الموسوعة القرآنيّة - ج ١

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٤

وقد قال أوس بن خولى لعلى بن أبى طالب : يا على ، أنشدك الله ، وحظنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : انزل ، فنزل مع القوم ، وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى حفرته وبنى عليه ، قد أخذ قطيفة ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يلبسها ويفترشها ، فدفنها فى القبر ، وقال : والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا. فدفنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

* * *

وقد كان المغيرة بن شعبة يدعى أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقول : أخذت خاتمى ، فألقيته فى القبر ، وقلت : إن خاتمى سقط منى ، وإنما طرحته عمدا ، لأمس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأكون أحدث الناس عهدا به صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

* * *

وكان على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خميصة سوداء ، حين اشتد به وجعه ، فهو يضعها مرة على وجهه ، ومرة يكشفها عنه ، ويقول : قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد! يحذر من ذلك على أمته.

* * *

وكان آخر ما عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن قال : لا يترك بجزيرة العرب دينان.

* * *

٢٨١

٩٥ ـ زوجاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وتوفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن تسع من زوجاته ، هن :

عائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأم حبيبة بنت أبى سفيان ، وأم سلمة بنت أبى أمية بن المغيرة ، وسودة بنت زمعة بن قيس ، وزينب بنت جحش بن رئاب ، وميمونة بنت الحارث بن حزن ، وجويرية بنت الحارث بن أبى ضرار ، وصفية بنت حيى بن أخطب.

وكان جميع من تزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاث عشرة :

خديجة ، وهى أولى من تزوج ، زوجه إياها أبوها خويلد بن أسد ، ويقال أخوها عمرو بن خويلد ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عشرين بكرة.

وكانت خديجة قبله عند أبى هالة بن مالك ، أحد بنى أسيد بن عمرو بن تميم ، حليف بنى عبد الدار ، فولدت له : هند بنت أبى هالة ، وزينب بنت أبى هالة ، وكانت قبل أبى هالة عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له : عبد الله ، وجارية.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عائشة بنت أبى بكر الصديق بمكة ، وهى بنت عشر سنين ، ولم يتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكرا غيرها زوجه إياها ، أبوها أبو بكر ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى ، زوجه

٢٨٢

إياها سليط بن عمرو ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ، وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية ، زوجه إياها أخوها أبو أحمد بن جحش ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ، وكانت قبله عند زيد بن حارثة ، مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم سلمة بنت أمية بن المغيرة المخزومية ، واسمها هند ، زوجه إياها سلمة بن أبى سلمة ابنها ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فراشا حشوه ليف ، وقدحا ، وصحفة ، ومجشة (١). وكانت قبله عند أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد ، فولدت له : سلمة ، وعمر ، وزينب ، ورقية.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب ، زوجه إياها أبوها عمر بن الخطاب ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ، وكانت قبله عند خنيس بن حذافة السهمى.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان بن حرب ، زوجه إياها خالد بن سعيد بن العاص ، وهما بأرض الحبشة ، وأصدقها النجاشى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ، وهو الذى كان

__________________

(١) المجشة : الرحى.

٢٨٣

خطبها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكانت قبله عند عبيد الله بن جحش.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية ، وكانت فى سبايا بنى المصطلق ، من خزاعة ، ودفعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى رجل من الأنصار وديعة. فلما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة أقبل أبوها الحارث بن ضرار بفداء ابنته ، ثم كان أن أسلم الحارث ، وأسلم معه ابنان له ، ودفعت إليه ابنته جويرية ، فأسلمت ، وخطبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أبيها ، فزوجه إياها ، وأصدقها أربعمائة درهم. وكانت قبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند ابن عم لها يقال له : عبد الله.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صفية بنت حيى بن أخطب ، سباها من خيبر فاصطفاها لنفسه ، وكانت قبله عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ميمونة بنت الحارث ، زوجه إياها العباس بن عبد المطلب ، وأصدقها العباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ، وكانت قبله عند أبى رهم بن عبد العزى ، ويقال : إنها هى التى وهبت نفسها للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وتزوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم زينب بنت خزيمة بن الحارث ، وكانت تلقب : أم المساكين ، لرحمتها إياهم ورقتها عليهم ، زوجه إياها قبيصة ابن عمرو الهلالى ، وأصدقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعمائة درهم ،

٢٨٤

وكانت قبله عند عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف : وكانت قبل عبيدة عند جهم بن عمرو بن الحارث ، وهو ابن عمها.

فهؤلاء اللائى بنى بهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إحدى عشرة ، فمات قبله منهن اثنتان ، وهما : خديجة بنت خويلد ، وزينب بنت خزيمة.

وثمة ثنتان لم يدخل بهما ، وهما : أسماء بنت النعمان الكندية ، تزوجها فوجد بها بياضا (١) ، فمنعها وردها إلى أهلها ، وعمرة بنت يزيد الكلابية ، وكانت حديثة عهد بكفر ، فلما قدمت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم استعاذت منه ، فردها إلى أهلها.

والقرشيات من أزواج الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ست ، وهن : خديجة ، وعائشة وحفصة ، وأم حبيبة ، وأم سلمة ، وسودة.

والعربيات ست ، وهن : زينب بنت جحش ، وميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة ، وجويرية بنت الحارث ، وأسماء بنت النعمان ، وعمرة بنت يزيد.

ومن غير العربيات : صفية بنت حيى.

* * *

٩٦ ـ سراريه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما سراريه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقيل إنهن أربعة :

مارية القبطية ، أهداها إليه المقوقس فى سنة سبع من الهجرة وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يطؤها بملك اليمين ، وكانت من كورة أنصفا من صعيد مصر ، على البر الشرقى فى مقابلة الأشمونين.

__________________

(١) بياضا : أى برصا.

٢٨٥

وريحانة ـ ربيحة ـ بنت شمنون ، من بنى عمرو بن قريظة ، وقيل من بنى النضير ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يطؤها بملك اليمين.

ونفيسة ، جارية زينب بنت جحش ، وهبتها له زينب.

وجارية أصلبها صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض السبى.

* * *

٩٧ ـ أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكلهم من خديجة ، ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية ، فولدت له خديجة : القاسم ، وكان أول من ولد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل النبوة ، وبه كان يكنى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم ولدت له : زينب ، ورقية ، وفاطمة ، وأم كلثوم ، ثم ولد له فى الإسلام : عبد الله ، والطيب «الطاهر». ومات عبد الله بمكة. فأما القاسم ، والطيب «الطاهر» فماتا فى الجاهلية. وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأما إبراهيم فإنه من مارية القبطية ولدته أمه فى سنة ثمان من الهجرة ، وقد مات إبراهيم صغيرا ، مات وهو ابن ثمانية عشر شهرا.

* * *

٩٨ ـ أعمامه وعمامته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وكان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم اثنا عشر عمّا ، هم بنو عبد المطلب ، وهم : الحارث ، وأبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب عبد العزى ، والغيداق ، والمقوم ، وضرار ، وقثم ، والزبير : الكعبة ، وجحل.

٢٨٦

وزاد بعضهم : العوام ، فيكونون ثلاثة عشر.

والذين أدركهم الإسلام من أعمامه ، هم : عبد مناف ، وأبو لهب ، والعباس ، وحمزة ، لم يسلم منهم غير اثنين : حمزة والعباس.

وأما عماته صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فست ، بنات عبد المطلب ، وهن : عاتكة ، وأميمة ، والبيضاء ، وأم حكيم ، وبرة ، وصفية ، وأروى.

لم تسلم منهن على الأصح غير صفية ، أم الزبير بن العوام.

* * *

٩٩ ـ جداته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما جداته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من جهة أبيه ، فهن : فاطمة بنت عمرو بن عائذ ، أم عبد الله أبيه ، وسلمى بنت عمرو ، من بنى النجار ، وهم أم عبد المطلب ، وعاتكة بنت عمرة بن هلال بن فالج بن ذكوان ، وهى أم هاشم ، وعاتكة بنت فالج بن ذكوان ، وهى أم عبد مناف ، وفاطمة بنت سعد ، من أزد السراة ، وهى أم قصى ، ونعم ، وقيل : هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث ، وهى أم كلاب ، ووحشية بنت شيبان بن محارب ، وهى أم مرة ، وسلمى بنت محارب من فهم ، وهى أم كعب ، وخشية بنت مدلج بن مرة ، وهى أم لؤى ، وسلمى بنت سعد بن هذيل ، وهى أم غالب ، وجندلة بنت الحارث بن مضاض ، وهى أم فهر ، وهند ـ وقيل : عاتكة ـ بنت عدوان ، وهى أم مالك ، وبرة بنت مرة ، وهى أم النضير ، وعوانة بنت سعد بن قيس عيلان ، وهى أم كنانة ، وأم خزيمة ، امرأة من قضاعة ، وخندف بن عمران القضاعية ، وهى أم مدركة ، وأم إلياس جرهمية ، وسودة بنت عك بن عدنان ، وهى أم مضر ، والأمينة ، وهى أم معد.

٢٨٧

وأما جداته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قبل أمه ، فأم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب : برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ابن قصى بن كلاب بن مرة ، وأم أبيها وهب : عاتكة بنت الأوقص ، ويعرف الأوقص بأبى كبشة ، الذى كان ينسب إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيقال : ابن أبى كبشة ، وأم برة : أم حبيبة بنت أسد بن عبد العزى ، وأم حبيبة : برة بنت عوف بن عبيد بن عدى بن كعب بن لؤى ، وأم برة بنت عوف : قلابة بنت الحارث بن طابخة بن صعصعة بن عائذ بن لحيان بن هذيل ، وأم قلابة : هند بنت يربوع ، من ثقيف.

* * *

١٠٠ ـ أخواته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما إخوته عليه الصلاة والسلام من الرضاعة : حمزة ، عمه ، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد ، أرضعتهما معا معه ثويبة ، جارية أبى لهب بلبن ابنها مسروح ، ولقد أرضعته ثويبة صلى‌الله‌عليه‌وسلم أياما قلائل قبل أن تأخذه حليمة ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، أرضعته ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حليمة السعدية ، وعبد الله بن الحارث بن عبد العزى السعدى ، وآسية بنت الحارث السعدية ، وجدامة ، وقيل : خذامة. وقيل : حذافة ، وتعرف بالشيماء ، والثلاثة أولاد حليمة من زوجها الحارث.

وكانت حاضنته صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم أيمن بركة بن ثعلبة بن حصن ابن مالك ، وكنيت باسم ابنها أيمن ، وهى أم أسامة بن زيد ، تزوجها زيد بعد موت عبيد بن زيد الذى كان قد تزوجها فى الجاهلية بمكة ، ثم نقلها إلى يثرب فولدت له أيمن ، ثم مات عنها فرجعت إلى مكة ، فتزوجها زيد بن حارثة ، فولدت له أسامة.

٢٨٨

وكانت الشيماء بنت حليمة السعدية تحضنه أيضا ، فهى أخته وحاضنته.

* * *

١٠١ ـ خدمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما خدمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمنهم من الرجال :

أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد الأنصارى الخزرجى ، ويكنى : أبا حمزة ، خدم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبع سنين أو عشر ، وأمه أم سليم هى التى أتت به النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قدم المدينة فقالت له : هذا أنس غلام يخدمك.

ومنهم : ربيعة بن كعب بن مالك ، أبو فراس الأسلمى ، صاحب وضوئه.

ومنهم : أيمن ، ابن أم أيمن ، وهو أيمن بن عبيد بن زيد بن عمرو بن بلال الأنصارى الخزرجى ، صاحب مطهرته.

ومنهم : عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلى ، وكان صاحب الوسادة والنعلين.

ومنهم : عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو الجهنى ، وكان صاحب بغلته ، يقودها به فى الأسفار.

ومنهم : أسلع بن شريك بن عوف ، صاحب راحلته ، الذى كان ينزل الرحل عنها ويضعه عليها.

ومنهم : سعد ، مولى أبى بكر الصديق.

ومنهم : أبو ذر جندب بن جنادة ، الزاهد المشهود.

ومنهم : أبو حذيفة مهاجر ، مولى أم سلمة.

ومنهم : حنين ، مولى عباس بن عبد المطلب.

(م ١٩ ـ الموسوعة القرآنية ـ ج ١)

٢٨٩

ومنهم : نعيم بن ربعية بن كعب الأسلمى.

ومنهم : أبو الحمراء هلال بن الحارث.

ومنهم : أبو السمع إياد.

ومنهم : من النساء :

بركة أم أيمن ، وهى والدة أسامة بن زيد.

وخولة ، جدة حفص بن سعد.

وسلمى ، أم رافع ، زوج أبى رافع.

وميمونة بنت سعد.

وأم عياش ، مولاة رقية بنت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

* * *

١٠٢ ـ مواليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما مواليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمنهم :

أسامة بن زيد بن حارثة ، وزيد بن حارثة ، وثوبان بن بجدد ، وأبو كبشة ، من مولدى مكة ، وشقران صالح بن عدى ، حبشى ، وقيل : فارسى ، ورباح الأسود النوبى. وهو مؤذن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويسار النوبى الراعى ، وزيد النوبى ، ومدعم ، وكان لرفاعة بن زيد ، فأهداه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأسلم أبو رافع القبطى ، كان للعباس فوهبه للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسفينة ، اشتراه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأعتقه ، وأبو واقد ، القبطى الخصى ، وهو من جملة من أهداه المقوقس للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنجشة الحبشى ، وسلمان بن عبد الله الفارسى ، وشمعون بن زيد أبو ريحانة ، أبو بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة.

٢٩٠

١٠٣ ـ كتّابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أما كتّابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فهم :

أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلى بن أبى طالب ، وطلحة بن عبد الله التميمى ، والزبير بن خويلد الأسدي ، وسعيد بن العاص. بن أمية ، وسعد بن أبى وقاص ، وعامر بن فهيرة التميمى ، مولى أبى بكر ، وعبد الله بن الأرقم القرشى الزهرى ، وأبى بن كعب بن قيس الأنصارى ، وثابت ابن قيس بن شماس الأنصارى الخزرجى ، وحنظلة بن الربيع بن صيفى ، وأبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وزيد بن ثابت بن الضحاك الأنصارى الخزرجى ، وشرحبيل بن حسنة ، وخالد بن الوليد بن المغيرة المخزومى ، وعمرو بن العاص بن وائل القرشى السهمى ، والمغيرة بن شعبة الثقفى ، وعبد الله بن رواحة الخزرجى الأنصارى ، ومعيقيب بن أبى فاطمة الدوسى ، وحذيفة بن اليمان ، وحويطب بن عبد العزى.

١٠٤ ـ مؤذنوه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أما مؤذنوه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأربعة ، اثنان بالمدينة ، وهما :

بلال بن رباح ، وهو أول من أذن لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعبد الله بن أم مكتوم القرشى الأعمى.

وأذن له صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقباء : سعد بن عائذ ، المعروف بسعد القرظ ، مولى عمار بن ياسر.

وأذن له صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة : أبو محذورة الجمحى القرشى.

* * *

٢٩١

١٠٥ ـ شعراؤه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما شعراؤه صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

فكعب بن مالك الأنصارى السلمى ، وعبد الله بن رواحة الخزرجى الأنصارى ، وحسان بن ثابت الأنصارى الخزرجى.

* * *

١٠٦ ـ سلاحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما أسيافه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكانت تسعة ، وهى :

مأثور ، والعضب ، وذو الفقار ، والقلعى ، والبتار ، والحتف ، والمخذم ، والرسوب ، والقضيب.

* * *

وأما أدراعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكانت سبعة ، وهى :

ذات الفضول ، وذات الوشاح ، والسعدية ، والغين ، ووفضة ، والبتراء ، والخرنق.

* * *

وأما أقواسه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكانت ستة ، وهى :

الزوراء ، والروحاء ، والصفراء ، وشوحط ، والكتوم ، والسداد.

* * *

١٠٧ ـ دوابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

وأما خيله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكانت سبعة ، وهى :

السكب ، وهو أول فرس ملكه ، اشتراه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعشر أواق ،

٢٩٢

وكان أغر محجلا طلق اليمين كميتا ، والمرتجز ، وكان أبيض ، وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته بشهادة رجلين ، والظرب ، أهداه له فروة بن عمرو الجذامي ، واللحيف ، أهداها له ربيعة بن أبى البراء ، واللزاز ، سمى به لشدة تلززه أو لاجتماع خلقه ، والورد ، أهداها له تميم الدارمى ، فأعطاه عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ، فحمل عمر عليه فى سبيل الله تعالى ، ثم وجده يباع برخص ، فأراد شراءه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تشتره ، وسبحة ، وكانت فرسا شقراء ، اشتراها صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أعرابى.

* * *

وكان له عليه الصلاة والسلام من البغال :

دلدل ، وكانت شهباء ، وفضة ، أهداها له فروة بن عمرو الجذامى ، فوهبها لأبى بكر.

وأخرى أهداها له ابن العلماء ، صاحب أيلة.

وأخرى أهداها له صاحب دومة الجندل.

وأخرى أهداها له كسرى.

* * *

وكان له عليه الصلاة والسلام من الحمير : عفير ، أهداه له المقوقس.

ويعفور ، أهداه له فروة بن عمرو الجذامى.

* * *

وكان له عليه الصلاة والسلام من اللقاح :

القصواء ، وهى التى هاجر عليها ، اشتراها من أبى بكر بثمانمائة درهم. والعضباء ، والجدعاء.

٢٩٣

١٠٨ ـ تلخيص وتعقيب :

فالرسول الكريم ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو ـ كما مر بك : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب «شيبة» بن هاشم «عمرو» بن عبد مناف «المغيرة» بن قصى «زيد» بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب ابن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة «عامر» بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان.

إلى هنا ينتهى النسب الصحيح ، وما فوق ذلك فهو من صنع النسابين.

وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر ، يلتقى نسبها مع نسب أبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند جدهما الأعلى : كلاب بن مرة.

ولقد مات أبوه عبد الله بالمدينة وأمه حامل به لشهرين ، وكان قد خرج فى تجارة فمرض فعرج بالمدينة يسلم بأخواله من بنى النجار ، فأقام عندهم شهرا مات بعده عن خمسة وعشرين عاما.

وكان مولده ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول ـ ٢٠ من أبريل سنة ٥١ ـ على الصحيح ، بالدار التى عند الصفا ، والتى كانت بعد لمحمد بن يوسف ، أخى الحجاج ، وقد بنتها زبيدة مسجدا حين حجت.

وكانت قابلته التى نزل على يديها : الشفاء ، أم عبد الرحمن بن عوف.

وأرضعته امرأة من بنى سعد بن بكر بن هوازن ، يقال لها : حليمة بنت أبى ذؤيب.

٢٩٤

واسم أبيه فى الرضاعة : الحارث بن عبد العزى ، من بنى سعد بن بكر ابن هوازن.

وكان إخوته فى الرضاعة : عبد الله بن الحارث ، وأنيسة بنت الحارث ، والشيماء حذافة بنت الحارث.

وحين بلغ محمد ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب بالأبواء ـ موضع بين مكة والمدينة ، وعمرها ثلاثون عاما.

وبعد وفاة آمنة بسنتين توفى جده عبد المطلب ، وكان يكفله ، وعمر محمد عندها ثمانى سنين.

فكان محمد بعد وفاة جده عبد المطلب مع عمه أبى طالب ، وأبو طالب وعبد الله ـ أبو رسول الله ـ أخوان لأب وأم ، وأمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

وحين بلغ محمد أربعة عشر عاما ـ أو خمسة عشر ـ كانت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين قيس عيلان. ولقد شهد محمد بعض أيامها ، أخرجه أعمامه معهم ينبل عليهم ، أى يرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم به.

ولما بلغ محمد خمسة وعشرين عاما تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد المعزى بن قصى بن كلاب بن مرة ، يلتقى نسبها مع نسبه فى جدهما الأعلى قصى ، كما يلتقى نسبها مع نسب أمه آمنة فى كلاب بن مرة.

وكانت خديجة أول امرأة تزوجها محمد ، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت ، وكانت سنها حين بنى بها محمد أربعين عاما. ولقد تزوجها قبل محمد رجلان هما : أبو هالة بن زرارة التميمى ، وعتيق بن عائذ المخزومى.

٢٩٥

وقد عرفت خديجة محمدا حين خرج فى تجارة لها إلى الشام فى رحلته الثانية مع غلامها ميسرة ، وكانت رحلته الأولى إلى الشام حين خرج مع عمه أبى طالب ، وسنه اثنا عشر عاما ، حدثها ميسرة عن صدقه وأمانته فرغبت فيه وسعت إلى الزواج منه.

وولدت خديجة لمحمد أولاده كلهم إلا إبراهيم ، فإنه من مارية القبطية ، فولدت له القاسم ، وبه كان يكنى ، والطيب «الطاهر» ، ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة.

ومات القاسم والطيب فى الجاهلية. وأدركت بناته كلهن الإسلام وأسلمن.

وحين بلغ محمد خمسة وثلاثين أخذت قريش فى تجديد بناء الكعبة ، وكانت قد أصابها حريق ، ومن بعد الحريق سيل. وحين بلغت قريش موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يكون له الشرف فى وضعه موضعه ، وكاد الخلاف يثير بينهم حربا ، ثم انتهوا إلى أن يكون الفصل بينهم إلى أول داخل عليهم من باب بنى شيبة ، وكان محمد أول داخل عليهم من هذا الباب ، فارتضوه حكما فيما شجر بينهم ، فبسط محمد رداءه ووضع الحجر عليه ، وأمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف من أطراف الرداء ، حتى إذا ما استووا رفع الحجر بيديه ووضعه مكانه.

ولقد عرفت قريش محمدا صبيّا فلم تعهد عليه ما تعهد مثله على الصبيان من إسفاف أو تدن ، وعرفته يافعا فلم تعد له نزوة أو زلة ، ثم عرفته زوجا فى سن مبكرة فعرفته أطهر الأزواج ذيلا.

وهو منذ أن درج بين أهله ووعى كان الصادق الأمين ، لا يقول إلا صدقا ، ولا يعطى أو يأخذ إلا أمينا حين يعطى ، أمينا حين يأخذ ، أمينا

٢٩٦

حين يستشار ويشير. والنفس إن ملكت الصدق والأمانة ملكت ما بعدهما من كل ما هو محمود من الصفات ، وهكذا كان محمد قبل أن يبعثه الله رسولا.

ولقد حبّب إلى محمد التحنث والتحنف شأن الصادفين عن متاع الحياة ، العازفين عن لينها المفضى إلى الاستنامة إليها ، فكان يعتكف فى حراء ـ جبل من جبال مكة على ثلاثة أميال منها ـ شهرا من كل سنة ، يجعله خالصا لعبادة ربه على ما رسم إبراهيم ، ومن بعده إسماعيل عليهما‌السلام.

وبقى محمد على هذا الذى أخذ به نفسه يختلف إلى غار حراء شهرا من كل عام ، إلى أن كانت السنة التى اختاره الله فيها رسولا لرسالته ، وكان عندها فى الأربعين من عمره.

وهكذا كان محمد حين دبت قدماه على أرض مكة من الجزيرة العربية محط الأبصار ، وشغل الأفكار ، حاطه ربه باليمين وليدا ، إيذانا منه لعباده بما سيؤهله له ، وصانه عن اللهو العابث صبيّا ليرتفع به عما يتدنى فيه غيره كى يمهد لإجلاله ، وأجرى الصدق على لسانه ، وبسط بالأمانة يديه ، وملأ بالرحمة قلبه ، وبالحكمة رأسه ، ليرى الناس فيه ما يفقدون من صفات فيلتفوا حوله اليوم تمهيدا لالتفافهم حوله فى غد.

وحين استوى محمد شابّا ، واستوت باستوائه صفات الكمال كلها فيه ، رأى الناس أنهم بين يدى عجب استعصى على عامتهم تأويله ، ولم يستعص على خاصتهم من أولى الكتاب ، فعرفوا أنه النبى المرتقب.

ومضى محمد فى طريقه المرسوم يهيئه الله لتلقى ما سوف يوحى به إليه.

فغدا لا يرى فى منامه رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح ، وغدت الخلوة

٢٩٧

محببة إلى نفسه ، يقضى فى غار حراء الليالى ذوات العدد خاليا لعبادته ، ولا يعود إلى أهله إلا لكى يتزود لمثلها.

وفيما كان محمد فى غار حراء خاليا يتحنث تمثل له جبريل يحمل إليه الوحى من ربه ، ويؤذنه بدعوة قومه إلى الله الواحد الأحد وترك عبادة الأوثان.

وكان ابتداء الوحى فى شهر رمضان وفى السابع عشر منه ، يشير إلى قوله تعالى فى سورة البقرة : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). ويشير إلى الثانية قوله تعالى فى سورة الأنفال : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) وكان التقاء الجمعين ـ أعنى المسلمين والمشركين يوم بدر ـ فى السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة.

وكان أول ما نزل عليه من الوحى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).

ولقد تلقاه الرسول مجهودا وانصرف به مشدوها ، ووقف فى مكانه بعد خروجه من حراء ناظرا فى آفاق السماء ، لا يتقدم أمامه ولا يرجع إلى الوراء ، إلى أن ارتدت إليه نفسه وانتهى إلى خديجة وهو يحس هزة المقرور.

وفتر الوحى فترة بلغت أعواما ثلاثة ، كانت لتلك النفس البشرية المختارة بمثابة الفترة التى سبقت الرحى وحبّب فيها إلى الرسول أن يتحنث ، فلقد هيأ هذا التحنث نفس محمد لهذا التلقى وقارب بها منه ، وإذا هى على الرغم من هذا التقريب وذاك الإعداد تهتز لجلال ما ترى وتسمع ، وإذا هى بهذا قد انتهت من مرحلة لتبدأ فى مرحلة ، وإذا المرحلة الجديدة فى حاجة إلى زاد كما كانت المرحلة الأولى فى حاجة إلى زاد ، وإذا هذا الزاد الجديد فترة يخلو فيها محمد إلى نفسه بما شاهد يتمثله مرة وسرة لتراح إليه روحه ، وليأنس به

٢٩٨

روعه ، حتى إذا ما تلقاه بعدها تلقاه متهيئا له. وهكذا كانت تلك الفترة خلو ثانية ، بعد تلك الخلوة الأولى فى غار حراء ، هيأت الأولى نفسه لتلقى الوحى وهيأت الثانية نفسه للأنس بالوحى.

وحركت فترة الوحى ألسنة أهل مكة بالقول فاسترسلوا يقولون : ودعه ربه؟؟ وقلاه. يرددها لسان الضلال شماتة بلسان الحق ، ويحاول العقل الغافل أن يخدع بها العقل الواعى ليصرفه عن الدعوة الجديدة.

وانضمت هذه التى خلا بها الخصوم من شماتة إلى تلك التى خلا بها الرسول من لهفة ، فإذا هو بعد هذه وتلك أحزن ما يكون على انقطاع الوحى ، وأشوق ما يكون إلى اتصاله.

ومع هذا التهيؤ الكامل لهذه النفس البشرية المختارة اتصل الوحى ونزل على محمد قوله تعالى : (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) يرد على المتقولين. ونزل عليه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ) يأمره أن يكون رسول ربه إلى الناس يدعوهم إليه وإلى الحق ، ويصرفهم عن الأوثان وعن الباطل.

* * *

وأخذ محمد يدعو إلى ربه ، وإلى هذا الدين الجديد الذى اصطفاه ربه له ، فى بيئة قد عرفت لها إيغالها فى الباطل واستكانتها إليه ، وبين قوم أشربوا الضلال فعاندوا عليه ، فاقتضت الحكمة الحكيمة أن تأخذ الدعوة طريقها سرّا لا علانية ، وخفية لا جهرا ، تضم إليها الآنس بها وتجمع عليها من تفتح قلبه لها.

وكان أقرب الناس إلى الرسول من الرجال أبو بكر ، وكان له صديقا وإلفا ، ومن الصبيان على بن أبى طالب ، فى ظله نشأ وبين يديه شب ، ومن

٢٩٩

النساء زوجته خديجة ، وكانت كالئته فى خلواته وملاذه فى فزعاته ، ومن الموالى زيد بن حارثة ، وكان حب رسول الله ، وهبته خديجة له قبل النبوة ، وكان عمره إذ ذاك ثمانى سنين ، فأعتقه رسول الله وتبناه ، ومن العبيد بلال بن رباح الحبشى ، وكان قريبا من أبى بكر غير بعيد عما يرى. فكان هؤلاء جميعا أول من آمنوا بمحمد وأول من صدقوه. وبقى الرسول بمن آمن معه يدعو الناس خفية ، وما سلم الرسول وما سلم من معه ـ على الرغم من عدم مجاهرتهم بالدعوة ـ من أذى كبير حملوه راضين ، حتى إذا ما أفصحت الدعوة عن نفسها شيئا ، وغدت حديث البيئة ، لم يكن بد من أن يقف محمد ومن حوله القليلون المستضعفون للناس جهرا يدعون ، بعد أن قضوا نحوا من أعوام ثلاثة يسرون.

وكان الصدام بين الحق والباطل. وما جبلت النفوس الغافلة أن تخرج من غفلتها فى يسر ، ولا سيما إذا كانت تلك الغفلة تظلها عقيدة وبحميها تقليد ، وكانت تلك العقيدة وذلك التقليد إرث قرون.

ومشت قريش إلى الرسول تساومه على أن يطلب ما يشاء من ملك أو سيادة أو مال على أن يترك ما يدعو إليه ، فعادوا بغير ما كانوا يأملون ، ولقد كانت لهم فيها عظة لو كانوا يتدبرون.

من أجل هذا عنف هذا الصدام وقسا ، وذاق دعاة الحق من عنفه ومن قسوته الشيء الكثير ، وكان ما ذاقوا ابتلاء لهذا الحق وابتلاء لهم ، إذ لو كان هو زيفا ما ضمهم إليه على عسره ، ولو كانوا هم على غير اليقين به ما انضموا إليه حاملين ما يمر.

ومضى محمد يشق الطريق بمن تبعه وسط هو جاء عاصفة ، يدبر للدعوة

٣٠٠