الأنوار البهيّة في القواعد الفقهيّة

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

الأنوار البهيّة في القواعد الفقهيّة

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: محلاتي
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
ISBN: 964-7455-060-2
الصفحات: ٢١٦

المستفاد الضرير عن موسى بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام في نقل خطبة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في جملة كلام له ايها الناس اسمعوا وصيتي من آمن بي وصدّقني بالنبوة وأنّي رسول الله فاوصيه بولاية علي بن ابي طالب وطاعته والتصديق له فان ولايته ولايتي وولاية ربي قد ابلغتكم فليبلّغ الشاهد الغائب ، الحديث (١).

وتقريب الاستدلال بالحديث ذلك التقريب والجواب هو الجواب فلا نعيد.

الوجه السابع : ان الأحكام الشرعية مجعولة على المكلفين من الازل على نحو القضية الحقيقية لا بنحو القضية الخارجية مثلا قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢) يشمل جميع من يكون مستطيعا ولا يختص بجماعة خاصة وافراد مخصوصين كي نحتاج الى قاعدة الاشتراك وفي الحقيقة ان الوجه المذكور يهدم القاعدة.

أقول : الاستدلال بالمدعى بالوجه المذكور اغرب واعجب من سابقه إذ الكلام في هذه القاعدة لا يكون بالنسبة الى مقام الثبوت إذ ذلك المقام معلوم عند الله ومن يكون متصلا بعالم الوحي ولا يكون الكلام في الادلة العامة أو المطلقة في مقام الاثبات إذ مع احراز الاشتراك بالعموم أو الاطلاق لا مجال للبحث والقيل والقال انما الكلام فيما ثبت تكليف لشخص أو جماعة فنتكلم في ان ذلك الحكم هل يشمل غير مورده من بقية آحاد المكلفين أم لا والله وليّ التوفيق.

الوجه الثامن : الأحاديث التي تدل على ارجاع المعصوم عليه‌السلام الناس الى رواة الحديث منها ما رواه أحمد بن اسحاق عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته وقلت من أعامل وعمن آخذ وقول من أقبل؟ فقال العمري ثقتي فما ادّى إليك عنّي

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٤٧٦ ـ ٤٧٨ الحديث ٢٧.

(٢) آل عمران : ٩٧.

٨١

فعنّي يؤدّي وما قال لك عني فعنّي يقول فاسمع له وأطع فانه الثقة المأمون ، قال وسألت أبا محمد عليه‌السلام عن مثل ذلك فقال العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤديان وما قالا لك فعنّي يقولان فاسمع لهما واطعهما فانهما الثقتان المأمونان الحديث (١).

ومنها ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المتعة فقال : الق عبد الملك بن جريح فسله عنها فان عنده منها علما فلقيته فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها وكان فيما روى فيها ابن جريح أنه ليس لها وقت ولا عدد الى ان قال فاتيت بالكتاب أبا عبد الله عليه‌السلام فقال صدق واقرّ به (٢) ومنها ما رواه عبد الله بن ابي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام انه ليس كل ساعة القاك ولا يمكن القدوم ويجئ الرجل من اصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني عنه فقال ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فانه سمع من أبي وكان عنده وجيها (٣) ومنها ما رواه علي بن المسيب الهمداني قال : قلت للرضا عليه‌السلام شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني قال من زكريّا ابن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا قال علي بن المسيب فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عمّا احتجت اليه (٤) ومنها ما رواه محمد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعا عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما احتاج اليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج اليه

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب صفات القاضي الحديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ١١ من أبواب صفات القاضي الحديث ٥.

(٣) نفس المصدر الحديث ٢٣.

(٤) نفس المصدر الحديث ٢٧.

٨٢

من معالم ديني فقال نعم (١) فان ارجاع الامام عليه‌السلام الناس الى رواة الحديث يستلزم الاشتراك في التكليف وهذا التقريب غير تام اذ المستفاد من هذه الأحاديث ان الأحكام الشرعية تؤخذ من الرواة الثقات وكلامنا في المقام انه لو ثبت حكم لفرد من آحاد المكلفين أو جماعة منهم هل يشترك غيرهم معهم في ذلك الحكم أم لا ولا ارتباط بين المقامين أصلا.

الوجه التاسع : ما رواه أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام الى أن قال : لأن حكم الله عزوجل في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء الّا من علة أو حادث يكون والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء والفرائض عليهم واحدة يسأل الآخرون من اداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ويحاسبون عما به يحاسبون الحديث (٢) فانه قد صرح في الحديث بعدم الفرق بين الأولين والآخرين في فرائض الله وأحكامه وجميع الخلق مشتركون في حكم الله وهذا هو المدعى في المقام.

ويرد على التقريب المذكور ان الحديث المشار اليه غير تام سندا فان بكر بن صالح لم يوثق فاذا فرض كون بقية رواة الحديث ثقاة يكفي لعدم الاعتبار عدم اعتبار واحد من الرواة الواقعين في السند.

الوجه العاشر : ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اوصي الشاهد من أمّتي والغائب منهم ومن في اصلاب الرجال وارحام النساء الى يوم القيامة ان يصل الرحم وان كانت منه على مسيرة سنة فان ذلك من الدين (٣) بتقريب ان المستفاد من الحديث ان وجوب صلة الرحم

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٣٣.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب جهاد العدو الحديث ١.

(٣) بحار الأنوار : ج ٧٤ ص ١١٤ الحديث ٧٣ والكافي ج ٢ ص ١٥١ الحديث ٥.

٨٣

لا يختص بطائفة خاصة وحيث أنه لا فرق بين هذا الحكم وبقية الأحكام نلتزم بالاشتراك.

وهذا الاستدلال كما ترى من غرائب الاستدلالات والبراهين إذ لو كان الأمر كذلك ونجزم بعدم الفرق بين الأحكام فلا نحتاج الى التوسل الى هذه الرواية بل الأحكام المشتركة والعامة الى ما شاء الله فان الصلوات اليومية واجبة على جميع الآحاد من المكلفين وقس عليها صوم شهر رمضان والحج وحرمة شرب الخمر والزنا وامثالها أعاذنا الله من الزلل ووفقنا لما يحب ويرضى والعمدة في الاشكال انه بأيّ تقريب يمكن تعميم حكم وارد في خصوص شخص الى بقية الآحاد.

اذا عرفت ما تقدم نقول : تارة يكون لسان الدليل على نحو يشمل المكلفين كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) وأمثال ما ذكر واخرى ليس الأمر كذلك بان لا يشمل الدليل الا شخصا أو اشخاصا كما يكون الامر كذلك في نصوص كثيرة الى ما شاء الله منها ما رواه زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل شك في الاذان وقد دخل في الاقامة قال يمضي قلت رجل شك في الاذان والاقامة وقد كبّر قال يمضي قلت رجل شك في التكبير وقد قرأ قال يمضي قلت شك في القراءة وقد ركع قال يمضي قلت شك في الركوع وقد سجد قال يمضي على صلاته ثم قال يا زرارة اذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء (٣) ومنها ما رواه محمد بن أبي حمزة عن عبد الرحمن بن الحجاج وعلي جميعا عن أبي ابراهيم عليه‌السلام في السهو في الصلاة قال تبني على اليقين

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) المائدة : ١.

(٣) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الخلل الحديث ١.

٨٤

وتأخذ بالجزم وتحتاط بالصلوات كلها (١) ومنها ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : اذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاقض الذي فاتك سهوا (٢) ومنها ما رواه علي بن مهزيار قال : كتب اليه سليمان بن رشيد يخبره انه بال في ظلمة الليل وانه اصاب كفه برد نقطة من البول لم يشك انه أصابه ولم يره وانه مسحه بخرقة ثم نسي ان يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفيه ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلى فاجابه بجواب قرأته بخطه اما ما توهمت مما أصاب يدك فليس بشيء الّا ما تحقق فان حققت ذلك كنت حقيقا ان تعيد الصلوات اللواتي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها وما فات وقتها فلا اعادة عليك لها من قبل ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت واذا كان جنبا أو صلى على غير وضوء فعليه اعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لان الثوب خلاف الجسد فاعمل على ذلك ان شاء الله (٣) ومنها ما رواه زرارة قال : قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من مني فعلمت اثره الى أن أصيب له الماء فاصبت وحضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي شيئا وصليت ثم اني ذكرت بعد ذلك قال تعيد الصلاة وتغسله قلت فاني لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته قال تغسله وتعيد الحديث (٤) ومنها ما رواه زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله وان صليت فيه فأعد

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٢.

(٢) نفس المصدر الحديث ٧.

(٣) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب النجاسات الحديث ١.

(٤) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب النجاسات الحديث ٢.

٨٥

صلاتك (١).

ومنها ما رواه زرارة قال : قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو شيء من مني الى أن قال ان رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة قال تنقض الصلاة وتعيد اذا شككت في موضع منه ثم رأيته وان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شيء أوقع عليك فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك (٢) ومنها ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ان رأيت في ثوبك دما وانت تصلي ولم تكن رأيته قبل ذلك فأتم صلاتك فاذا انصرفت فاغسله قال وإن كنت رأيته قبل أن تصلي فلم تغسله ثم رأيته بعد وأنت في صلاتك فانصرف فاغسله واعد صلاتك (٣) ومنها ما رواه قاسم الصيقل قال : كتبت الى الرضا عليه‌السلام اني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي فاصلّي فيها فكتب عليه‌السلام إليّ اتخذ ثوبا لصلاتك فكتبت الى ابي جعفر الثاني عليه‌السلام اني كتبت الى ابيك عليه‌السلام بكذا وكذا فصعب عليّ ذلك فصرت اعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية فكتب عليه‌السلام إليّ كل أعمال البر بالصبر يرحمك الله فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس (٤) ومنها ما رواه سماعة قال : سألته عن جلود السباع ينتفع بها قال اذا رميت وسميت فانتفع بجلده واما الميتة فلا (٥) ومنها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام في حديث قال : سألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدري لمن كان

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب النجاسات الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب النجاسات الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب النجاسات الحديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ٤٩ من أبواب النجاسات الحديث ١.

(٥) نفس المصدر الحديث ٢.

٨٦

هل تصلح الصلاة فيه قال ان اشتراه من مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصلي فيه حتى يغسله (١) ومنها ما رواه الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال اشتر وصل فيها حتى تعلم انه ميت بعينه (٢) ومنها ما رواه الحسن بن الجهم قال : قلت لأبي الحسن عليه‌السلام اعترض السوق فاشتري خفا لا ادري أذكي هو أم لا قال صل فيه قلت فالنعل قال مثل ذلك قلت اني أضيق من هذا قال أترغب عمّا كان أبو الحسن عليه‌السلام يفعله (٣) وندعي ان هذه النصوص وإن كانت متعرضة لحكم شخص خارجي ومكلف معين وليس فيها عموم أو اطلاق بحسب الموازين ولكن مع ذلك يستفاد منها الحكم لعامة المكلفين وهذا العرف ببابك والوجه في هذا المدعى ان العرف بما هو كذلك يفهم ان السؤال وإن كان عن الشخص الخارجي لكن لا بما هو ابن بكر أو والد خالد أو نجفي أو مدنيّ.

الى غير ذلك من المشخصات بل بعنوان انه فرد من افراد المكلفين.

وإن شئت فقل لا يفرق العرف بين ان يكون السؤال عن نفسه بقوله غسلت يدي بماء الورد وبين ان يقول رجل غسل يده بماء الورد وبين ان يقول شخص غسل يده بماء الورد.

والذي يدل على هذه المقالة بوضوح انه لو سئل أحد مقلّده بأن يقول له غسلت يدي بماء الورد ما حكمه واجابه المجتهد بان الغسل لا بد ان يكون بالماء المطلق يفهم العرف ان السؤال عن الحكم الشرعي العام وهذا الذي أقول واضح ولا مجال للتأمل فيه وبهذا التقريب يتم الامر ونحكم بالاشتراك الا فيما قام الدليل

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب النجاسات الحديث ١.

(٢) نفس المصدر الحديث ٢.

(٣) نفس المصدر ، الحديث ٩.

٨٧

على خلاف هذا الظهور كما هو كثير أيضا فانه يفترق حكم المرأة عن الرجل في أحكام الصلاة وفي كثير من الأحكام.

ويمكن اثبات المدعى بتقريب آخر أيضا وهو ارتكاز اهل الشرع بان الأحكام الشرعية عامة لجميع المكلفين الا في موارد قيام الدليل على الخلاف والعرف الشرعي والسوق الارتكازي نصب عينيك كما انه يمكن اثبات المدعى بوجه ثالث وهو انه لا اشكال في ان كل من يكون بالغا عاقلا مكلف بتكاليف ولا يكون مطلق العنان ومرسلا بلا قيد هذا من ناحية ومن ناحية اخرى أنه لو كان تغاير بين المكلفين في الأحكام كان على الشارع الأقدس البيان والاعلام وحيث لم يعلم ولم يظهر التفريق من قبله يعلم ويكشف ان الحكم المترتب على شخص مترتب على غيره أيضا وإن أبيت عن جميع ذلك نقول (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) هذا تمام الكلام في هذه القاعدة ويقع الكلام ان شاء الله تعالى في قاعدة نجاسة الكافر وعدمها.

٨٨

القاعدة الثامنة

قاعدة نجاسة الكافر وعدمها

ويقع الكلام في هذه القاعدة من جهات :

الجهة الأولى : في بيان مفهوم الكافر وتوضيح المراد منه فنقول المستفاد من اللغة ان الكافر عبارة عن الانكار وعبارة عن الستر وبهذا الاعتبار يقال ويطلق عنوان الكافر على من ينكر الالوهية والرسالة واما من حيث النصوص الواردة في المقام فهي مختلفة وعلى طوائف : الطائفة الأولى : ما يدل على ان الإسلام متقوم بالصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية : منها ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية (١) ومنها ما رواه عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام اوقفني على حدود الايمان فقال شهادة أن لا إله إلّا الله وانّ محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله وصلاة الخمس واداء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية وليّنا وعداوة عدوّنا والدخول مع الصادقين (٢) ومنها ما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد

__________________

(١) الكافي : ج ٢ باب دعائم الإسلام ص ١٨ الحديث ١.

(٢) نفس المصدر الحديث ٢.

٨٩

بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس باربع وتركوا هذه يعني الولاية (١) ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة فقلت وايّ شيء من ذلك أفضل فقال الولاية افضل لأنها مفتاحهنّ والوالي هو الدليل عليهن (٢).

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمس : الولاية والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج (٣) ومنها ما رواه فضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمس : الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادي بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير (٤) ومنها ما رواه عيسى بن السريّ قال لأبي عبد الله عليه‌السلام حدثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام اذا أنا أخذت بها زكي عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده فقال : شهادة أن لا إله الّا الله وانّ محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال من الزكاة والولاية التي أمر الله عزوجل بها ولاية آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من مات ولا يعرف امامه مات ميتة جاهلية ، قال الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٥) فكان علي عليه‌السلام ثم صار من بعده حسن ثم من بعده حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي ثم هكذا يكون الأمر ان الأرض لا تصلح الّا بامام ومن مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم الى معرفته اذا بلغت

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٣.

(٢) نفس المصدر الحديث ٥.

(٣) الكافي : ج ٢ باب دعائم الإسلام الحديث ٧.

(٤) نفس المصدر الحديث ٨.

(٥) النساء : ٥٩.

٩٠

نفسه هاهنا قال واهوى بيده الى صدره يقول حينئذ لقد كنت على أمر حسن (١) ومنها ما رواه أبو بصير قال : سمعته يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال له جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترض الله عزوجل على العباد ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ما هو؟ فقال أعد عليّ فأعاد عليه فقال شهادة أن لا إله الّا الله وانّ محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت من استطاع اليه سبيلا وصوم شهر رمضان ثم سكت قليلا ثم قال والولاية مرتين ثم قال هذا الذي فرض الله على العباد ولا يسأل الربّ العباد يوم القيام فيقول ألا زدتني على ما افترضت عليك ولكن من زاد زاده الله ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ سننا حسنة جميلة ينبغي للناس الأخذ بها (٢) ومنها ما رواه عمرو بن حريث قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد فقلت له : جعلت فداك ما حوّلك الى هذا المنزل قال : طلب النزهة فقلت : جعلت فداك الا أقصّ عليك ديني فقال : بلى قلت أدين الله بشهادة أن لا إله الّا الله وحده لا شريك له وانّ محمدا عبده ورسوله (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) و (إِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وانكم ائمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين الله به فقال : يا عمرو هذا والله دين الله ودين آبائي الذي أدين الله به في السرّ والعلانية فاتّق الله وكفّ لسانك الّا من خير ولا تقل أني هديت نفسي بل الله هداك فادّ شكر ما أنعم الله عزوجل

__________________

(١) الكافي : ج ٢ باب دعائم الإسلام الحديث ٩.

(٢) الكافي : ج ٢ باب دعائم الإسلام الحديث ١١.

٩١

به عليك ولا تكن ممن اذا أقبل طعن في عينه واذا أدبر طعن في قفاه ولا تحمل الناس على كاهلك فانك أو شك ان حملت الناس على كاهلك أن يصدعوا شعب كاهلك (١).

الطائفة الثانية : ما يدل على ان من صدق وشهد بالتوحيد والرسالة يكون مسلما ويجري عليه أحكام الإسلام : منها ما رواه سماعة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أخبرني عن الإسلام والايمان أهما مختلفان فقال ان الايمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الايمان فقلت فصفهما لي فقال الإسلام بشهادة أن لا إله الّا الله والتصديق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به والايمان أرفع من الإسلام بدرجة ان الايمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الايمان في الباطن وان اجتمعا في القول والصفة (٢) فان المستفاد من هذه الطائفة ان من شهد بالتوحيد وصدّق رسالة رسول الإسلام تجري عليه أحكام الإسلام وهو مسلم.

الطائفة الثالثة : ما يدل على كفر من لا يكون شيعيا اثنى عشريا : منها ما رواه المفضل بن عمر قال : دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وعليّ ابنه في حجره وهو يقبّله ويمص لسانه ويضعه على عاتقه ويضمّه إليه ويقول بأبي أنت ما أطيب ريحك واطهر خلقك وأبين فضلك الى أن قال قلت هو

__________________

(١) الكافي : ج ٢ باب دعائم الإسلام الحديث ١٤.

(٢) الكافي : ج ٢ ص ٢٥ باب ان الايمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الايمان الحديث ١.

٩٢

صاحب هذا الأمر من بعدك قال : نعم من اطاعه رشد ومن عصاه كفر (١) ومنها ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : منّا الامام المفروض طاعته من جحده مات يهوديا أو نصرانيا الحديث (٢) ومنها ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام ان الله جعل عليا عليه‌السلام علما بينه وبين خلقه ليس بينه وبينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ومن شك فيه كان مشركا (٣) ومنها ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : عليّ عليه‌السلام باب هدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار (٤) ومنها ما رواه مروان بن مسلم قال : قال الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام الامام علم فيما بين الله عزوجل وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا (٥) ومنها ما رواه سدير قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام في حديث ان العلم الذي وضعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند علي عليه‌السلام من عرفه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ثم كان من بعده الحسن عليه‌السلام بتلك المنزلة الحديث (٦) ومنها ما رواه صفوان الجمّال عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لمّا نزلت الولاية لعلي عليه‌السلام قال رجل من جانب الناس فقال : لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها الّا كافر الى أن قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا جبرئيلعليه‌السلام (٧) ومنها ما رواه يحيى بن

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ٢.

(٢) نفس المصدر الحديث ١١.

(٣) نفس المصدر الحديث ١٣.

(٤) نفس المصدر الحديث ١٤.

(٥) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ١٨.

(٦) نفس المصدر الحديث ١٩.

(٧) نفس المصدر الحديث ٢٥.

٩٣

القاسم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم الى أن قال المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر (١) ومنها ما رواه موسى بن عبد ربه عن الحسين بن علي عليهما‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث قال : من زعم انه يحبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يحبّ الوصي فقد كذب ومن زعم انه يعرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يعرف الوصي فقد كفر (٢) ومنها ما رواه أبو خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : قلت له : كم الائمة بعدك قال ثمانية لان الائمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر الى أن قال : ومن ابغضنا وردّنا أو ردّ واحدا منّا فهو كافر بالله وبآياته (٣) ومنها ما رواه ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلاثة (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) من ادّعى امامة من الله له ومن جحد اماما من الله ومن زعم انّ لهما في الإسلام نصيبا (٤) ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال : من اصبح من هذه الأمة لا امام له من الله أصبح تائها متحيرا ضالا ان مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق (٥) ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : أرأيت من جحد اماما منكم ما حاله فقال من جحد اماما من الائمة وبرئ منه ومن دينه فهو كافر (ومرتد) عن الإسلام لان الامام من الله ودينه دين الله ومن برئ من دين الله فدمه مباح في تلك الحالة الا أن يرجع أو يتوب الى الله مما

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٢٧.

(٢) نفس المصدر الحديث ٢٨.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ٢٩.

(٤) نفس المصدر الحديث ٣٤.

(٥) نفس المصدر الحديث ٣٧.

٩٤

قال (١) ومنها ما رواه أحمد بن محمد بن مطهر قال : كتب بعض أصحابنا الى أبي محمدعليه‌السلام يسأله عمّن وقف على أبي الحسن موسى عليه‌السلام فكتب لا تترحم على عمّك وتبرأ منه انا الى الله منه برئ فلا تتولهم ولا تعد مرضاهم ولا تشهد جنائزهم (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) من جحد اماما من الله أو زاد اماما ليست امامته من الله كان كمن قال : (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)(٢) ان الجاحد امر آخرنا جاحد أمر أوّلنا الحديث (٣) ومنها ما رواه أبو سلمة عن عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : من عرفنا كان مؤمنا ومن أنكرنا كان كافرا ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا (٤) ومنها ما رواه الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مات ولا يعرف امامه مات ميتة جاهلية قال : نعم قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف امامه قال : جاهلية كفر ونفاق وضلال (٥) ومنها ما رواه أبو حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول انّ عليا عليه‌السلام باب فتحه الله عزوجل فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخله فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى : فيهم المشيئة (٦) ومنها ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ)(٧) قال يعني

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٣٨.

(٢) المائدة : ٧٣.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ٤٠.

(٤) نفس الحديث الحديث ٤٣.

(٥) نفس المصدر الحديث ٤٧.

(٦) نفس المصدر الحديث ٤٩.

(٧) القصص : ٥٠.

٩٥

من اتخذ دينه رأيه بغير امام من ائمة الهدى (١) ومنها ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل نصب عليا عليه‌السلام علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا ومن جاء بولايته دخل الجنة (٢) ومنها ما رواه محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا امام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحيّر والله شانئ لا عماله ومثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها فلمّا جنّها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في ربضتها فلمّا أن ساق الراعي قطيعة انكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت اليها واغترّت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فانك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيرة نادة لا راعي لها يرشدها الى مرعاها أو يردها فبينا هي كذلك اذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها وكذلك والله يا محمد من اصبح من هذه الامة لا امام له من الله جلّ وعزّ ظاهرا عادلا اصبح ضالا وان مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق واعلم يا محمد ان ائمة الجور واتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فاعمالهم التي يعملونها (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)(٣) ومنها ما رواه عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي

__________________

(١) الكافي : ج ١ ص ٣٧٤ باب فيمن دان الله عزوجل بغير امام من الله جلّ جلاله الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حد المرتد الحديث ٤٨.

(٣) الكافي ج ١ ص ٣٧٤ باب فيمن دان الله عزوجل بغير امام من الله جلّ جلاله الحديث ٢.

٩٦

عبد الله عليه‌السلام : اني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا لهم امانة وصدق ووفاء واقوام يتولونكم ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء والصدق؟ قال : فاستوى أبو عبد الله عليه‌السلام جالسا فاقبل عليّ كالغضبان ثم قال لا دين لمن دان الله بولاية امام جائر ليس من الله ولا عتب على من دان بولاية امام عادل من الله قلت لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء قال : نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء ثم قال : ألا تسمع لقول الله عزوجل (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(١) يعني من ظلمات الذنوب الى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل امام عادل من الله وقال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ)(٢) انما عني بهذا انهم كانوا على نور الإسلام فلمّا ان تولوا كل امام جائر ليس من الله عزوجل خرجوا بولايتهم ايّاه من نور الإسلام الى ظلمات الكفر فاوجب الله لهم النار مع الكفار ف (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣)(٤) ومنها ما رواه الفضيل بن يسار قال : ابتدأنا أبو عبد الله عليه‌السلام يوما وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مات وليس عليه امام فميتته ميتة جاهلية فقلت قال ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اي والله قد قال قلت : فكل من مات وليس له امام فميتته ميتة جاهلية قال : نعم (٥) ومنها ما رواه الحارث بن المغيرة

__________________

(١) البقرة : ٢٥٧.

(٢) البقرة : ٢٥٧.

(٣) البقرة : ص ٢٥٧.

(٤) الكافي : ج ١ ص ٣٧٥ باب فيمن دان الله عزوجل بغير امام من الله جل جلاله الحديث ٣.

(٥) الكافي : ج ١ ص ٣٧٦ باب من مات وليس له امام الحديث ١.

٩٧

قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية؟ قال : نعم قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف امامه قال : جاهلية كفر ونفاق وضلال (١) ومنها ما رواه المفضل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام من دان الله بغير سماع عن صادق الزمه الله البتة الى العناء ومن ادّعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سرّ الله المكنون (٢) ولا اشكال في انه لا بد من التصرف في الطائفة الاولى إذ من الضروري ان مجرد ترك الصلاة وبقية الفرائض المذكورة في تلك الطائفة لا يكون موجبا للكفر وعليه لا بد من العمل بالقواعد بالنسبة الى الطائفة الثانية والثالثة : فنقول مقتضى القاعدة تقديم الطائفة الثالثة على الثانية والالتزام بكفر غير الامامي الاثني عشري والوجه في ذلك ان الطائفة الثالثة دلالتها على اسلام من يشهد بالشهادتين بالاطلاق أي أعم من يكون ملتزما بالولاية أم لا والمطلق قابل لان يقيد بالمقيد والشاهد عليه انه لا يمكن العمل بالاطلاق تلك الطائفة والا يلزم القول باسلام من يلتزم بالتوحيد والرسالة ولكن يكون منكرا للمعاد وهل يمكن القول به؟! وان أبيت عن قابلية الطائفة الثانية للتقييد نقول الترجيح بالاحدثية مع الطائفة الثالثة فان جملة من أحاديث الطائفة الثالثة أحدث منها ما رواه المفضل بن عمر (٣) ومنها ما رواه أحمد بن محمد بن مطهر (٤) ومنها ما رواه عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه‌السلام في حديث طويل قال ولم يمض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بيّن لامّته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد

__________________

(١) نفس المصدر ص ٣٧٧ الحديث ٣.

(٢) نفس المصدر الحديث ٤.

(٣) لاحظ ص ٩٢.

(٤) لاحظ ص ٩٥.

٩٨

سبيل الحق واقام لهم عليا عليه‌السلام علما واماما وما ترك شيئا تحتاج اليه الامة الا بيّنه فمن زعم انّ الله عزوجل لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب الله عزوجل ومن ردّ كتاب الله فهو كافر (١) ومنها ما رواه ابن أبي نصر (٢) والمرجح الوحيد في باب الترجيح كون الحديث أحدث ويؤيد المدعى دعوى الاجماع على كفر من انكر الولاية فانه نقل عن الشيخ نوبخت في كتاب فص الياقوت دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا وعن ابن ادريس في السرائر أن المخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.

الجهة الثانية : في الوجوه التي يمكن الاستدلال بها على نجاسة [أنواع] الكافر أو استدل بها والكافر انواع ونبحث في كل نوع على استقلاله فنقول : النوع الأول الملحد قال في الحدائق وقد حكى جماعة دعوى الاجماع على نجاسة مطلق الكافر.

وفيه انه قد ثبت في محله عدم اعتبار الاجماع المنقول بل لا اعتبار بالمحصل منه الا أن يكون كاشفا عن رأي المعصوم عليه‌السلام فهذا الوجه لا اعتبار به.

وربما يقال بانه اذا ثبت كون المشرك نجسا يثبت نجاسة الملحد بالأولوية وفيه اولا ان نجاسة المشرك أول الكلام ولا بد من البحث فيها وثانيا ان الاولوية ممنوعة إذ يمكن ان يقال انّ هتك المشرك بالنسبة الى ذاته تعالى اشد من هتك المنكر فان مقامه اجل وارفع من ان يكون له شريك.

ان قلت يستفاد من بعض النصوص ان الكفر اشد من الشرك منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال : الكفر اعظم من الشرك فمن اختار على الله عزوجل وأبى الطاعة واقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب حدّ المرتد الحديث ٤٦.

(٢) لاحظ ص ٩٥.

٩٩

غير دين المؤمنين فهو مشرك (١) ومنها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال في حديث الكفر أقدم من الشرك ثم ذكر كفر ابليس ثم قال فمن اجترى على الله فابى الطاعة واقام على الكبائر فهو كافر يعني مستخف كافر (٢).

قلت : لا يبعد ان المستفاد من هذه النصوص ان من اعتقد بالله ولكن قام في مقام التجري والطغيان وعصيان المولى يكون اخبث عن الذي يجعل له شريكا وبعبارة اخرى انه قائل بذاته تعالى ولكن يهتك المولى ولا يعتني بشأنه تعالى هذا من ناحية ومن ناحية اخرى اذا فرض انه وصلت النوبة الى الشك يكون مقتضى القاعدة الحكم بالطهارة لقاعدتها واستصحاب عدم نجاسته في وعاء الشرع فان كل حكم وضعي محكوم بالعدم إذ في كل مورد مسبوق بالعدم فاذا شك في انقلاب الحالة السابقة وصيرورته موضوعا للحكم الفلاني يكون مقتضى الاستصحاب عدمه.

النوع الثاني : من الكافر المشرك قال سيدنا الاستاد قدس‌سره في المقام لا اشكال ولا شك في نجاسة المشركين بل نجاستهم من الضروريات عند الشيعة ولا نعهد فيها مخالفا من الاصحاب نعم ذهب العامة الى طهارتهم ولم يلتزم منهم بنجاستهم الا القليل واستدل بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا)(٣) بتقريب ان النجس بالفتح كالنجس بالكسر فيستفاد من الاية الشريفة ان المشركين عين النجاسة قال المفسر الكبير في مجمع البيان في ذيل الآية : معناه ان الكافرين انجاس (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) الخ ...

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب مقدمات العبادات الحديث ٣.

(٢) نفس المصدر الحديث ٤.

(٣) التوبة : ٢٨.

١٠٠