تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي - ج ٥

الشيخ محمد حسن القبيسي العاملي

تفسير البيان الصافي لكلام الله الوافي - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمد حسن القبيسي العاملي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة البلاغ
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٠

ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره ، مع انه قد دهب المتذكرون ، وبقي الناسون او المتناسون».

١٣ ـ وفيه ٢ / ١١١ : وقال عليه‌السلام «واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش ، والهادي الذي لا يضلّ ، والمحدّث الذي لا يكذب ، وما جالس هذا القرآن احد الا قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى أو نقصان من عمى.

واعلموا أنه ليس على احد بعد القرآن من فاقة ، ولا لاحد قبل القرآن من غنى ، فاستشفوه من ادوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ، فان فيه شفاء من اكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق ، والغي والضلال ، فاسألوا الله به وتوجهوا اليه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، انه ما توجه العباد الى الله تعالى بمثله.

واعلموا أنه شافع ومشفع ، وقائل ومصدق ، وانه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه ، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه ، فانه ينادي مناد يوم القيامة «الا أن كل حارث مبتلي في حرثه ، وعاقبة عمله غير حرثة القرآن» فكونوا من حرثته واتباعه ، واستدلوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه أراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم العمل العمل ، ثم النهاية النهاية ، والاستقامة الاستقامة ، ثم الورع الورع».

١٤ ـ وفيه ٢ / ١٣٣ : وقال عليه‌السلام «فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن عليهم أنفسهم ، أتم نوره ، وأكمل به دينه ، وقبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد فرغ الى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظموا منه سبحانه ما عظم من نفسه ، فانه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه ، الا وجعل له علما باديا ، وآية محكمة ، تزجر عنه ، أو تدعو اليه».

١٥ ـ وفيه ٢ / ١٨٦ : وقال عليه‌السلام في صفة المتقين «أما الليل فصافون

١٤١

أقدامهم تالين لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون دواء دائهم ، فاذا مروا بآية فيها تشويق ، ركنوا اليها طمعا ، وتطلعت نفوسهم اليها شوقا ، وظنوا ان الجنة نصب أعينهم ، واذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم».

١٦ ـ وفيه ٢ / ٢٠٢ : وقال عليه‌السلام «ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه ، وسراجا لا يخبو توقده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنهاجا لا يضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهدم أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزا لا تهزم أنصاره ، وحقا لا تخذل أعوانه ، فهو معدن الايمان وبحبوحته ، وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه ، وأثافي الاسلام وبنيانه ، وأودية الحق وغيطانه ، وبحر لا ينزفه المتنزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون ، ومناهل لا يغيضها الواردون ومنازل لا يضل نهجها المسافرون ، واعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام لا يجوز عنها القاصدون ، جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ، ومطية لمن أعمله ، وآية لمن توسم ، وجنة لمن استلأم ، وعلما لمن وعى ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى».

١٧ ـ البحار ١٩ / ٧ : من خطبة له عليه‌السلام : «واعلموا انه ليس من شيء الا ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله ، الا الحياة فانه لا تعد في الموت راحة ، وانما ذلك بمنزلة الحكمة ، التي هي حياة للقلب الميت وبصر للعين العمياء ، وسمع للاذن الصماء وري للظمآن ، وفيها العنا كله والسلامة.

١٤٢

والثاني كتاب الله ، تبصرون به ، وتسمعون به ، وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف في الله ، ولا يخالف بصاحبه عن الله ، قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم ونبت المرعى على ذمتكم وتصافيتم على حب الامال ، وتعاديتم في كسب الاموال ، لقد استهام بكم الخبيث وفاه بكم الغرور ، والله المستعان على نفسي وانفسكم.

١٨ ـ تفسير العياشي : عن يوسف بن عبد الرحمن رفعه الى الحارث الاعور قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين اذا كنا عندك سمعنا الذي نشدّ به ديننا ، واذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة لا ندري ما هي.

قال : أوقد فعلوها؟! قال : قلت نعم. قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أتاني جبرئيل فقال : يا محمد سيكون في أمتك فتنة. قلت : فما المخرج منها؟ فقال : كتاب الله ، فيه بيان ما قبلكم من خبر ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من وليه ولاه من جبار ، فعمل بغيره قصمه الله ، ومن التمس الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم لا تزيغه الاهواء ، ولا تلبسه الالسنة ، ولا يخلق على الرد ولا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء. وهو الذي لم تكنه الجن اذ سمعته أن قالوا : «انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد» من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن اعتصم به هدي الى صراط مستقيم ، هو الكتاب العزيز الذي «لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد».

١٩ ـ تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام خطبة فقال فيها :

١٤٣

«نشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بكتاب فصّله وأحكمه ، وأعزّه ، وحفظه بعلمه ، وأحكمه بنوره ، وأيده بسلطانه وكلاه ، يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، ولا يخلقه طول الرد ، ولا تفنى عجائبه ، من قال به صدق ومن عمل به أجر ، ومن خاصم به فلج ، ومن قاتل به نصر ، ومن قام به هدي الى صراط مستقيم ، فيه أنباء من كان قبلكم ، والحكم فيما بينكم ، وخبر معادكم وأنزله بعلمه ، وأشهد الملائكة بتصديقه ، قال الله جل وجهه (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً).

فجعله الله نورا يهدي للتي هي أقوم ، وقال : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) وقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ، وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ، قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) وقال (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين ، قال : «فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى» فجعل في اتباعه كل خير يرجى في الدنيا والآخرة.

فالقرآن آمر زاجر ، حدّ فيه الحدود ، وسنّ فيه السنن ، وضرب فيه الامثال ، وشرع فيه الدين ، أعذارا لامر نفسه ، وحجة على خلقه ، أخذ على ذلك ميثاقهم ، وارتهن عليه انفسهم ليبين لهم ما يأتون وما يتقون «ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله سميع عليم».

٢٠ ـ البحار عن نهج البلاغة : قال عليه‌السلام في خطبة طويلة يذكر فيها بعثة الانبياء عليهم‌السلام «الى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لانجاز عدته ، وتمام نبوته ، مأخوذا على لنبيين ميثاقه مشهورة وسماته ، كريما ميلاده ، وأهل الارض يومئذ ملل

١٤٤

متفرقة ، وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتتة ، بين مشبّه لله بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو مشير الى غيره ، فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة ، ثم اختار سبحانه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقاءه ، ورضي له ما عنده فأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقام البلوى ، فقبضه اليه كريما ، وخلف فيكم ما خلفت الانبياء في اممها ، اذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح ، ولا علم قائم ، كتاب ربكم ، مبينا حلاله وحرامه ، وفرايضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ، ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسرا جملته ، ومبينا غوامضه بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، معلوم في السنة نسخه ، وواجب من السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه ، وبين واجب بوقته ، وزايل في مستقبله ، ومباين بين محارمه من كبير أوعد عليه ميزانه ، أو صغير أرصد له غفرانه ، وبين مقبول في أدناه ، موسع في أقصاه».

٢١ ـ البحار ١٩ / ٢٩ : توحيد الصدوق ، الدقاق ، عن الاسدي عن البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن اسماعيل بن مهران ، عن اسماعيل بن اسحاق ، عن فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن الصادق عليه‌السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في خطبة طويلة ، قال في آخرها : فما دلّك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك وبين معرفته ، وائتم به واستضيء بنور هدايته ، فانها نعمة وحكمة أوتيتهما فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما دلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك فرضه ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى أثره فكل علمه الى الله عزوجل فان ذلك منتهى حق الله عليك.

واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب ، فلزم الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من

١٤٥

الغيب المحجوب ، فقالوا (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، فمدح الله عزوجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا بها علما ، وسمى تركهم التعمق في ما لم يكلفهم البحث عنه رسوخا ، فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.

٢٢ ـ تفسير البرهان ١ / ١٢ : عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن عن بعض أصحابه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل اليكم الرسول ، وأنزل اليه الكتاب بالحق وانتم أميون عن الكتاب ومن نزله ، وعن الرسول ومن أرسله ، على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الامم ، وانبساط من الجهل ، واعتراض من الفتنة ، وانتقاض من المبرم ، وعمى عن الحق ، واعتساف من الجور ، وامتحاق من الدين ، وتلظي من الحرور ، على حين اصفرار من رياض جنان الدنيا ، ويبس من أغصانها ، وانتشار من ورقها ، ويأس من ثمرها واغورار من مائها ، قد درت أعلام الهدى ، وظهرت أعلام الردى ، فالدنيا متجهمة في وجوه أهلها ، مكفهرة ، مدبرة غير مقبلة ، ثمرتها الفتنة طعامها الجيفة وشعارها الخوف ، ودثارها السيف ، مزقتم كل ممزق ، وأعمت عيون اهلها ، وأظلمت عليها أيامها ، قد قطعوا أرحامهم ، وسفكوا دماءهم ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم يختارونهم طيب العيش ، ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون من الله ثوابا ، ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى لا يحسّ ، وميتهم في النار مبلس ، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الاولى ، وتصديق الذي بين يديه ، وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن ، فاستنطقوه ، ولن ينطق لكم ، أخبركم عنه ، ان فيه علم ما مضى ، وعلم ما يأتي الى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتم عنه لعلمتكم.

١٤٦

٦ ـ كلمات الزهراء عليهاالسّلام في القرآن

الاحتجاج للطبرسي ١ / ١٥٧ : قالت عليهاالسّلام في جملة خطبتها الطويلة المشهورة : زعيم حق له فيكم ، وعهد قدمه اليكم ، وبقية استخلفها عليكم ، كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، بينة بصائره ، منكشفة سرائره ، منجلية ظواهره ، مغتبطة به أشياعه قائد الى الرضوان اتباعه ، مؤد الى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنورة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وبيناته الجالية ، وبراهينه الكافية وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة ، فجعل الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك ...

وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون ، أم بغيره تحكمون؟! بئس للظالمين بدلا ، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).

ان الائمة (ع) عندهم علم التنزيل والتفسير والتأويل

١ ـ بصائر الدرجات : حدثنا عبد الله بن عامر ، عن عبد الرحمن ابن ابي نجران ، قال : كتب أبو الحسن الرضا عليه‌السلام رسالة واقرأنيها قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين الله في أرضه ، فلما قبض محمدا كنا أهل البيت ورثته ، ونحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب ، ومولد الاسلام ، وانا لنعرف الرجل اذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق ، وان شعيتنا لمكتوبون باسمائهم واسماء آبائهم ، أخذ الله علينا

١٤٧

وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ، ويدخلون مدخلنا ، نحن النجباء وافراط الانبياء ، ونحن أبناء الأوصياء ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ، ونحن أولى الناس بالله ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس بدين الله ، ونحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه : (شَرَعَ لَكُمْ ـ يا آل محمد ـ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) وقد وصانا بما أوصى به نوحا «(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) ـ يا محمد ـ وما وصينا به ابراهيم واسماعيل وموسى وعيسى واسحاق ويعقوب» فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ، نحن ورثة الانبياء ، ونحن ورثة أولي العزم من الرسل ، ان أقيموا الدين يا آل محمد ولا تفرقوا فيه وكونوا على جماعة (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من ولاية علي ان الله يا محمد يهدي اليه من ينيب من يجيبك الى ولاية علي عليه‌السلام.

٢ ـ وفيه : حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن الحسن بن ابراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن هشام بن الحكم ، في حديث بريهة النصراني حين سئل موسى بن جعفر عليه‌السلام فقال : يا بريهة كيف علمك بكتابك قال انا به عالم. قال : فكيف ثقتك بتأويله؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه قال فابتدأ موسى في قرءاة الانجيل فقال بريهة : والمسيح لقد كان يقرأها هكذا وما قرأ هذه القراءة الا المسيح ، ثم قال : اياك كنت أطلب منذ خمسين سنة. قال هشام : فدخل بريهة والمرأة على أبي عبد الله ـ وحكى هشام الكلام الذي جرى بين موسى وبين بريهة ـ فقال بريهة : جعلت فداك أين لكم التوراة والانجيل وكتب الانبياء؟ فقال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرأوها ونقولها كما قالوها ، والله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شيء فيقول لا ادري ، فلزم بريهة أبا عبد الله حتى مات.

٣ ـ بصائر الدرجات : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قال : رسول

١٤٨

الله أفضل الراسخين ، قد علم الله جميع ما أنزل الله اليه من التنزيل والتأويل وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، واوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله اذا قال العالم فيه العلم فأجابهم الله (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن له خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ.

٤ ـ وفيه : عن الاحتجاج ، عن أبي الجارود ، قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام : اذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله. ثم قال في بعض حديثه : ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال. فقيل له : يابن رسول الله ان هذا من كتاب الله عزوجل؟ قال : قوله (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقال (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) وقال (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

٥ ـ الكافي ١ / ١٠٩ : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن زاهد أو غيره عن محمد بن حماد ، عن أخيه احمد بن حماد ، عن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : قلت له جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث من النبيين كلهم؟ قال لي : نعم من لدن آدم الى أن انتهت الى نفسه. قال : ما بعث الله نبيا الا وكان محمد أعلم منه.

قال : قلت عيسى بن مريم كان يحيي الموتى باذن الله؟ قال : صدقت. قلت : وسليمان بن داود عليه‌السلام كان يفهم منطق الطير؟ هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر على هذه المنازل؟ قال : فقال ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره فقال (ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) وغضب عليه فقال (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) وانما غضب عليه لانه كان يدله على

١٤٩

الماء ، فهذا وهو طير قد أعطى ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة له طائعين ، ولم يعرف الماء تحت الهواء فكان الطير يعرفه ، ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) فقد ورثنا نحن هذا القرآن ، ففيه ما يقطع به الجبال ويقطع به البلدان وتحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وان في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر الا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في أم الكتاب ، ان الله يقول في كتابه (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ثم قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فنحن الذين اصطفانا الله فورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء. وفي بصائر الدرجات مثله.

٦ ـ بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن الحسين ويعقوب بن زيد ، عن ابن ابي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فجعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة ، فكيف يقرون في آل ابراهيم وينكرون في آل محمد عليهم‌السلام؟ قلت : فما معنى قوله (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : الملك العظيم ان جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم.

٧ ـ وفيه : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) قال : الذكر القرآن ونحن قومه ، ونحن المسؤولون.

٨ ـ وفيه : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر وعبد الكريم ، عن عبد الحميد

١٥٠

ابن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : كتاب الله الذكر ، وأهله آل محمد الذين أمر الله بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال ، وسمى الله ذكرا فقال (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

٩ ـ وفيه : حدثنا أحمد بن الحسين بن علي بن نضال ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) قال : قال هم آل محمد ، والسابق بالخيرات هو الامام.

١٠ ـ بصائر الدرجات : حدثنا ابراهيم بن هاشم عن علي بن معبد ، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام ، فأقبلت أقول كذا وكذا يقولون ، قال فيقول قل كذا وكذا ، فقلت : جعلت فداك هذا الحلال والحرام والقرآن أعلم انك صاحبه وأعلم الناس به وهذا هو الكلام. فقال لي : ويشك يا هشام من شك؟ الله يحتج على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون اليه فقد افترى على الله.

١١ ـ وفيه : حدثنا عبد الله بن محمد ، عن ابراهيم بن محمد الثقفي ، عن بعض رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : الفضل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو المقدم على الخلق جميعا لا يتقدم عليه أحد ، وعلي عليه‌السلام المتقدم من بعده ، والمتقدم بين يدي علي كالمتقدم بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك يجري للأئمة من بعده واحد بعد واحد ، جعلهم الله أركان الارض أن تميد بأهلها ، ورابطه على سبيل هداه ، لا يهتدي هاد من ضلالة الا بهم ، ولا يضل خارج من هدى الا بتقصير عن حقهم وامناء الله على ما أهبط الله من علم أو عذر أو نذر ، وشهداؤه على خلقه والحجة البالغة على من في الارض ،

١٥١

جرى لآخرهم من الله مثل الذي أوجب لأولهم ، فمن اهتدى بسبيلهم وسلم لأمرهم فقد استمسك بحبل الله المتين وعروة الله الوثقى ، ولا يصل الى شيء من ذلك الا بعون الله ، وان امير المؤمنين قال : انا قسيم بين النار والجنة لا يدخلها أحد الا على أحد قسمي ، واني الفاروق الاكبر وقرن من حديد وباب الايمان ، واني لصاحب العصا والميسم لا يتقدمني أحد الا أحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليدعى فيكسا ثم أدعى فأكسا ثم يدعى فيستنطق فينطق ثم أدعى فأنطق على حد منطقه ، ولقد أقرّت لي جميع الاوصياء والانبياء بمثل ما أقرت به لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد اعطيت السبع التي لم يسبقني اليها أحد ، علمت الاسماء والحكومة بين العباد وتفسير الكتاب وقسمة الحق من المغانم بين بني آدم ، فما شذّ عني من العلم شيء الا وقد علمنيه المبارك ولقد أعطيت حرفا يفتح الف حرف ، ولقد أعطيت زوجتي مصحفا فيه من العلم ما لم يسبقها اليه أحد خاصة من الله ورسوله.

١٢ ـ بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن حجر ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام. وأبي عبد الله البراقي ، عن أبي الجهم ، عن أسباط ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قالوا : نحن.

١٣ ـ وفيه : حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن سليمان بن سدير ، قال : كنت أنا وأبو بصير وميسر ويحيى البزاز وداود الرقي في مجلس أبي عبد الله عليه‌السلام اذ خرج الينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجبا لأقوام يزعمون انا نعلم الغيب وما يعلمه الا الله ، لقد هممت بضرب خادمتي فلانة فذهبت عني فما عرفتها في أي بيوت الدار هي ، فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر على أبي عبد الله

١٥٢

عليه‌السلام فقلنا له : جعلنا فداك سمعناك تقول كذا وكذا في أمر خادمتك ونحن نعلم انك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك الى علم الغيب. قال : فقال يا سدير ما تقرأ القرآن؟ قال : قلت قرأناه جعلت فداك. قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)؟ قال : قلت جعلت فداك قد قرأته. قال : فهل عرفت الرجل وعلمت ما كان عنده من علم الكتاب. قال : قلت فأخبرني حتى أعلم. قال : قدر قطرة من المطر الجود في البحر الأخضر ، ما يكون لك من علم الكتاب؟ قال : قلت جعلت فداك ما أقل هذا. قال : يا سدير ما أكثره لمن لم ينسبه الى العلم الذي أخبرك به ، يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)؟ قال : وأومأ بيده الى صدره فقال : علم الكتاب كله والله عندنا ـ ثلاثا.

١٤ ـ وفيه : حدثنا محمد بن اسماعيل ، عن محمد بن عمر الزيات ، عن عبد الله بن الوليد ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام أي شيء يقول الشيعة في عيسى وموسى وأمير المؤمنين عليه‌السلام؟ قلت : يقولون ان عيسى وموسى أفضل من أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : فقال أيزعمون أن امير المؤمنين عليه‌السلام قد علم ما علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قلت : نعم ولكن لا يقدمون على أولي العزم من الرسل أحدا. قال أبو عبد الله عليه‌السلام. فخاصمهم بكتاب الله. قال : فقلت وفي أي موضع منه أخاصمهم؟ قال الله تعالى لموسى (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) علمنا انه لم يكتب لموسى كل شيء ، وقال الله تبارك وتعالى لعيسى «ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه» وقال الله تعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ).

١٥٣

١٥ ـ بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن عيسى ويعقوب بن يزيد وغيرهما عن ابن محبوب ، عن ابن اسحاق بن غالب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : مضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخلف في أمته كتاب الله ووصيه علي بن ابي طالب عليه‌السلام وأمير المؤمنين وامام المتقين وحبل الله المتين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها وعهده المؤكد ملتقان يشهد كل واحد لصاحبه بتصديق ينطق الامام بين الله عزوجل في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعة الله وطاعة الامام وولايته واوجب حقه الذي أداه الله عزوجل من استكمال دينه واظهار أمره والاحتجاج بحجته والاستضاءة بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته ، قد ذخر الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه وأبلج بهم عن سبيل مناهجه وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ، فمن عرف من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واجب حق امامه وجد طعم حلاوة ايمانه وعلم وفضل طلاقة اسلامه لان الله ورسوله نصب الامام علما لخلقه وحجة على أهل عالمه ، ألبسه الله تاج الوقار وغشاه من نور الجبار يمدّ بسبب الى السماء ، لا ينقطع عنه موارده ولا ينال ما عند الله تبارك وتعالى الا بجهد أسباب سبيله ولا يقبل الله أعمال العباد الا بمعرفته ، فهو اعلم بما يرد من ملتبسات الوحي ومصيبات السنن ومشتبهات الفتن ، ولم يكن الله ليضلّ قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون وتكون الحجة من الله على العباد بالغة.

١٦ ـ تفسير البرهان ١ / ١٥ : وعنه ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عن عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول والله اني لأعلم كتاب الله من أوله الى آخره كأنه في كفى ، فيه خبر السماء وخبر الارض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، قال الله «فيه تبيان كل شيء».

١٥٤

١٧ ـ بصائر الدرجات : حدثنا الهيثم بن النهدين ، عن العباس بن عامر ، قال حدثنا عمرو بن مصعب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول ان من علم ما أوتينا تفسير القرآن وأحكامه ، وعلم تغيير الزمان وحدثناه واذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ، ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع. ثم أمسك هنيئة ثم قال : لو وجدنا وعاء ومستراحا لقلنا والله المستعان.)

١٨ ـ بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن المرزبان بن عمران ، عن اسحق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ان للقرآن تأويلا ، فمنه ما قد جاء ومنه ما لم يجيء ، فاذا وقع التأويل في زمان امام من الائمة أمام ذلك الزمان.

١٩ ـ بصائر الدرجات : وعنه ، عن احمد بن محمد ، عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم ، قال : دخلت عليه بعدما قتل ابو الخطاب قال : فذكرت له ما كان يروى من أحاديثه تلك العظام قبل أن يحدث ما أحدث. فقال : بحسبك والله يا ابا محمد ان تقول فينا يعلمون الحلال والحرام وعلم القرآن وفصل ما بين الناس ، فلما أردت أن أقوم أخذ بثوبي فقال : يا ابا محمد وأي شيء الحلال والحرام في جنب العلم ، انما الحلال والحرام في شيء يسير من القرآن.

٢٠ ـ بصائر الدرجات : حدثنا الفضل ، عن موسى بن القاسم ، عن أبان ، عن ابن أبي عمير او غيره ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تفسير القرآن على سبعة أوجه منه ما كان ومنه ما لم يكن بعد ذلك تعرفه الائمة.

٢١ ـ بصائر الدرجات : حدثنا احمد بن الحسين ، عن ابيه ، عن بكير بن صالح ، عن عبد الله بن ابراهيم بن عبد العزيز بن محمد بن علي ابن عبد الرحمن بن جعفر الجعفري ، قال : كنت مع أبي الحسن عليه

١٥٥

السّلام بمكة فقال له رجل : انك لتفسر من كتاب الله ما لم يسمع به. فقال أبو الحسن عليه‌السلام : علينا نزل قبل الناس ، ولنا فسر قبل أن يفسر في الناس ، فنحن نعرف حلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه وسفريه وحضريه ، وفي أي ليلة نزلت كم من آية وفيمن نزلت وفيما نزلت ، فنحن حكماء الله في أرضه ، وشهداؤه على خلقه ، وهو قول الله تبارك وتعالى (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) فالشهادة لنا ، والمسألة للمشهود عليه ، فهذا علم ما قد أتيته اليك وأديته اليك ما لزمني ، فان قبلت فاشكر وان تركت فالله على كل شيء قدير.

٢ ـ تفسير العياشي ١ / ١٢ : عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شيء في تفسير القرآن فأجابني ، ثم سألته فأجابني بجواب آخر ، فقلت : جعلت فداك كنت أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال عليه‌السلام لي : يا جابر ان للقرآن بطنا وللبطن ظهرا ، يا جابر ليس بشيء أبعد عن عقول الرجال من تفسير القرآن ، ان الآية لتكون أولها في شيء وآخرها في شيء ، وهو كلام متصل نصرّفه على وجوه.

١٣ ـ وفيه : كشف اليقين ، محمد بن علي الكاتب الاصفهاني ، عن محمد بن المنذر الهروي ، عن الحسن بن الحكم بن مسلم عن الحسن بن الحسين المغربي ، عن أبي يعقوب الجعفي عن جابر ، عن أبي الفضيل ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبينا أوصيه فقال : يدخل داخل هو أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين ، وأمير الغرّ المحجلين ، فقلت اللهم اجعله رجلا من الانصار. قال : فاذا علي قد دخل ، فعرق وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عرقا شديدا ، فجعل يمسح عرق وجهه بوجه علي فقال : يا رسول الله ما لي أنزل في شيء؟ قال : انت مني تؤدّي عني ، وتبرىء ذمتي ، وتبلغ عن رسالتي. قال : يا رسول الله أو لم تبلغ الرسالة؟ قال :

١٥٦

بلى ولكن تعلم الناس من بعدي من تأويل القرآن ما لم يعلموا وتخبرهم)

٢٤ ـ البحار ١٩ / ٢٣ : الاحتجاج ، محمد بن الحسن ، عن عبد الله ابن جعيلة ، عن داود الرقي ، عن الثمالي ، عن أبي الحجاز ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ختم مائة ألف نبي وأربعة وعشرين الف نبي ، وختمت انا مائة ألف وصي واربعة وعشرين ألف وصي ، وكلفت ما تكلفت الاوصياء قبلي ، والله المستعان ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في مرضه : لست أخاف عليك ان تضل بعد الهدى ، ولكن أخاف عليك فساق قريش وعاديتهم ، حسبنا الله ونعم الوكيل. على ان ثلثي القرآن فينا وفي شيعتنا ، فما كان من خير فلنا ولشيعتنا ، وثلث الباقي أشركنا فيه الناس فما كان من شر فلعدونا. ثم قال : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الى آخر الآية ، فنحن أهل البيت وشيعتنا أولو الالباب ، والذين لا يعلمون عدونا ، وشيعتنا هم المهتدون.

٢٥ ـ بصائر الدرجات : محمد بن عبد الجبار ، عن منصور بن يونس ، عن حماد اللحام ، قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : نحن والله نعلم ما في السماوات وما في الارض وما في الجنة وما في النار وما بين ذلك. قال : فبهت أنظر اليه. قال : فقال يا حماد ان ذلك من كتاب الله ، ان ذلك من كتاب الله. ثم تلا هذه الآية (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) انه من كتاب الله ، فيه تبيان كل شيء ، فيه تبيان كل شيء.

٢٦ ـ البحار ١٩ / ٢٨ : كر ابو عمر والزاهد ـ واسمه محمد عبد الواحد ـ في كتابه باسناده : ان علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : يا أبا عباس اذا صليت عشاء الآخرة فالحقني الى الجبانة. قال : فصليت

١٥٧

ولحقته وكانت ليلة مقمرة. قال : فقال لي ما تفسير الألف من الحمد؟ قال : فما علمت حرفا أجيبه. قال : فتكلم في تفسيرها ساعة تامة. قال : ثم قال لي : ما تفسير اللّام من الحمد؟ قال : فقلت لا أعلم ، فتكلم في تفسيرها ساعة تامة. فتكلم في تفسيرها ساعة تامة. ثم قال لي ، فما تفسير الدال من الحمد؟ قال : فقلت لا ادري. قال : فتكلم في تفسيرها الى أن برق عمود الفجر. قال : فقال لي قم يا ابا عباس الى منزلك وتأهب لفرضك. قال ابو العباس عبد الله بن عباس : فقمت وقد وعيت كلما قال ، ثم تفكّرت فاذا علمي بالقرآن في علم علي عليه‌السلام كالقرارة في المتفجر. قال القرارة : الغديرة ، المتفجر : البحر.

٣٧ ـ وفيه : وقال ابو عمر الزاهد ، قال لنا عبد الله بن مسعود ذات يوم : لو علمت أن أحدا هو أعلم مني بكتاب الله عزوجل لضربت اليه آباط الابل. قال علقمة : فقال رجل من الحلقة : القيت عليا عليه‌السلام؟ قال : نعم قد لقيته وأخذت عنه واستفدت منه وقرأت عليه ، وكان خير الناس وأعلمهم بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد رأيته بحرا يسيل سيلا.

٢٨ ـ البحار : يقول علي بن طاوس ، وذكر محمد بن الحسن بن زياد المعروف بالنقاش في المجلد الاول من تفسير القرآن ـ الذي سماه شفاء الصدور ـ ما هذا لفظه : وقال ابن عباس : جل ما تعلمت من التفسير من علي بن ابي طالب عليه‌السلام.

وقال النقاش أيضا في تعظيم ابن عباس لمولانا علي عليه‌السلام ما هذا لفظه : أخبرنا أبوبكر ، قال حدثنا أحمد بن غالب الفقيه بطالقان ، قال حدثنا محمد بن علي ، قال حدثنا سويد ، قال حدثنا علي بن الحسين ابن واقد ، عن أبيه ، عن الكلبي ، قال ابن عباس : ومما وجدت في أصله وذهب نظر ابن عباس من كثرة بكائه على علي بن ابي طالب عليه‌السلام.

١٥٨

وذكر النقاش ما هذا لفظه : وقال ابن عباس : علي عليه‌السلام علم علما علمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علمه الله ، فعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من علم الله ، وعلم علي من علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما علمي من علم علي عليه‌السلام الا كقطرة في سبعة أبحر.

٢٩ ـ البحار ١٩ / ٢٢ : تفسير علي بن ابراهيم ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا ان العلم الذي هبط به آدم من السماء الى الارض وجميع ما فضلت به النبيون الى خاتم النبيين عندي وعند عترة خاتم النبيين ، فأين يتاه بكم واين تذهبون؟.

٣٠ ـ البحار ١٩ / ٢٤ : عن المحاسن ، محمد بن اسماعيل ، عن ابي اسماعيل البراج ، عن خيثمة بن عبد الرحمن ، عن ابي لبيد البحراني ، قال : جاء رجل الى أبي جعفر عليه‌السلام بمكة فسأله عن مسائل ، فأجابه فيها ثم قال له الرجل : انت الذي تزعم انه ليس شيء من كتاب الله الا معروف؟ قال : ليس هكذا قلت. ولكن ليس شيء من كتاب الله الا عليه دليل ناطق عن الله في كتابه مما لا يعلمه الناس. قال : فأنت الذي تزعم انه ليس من كتاب الله الا والناس يحتاجون اليه؟ قال : نعم ولا حرف واحد. فقال له : فما المص؟ قال أبو لبيد : فأجابه بجواب نسيته فخرج الرجل فقال لي أبو جعفر عليه‌السلام : هذا تفسيرها في ظهر القرآن ، أفلا أخبرك بتفسيرها في بطن القرآن؟ قلت : وللقرآن بطن وظهر؟ فقال : نعم ان لكتاب الله ظاهرا وباطنا ومعانيا وناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وسننا وأمثالا وفصلا ووصلا وأحرفا وتصريفا ، فمن زعم أن كتاب الله مبهم فقد هلك وأهلك. ثم قال : امسك الالف واحد واللام ثلاثون والميم اربعون والصاد تسعون. فقلت : فهذه مائة واحدى وستون. فقال : يا لبيد اذا دخلت سنة احدى وستون ومائة سلب الله قوما سلطانهم. يعني بني مروان.

١٥٩

٣١ ـ وفيه ١٩ / ٢٦ : عن المحاسن ، ابو عمير ذكره عن ابي عبد الله عليه‌السلام في رسالة : وأما ما سألت من القرآن فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة ، لان القرآن ليس على ما ذكرت ، وكلما سمعت فمعناه غير ما ذهبت اليه ، وانما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم ولقوم يتلونه حق تلاوته ، وهم الذين يؤمنون به ويعرفونه ، فأما غيرهم فما أشد أشكاله عليهم ، وأبعده من مذاهب قلوبهم ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «ليس شيء أبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن وفي ذلك تحيّر الخلائق أجمعون الّا ما شاء الله» وانما أراد الله بتعينه في ذلك أن ينتهوا الى بابه وصراطه وأن يعبدوه وينتهوا في قوله الى طاعة القوّام بكتابه والناطقين عن أمره ، وأن يستنبطوا لما أصاخوا اليه من ذلك عنهم لا عن انفسهم. ثم قال (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) فأما عن غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا ولا يوجد ، وقد علمت انه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الامر ، اذا لا يجدون من يأتمرون عليه ، ولا من يبلغونه أمر الله ونهيه ، فجعل الله الولاة خواصّا ليقتدي بهم من لم يخصصهم بذلك ، فافهم ذلك ان شاء الله ، واياك وتلاوة القرآن برأيك ، فان الناس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم فيما سواه من الامور ، ولا قادرين عليه ولا على تأويله الا من حده وبابه الذي جعله الله ، فافهم انشاء الله واطلب الامر من مكانه تجده انشاء الله.

٣٢ ـ تفسير البرهان ١ / ١٦ : سعد بن عبد الله ، عن احمد بن محمد ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن مرازم بن حكيم وموسى بن بكر ، قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : انّا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من اوله الى آخره ، وان عندنا من حلاله وحرامه ما يسعنا كتمانه وما نستطيع ان نحدث به احدا.

٣٣ ـ وفيه ١ / ١٦ : وعنه ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن

١٦٠