الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٦

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٦

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

المبحث السادس

المعاني اللغوية في سورة «المؤمنون» (١)

قال تعالى : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) [الآية ٥٢] بنصب (أُمَّةً واحِدَةً) على الحال. وقرأ بعضهم (أمّتكم أمّة واحدة) على البدل ورفع (أمّة واحدة) على الخبر (٢).

وقال تعالى (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) [الآية ٦٤] من «جأر» «يجأر» «جؤارا» و «جأرا».

وقال سبحانه : (عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) [الآية ٦٦] و (تنكصون) (٣) وقال تعالى : (اخْسَؤُا فِيها) [الآية ١٠٨] من «خسأ» «يخسأ» تقول : «خسأته» ف «خسأ».

وقال سبحانه : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) [الآية ٦١] أي : من أجلها.

وقال تعالى : (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [الآية ١٤] والخالقون هم الصانعون (٤). وقال الشاعر (٥) [من الكامل الأحذّ ، وهو

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتاب ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). القراءة برفع (أُمَّتُكُمْ) ونصب (أُمَّةً واحِدَةً) هي في معاني القرآن ، إلى اهل الحجاز والحسن ، وفي الطبري ١٨ : ٢٩ ، الى عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة ، وفي التيسير ١٥٩ الى غير الكوفيين ؛ وفي السبعة ٤٤٦ الى ابن كثير ، ونافع وأبي عمرو. أمّا القراءة بنصب (أُمَّتُكُمْ) ، ورفع (أُمَّةً واحِدَةً) ، فهي في معاني القرآن ٢ : ٢٣٧ الى عاصم ، والأعمش ؛ وفي الطبري ١٨ : ٢٩ ، الى عامة قراء الكوفيين ؛ وفي السبعة ٤٤٦ الى عاصم ، وحمزة ، والكسائي ؛ وفي التيسير ١٥٩ الى الكوفيين.

(٣). في الجامع ١٢ : ١٣٦ ، والبحر ٤١٢ ، الى الامام علي (ع).

(٤). نقله في زاد المسير ٥ : ٤٦٤.

(٥). هو زهير بن أبي سلمى المزني. ديوانه ٩٤ ، والكتاب وتحصيل عين الذهب ٢ : ٢٨٩.

٦١

الشاهد الثالث والخمسون بعد المائتين] :

وأراك تغري ما خلقت وبعد

ض القوم يخلق ثم لا يغري (١)

وقال تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ) [الآية ٢٠] على (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ) (٢) (وَشَجَرَةً). وقال سبحانه (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) [الآية ١١٤] أي : ما لبثتم إلّا قليلا. وفي حرف ابن مسعود (إن لبثتم لقليلا).

وقال الشاعر (٣) : [من الكامل وهو الشاهد الرابع والخمسون بعد المائتين] :

هبلتك أمّك إن قتلت لمسلما

وجبت عليك عقوبة المتعمد (٤)

__________________

(١). في الديوان : «ولأنت» بدل «وأراك».

(٢). في الآية التاسعة عشرة وهي (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (١٩).

(٣). البيت لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية ، والبيت في رثاء زوجها الزبير بن العوام. الخزانة ٤ : ٣٤٨ ، وشرح شواهد المغني ٢٦ ، والدرر اللوامع ١ : ١١٩ ، والمقاصد النحوية ٢٧٨.

(٤). في شرح المفصّل لابن يعيش ٨ : ٧١ ب «الله ربك» بدل «هبلتك أمك» ، وكذلك في ٧٢. وفي الخزانة ٤ : ٣٤٨ ب «تالله ربك» ، وفي الإنصاف ٢ : ٣٣٦ ، والمقرب ١ : ١١٢ ومغني اللبيب ١ : ٢٤ ، والدرر ١ : ١٩٩ ، والمقاصد النحوية ٢ : ٢٧٨ ، وشرح شواهد المغني ٢٦ ، وفي شرح المفصّل لابن يعيش ٨ : ٧٦ ب «شلت يمينك» ، وفي الإنصاف ٢ : ٣٣٦ ب «كتبت» بدل «وجدت» وفي سائر المصادر ب «حلت».

٦٢

المبحث السابع

لكل سؤال جواب في سورة «المؤمنون» (١)

إن قيل : لم قال تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ). وحفظ الفرج إنما يعدى بعن لا بعلى ، يقال فلان يحفظ فرجه عن الحرام ، ولا يقال على الحرام؟

قلنا : «على» هنا بمعنى عن ، كما في قول الشاعر :

إذا رضيت عليّ بنو قشير

لعمر الله أعجبني رضاها

الثاني : أنه متعلق بمحذوف تقديره :

فلا يرسلونها إلا على أزواجهم.

فإن قيل : قوله تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) (١٦) لم خصّ الإخبار عن الموت ، الذي لم ينكره الكفار ، بلام التأكيد دون الإخبار عن البعث الذي أنكروه ، والظاهر يقتضي عكس ذلك؟

قلنا : لمّا كان العطف يقتضي الاشتراك في الحكم ، استغني به عن إعادة لفظ اللام ، الموجبة لزيادة التأكيد ، فإنها ثابتة معنى بالعطف ، ولا يلزم على هذا عدم إعادة إنّ ، لأنها الأصل في التأكيد ، ولأنها أقوى والحاجة إليها أمسّ.

فإن قيل : لم قال تعالى (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ) [الآية ٢٠] والمراد بها شجرة الزيتون ، وهي تخرج من الجبل الذي يسمى طور سيناء ومن غيره؟

قلنا : قيل إن أصل شجرة الزيتون من طور سيناء ؛ ثم نقلت إلى سائر

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

٦٣

المواضع. وقيل إنما أضيفت إلى ذلك الجبل ، لأنّ خروجها في غيره من المواضع.

فإن قيل : قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) [الآية ٧٠] ، خبر عن كفّار مكة ، فلم قال تعالى في الآية نفسها : (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) ، أي بالتوحيد ، أو بالقرآن (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) ولم يقل وكلّهم ، مع أنّهم كلّهم كانوا للتوحيد كارهين ، بدليل قولهم ، كما ورد في التنزيل (بِهِ جِنَّةٌ)؟

قلنا : كان فيهم من ترك الإيمان به أنفة واستنكافا ، من توبيخ قومه ، لئلّا يقولوا ترك دين آبائه لا كراهة للحق.

فإن قيل : لم جمع سبحانه فقال (رَبِّ ارْجِعُونِ) (٩٩) ولم يقل «ارجعني» ، والمخاطب واحد ، وهو الله تعالى؟

قلنا : هو جمع للتفخيم والتعظيم ، كقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) [يس : ١٢] وأشباهه.

فإن قيل : لم قال تعالى : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (١٠١) وقال سبحانه في موضع آخر : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٧) [الصافات]؟

قلنا : يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة ، ففيه أحوال مختلفة ، ففي بعضها يتساءلون ، وفي بعضها لا ينطقون لشدة الهول والفزع.

٦٤

المبحث الثامن

المعاني المجازية في سورة «المؤمنون» (١)

في قوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (١٢) استعارة. لأن حقيقة السلالة هي أن تسلّ الشيء من الشيء. فكأن آدم (ع) ، لمّا خلق من أديم الأرض ، كان كأنّه انسلّ منها ، واستخرج من سرّها. وقد صار ذلك عبارة عن محصن الشيء ومصاصه (٢) ، وصفوته ولبابه. ليس أن هناك شيئا ، استلّ من شيء على الحقيقة. وقد تسمّى النطفة سلالة على هذا المعنى. ويسمى ولد الرّجل سلالة أيضا ، على مثل ذلك.

وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) (١٧) استعارة. لأن المراد بالطرائق هاهنا السماوات السبع ، مشبّهة بطرائق النّعل ، وواحدتها : طريقة. وقد يجمع أيضا على طريق. فهي قطع الجلود يجعل بعضها فوق بعض وينتظم بالخرز. ويقال : طارقت النعل. من ذلك.

وفي قوله سبحانه : (اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) [الآية ٢٧] استعارة. والقول فيها كالقول في : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) [طه : ٣٩] (٣) ، على حدّ سواء. فكأنه سبحانه قال : واصنع الفلك

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). المصاص من الشيء : خالصه. يقال : فلان مصاص قومه. إذا كان أخلصهم نسبا. انظر القاموس المحيط واللسان.

(٣). قد تقدّم الكلام عن هذه الآية في سورة طه.

٦٥

بحيث نرعاك ونحفظك ، ونمنع منك من يريدك.

أو يكون المعنى : واصنع الفلك بأعين أوليائنا من الملائكة ، والمؤمنين ، فإنّا نمنعك بهم ، ونشدّك بمعاضدتهم ، فلا يصل إليك من أرادك ، ولا تبلغك مرامي من كادك.

وفي قوله سبحانه : (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤١) استعارة.

والمراد بها ، والله أعلم ، أنه عاجلهم بالاستئصال والهلاك ، فطاحوا كما يطيح الغثاء ، إذا سال به السيل. والغثاء : ما حملت السيول في ممرّها من أضغاث النبات ، وهشيم الأوراق ، وما يجري مجرى ذلك. فكأنّ أولئك القوم هلكوا ، ولم يحسّ لهم أثر ، كما لا يحسّ أثر ما طاح به السيل ، من هذه الأشياء المذكورة.

والعرب يعبّرون عن هلاك القوم بقولهم : قد سال بهم السيل. فيجوز أن يكون قوله سبحانه : (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) ، كناية عن الهلاك ، كما كنوا بقولهم : سال بهم السيل عن الهلاك. والمعنى : فجعلناهم كالغثاء الطافح في سرعة انجفاله (١) ، وهو ان فقدانه.

وفي قوله سبحانه : (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦٢) استعارة. والنطق لا يوصف به ، إلّا من يتكلم بالة.

وكان قاضي القضاة (٢) أبو الحسن يجيب بذلك من يسأله : هل يجوز أن يوصف القديم تعالى بأنه ناطق ، كما يوصف بأنه يتكلّم؟ فمنع من ذلك ، وقال : ما قدّمت ذكره. فوصف سبحانه القرآن بالنطق ، مبالغة في وصفه بإظهار البيان. وإعلان البرهان ، وتشبيها باللسان الناطق ، في الإبانة عن ضميره ، والكشف عن مستوره.

وفي قوله سبحانه : (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) [الآية ٦٣] استعارة. والمراد بها ، أنّ القوم الذين قال سبحانه فيهم ، أمام هذه الآية ، هم الموصوفون بقوله تعالى : (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) أي في حيرة تغمرها ، وغمّة تسترها. والغمر جمع غمرة. وهو ما وقع الإنسان فيه من أمر

__________________

(١). الانجفال : الهرب في إسراع.

(٢). تقدمت ترجمتنا له عند الكلام في مجازات سورة الكهف.

٦٦

مذهل ، وخطب جلل ، مشبه بغمرات الماء التي تغمر الواقع فيها ، وتأخذ بكظم (١) المغمور بها.

وفي قوله سبحانه : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) [الآية ٧١] استعارة. والمراد بها : ولو كان الحق موافقا لأهوائهم ، لعاد كلّ إلى ضلاله ، وأوقع كلّ في بطله ، لأن الحق يدعو إلى المصالح والمحاسن ؛ والأهواء تدعو إلى المفاسد والمقابح. فلو اتبع الحقّ قائد الهوى لشمل الفساد ، وعمّ الاختلاط ، وخفضت أعلام الهداية ، ورفع منار الغواية.

وفي قوله سبحانه : (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) (١٠٣) استعارة على أحد التأويلين ، وهو أن يكون معنى الموازين هاهنا المعادلة بين الأعمال بالحق.

__________________

(١). الكظم بفتح الكاف والظاء : مخرج النفس. جمعه أكظام وكظام.

٦٧
٦٨

سورة النّور

٢٤

٦٩
٧٠

المبحث الأول

أهداف سورة «النور» (١)

سورة النور سورة مدنية ، وآياتها ٦٤ آية ، نزلت بعد سورة الحشر ، وسمّيت بهذا الاسم لكثرة ذكر النور فيها :

(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ) [الآية ٣٥].

(نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) [الآية ٣٥].

(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) [الآية ٤٠].

روح السورة

هذه سورة الآداب والأخلاق والتربية الإسلامية الهادفة ، إنها الأخلاق والقيم المنبعثة عن إيمان المؤمن بالله ، فإذا دخل نور الإيمان في القلب ، اتّسع له الصدر ، وانشرح له الفؤاد :

وإذا حلّت الهداية قلبا

نشطت في العبادة الأعضاء

 وقد ذكر النور في هذه السورة بلفظه ، كما ذكر بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح ، ممثّلة هذه الآثار في بيان الفرائض والأحكام ، التي يقوم عليها بناء السورة ، وهي أحكام وآداب نفسية وعائلية وجماعية ، تؤدي إلى طهارة الفرد وسلامة المجتمع. تبدأ سورة النور بإعلان قويّ حاسم عن تقرير هذه السورة وفرضها ، بكل ما فيها من حدود وتكاليف ، من آداب وأخلاق :

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

٧١

(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١).

فيدلّ هذا البدء الفريد ، على مدى اهتمام القرآن ، بالعنصر الأخلاقي في الحياة ، ومدى عمق هذا العنصر ، وأصالته في العقيدة الإسلامية ، وفي فكرة الإسلام عن الحياة الإنسانية ...

والمحور الذي تدور عليه السورة كلّها : محور التربية ، التربية التي تشتد في وسائلها إلى درجة الحدود ، وترقّ إلى درجة اللمسات الوجدانية الرقيقة ، التي تصل القلب بنور الله.

والهدف واحد في الشدّة واللين : تربية الضمائر ، واستجاشة المشاعر ، ورفع المقاييس الأخلاقية للحياة ، حتى تشف وتتّصل بنور الله.

وتتداخل الآداب النفسية الفردية ، وآداب البيت والأسرة ، وآداب الجماعة والقيادة ، بوصفها نابعة كلّها من معين واحد ، هو العقيدة في الله ، متّصلة كلّها بنور واحد ، هو نور الله.

فقرات السورة

يجري سياق سورة النور في خمس فقرات :

الفقرة الأولى :

تتضمّن الفقرة الأولى الإعلان الحاسم الذي تبدأ به ، ويليه بيان حدّ الزنا ، وتفظيع هذه الفعلة ، وتقطيع ما بين الزّناة والجماعة المسلمة ، فلا هي منهم ولا هم منها ، ثم بيان حدّ القذف وعلّة التشديد فيه ، واستثناء الأزواج من هذا الحدّ ، مع التفريق بين الزوجين بالملاعنة ، ثم حديث الإفك وقصّته ، وتنتهي هذه الفقرة ، بتقرير مشاكلة الخبيثين للخبيثات ، ومشاكلة الطيّبين للطيّبات ، وبالعلاقة التي تربط هؤلاء بهؤلاء ؛ وتستغرق هذه الفقرة من أول السورة إلى الآية ٢٦.

الفقرة الثانية :

تتناول الفقرة الثانية وسائل الوقاية من الجريمة ، وتجنيب النفوس أسباب الإغراء والغواية. فتبدأ بآداب البيوت ، والاستئذان على أهلها ، والأمر بغض البصر ، والنهي عن إبداء الزّينة لغير المحارم ، والحضّ على إنكاح الأيامى ، والتحذير من دفع الفتيات إلى البغاء وكلها أسباب وقائية ، لضمانة الطهر والتعفف في عالم الضمير والشعور ، ودفع المؤثرات ،

٧٢

التي تهيج الميول الحيوانية ، وترهق أعصاب المتحرّجين المتطهّرين ، وهم يقاومون عوامل الإغراء والغواية ؛ وتستغرق هذه الفقرة الآيات [٢٧ ـ ٣٤].

الفقرة الثالثة :

تتوسط هذه الفقرة ، مجموعة الآداب التي تضمنتها السورة ، فتربطها بنور الله ، وتتحدث عن أطهر البيوت ، عن الرجال المؤمنين الذين يعمرون بيوت الله.

وفي الجانب المقابل : الذين كفروا ، وأعمالهم الشبيهة بسراب من اللّمعان الكاذب ، أو بظلمات بعضها فوق بعض ثم تكشف الآيات عن فيوض من نور الله في الآفاق : في تسبيح الخلائق كلّها لله ، وفي إزجاء السحاب ، وفي تقليب الليل والنهار ، وفي خلق كلّ دابة من ماء ، ثم اختلاف أشكالها ، ووظائفها ، وأنواعها وأجناسها ، ممّا هو معروض في صفحة الكون ، للبصائر والأبصار ؛ وتستغرق هذه الفقرة الآيات [٣٥ ـ ٤٦].

الفقرة الرابعة :

تتحدث عن مجافاة المنافقين للأدب الواجب مع رسول الله (ص) ، في الطاعة والتحاكم ، وتصوّر أدب المؤمنين الخالص ، وطاعتهم ؛ وتعدهم ، على هذا ، الاستخلاف في الأرض ، والتمكين في الدين ، والنصر على الكافرين ؛ وتستغرق هذه الفقرة الآيات [٤٧ ـ ٥٧].

الفقرة الخامسة :

تستأنف هذه الفقرة الحديث عن آداب الاستئذان والضيافة ، في محيط البيوت بين الأقارب والأصدقاء ، وتتحدّث عن آداب الجماعة المسلمة كلّها ، كأسرة واحدة ، مع رئيسها ومربيها ، رسول الله (ص).

وتكتمل السورة ، بإعلان ملكية الله سبحانه لما في السماوات والأرض ، وعلمه بواقع الناس ، وما تنطوي عليه حناياهم ، ورجعتهم إليه ، وحسابهم على ما يعلمه من أمرهم ، وهو بكل شيء عليم. وتستغرق هذه الفقرة الآيات [٥٨ ـ ٦٤].

أثر السورة في حفظ المجتمع

نلحظ أن سورة النور دعوة هادفة إلى إضاءة القلب بنور الله وذكره ، وتذكّر

٧٣

جلاله وعظمته. وهي سياج للفرد والمجتمع ، من الانحلال والتردي في الخطيئة ، فقد أمرت بغضّ البصر ، وحفظ الفرج ، ونهت عن دخول البيوت بغير إذن وإيذان ، ونهت عن قذف المحصنات ، وبيّنت عقوبة البهتان ، وإلصاق التهم الكاذبة بالمستقيمين ، وذمّت إشاعة الفاحشة ، وأظهرت عجائب صنع الله في إرسال المطر ، وتفصيل أصناف الحيوان ، وحثّت على التوبة والإنابة ، وبذلك أخذت بيد الإنسان ، إلى الطريق الصحيح ، ورفعت عنه عوامل الإحباط والانتكاس ، وبيّنت أن الله مطّلع على كل شيء ؛ فقد ختمت بهذه الآية (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤).

٧٤

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «النور» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة النور بعد سورة الحشر ، ونزلت سورة الحشر بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ، فيكون نزول سورة النور في ذلك التاريخ أيضا.

وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في الآية ٣٥ منها : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، وتبلغ آياتها أربعا وستين آية.

الغرض منها وترتيبها

غرض هذه السورة بيان بعض الأحكام العملية ، التي تتعلق بحفظ الفروج والأعراض ، كحكم الزنا والقذف والنظر ، وغيره من الأحكام الآتية فيها ، وقد جاء فيها ، من الاستطراد ، ما قصد به تنويع أسلوبها ، على عادة القرآن ، إذا أخذ في بيان هذه الأحكام.

وقد ذكرت هذه السورة بعد السورة السابقة ، لأنها ابتدئت بذكر بعض أحكام الإيمان العملية ، على سبيل الإجمال ، وكان من ضمنها حفظ الفروج إلا على الأزواج أو نحوهم ؛ فجاءت هذه السورة بعدها ، لتفصيل الأحكام المتعلّقة بحفظ الفروج والأعراض.

حكم الزّنا

الآيات [١ ـ ٣]

قال الله تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

٧٥

وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١) فبيّن أنه أنزل هذه السورة وقدّر فيها ما قدر من الحدود والأحكام. وهذه الآية فيها براعة مطلع للغرض من السورة ؛ ثم ذكر تعالى حدّ الزنا ، من جلد كل من الزاني والزانية مائة جلدة ، وحرّم زواج الزاني على المؤمنة العفيفة ، وزواج الزانية على المؤمن العفيف.

حكم القذف

الآيات [٤ ـ ٢٦]

ثم قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٤) فذكر حدّ القذف ، وهو ثمانون جلدة ، ثم ذكر أن من يقذفون أزواجهم بالزنا ، وليس لديهم أربعة شهداء على زناهنّ ، يلاعن كلّ منهم الاخر ، فيدرأ لعانه حدّ القذف عنه ، ويدرأ لعانها حدّ الزنا عنها ، وهذا من فضله تعالى ورحمته بهما.

ثم ذكر ، سبحانه ، أنّ حديث الإفك كان شرا كبيرا ، وأوعد الذي تولّى كبره بعذاب عظيم يوم القيامة ، ولام من استمعه من المؤمنين ولم يزجر من قاله ، ثم وعظهم ألّا يعودوا إلى مثله إن كانوا مؤمنين ، وأنذر الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين ، بعذاب أليم في الدنيا والاخرة ، ونهاهم عن اتّباع خطوات الشيطان ، لأنه يأمر بالفحشاء والمنكر ؛ وذكر لهم سبحانه ، أنه ، لو لا فضله عليهم ، لأوقعهم الشيطان في هتك أعراضهم ، فلا يزكو أحد منهم أبدا ؛ ثم أمرهم أن يعاملوا القاذفين بعد إقامة الحدّ عليهم بالعفو والصفح ، فمن كان منهم فقيرا أو كانت له قرابة بالمقذوف وأهله ، فليمضوا في الإحسان إليه ، ولا يقطعوه عنه ؛ ثم عاد إلى إنذار من يقذف المحصنات الغافلات ، باللعن في الدنيا والاخرة ، وبعذاب عظيم ، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ، بما كانوا يعملون ، ثم ختم ذلك بدليل قاطع في براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهو أن الخبيثات يكنّ أزواجا للخبيثين والعكس أيضا يكون ، والطيبات يكن أزواجا للطيبين والعكس أيضا يكون ، ولو كانت عائشة خبيثة ما اختيرت زوجا للنبي (ص).

٧٦

حكم دخول البيوت

الآيات [٢٧ ـ ٢٩]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٢٧) فنهاهم عن دخول بيوت غير بيوتهم ، إلّا بعد الاستعلام والسلام على أهلها ، وأباح لهم أن يدخلوا البيوت التي لا تتّخذ للسكنى ، من غير استئذان ، إذا كان فيها متاع لهم.

حكم النظر

الآيتان [٣٠ ـ ٣١]

ثم قال تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٣٠) ، فأمر الرجال بغضّ البصر عن النساء ، وحفظ فروجهم ؛ وأمر النساء بغض البصر عن الرجال ، وحفظ فروجهن ؛ ونهاهنّ أن يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها ؛ وأمرهنّ أن يضربن بخمرهن على جيوبهنّ ؛ ونهاهنّ أن يظهرن زينتهنّ إلا لبعولتهنّ ، أو غيرهم ممن ذكرهم سبحانه ، وأن يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ.

أحكام أخرى

الآيات [٣٢ ـ ٥٧]

ثم قال تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢) فأمرهم بإنكاح من تأيّم منهم من الأحرار والحرائر ، ومن كان فيه صلاح للنكاح من الغلمان والجواري ؛ وأمر من لا يجد مهرا ، أن يصون نفسه حتى يغنيه ؛ وأمر بمكاتبة الأرقاء إن علموا فيهم خيرا ؛ ونهاهم عمّا كانوا يفعلونه من إكراه فتياتهم على البغاء.

ثم التفت السياق إلى التنويه بشأن القرآن ، الذي نزل بمثل تلك الأحكام ، بجعله نورا من الله تعالى أضاء به السماوات والأرض ؛ وذكر جلّ وعلا أنّ مثل نوره كمشكاة فيها مصباح موضوع في زجاجة ، كأنها كوكب درّيّ ، يوقد من زيتونة ، يكاد زيتها يضيء ، ولو لم تمسسه نار ؛ وذكر أنه يهدي لهذا النور من يشاء ، من رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكره ؛ ثم ضرب مثلا لظلمة الكفر به ، فذكر أنه كسراب بقيعة ، يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، أو

٧٧

كظلمات في بحر لجّي ، يغشاه موج من فوقه موج ، من فوقه سحاب إلخ.

ثم أتبع ذلك ، بذكر بعض الآيات الكونية ، التي تدلّ على صدق ما يدعو إليه من الإيمان به ، فذكر سبحانه أنه يخضع له من في السماوات والأرض وما بينهما ، إلى غير هذا ممّا ذكره من تلك الآيات.

ثم ذكر من ذلك الكفر أشدّه ظلمة ، وهو النفاق الذي يصير بأهله إلى إظهار الإيمان والطاعة ، فإذا دعوا إلى الله ورسوله ، ليحكم بينهم أعرضوا عنه ، إن لم يكن لهم الحق ، وإن كان لهم الحق أتوا إليه مذعنين ؛ ثم ذكر أنهم يقسمون به ، لئن أمرهم بالخروج إلى القتال ليخرجنّ إليه ؛ ونهاهم عن ذلك ، لأن المطلوب منهم طاعة معروفة ، لا أيمان كاذبة ؛ ثم أمر الرسول (ص) أن يأمرهم بتلك الطاعة ، فإن أعرضوا بعد ذلك ، فقد أدّى رسالته ، وليس عليه إلا أن يؤدّيها لهم ؛ ثم وعد من يطيعه ، أن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الطائعين قبلهم ؛ وأمرهم أن يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، ويطيعوا الرسول (ص) في كل ما يأمرهم به ؛ ونهاه أن يظنّ أن أولئك الكفار يعجزونه عن إدراكهم ، ليحقّق وعده لمن آمن به : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٥٧).

حكم دخول البيوت

للغلمان ونحوهم

الآيات [٥٨ ـ ٦١]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) [الآية ٥٨] فأباح لمن ملكت أيمانهم ، ومن لم يبلغ منهم أن يدخلوا عليهم بغير إذن إلا في ثلاثة أوقات : الوقت الذي يكون قبل صلاة الفجر ، ووقت الظهيرة الذي يضعون فيه ثيابهم ، والوقت الذي يكون بعد صلاة العشاء ، فلا يدخلون عليهم فيها إلّا بإذن ؛ ثم ذكر سبحانه ، أنه لا حرج على من انقطعت الرغبة في نكاحهن ، لكبرهنّ ، أن يضعن خمرهنّ عن رؤوسهن ، ولكنّ التستّر خير لهن ؛ وذكر جلّ شأنه ، أنه لا حرج على الأعمى ، والأعرج ، والمريض ، في دخول البيوت ، والأكل منها لحاجتهم ، ولا حرج عليهم أن يأكلوا من بيوت أزواجهم ، أو بيوت آبائهم ، أو نحوهم

٧٨

ممّن ذكرهم ؛ ثم أمرهم إذا دخلوا بيوتا أن يسلّموا على أهلها : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١)

حكم الاجتماع في بيوت الندوة

الآيات [٦٢ ـ ٦٤]

ثم قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) [الآية ٦٢]. فذكر أنه ، إذا اجتمع النبيّ (ص) والمؤمنون ، للتشاور في أمر يهمهم ، لم يجز لهم أن يخرجوا حتى يستأذنوه ، وأمره إذا استأذنوه في الخروج لبعض شأنهم ، أن يأذن لمن يرى له عذرا منهم ، ثم نهاهم أن يتخلّفوا عن دعوته إذا دعاهم للتشاور في أمر من الأمور ، وحذّر الذين لا يجيبون دعوته أن تصيبهم فتنة ، أو يصيبهم عذاب أليم : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤).

٧٩
٨٠