الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١١

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ١١

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٣

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «البلد» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة البلد بعد سورة «ق» ، ونزلت سورة «ق» فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء ، فيكون نزول سورة البلد في ذلك التاريخ أيضا.

وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) وتبلغ آياتها عشرين آية.

الغرض منها وترتيبها

الغرض من هذه السورة ذمّ الحرص على الدنيا ، وإنذار من يحرص عليها بأنه من أصحاب المشأمة ، وتبشير من لا يحرص عليها بأنه من أصحاب الميمنة ، وهذا هو وجه ذكرها بعد السورة السابقة ، لأنها تأخذ في سياقها ، وتسلك في الترغيب والترهيب مسلكها.

ذم الحرص على الدنيا

الآيات [١ ـ ٢٠]

قال الله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤). فأقسم بمكّة وما ذكر بعدها على أنّ الإنسان خلق في تعب وشدّة ، وأنكر عليه أن يغترّ بقوّته وهذه حاله في الدنيا ، وأن يستكثر ما ينفقه من القليل فيها ، كأنّه يحسب أنه لا يرى ما ينفقه ، ثم ذكر جلّ وعلا أنه أنعم عليه بنعمة البصر والكلام والعقل ليتبصّر بها ،

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

٢٦١

ويقتحم عقبة الحرص على الدنيا ببذل المال في فكّ رقبة ، أو إطعام في مجاعة ، ويجمع إلى هذا أن يكون من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر والمرحمة ، وأولئك أصحاب الميمنة ، والذين كفروا هم أصحاب المشأمة : (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) (٢٠).

٢٦٢

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «البلد» (١)

أقول : وجه اتصالها بما قبلها ، أنه لمّا ذمّ فيها من أحبّ المال ، وأكثر التراث ، ولم يحضّ على طعام المسكين ، ذكر في هذه السورة الخصال التي تطلب من صاحب المال ، من فك الرقبة ، والإطعام في يوم ذي مسغبة (٢).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ / ١٩٧٨ م.

(٢). ومن التناسب أيضا بين هذه السور وسابقتها : أنه تعالى لما ذكر في تلك ابتلاء الإنسان بضيق الرزق بسبب عدم إطعام المسكين ، وعدم إكرام اليتيم ، ونعى عليه حبّ المال ، ذكر في هذه ندمه يوم القيامة ، وتذكّره حبس المال ، وذلك حين يقول : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٢٤) [الفجر].

٢٦٣
٢٦٤

المبحث الرابع

مكنونات سورة «البلد» (١)

١ ـ (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١).

قال ابن عبّاس : هو مكّة. أخرجه ابن أبي حاتم.

٢ ـ (وَوالِدٍ).

قال أبو صالح : آدم. أخرجه ابن أبي حاتم (٢).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.

(٢). والطبري في «تفسيره» ٣٠ / ١٢٥.

٢٦٥
٢٦٦

المبحث الخامس

لغة التنزيل في سورة «البلد» (١)

١ ـ قال تعالى : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (١٦).

و (المتربة) : الفقر ، وترب إذا افتقر ، والأصل التصق بالتراب.

وأمّا «أترب» فمعناه استغنى ، أي صار ذا مال كالتراب في الكثرة.

وهذا شيء من فوائد استعمال الهمزة في الأفعال. ومن المفيد أن نشير إلى أن العربية جرت على فهم خاص ، في اختراع المعاني : ألا ترى أن شيئا من هذا ولد الفعل «أدقع» ، أي : صار مدقعا ، أي : فقيرا. والأصل : التصق بالدّقعاء أي : الأرض أو التراب.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

٢٦٧
٢٦٨

المبحث السادس

المعاني اللغوية في سورة «البلد» (١)

قال تعالى : (وَأَنْتَ حِلٌ) [الآية ٢] فمن العرب من يقول «أنت حلّ» و «أنت حلال» و «أنت حرم» و «أنت حرام» و «هو المحلّ» و «المحرم» وتقول : «أحللنا» و «أحرمنا» وتقول «حللنا» وهي الجيّدة.

وقال تعالى : (فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣) أي : «العقبة فكّ رقبة» (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (١٤) وقرأ بعضهم (فكّ رقبة) (٢) ، وليس هذا بذاك و (فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣) (٣) هو الجيّد.

وقال تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً) بنصب «اليتيم» على «الإطعام».

وقال تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) أي : «فلم يقتحم» كما في قوله تعالى: (فَلا صَدَّقَ) [القيامة / ٣١] أي : «فلم يصدّق».

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). نسبها في معاني القرآن ٣ / ٢٦٥ إلى الحسن البصري ، وابن كثير ، وأبي عمرو ، والكسائي ، وفي السبعة ٦٨٦ ، والكشف ٢ / ٣٧٥ ، والتيسير ٢٢٣ ، والجامع ٢٠ / ٧٠ ، إلى أبي عمرو والكسائي وابن كثير ، وفي البحر ٨ / ٤٧٦ كذلك.

(٣). نسبت في معاني القرآن ٣ / ٢٦٥ إلى العوام ، وفي السبعة ٦٨٦ الى ابن عامر ونافع وعاصم وحمزة وأبي عمرو في رواية ، وفي الكشف ٢ / ٣٧٥ ، والتيسير ٢٢٣ ، والجامع ٢٠ / ٧٠ إلى غير ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ، وفي البحر ٨ / ٤٧٦ إلى بعض التابعين.

٢٦٩
٢٧٠

المبحث السابع

لكل سؤال جواب في سورة «البلد» (١)

إن قيل : لم قال تعالى : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) (٣) ولم يقل سبحانه وتعالى «ومن ولد»؟

قلنا : لأن في «ما» من الإبهام ما ليس في «من» ، فقصد به التفخيم والتعظيم ، كأنه تعالى قال : وأي شيء عجيب غريب ولد ، ونظيره قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) [آل عمران / ٣٦].

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

٢٧١
٢٧٢

المبحث الثامن

المعاني المجازية في سورة «البلد» (١)

في قوله سبحانه : (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦) استعارة. وقد مضى نظير لها. والمراد باللّبد هاهنا المال الكثير الذي قد تراكب بعضه على بعض ، كما تلّبدت طرائق الشّعر ، وسبائخ (٢) القطن.

وقد يجوز أن يكون ذلك مأخوذا من قولهم : رجل لبد. إذا كان لازما لبيته لا يبرحه. وبه سمّي نسر لقمان لبدا ، لمماطلته للعمر ، وطول بقائه على الدهر. فكأنه قال : أهلكت مالا كان باقيا لي ، وثابتا عندي.

وفي قوله سبحانه : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) استعارة. والمراد بالنّجدين هاهنا الطريقان المفضيان إلى الخير والشر. والنّجد : المكان العالي ، وإنما سمّى تعالى هذين الطريقين بالنجدين ، لأنه بيّنهما للمكلّفين بيانا واضحا ليتّبعوا سبيل الخير ، ويجتنبوا سبيل الشر. فكأنه تعالى بفرط البيان لهما ، قد رفعهما للعيون ، ونصبهما للناظرين.

وقوله سبحانه : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١) استعارة أخرى. وفسّر تعالى المراد بالعقبة ، فقال : (فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) (١٤).

فشبه سبحانه هذا الفعل ـ إذا فعله الإنسان ـ باقتحام العقبة ، أي صعودها أو قطعها. لأن الإنسان ينجو بذلك

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). سبائخ القطن : ما تناثر أو انتفش منه. يقال : طارت سبائخ القطن. انظر «المحيط».

٢٧٣

كالناجي من الطريق الشاق ، إذا اقتحم عقبته ، وتجاوز مخافته. وحسن تمثيل هذا الفعل هاهنا بالعقبة لمّا شبّه سبحانه سبيلي الخير والشر بالنّجدين اللذين هما الطريقان الواضحان ؛ والعقاب (١) إنما تكون في طريق السالكين ، وسبيل المسافرين. وعليها يكون بهر الأنفاس ، وشدة الضغاط والمراس.

__________________

(١). العقاب أي العقبات.

٢٧٤

سورة الشّمس

٩١

٢٧٥
٢٧٦

المبحث الأول

أهداف سورة «الشمس» (١)

سورة «الشمس» سورة مكّيّة ، آياتها ١٥ آية ، نزلت بعد سورة «القدر».

وهي سورة قصيرة ذات قافية واحدة ، وإيقاع موسيقي واحد ، تتضمّن عدة لمسات وجدانية تنبثق من مشاهد الكون وظواهره التي تبدأ بها السورة ، والتي تظهر كأنها إطار للحقيقة الكبيرة التي تتضمنها السورة ، حقيقة النفس البشرية واستعدادها الفطري ، ودور الإنسان في شأن نفسه ، وتبعته في مصيرها. هذه الحقيقة التي يربطها سياق السورة بحقائق الكون ، ومشاهده الثابتة.

«كذلك تتضمّن قصة ثمود وتكذيبها بإنذار رسولها ، وعقرها للناقة ، ومصرعها بعد ذلك وزوالها ، وهي نموذج من الخيبة التي تصيب من لا يزكّي نفسه ، فيدعها للفجور».

ولا يلزمها تقواها : كما جاء في الفقرة الأولى من السورة : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠).

مع آيات السورة

[الآيات ١ ـ ٦] :

المفردات : ضحاها : ضحى الشمس ضوؤها.

تلاها : جاء بعدها.

جلّاها : أظهرها.

يغشاها : يغطّيها ويحجب نورها.

طحاها : وطأها وجعلها فراشا.

دسّاها : التدسية النقص والإخفاء.

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

٢٧٧

لله تعالى كتابان : كتاب مقروء ، وهو القرآن الكريم ، وكتاب مفتوح ، وهذا هو الكون العظيم ، ومشاهد الكون تأسر القلوب ، وتبهج النفس ، وتوقظ الحس ، وتنبّه المشاعر.

«ومن ثم يكثر القرآن من توجيه القلب الى مشاهد الكون بشتّى الأساليب في شتّى المواضع ، تارة بالتوجيهات المباشرة ، وتارة باللمسات الجانبية ، كهذا القسم بتلك الخلائق والمشاهد ، ووضعها إطارا لما يليها من الحقائق».

[الآية ١] : أقسم الله بالشمس ، وبنورها الساطع في وقت الضحى ، وهو الوقت الذي يظهر فيه ضوء النهار ، ويتجلّى نور الشمس ، ويعمّ الدفء في الشتاء ، والضياء في الصيف ، قبل حر الظهيرة وقيظها.

[الآية ٢] : وأقسم الله بالقمر إذا جاء بعد الشمس ، بنوره اللطيف الهادئ الذي يغمر الكون بالضياء والأنس والجمال.

[الآية ٣] : وأقسم بالنهار إذا أظهر الشمس ، وأتمّ وضوحها ، وللنهار في حياة الإنسان آثار جليلة ، ففيه السعي والحركة والنشاط.

[الآية ٤] : وأقسم الله بالليل إذا غشي الكون ، فغطى ظلامه الكائنات ، وحجب نور الشمس وأخفاه.

[الآية ٥] : وأقسم الله بالسماء ومن قدّر خلقها ، وأحكم صنعها على النحو الذي نشاهده.

[الآية ٦] : وأقسم الله بالأرض ، والذي بسطها ومهّدها للسّكنى.

لقد جمع القسم بين ضياء الشمس ونور القمر ، وضوء النهار وظلام الليل ، وارتفاع السماء وبسط الأرض ، وتلحظ في هذا القسم المقابلة بين النور والظلام ، بين السماء والأرض ، مما يلفت النظر إلى بديع صنع الله ، وجليل وحيه وإعجاز كتابه.

[الآيات ٧ ـ ١٠] : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (١٠).

خلق الله الإنسان مزودا باستعدادات متساوية للخير والشر والهدى والضلال ، فهو قادر على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر.

لقد خلق الله الإنسان بيده ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وزوّده

٢٧٨

بالعقل والإرادة ، والحرية والاختيار. وقد بين الله للإنسان طريق الهدى وطريق الضلال ، وأودع في النفس البشرية أصول المعرفة ، والتمييز بين الحق والباطل ، فمن حمل نفسه على الاستقامة ، وصانها عن الشر ، فقد رزق الفلاح والسداد. ومن أهمل نفسه واتّبع شهواته ، وأرخى العنان لنزواته ، فقد خاب ، لأنه هوى بنفسه من سموّ الطاعة إلى حضيض المعصية.

[الآيات ١١ ـ ١٥] : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤).

ثمود : قوم من العرب البائدة ، بعث الله إليهم نبيّا اسمه صالح عليه‌السلام.

بطغواها : بطغيانها.

انبعث : قام بعقر الناقة.

أشقاها : أشقى رجل في قوم ثمود ، وهو قدار بن سالف.

سقياها : شرابها الذي اختصّها به في يومها.

فعقروها : فذبحوها ، والعاقر واحد ، ونسب إليهم جميعهم لرضاهم به. دمدم عليهم : أطبق عليهم بالعذاب.

سوّاها : فسوّى القبيلة في العقوبة ، فلم يفلت منها أحد.

عقباها : عاقبة الدمدمة وتبعتها.

ذكرت قصة ثمود في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ، وقد ذكر هنا طغيانها وعتوّها على أمر الله ، وقد أعطى الله نبيهم صالحا الناقة آية مبصرة ، فكانت تشرب وحدها من الماء في يوم ، وتحلب لهم لبنا يكفيهم جميعا في ذلك اليوم ، ثم يشربون من الماء في اليوم التالي. وقد حذرهم رسول الله صالح من الإساءة إلى الناقة ، ولكنّهم خالفوا أمره ، وذهب شقي منهم فعقر الناقة ، ولمّا سكتوا عنه صاروا كأنّهم قد اشتركوا معه ، لأنهم أهملوا التناصح ، ولم يأخذوا على يد الظالم (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها) (١٤) فأطبق عليهم العذاب ، وسوى الله القبيلة بالأرض ، أي دمر مساكنها على ساكنيها.

(وَلا يَخافُ عُقْباها) (١٥) أي أن الله أهلك القبيلة دون أن يخشى عاقبة ما فعل ، لأنه عادل لا يخاف عاقبة ما فعل ، قويّ لا يخاف أن يناله مكروه من أحد ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

٢٧٩

مقاصد السورة

١ ـ القسم بالشمس والقمر ، والنهار والليل ، والسماء والأرض والنفس ، على أنّ من طهّر نفسه بالأخلاق الفاضلة ، فقد أفلح وفاز ؛ ومن سلك طريق الهوى والغواية ، فقد خاب وشقي.

٢ ـ ذكر ثمود مثلا لمن دسّى نفسه فاستحق عقاب الله.

٢٨٠