أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٧

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٧

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٨

قال صاحب أنوار البدرين : ومن الشعراء البحرين الشاعر المطبوع الحاج عبد الله ابن المرحوم الحاج احمد الذهبة البحراني ، هو من أهل قرية ( جد حفص ) سكن مسقط ثم لنجة وهناك انتقل الى رحمة الله ورضوانه.

كان شاعرا ماهرا من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام ، راثيا ومادحا بارع في الشعر ، اجتمعت به في دارنا بالقطيف وكان قد جاء زائرا للمرحوم شيخنا الشيخ احمد ابن الشيخ صالح. له ديوان شعر رأينا منه مجلدين ضخمين ومن قصائده الغراء رائعته التي يقول في أولها :

أبى الدهر أن يصفو لحر مشاربه

ويقول في آخرها :

ولهفي ولا يشفى الذي في ضمائري

بلهفي ولا يخبو من الوجد لاهبه

لربات خدر لم تر الشمس وجهها

لها دان أعجام الورى وأعاربه

وترجم له شيخنا المعاصر الشيخ علي الشيخ منصور المرهون في شعراء القطيف وذكر قصيدته التي مطلعها :

أين الابا هاشم أين الابا

ما للعلى لم تلف منكم نبا

أقول ولشاعرنا المترجم له شعر كثير في أهل البيت عليهم‌السلام ومنه قصيدته التي مطلعها :

١٠١

هل تركت لك الطفوف أدمعا

تبكي بها بعد حمى وأربعا

رأيت ديوانه في مكتبة المرحوم الشيخ آغا بزرك الطهراني ـ قسم المخطوطات ـ الخزانة العاشرة وقد كتب على الغلاف ( في رثاء الحسين ).

وذكره البحاثة الطهراني في ( الكرام البررة ) فقال : كان من مشاهير مداح أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد أكثر من البكاء والنوح عليهم ، وكان في غاية الورع والتقوى نظيرا للسيد حيدر الحلي في العراق ، سكن مسقط ثم بندر لنجة وديوانه كبير في مجلدات. أدركه صاحب ( أنوار البدرين ) وذكره فيه. وهو من أهل أواخر المائة الثالثة عشرة.

١٠٢

الشيخ حسن قفطان

المتوفى ١٢٧٧

لمن الخبا المضروب في ذاك العرى

من كربلاء جرى عليه ما جرا

ما خلت الا أنه غاب به

آساد غيل دونها أسد الشرى

فتيان صدق من ذوابة هاشم

نسبا من الشمس المنيرة أنورا

شبوا وشب بسيفهم وأكفهم

ناران : نار وغى ، ونار للقرى

يتذاكرون اذا خلوا بسميرهم

طربا سوابق ضمرا أو أسمرا

تقتادهم للعز عزمة أصيد

يجد المنية فيه طعما مسكرا

يلقى الكتائب بأسما ويشم من

نقع العوادي في الطراد العنبرا

ملك ممالكه العوالم كلها

طوع المشيئة قبلما أن يأمرا

أعظم به سلطان عز شامخ

لا جرهما ، لا تبعا ، لا حميرا

شرف تفرع عن نبي أو وصي

أو بتول لا حديث يفترا

بعثت اليه زخارفا بصحائف

زمر ترى المعروف شيئا منكرا

فأقام فيهم منذرا ومبشرا

ومحذرا في الله حتى أعذرا

حتى اذا ازدلفوا اليه رأوا به

أسدا يحامي عن شاره غضنفرا

بدرا تحف به كواكب كلما

عاينتها صبحا مسفرا

وغدت تواسيه المنون عصابة

طابت عاينت مآثرها وطابت عنصرا

تكسوهم الحرب العوان ملابسا

مستشعرين بها النجيع الاحمرا

يتسلقون مطهما يستصحبون

مثقفا يتقلدون مذكرا

١٠٣

يتظللون أرائكا مضروبة

بيد العواسل أو غماما عثيرا

نسجت عواملهم مثال دروعهم

زردا بأجساد العدى متصورا

نصروا ابن بنت نبيهم فتسنموا

عزا لهم في النشأتين ومفخرا

بذلوا نفوسهم ظماءا لا ترى

ماء يباح ولا سحابا ممطرا

حتى أبيدوا والرياح تكفلت

بجهازهم كفنا حنوطا أقبرا

متلفعين دم الشهادة سندسا

يوم التغابن أو حريرا أخضرا

لله يوم ابن البتول فانه

أشجى البتولة والنبي وحيدرا

يوم ابن حيدر والخيول محيطة

بخباه يدعو بالنصير فلا يرى

الا أعاد في عواد في عوار

في عوال في نبال تبترا

فهناك دمدم طامنا في جأشه

بمهند يسم العديد الاكثرا

متصرفا في جمعهم بعوامل

عادت بجمعهم الصحيح مكسرا

بأس وسيف أخرسا ضوضاءهم

لكن أمر الله كان مقدرا

فهوى على وجه الثرى روحي الفدا

لك أيها الثاوي على وجه الثرى

أحسين هل وافاك جدك زائرا

فرآاك مقطوع الوتين معفرا

أم هل درى بك حيدر في كربلا

فردا غريبا ظاميا أم ما درى

من مبلغ الزهراء أن سليلها

عار ثلاثا بالعرا لن يقبرا

وفراسنان نحره بسنانه

شلت يداه أكان يعلم ما فرا

وبناتها يوم الطفوف سليبة

تسبى على عجف المطايا حسرا

فكأنا من قيصر ولربما

صانوا عن السب المعنف قيصرا

لم أنس زينب وهي تندب ندبها

يا كافل الايتام يا غوث الورى

سهدت عيني ليتها عميت اذا

مرت على أجفانها سنة الكرى

أثكلتني اسلمتني اذللتني

يا طود عز كان لي سامي الذرى

ورواق أمن كنت في الدنيا لها

أمسى بأرض الطف محلول العرا

١٠٤

هل أستطيع تصبرا وأراك في

رمضائها لا أستطيع تصبرا

ما كنت أعرف قبل رأسك واعظا

بالذكر قد جعل العوالي منبرا

نصبوه خفظا وهو رفع وانثنوا

بثنائه فمهللا ومكبرا

ويزيد ينكته بمخصرة له

مترنما متشمتا متجبرا

لم أدر من أنعاه يومك يا حمى

حرمي ويا كهفي اذا خطب عرا

الأخوة أنعى أم أبني عمك

الطيار أم أنعى علي الاكبرا

أم مسلما وبني عقيل أم بني

الحسن الزكي أم الرضيع الاصغرا

أم لابنك السجاد وهو معالج

سقما وأقتادا وقيدا والسرى

أم للنساء الخائفات يلذن بي

ويرين في الخيم الحريق المسعرا

منع الوعيد نعيها وبكاءها

الا تردد زفرة وتحسرا

يوم قليل فيه ان بكت السما

بدم وكادت فيه أن تتفطرا

حتى نرى المهدي يأخذ ثاره

ونرى له في الغاضرية عسكرا

يا كربلا طلت السماء مراتبا

شرفا تمنت بعضه أم القرى

أرج تضوع في ثراك تعطرت

منه جنان الحور مسكا أذفرا

يابن النبي ذخرت فيك شفاعة

لي في المعاد ولم يخب من أذخرا

انظر الي برحمة فيه اذا

وافاك ظهري بالخطايا موقرا

والوالدي ومن أصاخ بسمعه

لرثاي فيك ومن رواه ومن قرا

صلى عليك الله ما صلى له

أحد وسبح أو دعى أو كبرا

* * *

الشيخ حسن بن علي بن عبد الحسين بن نجم السعدي الرباحي (١) الدجيلي الاصل اللملومي المحتد ، النجفي المولد

__________________

١ ـ نسبة الى آل رباح فخذ من بني سعد العرب المعروفين بالعراق ، قال السيد مهدي القزويني في ( أنساب القبائل العراقية ) بنو سعد بطن من العرب منهم في الدجيل ومنهم في كربلاء.

١٠٥

والمسكن والمدفن الشهير بقفطان ولد في النجف الاشرف سنة ١١٩٩ وتوفي بالنجف سنة ١٢٧٩ عن عمر يناهز الثمانين كما في الطليعة ودفن في الصحن الشريف العلوي عند الايوان الكبير المتصل بمسجد عمران كان فاضلا ناسكا تقيا محبا للأئمة الطاهرين وأكثر شعره فيهم درس الفقه على الشيخ علي ابن الشيخ الاكبر الشيخ جعفر حتى نبغ فيه وعد من الاعلام الافاضل ، واختص أخيرا بصاحب الجواهر وكان يعد من أجل تلامذته وأفاضلهم ، اتخذ الوراقة مهنة له وورث ذلك عنه أبناؤه وأحفاده الا انه كان يمتاز عنهم باتقان الفقه واللغة والبراعة فيهما ، وهذا ما حدا باستاذه أن يحيل اليه والى ولده الشيخ ابراهيم تصحيح الجواهر ومراقبته حتى قيل انه لولاهما لما خرجت الجواهر ، لان خط المؤلف كان رديا وقد كتب النسخة الاولى عن خط المؤلف ثم صارا يحترفان بكتابتها وبيعها على العلماء وطلاب العلم وأكثر النسخ المخطوطة بخطهما ، وهذا دليل على أن المترجم كان يعرف ما يكتب ، وكان جيد الخط والضبط ، ويظهر من ترجمة سيدنا الصدر له انه كان جامعا مشاركا في العلوم بأكثر من ذلك فقد قال في ( التكملة ) : كان في مقدمي فقهاء الطائفة مشاركا في العلوم فقيها اصوليا حكيما الهيا وكذلك له التقدم والبروز في الادب وسبك القريض وله شعر من الطبقة العليا. انتهى.

توفي سنة ١٢٧٥ كما في التكملة أو ٧٧ كما في ( الطليعة ) وقال : ودفن في الصحن العلوي الشريف عند الايوان الكبير المتصل بمسجد عمران ، وترك آثارا هامة منها ( أمثال القاموس )

١٠٦

و ( الاضداد ) و ( طب القاموس ) ورسالة في الافعال اللازمة المتعدية في الواحد. وخلف من الذكور : الشيخ ابراهيم والشيخ احمد والشيخ حسين والشيخ محمد والشيخ علي والشيخ مهدي وفي ( الكرام البررة ) ان الشيخ حسين توفي في حياة أبيه حدود سنة ١٢٥٥.

ومن شعره في الحسين عليه‌السلام :

نفسي الفداء لسيد

خانت مواثقه الرعيه

رامت أميه ذله

بالسلم لا عزت أميه

حاشاه من خوف المنية

والركون الى الدنيه

فأبى اباء الاسد

مختارا على الذل المنيه

وحموه أن يرد الشريـ

ـعة بالعوالي السمهريه

فهناك صالت دونه

آساد غيل هاشميه

يا ابن النبي ابن الوصي

أخا الزكي ابن الزكيه

لله كم في كربلا

لك شنشنات حيدريه

بأس يسر محمدا

ومواقف سرت وصيه

يوم ابن حيدر والموا

ضي عن مغامدها عريه

يطفو ويرسب في الالو

ف بمهجة حرى ظميه

ويرى أخاه وابن وا

لده على الرمضا رميه

ملك الشريعة سيفه

والماء تحت القعضبيه

وشئا السراة بعزمة

لم يثنها غير المشيه

سلبت محاسنه القنا

الا مكارمه السنيه

١٠٧

يا سادة ملكوا الشفا

عة والمعالي السرمديه

حسن وليكم ومن

في الحشر لم يصحب وليه

ان الخطايا أو بقته

وحبكم يمحو الخطيه

وعليكم ما دام فضلـ

ـكم على الناس التحية

وله في مدح أمير المؤمنين ورثاء ولده الحسين عليهما‌السلام :

لم تدع مدحة الاله تعالى

في علي للمادحين مقالا

هل أتى لغير ثناه

فاسألنها عنه تجبك السؤالا

والحظن الاعراف والحج والاحـ

ـزاب هودا والكهف والانفالا

وطواسين والحواميم بل طا

ها ويسين عم والزلزالا

والمثاني فيها علي حكيم

وامام يفصل الاجمالا

كل ما في الوجود أحصي فيه

وبه الله يضرب الامثالا

هو أمر الله الذي نزلت فيـ

ـه أتى لا تستعجلوا استعجالا

هو أمر الله الذي صدرت كن

عنه في كل حادث لن يخالا

وهو اللوح والذي خط في اللو

ح بلاء العباد والآجالا

مظهر الكائنات في مبتداها

ومبين الاشياء حالا فحالا

وقديم آثاره كل موجو

د حديث ولا تقولن غالى

علم الروح جبرئيل علوما

حين لا صورة ولا تمثالا

وهو ميزانه الذي قدر اللـ

ـه به يوم وزنه الاعمالا

وقسيم للنار من كان عادا

ه ومولي الجنان من كان والى

ولواء الحمد العظيم بكفيـ

ـه وساقي أهل الولا السلسالا

واياب الخلق المعاد اليه

وعليه حسابهم لن يدالا

١٠٨

مبدأ الامر منتهى الامر يوم الـ

ـعرض سبحان من له الامر والى

وهو نفس النبي لما أتاه

وفد نجران طالبين ابتهالا

فدعاه وبنته أم سبطيـ

ـه وسبطيه لا يرى ابدالا

فاستهل القسيس والاسقف الوا

فد رعبا اذ استبانا الوبالا

واستمالا رضاه بالجزية العظ

ـمى عليهم مضروبة اذلالا

أنزل الله ذا اعتمادا اليه

آية تزعج الوغى أهوالا

ما استطاعت جموعهم يوم عرض

لكفاح الا عليها استطالا

وطواهم طي السجل وطورا

لفهم فيه يمنة وشمالا

يغمد السيف في الرقاب وأخرى

يتحرى تقليدها الاغلالا

صالح الجيش أن تكون له الار

واح والناس تغنم الاموالا

قاتل الناكثين والقاسطين الـ

ـبهم والمارقين عنه اعتزالا

كرع السيف في دماهم بما حا

دوا عن الدين نزغة وانتحالا

من برى مرحبا بكف اقتدار

أطعمته من ذي الفقار الزيالا

يوم سام الجبان من حيث ولى

راية الدين ذلة وانخذالا

قلع الباب بعدما هي أعيت

عند تحريكها اليسير الرجالا

ثم مد الرتاج جسرا فما تم

ولكن بيمن يمناه طالا

وله في الاحزاب فتح عظيم

اذ كفى المؤمنين فيه القتالا

حين سالت سيل الرمال باعلا

م من الشرك خافقات ضلالا

فلوى خافقاتها بيمين

ولواه الخفاق يذري الرمالا

ودعا للبراز عمرو بن ود

يوم في خندق المدينة جالا

فمشى يرقل اشتياقا علي

للقاه بسيفه ارقالا

وجثى بعد أن برى ساق عمرو

فوق عمرو تضر ما واغتيالا

١٠٩

ثم ثنى برأس عمرو فأثنى

جبرئيل مهللا اجلالا

فانثنى بالفخار من نصرة الديـ

ـن على الشرك باسمه مختالا

وبأحد اذ أسلم المسلمون الـ

ـمصطفى فيه غدرة وانخزالا

فأحاطت به أعاديه وانثا

لت عليه من الجهات أنثيالا

عجب من عصابة أخرته

بسواه لغيها استبدالا

أخرته عن منصب أكمل اللـ

ـه به الدين يومه اكمالا

ضرب الله فوق قبر علي

عن جميل الرواق منه جمالا

قبة صاغها القدير لافلا

ك السموات شاهدا ومثالا

أرخت الشمس فوقها حلية النو

ر بهاء وهيبة وجلالا

شعب من شعاعها ارتسمت في

فلك النيرات نورا تلالى

وضريح به تنال الاماني

وبه تدرك العفاة النوالا

يا أخا المصطفى الذي قال فيه

يوم خم بمشهد ما قالا

لو بعينيك تنظر السبط يوم الط

ـف فردا والجيش يدعو النزالا

حاربوه بعدة وعديد

ضاق فيه رحب الفضاء مجالا

حلوه عن المباح ورودا

وسقوه أسنة ونبالا

فتحامت له حمية دين

فتية سامروا القنا العسالا

ثبتوا للوغى فلله أقوا

م تراهم عند الكفاح جبالا

وأضافوا على الدروع قلوبا

من حديد كانت لهم سربالا

ليس فيهم الا أبي كمي

يرهب الجيش سطوه حيث صالا

عانقوا الحور في القصور جزاء

لنحور عانقن بيضا صقالا

وغدا واحد الزمان وحيدا

في عدى كالكثيب حيث انهالا

مفردا يلحظ الاعادي بعين

وبعين يرنو الخبا والعيالا

١١٠

شد فيهم وهم ثلاثون ألفا

في صفوف كالسيل لما سالا

ناصراه مثقف وحسام

ملك الموت حده الآجالا

ضاربا مهره أرائك نقع

فوقه مثل ما ضربن وصالا

وهوى الأخشب الاشم فمال

العرش والارض زلزلت زلزالا

ورأت زينب الجواد خليا

ذا عنان مرخى وسرج مالا

معلنا بالصهيل ينعى ويشكو

أمة بالطفوف ساءت فعالا

فأماطت خمارها من جوى الثكل

ونادت وآسيدا وآثمالا

يا جواد الحسين أين حسين

أين من كان لي عمادا ظلالا

أين حامي حماي عقد جماني

من تسنمت في ذراه الدلالا

أين للدين من يقيم قناه

حيث مالت وينجح الآمالا

واستغاثت بربها ثم جرت

نحو أشلاء ندبها أذيالا

ثم أومت لجدها والرزايا

أسدلت دون نطقها اسدالا

جد يا جد لو رأيت حسينا

أي هيجاء من أمية صالى

مستغيثا هل راحم أو مجير

يستقي لابنه الرضيع زلالا

فسقاه ابن كاهل وهو في حضـ

ـن أبيه عن الزلال نصالا

لو ترى السبط في البسيطة دامي

النحر شلوا مبددا أوصالا

عاريا بالعرى ثلاثا وتأبى الـ

وحش من هيبة له أن تنالا

حنطته وكفنته السوافي

غسلته دماؤه اغسالا

ورؤوسا على الرماح أمالتـ

ـها رياح السما جنوبا شمالا

أضرموا النار في خبانا فتهنا

معولات بين العدى أعوالا

ما لهذا الحادي المعنف بالاد

لاج لا ضجرة ولا امهالا

فتشاكين حسرة والتياعا

وتباكين بالزفير وجالا

١١١

ومن قصائده في الامام الحسين عليه‌السلام قصيدته التي مطلعها :

يا كربلاء فهل دريت بمن على

أكناف أرض الغاضرية خيما

من كل أروع تنتمي أحسابه

لوسيم مجد في مراتبه سما

وله يذكر أبا الفضل العباس بن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

هيهات أن تجفو السهاد جفوني

أو أن داعية الاسى تجفوني

وأرى الخوامس في الهواجر كلما

حنت لورد فهو دون حنيني

كلا ولا الورقاء ريع فراخها

عن وكرهن أنينها كأنيني

أنى ويوم الطف أضرم في الحشا

جذوات وجد من لظى سجين

يوم أبو الفضل استفزت بأسه

فتيات فاطم من بني ياسين

في خير انصار براهم ربهم

للدين أول عالم التكوين

فرقى على نهد الجزارة هيكل

أنجبن فيه نتائج الميمون

متقلدا عضبا كأن فرنده

نقش الاراقم في خطوط بطون

وأغاث صبيته الظما بمزادة

من ماء مرصود الوشيج معين

ما ذاقه وأخوه صاد باذلا

نفسا بها لاخيه غير ضنين

حتى اذا قطعوا عليه طريقه

بسداد جيش بارز وكمين

وكتائب مشحونة مشحوذة

من يوم بدر أشحنت بضغون

فثنى مكردسها نواكص وانثنى

بنفوسها سلبا قرير عيون

أقرى السباع لحومها وعظامها

في مقفر بنجيعها مشحون

ودعته أسرار القضا لشهادة

رسمت له في لوحها المكنون

حسموا يديه وهامه ضربوه في

عمد الحديد فخر خير طعين

١١٢

ومشى اليه السبط ينعاه كسرت

الان ظهري يا أخي ومعيني

عباس كبش كتيبتي وكنانتي

وسري قومي بل أعز حصوني

يا ساعدى في كل معترك به

أسطو وسيف حمايتي بيميني

لمن اللوى اعطى ومن هو جامع

شملي وفي ضنك الزحام يقيني

أمنازل الاقران حامل رايتي

ورواق أخبيتي وباب شؤوني

لك موقف بالطف أنسى أهله

حرب العراق بملتقى صفين

فرس كشفت بها الشريعة انها

عادت الي بصفقة المغبون

فمضيت محمود النقيبة فائزا

بحرير سندسها وحور عين

وتركتني بين العدى لا ناصر

يحمي حماي ولا يحامي دوني

رهن المنية بين آل أمية

ما حال مفقود العزيز رهين

عباس تسمع زينبا تدعوك من

لي يا حماي اذا العدى سلبوني

أولست تسمع ما تقول سكينة

عماه يوم الاسر من يحميني

كان الرجا بك أن تحل وثاقهم

لي بالحبال المؤلمات متوني

وتجيرني في اليتم من ضيم العدى

اليوم خابت في رجاك ظنوني

عماه ان أدنو لجسمك ابتغي

تقبيله بسياطهم ضربوني

عماه ما صبري وأنت مجدل

عار بلا غسل ولا تكفين

من مبلغ أم البنين رسالة

عن واله بشجائه مرهون

لا تسأل الركبان عن أبنائها

في كربلاء وهم أعز بنين

تأتي لارض الطف تنظر ولدها

كابين بين مبضع وطعين

١١٣

الشيخ الفتوني

وفاته ١٢٧٨

قال في منظومته عن الحسين (ع) :

وقام بالأمر أخوه الاصغر

وهو الحسين السيد المطهر

وهو يكنى بأبي عبدالله

لقب بالشهيد في علم الله

ميلاده الخميس في الازمان

لخمسة خلون من شعبان

قد حملته بضعة الرسول

ستة أشهر على المنقول

في طيبة ولادة الزاكي النفس

تاريخه المولود من غير دنس

وولده علي الشهيد

بالطف وهو الاكبر العميد

ثم علي الامام المعتمد

وشهر بانويه أم ذا الولد

ثم علي الاصغر ابن ليلى

وهو الشهيد مع أبيه طفلا

وجعفر وأمه قضاعيه

كذاك عبدالله نجل الناعيه

سكينة بنت الرباب زينب

فاطمة من البنات تحسب

أزواجه خمس عدا السراري

وبابه الرشيد ذو المقدار

وفاته من طف كربلاء

بسيف شمر المظهر البغضاء

وذاك في السبت أو الاثنين

وجمعة ، خذ وسط القولين (١)

__________________

١ ـ أقول مما توصلنا اليه في بحثنا ودراستنا ان اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه‌السلام هو يوم الجمعة عاشر محرم الحرام ولنا على ذلك أكثر من دليل :

١١٤

١ ـ ان الحسين عليه‌السلام نزل كربلاء يوم الثاني من المحرم ـ وكان يوم الخميس ـ كما نص عليه جل المؤرخين بل كلهم ، وقتل يوم العاشر فيكون يوم الجمعةهو يوم مقتله.

٢ ـ صرح المؤرخون ان الحسين قد خرج من مكة يوم الثلاثاء يوم الثامن من ذي الحجة ، فيكون يوم الثلاثين هو يوم الاربعاء وهو اول يوم من المحرم لان شهر ذي الحجة كان ناقصا.

٣ ـ روى المفيد في الارشاد وسائر ارباب المقاتل ان عمر بن سعد نهض لحرب الحسين عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحرم ونادى يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري ، والحسين جالس أمام بيته محتبيا بسيفه اذ خفق برأسه على ركبتيه ، فسمعت اخته الضجة فدنت من أخيها فقالت : يا أخي أما تسمع الاصوات قد اقتربت الى ان طلب الحسين منهم تأجيله ليلة واحدة وهي ليلة الجمعة فيكون صباح الجمعة هو يوم الواقعة.

٤ ـ ذكر أرباب المقاتل ان ابن سعد كتب الى ابن زياد يوم الثامن من المحرم وهو يوم الاربعاء ، فعلى هذا يكون مقتله يوم الجمعة.

٥ ـ جاء في كثير من أخبار أهل البيت في ظهور مهدي آل محمد ( انه يظهر يوم الجمعة يوم مقتل الحسين ).

٦ ـ ذكر الخوارزمي في ( مقتل الحسين ) ج ٢ ص ٤٧ قال : وذكر السيد الامام أبو طالب ان الصحيح في يوم عاشوراء الذي قتل فيه الحسين وأصحابه رضي الله عنهم انه كان يوم الجمعة سنة احدى وستين ، وقال السيد الامين في ( لواعج الاشجان ) : وأصبح ابن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة أو يوم السبت فعبأ اصحابه. وقال الشيخ عباس القمي في ( نفس المهموم ) : قتل الحسين يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة احدى وستين من الهجرة بعد صلاة الظهر منه ، وسنه يومئذ ثمان وخمسون سنة ، وقيل ان مقتله كان يوم السبت وقيل يوم الاثنين والاول أصح ، قال أبو الفرج : وأما ما تقوله العامة انه قتل يوم الاثنين فباطل ، هو شيء قالوه بلا رواية ، وكان اول المحرم الذي قتل فيه هو يوم الاربعاء ، أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر المزيجات واذا كان كذلك فليس يجوز ان يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين وهذا دليل صحيح واضح تنضاف اليه الرواية ـ الى اخر ما قال.

١١٥

في يوم عاشورا مضى محزونا

وعمره الثمان والخمسونا

قتل الشهيد السبط جسمي أنهكا

قد جاء في تاريخه حد البكا

مرقده الطف مع الانصار

والراس عند المرتضى الكرار (١)

* * *

أقول الظاهر من قوله : والرأس عند المرتضى الكرار. انه يختار رواية دفن الراس الشريف عند أبيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام مع ان الروايات في الرأس مختلفة وأكثرها معتبرة ، فقال جماعة انه في النجف عند أبيه أميرالمؤمنين ، ذهب اليه بعض علماء الشيعة استنادا الى أخبار وردت بذلك في الكافي والتهذيب وغيرهما من طرق الشيعة عن الائمة عليهم‌السلام وفي بعضها ان الامام الصادق (ع) قال لولده اسماعيل : انه لما حمل الى الشام سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أميرالمؤمنين ، وهذا القول مختص بالشيعة ، وعقد له في « الوسائل » بابا مستقلا عنوانه : باب استحباب زيارة رأس الحسين عند قبر أمير المؤمنين واستحباب صلاة ركعتين لزيارة كل منهما. وفي الكافي عن ابان بن تغلب قالت كنت مع أبي عبدالله (ع) فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا فصلى ركعتين ، ثم سار قليلا فنزل فصلى ركعتين ، ثم قال هذا موضع قبر أميرالمؤمنين ، قلت جعلت فداك والموضعين الذين صليت فيهما ، فقال موضع رأس الحسين وموضع

__________________

١ ـ أخذنا هذه القطعة من كتاب ( سمير الحاضر وأنيس المسافر ). مخطوط العلامة الجليل الشيخ علي كاشف الغطاء ، الجزء الرابع منه. والمنظومة تستوعب أحوال المعصومين بأجمعهم صلوات الله عليهم.

١١٦

منزل القائم المائل. قال : ولعل موضع القائم المائل مسجد الحنانة قرب النجف.

وعن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (ع) في حديث انه ركب وركبت معه حتى نزل الذكوات الحمر وتوضأ ثم دنى الى أكمة فصلى عندها وبكى ثم مال الى أكمة دونها ففعل مثل ذلك ثم قال : الموضع الذي صليت عنده أولا موضع أميرالمؤمنين والاخر موضع رأس الحسين (ع).

القول الثاني ان الرأس الشريف دفن بالمدينة المنورة عند قبر أمه فاطمة عليها‌السلام وأن يزيد أرسله الى عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة فدفن عند أمه الزهراء ، حكاه سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص عن طبقات ابن سعد.

القول الثالث ان الرأس الشريف بالشام حكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص عن ابن سعد في الطبقات انه بدمشق ، حكى ابن أبي الدنيا قال وجد رأس الحسين عليه‌السلام في خزانة يزيد بدمشق فكفنوه ودفنوه بباب الفراديس (١) عند البرج الثالث مما يلي المشرق ، وكأنه هو المعروف الان بمشهد رأس الحسين عليه‌السلام بجانب المسجد الاموي وهو مشهد مشيد معظم.

القول الرابع ان الرأس الشريف بمصر نقله الخلفاء

__________________

١ ـ الفراديس بلغة الروم البساتين.

١١٧

الفاطميون من باب الفراديس الى عقلان (١) ثم نقلوه الى القاهرة وله فيها مشهد معظم يزار والى جانبه مسجد عظيم والمصريون يتوافدون الى زيارته أفواجا رجالا ونساء ويدعون ويتضرعون عنده.

القول الخامس انه أعيد الى الجسد الشريف بكربلاء ، قال السيد ابن طاوس في الملهوف على قتلى الطفوف : وكان عمل الطائفة على هذا المعنى ، قال الشيخ المجلسي : المشهور بين علمائنا الامامية انه أعيد الى الجسد وعن المرتضى في بعض مسائله انه رد الى بدنه بكربلاء من الشام. وقال الطوسي : ومنه زيارة الاربعين. وهذا القول ذكره العامة والخاصة.

أقول وقد كتب في هذا الموضوع سيدنا البحاثة المعاصر السيد محمد علي القاضي سلمه الله وأشبع البحث دراسة وتحقيقا بكتاب ضخم طبع مستقلا.

وجاء في كتاب ( الحسين ) لمؤلفه على جلال الحسيني ما نصه : وفي الجملة ففي أي مكان كان رأسه فهو ساكن في القلوب والضمائر قاطن في الاسرار والخواطر ، أنشدنا بعض أشياخنا :

لا تطلبوا المولى الحسين

بشرق أرض أو بغرب

ودعوا الجميع وعرجوا

نحوي فمشهده بقلبي

__________________

١ ـ عقلان : مدينة كانت بين مصر والشام ، والان هي خراب.

١١٨

قال السيد المقرم من معاصرينا في كتابه ( مقتل الحسين ) : البيتان لابي بكر الالوسي وقد سئل عن موضع رأس الحسين فأجاب بهما.

أقول وللحاج مهدي الفلوجي بهذا المعنى.

لا تطلبوا رأس الحسين فانه

لا في حمى ثاو ولا في واد

لكنما صفو الولاء يدلكم

في أنه المقبور وسط فؤادي

ويطيب لي أن أذكر بيتين قيلتا في رأس نصب على رأس رمح وهما :

هامة في الحياة طاولت الشهب وما نالها هبوب الرياح

أنفت بعد موتها الترب ، فاختارت لها مسكنا رؤوس الرماح

* * *

١١٩

الشيخ حسين الفتوني هو العالم الاديب الشاعر حسين بن علي بن محمد بن علي بن محمد التقي بن بهاء الدين العاملي الحائري.

كان أحد الاعلام المبرزين بمعرفة الادب والنحو وكان شاعرا مجيدا جليل القدر كثير الاطلاع ، ذكره أصحاب السير والتراجم منهم شيخنا العلامة صاحب الذريعة أعلى الله مقامه بقوله : ولد في كربلاء ونشأ بها وله آثار منها ( الدوحة المهدية ) في تواريخ الأئمة المعصومين عليهم‌السلام وهي ارجوزة عدتها تاريخ نظمها وهي (١٢٨٧) بيتا نظمها بنفس السنة رأيتها في مكتبة الشيخ محمد السماوي في النجف كما ذكرناه في الذريعة ج ٨ ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥ والمظنون ان جده التقي بن بهاء الدين شقيق الشيخ مهدي بن بهاء الدين الفتوني شيخ السيد مهدي بحر العلوم وظاهر أن وفاة المترجم بعد هذا التاريخ.

وذكره صاحب كتاب ( ماضي النجف وحاضرها ) قال :

كان حائري الولادة والمسكن وهو من الادباء الفضلاء ومن أشهر رجال هذه الاسرة وهو صاحب المنظومة المشهورة في تواريخ الأئمة وولاداتهم ووفياتهم وتعداد أزواجهم وأولادهم رتبها على مقدمة وأربعة عشر بابا وخاتمة تشتمل على ألف ومائتين وثمانية وسبعين بيتا قال في أولها :

الحمد لله العليم الاحد

القادر الحي القديم الابدي

العلم والقدرة عين ذاته

والصدق والادراك من صفاته

١٢٠