المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الانشقاق» (١)
إن قيل : أين جواب (إِذَا) في قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١)؟
قلنا. فيه وجوه : أحدها أنه متروك لتكرّر مثله في القرآن. الثاني : أنه (أَذِنَتْ) [الآية ٢] والواو فيها زائدة. الثالث : أنه محذوف تقديره بعد قوله تعالى : (وَحُقَّتْ) (٢) بعثتم أو جوزيتم أو لاقيتم ما عملتم ، ودلّ على هذا المحذوف قوله تعالى : (فَمُلاقِيهِ) (٦). الرابع : أنّ فيه تقديما وتأخيرا تقديره : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٦) (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «الانشقاق» (١)
في قوله تعالى : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٤) استعارة. والمراد بها بعث الأموات ، وإعادة الرفات. فكأنّ الأرض كانت حاملا بهم فوضعتهم ، أو حاملة لهم فألقتهم ، فكانوا كالجنين المولود ، والثّقل المنبوذ.
وفي قوله سبحانه : (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧) استعارة. ومعنى (وسق) هاهنا أي ضمّ وجمع. فكأنه يضم الحيوانات الإنسانية إلى مساكنهم ، والحيوانات الوحشية إلى موالجها ، والطيور إلى أوكارها ومواكنها (٢) فكأنّه ضمّ ما كان بالنهار منتشرا ، وجمع ما كان متبدّدا متفرّقا. والأوساق مأخوذة من ذلك ، لأنها الأحمال التي يجمع فيها الطعام ، وما يجري مجراه ؛ ويقال : طعام موسوق أي مجموع في أوعيته.
وقد قيل : إنّ معنى (وسق) أي طرد. والوسيقة : الطريدة. فكأنّ الليل يطرد الحيوانات كلّها إلى مثاويها ، ويسوقها إلى مخافيها.
وقوله سبحانه : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) استعارة على بعض التأويلات. والمراد بها لتنقلبنّ من حال شديدة إلى حال مثلها ، من حال الموت وشدّته إلى حال الحشر وروعته.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). الموكن والموكنة : عشّ الطائر.
وقيل : لتركبنّ سنّة من كان قبلكم من الأمم.
وقيل : المراد بذلك تنقّل الناس في أحوال الأعمار ، وأطوار الخلق والأخلاق. والعرب تسمّي الدواهي «بنات طبق» وربما سمّوا الداهية : أمّ طبق. قال الشاعر (١) :
قد طرّقت ببكرها أمّ طبق |
|
فنتجوها خبرا ضخم العنق |
موت الإمام فلقة من الفلق والفلق أيضا من أسماء الدواهي. واحدها فلقة.
وفي قوله سبحانه : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٢٣) استعارة. والمراد بها ما يسرّون في قلوبهم ، ويكنّون في صدورهم.
يقول القائل أوعيت هذا الأمر في قلبي. أي جعلته فيه كما يجعل الزاد في وعائه ، ويضمّ المتاع في عيابه (٢) ؛ فالقلوب أوعية لما يجعل فيها من خير أو شر ، وعلم أو جهل أو باطل أو حق.
__________________
(١). هو خلف الأحمر. وأصله مولى لأبي بردة من فرغانة ، ولكنّه حفظ كلام العرب وشعرهم وأخبارهم ، حتى صار يقول الشعر ، فيجيده وينحله الشعراء المتقدّمين. وكان الأصمعي من رواته ، كما سمع هو من حمّاد الراوية.
وأخباره في «طبقات الأدباء» و «الشعر والشعراء» و «العقد الفريد» و «الفهرست». توفي سنة ١٨٠ ه.
وأمّ طبق : هي الداهية. والخبر : الناقة الغزيرة اللبن ، والفلقة : الداهية. وفي ثمار القلوب» للثعالبي : قال الأصمعي : أول من نعى المنصور بالبصرة خلف الأحمر ، وكنّا في حلقة يونس ، فجاء خلف الأحمر فسلّم ، ولم يكن الخبر فشا ، ثم قال : «قد طرّقت ببكرها أمّ طبق». فقال يونس : وما ذاك يا أبا محرز؟ فقال ؛ «فنتجوها خبرا ضخم العنق». فقال : لم أدر بعد! فقال : «موت الإمام فلقة من الفلق». فارتفعت الضجة بالبكاء والاسترجاع ـ ص ٢٠٧ من «الثمار».
وانظر الخبر في «لسان العرب» مادة طبق. وفي الورقة ٦٠ من كتاب «المعوّل عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبّي ، وهو مخطوط مصور بمجمع اللغة العربية.
(٢). العياب : الأوعية ؛ واحدها : العيبة.
سورة البروج
٨٥
المبحث الأول
أهداف سورة «البروج» (١)
سورة البروج سورة مكّيّة ، آياتها ٢٢ آية ، نزلت بعد سورة الشمس.
هذه السورة القصيرة تعرض حقائق العقيدة ، وقواعد التصور الإيماني ، وتمجّد الثبات على الحقّ ، وتبشّر المؤمن بنصر الدنيا ونعيم الآخرة ، وتهدّد الجبّارين المعتدين بنقمة الله ولعنته في الدنيا والآخرة.
أصحاب الأخدود
الأخدود : الشق في الأرض يحفر مستطيلا ، وجمعه أخاديد ، وأصحاب الأخدود قوم كافرون ذوو بأس وقوة ، رأوا قوما من المؤمنين فغاظهم إيمانهم ، فحملوهم على الكفر فأبوا ، فشقّوا لهم شقّا في الأرض وحشوه بالنار ، وألقوهم فيه ، وكان هؤلاء الغلاظ الأكباد على جوانب الشّقّ يشهدون الإحراق.
فقرات السورة
تبدأ الفقرة الأولى بالقسم ، وتربط بين السماء ويوم القيامة ، وبين حادث الأخدود ، ونقمة الله على أصحابه في الآيات [١ ـ ٤].
٢ ـ ثم تعرض الفقرة الثانية المشهد المفجع في لمحات خاطفة تظهر بشاعة الحادث ، بدون تفصيل ولا تطويل ، مع التلميح إلى عظمة العقيدة التي تعالت على فتنة الناس مع شدّتها ، وانتصرت على النار وعلى الحياة ذاتها في الآيات [٥ ـ ١٠].
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.
٣ ـ ثم يجيء التعقيب بعد ذلك بفوز المؤمنين ، وبشدّة بطش الله بالمجرمين ، وبقدرته وهيمنته على الكون ، ثمّ اشارة سريعة الى سوابق من أخذ من الطغاة كفرعون وثمود في الآيات [١١ ـ ٢٢].
مع آيات السورة
[الآيات ١ ـ ٣] : يقسم الله سبحانه بالسماء ذات الكواكب ، والنجوم الكثيرة ، التي تنتشر في أرجائها ، ويقسم بيوم القيامة ، ويقسم بالشاهد والمشهود ، والشاهد هو الملائكة تشهد على الناس يوم القيامة ، والمشهود عليه هو الخلائق أو الأنبياء تشهد على أممهم يوم القيامة ، أو بجميع ما خلق الله في هذا الكون مما يشهده الناس ، ويرونه رأي العين.
وخلاصة ذلك أنه سبحانه أقسم بالعوالم كلها ، ليلفت الناظرين إلى ما فيها من العظم والفخامة.
[الآية ٤] : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) أي أخذوا بذنوبهم ، ونزل بهم نكال الدنيا وعذاب الآخرة.
ومن حديث ذلك أنه قد وقع إلى نجران من أرض اليمن ، رجل ممّن كانوا على دين عيسى بن مريم (ع) ، فدعا أهلها الى دينه ، وكانوا على اليهودية ، وأعلمهم أنّ الله بعث عيسى (ع) بشريعة ناسخة لشريعتهم ، فآمن به قوم منهم ، وبلغ ذلك ذا نواس ملكهم ، وكان يتمسك باليهودية ، فسار إليهم بجنود من حمير ، فلمّا أخذهم ، خيّرهم بين اليهودية والإحراق بالنار ، وحفر لهم حفيرة ثم أضرم فيها النار ، وصار يؤتى بالرجل منهم فيخيّره : فمن جزع من النار ، وخاف العذاب ، ورجع عن دينه ، ورضي اليهودية ، تركه ؛ ومن استمسك بدينه ، ولم يبال بالعذاب الدنيوي ، لثقته بأن الله يجزيه أحسن الجزاء ، ألقاه في النار.
ثم بيّن من أصحاب الأخدود فقال :
[الآية ٥] : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) أي أن أصحاب الأخدود هم أصحاب النار ، التي لها من الحطب الكثير ما يشتدّ به لهيبها ، وجرم يكون حريقها عظيما.
[الآية ٦] : (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦) أي قتلوا ولعنوا حينما أحرقوا المؤمنين بالنار ، وهم قاعدون حولها يشرفون عليهم ، وهم يعذّبون ويحرقون فيها.
[الآية ٧] :(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ
بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) (٧) وهو تعبير يصوّر قسوة قلوبهم ، وتمكّن الكفر منهم. فإنّ التعذيب كان يجري بأمرهم ، وكانوا يقعدون على مقربة من النار ، ويشاهدون أطوار التعذيب وفعل النار في الأجسام بلذّة وسعار ، كأنما يثبتون في حسهم هذا المشهد البشع الشنيع.
[الآيتان ٨ و ٩] : وما أنكر أصحاب الأخدود على هؤلاء الذين أحرقوهم بالنار إلا أنهم آمنوا بربهم ، الموصوف بالغلبة والقهر ، المحمود على نعمه وأفضاله ، الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ، وهو رقيب على الجميع شاهد على أعمالهم وأحوالهم.
[الآية ١٠] : إنّ هناك جزاء عادلا في الآخرة. وهؤلاء الذين عذّبوا المؤمنين وأحرقوهم في الدنيا ، ولم يندموا على ما فعلوا ، سيلقون عقابهم في جهنم ، وفي حريق شديد ، لقد أحرقوا المؤمنين بنار الدنيا ، وهي جزء يسير من نار الآخرة ، إذ نارها شديدة ومعها غضب الله على العصاة.
[الآية ١١] : وهؤلاء المؤمنون الصادقون ، يلقون جزاءهم في جنّات تجري من تحتها الأنهار ، مع رضوان الله ، وذلك هو الفوز الكبير. وبهذا يتمّ الأمر ، وينال كل طرف جزاءه العادل ، فالظالمون الطّغاة يلقون عذاب الحريق ، والمؤمنون الصادقون يلقون الجنة ورضوانا من الله وذلك هو الفوز الكبير.
[الآيات ١٢ ـ ١٦] : ان انتقام الله من الظالمين لشديد ، فهو يمهلهم حتّى إذا أخذهم لم يفلتهم ، وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده يوم القيامة.
ثم ذكر سبحانه خمسة أوصاف من صفات الرحمة والجلال فقال :
١ ـ (وَهُوَ الْغَفُورُ) [الآية ١٤] لمن يرجع اليه بالتوبة.
٢ ـ (الْوَدُودُ) (١٤) كثير الود والعطاء والمحبة لمن أخلصوا له.
٣ ـ (ذُو الْعَرْشِ) [الآية ١٥] ذو السلطان الكبير والقدرة الكاملة.
٤ ـ (الْمَجِيدُ) (١٥) العظيم الكرم والفضل.
٥ ـ (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١٦) سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويختار.
وهو صاحب الإرادة الطليقة والقدرة المطلقة ؛ وراء الأحداث ، ووراء الحياة ، ووراء كل شيء في الوجود.
[الآيتان ١٧ و ١٨] : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ
الْجُنُودِ) (١٧) الجنود تطلق تارة على العسكر ، وتطلق تارة أخرى على الأعوان ؛ والمراد بهم هنا الجماعات الذين تجنّدوا على أنبياء الله واجتمعوا على أذاهم ، هل أتاك حديثهم؟ وكيف فعل ربك بهم ما يريد.
(فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) (١٨) لقد أهلك الله فرعون وجنده ، ونجا موسى ومن آمن معه ؛ وقصّة ثمود مع صالح معروفة ، فقد عقرت ثمود الناقة التي جعلها الله لهم آية ، وقد أهلكهم الله عن بكرة أبيهم ، ونجّى صالحا ومن معه من المؤمنين.
وخلاصة ذلك : أنّ الكفّار في كلّ عصر متشابهون ، وأنّ حالهم مع أنبيائهم لا تتغيّر ولا تتبدّل ، فهم في عنادهم سواء ، ولكنّ العاقبة دائما للمتّقين ، وبطش الله شديد بالطغاة الظالمين.
[الآيات ١٩ ـ ٢٢] : وفي الختام تقرّر السورة أنّ الكفّار في كل عصر يكذّبون الرسالات ، وهم غافلون عما يحيط بهم من قهر الله وقدرته ، وهو سبحانه محيط بهم وعالم بجميع أحوالهم ، وسوف يؤاخذهم على عملهم ، وهذا الذي كذّب به قومك كتاب شريف ، متفرّد في النظم والمعنى ، محفوظ من التحريف ، مصون من التغيير والتبديل.
مقاصد السورة
١ ـ إظهار عظمة الله وجليل صفاته.
٢ ـ قصة أصحاب الأخدود.
٣ ـ عاقبة المتّقين الجنّة والرضوان ، ونهاية المعتدين الهلاك والحريق.
٤ ـ يبيد الله الأمم الطاغية في كلّ حين ، ولا سيّما الذين يفتنون المؤمنين والمؤمنات.
٥ ـ القرآن مجيد شريف ، وكفى شرفا أنه كلام الله.
المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «البروج» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة البروج بعد سورة الشمس ، ونزلت سورة الشمس بعد سورة القدر ، ونزلت سورة القدر بعد سورة عبس ، وكان نزول سورة عبس فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء ، فيكون نزول سورة البروج في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أولها : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (١) وتبلغ آياتها اثنتين وعشرين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة تثبيت المؤمنين وتصبيرهم على تعذيب أهل مكّة لهم ، وتذكيرهم بما جرى من التعذيب لمن آمن قبلهم ؛ وقد اقتضى هذا إنذار من يعذّبهم ، فسارت به هذه السورة في سياق الإنذار كالسورة التي قبلها ؛ وهذا هو وجه المناسبة في ذكرها بعدها.
تثبيت المؤمنين
على إيذاء المشركين
الآيات [١ ـ ٢٢]
قال الله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) فأقسم بهذا على قتل أصحاب الأخدود من الأوّلين ، وهم الذين حفروا أخاديد ووضعوا فيها
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
نارا وألقوا فيها من آمن منهم ؛ ثمّ ذكر سبحانه أن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات من كفّار قريش ، كما فتن هؤلاء من آمن منهم لهم عذاب جهنّم ، وأن المؤمنين لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ؛ ثم ذكّر جلّ وعلا أن بطشه شديد ، إلى غير هذا مما ذكره من صفات نقمته ورحمته بعد ما ذكّر من عقابه وثوابه ، ثم ذكّر النبي (ص) بما فعله بفرعون وثمود ، وذكر أن هؤلاء المشركين مع هذا مستمرون في تكذيبهم ، وهدّدهم بأنه محيط بهم ، وذكّر أن ما أنذرهم به من ذلك إنّما هو قرآن مجيد : (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٢٢).
المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورتي «البروج» و «الطارق» (١)
أقول : هما متآخيتان فقرنتا ، وقدمت الأولى لطولها ، وذكرتا بعد الانشقاق للمؤاخاة في الافتتاح بذكر السماء ، ولهذا ورد في الحديث ذكر السموات مرادا بها السور الأربع (٢) كما قيل المسبّحات.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه / ١٩٧٨ م.
(٢). أخرجه الامام أحمد في المسند ٢ / ٣٢٧ عن أبي هريرة ان النبي (ص) أمر أن يقرأ بالسموات في العشاء. يعني : السور الأربع المفتتحة بذكر السماء.
المبحث الرابع
مكنونات سورة «البروج» (١)
أخرج ابن جرير عن أبي هريرة مرفوعا :
١ ـ (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) (٢) : يوم القيامة.
٢ ـ (وَشاهِدٍ) [الآية ٣] : يوم الجمعة.
٣ ـ (وَمَشْهُودٍ) يوم عرفة.
وقال النّخعي : الشاهد يوم النحر.
وقال مجاهد : الشاهد : آدم (ع).
وقال الحسن والحسين رضي الله عنهما. الشاهد : محمد (ص).
أخرج ذلك ابن أبي حاتم.
وأخرج ابن جرير. عن عكرمة قال : الشاهد محمد ، والمشهود يوم الجمعة.
٤ ـ (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) [الآية ٤].
أخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة ، قال : كنّا نحدّث أنّ عليا قال : هم أناس كانوا بمدارع اليمن.
وأخرج من طريق الحسن عنه قال : هم الحبشة (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.
(٢). انظر قصّة أصحاب الأخدود في «صحيح مسلم» كتاب الزهد ، باب قصة أصحاب الأخدود والسامر والراهب. و «سنن التّرمذي» في التفسير ، حديث رقم : (٣٣٣٧).
وجاء في «الإتقان» ٢ / ١٥٠ أن أصحاب الأخدود : ذو نواس ، وزرعة بن أسد الحميري وأصحابه.
المبحث الخامس
المعاني اللغوية في سورة «البروج» (١)
موضع قسمها ، والله أعلم ، على : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) بإضمار اللام كما قال : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) (١) [الشمس](قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩) [الشمس] أي : إن شاء الله «لقد أفلح من زكّاها» بإلقاء اللّام. وإن شئت على التقديم ، كأنّ السياق : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (١) (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١٢).
وأما قوله تعالى : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) فعلى البدل.
وقال تعالى : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥) ف (الْمَجِيدُ) (١٥) جر كذلك على (العرش) (٢) والرفع على قوله (ذُو) (٣) وكذلك (مَحْفُوظٍ) (٢٢) جر على (اللّوح) (٤) ورفع على
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتب ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). نسبت في معاني القرآن ٣ / ٢٥٤ إلى يحيى وأصحابه ، وفي الطبري ٣٠ / ٩١٣ إلى عامّة قرّاء الكوفة ، وفي الكشف ٢ / ٣٦٩ ، والتيسير ٢٢١ إلى حمزة والكسائي ، وفي السبعة ٦٧٨ زاد عاصما وفي الجامع ٩ / ٢٩٦ إلى الكوفيّين عدا عاصما ، وفي البحر ٨ / ٤٥٢ إلى الحسن وعمرو بن عبيد وابن وثاب والأعمش والمفضّل عن عاصم والأخوين.
(٣). في الطبري ٣٠ / ١٣٩ إلى عامّة قرّاء المدينة ومكّة والبصرة وبعض الكوفيّين ، وفي الكشف ٢ / ٣٦٩ ، والتيسير ٢٢١ إلى غير حمزة والكسائي ، وفي الجامع ١٩ / ٢٩٦ إلى عاصم وغيره مما عدا الكوفيّين ، وفي السبعة ٦٧٨ إلى ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم.
(٤). نسبت في السبعة ٦٧٨ ، وحجة ابن خالويه ٣٤٠ ، والكشف ٢ / ٣٦٩ ، والجامع ١٩ / ٢٩٩ إلى غير نافع ، وفي البحر ٨ / ٤٥٢ إلى الجمهور ، وفي الطبري ٣٠ / ١٤٠ الى ابي جعفر القارئ وابن كثير من أهل الحجاز وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي من أهل الكوفة.
(القرآن) (١) وأما (الْوَقُودِ) (٥) فالحطب و «الوقود» الفعل وهو الاتّقاد».
__________________
(١). نسبت في معاني القرآن ٣ / ٢٥٤ إلى شيبة وأبي جعفر ، وفي الطبري ٣٠ / ١٤٠ إلى ابن محيصن ونافع ، وفي السبعة ٦٧٨ ، وحجّة ابن خالويه ٣٤٠ ، والكشف ٢ / ٣٦٩ ، والجامع ١٩ / ٢٩٩ إلى نافع ، وفي البحر ٨ / ٤٥٣ إلى الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه.
المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «البروج» (١)
إن قيل : أين جواب القسم؟
قلنا : فيه وجوه : أحدها أنه متروك. الثاني : أنه قوله تعالى : (قُتِلَ) [الآية ٤] أي لقد قتل : أي لعن. الثالث : أنه قوله تعالى : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (١٢). الرابع : أنه محذوف تقديره : لتبعثنّ أو نحوه. الخامس : أنه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا) [الآية ١٠].
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.