الوصائل إلى الرسائل - ج ١٣

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل إلى الرسائل - ج ١٣

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-13-9
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٤٠٠

وقوله عليه‌السلام : «كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكّرا فأمضه كما هو» ، وقوله عليه‌السلام : فيمن شك في الوضوء بعد ما فرغ : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ».

ولعلّ المتتبّع يعثر على أزيد من ذلك ،

______________________________________________________

فانه يدل على ان الملاك هو حصول الحيلولة ، والحيلولة إنّما تحصل بحالة مغايرة للحالة الاولى ، وواضح ان الشك بعد التجاوز والفراغ سواء في العبادات أم المعاملات كله من هذا القبيل (وقوله عليه‌السلام : «كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكّرا) بأن لم تعلم هل أتممته او لم تتمّه؟ (فأمضه كما هو» (١)) اي :

احكم بانه صحيح ، فان العرف يفهم من مثل : «ذكرته تذكّرا فأمضه» الملاك ، فلا خصوصية للصلاة والطهور ، بل يأتي في الحج والصيام وغير ذلك.

(وقوله عليه‌السلام) الذي اشار اليه المصنّف قبل قليل أول المسألة الثانية وهي رواية بكير بن أعين : (فيمن شك في الوضوء بعد ما فرغ) منه وانه هل أتى به صحيحا ام لا؟ فكان فيما قاله عليه‌السلام : («هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢)) اي : لا يعتني بشكه ويبني على أصالة الصحة ، فانه عليه‌السلام لما علّل عدم الاعتناء بالشك في الوضوء بعد تمامه بالأذكرية حين العمل ، دلّ ذلك على مسلّمية كبرى كلية تقول : بأن كل عامل في حال عمله أذكر ، فاذا شك بعد ذلك فلا يعتني بشكه.

هذا (ولعلّ المتتبّع يعثر على أزيد من ذلك) فيما نحن فيه من الروايات فقد ورد في مضمون رواية الفقيه عن محمد بن مسلم عن ابي عبد الله عليه‌السلام انه قال :

__________________

(١) ـ تهذيب الأحكام : ج ١ ص ٣٦٤ ب ١٦ ح ٣٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧١ ب ٤٢ ح ١٢٤٨ ، جامع أحاديث الشيعة : ج ٥ ص ٥٨٠ ح ٦.

(٢) ـ تهذيب الأحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧١ ب ٤٢ ح ١٢٤٩.

٣٨١

وحيث انّ مضمونها لا يختصّ بالطهارة والصلاة ، بل يجري في غيرهما ، كالحج ، فالمناسب الاهتمام في تنقيح مضامينها ودفع ما يتراءى من التعارض بينها ، فنقول مستعينا بالله ، فانّه وليّ التوفيق :

إنّ الكلام يقع في مواضع :

______________________________________________________

«ان شك الرجل بعد ما صلّى ، فلم يدر ثلاثا صلّى ام اربعا ، وكان يقينه حين انصرف انه كان قد أتم ، لم يعد الصلاة ، وكان حين انصرف أقرب الى الحق منه بعد ذلك» (١).

ومنها : ما في ذيل صحيحة زرارة : «فاذا قمت عن الوضوء وفرغت عنه ، وقد صرت في حال اخرى في الصلاة او غيرها ، فشككت في بعض ما سمّى الله مما أوجب الله ، لا شيء عليك» (٢).

ومنها : ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام : «رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة؟ قال : يمضي على صلاته ولا يعيد» (٣).

وهذه الروايات ذكرها الأوثق ، وهناك روايات أخرى يجدها المتتبع في المجاميع.

هذا (وحيث انّ مضمونها لا يختصّ بالطهارة والصلاة ، بل يجري في غيرهما ، كالحج) والصوم والاعتكاف وسائر المعاملات (فالمناسب الاهتمام في تنقيح مضامينها ودفع ما يتراءى من التعارض بينها) حتى يعلم ان أيّا من الفروع المشكوكة داخل في قاعدتي التجاوز والفراغ ، وأيا منها غير داخل في القاعدتين؟.

(فنقول مستعينا بالله ، فانّه وليّ التوفيق : إنّ الكلام يقع في مواضع) سبعة :

__________________

(١) ـ من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٥٢ ح ١٠٢٧ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٤٦ ب ٢٧ ح ٢٧ ح ١٠٥٥٢.

(٢) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٣٣ ح ٢ ، تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠٠ ب ٤ ح ١١٠ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٦٩ ب ٤٢ ح ١٢٤٣.

(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١٣ وص ١٠٢ ب ٤ ح ١١٦.

٣٨٢

الموضع الأوّل :

إنّ الشك في الشيء ، ظاهر ـ لغة وعرفا ـ في الشك في وجوده ، إلّا أنّ تقييد ذلك في الروايات بالخروج عنه ومضيّه والتجاوز عنه ربما يصير قرينة على إرادة كون وجود أصل الشيء مفروغا عنه ، وكون الشك فيه باعتبار الشك في بعض ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا.

______________________________________________________

(الموضوع الأوّل : إنّ) ما ورد في الأخبار المتقدّمة من لفظ (الشك في الشيء ، ظاهر لغة وعرفا في الشك في) أصل (وجوده) اي : وجود الشيء المشكوك وعدمه وذلك كما اذا شك في انه هل ركع ام لا ـ مثلا ـ؟ لا في صحته بعد الفراغ عن وجوده (إلّا أنّ تقييد ذلك) أي : تقييد الشك (في الروايات بالخروج عنه) اي : عن ذلك الشيء المشكوك كما تقدّم في رواية زرارة (١) (ومضيّه) على ما تقدّم في موثّقة محمد بن مسلم (٢) (والتجاوز عنه) على ما في رواية اسماعيل (٣) وموثّقة ابن ابي يعفور (٤) (ربما يصير قرينة على إرادة كون وجود أصل الشيء مفروغا عنه ، و) مسلّما وقوعه ، وإنّما (كون الشك فيه باعتبار الشك في بعض ما يعتبر فيه شرطا أو شطرا).

مثلا : يعلم انه أتى بالركوع قطعا ، لكنه لا يعلم هل انه أتى به في حال الستر

__________________

(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٥٢ ب ١٣ ح ٤٧ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٤٤ ب ١٣ ح ١٤ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٨ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٦.

(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٥٣ ب ٢٣ ح ٦٠ ، وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٣١٨ ب ١٣ ح ٨٠٧١ ، دعائم الاسلام : ج ١ ص ١٨٩ (بالمعنى).

(٤) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٨٣

نعم ، لو أريد الخروج والتجاوز عن محلّه ، أمكن إرادة المعنى الظاهر من الشك في الشيء.

وهذا هو المتعيّن ، لأنّ ارادة الأعمّ من الشك في وجود الشيء والشك الواقع في الشيء الموجود في استعمال واحد غير صحيح.

______________________________________________________

والاستقبال من جهة الشرط؟ او هل انه أتى به مع الذكر والتسبيح من جهة الشرط والجزء فيما اذا قلنا : بأن الذكر جزء وشطر من الركوع؟ وهكذا حال ما اذا شك في انه هل أتى به مع المانع او بدون المانع؟.

(نعم ، لو أريد الخروج والتجاوز عن محلّه ، أمكن إرادة المعنى الظاهر من الشك في الشيء) بمعنى : انه ان أريد من الخروج والمضيّ والتجاوز : التجاوز عن نفس الشيء ، يكون الشك في جزئه وشرطه وعدم مانعة ، وان أريد منه : التجاوز عن محل الشيء ، يكون الشك في أصل وجود الشيء وانه هل أتى به أم لا؟.

(وهذا) اي : إرادة معنى التجاوز عن محل الشيء من ألفاظ الروايات (هو المتعيّن) عند المصنّف ، فلا بدّ من حمل الفاظ : الخروج والمضي والتجاوز في الروايات على التجاوز عن محل الشيء لا نفس الشيء ، فيكون الشك في الشيء معناه : انه شك في أصل وجوده وعدمه.

وإنّما قال المصنّف : «هذا هو المتعيّن» (لأنّ ارادة الأعمّ من الشك في وجود الشيء) كما اذا شك في انه ركع أو لم يركع (والشك الواقع في الشيء الموجود) كما اذا شك في ان ركوعه الذي ركعه كان مع الستر والاستقبال ام لا ، فانّ ارادة الأعم (في استعمال واحد غير صحيح) لانه يراد به معنيان ، واللفظ الواحد لا يتمكن ان يشمل معنيين ، وذلك إما استحالة كما يقوله الآخوند ، أو لأنه يحتاج

٣٨٤

وكذا إرادة خصوص الثاني ، لأنّ مورد غير واحد من تلك الاخبار هو الأوّل.

ولكن يبعد ذلك في ظاهر موثّقة محمّد بن مسلم ، من جهة قوله عليه‌السلام : «فأمضه كما هو» ، بل لا يصحّ ذلك

______________________________________________________

الى قرينة مفقودة في المقام كما يراه المشهور.

(وكذا إرادة خصوص الثاني) اي : ارادة الروايات من الشك في الشيء : خصوص الشك الواقع في صحة الشيء الموجود ، فانه غير صحيح بنظر المصنّف أيضا. وإنّما لم يكن صحيحا أيضا بنظره (لأنّ مورد غير واحد من تلك الاخبار) كرواية اسماعيل (١) بن جابر عن الإمام الصادق عليه‌السلام (هو الأوّل) أي : الشك في وجود اصل الشيء ، لا في صحة الشيء الموجود ، واذا كان كذلك ، فاللازم حمل سائر الأخبار على هذا المعنى ايضا ، فيكون مفادها : انه اذا شك في اصل الشيء ، بأن لم يعلم هل انه أتى به او لم يأت به وقد تجاوزه ، أو دخل في غيره بعد تجاوزه عنه فلا يعتني بشكه؟.

(لكن يبعد ذلك) اي : يبعد كون الشك في أصل وجود الشيء (في ظاهر موثّقة محمد بن مسلم من جهة قوله) عليه‌السلام : («فأمضه كما هو» (٢)) اذ ظاهر :

امضه كما هو : الشك في انه هل أتى بالعمل جامعا للشرائط ام لا؟ فليس الشك في أصل الاتيان بالعمل وعدمه ، وإنّما الشك في صحة العمل وعدم صحته.

(بل لا يصحّ ذلك) اي : لا يصح ان يكون الشك في أصل وجود الشيء

__________________

(١) ـ انظر تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٥٣ ب ٢٣ ح ٦٠ ، وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٣١٨ ب ١٣ ح ٨٠٧١ ، دعائم الاسلام : ج ١ ص ١٨٩.

(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٤٤ ب ١٣ ح ١٤ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٨ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٦.

٣٨٥

في موثّقة ابن أبي يعفور ، كما لا يخفى.

لكنّ الانصاف : إمكان تطبيق موثّقة محمد بن مسلم على ما في الروايات.

وأمّا هذه الموثّقة فسيأتي توجيهها على وجه

______________________________________________________

(في موثّقة ابن أبي يعفور (١) ، كما لا يخفى) على من راجعها حيث يدلّ صدرها على عدم اعتبار الشك في شيء من الوضوء بعد الفراغ منه ، وإنّما العبرة به قبل الفراغ منه ، وذلك ظاهر في انه قد أتى قطعا بالوضوء ، وإنّما شك في بعض خصوصياته.

(لكنّ الانصاف : إمكان تطبيق موثّقة محمد بن مسلم على ما في الروايات) الأخر ، وذلك على ان يكون قوله عليه‌السلام : «فأمضه كما هو» (٢) بمعنى : ابن على وقوع الشيء المشكوك وتحققه ، فيكون الشك في أصل الشيء وعدمه لا في خصوصياته وصحته.

أقول : لكن الظاهر أن ما يستظهره العرف من موثقة محمد بن مسلم هو : الأعم من الشك في أصل الشيء او في خصوصياته ، فان قوله عليه‌السلام : «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» يشمل الأمرين عرفا ، فهما فردان من كلي أفادته الموثقة المذكورة.

(وأمّا هذه الموثّقة) اي : موثقة ابن أبي يعفور (٣) (فسيأتي توجيهها على وجه

__________________

(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٤٤ ب ١٣ ح ١٤ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٤٣٨ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٦.

(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٨٦

لا يعارض الروايات إن شاء الله.

الموضع الثاني :

إنّ المراد بمحلّ الفعل المشكوك في وجوده هو : الموضوع الذي لو اتى به فيه لم يلزم منه اختلال في الترتيب المقرّر.

وبعبارة أخرى : محلّ الشيء ، هي المرتبة المقرّرة له بحكم العقل

______________________________________________________

لا يعارض الروايات إن شاء الله) تعالى ، وذلك حتى يكون المراد من هذه الموثقة عند المصنّف ايضا هو : الشك في أصل الشيء ، لا الشك في خصوصياته ، والتوجيه الذي يأتي هو : ان الوضوء قد اعتبر شرعا أمرا بسيطا ، واذا كان كذلك فلا يعقل فيه التجاوز الّا بالفراغ منه.

أقول : لكن يظهر ان هذا غير تام ، وذلك لأنّ الصناعة تقتضي بنظرنا ان يكون الوضوء ايضا مما يأتي فيه قاعدة التجاوز ، وهو الذي أيّده العلامة وولده قدس سرّهما.

(الموضوع الثاني : إنّ المراد بمحلّ الفعل المشكوك في وجوده) وعدم وجوده ، وذلك فيما لو شك في انه هل أتى بالفعل الفلاني ام لا بعد ان تجاوز محله؟ فانه ـ كما عرفت ـ يبني على انه أتى به ، فما المراد من المحل هنا؟ علما بانه ليس في الروايات لفظ المحل ، وإنّما فهم الفقهاء المحل من مثل قوله عليه‌السلام : «اذا كنت في شيء لم تجزه» (١) وما اشبه ذلك ، قال المصنّف : المراد به : (هو : الموضوع الذي لو اتى به) اي : بالفعل المشكوك (فيه) اي : في ذلك المحل (لم يلزم منه اختلال في الترتيب المقرّر) شرعا.

(وبعبارة أخرى : محلّ الشيء ، هي المرتبة المقرّرة له) إمّا (بحكم العقل)

__________________

(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٨٧

أو بوضع الشارع أو غيره ولو كان نفس المكلّف ، من جهة اعتياده باتيان ذلك المشكوك في ذلك المحلّ.

فمحلّ تكبيرة الاحرام قبل الشروع في الاستعاذة لاجل القراءة بحكم الشارع ، ومحلّ «اكبر» قبل تخلّل الفصل الطويل بينه وبين لفظ الجلالة بحكم الطريقة المألوفة في نظم الكلام ، ومحلّ الراء من «أكبر» قبل أدنى فصل يوجب الابتداء بالساكن

______________________________________________________

كما يأتي ان شاء الله تعالى في مثال الابتداء بالحرف الساكن.

(أو بوضع الشارع) كما في جعل الشارع محل السورة بعد الحمد في الصلاة ـ مثلا ـ.

(أو غيره) اي : غير الشارع كالعرف على ما يأتي ان شاء الله تعالى في مثال الصلاة قبل الطعام لمن اعتاد ذلك ، حتى (ولو كان) هذا الغير (نفس المكلّف ، من جهة اعتياده باتيان ذلك المشكوك في ذلك المحلّ) وان لم يكن محلا عقليا ولا محلا شرعيا.

وعليه : (فمحلّ تكبيرة الاحرام قبل الشروع في الاستعاذة لاجل القراءة) يكون (بحكم الشارع) لان الشارع هو الذي قال : يستحب الاتيان بالاستعاذة قبل القراءة.

(ومحلّ «اكبر» قبل تخلّل الفصل الطويل بينه وبين لفظ الجلالة) يعني : أنّ يأتي بهما متلاصقين ، وهو يكون (بحكم الطريقة المألوفة في نظم الكلام) الذي صدّقه الشارع ايضا ، وكذا عدم الفصل الطويل بين المبتدأ والخبر ، والموصوف والصفة ، وذي الحال والحال ، الى غير ذلك

(ومحلّ الراء من «أكبر» قبل أدنى فصل يوجب الابتداء بالساكن) يكون

٣٨٨

بحكم العقل ، ومحلّ غسل الجانب الأيسر أو بعضه في غسل الجنابة لمن اعتاد الموالاة فيه قبل تخلّل فصل يخلّ بما اعتاده من الموالاة.

هذا كلّه مما لا اشكال فيه ، إلّا الأخير ، فانّه ربما يتخيّل انصراف إطلاق الأخبار الى غيره.

______________________________________________________

(بحكم العقل) لانه لا بد من توالي حروف الكلمة الواحدة بلا أدنى فصل بينها ، فاذا فصل حرف الراء عما قبله من الحروف في كلمة اكبر ، لزم الابتداء بالساكن ، والابتداء بالساكن محال عقلا ، فيكون محل الراء في كلمة اكبر بعد حرف الباء بلا فصل بحكم العقل.

(ومحلّ غسل الجانب الأيسر أو بعضه في غسل الجنابة لمن اعتاد الموالاة فيه) في الغسل دون تفريق أجزاء الغسل في أوقات مختلفة ، يكون (قبل تخلّل فصل يخلّ بما اعتاده من الموالاة) فاذا كان ـ مثلا ـ قد اعتاد على الموالاة في الغسل ، ثم شك بعد الفصل الطويل المخلّ بالموالاة بأنه هل غسل الجانب الأيسر أم لا فهذا الشك يكون شكا بعد تجاوز المحل العادي لانه على خلاف معتاده في الغسل.

(هذا كلّه مما لا اشكال فيه ، إلّا الأخير) وهو التجاوز عن المحل العادي ثم الشك فيه (فانّه ربما يتخيّل انصراف إطلاق الأخبار) الدالة على عدم العبرة بالشك بعد تجاوز المحل (الى غيره) اي : الى غير المحل العادي ، فان المنصرف من اطلاق تجاوز المحل هو المحل الشرعي والعقلي والعرفي لا المحل العادي ، وقد سبق منا الفرق بين العرف والعادة ، فانه قد يكون العرف على شيء ، لكن عادة هذا الانسان ليس على ذلك الشيء ، وقد يكون العكس.

٣٨٩

مع أنّ فتح هذا الباب بالنسبة الى العادة يوجب مخالفة اطلاقات كثيرة. فمن اعتاد الصلاة في أوّل وقته أو مع الجماعة ، فشك في فعلها بعد ذلك فلا يجب عليه الفعل.

وكذا من اعتاد فعل شيء بعد الفراغ من الصلاة فرأى نفسه فيه

______________________________________________________

(مع أنّ فتح هذا الباب بالنسبة الى العادة) فيما لو قيل : بانه لا عبرة بالشك بعد تجاوز المحل العادي (يوجب مخالفة اطلاقات كثيرة) تدل تلك الاطلاقات على لزوم الاتيان بالفعل المشكوك ، فاذا كان ـ مثلا ـ من عادته انه يصلّي اول الوقت ، او يقضي صيام شهر رمضان من اليوم الثاني من شوال ، أو يزكّي ما له في اول يوم يتعلق به الزكاة ، أو يعطي خمس ماله أول السنة الجديدة ، او يطوف للعمرة بمجرد وصوله الى مكة ، وبعدها عرض له الشك في انه هل أتى بها كما هو اعتياده أم لا؟ وحينئذ لو قلنا : بانه يجري حكم التجاوز ، ولا يلزم عليه الاتيان بهذه الامور كان مخالفا لاطلاقات : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (١) وغيرهما من النصوص المطلقة.

وعليه : (فمن اعتاد الصلاة في أوّل وقته أو مع الجماعة ، فشك في فعلها بعد ذلك) الوقت او بعد انتهاء الجماعة فان قلنا بشمول التجاوز المحل العادي ايضا (فلا يجب عليه الفعل) اي : ليس عليه أن يأتي بالصلاة لانه قد تجاوز المحل العادي للصلاة.

(وكذا من اعتاد فعل شيء بعد الفراغ من الصلاة) كأكل طعامه ، او الشروع في درسه بعد الصلاة (فرأى نفسه فيه) اي : في مثل أكل الطعام ، أو الشروع

__________________

(١) ـ سورة البقرة : الآية ٤٣ و ٨٣.

٣٩٠

وشك في فعل الصلاة.

وكذا من اعتاد الوضوء بعد الحدث بلا فصل يعتدّ به ، أو قبل دخول الوقت للتهيّؤ فشك بعد ذلك في الوضوء ، الى غير ذلك من الفروع التي يبعد التزام الفقيه بها.

نعم ، ذكر جماعة من الأصحاب مسألة معتاد الموالاة في غسل الجنابة اذا شك في الجزء الأخير ، كالعلامة وولده والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم «قدس الله أسرارهم».

______________________________________________________

في الدرس ، أو ما اشبه ذلك (وشك في فعل الصلاة) فلا يجب عليه ان يأتي بالصلاة لو قلنا بشمول التجاوز المحل العادي ايضا ، لانه قد تجاوز المحل العادي للصلاة.

(وكذا من اعتاد الوضوء بعد الحدث بلا فصل يعتدّ به ، أو قبل دخول الوقت للتهيّؤ) الى الصلاة كما يعتاده كثير من الناس (فشك بعد ذلك في الوضوء) بانه هل توضأ حسب عادته ام لا؟ فلو قلنا بشمول التجاوز المحل العادي ايضا فلا يجب عليه ان يتوضأ لانه قد تجاوز المحل العادي للوضوء.

(الى غير ذلك من الفروع التي يبعد التزام الفقيه بها) للانصراف الذي ذكره المصنّف هنا ولأن المحكّم في المقام بنظره هو : قاعدة الاشتغال لا التجاوز.

(نعم ، ذكر جماعة من الأصحاب مسألة معتاد الموالاة في غسل الجنابة اذا شك في الجزء الأخير ، كالعلامة وولده والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم «قدس الله أسرارهم») وناقشوا في جريان قاعدة التجاوز هنا وعدم جريانها

٣٩١

واستدلّ فخر الدين على مختاره في المسألة ، بعد صحيحة زرارة المتقدّمة : بأنّ خرق العادة على خلاف الاصل.

ولكن لا يحضرني كلام منهم في غير هذا المقام ، فلا بدّ من التتبّع والتأمل.

______________________________________________________

(واستدلّ فخر الدين على مختاره) وهو جريانها (في المسألة ، بعد صحيحة زرارة (١) المتقدّمة : بأنّ خرق العادة) اي : الظاهر (على خلاف الاصل) ويلزم تقديم الظاهر على الاصل ، وذلك لأنّ الاصل هنا : عدم الاتيان بالجزء المشكوك ، بينما الظاهر من حال معتاد الموالاة في الغسل ظاهرا عقلائيا : انه قد أتى به ، فيقدّم الظاهر على الأصل.

ثم قال المصنّف : (ولكن لا يحضرني كلام منهم في غير هذا المقام ، فلا بدّ من التتبّع) في فتاواهم حتى يعلم هل انهم أفتوا بذلك في مقام آخر ام لا؟ علما بأن بعض الفقهاء ذكر مثل ذلك أيضا فيمن شك في غسل محلّ النجو بعد خروجه عن الكنيف ممن كان عادته الغسل.

(و) كذا لا بدّ من (التأمّل) ايضا في وجه الفتوى المذكورة وفيما لو كانوا قد أفتوا بمثل هذه الفتوى ، وان كان يحتمل بنظرنا جريان قاعدة التجاوز في مثل هذه الامور العادية ، وذلك لبعض الأخبار الآتية ، ولوجوه أخر : مثل : الاجماع في الجملة ، ومثل : بناء العقلاء على الصحة بعد تجاوز المحل ، ومثل : ظهور حال العاقل المريد لإيقاع الفعل على وجه الصحة ، ومثل : الغلبة ، لان الغالب من عادته ذلك ، والغلبة حجّة باعتبار انها طريقة عقلائية لم يردع عنها الشارع.

__________________

(١) ـ انظر تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٥٢ ب ١٣ ح ٤٧ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٩٢

والذي يقرب في نفسي عاجلا هو : الالتفات الى الشك ، وإن كان الظاهر من قوله عليه‌السلام فيما تقدّم : «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشكّ» أنّ هذه القاعدة من باب تقديم الظاهر على الأصل ؛ فهو دائر مدار الظهور النوعي من العادة ،

______________________________________________________

هذا ، ولكن المصنّف قال : (والذي يقرب في نفسي عاجلا هو : الالتفات الى الشك) والعمل بقاعدة الاشتغال لا بقاعدة التجاوز ، وذلك حتى لا يضطر الى الالتزام بفروع لا يلتزم الفقهاء بها.

ثم أضاف المصنّف بعد ذلك قوله : (وإن كان الظاهر من قوله عليه‌السلام فيما تقدّم : «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» (١) أنّ هذه القاعدة) هي أمارة ظنية عقلائية قرّرها الشارع (من باب تقديم الظاهر على الأصل) فإن بعض الفقهاء قال : ان الأصل لا حكم له مع الظاهر اذا كان الظاهر على خلافه ، مثل غسالة الحمّام ، حيث ان الظاهر نجاستها مع ان الاصل الطهارة ، ومثل ادّعاء الصرّاف تماميّة ما سلّمه الى صاحب النقد ، وادّعاء صاحب النقد النقص بعد ان استلم نقده منه وذهب ثم رجع حيث ان الظاهر التمامية ، بينما الاصل النقص ، الى غير ذلك من الامثلة.

وعليه : (فهو) اي : ما استظهرناه من تقديم الظاهر على الاصل (دائر مدار الظهور النوعي) فأين ما وجد ظهور نوعي لزم تقديمه على الاصل حتى وان كان ذلك الظهور النوعي حاصلا (من العادة) وكان التجاوز عنه تجاوزا عن المحل العادي.

__________________

(١) ـ تهذيب الأحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١٠٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧١ ب ٤٢ ح ١٢٤٩.

٣٩٣

لكنّ العمل بعموم ما يستفاد من الرواية أيضا مشكل ، فتأمّل.

والأحوط ما ذكرنا

الموضع الثالث :

الدخول في غير المشكوك إن كان محققا للتجاوز عن المحلّ ، فلا اشكال في اعتباره ، وإلّا

______________________________________________________

ثم استدرك المصنّف كلامه بقوله : (لكنّ العمل بعموم ما يستفاد من الرواية أيضا مشكل) لانه لو التزمنا به كان معناه تأسيس فقه جديد (فتأمّل) فان الظاهر عند المصنّف هو : التجاوز من المحل الذي جعله الشارع ، لا حسب العادة ، فحتى لو لم يستلزم ذلك تأسيس فقه جديد لا يمكن الالتزام به لأنّ النص لا يشمله.

(و) على ايّ حال : فان (الأحوط ما ذكرنا) : من الالتفات الى الشك بالنسبة الى المحل العادي والعمل فيه بقاعدة الاشتغال لا التجاوز.

(الموضع الثالث) : في ان المعيار لجريان قاعدة التجاوز هل هو الدخول في الغير ، أو تجاوز المحل وان لم يدخل في الغير؟ علما بأن (الدخول في غير المشكوك) ، أي : في الغير (إن كان محققا للتجاوز عن المحلّ ، فلا اشكال في اعتباره) اي : في اشتراط الدخول في الغير ، كما اذا شك في الحمد بعد الدخول في السورة حيث ان محل الحمد بين تكبيرة الاحرام وبين السورة فالغير هنا محقق للتجاوز فيكون شرطا لجريان القاعدة.

(وإلّا) بأن لم يكن الدخول في الغير محققا للتجاوز ، وإنّما تحقق التجاوز بغيره ، وذلك كما اذا فرغ عن تكبيرة الاحرام ومضى زمان عليه بمقدار قراءة الحمد ولم يشرع بعد في السورة ، ثم شك في انه هل قرء الحمد أو لم يقرأه؟

٣٩٤

فظاهر الصحيحتين الاولين : اعتباره ، وظاهر اطلاق موثّقة ابن مسلم عدم اعتباره.

ويمكن حمل التقييد في الصحيحين على الغالب خصوصا في أفعال الصلاة ، فانّ الخروج من أفعال الصلاة يتحقق غالبا

______________________________________________________

ففي هذه الصورة هل يصدق التجاوز حتى لا يحتاج الى قراءة الحمد ، أو لا يصدق التجاوز لانه لا دخول في الغير ، فاللازم ان يقرأ الحمد؟ احتمالان :

(فظاهر الصحيحتين الاولين : (١) اعتباره) اي : اعتبار الدخول في الغير في صدق التجاوز عن المحل.

(وظاهر اطلاق موثّقة ابن مسلم (٢) عدم اعتباره) اي : عدم اعتبار الدخول في الغير ، وإنّما يكفي مجرّد التجاوز عن محلّ الشيء في الحكم بأنه قد أتى بالشيء المشكوك :

هذا (ويمكن حمل التقييد في الصحيحين) حيث دلّا على لزوم الدخول في الغير (على الغالب) لا على انه احترازي ، اذ الغالب في الامور هو حصول التجاوز بالدخول في الغير ، ولذلك عبّر عن التجاوز بالدخول في الغير ، والّا فالمناط هو : عنوان التجاوز ، وذلك حسب قوله عليه‌السلام : «إنما الشك اذا كنت في شيء لم تجره» (٣) (خصوصا في أفعال الصلاة ، فانّ الخروج من أفعال الصلاة يتحقق غالبا

__________________

(١) ـ وهي صحيحة زرارة ، انظر تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٥٢ ب ١٣ ح ٤٧ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤ ، وصحيحة اسماعيل بن جابر ، انظر تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ١٥٣ ب ٢٣ ح ٦٠ ، وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٣١٨ ب ١٣ ح ٨٠٧١ ، دعائم الاسلام : ج ١ ص ١٨٩ (بالمعنى).

(٢) ـ انظر تهذيب الاحكام : ج ٢ ص ٣٤٤ ب ١٣ ح ١٤ ، وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٢٣٨ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٦.

(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٩٥

بالدخول في الغير ، وحينئذ ، فيلغوا القيد.

ويحتمل ورود المطلق على الغالب ، فلا يحكم بالاطلاق.

ويؤيّد الأوّل ظاهر التعليل المستفاد من قوله عليه‌السلام : «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» ،

______________________________________________________

بالدخول في الغير) ولذا جاء التعبير في الصحيحتين بالدخول في الغير.

(وحينئذ) اي : حين ، تمّ حمل القيد على الغالب (فيلغوا القيد) ولا حاجة حينئذ في صدق التجاوز الى الدخول في الغير.

(ويحتمل) اعتبار القيد ويكون ذلك من باب (ورود المطلق على الغالب) فان الغالب كونه مقيّدا بالدخول في الغير (فلا يحكم بالاطلاق) لان الدخول في الغير معتبر في قاعدة التجاوز ، وإنّما لم يذكر ذلك في بعض الروايات لعدم الحاجة الى ذكره ، حيث ان الغالب هو كون التجاوز يتحقق بالدخول في الغير.

(ويؤيّد الأوّل) وهو : عدم اعتبار القيد وكفاية مجرّد تجاوز المحل : (ظاهر التعليل المستفاد من قوله) عليه‌السلام : («هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» (١)) اي : سواء دخل في الغير أم لم يدخل ، وذلك لأنّ ظاهر هذا التعليل هو : ان الحكم دائر مدار الظهور النوعي ، واقتضاء الظهور النوعي هو : ان الانسان يأتي بالشيء في محله ، فاذا تجاوز المحل سواء دخل في الغير ام لم يدخل في الغير يبني على انه قد أتى به.

__________________

(١) ـ تهذيب الأحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧١ ب ٤٢ ح ١٢٤٩.

٣٩٦

وقوله عليه‌السلام : «إنّما الشك اذا كنت في شيء لم تجزه» ، بناء على ما سيجيء من التقريب ، وقوله عليه‌السلام : «كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك ، الخبر».

______________________________________________________

(وقوله عليه‌السلام : «إنّما الشك اذا كنت في شيء لم تجزه» (١) ، بناء على ما سيجيء من التقريب) فيكون المعيار التجاوز وعدم التجاوز ، لا الدخول في الغير وعدم الدخول في الغير.

(وقوله) عليه‌السلام : (كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك) فذكرته تذكّرا ، فأمضه كما هو ، أي : سواء دخلت في غيره أم لا ، فانّ ظاهر هذا (الخبر) (٢) هو تأسيس قاعدة كلية المناط العمل بالمشكوك ، وعدم العمل به ، وهو : مجرد المضي والتجاوز ، الى غير ذلك من المؤيدات ، خصوصا مفهوم الحصر في قوله عليه‌السلام : «إنّما الشك» (٣) حيث دلّ على أنه لا اعتبار بالشك بعد التجاوز عنه والفراغ منه سواء دخل في الغير أم لم يدخل فيه.

انتهى الجزء الثالث عشر

ويليه الجزء الرابع عشر في

تتمة الكلام عن المسألة الثانية

وله الحمد والشكر

__________________

(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٣٦٤ ب ١٦ ح ٣٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧١ ب ٤٢ ح ١٢٤٨ ، جامع احاديث الشيعة : ج ٥ ص ٥٨٠ ح ٦.

(٣) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٠١ ب ٤ ح ١١١ ، السرائر : ج ٣ ص ٥٥٤ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ٤٧٠ ب ٤٢ ح ١٢٤٤ وج ٨ ص ٢٣٧ ب ٢٣ ح ١٠٥٢٤.

٣٩٧
٣٩٨

المحتويات

تتمّة التنبيه الثالث........................................................... ٥

التنبيه الرابع............................................................... ١٩

التنبيه الخامس............................................................. ٣٠

التنبيه السادس............................................................ ٦٣

التنبيه السابع............................................................ ١١١

التنبيه الثامن............................................................ ١٣٩

التنبيه التاسع............................................................ ١٤٨

التنبيه العاشر............................................................ ١٩٧

التنبيه الحادي عشر...................................................... ٢٢٣

التنبيه الثاني عشر........................................................ ٢٤٤

خاتمة في شروط جريان الاستصحاب

الأمر الأوّل............................................................. ٢٥٧

الأمر الثاني.............................................................. ٣٠٨

الأمر الثالث............................................................ ٣٤٢

تقديم الاستصحاب على الاصول الثلاثة......................................... ٣٦٢

المقام الأوّل................................................................... ٣٦٣

المسألة الاولى............................................................ ٣٦٣

المسألة الثانية............................................................ ٣٧٥

٣٩٩

الموضع الأوّل : معنى الشّك في قاعدة الفراغ................................. ٣٨٣

الموضع الثاني : محل الشّك................................................ ٣٨٧

الموضع الثالث : اعتبار التجاوز............................................ ٣٩٤

المحتويات..................................................................... ٣٩٩

٤٠٠