الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١٢

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١٢

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٧

المبحث الرابع

المعاني اللغوية في سورة «الزّلزلة» (١)

قال تعالى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥) أي : أوحى إليها.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتاب ، بيروت ، غير مؤرّخ.

١٠١
١٠٢

المبحث الخامس

لكل سؤال جواب في سورة «الزّلزلة» (١)

ما معنى إضافة الزلزال ، الذي هو المصدر ، إلى الأرض ، في قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (١)؟

قلنا : معناه الزلزال الذي تستوجبه في حكمة الله تعالى ومشيئته في ذلك اليوم ، وهو الزلزال الذي ليس بعده زلزال ، ونظيره قولك : أكرم التقيّ إكرامه وأهن الفاسق إهانته ؛ تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة ، ويجوز أن يكون المراد بالإضافة الاستغراق ، ومعناه : زلزالها كله الذي هو ممكن لها.

فإن قيل : لم قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨) على العموم فيهما ، وحسنات الكافر محبطة بالكفر ، وسيّئات المؤمن معفوّ عنها ، مغفورة باجتناب الكبائر ، فكيف تثبت رؤية كل عامل جزاء عمله؟

قلنا : معناه : فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يكون من فريق السعداء ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يكون من فريق الأشقياء ، لأنه جاء بعد قوله تعالى : (يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) [الآية ٦]. وذكر مقاتل ، أنّها نزلت في رجلين من أهل المدينة ، كان أحدهما يستقلّ أن يعطي السائل الكسرة أو التمرة ، ويقول : إنّما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبّه ، وكان الاخر يتهاون بالذنب اليسير ويقول : إنّما أوعد الله النار على الكبائر.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١٠٣
١٠٤

المبحث السادس

المعاني المجازية في سورة «الزّلزلة» (١)

في قوله سبحانه : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥) استعارتان إحداهما قوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢). والأثقال ، هنا ، كناية عن الأموات ، لأنّهم كانوا ثقلا على ظهر الأرض في حال الحياة. أجري عليهم هذا الاسم لهم ، عند حصولهم في بطونها بعد الوفاة ، أو يكونون إنّما سمّوا أثقالا ، لأنّهم في بطن الأرض بمنزلة الأجنّة في بطون الأمّهات ، وإذا جاز أن يسمّى الجنين حملا ، جاز أن يسمى ثقلا ، لأنّ المعنى واحد ؛ قال تعالى : (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) [الأعراف : ١٨٩] أي صار ما في بطنها من الجنين ثقلا لها. قالت الخنساء (٢) :

أبعد ابن عمرو من ال الشّريد

حلّت به الأرض أثقالها

أي زيّنت به موتاها. وقال أبو عبيدة إذا كان الميّت في بطن الأرض ، فهو ثقل لها ، وإذا كانت فوقه فهو ثقل عليها ، فتسمية الأموات بالأثقال تكون على أحد هذين الوجهين : وإمّا أن تكون هي المثقلة به ، وأمّا أن يكون هو المثقل بها. وقال غيره : معنى قوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢)

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). (٥٧٥ ـ ٦٤٤) الخنساء من أعظم شواعر العرب ، شاعرة مخضرمة ، أدركت الإسلام فأسلمت ، وحسن إسلامها. قتل أخواها معاوية وصخر في الجاهليّة فرثتهما محرّضة قومها على الأخذ بالثأر. لها ديوان أكثره في الرثاء ، شرحه ابن السّكّيت وابن الأعرابي والثعالبي. طبع في بيروت (١٨٨٨).

١٠٥

أي لفظت ، إلى ظهرها ، ما فيها من مدافن الأموات والمكنون إلى ظهرها. والاستعارة الأخرى قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤) والمراد بذلك ما يظهر فيها من دلائل انقطاع أحوال الدنيا ، وإقبال أشراط الاخرة ، فيكون ما يظهره الله تعالى فيها من ذلك ، قائما مقام الأخبار ، ونائبا عن النطق باللسان ؛ وهذا ، كما جاء في قول من قال : «سل الأرض من شقّ أنهارك ، وغرس أشجارك وجنى ثمارك ، فإن لم تجبك حوارا ، أجابتك اعتبارا». فكأنّ الأرض تحدّث من يسأل عن أمرها ، بأنّ الله تعالى أوحى لها بأن تكون على تلك الصفة التي ظهرت منها ، ومعنى (أَوْحى لَها) أي أوحى إلى ملائكته عليهم‌السلام ، بأن يظهروا فيها تلك الأشراط ، ويحدّثوا بها تلك الأعلام ، فلذلك قال : (أَوْحى لَها) ولو كان الوحي خاصة لها ، لكان الوجه أن يقال «أوحى إليها» ، وقد قال بعضهم (أَوْحى لَها) «وأوحى إليها» بمعنى واحد ، والاعتماد على القول الذي قدّمناه ، لأنّ الوحي يتضمّن أوامر ومخاطبات ، ولا يجوز أن يؤمر ولا يخاطب ، إلّا العاقل المميّز ، والمجيب السامع ، وليس الوحي إلى الأرض جاريا مجرى الوحي إلى النحل ، في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [النحل : ٦٨] ، لأنّ المراد عندنا بذلك ، أنّه سبحانه ألهمها ما أراد منها ، وهي ما يصحّ فيه ، ذلك لأنّها حيوان متصرّف ، والأرض لا يصحّ فيها ذلك ، لأنّها جماد خامد.

١٠٦

سورة العاديات

١٠٠

١٠٧
١٠٨

المبحث الأول

أهداف سورة «العاديات» (١)

سورة العاديات سورة مكّيّة ، آياتها ١١ آية نزلت بعد سورة العصر.

تصف سورة العاديات الحرب بين كفّار مكّة والمسلمين ، وتبدأ بمشهد الخيل العادية الضابحة ، القادحة للشرر بحوافرها ، المغيرة مع الصباح ، المثيرة للنقع وهو الغبار ، الداخلة في وسط العدوّ فجأة تأخذه على غرّة ، وتثير في صفوفه الذعر والفرار ، يليه مشهد ما في النفس ، من الكنود والجحود والأثرة والشّحّ الشديد. ثم يعقبه مشهد لبعثرة القبور ، وتحصيل ما في الصدور ؛ وفي الختام ينتهي النقع المثار ، وينتهي الكنود والشّحّ ، وتنتهي البعثرة والجمع ، الى نهايتها جميعا. ويعود الأمر إلى الله سبحانه : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١).

المفردات

العاديات : الخيل التي تعدو مسرعة.

الضّبح : صوت أنفاس الخيل حين الجري.

الموريات قدحا : هي الخيل تضرب بحوافرها الأرض ، فتقدح نارا. يقال : أورى الزّناد ، إذا أخرج النار على هيئة شرار.

المغيرات صبحا : خيل الغزاة تغير صباحا.

الإثارة : التهييج وتحريك الغبار.

النقع : الغبار.

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

١٠٩

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) : توسّطن جمعا من الكفار ففرقنه وهزمنه.

الكنود : جحود النعم.

(لَشَهِيدٌ) (٧) : يشهد على جحود لسان حاله بأقواله وأفعاله.

(الْخَيْرِ) : المال.

(لَشَدِيدٌ) (٨) : لكثير الحرص عليه.

(بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) (٩) : أخرج ما فيها من الموتى.

(وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) وأبرز المكنون في الصدور ، وظهرت الأسرار.

(لَخَبِيرٌ) (١١) : بالغ علمه بكل شيء.

مع آيات السورة

[الآيات ١ ـ ٥] : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥).

يقسم الله سبحانه بخيل المعركة ، ويصف حركاتها واحدة واحدة ، منذ أن تبدأ عدوها وجريها ضابحة بأصواتها المعروفة حين تجري ، قارعة للصّخر بحوافرها ، حتّى توري الشرر منها ، مغيرة في الصباح الباكر لمفاجأة العدو ، مثيرة للنقع والغبار ، وهي تتوسّط صفوف الأعداء على غرّة ، فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب.

[الآيات ٦ ـ ٨] : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨). يقسم سبحانه ، على أن الإنسان كنود جحود ، كفور بنعمة الله ، يعدّ المصائب وينسى النعم.

«وروي عن النبي (ص) : (الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ، ويمنع رفد) ، كأنّه لا يعطي ممّا أنعم الله به عليه ، ولا يرأف بعباد الله كما رأف الله به ، فهو كافر بنعمة ربه. غير أنّ الآية عامة ، والمراد منها ذكر حالة من حالات الإنسان التي تلازمه في أغلب أفراده» (١) إلّا من عصمهم الله ، وهم الذين روّضوا أنفسهم على فعل الفضائل ، وترك الرذائل.

وسرّ هذه الجملة ، أنّ الإنسان

__________________

(١). تفسير جزء عمّ للأستاذ الإمام محمد عبده ، ص ١٠٩ ، مطبعة الشعب الطبعة السادسة.

١١٠

يحصر همّه فيما حضره ، وينسى ماضيه ، وما عسى أن يستقبله ، فإذا أنعم الله عليه بنعمة ، غرّته ، ومنعه البخل والحرص من عمل الخير.

(وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) (٧) : وإن أعماله كلّها لتشهد بذلك ، وانه ليعترف بذلك بينه وبين نفسه ؛ أو أن الله على كنوده لشاهد على سبيل الوعيد.

(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (٨) : وإن الإنسان بسبب حبه للمال ، وتعلّقه بجمعه وادّخاره ، لبخيل ، شديد في بخله ، ممسك مبالغ في إمساكه ، متشدّد فيه.

ومن ثمّ تجيء اللفتة الأخيرة في السورة ، لعلاج الكنود والشحّ والأثرة ، مع عرض مشهد من مشاهد الاخرة.

[الآيات ٩ ـ ١١] : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١).

وهو مشهد عنيف مثير : بعثرة لما في القبور ، بعثرة بهذا اللفظ العنيف المثير ، وتحصيل لأسرار الصدور ، التي ضنّت بها ، وخبّأتها بعيدا من العيون ، تحصيل بهذا اللفظ القاسي ؛ ومفعول «يعلم» محذوف ، لتذهب النفس في تخيله كل مذهب.

أي أفلا يعلم الكنود الحريص ، ما يكون حاله في الاخرة يوم تكشف السرائر؟

أفلا يعلم ظهور ما كان يخفى من قسوة وتحيّل؟ أفلا يعلم أنّه سيحاسب عليه؟ أفلا يعلم أنه سيوفّى جزاء ما كفر بنعمة ربه؟

وتختم السورة بعدل الجزاء ، وشهادة الخبير ، بقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١).

فالمرجع إلى ربّهم ، وإنّه سبحانه لخبير بهم (يومئذ) وبأحوالهم وبأسرارهم ، والله خبير بهم في كل وقت وفي كل حال ؛ وإنّما خص هذا اليوم بذلك ، لأن هذه الخبرة يعقبها الحساب والجزاء.

كما قال تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) [آل عمران : ١٨١] مع أنّ كتابة أقوالهم حاصلة فعلا ، والمراد سنجازيهم بما قالوا جزاء يستحقونه.

إن السورة قطعة رائعة ، لعرض سلوك الإنسان ، والوصول به الى مرحلة الجزاء ، في أسلوب قوي آسر

١١١

معنى ولفظا ، على طريقة القرآن المبين.

المعنى الاجمالي للسورة

١ ـ القسم بخيل الغزاة والمجاهدين.

٢ ـ بيان حال الإنسان ، إذا خلا قلبه من الايمان.

٣ ـ ذمّ الشّح والبخل وجحود النعمة.

٤ ـ عرض صورة من مشاهد البعث والحساب والجزاء.

١١٢

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «العاديات» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة العاديات بعد سورة العصر ، ونزلت سورة العصر بعد سورة الشّرح ؛ ونزلت سورة الشرح ، فيما بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة ؛ فيكون نزول سورة العاديات في ذلك التاريخ أيضا.

وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١) وتبلغ آياتها إحدى عشرة آية.

الغرض منها وترتيبها

الغرض من هذه السورة : بيان ميل الإنسان إلى الشّرّ ، وتحذيره من عقابه يوم الحشر ، وهذا فيه مناسبة للغرض المقصود من سورة الزّلزلة ، ولهذا ذكرت هذه السورة بعدها.

ميل الإنسان إلى الشر

الآيات [١ ـ ١١]

قال الله تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١) الآيات إلى قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٦) فأقسم سبحانه بالعاديات ، وما ذكر بعدها ، على أن الإنسان من طبعه الامتناع عن الخير ، وأنّه يشهد بذلك على نفسه ، وأنّه أيضا شديد الحب للمال ، فلا ينفق منه في الخير ؛ ثمّ هدّده جلّ وعلا بأنه يعلم ذلك ، إذا بعثه من قبره ، فيعاقبه عليه ؛ وختمها تعالى بقوله : (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١١٣
١١٤

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «العاديات» (١)

أقول : لا يخفى ما بين قوله تعالى في الزلزلة : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢) [الزلزلة] وقوله في هذه السورة : (إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) [الآية ٩]. من المناسبة والعلاقة (٢).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ : ١٩٧٨ م.

(٢). أقول : وهناك مناسبة أخرى. هي : بيان الأصل الذي يضلّ به الإنسان أو يهتدي. فلمّا ذكر سبحانه في آخر الزلزلة جزاء الإنسان على الخير والشر. بيّن جلّ وعلا هنا أن الإنسان بطبعه يحب الخير ؛ وحبّه للخير إمّا للدنيا ، وهو الشر ، وإمّا للاخرة ، وهو حقيقة الخير. فهذا الحب هو الذي يوجّه الأعمال. ثمّ ذكّر الإنسان بيوم يكشف فيه عما في القلوب من نيّات خفيّة : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) الى آخر السورة. وقد زاد الأمر تفصيلا في السور التالية.

١١٥
١١٦

المبحث الرابع

لغة التنزيل في سورة «العاديات» (١)

وقال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٦).

والكنود الكفور.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

١١٧
١١٨

المبحث الخامس

المعاني اللغوية في سورة «العاديات» (١)

قال تعالى : (فَوَسَطْنَ بِهِ) [الآية ٥] وقرأ بعضهم (فوصطن) (٢).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتاب ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). لم أعثر على من قرأ بالصاد ، والرسم في المصحف بالسين.

١١٩
١٢٠