مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

أبي الحسن علي بن محمّد الشافعي [ ابن المغازلي ]

مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

أبي الحسن علي بن محمّد الشافعي [ ابن المغازلي ]


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٦٥

قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : يا علي من فارقني فقد فارقك :

٣٢٤ ـ أخبرنا عليّ بن الحسين الصوفيّ إذنا ، قال : حدّثنا محمّد بن علي السّقطي ، حدّثنا أحمد بن عيسى بن الهيثم الناقد ، حدّثنا عبد الله بن أحمد ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عبد الله بن نمير ، حدّثنا عامر بن السّمط ، [حدّثني] أبو الجحّاف ، عن معاوية بن ثعلبة ، عن أبي ذرّ الغفاريّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ من فارقني فقد فارقك ومن فارقك فقد فارقني» (١).

قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) الآية [البقرة : ٢٧٤] :

٣٢٥ ـ أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد ، حدّثنا أحمد بن جعفر الختّلي ، حدّثنا القاسم بن جعفر ، حدّثني الدّبريّ ، حدّثني عبد الرزّاق ، [قال : و] أخبرنا معمر عن ابن جريج [قالا :] حدّثنا ابن مجاهد عن أبيه مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله ـ عزوجل : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) قال : هو عليّ بن أبي طالب كان له أربعة دراهم فأنفق

__________________

ـ ٣ / ٢٦٣ عن كتاب النقض لابي جعفر الاسكافي ـ وصححه ـ ، الخصائص للنسائي ١٨ ، كفاية الكنجي ٢٠٥ ، ترتيب جمع الجوامع ٦ / ٣٩٢ قال : أخرجه الطبري و ٦ / ٣٩٧ قال : أخرجه ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، وهكذا قال في تفسيره الدر المنثور ٥ / ٩٧.

وأخرجه الهيتمي في مجمع الزوائد ٨ / ٣٠٢ ملخصا وقال : رواه أحمد ورجاله ثقاة ، وأخرى مطولا وقال: رواه البزار وأحمد باختصار ، والطبراني في الأوسط ، ورجال أحمد وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة ، وأخرجه في ٩ / ١١٣ بلفظ آخر وقال : رواه أحمد وإسناده جيد ، وأخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ٤١ و ٤٢ عن الحفّاظ الستة وقال في ص ٤٣ : رواه أحمد ، وابن جرير وصححه ، والطحاوي.

وممّا يؤيد ذلك ما أخرجه سبط ابن الجوزي في تذكرته ٢٣ ط إيران من كتاب الفضائل لاحمد ابن حنبل عن حبشي بن جنادة قال : سمعت رسول الله يقول في حجة الوداع : علي مني وأنا منه ولا يقضي ديني سواه ، قيل : قاله يوم نزل عليه (أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ).

(١) مر بالرقم ٢٨٨ ص ٢١٨.

٢٤١

درهما سرّا ودرهما علانية ودرهما باللّيل ودرهما بالنّهار (١).

قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، أتاني جبريل (عليه‌السلام) فقال : تختموا بالعقيق ...

٣٢٦ ـ أخبرنا القاضي أبو تمام عليّ بن محمّد بن الحسين ، أخبرنا القاضي أبو الفرج أحمد بن عليّ بن جعفر بن المعلّى الخيوطيّ إذنا ، حدّثني أبو الطيّب محمّد بن حبيش بن عبد الله بن هارون النيليّ ـ في الطّراز بواسط سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ـ قال : أخبرنا المشرّف بن سعيد الذارع ، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الجزاميّ ، حدّثنا سفيان بن حمزة الأسلميّ ، عن كثير بن زيد قال : دخل الأعمش على المنصور وهو جالس للمظالم ، فلمّا بصر به قال له : يا سليمان تصدّر! فقال : أنا صدر حيث جلست. ثمّ قال : حدّثني الصادق قال : حدّثني الباقر قال : حدّثني السجّاد قال : حدّثني الشّهيد قال : حدّثني التقيّ ـ وهو الوصيّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ـ قال : حدّثني النبيّ (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال : أتاني جبريل عليه‌السلام فقال : تختّموا بالعقيق فإنّه أوّل حجر شهد لله بالوحدانيّة ، ولي بالنبوّة ، ولعليّ بالوصيّة ، ولولده بالإمامة ، ولشيعته بالجنّة.

قال : فاستدار النّاس بوجوههم نحوه فقيل له : تذكر قوما فتعلم من لا نعلم فقال : الصّادق جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي

__________________

(١) أخرجه الواحدي في أسباب النزول بالإسناد إلى عبد الرزاق عن عبد الوهاب بن مجاهد بعين السند واللفظ من طريقين ، وهكذا أخرجه ابن الأثير الجزري في أسد الغابة ٤ / ٢٥ ، وابن كثير الدمشقي في تفسيره ١ / ٣٢٦ ، وقال : رواه ابن جرير من طريق عبد الوهاب ، ورواه ابن مردويه بوجه آخر عن ابن عباس ، وأخرجه الكنجي في كفايته ٢٣٢ من طريق الواحدي ثم قال : وذكره ابن جرير الطبري وذكر طرقه ، ورواه ابن عساكر في تاريخه وذكر طرقه. وأخرجه الحافظ الهيتمي في مجمع الزوائد ٦ / ٣٢٤ قال : رواه الطبراني.

وخرّجه السيوطي في الدر المنثور ١ / ٣٦٣ وقال : أخرجه عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن عساكر : وأخرجه العلامة محب الدين الطبري في الذخائر ٨٨ ، وفي الرياض النضرة ٢ / ٢٠٦ ، ثم قال : تابع ابن عباس مجاهد ، وابن السائب ، ومقاتل ، راجع في ذلك تفاسير الفريقين.

٢٤٢

طالب ، والباقر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، والسّجّاد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، والشهيد الحسين بن عليّ ، والوصيّ وهو التّقي عليّ بن أبي طالب (عليهم‌السلام) (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي قديم هجرته حسن سمته :

٣٢٧ ـ أخبرنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد البزّار ، حدّثنا محمّد ابن الحسن بن عبد الله أبو الفتح ، حدّثنا أبي ، حدّثنا عبّاس ، حدّثنا أبو سلمة ، حدّثنا أبو عوانة عن إسماعيل بن سالم ، عن عامر (٢) : أنّ رجلا أتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا نبيّ الله ما تقول في عليّ؟ قال : عليّ قديم هجرته ، حسن سمته ، حسن بلاؤه ، كريم حسبه ، فقال : إنّي لست عن هذا أسألك ، ولكنّه خطب إليّ ابنتي فأحببت أن أعلم ما مبلغ ذلك من مسرّتك أو مساءتك ، فقال : إنّ فاطمة بضعة منّي أحبّ ما سرّها ، وأكره ما ساءها ، قال : فو الّذي بعثك بالحقّ نبيّا لا أنكح عليا وفاطمة حيّة (٣).

__________________

(١) أخرجه الحافظ ابن أبي الفوارس في الأربعين ١٤٩ مخطوط على ما في ذيل الإحقاق ٤ / ٨٨ ، وهكذا أخرجه أخطب خوارزم في المناقب ٢٢٨ ، وأخرجه من أعلام الإمامية الشيخ الصدوق في علل الشرائع ٢ / ١٥٣ ط قم.

(٢) أظنه عامر بن شراحيل الشعبي عن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي.

(٣) أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ٤ / ٥ من حديث عبد الله بن الزبير : أن عليا ذكر ابنة أبي جهل فبلغ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فقال : إنها فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ، وينصبني ما أنصبها : وأخرجه الترمذي في جامعه ١٣ / ٢٤٧ ط الصاوي ، ٥ / ٣٦٠ ط آخر ؛ وهكذا أخرجه الحاكم في مستدركه ٣ / ١٥٩.

وأخرجه الإمام ابن حنبل في مسنده ٤ / ٣٢٦ من حديث مسور بن مخرمة أنه لقي علي بن الحسين بعد مقتل أبيه فقال له : هل لك إليّ من حاجة تأمرني بها؟ فقال : لا ، قال له : هل أنت معطي سيف رسول الله فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه؟ وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى تبلغ نفسي ، إنّ علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة ، فسمعت رسول الله وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم ، فقال : إن فاطمة بضعة مني وإني أتخوف أن تفتن في دينها قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال : حدثني فصدقني ووعدني فأوفى لي ـ يعني أبا العاص بن الربيع ـ وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله مكانا واحدا أبدا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة بالرقم ٩٣ و ٩٤ ص ١٩٠٣ ط محمّد فؤاد ، و ٧ / ١٤٠ ط صبيح ، وأخرجه البخاري في صحيحه كتاب فضائل الصحابة بالرقم ـ

٢٤٣

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطي علي من الحكمة تسعة أجزاء :

٣٢٨ ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان أخبرنا محمّد بن العبّاس بن حيويه إذنا حدّثنا أبو عبد الله الدّهّان حدّثنا محمّد بن عبيد الكنديّ حدّثنا أبو

__________________

ـ ١٢ و ١٦ و ٢٩ ج ٥ ص ٢٦ و ٢٨ و ٣٨ ، وابن ماجة في سننه كتاب النكاح ٥٦ ج ١ ص ٦٤٤.

وأقول : لفظ الحديث مضطرب ، فإنه لا يرى علاقة بين إعطاء السيف وبين أسطورة بنت أبي جهل ؛ فهل يعقل من رجل كبير عاقل جاوز الستين من عمره وهو شيخ بني زهرة ، أن يلتمس من علي بن الحسين مفخرة ميراثه من علي ـ وهو السيف الذي أعطاه رسول الله قبيل رحلته ـ ثم يجبهه بهذه القارصة الكاسرة؟ وهل كان فرق بين خروج هذه المفخرة عن بيته بالإعطاء وبين أن يغلبه عليه الأمويون؟

وأفظع من ذلك الثناء البالغ على صهره ربيع بن العاص في هذا الحديث ، وهو الذي بقي على شركه إلى عام الفتح ، وفرق النبي بينه وبين زينب زوجته ست سنين.

على أنه قد ذهب على جاعل الحديث ولادة مسور ، وقد ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين ، فجعله غلاما محتلما ، قال ابن حجر في التهذيب ١٠ / ١٥١ : ووقع في صحيح مسلم من حديثه في خطبة علي لابنة أبي جهل قال المسور : «سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا محتلم يخطب الناس» فذكر الحديث ، وهو مشكل المأخذ ، لأن المؤرخين لم يختلفوا أن مولده كان بعد الهجرة ، وقصة خطبة علي كانت بعد مولد المسور بنحو من ست سنين أو سبع سنين ، فكيف يسمى محتلما انتهى.

بل وكيف يسمي رسول الله الاعظم بنت أبي جهل «ابنة عدو الله» فينبزها بهذا اللقب القارص ويسب أباها على رءوس الملأ من قومها وعشيرتها ، وهو الذي قال لأصحابه حين سمع أنهم قالوا لعكرمة بن أبي جهل «هذا ابن عدو الله» : «لا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي» بل ونهاهم أن يقولوا : «عكرمة بن أبي جهل» فإن هذا اللقب كان نبزا نبزه به المسلمون وإنما كان كنيته أبو الحكم ، فحاشا من الرسول الأعظم وهو على خلق عظيم كما أثنى عليه ربه بذلك ، أن يؤذي ابنة أبي جهل وعشيرتها ، ولعل فيهم عكرمة أخاها ويجبههم بهذه بهذه السّبة.

أم كيف يخطب علي بن أبي طالب ابنة أبي جهل من بني هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم وهو الذي وترهم يوم بدر وأحد : قتل يوم بدر مسعود بن أبي أمية بن المغيرة ، وهشاما أخاه ، وأبا قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبا قيس بن الفاكه بن المغيرة ، وحذيفة بن أبي حذيفة بن المغيرة وهم أبناء أعمامها الأقربين ، وقتل عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة بن عابد ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأباه المنذر بن أبي رفاعة ، من بني أعمامها الأبعدين ؛ وقتل يوم أحد : أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة ، أخا حذيفة بن أبي حذيفة الذي كان قتله يوم بدر ، وشهر سيفه يوم فتح مكة قبيل هذه الأسطورة على الحارث بن هشام عمها ليقتله فكف عنه لما أجارته أخته فاختة بنت أبي طالب فنجا من سيفه بعد ما لم يكد.

بل كيف يرضى بنو هشام بن المغيرة مع هذه الوقيعة فيهم حتى يستأذنوا رسول الله في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب على ما أخرج الإمام ابن حنبل في مسنده ٤ / ٣٢٨ ، ووافقه ـ

٢٤٤

هاشم محمّد بن عليّ حدّثنا أحمد بن عمران بن سلمة بن عجلان عن سفيان ابن سعيد عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنت عند النبيّ

__________________

ـ البلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٤٠٣ من حديث المسور بن مخرمة قال : سمعت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) على المنبر يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم قال : لا آذن لهم ، ثم قال : لا آذن لهم! فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها.

والحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح بالرقم ١٠٩ ، ج ٧ / ٤٧ ؛ ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة بالرقم ٩٣ ص ١٩٠٢ ط محمّد فؤاد وابن ماجة كتاب النكاح ٥٦ ج ١ ص ٦٤٣ ؛ والترمذي في جامعه كتاب المناقب ٦٠ ج ٥ ص ٣٥٩ بالرقم المسلسل ٣٩٦١ ؛ وأبو داود في سننه كتاب النكاح بالرقم ١٢ ، وزادوا «إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما ابنتي بضعة مني ...» الخ.

لكن خفي عليهم أن رسول الله كان يحب عليا لحب الله ، وقد كان أعز إليه من فاطمة بنته الصديقة الطاهرة (المستدرك ٣ / ١٥٥) فما كان ليغير على علي ـ وهو وصيه ، ووزيره ، وحليفه الأقدم وناصره ، وكاشف الكروب عن وجهه ـ فيمنعه مما أحل الله له ، كما لم يغر عليه حين أخبره بريدة بن الحصيب الأسلمي وغيره بأن عليا افتتح حصنا وأخذ منه جارية لنفسه ووقعت بها ، بل أغار له على الواشين به فقال : ما تريدون من علي ـ كررها ثلاثا ـ ثم قال : إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ، كما مر بعض ذلك في ما سبق من هذا الكتاب ذيل العنوان «علي مني وأنا منه» ص ٢٢١ ـ ٢٣٠.

ومما يكذب ذلك أن رسول الله إنّما زوج فاطمة من علي عليهما الصلاة والسّلام بأمر من الله ـ عزوجل ـ كما مر بعض ذلك تحت الرقم ١٤٢ ـ ١٤٤ ، وسيأتي بعض ذلك تحت الرقم ٣٩٣ ـ ٣٩٩ ، وقد كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يرد خطابها وفيهم أبو بكر وعمر ويعتذر إليهم بأنه ينتظر بها القضاء كما رواه ابن سعد في الطبقات ٨ / ١١ و ١٢ من طريقين ، وأخرجه الهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ عن الطبراني وقال : رجاله ثقاة ؛ وأخرجه عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) أنه قال : إنّ الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي ، وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقاة.

فمن المعلوم قطعا أنّ الله عزوجل إنما رضي لها بعلي وقضى بها له ، لما يعلم من حسن عشرته معها ومسارعته في رضاها ، كما روى عبد الرزاق في جامعة عن أبي جعفر قال : أعطى أبو بكر عليا جارية فدخلت أم أيمن على فاطمة فرأت فيها شيئا فكرهته ، فقالت : ما لك؟ ... فقالت : جارية أعطيها أبو حسن ، فخرجت أم أيمن فنادت على باب البيت الذي فيه علي : أما قال رسول الله : «الرجل يحفظ في أهله»؟ فقال علي : وما ذاك؟ فقالت : جارية بعث بها إليك ، فقال علي : الجارية لفاطمة (راجع منتخب كنز العمال ٥ / ٩٩).

وإن أبيت كل ذلك واعتمدت على ما رواه عبد الله بن الزبير المنحرف من علي وآله عليه‌السلام ، أو ما رواه قاضيه ومؤذنه عبد الله بن أبي مليكة الراوي عنه وعن المسور بن مخرمة هذه الأسطورة التافهة ، فأذكر ما أخرجه أبو يعلى في مسنده عن سويد بن غفلة ، فلعله كان أصل الحديث قال سويد بن غفلة :

خطب علي ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام فاستشار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ـ

٢٤٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله فسئل عن علي (عليه‌السلام) فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي عليّ تسعة أجزاء والنّاس جزءا واحدا (١).

فصل علي (عليه‌السلام) بقضية :

٣٢٩ ـ أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن عبد الله بن شوذب قال : حدّثني جدّي لأبي أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن شوذب ، حدّثنا عبد الجليل ابن أبي رافع ، أخبرنا عمّار عن يزيد بن هارون ، عن إسماعيل بن عيّاش ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الله المازنيّ قال : فصل عليّ (عليه‌السلام) على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقضيّة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمد لله الّذي جعل الحكمة فينا أهل البيت (٢).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أن السماوات والارضين وضعتا في كفة ... الحديث :

٣٣٠ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان إجازة ، أخبرنا

__________________

ـ فقال : أعن حسبها تسألني؟ قال علي : قد أعلم ما حسبها ، ولكن تأمرني بها؟ قال : لا فاطمة بضعة مني ولا أحب أن تحزن أو تجزع ، فقال علي : لا آتي شيئا تكرهه.

ولا يذهب عليك أن ما ذكرناه في الحديث وما لم نذكره لضيق المجال لا يضر بأصل الحديث ، لأنه لو لم يكن للحديث أصل لما أمكنهم أن يبنوا عليه هذه الأسطورة ، وقد ورد أصل الحديث في مواطن مختلفة ، وسيجيء تمام الكلام تحت العنوان «إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» وهكذا تحت العنوان «فاطمة بضعة مني».

(١) أخرجه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ١ / ٦٤ بالإسناد إلى محمّد بن عبيد بن عتبة الكندي بعين السند واللفظ ، وأخرجه العلامة الذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ١٢٤ بالرقم ٤٩٩ بعين السند واللفظ ، وخرّجه الحافظ ابن حجر العسقلاني في لسانه ١ / ٢٣٥ من طريق أبي نعيم والأزدي.

وأخرجه أخطب خوارزم في المناقب ٤٩ ، مقتل الحسين ٤٣ ، بالإسناد إلى محمّد بن العباس ابن حيوية بعين السند واللفظ ، وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ٦ / ١٥٤ ، و ٤ / ٤٠١ ، منتخبه ٥ / ٣٣ ، وزاد في آخر الحديث : «وعلي أعلم بالواحد منهم» ثم قال : أخرجه أبو نعيم في الحلية ، والأزدي ، وأبو علي الحسين بن علي البردعي في معجمه ، وابن النجار ، وابن الجوزي عن ابن مسعود.

(٢) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في الحديث : (٢٣٥) من الفضائل على ما خرّجه عنه المحب الطبري في ذخائر العقبى ٨٥ ، والقندوزي في ينابيع المودة ٧٥ من حديث حميد بن عبد الله بن يزيد.

٢٤٦

أبو أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب المقرئ ، حدّثنا محمّد بن عثمان ، حدّثنا محمّد بن سليمان ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن حكيم عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : أتى عمر رجلان فسألاه عن طلاق العبد فانتهى إلى حلقة فيها رجل أصلع فقال : يا أصلع كم طلاق العبد؟ فقال له بإصبعيه هكذا ـ وحرّك السّبابة والّتي تليها ـ فالتفت إليه فقال : اثنتين ، فقال أحدهما : سبحان الله جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجئت إلى رجل والله ما كلّمك ، قال : ويلك! تدري من هذا؟ هذا عليّ بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لو أنّ السّماوات والأرضين وضعتا في كفّة ووضع إيمان عليّ في كفّة لرجح إيمان عليّ (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى أمرني بحب أربعة :

٣٣١ ـ أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو الحسين محمّد بن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ إذنا ، حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصوفيّ ، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدّثنا عبد الله بن نمير ، حدّثنا شريك عن أبي ربيعة الأياديّ ، عن ابن بريدة ، [عن أبيه] ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله يحبّ من أصحابي أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم ، وأمرني أن أحبّهم» ، قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : «إنّ عليا منهم وأبا ذرّ وسلمان والمقداد بن الأسود الكنديّ» (٢).

__________________

(١) أخرجه الحافظ الكنجي في كفاية الطالب ص ٢٠١ في ط ، و ٢٥٨ ط آخر بالإسناد إلى جعفر ابن محمّد بن حكيم الخثعمي بعين السند واللفظ ، وقال : هذا حديث حسن ثابت رواه الجوهري في كتاب فضائل علي عن شيخ أهل الحديث الدارقطنيّ ؛ وأخرجه محدث الشام في تاريخه في ترجمة علي (عليه‌السلام) كما أخرجناه سواء ؛ وهكذا أخرجه أخطب خوارزم في المناقب ٧٨ بعين السند من طريق الدارقطني تارة ، ومن طريق ابن السمان أخرى ؛ وأخرج المحب الطبري ذيله في الرياض النضرة ٢ / ٢٢٦ ، ذخائر العقبى ١٠٠ وقال : خرجه ابن السمان في الموافقة ، والحافظ السلفي في المشيخة البغدادية ، وهكذا أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ٦ / ١٥٦ ، ومنتخبه ٥ / ٣٤ قال : خرّجه الديلمي عن ابن عمر. كما في إحقاق الحق : ج ٥ ص ٦١٤.

(٢) أخرجه إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده ج ٥ / ٣٥١ بالإسناد عن ابن نمير بعين السند واللفظ ، وأخرجه في ج ٥ ص ٣٥٦ بالإسناد إلى أسود بن عامر عن شريك بعين السند ، وهكذا أخرجه الحافظ البخاري في تاريخه قسم الكنى ٣١ بالإسناد إلى محمّد بن الطفيل عن شريك ؛ ـ

٢٤٧

٣٣٢ ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان إذنا ، حدّثنا عبد الله بن محمّد البغويّ ، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني ، حدّثنا سويد بن سعيد الحدثانيّ ، حدّثنا شريك عن أبي ربيعة الأياديّ ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمرني ربّي ـ عزوجل ـ بحبّ أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم ، [قال : قلنا يا رسول الله من هم؟ فكلّنا يحبّ أن نكون منهم ، قال :] إنّك يا عليّ منهم إنّك يا عليّ منهم ، إنّك يا عليّ منهم ، ثلاثا ، وأبو ذرّ والمقداد وسلمان (١).

٣٣٣ ـ أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان سنة أربعين وأربعمائة ، حدّثنا أبو محمّد عبيد الله بن محمّد بن عابد الخلّال ، حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد البراثي ، حدّثنا محمّد بن صالح بن ذريح ، حدّثنا ابن بنت السّدّي حدّثنا شريك عن أبي ربيعة الأياديّ عن ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله ـ عزوجل ـ أمرني بحبّ أربعة! قلنا : سمّهم لنا يا رسول الله ، قال : عليّ منهم ، عليّ منهم ، عليّ منهم ـ ثلاثا ـ وأبو ذرّ وسلمان والمقداد ـ وأخبرني أنّه يحبّهم وأمرني بحبّهم (٢).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتد غضب الله على اليهود ... الحديث :

٣٣٤ ـ أخبرنا القاضي أبو جعفر محمّد بن إسماعيل العلويّ ، أخبرنا أبو

__________________

ـ وأخرجه الحاكم في مستدركه ٣ / ١٣٠ من طريق ابن حنبل عن الأسود بن عامر وعبد الله بن نمير معا وصححه ، وأقره الذهبي في تلخيصه المطبوع بذيله.

(١) أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية الباب ١٢ ص ٩٤ بالإسناد إلى يحيى بن عبد الحميد الحماني بعين السند واللفظ إلى قوله ثلاثا من دون (وأبو ذر والمقداد وسلمان) ثم قال : هذا سند مشهور عند أهل النقل ، وقد سألت بعض مشايخي هذا السائل من هو؟ فقال : هو علي ، قلت : من الثلاثة الباقون؟ فقال : هم الحسن والحسين وفاطمة ، وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حليته ١ / ١٧٢ بالإسناد إلى شريك ، وفي ١ / ١٩٠ بالإسناد إلى موسى بن عمير عن أبي ربيعة بعين السند واللفظ.

(٢) أخرجه الحافظ القزويني في سنن المصطفى المقدمة بالرقم ١١ ج ١ ص ٥٢ ط محمّد فؤاد و ١ / ٦٦ ط التازية ، والحافظ الترمذي في جامعه الصحيح (المناقب ٢٠) ج ١٣ ص ١٦٨ في ط و ٥ / ٢٩٩ ط السلفية بالمدينة ، كلاهما بالإسناد إلى إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي بعين السند واللفظ.

٢٤٨

محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ الحافظ ، حدّثنا عليّ بن العبّاس البجليّ ، حدّثنا محمّد بن عبد الملك ، حدّثنا بشر بن الهذيل الكوفيّ أبو حوالة ، حدّثني أبو إسرائيل عن عطيّة العوفيّ ، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اشتدّ غضب الله على اليهود واشتدّ غضب الله على النصارى ، واشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي (١).

قوله (عليه‌السلام) : يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ...

٣٣٥ ـ أخبرنا القاضي أبو جعفر محمّد بن إسماعيل العلويّ ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ الحافظ ـ الملقّب بابن السقّاء ـ حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن عليّ الرازيّ ، حدّثنا عليّ بن الحسن بن عبيد الرازيّ ، حدّثنا إسماعيل بن أبان الأزديّ ، عن عمرو بن حريث ، عن داوود بن سليك ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يدخل من أمّتي الجنّة سبعون ألفا لا حساب عليهم ، ثمّ التفت إلى عليّ (عليه‌السلام) فقال : هم من شيعتك وأنت إمامهم.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني لا أحل لأحد أن يتكنى بكنيتي ولا يتسمى باسمي إلّا مولود لعلي :

٣٣٦ ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر ، أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ ـ الملقّب بابن السقّاء ـ الحافظ قال : أخبرنا محمّد بن محمّد بن الأشعث قال: حدّثني موسى بن إسماعيل ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي

__________________

(١) أخرجه العلامة الخوارزمي في مقتل الحسين ٢ / ٨٣ ط النجف ، وأخرجه الديلمي عن أبي سعيد الخدري بعين اللفظ مرسلا كما في الصواعق المحرقة ١٨٤ ، إحياء الميت (بهامش الأتحاف) ١١٥ ، ينابيع المودة ١٨٣ ، كنوز الحقائق ١٧ ـ وفي الباب حديث علي (عليه‌السلام) خرّجه المحب الطبري في ذخائر العقبى ٣٩ ، والقندوزي في ينابيع المودة ١٩٨ و ٢٧٢ ، ميزان الاعتدال ٥ / ٢٨ بالرقم ٨١٣١ ، لسان الميزان ٥ / ٣٦٢ ، وقد مر بسنده تحت الرقم ٦٤ فيما سبق.

٢٤٩

لا أحلّ لأحد أن يتكنّى بكنيتي ولا يتسمّى باسمي إلّا مولود لعليّ من غير ابنتي فاطمة (عليها‌السلام) فقد نحلته اسمي وكنيتي وهو محمّد بن عليّ.

قال جعفر بن محمّد : يعني ابن الحنفيّة (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطينا أهل البيت سبعة لم يعطها أحد قبلنا .. الحديث :

٣٣٧ ـ وبإسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : أعطينا أهل البيت سبعة لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا : الصّباحة ، والفصاحة ، والسّماحة ، والشجاعة ، والحلم ، والعلم ، والمحبّة من النساء (٢).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، من صلّى على محمد ... الحديث :

٣٣٨ ـ وبإسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صلّى على محمّد وعلى آل محمّد مائة مرّة قضى الله تعالى له مائة حاجة (٣).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إن شيعتنا ... الحديث :

٣٣٩ ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر العطّار الفقيه الشافعيّ ـ رحمه

__________________

(١) قد مر تحقيق إسناد الحديث تحت الرقم ٦٢ ص ٤٠ فيما سبق ، والحديث متواتر مقطوع به عند أصحاب المعاجم ، أخرجه الإمام ابن حنبل في مسنده ١ / ٩٥ ، والبخاري في التاريخ ١ ق ١ / ٢٨٢ ، وأبو داود في سننه ، والترمذي في جامعه كلاهما في كتاب الأدب ٦٨ ، والحاكم في مستدركه ٤ / ٢٧٨ ، معرفة علوم الحديث ١٨٩ و ١٩٠ ، الدولابي في الأسماء والكنى ١ / ٥ ، والبلاذري في أنساب الأشراف ١ / ٥٣٩ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٩ / ٣٠٩.

(٢) أخرجه العلامة السيد فضل الله الراوندي في نوادره ص ١٥ بعين السند واللفظ.

(٣) أخرجه العلامة الحمويني في فرائد السمطين (نسخة جامعة طهران) بالإسناد إلى أحمد بن عبد الله الهروي الكوفي عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بعين السند واللفظ على ما في ذيل الإحقاق ٩ / ٦٢٨ ، وأخرجه في مشارق الأنوار ٩٣ ، أرجح المطالب ٣٢٠.

٢٥٠

الله ـ أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ ـ الملقّب بابن السقّاء ـ الحافظ ، حدّثنا عبد الله بن زيدان ، حدّثنا عليّ بن يونس بن عليّ بن يونس العطّار ، حدّثنا محمّد بن علي الكنديّ ، حدّثني محمّد بن سالم ، حدّثنا جعفر ابن محمّد قال : حدّثني محمّد بن عليّ ، حدّثني عليّ بن الحسين ، حدّثني الحسين بن عليّ ، حدّثني عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال : يا عليّ إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذّنوب وجوههم كالقمر في ليلة البدر ، وقد فرجت عنهم الشدائد ، وسهلت لهم الموارد ، وأعطوا الأمن والأمان ، وارتفعت عنهم الأحزان ، يخاف النّاس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، شرك نعالهم تتلألأ نورا ، على نوق بيض لها أجنحة قد ذلّلت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة ، أعناقها من ذهب أحمر ، ألين من الحرير لكرامتهم على الله عزوجل (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : ضع خمسك في خمسي ... الحديث :

٣٤٠ ـ أخبرنا أحمد بن المظفّر العطّار ، أخبرنا عبد الله بن محمّد ـ الملقّب بابن السقّاء ـ الحافظ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن زنجويه المخزوميّ ببغداد ، حدّثنا عثمان بن عبد الله العثمانيّ ، حدّثنا ابن لهيعة عن أبي الزّبير ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بعرفات وعليّ تجاهه فأومأ إليّ وإلى عليّ فأقبلنا نحوه وهو يقول : ادن منّي يا عليّ ، فدنا منه فقال : ضع خمسك في خمسي فجعل كفّه في كفّه فقال : يا عليّ خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها ، فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنّة ، يا عليّ لو أنّ أمّتي صاموا حتّى يكونوا كالحنايا ، وصلّوا حتّى يكونوا كالأوتار ، وبغضوك لأكبّهم الله في النار (٢).

__________________

(١) أخرجه العلامة ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ٢٣٠ مقتصرا على صدر الحديث.

(٢) أخرجه العلامة الحمويني في فرائد السمطين ، والحافظ الكنجي في كفاية الطالب ٣١٨ ، كلاهما ـ

٢٥١

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ... الحديث :

٣٤١ ـ أخبرنا أحمد بن المظفّر العطّار ، أخبرنا عبد الله بن محمّد الحافظ ، حدّثنا محمّد بن محمّد ، حدّثنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله وهو عليّ بن أبي طالب (عليه‌السلام) (١).

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أحب إخواني إليّ علي بن أبي طالب ...

٣٤٢ ـ وبإسناده قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : أحبّ إخواني إليّ عليّ بن أبي طالب ، وأحبّ أعمامي إليّ حمزة بن عبد المطّلب (٢).

__________________

ـ بالإسناد إلى ابن زنجويه بعين السند واللفظ ، وأخرجه السيوطي في ذيل اللآلي ٦٣ ط لكنهو بالإسناد إلى عثمان بن عبد الله القرشي ، وقد مر الحديث تحت الرقم ١٣٣ راجعه ص ٩٠.

(١) حديث متواتر مشهور أخرج ابن حنبل في مسنده ٣ / ٣٣ و ٣١ بالاسناد الى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، قال : فقام أبو بكر وعمر فقال : لا ، ولكن خاصف النعل وعلي يخصف نعله أخرجه أيضا في ٣ / ٣١ و ٣ / ٨٢ وزاد بعده : «فجئنا نبشره فلم يرفع به رأسا كأنه قد سمعه».

وأخرجه الحافظ النسائي في الخصائص ٤٠ والحاكم في مستدرك الصحيحين ٣ / ١٢٢ و ١٢٣ والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٦٧ وابن الأثير في اسد الغابة ٤ / ٣٢ والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ٣٣ وقال : رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية وسعيد بن منصور في سننه ، وسيجيء في ذيل الكتاب من أحاديث مسند دمشق أبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي تحت الرقم ٢٣ إن شاء الله.

(٢) أخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ١٦٩ قال : أخرجه أبو نعيم عن عائش بن ربيعة ، وأخرجه المحب الطبري في ذخائر العقبى ١٧٦ وقال : خرّجه الحافظ الدمشقي.

٢٥٢

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن الله ـ عزوجل ـ أوحى إلى موسى عليه‌السلام ... الحديث :

٣٤٣ ـ وبإسناده قال : قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله ـ عزوجل ـ أوحى إلى موسى (عليه‌السلام) أن ابن مسجدا طاهرا لا يكون فيه غير موسى وهارون وابني هارون شبّرا وشبّيرا ، وإنّ الله أمرني أن أبني مسجدا طاهرا لا يكون فيه غيري وغير أخي عليّ وغير ابنيّ الحسن والحسين (عليهم‌السلام) (١).

قصة علي ـ عليه‌السلام ـ مع إبليس :

٣٤٤ ـ أخبرنا أحمد بن المظفّر بن أحمد قال : أخبرنا عبد الله بن محمّد الحافظ ، حدّثنا محمّد بن أبي الشّيخ قال : حدّثني الحسين بن عبيد الله ، حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ ، حدّثنا المأمون عن الرّشيد ، حدّثني المهديّ عن أبيه المنصور ، عن أبيه قال : قال عكرمة عن ابن عبّاس : بينا النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) في بعض شعاب المدينة إذ سمع صلصلة شديدة فقلت : يا رسول الله ما الّذي نسمع؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا إبليس في جيشه ، فقال عليّ : يا رسول الله إنّي أحبّ أن أراه ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عدوّ الله تجلّى لعلي ، فتجلّى فإذا شيخ قصير أبيض الشّعر واللحية لحيته أطول منه ، له عينان في جبينه وعينان في صدر ، فوثب عليّ فصرعه وقعد على صدره وقال : يا رسول الله ائذن لي فيه! فضحك رسول الله وقال : يا عليّ فأين النّظرة إلى يوم القيامة؟ (٢).

__________________

(١) مر تحت الرقم ٣٠١ راجعه.

(٢) هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب ، وفي الباب حديث علي (عليه‌السلام) أخرجه الخطيب في تاريخه ٣ / ٢٩٠ و ٢٨٩ من طريقين والخوارزمي في المناقب ٢٢٧ ، وابن أبي الفوارس في الأربعين ٣٤ مخطوط.

٢٥٣

آية التطهير (١) :

٣٤٥ ـ أخبرنا القاضي أبو جعفر محمّد بن إسماعيل بن الحسن العلويّ في جمادى الاولى في سنة ثماني وثلاثين وأربعمائة ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله ابن محمّد بن عثمان المزنيّ ـ الملقّب بابن السّقاء ـ الحافظ الواسطيّ حدّثنا محمود بن محمّد ، حدّثنا عثمان ـ يعني ابن أبي شيبة ـ حدّثنا الأعمش عن جعفر بن عبد الرّحمن ، عن حكيم بن سعد ، عن أمّ سلمة قالت : نزلت هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم‌السلام) (٢).

٣٤٦ ـ أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن الحسن العلويّ ، أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان ـ الملقّب بابن السّقاء ـ الحافظ ، حدّثنا عليّ بن

__________________

(١) وقعت الآية الكريمة وسط آيات تشمل بسياقها بل صريحها بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعامة أزواجه ، مع ما فيها من الوعد والإنذار. لكنها في هذه الكريمة حين تنص بالبشارة بالعصمة والطهارة ، ينقلب السياق ويلتفت الخطاب إلى أهل بيت خاص يغلب فيه الرجال فيقول : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ولا يوجد في بيوت أزواج النبي من يصح خطابهم خطاب الرجال إلا بيت علي وفاطمة الزكية والحسن والحسين.

ويؤيد هذا الإختصاص تصريح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بذلك قولا وعملا فيما روي عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بالتواتر : أما قولا فسيجيء بعض هذه النصوص عن الصحاح والمسانيد ، وأما عملا : فإنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جلل الكساء على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم إليك لا إلى النار» ولما أرادت أم سلمة أن تدخل معهم منعها وقال : إنك إلى خير ، إنك إلى خير. لم يزد على ذلك شيئا.

على أنه قد كان يجيء إلى باب بيت فاطمة ستة أشهر أو تسعة أشهر صباحا فيقول : السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته. الصلاة الصلاة يرحمكم الله (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) راجع مسند الإمام ابن حنبل ٣ / ٢٥٩ و ٣ / ٢٨٥ ، تفسير الطبري ٢٢ / ٦ ، أسد الغابة ٥ / ٥٢١ و ٥ / ١٧٤ ، تاريخ البخاري قسم الكنى ص ٢٥ ، وخرّجه السيوطي في الدر المنثور ٥ / ١٩٩ عن ابن جرير ، وابن مردويه ، والطبراني ، والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال ٥ / ٩٦ عن مسند ابن أبي شيبة.

(٢) أخرجه الحافظ البخاري في تاريخه ١ ق ٢ بالرقم ٢١٧٤ ج ١ ص ١٩٦ والعلامة الطبري في تفسيره ٢٢ / ٨ ، والذهبي في أعلام النبلاء ٣ / ١٩٠ ، والطحاوي في مشكل الآثار ١ / ٣٣٢ كلهم بالإسناد إلى حكيم بن سعد بعين السند واللفظ.

٢٥٤

العبّاس ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسين ، حدّثنا حسن بن الحسين ، حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي اليقظان ، عن زادان ، عن الحسن ابن عليّ ، قال : لمّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في كساء لأمّ سلمة خيبريّ ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا (١).

٣٤٧ ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب سنة سبع وثلاثين وأربعمائة قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن عبد الله ، قال : قرىء على أبي الحسين الطّستيّ وأنا أسمع حدّثني حمدون بن حمدان السّمسار ، حدّثني أبو الجهم ، حدّثنا حسّان بن إبراهيم الكرمانيّ ، حدّثنا محمّد بن مسلمة عن أبيه ، عن شهر بن حوشب ، قال : سمعت أمّ سلمة تقول : بينما رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) جالسا عندي فأرسل إلى الحسن والحسين وفاطمة وعليّ ـ صلوات الله عليهم ـ قال : فانتزع كساء تحتي فألقاه عليه وعليهم وقال : «اللهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا» مرارا ، قالت : قلت : وأنا معهم؟ قال : إنّك على خير ـ أو إلى خير (٢).

٣٤٨ ـ أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن عبد الله بن شوذب ، أخبرنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن يعقوب المفيد ـ صاحب الأشجّ ـ حدّثنا عبد الله بن ناجية ، حدّثنا عمّار بن خالد ، حدّثنا إسحاق الأزرق ، حدّثنا عبد

__________________

(١) في الباب حديث الحسن بن علي (عليه‌السلام) خطب حين قتل علي (عليه‌السلام) فقال : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل ... إلى أن قال : «وأنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا» أخرجه الحاكم في مستدركه ٣ / ١٧٢ ، والحافظ الكنجي في كفايته ٩٣ ط الأميني ، وأبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين ٥١ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٤ / ١١ ، والهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٤٦.

(٢) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مناقبه ٧٨ و ١١٥ ، وفي مسنده ج ٦ / ٢٩٢ و ٢٩٨ و ٣٠٤ ، بالإسناد إلى شهر بن حوشب عن أم سلمة ، وهكذا أخرجه الحافظ الترمذي في جامعه الصحيح ١٣ / ٢٤٨ في ط و ٥ / ٣٦٠ ط المدينة بالرقم ٣٩٦٣ ، وقال : هذا حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن أنس وعمر بن أبي سلمة وأبي الحمراء.

وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ج ٢٢ / ٦ ذيل الآية الكريمة ٣٣ من سورة الأحزاب ، وخرّجه عنه الحافظ الدمشقي في تفسيره ٣ / ٤٨٣ ، وهكذا أخرجه الطبراني في معجمه الصغير ١ / ٦٥ ، وخرّجه عنه أبو نعيم في تاريخ أصبهان ١ / ١٠٨ كلهم بالإسناد إلى شهر بن حوشب.

٢٥٥

الملك بن أبي سليمان ، عن أبي ليلى الكنديّ ، عن أمّ سلمة أنّ النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كان في بيتها على منامة تحته كساء خيبريّ ، فجاءت فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا ، فدعوتهم فبينا هم يأكلون إذ نزلت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخذ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بفضلة الكساء فغطّاهم ثمّ قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا (١).

٣٤٩ ـ أخبرنا القاضي أبو تمام عليّ بن محمّد بن الحسين ، حدّثنا أبو محمّد عبيد الله بن محمّد المروزيّ ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا يوسف بن موسى القطّان ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا عمران بن أبي مسلم ، قال يحيى بن محمّد بن صاعد : وحدّثنا محمّد بن علي الورّاق ، حدّثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا عمران أبو عمر الأوديّ ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدريّ قال : نزلت هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في نبيّ الله وعليّ وفاطمة وحسن وحسين ، قال : فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بكساء وقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا» قال : وأمّ سلمة على باب البيت فقالت : يا رسول الله وأنا؟ قال : إنّك لبخير أو على خير (٢).

٣٥٠ ـ أخبرنا عليّ بن محمّد بن الحسين القاضي ، حدّثنا عبيد الله ، حدّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا الحسن بن الصّباح البزار ، حدّثنا محمّد بن مصعب القرقسانيّ ، عن الأوزاعيّ ، عن أبي عمّار قال : دخلت على

__________________

(١) أخرجه الحافظ الطبراني في معجمه الكبير ١٣٤ نسخة جامعة طهران بالإسناد إلى عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أم سلمة.

(٢) أخرجه العلامة الخطيب في تاريخه ١٠ / ٢٧٨ بالإسناد إلى عمران بن مسلم أبي عمرو الأودي بعين السند واللفظ ، وأخرجه في ج ٩ / ١٢٦ بالإسناد إلى الحسين بن الحسن بن عطية عن عطية.

وأخرجه العلامة الطبري في تفسيره ج ٢٢ / ٧ بالإسناد إلى الأعمش عن عطية بعين السند ، وخرّجه عنه ابن كثير في تفسيره ٣ / ٤٨٣ وأخرجه الطبراني في معجمه الصغير ١ / ١٣٤ بالإسناد إلى عطية العوفي عن أبي سعيد ، وهكذا أخرجه في معجمه الكبير ١٣٤ نسخة جامعة طهران.

٢٥٦

واثلة بن الأسقع وعنده قوم يذكرون عليا فقال لي واثلة : ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قلت : بلى ، قال : أتيت فاطمة عليها‌السلام فسألتها عن عليّ فقالت : توجّه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلست أنتظره فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ معه فدخل معهم البيت فأدنى عليا وفاطمة فأجلس واحدا عن يمينه والآخر عن يساره ودعا بالحسن والحسين ، فأجلس كلّ واحد منهما على فخذه ثمّ قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحقّ (١).

٣٥١ ـ أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحويّ ، أخبرنا أبو الحسن عليّ بن منصور الأخباريّ الحلبيّ ، حدّثنا عليّ بن محمّد الشّمشاطيّ ، حدّثنا محمّد بن يحيى ، حدّثنا العبّاس بن الفضل ، حدّثنا يعقوب بن حميد ، حدّثنا أنس بن عياض اللّيثيّ ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء بن يسار ، قال : نزلت في بيت أمّ سلمة : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية فأخذ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثوبا ودعا فاطمة وعليا والحسن والحسين عليهم‌السلام فجعله عليهم وقال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الآية فقالت أمّ سلمة من جانب البيت : ألست من أهل البيت يا رسول الله؟ قال : بلى إن شاء الله (٢).

قال يعقوب بن حميد : وفي ذلك يقول الشاعر :

بأبي خمسة هم جنّبوا الرّجس كراما وطهّروا تطهيرا

__________________

(١) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في فضائله ٧٣ ، وفي مسنده ٤ / ١٠٧ بالإسناد إلى محمّد بن مصعب بعين السند واللفظ وخرّجه عنه ابن كثير الدمشقي في تفسيره ٣ / ٤٨٣ ، وأخرجه الحاكم النيسابوري في مستدركه ج ٢ / ٤١٦ و ١٥٢ وج ٣ / ١٤٧ ، بالإسناد إلى الأوزاعي بعين السند واللفظ وصححه على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي بذيله على شرط مسلم.

وأخرجه عنه الحافظ البيهقي في سننه الكبرى ٢ / ١٥٢ ، وهكذا أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار ١ / ٣٣٣.

(٢) أخرجه الحاكم النيسابوري في مستدركه على الصحيحين ٣ / ١٤٦ ، و ٢ / ٤١٦ و ١٥٠ ، بالإسناد إلى شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، وقال : صحيح على شرط البخاري ؛ وأقره الذهبي في ذيله ، وهكذا أخرجه العلامة البغوي في معالم التنزيل ٢١٣ بعين السند.

٢٥٧

أحمد المصطفى وفاطم أعني

وعليا وشبّرا وشبيرا

من تولّاهم تولّاه ذو العرش

ولقّاه نضرة وسرورا

وعلى مبغضهم لعنة الله

وأصلاهم المليك سعيرا (١)

قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢) [الشورى : ٢٣]:

٣٥٢ ـ أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو محمّد

__________________

(١) وفي الباب حديث عمرو بن ميمون ، وقد تقدم في ذيل الرقم ٣٠٨ و ٣٠٧ ، وحديث سعد بن أبي وقاص تقدم ذيل الرقم ٢١٩ ، وحديث عائشة في مسلم ١٨٨٢ ط محمّد فؤاد ، والمستدرك ٣ / ١٤٧ ، وسنن البيهقي ٢ / ١٤٩ ، وحديث عمر بن أبي سلمة في جامع الترمذي ١٣ / ٢٠٠ في ط ، و ٥ / ٣٢٨ بالرقم المسلسل ٣٨٧٥ ط آخر ، وحديث أنس في المسند ٣ / ٢٥٩ و ٢٨٥ ، تفسير الطبري ٢٢ / ٦.

(٢) اللام في «القربى» عوض من المضاف إليه وكان أصله «قرباي» تبدل باللام لمكان العهد به في مسألة الأجر ، فإن السائل إنما هو النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ومثل هذا في القرآن كثير كما في قوله عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أي أولي أمره منكم ، وقوله عز من قائل في سورة الأحزاب (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) أي وأولو أرحامه بعضهم أولى ببعض من المؤمنين والمهاجرين ، لا يلي عليهم غيرهم من المؤمنين والمهاجرين بل يلي عليهم أحد منهم ، بقرينة المقام صدرا وذيلا.

ومثلها الآية التي هي متمحضة في ولاية المؤمنين والمهاجرين فيما بينهم ، وهي الآية ٧٥ من سورة الأنفال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) أي وأولو أرحامهم بعضهم أولى ببعض.

فهناك ولايتان : ولاية بين المهاجرين المجاهدين مع الأنصار الذين آووا ونصروا بحكم الآية : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) الآية ٧١ من الأنفال ، ولذلك آخى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بينهم.

وولاية بين أولي أرحامهم فلا يلي أحد منهم على المهاجرين والأنصار أبدا ، كما أن أحد من المهاجرين والأنصار لا يلي على أرحام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وإنما نزلت آية المودة بمكة من قبل أن ينشأ له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذرية وعقب ـ مع ما فيه من الوعد والبشرى له ـ لئلا يقول المنافقون والكفار : إن محمدا لما لم يكن له بمكة ذرية كان ينادي بشعار سائر الأنبياء (ما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) وبعد ما ظهر له ذرية ونشأ له أمة ، خالف شعاره ذلك وشرط عليهم مودة ذي القربى.

فأنزل الله عزوجل أولا في سورة الفرقان : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ

٢٥٨

عبد العزيز بن أبي صابر إذنا ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق بن هاشم بدمشق ، حدّثنا عبيد الله بن جعفر العسكريّ بالرّقّة ، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدّثنا حسين الأشقر [عن قيس] ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الّذين أمر الله بمودّتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وولدهما (١).

قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) :

٣٥٣ ـ أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن حيّويه الخزّاز إذنا ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن عليّ الدّهان ـ المعروف بأخي حمّاد ـ حدّثنا عليّ بن محمّد بن الخليل بن هارون البصريّ ، حدّثنا محمّد بن الخليل الجهنيّ ، حدّثنا هشيم عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا انقضّ كوكب فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من انقضّ هذا النجم في منزله فهو الوصيّ من بعدي! فقام فتية من بني هاشم

__________________

إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) وأوعز إلى أن سيرته (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) على خلاف سائر الأنبياء : وقد أجاز له أن يقبل هديتهم من دون أن يطالبهم ، فإن لهم في ذلك اتخاذ سبيل إلى ربهم.

ثم أنزل ثانيا وآخرا في سورة الشورى ٢٣ : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فصرح بأنّ سيرة محمّد وشريعته على خلاف سائر الأنبياء ، وذلك لأنه يرحل عنهم ويرحل برحلته النبوة أبد الدهر ، فإنه خاتم النبيين ، وإنما يبقى بعده كتاب الله وعترته فلا بد من مودتهم ونصرتهم ، وإذا كان مودتهم أجرا للرسول الأعظم بحكم الله عزوجل فمن لم يؤد أجره ، لم يكن من الله ولا رسوله على شيء.

ولا يذهب عليك أن مودة ذي القربى لم يجعل أجرا للرسالة ، بل أجرا للبشارة التي بشر بها عبادة الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، والبشرى هي : (رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فمن لم يؤد أجر تلك البشارة ، كيف يطمع في الحصول عليها؟

(١) أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في المناقب ٢١٨ مخطوط ، وخرّجه عنه العلامة محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ٢٤ ، وأخرجه الثعلبي في الكشف والبيان ، والطبري في معجمه الكبير ١٣١ نسخة جامعة طهران ، وخرّجه عنه الكنجي في كفايته ب ١١ ص ٩١ ، والهيتمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨ و ٧ / ١٠٣ كلهم بالاسناد إلى الحسين بن الحسن الأشقر بعين السند واللفظ ؛ وأخرجه بعين هذا السند ابن كثير الدمشقي في تفسيره ٤ / ١١٢ من طريق ابن أبي حاتم ، وابن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الكشاف ١٤٥ من طريق الطبراني ، وابن أبي حاتم ، والحاكم في مناقب الشافعي.

٢٥٩

فنظروا فإذا الكوكب قد انقضّ في منزل عليّ (عليه‌السلام) قالوا : يا رسول الله قد غويت في حبّ عليّ فأنزل الله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) إلى قوله : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (١).

قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) (٢) [المائدة : ٥٥] :

٣٥٤ ـ أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز إذنا ، حدّثنا الحسين بن عليّ العدويّ ، حدّثنا سلمة بن شبيب ، حدّثنا عبد الرّزاق ، حدّثنا [عبد الوهّاب بن] مجاهد ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) قال : نزلت في عليّ (عليه‌السلام) (٣).

٣٥٥ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن موسى بن الطحّان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطيّ قال : حدّثنا عبد الحميد بن موسى العبّاد ، حدّثنا [محمّد ابن إسحاق الخزّاز ، حدّثنا عبد الله بن بكّار ، حدّثنا عبيد بن أبي الفضل ، عن] محمّد بن الحسن ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ (عليه‌السلام) في قوله ـ عزّ

__________________

(١) أخرجه من طريق مؤلفنا ابن المغازلي عبد الله الشافعي في مناقبه ٧٦ ، وأخرجه الكنجي الشافعي في كفايته ص ٢٦٠ ، بالإسناد إلى أبي عمر محمّد بن العباس بن حيويه بعين السند واللفظ ثم قال : هكذا ذكره محدث الشام في ترجمة علي (عليه‌السلام) ، وقد مر مثل الحديث ذيل الرقم ٣١٣.

(٢) المراد بهذه الولاية هي التي قد ذكرت في قوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) ولما كانت هذه الولاية خاصة بالله ـ عزوجل ـ ، فإنه هو النور لا ظلمات فيه ، ثم برسوله كما قال ـ عزوجل : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) كان الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى حاجة ماسة إلى من يقوم مقامه ، ويعرف الكتاب حق معرفته ، ليعرف النور ويتمسك به ، ويعرف الظلمات فيدعها ، ولذلك احتاج في الآية الكريمة إلى تفسير (وَالَّذِينَ آمَنُوا) لئلا يتوهم المسلمون إطلاقه لكل مؤمن ، فقال تفسيرا لهم وتمييزا عن غيرهم : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فوصفهم بميزة واحدة وهي إعطاء الزكاة في حال ركوع الصلاة فعلى المسلمين أن يتفحصوا حتى يعرفوا من الذي كان فيه هذا الوصف.

(٣) أخرجه العلامة الطبري في تفسيره ٦ / ١٦٥ بالإسناد إلى عبد الرزاق بعين السند واللفظ ، وهكذا خرّجه ابن كثير في تفسيره ٢ / ٧١ ، والواحدي في أسباب النزول ١٤٨ ، والسيوطي في الدر المنثور ٢ / ٢٩٥ ، لباب النقول ٩٠.

٢٦٠