أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٧

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٧

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٨

وقفت بها رهن الحوادث أنحني

من الوجد حتى خلتني قوس حاجب

تمثلت في أكنافها ركب هاشم

تهاوت اليه فيه خوص الركائب

أتوها وكل الارض ثغر فلم يكن

لهم ملجأ الا حدود القواضب

وسمرا اذا ما زعزعوها حسبتها

من اللين أعطاف الحسان الكواعب

وان أرسلوها في الدروع رأيتها

أشد نفوذا من أخي الرمل واقب

هم القوم تؤم للعلاء وليدهم

وناشئهم في المجد أصدق صاحب

اذا هو غنته المراضع بالثنا

صغى آنسا بالمدح لا بالمحالب

ومن قبل تلقين الاذان يهزه

نداء صريخ أو صهيل سلاهب

بنفسي هم من مستميتين كسروا

جفون المواضي في وجوه الكتائب

وصالوا على الاعداء أسد أضواريا

بعوج المواضي لا بعوج المخالب

اذا نكرتهم في الغبار عجاجة

فقد عرفتهم قضبهم في المضارب

بها ليل لم يبعث لها العتب باعث

اذا قرط الكسلان قول المعاتب

فما بالهم صرعى ومن فتياتهم

بهم قد أحاط العتب من كل جانب

تعاتبهم وهي العلمية انهم

بريئون مما يقتضي قول عاتب

ومذهولة في الخطب حتى عن البكا

فتدعو بطرف جامد الدمع ناضب

تلبي بنو عبس بن غطفان فتية

لهم قتلت صبرا بأيدي الاجانب (١)

وصبيتكم قتلى وأسرى دعت بكم

فما وجدت منكم لها من مجاوب

وما ذاك مما يرتضيه حفاظكم

قديما ولم يعهد لكم في التجارب

عذرتكم لم تهمكم بجفوة

ولا ساورتكم غفلة في النوائب

__________________

١ ـ يشير الى تلبية ( عبس ) حين ثاروا لصبيتهم الثمانية الذين قتلهم بنو ذبيان ، وكانوا رهائن عند مالك بن شميع ، وذلك في الحرب التي دارت بين ابني بغيض ( ذبيان وعبس ) ٤٠ سنة بسبب تسابق ( قيس وحمل ) على رهان مائة ناقة. والتفصيل في مغازي العرب.

٢٢١

وباكية حرى الفؤاد دموعها

تصعد عن قلب من الوجد ذائب

تصك يديها في الترائب لوعة

فتلهب نارا من وراء الترائب

شكت وأرعوت اذلم تجد من يجيبها

وما في الحشا ما في الحشا غير ذاهب

ومدت الى نحو الغريين طرفها

ونادت أباها خير ماش وراكب

أبا حسن ان الذين نماهم

أبو طالب بالطف ثار لطالب

تعاوت عليهم من بني صخر عصبة

لثارات يوم الفتح حرى الجوانب

فساموهم اما الحياة بذلة

أو الموت فاختاروا أعز المراتب

فهاهم على الغبراء مالت رقابهم

ولما تمل من ذلة في الشواغب

سجود على وجه الصعيد كأنما

لها في محاني الطف بعض المحارب

معارضها مخضوبة فكأنها

ملاغم أسد بالدماء خواضب

تفجر من أجسامها السمر أعينا

وتشتق منها أنهر بالقواضب

ومما عليك اليوم هون ما جرى

ثووا لا كمثوى خائف الموت ناكب

أصيبوا ولكن مقبلين دماؤهم

تسيل على الاقدام دون العراقب

ممزقة الادراع تلقا صدورها

ومحفوظة ما كان بين المناكب

تأسى بهم آل الزبير فذللت

لمصعب في الهيجا ظهور المصاعب (١)

ولو لاهم آل المهلب لم تمت

لدى واسط موت الأبي المحارب (٢)

__________________

١ ـ يعدد المشاهير من أباة الضيم الذين رسم لهم الحسين (ع) خطة الاباء فهو يشير الى مصعب بن الزبير المقتول سنة ٧١ هـ وكان الساعد القوي لاخيه عبد الله يوم ثار بالحجاز ، قتل على نهر ( الدجيل ) بالقرب من مسكن سنة ٧١ هـ.

٢ ـ أشار الى يزيد بن المهلب بن ابي صفرة الازدي ، تنقل في عدة ولايات في العهد الاموي وحبس مرارا نازع بني أمية الخلافة فقاتله مسلمة بن عبد الملك وقتل بين واسط وبغداد سنة ١٠٢ هـ.

٢٢٢

وزيد وقد كان الاباء سجية

لأبائه الغر الكرام الاطائب (١)

كأن عليه ألقي الشبح الذي

تشكل فيه شبه عيسى لصالب

فقل للذي أخفى عن العين قبره

متى خفيت شمس الضحى بالغياهب

وهل يختفي قبر امرئ مكرماته

بزغن نجوما كالنجوم الثواقب

ولو لم تنم ـ القوم فيه الى العدى

لنمت عليه واضحات المناقب

كأن السما والارض فيه تنافسا

فنال الفضا عفوا سني الرغائب

لئن ضاق بطن الارض فيه فانه

لمن ضاق في آلائه كل راحب

عجبت وما احدى العجائب فاجأت

بمقتل زيد بل جميع العجائب

أتطرد قربى أحمد عن مكانه

بنو الوزع المطرود طرد الغرائب (٢)

وتحكم في الدين الحنيف وانها

لأنصب للاسلام من كل ناصب

ومن مراثيه :

لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب

لصرع نصب عيني لا الدم الكذب

__________________

١ ـ زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، بطل من أبطال أهل البيت ويسمى بـ ( حليف القرآن ) نهض بالكوفة سنة ١٢٠ هـ بوجه المروانيين فجهز اليه هشام بن عبد الملك جيشا فقامت الحرب وقاتل زيد حتى استشهد ، وأخرجه بنو مروان بعد دفنه وصلبوه منكوسا في كناسة الكوفة اربع سنين ، ثم أحرقوه بعد ذلك بالنار ، وعمره يوم قتل ٤٢ سنة.

٢ ـ الوزع هو الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس طريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان يؤذي النبي ويستهزئ به في مشيته ويسمع ما يسره الى أصحابه فيفشيه في كفار العرب ، فطرده عن المدينة فخرج هو وذريته الى الطائف ، ولما توفي النبي (ص) أبى الخليفة الاول أن يرجعهم وهكذا الخليفة الثاني.

يتعجب الشاعر كيف يكون طريد رسول الله وهو مروان بن الحكم على منبر رسول الله.

٢٢٣

وغلمة من بني عدنان أرسلها

للجد والدها في الحرب لا اللعب

ومعشر روادتهم عن نفوسهم

بيض الضبا غير بيض الخرد العرب

فأنعموا بنفوس لا عديل لها

حتى أسيلت على الخرصان والقضب

فانظر لاجسادهم قد قدّ ـ من قبل

اعضاؤها لا الى القمصان والأهب

كل رأى ضر أيوب فما ركضت

رجل له غير حوض الكوثر العذب

قامت لهم رحمة الباري تمرضهم

جرحى فلم تدعهم للحلف والغضب

وآنسين من الهيجاء نار وغى

في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب

فيمموها وفي الايمان بيض ضبا

وما لهم غير نصر الله من ارب

تهش فيها على آساد معركة

هش الكليم على الاغنام للعشب

اذا انتضوها بجمع من عدوهم

فالهام ساجدة منها على الترب

ومولجين نهار المشرفية في

ليل العجاجة يوم الروع والرهب

ورازقي الطير ماشاءت قواضبهم

من كل شلو من الاعداء مقتضب

ومبتلين بنهر ما لطاعمه

من الشهادة غير البعد والحجب

فلن تبل ـ ولا في غرفة أبدا

منه غليل فؤاد بالظما عطب

حتى قضوا فغدا كل بمصرعه

سكينة وسط تابوت من الكثب

فاليبك طالوت حزنا للبقية من

قد نال داود فيه أعظم الغلب

أضحى وكانت له الاملاك حاملة

مقيدا فوق مهزول بلا قتب

يرنو الى الناشرات الدمع طاوية

اضلاعهن على جمر من النوب

والعاديات من الفسطاط ضابحة

والموريات زناد الحزن في لهب

والمرسلات من الاجفان عبرتها

والنازعات برودا في يد السلب

والذاريات ترابا فوق أرؤوسها

حزنا لكل صريع بالعرى ترب

ورب من ضعة منهن قد نظرت

رضيعها فاحص الرجلين في الترب

تشوط عنه وتأتيه مكابدة

من حاله وظماها أعظم الكرب

فقل بهاجر اسماعيل احزنها

متى تشط عنه من بحر الظما تؤب

وما حكتها ولا أم الكليم أسى

غداة في اليم القته من الطلب

٢٢٤

هذي اليها ابنها قد عاد مرتضعا

وهذه قد سقي بالبارد العذب

فأين هاتان ممن قد قضى عطشا

رضيعها ونأى عنها ولم يؤب

شاركنها في عموم الجنس وانفردت

عنهن فيما يخص النوع من نسب

بل آب مذاب مقتولا ومنتهلا

من نحره بدم كالغيث منسكب

كانت ترجي عزاء فيه بعد أب

له فلم تحظ بابن لا ولا بأب

فأصبحت بنهار لا ذكاء له

وأمست الليل في جو بلا شهب

وصبية من بني الزهرا مربقة

بالحبل بين بني حمالة الحطب

كأن كل فؤاد من عدوهم

صخر بن حرب غدا يفريه بالحرب

ليت الألى أطعمو المسكين قوتهم

وتالييه وهم في غاية السغب

حتى أتى هل أتى في مدح فضلهم

من الاله لهم في أشرف الكتب

يرون بالطف ايتاما لهم اسرت

يستصرخون من الآباء كل أبي

وأرؤس سائرات بالرماح رمى

مسيرها علماء النجم بالعطب

ترى نجوما لدى الآفاق سائرة

غير التي عهدت بالسبعة الشهب

لم تدر والسمر مذ ناءت بها اضطربت

من شدة الخوف أم من شدة الطرب

كواكب في سما الهيجاء ثابتة

سارت ولكن بأطراف القنا السلب

وله :

ما ضاق دهرك الا صدرك اتسعا

فهل طربت لوقع الخطب مذوقعا

تزداد بشرا اذا زادت نوائبه

كالبدر ان غشيته ظلمة سطعا

وكلما عثرت رجل الزمان عمى

أخذت في يده رفقا وقلت لعا

وكم رحمت الليالي وهي ظالمة

وما شكوت لها فعلا وان فضعا

وكيف تعظم في الاقدار حادثة

على فتى ببني المختار قد فجعا

ايام اصبح شمل الشرك مجتمعا

بعد الشتات وشمل الدين منصدعا

ساقت عدي بني تيم لظلمهم

أمامها وثنت حربا لهم تبعا

٢٢٥

ما كان أوعر من يوم الحسين لهم

لو لا ... لنهج الغصب قد شرعا

سلا ضبا الظلم من أغماد حقدهما

وناولاها يزيدا بئسما صنعا

وقام ممتثلا بالطف أمرهما

ببيض قضب هما قدما لها طبعا

يا ثابتا في مقام لو حوادثه

عصفن في يذبل لانهار مقتلعا

لله أنت فكم وتر طلبت به

للجاهلية في أحشائها زرعا

قد كان غرسا خفيا في صدورهم

حتى اذا أمنوا نار الوغى فرعا

واطلعت بعد طول الخوف أرؤوسها

مثل السلاحف فيما اضمرت طمعا

واستأصلت ثأر بدر في بواطنها

وأظهرت ثار من في الدار قد صرعا

وتلكم شبهة قامت بها عصب

على قلوبهم الشيطان قد طبعا

ومذ أجالوا بأرض الطف خيلهم

والنقع أظلم والهندي قد لمعا

لم يطلب الموت روحا من جسومهم

الا وصارمك الماضي له شفعا

حتى اذا ما بهم ضاق الفضا جعلت

أسيافكم لهم في الموت متسعا

وغص فيهم فم الغبرا فكان لهم

فم الردى بعد مضغ الحرب مبتلعا

ضربت بالسيف ضربا لو تساعده

يد القضا لا زال الشرك وانقشعا

بل لو يشاء القضا أن لا يكون كما

قد كان غير الذي تهواه ما صنعا

لكنكم شئتم ما شاء بارئكم

فحكمه ورضاكم يجريان معا

وما قهرتم بشيء غير ما رضيت

له نفوسكم شوقا لما فضعا

لا تشمتن ـ رزاياكم عدوكم

فما أمات لكم وحيا ولا قطعا

تتبعوكم وراموا محو فضلكم

فخيب الله من في ذلكم طمعا

أنى وفي الصلوات الخمس ذكركم

لدى التشهد للتوحيد قد شفعا

فما أعابك قتل كنت ترقبه

به لك الله جم الفضل قد جمعا

وما عليك هوان أن يشال على

المياد منك محيا للدجى صدعا

كأن جسمك موسى مذ هوى صعقا

وأن رأسك روح الله مذ رفعا

كفى بيومك حزنا أنه بكيت

له النبيون قدما قبل أن يقعا

بكاك آدم حزنا يوم توبته

وكنت نورا بساق العرش قد سطعا

٢٢٦

ونوح أبكيته شجوا وقل ـ بأن

يبكي بدمع حكى طوفانه دفعا

ونار فقدك في قلب الخليل بها

نيران نمرود عنه الله قد دفعا

كلمت قلب كليم الله فانبحست

عيناه دمعا دما كالغيث منهمعا

ولو رآك بأرض الطف منفردا

عيسى لما اختار أن ينجو ويرتفعا

ولا أحب حياة بعد فقدكم

ولا أراد بغير الطف مضطجعا

يا راكبا شذ قميا في قوائمه

يطوي أديم الفيافي كلما ذرعا

يجتاز متقد الرمضاء مستعرا

لو جازه الطير في رمضائه وقعا

فردا يكذب عينيه اذا نظرت

في القفر شخصا وأذنيه اذا سمعا

عج بالمدينة واصرخ في شوارعها

بصرخة تملأ الدنيا بها جزعا

ناد الذين اذا نادى الصريخ بهم

لبوه قبل صدى من صوته رجعا

يكاد ينفد قبل القصد فعلهم

بنصر من لهم مستنجدا فزعا

من كل آخر للهيجاء أهبتها

تلقاه معتقلا بالرمح مدرعا

لا خيله عرفت يوما مرابطها

ولا على الارض يوما جنبه وضعا

يصغي الى كل صوت عل مصطرخا

للأخذ في حقه من ظالميه دعا

قل يا بني شيبة الحمد الذين بهم

قامت دعائم دين الله وارتفعا

قوموا فقد عصفت بالطف عاصفة

مالت بأرجاء طود العز فانصدعا

ان لم تسدو الفضا نقعا فلم تجدوا

الى العلا لكم من منهج شرعا

لا أنتم أنتم ان لم تقم لكم

شعواء مرهوبة مرأى ومستمعا

نهارها أسود بالنقع مرتكم

وليلها أبيض بالقضب قد نصعا

فلتلطم الخيل خد الارض عادية

فخد عليا نزار للثرى ضرعا

ولتملأ الارض نعيا من صوارمكم

فان ناعي حسين في السماء نعى

ولتذهل اليوم منكم كل مرضعة

فطفله من دما أوادجه رضعا

لئن ثوى جسمه في كربلاء لقى

فرأسه لنساه في السباء رعى

نسيتم أم تناسيتم كرائمكم

بعد الكرام عليها الذل قد وقعا

اتهجعون وهم أسرى وجدهم

لعمه ليل بدر قط ما هجعا

٢٢٧

فليت شعري من العباس أرقه

أنينه كيف لو أصواتهم سمعا

وهادر الدم من هبار ساعة اذ

بالرمح هودج من تنمى له قرعا (١)

ما كان يفعل مذ شيلت هوادجها

قسرا على كل صعب في السرى ضلعا

بني علي وانتم للنجا سببي

في يوم لا سبب الا وقد قطعا

ويوم لا نسب يبقى سوى نسب

لجدكم وأبيكم راح مرتجعا

لوما أنهنه وجدي في محبتكم

قذفت قلبي لما قد نالني قطعا

فانها النعمة العظمى التي رجحت

وزنا فلو وزنت بالدهر لارتفعا

من حاز من نعم الباري ولا يتكم

فلا يبالي بشيء ضر أو نفعا

من لي بنفس على التقوى موطنة

لا تحفلن بدهر ضاق أو وسعا

وقال :

أما في بياض الشيب حلم لأحمق

به يتلافى من لياليه ما بقي

وما بالأولى بانوا نذير لسامع

فان مناديهم ينادي الحق الحق

وان امرءا سرن الليالي بظعنه

لاسرع ممن سار من فوق أينق

وسيان عند الموت من كان مصحرا

ومن كان من خلف الخباء المسردق

وهل تؤمن الدنيا التي هي أنزلت

سليمان من فوق البناء المحلق

ولا سد فيها ( السد ) عمن أقامه

طريق الردى يوما ولا رد مالقي

__________________

١ ـ هبار بن الاسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى من قريش كان شاعرا هجا النبي قبل اسلامه وأباح النبي دمه يوم فتح مكة لانه روع زينب بنت رسول الله (ص) زوجة أبي العاص بن الربيع حين حملها حموها الى المدينة ليلحقها بأبيها بعد وقعة بدر فتبعهما هبار وقرع هودجها بالرمح وكانت حاملا فأسقطت ما في بطنها ، فقال (ص) : ان وجدتموه فاقتلوه ، وجاء في ( الجعرانة ) قرب مكة فأسلم فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الاسلام يجب ما قبله.

٢٢٨

واعظم ما يلقى من الدهر فادح

رمى شمل آل المصطفى بالتفرق

فمن بين مسموم وبين مشرد

وبين قتيل بالدماء مخلق

غداة بني عبد المناف انوفهم

أبت أن يساف الضيم منها بمنشق

سرت لم تنكب عن طريق لغيره

حذار العدى بل بالطريق المطرق

الى أن اتت أرض الطفوف فخيمت

باعلا سنام للعلاء ومفرق

وأخلفها من قد دعاهم فلم تجد

سوى السيف مهما يعطها الوعد يصدق

فمالت الى ارماحها وسيوفها

وأكرم بها انصار صدق وأخلق

تعاطت على الجرد العتاق دم الطلا

ولا كمعاطاة المدام المعتق

فما برحت تلقى الحديد بمثله

قلوبا فتثني فيلقا فوق فيلق

الى أن تكسرن العواسل والظبا

ومزقت الادراع كل ممزق

لو ان رسول الله يبعث نظرة

لردت الى انسان عين مؤرق

وهان عليه يوم حمزة عمه

بيوم حسين وهو أعظم ما لقي (١)

ونال شجى من زينب لم ينله من

صفية اذ جائت بدمع مرقرق

فكم بين من للخدر عادت مصونة

ومن سيروها في السبايا لجلق

وليت الذي أحنى على ولد جعفر

برقة أحشاء ودمع مدفق (٢)

يرى بين أيدي القوم أبناء سبطه

سبايا تهادى من شقي الي شقي

وريانة الاجفان حرانة الحشى

ففي محرق قامت تنوح ومغرق

فقل للنجوم المشرقات ألا اغربي

ولا ترغبي بعد الحسين بمشرق

__________________

١ ـ يشير الى مصرع سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب يوم أحد وموقف أخته صفية على جسده ورأته وقد مثلت به هند بنت عتبة وشقت بطنه وأكلت كبده فحولها الله في فمها حجرا.

٢ ـ يشير الى عطف النبي (ص) على أولاد جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة بجناحين خضراوين ، وذلك لما قتل في ( مؤتة ) سنة ٨ من الهجرة.

٢٢٩

وقل للبحار الزاخرات ألا انضبي

مضى من نداه مدها بالتدفق

وقال : وهي من روائعه ، وأولها :

هل بعد موقفنا على يبرين

أحيا بطرف بالدموع ضنين

ومنها :

قال الحداة وقد حبست مطيهم

من بعد ما أطلقت ماء شئوني

ماذا وقوفك في ملاعب خرد

جد العفا بربعها المسكون

وقفوا معي حتى اذا ما استيأسوا

خلصوا نجيا بعد ما تركوني

فكأن يوسف في الديار محكم

وكأنني بصواعه اتهموني

الى أن يقول :

قلبي يقل من الهموم جبالها

وتسيخ عن حمل الرداء متوني

وأنا الذي لم أجزعن لرزية

لو لا رزاياكم بني ياسين

تلك الرزايا الباعثات لمهجتي

ما ليس يبعثه لظى سجين

كيف العزاء لها وكل عشية

دمكم بحمرتها السماء تريني

والبرق يذكرني وميض صوارم

أردتكم في كف كل لعين

والرعد يعرب عن حنين نسائكم

في كل لحن للشجون مبين

يندبن قوما ما هتفن بذكرهم

الا تضعضع كل ليث عرين

السالبين النفس أول ضربة

والملبسين الموت كل طعين

لا عيب فيهم غير قبضهم اللوى

عند اشتباك السمر قبض ضنين

سلكوا بحارا من دماء أمية

بظهور خيل لا بطون سفين

لو كل طعنة فارس بأكفهم

لم يخلق المسبار للمطعون

حتى اذا التقمتهم حوت القضا

وهي الاماني دون كل أمين

نبذتهم الهيجاء فوق تلاعها

كالنون ينبذ بالعرى ذا النون

فتخال كلا ثم يونس فوقه

شجر القنا بدلا عن اليقطين

٢٣٠

خذ في ثنائهم الجميل مقرضا

فالقوم قد جلوا عن التأبين

هم أفضل الشهداء والقتلى الاولى

مدحوا بوحي في الكتاب مبين

ليت المواكب والوصي زعيمها

وقفوا كموقفهم على صفين

بالطف كي يروا الاولى فوق القنا

رفعت مصاحفها اتقاء منون

جعلت رؤوس بني النبى مكانها

وشفت قديم لواعج وضغون

وتتبعت أشقى ثمود وتبع

وبنت على تأسيس كل لعين

الواثبين لظلم آل محمد

ومحمد ملقى بلا تكفين

والقائلين لفاطم آذيتنا

في طول نوح دائم وحنين

والقاطعين أراكة كيما تقيل

بظل أوراق لها وغصون

ومجمعي حطب على البيت الذي

لم يجتمع لولاه شمل الدين

والداخلين على البتولة بيتها

.......................

والقائدين امامهم بنجاده

والطهر تدعو خلفهم برنين

خلوا ابن عمي أولا كشف للدعا

رأسي وأشكو للاله شجوني

ما كان ناقة صالح وفصيلها

بالفضل عند الله الا دوني

ورنت الى القبر الشريف بمقلة

عبرى وقلب مكمد محزون

قالت وأظفار المصاب بقلبها

أبتاه قل على العداة معيني

أبتاه هذا .........................

تبعا ومال الناس عن هرون

أي الرزايا أتقى بتجلد

هو في النوائب ما حييت قريني

فقدى أبي أم غصب بعلي حقه

..................

أم أخذهم ارثي وفاضل نحلتي

أم جهلهم قدري وقد عرفوني

قهروا يتيميك الحسين وصنوه

وسئلتهم حقي وقد نهروني

باعوا بضائع مكرهم وبزعمهم

ربحوا وما بالقوم غير غبين

واذا أضل ـ الله قوما أبصروا

طرق الهداية ضلة في الدين

٢٣١

الشيخ محمد نصار

المتوفى ١٢٩٢

فأتته زينب بالجواد تقوده

والدمع من ذكر الفراق يسيل

وتقول قد قطعت قلبي يا أخي

حزنا فيا ليت الجبال تزول

فلمن تنادي والحماة على الثرى

صرعى ومنهم لا يبل غليل

ما في الخيام وقد تفانا أهلها

الا نساء ولّه وعليل

أرأيت أختا قدمت لشقيقها

فرس المنون ولا حمى وكفيل

فتبادرت منه الدموع وقال يا

أختاه صبرا فالمصاب جليل

فبكت وقالت يا ابن أمي ليس لي

وعليك ما الصبر الجميل جميل

يا نور عيني يا حشاشة مهجتي

من للنساء الضائعات دليل

ورنت الى نحو الخيام بعولة

عظمى تصب الدمع وهي تقول

قوموا الى التوديع ان أخي دعا

بجواده ان الفراق طويل

فخرجن ربات الخدور عواثرا

وغدا لها حول الحسين عويل

الله ما حال العليل وقد رأى

تلك المدامع للوداع تسيل

فيقوم طورا ثم يكبو تارة

وعراه من ذكر الوداع نحول

فغدا ينادي والدموع بوادر

هل للوصول الى الحسين سبيل

هذا أبي الضيم ينعي نفسه

يا ليتني دون الابي قتيل

أبتاه اني بعد فقدك هالك

حزنا واني بعدكم لذليل

* * *

٢٣٢

الشيخ محمد بن الشيخ علي بن ابراهيم آل نصار الشيباني أو الشبامي اللملومي (١) النجفي المعروف بالشيخ محمد بن نصار.

توفي في جمادى الاولى سنة ١٢٩٢ في النجف الاشرف ودفن في الصحن الشريف عند الرأس وهو من أسرة أدب وعلم ، أصلهم من لملوم سكنوا النجف لطلب العلم وتوفي منهم في طاعون سنة ١٢٤٧ ما يقرب من أربعين رجلا طالبا للعلم وهم غير أسرة آل نصار المعروفين في النجف الذين منهم الشيخ راضي رحمه‌الله يسكنون محلة العمارة.

والمترجم له فاضل أديب له شعر باللغتين الفصحى والدارجة وقل ما ينعقد مجلس عزاء للحسين عليه‌السلام فلا يقرأ شعره الدارج. ولعل السر أن الناظم كان من أهل التقوى ، ولشدة حبه لاهل البيت سمى كل أولاده باسم علي وجعل التمييز بينهم في الكنية فواحد يكنى بأبي الحسن والثاني بأبي الحسين وهكذا.

أقول وأطلعني السيد ضاحي آل سيد هادي السيد موسى على مخطوطة بخطه ومن تأليفه المسمى ( لملوم قديما وحديثا ) ان الشيخ علي والد الشيخ محمد نصار قد أقام في ناحية الشنافية

__________________

١ ـ لملوم قرية كانت على شاطيء الفرات ، اندرست في حدود ١٢٢٠ هـ وتفرق أهلها في البلاد لذهاب الماء عنهم بانتقال مجرى الفرات عنها ، سكن معظم أهاليها قرية الشنافية ، وكان والد المترجم له قد سكنها الى أن مات فيها ، كذا ذكر صاحب الحصون المنيعة.

٢٣٣

منذ هجرته اليها من ( لملوم ) وكان عالما فاضلا ، عاش حوالي ثمانين عاما الى أن توفي سنة ١٣٠٠ هـ.

وجاء في شعراء الغري : الشيخ محمد نصار بن الشيخ علي ابن ابراهيم بن محمد الشيباني اللملومي الشهير بـ ( ابن نصار ) شاعر معروف وأديب شهير ذكره صاحب ( الحصون المنيعة ) فقال : كان فاضلا كاملا ، أديبا لبيبا ، شاعرا ماهرا ، حسن المعاشرة صافي الطوية صادق النية ، وكان أكثر نظمه على طريقة نظم البادية حتى نظم واقعة الطف من أولها الى آخرها على لغتهم يقرؤها ذاكروا مصاب الحسين (ع) في مجالس العزاء وله في هذا النظم القدح المعلى ، وكان رحمه‌الله من أخص أحبابي حين مهاجرتي من كربلاء ، أيام والدي وبقائي في النجف لتحصيل العلم ، وقد كان يتلو لي أغلب ما كان ينظمه في القريض ولكني كنت في شغل عن كتبه وثبته في الدفاتر ، ولم أقف على شيء منه حين كتابتي لهذه الترجمة سوى هذه الابيات في وصف ( سماور ) الجاي :

وأعجم غناني بصوت مركب

من النار والماء النمير المصفق

حشاشته جمر الغضا وزفيره

يطير شواظا عن لهيب محرق

وقد فك شدقيه فعض حمامة

تزق بنيها بالمدام المروق

ومن نظمه في الغزل كما في مجلة العدل الاسلامي :

أمرقص القرطين في لفتاته

رقص الحشى بضرام هجرك صالي

قسما بجيدك يا غزال وعرفه

لقد أزدريت بجيد كل غزال

وأبيلجين تسايلا عن مرقص

الاصداغ سيل الصبح تحت ليال

٢٣٤

خوف الصدود كتمت عنك صبابتي

وعن المخالط خيفة العذال

فأعر لساني السمع بثة وامق

يشكو ضناه عسى ترق لحالي

شهد الوشاح عليك مذ أنطقته

حقا بأنك مخرس الخلخال

وبقوس حاجبك النبال بريتها

من نرجس وأرشتها لقتالي

ومن شعره في الغزل كما في شعراء الغري :

خلت من ظباء الابرقين ربوعها

فهيهات يا عين المعنى هجوعها

أتألف رسل الابرقين مهابة الـ

نفور وأيدي القانعين تروعها

وقفنا وللاحشاء رقص على الغضا

وقد رقصت فوق النطاق فروعها

اودعها فوق الكثيب ومهجتي

تودعها فوق الكثيب ضلوعها

أسائلها والعين عبرى متى اللقا

فتعرب عن بعد التلاقي دموعها

عقارب صدغ لا يفيق لديغها

ورقش جعود ليس يرقى لسيعها

ونبعة قد ـ لا يقوم طعينها

وأسياف لحظ لا يداوي صريعها

وخد أسيل روق الصون ماءه

نزت كبدي منه فهاج ولوعها

ولما استقل الركب فاضت مدامعي

وحلق من عين المعنى هجوعها

وقوله :

ومذ استقلوا ظاعنين وأيقن الـ

ـفئتان أن هيهات يلتقيان

من كل أبلج لا تلين قناته

عزت مدامعه لدى الحدثان

يستوقف العيس المثارة بعدما

غنت حداة الركب بالاظعان

أمقوضين قفوا لصب ريثما

يقضي لبانة قلبه الولهان

فاذا خدت أيدي المطي وكنتم

ممن يقول بذمة الخلان

مروا برمل البان يوما علما

عثر الزمان بنا برمل البان

استاف نفخة رمله العبق التي

علقت بواديه من الاردان

واذا سجا الليل البهيم فانني

اشتاقكم فقفوا على الكثبان

٢٣٥

توفي رحمه‌الله في جمادي الاولى من عام ١٢٩٢ وقد ناهز عمرة الستين ودفن في رأس الساباط من الصحن الشريف بين قبر المرحومين : ميرزا جعفر القزويني وقبر السيد حيدر الشاعر ، وخلف ولدين : الاكبر الشيخ جعفر (١) كان في سلك أهل العلم ، والاصغر من الكسبة.

وذكره صاحب التكملة فقال : عاشرته ورافقته مدة فحمدت صفاته خفيف الروح رقيق الحاشية ، كثير الدعابة الى تقى وديانة وتمسك بالشرع جدا.

ومن طريف ما حدث به انه قال : قصدت قبر الامام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بخراسان في سنة ١٢٨٥ هـ فامتدحته بقصيدة ـ وأنا في الطريق ـ على عادة الشعراء في قصدهم الملوك ، وأكملتها قبل دخولي المشهد الشريف بيوم واحد ، وكان مطلعها :

يا خليلي غلسا لا تريحا

أوشكت قبة الرضا أن تلوحا

ومنها قوله :

ان قبرا لا طفت فيه ثراه

منع المسك طيبه أن يفوحا

قال رحمه‌الله : فلما دخلت المشهد الشريف وزرته ونمت

__________________

١ ـ توفي بالمشخاب يوم السبت ٢٩ من جمادي الاولى سنة ١٣٥٦ هـ ونقل الى النجف ودفن في الصحن الشريف بالقرب من والده.

٢٣٦

تلك الليلة ، رأيت في منامي الامام الرضا عليه‌السلام جالسا على كرسي في روضته الشريفة فسلمت عليه وقبلت يديه فرحب بي وأدناني ، وأعطاني صرة ، وقال افتحها ففيها مسك أذفر ففتحتها فوجدت فيها فتاتا لا رائحة له ، فقلت لا رائحة له ، فتبسم الرضا (ع) وقال : ألست القائل :

ان قبر لا طفت فيه ثراه

منع المسك طيبه أن يفوحا

فهذا مسك أذفر منع طيب ثرى قبري رائحته. فانتبهت وأنا فرح بما شاهدت.

ومن قوله في رثاء الامام الحسين (ع) :

يا مدلجا في حندس الظلماء بكرا مقحما

ان شمت لمعة قبة المولى فعرج عندما

واخضع فثمة بقعة

خضعت لادناها السما

واحث التراب على الخدود وقل أيا حامي الحمى

يا مخمدا يوم الوغى لهب الوطيس اذا حمى

ومفلقا هام العدى

ان سل أبيض مخذما

ومنظما صيد الورى

ان هز أسمر لهذما

قم فالحسين بكربلاء

طريدة لبني الاما

قد أمه جيش به

رحب البسيطة أظلما

مقتادة شعث النواصي

كل أجرد أدهما

فتقاسمتها السمهرية

والمواضي مغنما

وغدا ابن احمد لا يرى

الا القنا والمخذما

فهنالكم أم العدى

بطل البسالة معلما (١)

__________________

١ ـ عن مجلة ( العدل الاسلامي ) السنة ٢ العدد ٦.

٢٣٧

وقال في العقيلة زينب الكبرى :

هاج وجدي لزينب اذ عراها

فادح في الطفوف هد قواها

يوم أضحت رجالها غرضا للنبـ

ـل والسمر فيه هاج وغاها

ونعت بين نسوة ثاكلات

تصدع الهضب في حنين بكاها

آه والهفتاه ماذا تقاسي

من خطوب تربو على ما سواها

ولمن تسكب المدامع من عين

جفا جفنها لذيذ كراها

ألنهب الخيام أم لعليل

ناحل الجسم أم على قتلاها

أم لاجسامهم على كثب الغبـ

ـراء مخضوبة بفيض دماها

أم لرفع الرؤوس فوق عوالي الـ

ـسمر أم رض صدر حامي حماها

أم لاطفالها تقاسى سياق الـ

ـموت أم عظم سيرها وسراها

أم لسير النساء بين الاعادي

ثاكلات يندبن يا آل طاها

وهي ما بينهن تندب من قد

ندبته الاملاك فوق سماها

ووجدت في بعض المخطوطات الحسينية ملحمة كبيرة للشيخ محمد نصار في الامام الحسين عليه‌السلام ، على وزن ملحمة الدمستاني ، وأولها :

شيعة المختار نوحوا واندبوا فخر الفخار

بدموع جاريات من أماقيها غزار

٢٣٨

أحمد قفطان

المتوفى ١٢٩٣

قال من قصيدة في الحسين (ع) :

لم يشجنى طلل الديار الأبكم

كلا ولا رسما بها أتوسم

أنى يجاذبني هوى آرامها

وانا الجموح لهن لا أستسلم

لو لا المحرم ما سفكت مدامعا

لسوى المحرم سفكهن محرم

يوم الحسين بكربلاء وصحبه

ضربوا القباب على البلاء وخيموا

فتقلدوا بيض السيوف وأفرغوا

حلق الدروع على القلوب وأقدموا

من كل خواض المنايا عابس

أو قطبت صيد الوغى يتبسم

حفظوا وصية احمد في سبطه

ووقاه بالارواح كل منهم

* * *

الشيخ احمد بن الشيخ حسن قفطان السعدي الرباحي النجفي ، ولد سنة ١٢٣٥ وكان من النحاة والملمين باللغة والتاريخ والفقه والاصول ، ونثره خير من شعره ، صحب شبلي باشا مدة اقامته في الحلة في ولاية نامق باشا وكان دائما يراسله ويكاتبه وكذا مع سائر ولاة العثمانيين. قال السماوي في الطليعة بعد ما وصفه بالعلم والكمال : كان غاية في الذكاء

٢٣٩

والحفظ وجودة الخط ، خفيف الروح سريع البديهة ، درس على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ الانصاري ، له القوافي الشبلية والصنايع البابلية وله المجالس والمراثي ، توفي سنة ١٢٩٣ ودفن بوادي السلام.

له شعر كثير في مدح الأئمة من أهل البيت ورثائهم ، وله في معاصريه من الاعلام والاعيان مدح ورثاء كآل بحر العلوم وآل القزويني وآل كاشف الغطاء والشيخ الانصاري وغيرهم وشعره تغلب على أكثره الجودة ، ذكره السيد الامين في ( الاعيان ) فقال : والمترجم قرأ في النجف وعانى صناعة الادب حتى أصبح من مشاهير أدبائها ، وله شعر ونثر كثير مبثوث في المجاميع لو جمع لكان ديوانا كبيرا. والشيخ الطهراني يقول في ( الكرام البررة ) : انه ولد في النجف سنة ١٢١٧ وانه كان ماهرا في النحو والعروض واللغة والتاريخ والفقه والاصول ، خفيف الروح سريع البديهة له نوادر وحكايات ، وكان أصم يخاطب بالكتابة والاشارة لكنه شديد الذكاء يفهم المرء لاول وهلة حتى أنه يسبق المنشد الى القافية ، ومن طرائفه انه قيل له وقد مر به أكبر أولاده : هذا يخلفك وهو لسانك فقال : هذا هو سمعي. يشير الى ما أصيب من الصمم ، وكما برع في النظم بالفصحى فقد برع بالنظم باللغة الدارجة وكان حسن الخط شأن أسرته التي امتازت بجودة الكتابة وقد عدد الشيخ الطهراني جملة من المخطوطات بخط يده ، وترجم له صاحب ( الحصون ).

وذكر الشيخ السماوي في ( الطليعة ) من نوادره قال أخبرني

٢٤٠