مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أبي الحسن علي بن محمّد الشافعي [ ابن المغازلي ]

مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

أبي الحسن علي بن محمّد الشافعي [ ابن المغازلي ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٦٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يتلثّمه ويقبّله (١).

قول فاطمة للنبي ـ صلّى الله عليه وعليها ـ : إن الحسن والحسين خرجا من عندي ... الحديث :

٤٢٦ ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا محمّد بن زيد بن مروان بالكوفة ، أخبرنا إسحاق بن محمّد بن مروان ، حدّثنا أبي ، حدّثنا إسحاق ابن زيد ، عن سهل بن سليمان ، عن أبي هارون العبديّ ، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : كنّا نتحدّث عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يميل مرّة عن يمينه ومرّة عن شماله ، فلمّا رأينا ذلك قمنا عنه.

فلمّا خرجنا إلى الباب إذا نحن بفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لها عليّ : يا فاطمة ما أزعجك هذه السّاعة من رحلك؟ قالت : إنّ الحسن والحسين فقدتهما منذ أصبحت ، فلم أحسستهما وما كنت أظنّهما إلّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال عليّ : هما عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فارجعي ولا تؤذين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّها ليست بساعة إذن.

فسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلام عليّ وفاطمة فخرج في إزار ليس عليه غيره ، فقال : ما أزعجك هذه السّاعة من رحلك؟ فقالت : يا رسول الله ابناك الحسن والحسين خرجا من عندي ، فلم أرهما حتّى الساعة ، وكنت أحسبهما عندك ، وقد دخلني وجل شديد ، قال : فقال رسول الله صلّى الله

__________________

(١) بقية الحديث : فقال له الملك أتحبه؟ قال : نعم ، قال : إن أمتك ستقتله وإن شئت أريك المكان الذي يقتل به ، فأراه فجاء بسهلة أو تراب أحمر ، فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها ، قال ثابت : فكنا نقول : إنها كربلاء.

أخرجه الإمام ابن حنبل في مسنده ٣ / ٢٤٢ و ٢٦٥ بالإسناد إلى عمارة بن زاذان بعين السند ، وهكذا أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ٤٨٥ ، والحافظ الطبراني في الكبير ١٤٤ نسخة جامعة طهران ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى ١٤٦ قال : خرّجه البغوي في معجمه ، وخرّجه أبو حاتم في صحيحه ، وأحمد في مسنده. وحديث أم سلمة أخرجه الطبراني في الكبير ١٤٥ وقد مر بالرقم ١١٧ ، وطرق الحديث مجموعة في كتاب سيرتنا وسنتنا للشيخ الأميني ـ رضوان الله عليه ـ.

٣٠١

عليه وآله : يا فاطمة إنّ الله ـ عزوجل ـ وليّهما وحافظهما ، ليس عليهما ضيعة إن شاء الله ، ارجعي يا بنيّة فنحن أحقّ بالطّلب.

فرجعت فاطمة إلى بيتها ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجه ، وعليّ في وجه ، فابتغياهما فانتهيا إليهما وهما في أصل حائط قد أحرقتهما الشّمس ، وأحدهما متستّر بصاحبه ، فلمّا رآهما على تلك الحال ، خنقته العبرة وأكبّ عليهما يقبّلهما ، ثمّ حمل الحسن على منكبه الأيمن ، وحمل الحسين على منكبه الأيسر ، ثمّ أقبل بهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع قدما ويضع أخرى ممّا يكابد من حرّ الرّمضاء ، وكره أن يمشيا فيصيبهما ما أصابه فوقاهما بنفسه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله

سمى هارون ابنيه شبرا وشبيرا. الحديث

٤٢٧ ـ أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو بكر أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز إذنا ، حدّثنا عمرو بن حريث عن زرعة ابن عبد الرّحمن ، عن أبي الخليل ، عن سلمان ، قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : سمّى هارون ابنيه شبّرا وشبّيرا وإنّي سمّيت ابنيّ الحسن والحسين بما سمّي به هارون ابنيه شبّرا وشبّيرا (١).

قول فاطمة للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ :

ما أصبح في بيت عليّ طعام. الحديث

٤٢٨ ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن حيّوية الخزّاز إذنا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن الحسين

__________________

(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١٤٣ نسخة جامعة طهران بالإسناد إلى عمرو بن حريث بعين السند واللفظ ، وهكذا أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ١ / ١٤٧ ، والأمير أبو نصر بن ماكولا الإكمال ٤ / ٣٧٨ ، وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ١٣ / ١٠٢ ، ومنتخبه ٥ / ١٠٦ قال : خرّجه البغوي وعبد الغني في الإيضاح وابن عساكر.

٣٠٢

الأسديّ الدّهّان ، حدّثنا عليّ بن الحسين البزّار ، حدّثنا إسماعيل بن صبيح ، حدّثنا يحيى بن مسور ، عن عليّ بن حزوّر ، عن الأصبغ ، عن أبي سعيد الخدريّ ، يرفع الحديث أنّ فاطمة (عليها‌السلام) أتت النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقالت : عليك السّلام يا رسول الله! قال : وعليك السّلام يا بنيّة ، فقالت : والله ما أصبح ـ يا نبيّ الله ـ في بيت عليّ طعام ، ولا دخل بين شفتي طعام منذ خمس ، ولا لنا ثاغية ولا راعية ، ولا أصبح في بيته سفّة ، قال لها : ادني منّي ، فدنت فقال : أدخلي يدك بين ظهري ، فهوت فإذا هي بحجر بين كتفي النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) مربوطا بعمامته إلى صدره ـ فصاحت فاطمة صيحة شديدة ـ وقال : ما أوقد في دار محمّد نار منذ شهر.

ثمّ قال لها : أما تدرين ما منزلة عليّ منّي؟ كفاني أمري وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وضرب بين يديّ بالسّيف وهو ابن ستّ عشرة سنة ، وقاتل الأبطال وهو بن سبع عشرة سنة ، وفرّج همومي وهو ابن اثنتين وعشرين سنة وحده ، وكان من معه خمسون رجلا.

فأشرق وجه فاطمة (عليها‌السلام) ولم تزل قدماها من مكانها حتّى أتت عليا ـ عليه‌السلام ـ فإذا البيت قد أنار بنور وجهها ، وقال لها عليّ (عليه‌السلام) : يا بنت محمّد لقد خرجت من عندي وجهك على غير هذا الحال؟ فقالت : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبرني بفضلك.

قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : فاطمة بضعة مني

٤٢٩ ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار ، أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ ـ الملقّب بابن السّقّاء ـ الحافظ ، أخبرنا محمّد بن محمّد بن الأشعث قال : حدّثني موسى بن إسماعيل ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين ، [عن أبيه ، عن جدّه علي (عليه‌السلام)] : أنّ فاطمة بنت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : لم حجبتيه وهو لا يراك؟ فقالت : يا رسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ

٣٠٣

الرّيح ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشهد أنّك بضعة منّي (١).

٤٣٠ ـ وبإسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه : أنّ فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليها ـ دخل عليها عليّ (عليه‌السلام) وبه كآبة شديدة ، فقالت ما هذه الكآبة؟ فقال : سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مسألة لم يكن عندنا لها جواب ، فقالت وما المسألة؟ قال : سألنا عن المرأة ما هي؟ قلنا : عورة ، قال : فمتى تكون أدنا من ربّها؟ فلم ندر [ما نقول] قالت : ارجع إليه فأعلمه أنّ أدنا ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها ، فانطلق فأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما ذا من تلقاء نفسك يا عليّ. فأخبره أنّ فاطمة (عليها‌السلام) أخبرته ، فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : صدقت إنّ فاطمة بضعة منّي (عليها‌السلام) (٢).

٤٣١ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد إجازة ، أخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب ، حدّثنا أحمد بن عيسى ، حدّثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدّثنا أبو الأزهر ، حدّثنا عبد الرزّاق عن معمر ، عن الزّهريّ ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عبّاس ، قال : نظر النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) إلى عليّ فقال : أنت سيّد في الدّنيا سيّد في الآخرة ، عدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ الله ، ومبغضك مبغضي ، ومبغضي مبغض الله ، ويل لمن أبغضك من بعدي (٣).

٤٣٢ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان ، أخبرنا القاضي أبو الفرج أحمد بن عليّ بن جعفر بن محمّد بن المعلّى الخيوطيّ ، وأخبرنا القاضي أبو عليّ إسماعيل بن محمّد بن أحمد بن الطيّب بن كماري الفقيه الغرافي ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيري ، وأخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحويّ ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسين الجاذريّ ، قالوا : حدّثنا أبو بكر محمّد بن عثمان بن سمعان المعدّل ،

__________________

(١) أخرجه السيد فضل الله الراوندي في كتابه النوادر ص ١٤ بهذا السند واللفظ.

(٢) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ٢ / ٤٠ عن أنس ، وعن سعيد بن المسيب ، عن عليّ (عليه‌السلام) ولفظه : «فقالت : هلا قلت : خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يرونهن» وهكذا أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين ٦٣ ، وابن الأثير في مناقب الأخيار ٥٦ ، والذهبي في الكبائر ٧١ ، وأخرجه الهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٢ و ٤ / ٢٥٥ قال : رواه البزار.

(٣) قد مر الحديث تحت الرقم ١٤٥ بمثل السند باختلاف يسير في اللفظ.

٣٠٤

حدّثنا أسلم بن سهل بن أسلم ، حدّثنا وهب بن بقيّة ، أخبرنا خالد بن حصين عن أبي جميلة : أنّ الحسن بن عليّ (عليه‌السلام) حين قتل عليّ (عليه‌السلام) استخلف فبينا هو يصلّي بالنّاس ، إذ وثب عليه رجل فطعنه ، فوقع في وركه فمرض منها شهرا ثمّ قام على المنبر فقال: يا أهل العراق اتّقوا الله فينا! فإنّا أمراؤكم! وضيفانكم! وإنّا أهل البيت الّذين قال الله تعالى فيهم : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فما زال يتكلّم حتّى ما رأيت أحدا في المسجد إلّا باكيا (١).

٤٣٣ ـ قال : حدّثنا أسلم ، حدّثنا زكريّا بن يحيى بن صبيح ، حدّثنا هشيم قال : أخبرنا زاذن أبو منصور قال : رأيت الحسين بن عليّ (عليه‌السلام) مخضوب الرّأس واللّحية (٢).

٤٣٤ ـ قال : حدّثنا أسلم ، حدّثنا إسماعيل بن عيسى ، حدّثنا يزيد بن هارون ، حدّثتني أمّي عن جدّها قال : أدركت قتل الحسين بن عليّ (عليه‌السلام) ، فلمّا قتل خرج أناس إلى إبل كانت معه فانتهبوها ، فلمّا كان اللّيل رأيت فيها النيران فاحترق كلّ ما أخذ من عسكره (٣).

__________________

(١) أخرجه الحافظ الطبراني في معجمه الكبير ١٤٢ نسخة جامعة طهران ، بالإسناد إلى وهب بن بقية بعين السند واللفظ ، وخرّجه عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٨٠ ، والهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ١٤ ، ولم نجده في تاريخ واسط.

(٢) تاريخ واسط لأسلم بن سهل بن أسلم المعروف ببحشل الواسطي ص ٨٩.

(٣) لم نجده في تاريخ واسط مع أن الظاهر أن المؤلف ابن المغازلي إنما يستخرج هذه الأحاديث عن أصل كتابه بهذا السند ، ومن العجب أن ما استخرجه المؤلف في كتابه هذا وفيها منقبة لعلي (عليه‌السلام) لا يوجد في المطبوع من تاريخ واسط (قد طبع ببغداد في مطبعة المعارف عام ١٣٨٧) ، مثل حديث الخوارج الذي مر بالرقم ٨٦ ، وحديث الطير الذي مرّ بالرقم ١٩٠ و ٢٠٩ ، ولكن يوجد فيه ما مرّ بعين السند بالرقم ١٥٣ وفيه منقبة! لعمر بن الخطاب في إلحاحه على علي (عليه‌السلام) في تزويج ابنته أم كلثوم.

وكيف كان ، في الباب حديث جميل بن مرة أخرجه الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام ٢ / ٣٤٨ ، وفي سير أعلام النبلاء ٣ / ٢١١ ، والحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ٢ / ٣٥٣ ، والسيوطي في الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٦ ، تاريخ الخلفاء ٨٠.

وحديث سفيان بن عيينة وفيه : «صار اللحم نارا وصار الورس أسود» ، أخرجه الإمام ابن حنبل في علل الحديث ١ / ١٥٠ ، والطبراني في معجمه الكبير ١٤٧ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ٢١١ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٣٤٨ ؛ وابن حجر في تهذيب التهذيب ٢ / ٣٥٣ ؛ وأخرجه الهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٩٧ من طريق الطبراني وقال : رجاله رجال الصحيح.

٣٠٥

٤٣٥ ـ قال : حدّثنا أسلم قال : حدّثنا أحمد بن إسماعيل بن عمر ، حدّثنا سليمان بن منصور ، حدّثنا عليّ بن عاصم عن حصين قال : كنت بالكوفة فجاءنا قتل الحسين بن عليّ (عليهما‌السلام) ، فمكثنا ثلاثا كأنّ وجوهنا طليت رمادا.

قال عليّ بن عاصم : قلت لحصين : مثل ما كنت يومئذ؟ قال : رجل متأهّل (١).

٤٣٦ ـ أخبرنا القاضي أبو الحسن عليّ بن خضر الأزديّ إجازة : أنّ أبا يعقوب يوسف بن يعقوب النّجيرميّ حدّثهم قال : حدّثنا أبو يحيى الساجيّ ، حدّثنا إسماعيل ابن بنت السّدّي ، حدّثنا دويد الجعفيّ ، عن أبيه ، قال : لمّا قتل الحسين (عليه‌السلام) انتهبت جزور من عسكره فلمّا طبخت إذا هي دم فأكفوها (٢).

٤٣٧ ـ أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النّحويّ إذنا : أنّ أبا القاسم عليّ بن طلحة بن كردان أخبرهم قال : حدّثنا أبو بكر محمّد بن القاسم الأنباريّ ، أخبرنا محمّد بن أبي يعقوب الدينوريّ ، حدّثنا عليّ بن الحسن الساميّ ، حدّثنا نصر بن منصور قال : لمّا ورد على الأمراء ما أمروا به من لعن عليّ (عليه‌السلام) على المنابر ، أحضر كثيّر بن عبد الرّحمن (٣) ليتكلّم فيمن تكلّم بمكّة ، وأصعد منبرا فتعلّق بأستار الكعبة وقال :

طبت بيتا وطاب أهلك أهلا

أهل بيت النبيّ والإسلام

تأمن الطير والحمام ولا يأ

من أهل النبيّ عند المقام

لعن الله من يسبّ عليّا

وبنيه من سوقة أو إمام

أيسبّ المطهّرون أبا وجدّا

والكرام الأخوال والأعمام

__________________

(١) تاريخ واسط لبحشل ١١٠.

(٢) أخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ١٤٧ نسخة جامعة طهران ، بالإسناد إلى زكريا بن يحيى الساجي بعين السند واللفظ ، وخرّجه عنه الهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٩٦ وقال : رجاله ثقاة.

(٣) هو أبو صخر كثير بن عبد الرحمن صاحب عزة بنت جميل ، له ترجمة في الأغاني ٩ ص ٣٨ ـ ٣ ط دار الكتب ، وفيات الأعيان ٣ / ٢٦٥ بالرقم ٥١٩ ، مات ١٠٥ ، وحضر جنازته أبو جعفر الباقر (عليه‌السلام) على ما قيل.

٣٠٦

رحمة الله والسّلام عليهم

كلّما قام قائم بسلام

قال : فأثخنوه ضربا بالأيدي والنعال.

فأنشأ يقول :

إنّ امرأ كانت مساويه

حبّ النبيّ لغير ذي عتب

وبني أبي حسن ووالدهم

من طاب في الأرحام والصّلب

أيرون ذنبا أن أحبّهم

بل حبّهم كفّارة الذّنب

من كان ذا ذنب فلست به

في الحبل نيط بحبّهم قلبي

٤٣٨ ـ قال : حدّثنا محمّد بن القاسم قال : أنشدني أبي قال : أنشدنا أحمد بن عبيد لخزيمة بن ثابت الأنصاري ـ ذي الشّهادتين ـ يمدح عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) ، فسطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله به وجهه :

ويلكم إنّه الدّليل على الل

ه وداعية الهدى وأمينه

وابن عمّ النبيّ قد علم النّ

اس جميعا وصنوه وخدينه

كلّ خير يزينهم هو فيه

وله دونهم خصال يزينه

ثمّ ويل لمن يبارز في الرّو

ع إذا ضمّت الحسام يمينه

ثمّ نادى : أنا أبو الحسن ال

قرم فلا بدّ أن يطيح قرينه

٤٣٩ ـ قال : حدّثنا محمّد بن القاسم ، حدّثنا محمّد بن عليّ بن وقّار المدينيّ أبو عليّ الجهبذ ، حدّثنا أبو الفضل الرّبعي الهاشميّ ، حدّثنا محمّد بن أبي السّريّ ، حدّثنا هشام بن الكلبيّ ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس : أنّه ذكر عنده عليّ (عليه‌السلام) فضرب بيده على فخذه وبكى حتّى اخضلّت لحيته ثمّ قال : كان والله عليّ أمير المؤمنين يشبه القمر الزّاهر ، والليث الخادر ، والفرات الزاخر ، والرّبيع الباكر ؛ أشبه من القمر ضوءه وسناه ، ومن اللّيث شجاعته ومضاه ، ومن الفرات جوده وسخاه ، ومن الرّبيع خصبه وبهاه.

٤٤٠ ـ قال : حدّثنا محمّد بن القاسم ، حدّثنا أحمد بن سعيد بن عبد الله ، حدّثنا الزّبير بن بكّار قال : لمّا [أتى أهل المدينة مقتل الحسين] ، خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب ـ وهي زينب الصّغرى ـ ترثي أهلها ، ومن قتل

٣٠٧

بالطّفّ ، وهي تقول :

ما ذا تقولون إن قال النبيّ لكم

ما ذا صنعتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأنصاري وذي رحمي

منهم أسارى ومنهم ضرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي(١)

٤٤١ ـ سمعت أبا منصور عبد العزيز يقول بإسناد لست أحفظه قال : سئل الشّبليّ عن عليّ (عليه‌السلام) فقال : سمسار التوحيد وروناس الحكمة ، سبكت فيه الأمّة فخرجوا لا شيء ، وسأله سائل عنه فقال له : تلقاني في الطريق ثمّ سأله فقال : خلّده وتعال.

٤٤٢ ـ قال : وجلس أبو نعيم الطلحيّ ببغداد يملي الحديث ، فقام إليه رجل أظنّه من خراسان فقال : الشيخ يتشيّع ، فأدار بوجهه ثمّ جاءه من الجانب الآخر ، فأدار بوجهه وقال له : أيّ ريح هبّت بك إليّ؟

ثم أنشأ يقول :

وما زال كتمانيك حتّى كأنّني

لرجع جواب السائلي عنك أعجم

لأسلم من قول الوشاة وتسلمي

سلمت وهل حيّ من النّاس يسلم

وهو يكرّر عليه القول ، فقال : حدّثني صالح بن حيّ قال : سمعت جعفر ابن محمّد يقول : «حبّ عليّ عبادة» وأفضل العبادة ما كتم.

٤٤٣ ـ أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النّحويّ ـ رحمه‌الله ـ حدّثنا أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميميّ ، حدّثنا القاضي أبو بكر محمّد بن [عمر الجعابي ، حدّثنا] سريّ بن منصور بن عمّار ، حدّثنا أبي ، عن أبي لهيعة ، عن أبي قبيل ، قال : لمّا قتل الحسين بن عليّ (عليهما‌السلام) أخذوا الرأس وأسرّوا به ، فلمّا صار اللّيل قعدوا يشربون ويتحيّون بالرأس ، فخرجت عليهم كفّ من حائط فيها قلم من حديد وكتبت سطرا بدم :

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٧ ، كفاية الطالب ٤٤١ عن ابن عساكر ، تذكرة خواص الأمة ٢٦٧ ط الغري ، ١٥١ ط إيران نقلا عن الواقدي.

٣٠٨

أترجو أمّة قتلت حسينا

شفاعة جدّه يوم الحساب(١)

٤٤٤ ـ حدّثني أبو منصور عبد العزيز قال : سئل الشّبليّ عن عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) فقال في حلقته للسائل : القني في الطّريق تسمع الجواب للمسألة ، فقال : أريد هاهنا ، فقال : صاحب العلم في الدّنيا ، فكشفنا لك القناع وقلنا : نعم نعم. وصاحب العلم في الآخرة والدّنيا ، فقال : أريد أبين من هذا ، فقال : مرّ خلّده وتعال.

٤٤٥ ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عبد الصّمد بن عبد الله بن القاسم الهاشميّ ـ سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ـ حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ـ المعروف بابن الكاتب ـ البغداديّ قال : حدّثنا عليّ بن محمّد المصريّ ، حدّثنا أبو علاثة القارضي بمصر ، حدّثنا جدّي ، حدّثني عبد الله بن محمّد المصريّ ، حدّثنا ابن وهب قال : سمعت اللّيث بن سعد يقول : حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فطفت بالبيت ، وسعيت بين الصّفا والمروة ، ورقيت أبا قبيس ، فوجدت رجلا يدعو وهو يقول : «يا ربّ يا ربّ» حتّى انطفا نفسه ثمّ قال : «يا ذا الجلال والإكرام» حتّى انطفا نفسه ثمّ قال «أي ربّ أي ربّ» حتّى انطفا نفسه ، ثمّ قال اللهمّ إنّ برديّ قد خلقا فاكسني ، وأنا جائع فأطعمني ، فما شعرت إلّا بسلّة عنب لا عجم له ، وبردين ملقاءين فخرجت إليه وجلست لآكل معه ، فقال لي ؛ مه! قلت له : أنا شريكك في هذا الخير ، فقال : بما ذا؟ قلت : كنت تدعو وأنا أؤمّن على دعائك ، فقال لي : كل ولا تدّخر شيئا ، فأكلنا ، وليس في البلد إذ ذاك عنب ، ثمّ انصرفنا عن ريّ ، ولم ينقص من السلّة شيء ، ثمّ قال : خذ أحد البردين إليك ، فقلت : أنا عنهما غنيّ ، فقال لي : فتوار عنّي حتّى ألبسهما ، فتواريت فلبسهما وأخذ الأخلاق بيده ، ونزل فاتّبعته ، فلقيه سائل فقال له : اكسني كساك الله يا بن رسول الله ، فأعطاه الأخلاق ، فاتّبعت السائل

__________________

(١) أخرجه العلامة الطبراني في المعجم الكبير ١٤٧ نسخة جامعة طهران ، بالإسناد عن شيخه زكريا ابن يحيى الساجي عن محمّد بن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، عن سري بن منصور بعين السند واللفظ ، وخرّجه عنه الحافظ الكنجي في الكفاية ٢٩١ ط و ٤٣٩ ط ، والحافظ الهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٩٩ ، والحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام ٣ / ١٣ ، والحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٧ ، وأخرجه المحب الطبري في الذخائر ١٤٥ وقال : خرجه ابن منصور بن عمار.

٣٠٩

فقلت : من هذا؟ فقال لي : هذا جعفر بن محمّد الصادق (عليه‌السلام) (١).

٤٤٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان أبو بكر ، حدّثنا القاضي أبو الفرج أحمد بن عليّ بن جعفر بن محمّد بن المعلّى الخيوطيّ الحافظ ، وأخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن محمّد بن أحمد الطيّب بن كماريّ الفقيه الحنفي ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيريّ ، وأخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النّحويّ ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الجاذريّ الطحّان ، قالوا : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عثمان بن سمعان المعدّل الحافظ ، حدّثنا أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم بن حبيب الرزّاز الحافظ ، حدّثنا أحمد بن زكريا بن سفيان ، حدّثنا سعيد بن طهمان الفقرائي ، قال : سمعت هشيما ـ وهو أبو معاوية هشيم بن بشير الواسطيّ ـ يقول : أدركت خطباء أهل الشام بواسط في زمن بني أميّة ، كان إذا مات لهم ميّت قام خطيبهم فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ ذكر عليّ بن أبي طالب فسبّه ، فحضرتهم يوما وقد مات لهم ميّت ، فقام خطيبهم فحمد الله وأثنى عليه وذكر عليا (عليه‌السلام) فسبّه فجاء ثور فوضع قرنيه في ثدييه وألزقه بالحائط فعصره حتّى قتله ، ثمّ رجع يشقّ النّاس يمينا وشمالا لا يهيج أحدا ولا يؤذيه.

قال أسلم : وحدّثنا إبراهيم بن منصور بن قادم الخبّاز الخطيب الأعور قال : حدّثنا سعيد بن طهمان الفقرائيّ قال : سمعت هشيما يقول هذا الحديث (٢).

أخبرها أبو عليّ إسماعيل بن محمّد بن أحمد بن الطيّب الفقيه الحنفيّ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل بن سهل بن بيريّ ، وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان ، أخبرنا القاضي أبو الفرج أحمد بن عليّ بن جعفر بن محمّد بن المعلّى الخيوطيّ ، وأخبرنا أبو غالب محمّد بن

__________________

(١) أخرجه الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في صفة الصفوة ٤ / ٩٧ بعين السند وأخرجه الأربلي في كشف الغمة ٢ / ٣٧٦ من طريق محمّد بن طلحة الشافعي ثم قال : حديث الليث مشهور وقد ذكره جماعة الرواة ونقلة الحديث ، وأول ما رأيته في كتاب المستغيثين تأليف أبي القاسم خلف ابن عبد الملك ابن بشكوال.

(٢) تاريخ واسط لأسلم الرزاز ٢١٢.

٣١٠

أحمد بن سهل النحويّ ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الجاذريّ الطّحان قالوا : حدّثنا أبو بكر محمّد بن عثمان بن سمعان المعدّل ، حدّثنا أسلم ، حدّثنا حرميّ بن يونس ، حدّثنا يحيى بن أيّوب قال : سمعت نصر بن بسّام قال : أتيت معروفا ـ يعني الكرخيّ ـ فسمعته يقول : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في النّوم وهو يقول : جزى الله هشيما عن أمّتي خيرا.

قال : حدّثنا أسلم ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة قال : سمعت سعيد بن منصور يقول : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في النّوم فقلت له : ألزم هشيما أو أبا يوسف؟ قال : الزم هشيما.

قال : حدّثنا أسلم ، حدّثنا زكريا بن يحيى بن صبيح قال : سمعت عمران ابن أبان يقول : سمعت شعبة يقول : إن حدّثكم هشيم عن عيسى ابن مريم فصدّقوه.

هذا مبالغة في صدقه وصحّة حديثه.

قال : حدّثنا أسلم ، حدّثنا يحيى بن إسحاق الواسطيّ قال : سمعت عمرو ابن عون يقول : مكث هشيم عشرين سنة قبل موته يصلّي العشاء والفجر بوضوء واحد (١).

٤٤٧ ـ أخبرنا أبو محمّد الحسن بن موسى الغندجانيّ قال : أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن [محمّد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضيّ حدّثنا] محمّد بن يحيى الصّولي ، حدّثنا محمّد بن زكريّا ، حدّثنا ابن عائشة ، عن أبيه ، قال : حجّ هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد ، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه وحجّ عليّ بن الحسين (عليه‌السلام) فكان إذا دنا من الحجر يفرق عنه النّاس إجلالا له ، فوجم لذلك هشام وقال : من هذا فما أعرفه؟ وكان الفرزدق واقفا

__________________

(١) تاريخ واسط لأسلم الرزاز ١٥٢ ـ ١٥٣ ، وهشيم ابن بشير هو أبو معاوية السلمي وثقه ابن حبان البستي في المشاهير ١٧٧ ، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٩ / ١١٥ ، والخطيب في تاريخه ١٤ / ٨٥ ، وابن حجر في تهذيب التهذيب ١١ / ٥٩ ، وأوردوا فيه هذه الأحاديث ، وقد أكثر عنه الإمام ابن حنبل في كتابه علل الحديث راجعه.

٣١١

فأقبل على هشام فقال :

هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحلّ والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلّهم

هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها

إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

في كفّه خيزران ريحه عبق

من كفّ أروع في عرنينه شمم

يغضي حياء ويغضى من مهابته

فما يكلّم إلّا حين يبتسم

فليس قولك «من هذا»؟ بضائره

العرب يعرف من أنكرت والعجم(١)

٤٤٨ ـ أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد البزّار ، وأبو الفرج محمّد ابن هارون بن الحسين الفقيه المالكيّ ـ رحمهما‌الله ـ قالا : أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد بن العبّاس بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، حدّثنا أبي وعمّاي أبو القاسم وأبو الحسن وأبو عبد الله جعفر ومحمّد ومحمّد قالوا : قرىء على جدّنا العبّاس بن عبد الواحد بن جعفر ونحن حضور نسمع قال : حدّثني عمّي يعقوب بن جعفر بن سليمان بن عليّ قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، [عن أبيه] قال : كنت مع عبد الله بن العبّاس وسعيد بن جبير يقوده ، فمرّ على ضفّة زمزم ، فإذا بقوم من أهل الشام يسبّون عليا (عليه‌السلام) فقال لسعيد : ردّني إليهم ، فوقف عليهم فقال : أيّكم السّابّ لله ـ عزوجل ـ؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ الله ـ عزوجل ـ! قال : فأيّكم السّابّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله)؟ قالوا : سبحان الله ما فينا أحد يسبّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، قال : فأيّكم السّابّ عليّ بن أبي طالب؟ قالوا : أمّا هذا فقد

__________________

(١) ديوان الفرزدق ط بيروت ٢ / ١٧٨ ، وله إسناد منها طريق الصولي كما أخرجه أبو عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في رجاله على ما في منتخبه لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي ص ٢٩ بالرقم ٢٠٧ ط المصطفوي ، بالإسناد إلى الغلابي محمّد بن زكريا بعين السند ، وهكذا أخرجه السيد الأجل الشريف المرتضى في أماليه ١ / ٦٧ ، وأبو الفرج الأصبهاني في الاغاني ١٥ / ٣٢٦ ط دار الكتب.

راجع أيضا : الأغاني ٢١ / ٣٧٦ ط دار الكتب ، حلية الأولياء ٣ / ١٣٩ ، صفة الصفوة ٢ / ٥٤ ، طبقات الشافعية ١ / ١٥٣ ، شذرات الذهب ١ / ١٤٢ ، وفيات الأعيان ٥ / ١٤٥ ترجمة همام بن غالب الفرزدق ، حياة الحيوان ١ / ٩ (الاسد) ، البداية والنهاية ٩ / ١٠٨ ، شرح الحماسة للتبريزي ٢ / ٢٨.

٣١٢

كان؟ قال فأشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سمعته أذناي ووعاه قلبي يقول لعليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) : يا عليّ من سبّك فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله عزوجل ـ ومن سبّ الله ـ عزوجل ـ كبّه الله على منخريه في النّار ، ثمّ ولّى عنهم ، ثمّ قال : يا بنيّ ما ذا رأيتهم صنعوا؟ فقلت له : يا أبه.

نظروا إليك بأعين محمرّة

نظر التّيوس إلى شفار الجازر

فقال : زدني فداك أبوك! فقلت :

خزر العيون نواكس أبصارهم

نظر الذّليل إلى العزيز القاهر

قال : زدني فداك أبوك! قلت : ليس عندي مزيد ، فقال : لكن عندي فداك أبوك :

أحياؤهم عار على أمواتهم

والميّتون مسبّة للغابر(١)

٤٤٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان البزّاز قراءة علينا من لفظه في جامع واسط سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن يحيى بن موسى النصيبيّ ، حدّثنا حميد بن مسبّح ، حدّثنا أبو الطيّب أحمد بن عبيد الله الدّاريّ بأنطاكيّة ، حدّثنا يمان بن سعيد ، حدّثنا خالد بن يزيد البجليّ ، عن محمّد بن إبراهيم الهاشميّ ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف تهلك أمّة أنا في أوّلها ، وعيسى ابن مريم في آخرها ، والمهديّ من ولدي في وسطها (٢).

٤٥٠ ـ وبالإسناد عن الحسن قال : سمعت جابرا يقول : أرسل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعليّ بن أبي طالب أميرا على سريّة وكان في السّريّة الزّبير ابن العوّام فنزل عليّ (عليه‌السلام) على حصن من حصون العدوّ ، فوصف له

__________________

(١) أخرجه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب ٨٢ الباب ١٠ ، بالإسناد إلى القاضي أبي عمر الهاشمي بعين السند واللفظ ، وأخرجه المحب الطبري في الرياض النضرة ٢ / ١٦٦ من طريق الملا في سيرته ، وهكذا أخرجه أخطب خوارزم في المناقب ٨١ ، والعلامة الزرندي في نظم درر السمطين ١٠٥ ، وأخرجه من طريق مؤلفنا ابن المغازلي الشيخ عبد الله الشافعي في مناقبه المخطوط ٤٧.

(٢) أخرجه أبو نعيم في أخبار المهدي ، وخرّجه عنه الحافظ الكنجي في كتاب البيان الباب ١٢ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٧ / ١٨٧ ، و ٨ / ٢١٨ ، ومنتخبه ٦ / ٣٠ ، بالإسناد إلى خالد بن يزيد القسري البجلي بعين السند واللفظ.

٣١٣

جارية في إحدى الحصنين ، فتشوّقت نفسه إليها ، فقال للزّبير : قف على الحصن مقيما إلى أن أمضي وأفتح ذلك الحصن وأعود.

فمضى (عليه‌السلام) وتخلّف الزّبير مقيما على الحصن ، فاستعجل الزّبير ففتح الحصن قبل ورود عليّ (عليه‌السلام) ، وأخرج أهل الحصن الجارية فدفعوها إلى الزّبير ، فأخذها الزّبير ومضى إلى عليّ (عليه‌السلام) ، فوجده قد فتح الحصن وهو في حصاره ، فصعد إليه وناداه : السّلام عليك يا أبا الحسن! فسمع عنده كلام امرأة فخرج إليه وهو ضاحك ، فقال له الزّبير : هذه الجارية الّتي وصفت لك يا أبا الحسن قد أتيتك بها ، فإذا بقائلة تقول : يا زبير تريد أن تفرّق بيني وبين ابن عمّي؟ فعجب الزّبير من ذلك عجبا شديدا ، فقالت : والله لو أنّي بالمشرق وعليّ بالمغرب حتّى همّ بي أو هممت به ، لجمع الله بيننا أسرع من الجفن ، فإذا هي فاطمة عليها‌السلام.

٤٥١ ـ وبالإسناد حدّثنا الرّبعيّ حدّثنا فضيل بن يسار قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : أيّ قبور الشّهداء أفضل؟ قال : أو ليس أفضل الشهداء عندك الحسين عليه‌السلام؟ فو الّذي نفسي بيده إنّ حول قبره أربعين ألف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة (١).

٤٥٢ ـ قال : حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ ، عن عبد الله بن نجيّ ، عن أبيه : أنّه سافر مع عليّ (عليه‌السلام) وكان صاحب مطهرته ـ فلمّا جاء نينوى وهو منطلق إلى صفّين : فإذا عليّ (عليه‌السلام) يقول : صبرا أبا عبد الله! صبرا أبا عبد الله بشطّ الفرات ، قلت : من ذا أبو عبد الله؟ قال عليّ (عليه‌السلام) : دخلت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعيناه تفيضان فقلت : يا نبيّ الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال : قام من عندي جبرئيل (عليه‌السلام) فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمك من تربته؟ فقلت : نعم ، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عينيّ أن فاضتا (٢).

__________________

(١) راجع كامل الزيارات لأبي القاسم بن قولويه القمي ـ المتوفى ٣٦٧ ـ ص ١٠٩ و ١٥٩.

(٢) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ١ / ٨٥ بالإسناد عن محمّد بن عبيد ، عن شرحبيل بن ـ

٣١٤

٤٥٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسين بن يعقوب الواسطيّ ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن الحسين بن جهضم الهمدانيّ ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن عليّ بن خالد بن سعيد الرّقيّ البزّاز ، حدّثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلوانيّ ، حدّثنا عبد الله بن داهر ، عن عمرو بن جميع ، عن عروة بن عبيد ، عن الحسن بن [أبي] الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال : أتيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلّمت عليه ، فقال : يا عمران إنّ لك منّا منزلة وجاها ، فهل لك في عيادة فاطمة؟ قلت : نعم يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقمت معه حتّى وقف على باب فاطمة فقال : السّلام عليك يا بنيّة أدخل؟ فقالت : ادخل يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، قال : أنا ومن معي؟ قالت : ومن معك يا رسول الله؟ قال : معي عمران بن الحصين الخزاعيّ قالت : والّذي بعثك بالحقّ نبيّا ما عليّ إلّا عباءة لي ، فقال : يا بنيّة اصنعي بهذا هكذا وهكذا ، وأشار بيده ، فقالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي هذا جسدي قد واريته فكيف لي برأسي؟ فألقى إليها ملاءة له خلقة فقال : شدّي هذه على رأسك ، ثمّ أذنت له فدخل معه ، فقال : كيف أصبحت أي بنيّة؟ قالت : أصبحت والله وجعة يا رسول الله وزادني على ما بي من الوجع الجوع ، لست أقدر على طعام آكله ، فقد أهلكني الجوع ، فبكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكت فاطمة معه ، ثمّ قال : أبشري يا فاطمة وقرّي عينا ولا تحزني ، فو الّذي بعثني بالنبوّة حقّا إن كنت ذقت طعاما منذ ثلاث وإنّي لأكرم على الله منك ، ولو شئت أن أظلّ عند ربّي يطعمني ويسقيني لفعلت ، ولكنّي آثرت الآخرة على الدّنيا ، يا بنيّة لا تجزعي فو الّذي بعثني بالنبوّة حقّا إنّك سيّدة نساء العالمين ، فوضعت يدها على رأسها وقالت : يا أبه! فأين آسية بنت مزاحم امرأة فرعون؟ ومريم بنت عمران؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : آسية سيّدة نساء

__________________

ـ مدرك ، عن عبد الله بن نجي بعين السند واللفظ ، وأخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ١٤٤ نسخة جامعة طهران بالإسناد عن شيخه محمّد بن عبد الله الحضرمي ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن محمّد بن عبيد بعين السند واللفظ ، وأخرجه العلامة الذهبي في تاريخ الإسلام ٣ / ٩ تارة من طريق أحمد ، وأخرى من ابن سعد ، عن المدائني ، عن يحيى بن زكريا ، عن رجل ، عن الشعبي ، وأخرجه ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤٦ ، والسيوطي في الخصائص الكبرى ٢ / ١٢٦ قال : أخرجه أبو نعيم عن نجي الحضرمي ، وفي الجامع الصغير قال : أخرجه ابن سعد.

٣١٥

عالمها ، ومريم سيّدة نساء عالمها ، وخديجة سيّدة نساء عالمها ، وأنت فاطمة سيّدة نساء عالمك ، إنكنّ في بيوت من قصب ، لا أذى فيه ولا نصب ، قلت : يا رسول الله وما بيوت من قصب؟ قال : درّ مجوّف من قصب لا أذى فيه ولا صخب ، قال : ثمّ ضرب بيده على منكبها وقال : يا بنيّة والّذي بعثني بالحقّ نبيّا لقد زوّجتك سيّدا في الدّنيا وسيّدا في الآخرة (١).

٤٥٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أبي نصر ، حدّثنا أبو زكريّا عبد الرّحيم بن أحمد بن نصر الأزديّ الحافظ ، حدّثنا أبو محمّد عبد الغنيّ بن سعيد الأزديّ الحافظ ، حدّثنا يوسف بن القاسم الميانجيّ عن عليّ بن العبّاس المقانعيّ ، عن محمّد بن مروان ، عن إبراهيم بن الحكم ، عن أبيه ، عن أبي مالك ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا وعليّ من شجرة واحدة والناس من أشجار شتّى (٢).

٤٥٥ ـ قال : وحدّثنا عبد الغنيّ ، حدّثنا الحسين بن عبد الله القرشيّ ، حدّثنا الباهليّ ، حدّثنا عبد الرّحمن بن خالد ، حدّثنا معاوية بن هشام ، حدّثنا زياد بن المنذر ، عن عقيصا ـ وهو أبو سعيد دينار ـ قال : سمعت الحسين عليه‌السلام يقول : من أحبّنا نفعه الله بحبّنا ، وإن كان أسيرا في الدّيلم ، وإنّ حبّنا لتساقط الذّنوب كما تساقط الرّيح الورق (٣).

٤٥٦ ـ أخبرنا أبو إسحاق بن غسّان الدقّاق البصريّ ـ فيما كتب به إليّ ـ حدّثنا أبو عليّ الحسين بن أحمد بن محمّد ، حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن

__________________

(١) أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ٢ / ٤٢ عن عمران بن حصين وهكذا أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٧٥٠ ، وأخرجه العلامة الطحاوي في مشكل الآثار ١ / ٤٨ بالإسناد إلى الحسن ، وأخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى ٤٣ وقال : خرّجه أبو عمر ، قال : وخرّجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في فضل فاطمة عن عمران مستوفى.

(٢) راجع الرقم ١٣٣ ص ١٢٢.

(٣) أخرجه العلامة القندوزي في ينابيع المودة ٢٧٦ من طريق جمال الدين الزرندي ، وأخرجه العلامة الكازروني في شرف النبي مخطوط على ما في ذيل إحقاق الحق ٨ / ٤١٧.

ورواه أيضا الطبراني قبيل «ما أسند الحسين (عليه‌السلام) عن جده» من المعجم الكبير : ج ١ / الورق ١٤٠ / وفي ط ١ : ج ٣ ص ...

٣١٦

أحمد بن عامر الطائي ، حدّثنا أبي ، حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضا ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ قال : حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب (عليهم‌السلام) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ إنّ الله ـ عزوجل ـ قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك فأبشر فإنّك الأنزع البطين : المنزوع من الشّرك البطين من العلم (١).

٤٥٧ ـ وبإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا أسري بي إلى السّماء أخذ جبريل (عليه‌السلام) بيدي وأقعدني على درنوك من درانيك الجنّة ، ثمّ ناولني سفرجلة فأنا أقبلها إذا انفلقت فخرجت جارية حوراء لم أر أحسن منها ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد! فقلت: من أنت؟ قالت : أنا الراضية المرضيّة ، خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف : أسفلي من مسك ، ووسطي من كافور ، وأعلاي من عنبر ، عجنني بماء الحيوان ، قال لي الجبّار : كوني فكنت! خلقني لأخيك ولابن عمّك عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) (٢).

٤٥٨ ـ وروى عليّ بن موسى الرّضا عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ (عليه‌السلام) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة (عليها‌السلام) وعليها حلّة الكرامة ، قد عجنت بماء الحيوان ، فينظر إليها الخلائق فيعجبون منها ، ثمّ تكسى أيضا حلّة من حلل الجنّة ، وهي ألف حلّة مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر : «أدخلوا بنت محمّد الجنّة على أحسن الصّور وأحسن الكرامة وأحسن منظر» فتزفّ كما تزفّ العروس إلى زوجها ، ويوكّل بها

__________________

(١) أخرجه الخطيب الخوارزمي في المناقب ومن أعلام الإمامية الشيخ أبو جعفر الطوسي في الأمالي ١ / ٣٠٠ من طريق أبي محمّد بن الفحام.

(٢) أخرجه العلامة الزمخشري في ربيع الأبرار ٤٤ مخطوط بعين السند واللفظ ، وخرّجه عنه ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٢ / ٤٨٨ ، والعلامة الصفوري في نزهة المجالس ٢ / ٢١٠ ، وأخرجه العلامة القندوزي من طريق أخطب خوارزم ص ١٣٦ ، وأخرجه الشيخ عبد الله الشافعي في مناقبه من طريق مؤلفنا ابن المغازلي الشافعي ، وفي الباب حديث أنس بن مالك كما في الرياض النضرة ٢ / ٢١١ ولفظه كما في الصلب.

٣١٧

سبعون ألف جارية (١).

[٩٤ ـ مكرّر] وبإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الويل لظالمي أهل بيتي عذابهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النّار (٢).

[٩٥ ـ مكرّر] وبإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ قاتل الحسين (عليه‌السلام) في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل النّار ، وقد شدّ يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكّس في النّار حتّى يقع في نار جهنّم ، وله ريح يتعوّذ أهل النّار إلى ربّهم ـ عزوجل ـ من شدّة ريح نتنه ، وهو فيها خالد ذائق العذاب العظيم ، كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودا غيرها حتّى يذوقوا العذاب الأليم ، لا يفترّ عنهم ساعة ، وسقوا من حميم جهنّم ، الويل لهم من

__________________

(١) أخرجه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين ٥٢ بعين السند واللفظ ، وهكذا أخرجه العلامة المحب الطبري في ذخائر العقبى ٤٨ وقال : خرّجه علي بن موسى الرضا (عليه‌السلام).

أقول : عنون الخطيب في تاريخه ٧ / ٣٨٥ : عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي أبا القاسم وقال : روى عن أبيه ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه نسخة حدث عنه أبو بكر بن الجعابي ، وأبو بكر بن شاذان ، وابن شاهين ، وإسماعيل بن محمّد بن زنجي ، وأبو الحسن بن الجنيد ، وأخبرنا محمّد بن عبد الملك القرشي ، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدثنا عبد الله ابن أحمد الطائي ، حدثني أبي سنة ٢٦٠ ، حدثنا علي الرضا سنة ١٩٤ ... ولم يذكره بقدح إلّا ما نقله عن أبي محمّد البصري من أن الطائي هذا ليس بمرضي ، كما أنه عنون أباه أحمد بن عامر في تاريخه ٤ / ٣٣٦ من دون غمز وقال : سكن سر من رأى وحدث بها عن علي بن موسى.

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ٢ / ٣٩٠ : عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه ، عن علي الرضا ، عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة ما تنفك عن وضعه أو وضع أبيه مات سنة ٣٢٤ انتهى.

أقول : هذا تحاكم منه عليه فإن النسخة مروية من غير طريقهما أيضا ، فقد تابعه داوود بن سليمان الجرجاني الغازي كما أخرجه ابن عساكر بالإسناد إلى علي بن مهرويه القزويني الصدوق عنه ، عن علي بن موسى الرضا ، على ما في ذيل اللآلي ١٦٠ للعلامة السيوطي ، ميزان الاعتدال ٢ / ٤١٧ للعلامة الذهبي نفسه ، لسان الميزان ٢ / ٤١٧ لابن حجر العسقلاني. وتابعه أيضا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن غياث الخراساني ، عن أحمد بن عامر ، كما أخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ٥٠ ، ثم قال : قال الشيخ جلال الدين السيوطي : هكذا وقع لنا في هذا الإسناد أحمد بن عامر من رواية غير ابنه ، وقد قال الذهبي : عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه ، عن أهل البيت ، له نسخة باطلة ، فما اتهم إلّا الابن دون الأب ، وهذا الطريق من رواية غير الابن ، والأب موثق.

(٢) أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين ٢ / ٨٣ ، والقندوزي في ينابيع المودة ٢٦١ ، والعلامة الحضرمي في رشفة الصادي ٦٠ ط مصر ، وقد مر ص ١٠٦.

٣١٨

عذاب الله ـ عزوجل ـ (١).

٤٥٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن طاوان إذنا ، حدّثنا أبو الحسين أحمد ابن الحسين قال : أنشدني أبو محمّد لؤلؤ بن عبد الله قال : قرأت على أبي عمر الزاهد لأمير المؤمنين (عليه‌السلام) لله درّ القائل :

محمّد النبيّ أخي وصنوي

وحمزة سيّد الشّهداء عمّي

وجعفر الّذي يمسي ويضحي

يطير مع الملائكة ابن أمّي

وبنت محمّد سكني وعرسي

مسوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها

فأيّكم له سهم كسهمي

سبقتكم إلى الإسلام طفلا

غلاما ما بلغت أوان حلمي

وأوجب بالولاية لي عليكم

رسول الله يوم غدير خمّ

فويل ثمّ ويل ثمّ ويل

لمن يلقى الإله غدا بظلمي(٢)

٤٦٠ ـ أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى ، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله ابن أبي مسلم الفرضيّ ، أخبرنا محمّد بن القاسم الأنباريّ النحويّ ، حدّثنا موسى ابن إسحاق الأنصاريّ ، حدّثنا هارون بن حاتم ، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّاد ، عن ثابت بن إسماعيل ، عن أبي النّضر الحرميّ ، قال : رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال : كنت فيمن حضر عسكر عمر ابن سعد ، فلمّا جاء اللّيل رقدت فرأيت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) في المنام

__________________

(١) راجع ص ٦٧ من هذا الكتاب.

(٢) أخرج ابن عساكر بالإسناد إلى أبي عبيدة قال : كتب معاوية إلى علي بن أبي طالب : يا أبا الحسن إن لي فضائل كثيرة وكان أبي سيدا في الجاهلية ، وصرت ملكا في الإسلام ، وأنا صهر رسول الله وخال المؤمنين وكاتب الوحي! فقال علي : أبا الفضل يفخر عليّ ابن آكلة الأكباد؟ ثم قال : اكتب يا غلام! ... فأنشد الأبيات ، ولما بلغ إليه الكتاب قال معاوية : اخفوا هذا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبي طالب.

راجع كنز العمال ٦ / ٣٩٢ ، منتخب كنز العمال ٥ / ٤١ ، البداية والنهاية ٨ / ٨ ، معجم الأدباء ٥ / ٢٦٦ ط مرجليوث ، المجتنى لتاج الدين الكندي ٣٩ ، مطالب السؤل ١١ ، تذكرة خواص الأمة ٦٢ ، الفصول المهمة ١٦.

وأخرجه من أصحابنا الإمامية الشيخ المفيد في العيون والمحاسن كما في الفصول المختارة منه ص ٢٢٦ وفي ط ٢ / ٧٨ ، وأبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد ١٢٢ ، وابن شهرآشوب في المناقب ٢ / ١٧٠ ط قم ، والعلامة المجلسي في بحار الأنوار ٣٨ / ٢٣٨.

راجع في ذلك الغدير ٢ / ٢٥ ـ ٣٣.

٣١٩

وبين يديه طشت فيها دم وريشة في الدّم ، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد ، فيأخذ الرّيشة فيخطّ بها أعينهم ، فأتي بي فقلت : يا رسول الله! والله ما ضربت بسيف ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم ، فقال : أفلم تكثر عدوّنا؟ فأدخل إصبعيه في الدّم السّبّابة والوسطى وأهوى بها إلى عينيّ فأصبحت وقد ذهب بصري (١).

قصة الخوارج

٤٦١ ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطّار الفقيه الشّافعيّ ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان ـ الملقّب بابن السقّاء ـ الحافظ الواسطي ـ رحمه‌الله ـ إجازة : أنّ أبا العبّاس سهل بن أحمد عثمان ابن مخلد الأسلميّ حدّثهم من أصل كتابه قال: حدّثنا أبو الخطّاب زياد بن يحيى ابن كنانة ، حدّثنا داود بن الفضل ، حدّثني الأسود بن رزين ، حدّثنا عبيدة بن بشر الخثعميّ ، عن أبيه ، قال : خرج عليّ بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ يريد الخوارج إذ أقبل رجل يركض حتّى انتهى إلى أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين البشرى! قال : هات ما بشراك؟ قال : قد عبر القوم النهروان لما بلغهم عنك ، وقد منحك الله أكتافهم ، فقال : الله لأنت رأيتهم قد عبروا؟ فقال : والله لأنا رأيتهم حين عبروا ، فحلّفه ثلاث مرّات في كلّ ذلك يحلف له ، فقال له أمير المؤمنين : كذبت والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما عبروا النهروان ، ولن يبلغوا الأثلاث ولا قصر بوران ، حتّى يقتلهم الله على يديّ ، لا ينجو منهم تمام عشرة ، ولا يقتل منّا عشرة ، عهدا معهودا ، وقدرا مقدورا ، وقضاء مقضيّا ، وقد خاب من افترى.

ثمّ أقبل أيضا آخر حتّى جاءه ثلاثة كلّهم يقولون مقالة الأوّل ، ويقول لهم مثل ذلك ، ثمّ ركب فأجال في ظهر بغلته ونهض الشابّ وأجال في ظهر فرسه ،

__________________

(١) أخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين ٢ / ١٠٤ ، بالإسناد إلى عبد الله بن رماح القاضي ، وأخرجه بلفظ آخر وقال : أورده مجد الأئمة السرخسكي عن أبي عبد الله الحداد ، عن الفقيه أبي جعفر الهندواني ، عن عبد الله بن رماح ، وهكذا أخرجه سبط ابن الجوزي في التذكرة ٢٩١ ط الغري و ١٥٩ ط إيران قال : حكاه الواقدي عن ابن رماح ، وللحديث ذكر في نور الأبصار ١٢٣ ، الصواعق المحرقة ١١٧ ، ينابيع المودة ٣٢٣.

٣٢٠