائن وسابور وأرجان والري ونهاوند وماسبندان وحلوان الجبل.

ووجد أقل أهل إقليمه نظرا في العواقب أهل ثمانية مواضع : البندنيجين وما سبندان ومهر جانقذق وأردشير خرّه ورامهرمز وأرمينية وآذربيجان وطخرود (١) ، قرية من قرى قم خرج منهم في وقت موافاة العرب أربعة ألف رجل مع كل رجل خادم وسائس وخباز وطباخ إلى نهاوند ليقاتلوا العرب ويمنعوهم من المقام. فقتلوا كلهم بالاسفيذهان فلم يفلت منهم إلّا رجل واحد.

ووجد أسفل أهل إقليمه أهل ستة مواضع : البندنيجين وبادرايا وباكسايا وبهندف وقهقور ـ بطن بماسبندان ـ وجرود ـ بطن بنهاوند ـ.

ولم يجد ما بين المدائن إلى نهر بلخ بقعة على الجادة أنزه ولا أعذب ماء ولا نسيما من قرميسين إلى عقبة همذان. فأنشأ قرميسين [٩٥ أ] وبنى لنفسه بناء معمدا على ألف كرم. فقرميسين كلمة فارسية معناها كرمانشاهان.

وبنى الأكاسرة من المدائن إلى عقبة همذان وقصر شيرين مقبرة آل ساسان وبعقرقوف مقبرة الكيانيين.

ثم نقل قباذ الأشراف من فارس وخراسان وكذلك أهل الجمال والأدب والفروسية فأسكنهم حافتي دجلة وأنزل أصحاب الصناعات بطن جوخى وأنزل من كان من وجوه الناس الذين هم دون الأشراف ، النهروانات.

__________________

(١) في تاريخ قم ٨٣ ورد ذكر واقعة الأربعة آلاف هؤلاء من غير إشارة إلى المصدر الذي استقى المؤلف منه.

٤١٩

وأنزل الحاكة والحجامين بادرايا وباكسايا ، وأنزل التجار الأهواز ، وأنزل الأطباء سيرى (١) قرية بماسبندان.

فلما ميز قباذ إقليمه وعرف أهل بقاعه مسح البلاد ووقف على الحدود وعدد الفراسخ ، اختار النزول بالمدائن ليقرب من الروم. وأخذ في بنائها. وابتدأ بعمل قصر ليسكنه. فكان كلما رفع من حائطه شيئا هبّت ريح عظيم فتقلعه. فلما رأى ذلك وجّه إلى بليناس المطلسم فأحضره من بلده وأمره أن يطلسم مواضع آفات إقليمه. وقال له : ابدأ بالمدائن. وجعل له على كل طلسم يعمله أربعة ألف درهم. فاتخذ له في موضع الإيوان مكان وسط القصر طلسما كبيرا وجعل حوله أحد عشر طلسما. فأمّا الكبير فللريح التي كانت تقتلع الحائط فسكنت وتمّ البناء. وطلسم للعقارب فقلّت بها. وآخر للحمى ، وآخر للجرارات وآخر للسباع وآخر للبراغيث وآخر لاجتماع كلمة أهلها ، وآخر ليطيع أهلها ملوكهم ما بقوا ، وآخر لملوك الأقاليم أن يهابوا ملك العراق ولا يخالفوه وآخر لتعفّ نساؤهم عن الفجور وآخر لتزكو غلاتهم وثمارهم. وجعل على يمين كل طلسم منها وشماله وقدامه وورائه كنزا بينه وبينه أربعون ذراعا. ثم طلسمها وكنوزها أن تخفى عن الناس فخفيت.

ويقال إنه ما بني بالآجر والجص بنية أبهى ولا أجل ولا أحكم ولا أعلى سقفا ولا أكثر ذرعا من إيوان كسرى بالمدائن. وفيه يقول البحتري من شعر طويل :

وكأن الإيوان من عجب الصنعة

جرب في جنب أرعن جلس

[٩٥ ب]

مشمخر تعلو له شرفات

رفعت في رؤوس رضوى وقدس

ليس يدرى أصنع إنس لجنّ

سكنوه أم صنع جنّ لإنس

قال : وأنشدني ابن الحاجب لنفسه يصف الإيوان :

إن خانني زمن فمن هذا الذي

لم تستبحه خيانة الأزمان

__________________

(١) في مختصر البلدان : السيروان.

٤٢٠