الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١٢

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١٢

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٧

سورة التّكاثر

١٠٢

١٤١
١٤٢

المبحث الأول

أهداف سورة «التكاثر» (١)

سورة «التكاثر» سورة مكّيّة ، آياتها ثماني آيات ، نزلت بعد سورة «الكوثر».

من أسباب النزول

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بريدة قال : «نزلت : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١) في قبيلتين من الأنصار هما بنو حارثة وبنو الحرث ، تفاخروا وتكاثروا ، فقالت إحداهما : أفيكم مثل فلان وفلان ، وقالت الأخرى مثل ذلك ، تفاخروا بالأحياء ثمّ قالوا : انطلقوا بنا الى القبور ، فجعلت إحدى الطائفتين تقول : أفيكم مثل فلان وفلان وتشير إلى القبر ، ومثل فلان ، وفعل الآخرون مثل ذلك ، فأنزل الله هذه السورة».

المفردات

(أَلْهاكُمُ) شغلكم.

(التَّكاثُرُ) التباهي والتفاخر بالكثرة في الأموال والأولاد والأهل والعشيرة.

(زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) صرتم إليها ودفنتم فيها.

(كَلَّا) كلمة يراد بها الزجر والردع.

(سَوْفَ تَعْلَمُونَ) خطأ ما أنتم فيه من التكاثر والتباهي وكرّر الجملة للتأكيد.

(لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) المراد ما ألهاكم ذلك عن الاخرة والعمل لها.

(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) تفسير للوعيد السابق المكرر.

(عَيْنَ الْيَقِينِ) عين هي اليقين نفسه.

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

١٤٣

هذه السورة صيحة بالقلب البشري الغارق في التفاخر والتكاثر بالدنيا ومظاهرها ، وتنبيه له الى أن ما تفاخر به الى زوال ، وأن الدنيا قصيرة ، وأن الغاية الى حفرة ضيّقة ، وهناك ترى الحقيقة الباقية ، واليقين المؤكّد ، وتسأل عن هذه الألوان المتنوعة من الملذات ، وعن سائر ألوان النعيم ، عن الشباب والمال والجاه والصحة والعافية ما ذا عملت بها.

«وروي يسأل عن التنعم الذي شغله الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه ، وعن الحسن : يسأل عمّا زاد عن كنّ يؤويه ، وثوب يواريه ، وكسرة تقوّيه».

مع آيات السورة

[الآيتان ١ ـ ٢] : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) أيّها السادرون الغافلون. أيّها اللّاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة ، وأنتم مفارقون ، أيّها المخدوعون بما أنتم فيه عمّا يليه. أيّها التاركون ما تتكاثرون به وتتفاخرون ، إلى حفرة ضيّقة لا تكاثر فيها ولا تفاخر ، استيقظوا وانظروا. فقد شغلكم حبّ الكثرة والفخر حتّى هلكتم ، وصرتم من الموتى ورأيتم الحساب والجزاء.

وفي صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال : «أتيت النبي (ص) وهو يقرأ : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١) قال : يقول ابن آدم مالي ومالك ، يا بن آدم ليس لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأمضيت ، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس».

[الآيتان ٣ ـ ٤] : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) أي ازدجروا عن مثل هذا التكاثر والتفاخر ، والجأوا إلى التناصر على الحق ، والتكاتف على أعمال البر ، والتضافر على ما فيه حياة الأفراد والجماعات ، من تقويم الأخلاق ، والتعاون على الخير والمعروف.

وإنكم سوف تعلمون سوء مغبّة ما أنتم عليه. (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) وهو تكرير للوعيد لتأكيد الزجر والتوبيخ ، كما يقول الإنسان لآخر : أقول لك لا تفعل ، ثم أقول لك لا تفعل.

[الآية ٥] : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥) أي ارتدعوا عن تغريركم بأنفسكم ، فإنّكم لو تعلمون عاقبة

١٤٤

أمركم ، لشغلكم ذلك عن التكاثر ، وصرفكم إلى صالح الأعمال ؛ وأنّ ما تدعونه علما ليس في الحقيقة بعلم ، وإنّما هو وهم وظنّ ، لا يلبث أن يتغير ، لأنّه لا يطابق الواقع ، والجدير أن يسمّى علما إنّما هو علم اليقين المطابق للواقع بناء على العيان والحس ، أو الدليل الصحيح الذي يؤدّيه العقل ، أو النقل الصحيح عن المعصوم (ص).

[الآية ٦] : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٦) : ولا شك في رؤيتها ، والمراد برؤية الجحيم ذوق عذابها ، ثم أكد هذا المضمون بقوله تعالى :

[الآية ٧] : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧) أي لترونّها رؤية هي اليقين بنفسه ، مهما كانت نسبتكم أو مجدكم ، فلن ينجيكم منها سوى أعمالكم.

[الآية ٨] : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٨) لتسألن عنه من أين نلتموه؟ وفيم أنفقتموه؟ أمن طاعة وفي طاعة؟ أم من معصية وفي معصية؟ أمن حلال وفي حلال؟ أم من حرام وفي حرام؟ هل شكرتم؟ هل أدّيتم حقّ النعيم؟ هل شاركتم الفقير والمساكين؟

هل استأثرتم وبخلتم ومنعتم صاحب الحق حقه؟

لتسألنّ عمّا تتكاثرون به وتتفاخرون ... فهو عبء تستخفّونه في غمرتكم ولهوكم ، ولكنّ وراءه ما وراءه من همّ ثقيل.

روي أن رسول الله (ص) قال : «من أصبح آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنّما حيزت له الدنيا بحذافيرها».

أهداف سورة التكاثر

١ ـ ذم الانشغال بمظاهر الحياة.

٢ ـ التذكير بالموت والقبر والحساب.

٣ ـ زجر الغافلين والعابثين وتذكيرهم بيوم الدين.

٤ ـ لن ينقذهم من النار جاه ولا سلطان ، لن ينفعهم سوى العمل الصالح.

٥ ـ الحساب على النعيم حق ، فيجب أن يكون النعيم حلالا طيبا.

١٤٥
١٤٦

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «التكاثر» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة التّكاثر بعد سورة الكوثر ، ونزلت سورة الكوثر بعد سورة العاديات ، ونزلت سورة العاديات فيما بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة ، فيكون نزول سورة التكاثر في ذلك التاريخ أيضا.

وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١) وتبلغ آياتها ثماني آيات.

الغرض منها وترتيبها

الغرض من هذه السورة تحريم التفاخر بالأموال والأولاد ، وبيان أنّ هذا التفاخر هو الذي ألهى قريشا عن قبول الدعوة ، وبهذا تكون هذه السورة في سياق الترهيب ، وهو من سياق السورة السابقة ، وهذا هو وجه المناسبة في ذكر هذه السورة بعدها.

تحريم التفاخر

الآيات [١ ـ ٨]

قال الله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) فوبّخهم على إلهاء التفاخر بالأموال والأولاد لهم عن قبول الدعوة ، ثم هدّدهم بأنهم سوف يعلمون ما يعاقبون به ، وذكر أنهم لو يعلمون ذلك يقينا لرأوه الجحيم ، ثم هدّدهم بأنّهم سيرونها عين اليقين : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (٨).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١٤٧
١٤٨

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «التكاثر» (١)

أقول : هذه السورة واقعة موقع العلّة لخاتمة ما قبلها ، كأنه لما قال تعالى هناك : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٩) [القارعة]. قيل : لم ذلك؟ فقال جلّ وعلا : لأنكم (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) (١). فاشتغلتم بدنياكم ، وملأتم موازينكم بالحطام ، فخفّت موازينكم بالآثام ؛ ولهذا أعقبها بسورة العصر ، المشتملة على أن الإنسان في خسر ، إلّا من آمن وعمل صالحا ، وتواصى بالحق وتواصى بالصبر ؛ وفي ذلك بيان للفارق بين تجارة الدنيا الفانية وتجارة الاخرة الخالدة ؛ ولهذا أعقبها بسورة الهمزة ، المتوعّد فيها من جمع مالا وعدّده ، يحسب أن ماله أخلده. فانظر إلى تلاحم هذه السور الأربع ، وحسن اتساقها (٢).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ : ١٩٧٨ م.

(٢). ومن المناسبة كذلك : التصريح هنا بوزن الأعمال التي أجملها في الزلزلة ، وبيّن أصلها في العاديات.

١٤٩
١٥٠

المبحث الرابع

لكل سؤال جواب في سورة «التكاثر» (١)

إن قيل : أين جواب (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥)؟

قلنا : هو محذوف تقديره : لو تعلمون الأمر يقينا لشغلكم عن التكاثر والتفاخر ، ثم ابتدأ السياق بوعيد آخر ، فقال سبحانه (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٦).

فإن قيل : كلّ أحد لا يخلو عن نيل نعيم في الدنيا ، ولو مرّة واحدة ، فما النعيم الذي يسأل عنه العبد؟

قلنا : فيه سبعة أقوال : أحدها أنه الأمن والصّحة. الثاني : أنّه الماء البارد. الثالث : أنّه خبز البر والماء العذب. الرابع : أنّه مأكول ومشروب لذيذان. الخامس : أنه الصحة والفراغ. السادس : أنه كل لذة من لذات الدنيا. السابع : أنه دوام الغداء والعشاء. وقيل إن السؤال خاصّ بالكفّار ، والصحيح أنه عامّ في كلّ إنسان وفي كل نعيم ، فالكافر يسأل توبيخا والمؤمن يسأل عن شكرها ، ويؤيّد هذا ما جاء في الحديث أنه (ص) قال : «يقول الله تعالى : ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهنّ ، وأسأله عمّا سوى ذلك : بيت يكنّه ، وما يقيم به صلبه من الطعام ، وما يواري به عورته من اللّباس».

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١٥١
١٥٢

المبحث الخامس

المعاني المجازية في سورة «التكاثر» (١)

في قوله سبحانه : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧) هذه استعارة على بعض الأقوال ، وهو أن يكون المراد : ثمّ لترونّها بعين اليقين ، ثم نزعت الباء فنصبت العين ، ويكون ذلك من باب قول الشاعر :

كما عسل الطّريق الثعلب

أي في الطريق ، وقال بعضهم : معنى ذلك على مثال قولهم عين الشيء أي حقيقته. وشاهد ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) (٥١) [الحاقة]. وقال بعضهم معنى «عين اليقين» أي حاضر اليقين ، ومنه قولهم في المثل : «تطلب أثرا بعد عين» أي غائبا بعد حاضر ، وعلى ذلك قول الأعشى (٢) ومن لا يصدّع له همّة فيجعلها بعد عين ضمارا والضمار الغائب ، والعين الحاضر ، ومنه الحديث في زكاة الضّمار أي الغائب والنّسيئة.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). الأعشى هو ميمون بن قيس بن جندل والبيت المذكور من قصيدة له ، وقد جاء صدر البيت في ديوان الأعشى هكذا : «ومن لا تضاع له ذمّة».

١٥٣
١٥٤

سورة العصر

١٠٣

١٥٥
١٥٦

المبحث الأول

أهداف سورة «العصر» (١)

سورة «العصر» سورة مكية ، آياتها ثلاث ، نزلت بعد سورة «الشرح».

«وفي هذه السورة الصغيرة ، يتمثّل منهج كامل للحياة البشرية ، كما يريدها الله تعالى. وتبرز معالم التصور الإيماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح صورة وأدقها.

إنها تضع الدستور الإسلاميّ كلّه في كلمات قصار ، وتصف الأمة المسلمة : حقيقتها ووظيفتها في آية واحدة ، هي الآية الثالثة من السورة. وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلّا الله.

والحقيقة الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه : أنه على امتداد الزمان في جميع العصور ، وامتداد الإنسان في جميع الدهور ، ليس هنالك إلّا منهج واحد رابح ، وطريق واحد ناج ، هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده وتوضح معالمه.

إن العمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان ، وبذلك يصبح الإيمان قوّة دافعة ، وحركة وعملا ، وبناء وتعميرا يتّجه إلى الله سبحانه.

أمّا التواصي بالحق والصبر ، فيبرز صورة الأمة المسلمة متضامنة متضامّة ، خيِّرة واعية ، قائمة على حراسة الحق والخير ، متواصية بالحق والصبر في مودّة وتعاون وتاخ.

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

١٥٧

المفردات

(الْعَصْرِ) اسم للدهر أي الزمن الذي يحياه الإنسان ، وقيل أقسم الله جلّ وعلا بصلاة العصر لفضلها ، أو أقسم بالعشي كما أقسم بالضحى.

(خُسْرٍ) هلاك لسوء تصرفه وكثرة آثامه.

(تَواصَوْا) تناصحوا وتعاهدوا.

(بِالْحَقِ) الواجب من فعل الطاعات وترك المحرّمات.

[الآيتان ١ ـ ٢] : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (٢) أقسم الله بالزمن وهو ماض لا يقف ، متغيّر لا يقرّ ، على أنّ الإنسان الذي يهمل إيمانه ومرضاة ربّه إنسان خاسر مهما كان رابحا من مظاهر الحياة ، لأنه قد خسر الجنة وخسر الكمال المقدّر له فيها ، وخسر مرضاة الله وطاعته.

[الآية ٣] : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣).

المؤمن يدرك أنه جسد وروح ، وهو ذو قلب وعقل ، وذو عواطف وجوارح ؛ وسعادته في نموّ هذه القوى نموّا متناسقا. وفي دور الخلافة الرشيدة للمسلمين تعاونت قوة الروح والأخلاق والدين والعلم والأدوات المالية ، في تنشئة الإنسان الكامل ، وفي ظهور المدينة الصالحة.

وكانت حكومة المسلمين من أكبر حكومات العالم قوة وسياسة وسيادة ، تزدهر فيها الأخلاق والفضيلة مع التجارة والصناعة ، ويساير الرقيّ الروحيّ التقدم المادي والحضاري.

وخلاصة السورة أن الناس جميعا في خسران إلّا من اتّصفوا بأربعة أشياء :

الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحقّ ، والتواصي بالصبر.

«وهذه السورة حاسمة في تحديد الطريق أنّه الخسر (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٣).

طريق واحد لا يتعدد ، طريق الإيمان والعمل الصالح ، وقيام الجماعة المسلمة ، التي تتواصى بالحقّ وتتواصى بالصّبر ، وتقوم متضامنة على حراسة الحق ، مزوّدة بزاد الصبر.

إنه طريق واحد ، ومن ثمّ كان الرجلان من أصحاب رسول الله (ص) إذا التقيا ، لم يتفرّقا حتّى يقرأ أحدهما

١٥٨

على الاخر سورة (وَالْعَصْرِ) (١) ثمّ يسلّم أحدهما على الاخر».

لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والعمل الصّالح ، والتّناصح بالحقّ والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، والصّبر والتحمّل في سبيل الدعوة إلى الهدى والرّشاد.

خلاصة أهداف السورة

١ ـ جنس الإنسان في خسر وضياع.

٢ ـ النجاة لمن آمن وعمل صالحا ، وحثّ على الفضيلة والحقّ ، وتحلّى بالثّبات والصّبر.

١٥٩
١٦٠