الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٦

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٦

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٣

واستباحوا الفاحشة ، وهدّدوا لوطا بالطّرد والنفي ، فخسف الله قراهم وغطّاها الماء ، ومنها قرية سدوم ، ويظن أنها ثاوية تحت البحر الميّت في الأردن.

أصحاب الأيكة

تستغرق قصة أصحاب الأيكة الآيات [١٧٦ ـ ١٩١].

والأيكة : الشجر الكثيف الملتف ، وهم أهل مدين ونبيّهم شعيب (ع). وكان شأنهم تطفيف الكيل والميزان. وقد أمرهم رسولهم بالعدل والقسط وحسن المعاملة ، فكذّبوا نبيهم فأخذهم عذاب يوم عظيم في يوم حار خانق ، يكتم الأنفاس ويثقل الصدور ، ثم تراءت لهم سحابة فاستظلّوا بها ، فوجدوا لها بردا ، ثم إذا هي الصاعقة المجلجلة المدوية تفزعهم وتدمّرهم تدميرا ، وكان ذلك يوم الظلّة ، فالظّلّة كانت سمة اليوم المعلوم.

(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)).

في أعقاب القصص

الآيات الأخيرة من سورة الشعراء تعقيب على قصص المرسلين فيها ، وتأكيد على بعض أهداف الرسالة السماوية فقد ذكر الله في هذا القصص قضية الرسل والرسالات ، وقصة التكذيب والإعراض ، وقصة التحدي والعقاب. وتمثلت هذه المعاني في قصة موسى مع فرعون ، وقصة ابراهيم مع أبيه وقومه ، وقصة نوح مع قومه ، وقصة هود مع عاد ، وقصة صالح مع ثمود ، وقصة لوط مع قومه ، وقصة شعيب مع أصحاب الأيكة. فلما انتهى القصص عاد السياق إلى موضوع السورة ، وهو العقيدة والإيمان بالله ورسله واليوم الاخر. وقد جاء التعقيب الأخير في السورة يتحدّث عن القرآن ، فيؤكد أنه تنزيل من رب العالمين.

ويشير إلى أن علماء بني إسرائيل يعرفون خبر هذا الرسول وما معه من القرآن : لأنه مذكور في كتب الأوّلين ، ولكن المشركين يعاندون الدلائل الظاهرة ، ويزعمون أنه سحر أو شعر ، ولو أن أعجميا لا يتكلّم العربية نزل عليه هذا القرآن فتلاه عليهم بلغتهم ما كانوا به مؤمنين ، لأن العناد هو الذي يقعد بهم عن الإيمان ، لا ضعف الدليل ، وما تنزلت الشياطين بهذا

١٤١

القرآن على محمد (ص) ، كما تتنزل بالأخبار على الكهّان ؛ وما هو كذلك بشعر ، فإن له منهجا ثابتا ، والشعراء يهيمون في كل واد وفق الانفعالات والأهواء. إنما هو القرآن المنزل من عند الله تذكيرا للمشركين قبل أن يأخذهم الله بالعذاب ، وقبل أن يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون :

(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)).

وقد استغرق هذا التعقيب الأخير على القصص الآيات [١٩٢ ـ ٢٢٧] ، وختم هذا التعقيب بهذا التهديد المخيف الذي يلخص موضوع السورة.

اشتملت تلك السورة على تصوير عناد المشركين ومكابرتهم ، واستهتارهم بالوعيد ، واستعجالهم بالعذاب ، كما شملت مصارع المكذبين على مدار الرسالات والقرون.

١٤٢

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «الشعراء» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة الشعراء بعد سورة الواقعة ، ونزلت سورة الواقعة بعد سورة طه ، وكان نزول سورة طه فيما بين الهجرة إلى الحبشة والإسراء ، فيكون نزول سورة الشعراء في ذلك التاريخ أيضا.

وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لذكر الشعراء في قوله تعالى في الآية ٢٢٤ منها : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤). وتبلغ آياتها سبعا وعشرين ومائتي آية.

الغرض منها وترتيبها

الغرض من هذه السورة التنويه بشأن القرآن ، وقد جاء أولها في تهديدهم على التكذيب به ، وجاء آخرها في إثبات تنزيله ، والتمييز بينه وبين ما تلقي الشياطين على الكهّان والشعراء.

وقد ختمت السورة السابقة بإنذارهم بأن عذابهم سيكون لزاما. فجاءت هذه السورة بعدها ، وفي أولها أنه سبحانه ، إن يشأ ينزل عليهم آية عذاب تخضع لها أعناقهم.

التنويه بشأن القرآن

الآيات [١ ـ ١٩١]

قال الله تعالى : (طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢)) فنوّه بشأن القرآن وحسن بيانه ، ونهى الرسول (ص) أن

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١٤٣

يبالغ في الحزن على تكذيبهم به ، وذكر أنه إن يشأ ينزل عليهم آية عذاب تخضع لها أعناقهم ، وأنه سوف يأتيهم أنباء ما يستهزئون به من إنذارهم بوقوع العذاب عليهم ، ثم أثبت ذلك بأمرين : أولهما ما يرونه من إنباته في الأرض كلّ زوج كريم ، ففي ذلك آية من آيات القدرة الإلهية على تحقيق إنذاره لهم ، ثم ذكر أنه عزيز لا يعجز عن تعذيبهم ، وأنه رحيم يملي برحمته لهم. وثانيهما ما حصل من ذلك ، للأمم قبلهم ، وقد ذكر في هذا السياق موسى مع فرعون ، وقصة إبراهيم مع أبيه وقومه ، وقصة نوح مع قومه ، وقصة هود مع عاد ، وقصة صالح مع ثمود ، وقصة لوط مع قومه ، وقصة شعيب مع أصحاب الأيكة ، وقد ذكرت هذه القصص قبل هذه السورة ، ولكنها هنا تخالف ما سبق منها في سياقها ، وفي بعض زيادات فيها وتغييرات في أسلوبها ، ومن هذا تذييل كل قصة منها بما يبيّن الغرض من ذكرها ، وهو قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٩).

إثبات تنزيل القرآن

الآيات [١٩٢ ـ ٢٢٧]

ثم قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٩٢) فذكر بعد تهديدهم على تكذيبه أنه تنزيله ، وأن جبريل روحه الأمين نزل به على رجل منهم لينذرهم بلسانهم ، ثم أثبت ذلك بما جاء من البشارة به في كتب الأولين ، وبشهادة علماء بني إسرائيل بصدقه ، وذكر أنه لو نزّله على بعض الأعجمين فقرأه عليهم لم يؤمن به أحد منهم ، لنزوله بغير لسانهم.

ثم ذكر تمكّن التكذيب به في قلوب المجرمين من المشركين ، وأنهم لا يؤمنون به حتى يأتيهم ما ينذرهم به من العذاب الأليم ، ثم وبّخهم على استعجالهم ذلك العذاب الأليم ، وذكر أنه سيمتّعهم سنين قليلة ، ثم يأخذهم به فما يغني عنهم شيئا ما تمتّعوا به ، وأنه لا يهلك قرية إلا بعد إنذارهم ، ليكون إهلاكها تذكرة وعبرة لغيرها.

ثم أبطل ما يذكرونه من أنه من إلقاء الشياطين كسائر ما يلقونه على الكهّان والشعراء ، فذكر أنه لم تتنزّل به الشياطين ، لأن مثله مما لا يستطيعه مثلهم ، ولأنهم معزولون عن السمع فلا

١٤٤

يمكنهم أن يتلقوه كما تتلقاه الملائكة ، ثم ذيّل ذلك بنهي الرسول (ص) عن أن يدعو معه إلها آخر لئلّا يقع فيما ينذرون به من العذاب ، ويأمره أن يكتفي بإنذار عشيرته الأقربين ، وأن يخفض جناحه لمن اتّبعه من المؤمنين ، فإن عصوه فليتبرّأ مما يعملون ، وليتوكل على العزيز الرحيم ، فإنه يرى قيامه وصلاته ، ويسمع دعاءه ويعلم حاله.

ثم عاد السياق إلى إبطال زعمهم أنه من إلقاء الشياطين ، فذكر أن الشياطين لا تتنزّل إلّا على كلّ كذّاب أثيم ، فيلقون على الكهّان ما يزعمون أنهم سمعوه من السماء من أكاذيبهم. وذكر أن أمر أكثر الشعراء كأمر الكهان ، فهم ضالون يهيمون في كل واد ، ولا يتورعون عن الكذب في المدح والهجاء وغير هما من فنون الشعر ، ولا يستحون أن يقولوا ما لا يفعلون : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧).

١٤٥
١٤٦

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «الشعراء» (١)

أقول : وجه اتصالها بسورة «الفرقان» أنه تعالى لما أشار فيها إلى قصص مجملة بقوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) (٣٨) [الفرقان]. شرح هذه القصص ، وفصّلها أبلغ تفصيل في الشعراء التي تلي «الفرقان» ، ولذلك رتبت على ترتيب ذكرها في الآيات المذكورة ، فبدئ بقصة موسى (ع) (٢) ، ولو رتبت على الواقع لأخرت قصة موسى كما في «الأعراف».

فانظر إلى هذا السر اللطيف الذي منّ الله بإلهامه.

ولما كان في الآيات المذكورة قوله تعالى : (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) [الآية ٣٨] ، زاد في «الشعراء» تفصيلا لذلك قصة قوم إبراهيم (ع) ، وقوم لوط (ع) ، وقوم شعيب (ع).

ولما قال سبحانه في «الفرقان» :

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ : ١٩٧٨ م.

(٢). بدئ بقصة موسى من قوله تعالى : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) [الآية ١٠] وما بعدها.

ثم نوح (ع) في قوله سبحانه : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (١٠٥) وما بعد هذه الآية. ثم قبيلة عاد في قوله جلّ وعلا : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ) (١٢٣). وهكذا على ترتيب آيات الفرقان.

١٤٧

(وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) (٦٣) ، ثم قال : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٧٢) [الفرقان] ، فختم هذه السورة بذكر الشعراء الذين هم بخلاف ذلك ، واستثنى منهم من سلك سبيل أولئك ، وبيّن ما يمدح من الشعر ، ويدخل في قوله تعالى : (سَلاماً). وما يذم منه ، ويدخل في اللغو (١).

__________________

(١). وذلك من قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤) الى آخر السورة [الآية ٢٢٧].

١٤٨

المبحث الرابع

مكنونات سورة «الشعراء» (١)

١ ـ (فَجُمِعَ السَّحَرَةُ) [الآية ٣٨].

أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان السّحرة سبعين رجلا.

وعن كعب قال : كانوا اثني عشر ألفا.

وعن أبي ثمامة قال : كانوا سبعة عشر ألفا.

وعن محمد بن كعب القرظي : كانوا ثمانين ألفا.

وعن السّدّي قال : كانوا بضعة وثلاثين ألفا.

وعن ابن جرير قال : ابن زيد (٢) إن اجتماعهم كان في الإسكندرية.

وسمّى ابن إسحاق رؤساءهم : سابور ، وعازور ، وخطخط ، ومصفي ، وشمعون.

٢ ـ (فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ) [الآية ٤٥].

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : عصا موسى اسمها : ماشا.

وقيل : نبعة. حكاه في «الكشاف».

٣ ـ (لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) [الآية ٥٤].

أخرج ابن أبي حاتم ، عن طريق مجاهد عن ابن عباس قال : كان أصحاب موسى ستمائة ألف. وأخرج مثله عن ابن مسعود وغيره.

وأخرج ، من طريق آخر ، عن ابن مسعود : أنهم ستّمائة ألف وسبعون ألفا.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.

(٢). زيادة من «تفسير الطبري».

١٤٩

وعن قتادة : أنهم خمسمائة وثلاثة آلاف وخمسمائة.

وعن السّدّي : ستمائة ألف وعشرون ألفا.

٤ ـ (أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الآية ١٩٧]. أخرج ابن أبي حاتم ، وابن سعد ، عن عطية في هذه الآية قال : كانوا خمسة : أسد ، وأسيد ، وابن يامين ، وثعلبة ، وعبد الله بن سلام.

١٥٠

المبحث الخامس

لغة التنزيل في سورة «الشعراء» (١)

١ ـ وقال تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (٤).

فقالوا : كيف صح مجيء «خاضعين» خبرا عن «الأعناق»؟

الجواب : أصل الكلام : فظلّوا لها خاضعين فأقحمت «الأعناق» لبيان موضع الخضوع.

وقرئ : (فظلّت أعناقهم لها خاضعة).

أقول : والقراءة الصحيحة التي توافق العربية القراءة الأخيرة ، غير أني أرى أن في القراءة المثبتة في المصحف ، وهي موضع درسنا ، مراعاة للتناسب في فواصل الآيات ، فقد بنيت هذه الفواصل على أن تنتهي بالنون في كلمات موزونة على بناء واحد أو متشابه وهي : مؤمنين ، خاضعين ، معرضين ، يستهزئون ، كريم ، رحيم ، مؤمنين ، ظالمين.

أقول أيضا : إن مراعاة التناسب في الأصوات والأوزان متطلّبة في آي القرآن ، ألا ترى أن قوله تعالى : (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (٨٧) [البقرة] ، قد جاء في هذا السياق؟.

فتقديم المفعول على (تقتلون) ، يخدم ما أشرنا إليه لإحكام النظم وحسن الأداء ، وإحداث الأثر في النفوس.

٢ ـ وقال تعالى : (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) [الآية ٢٤].

أقول : إن احتساب السماوات

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «بديع لغة التنزيل» لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.

١٥١

والأرض مثنّى بدلالة الضمير في «بينهما» مثل قوله تعالى :

(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) [الأنبياء : ٣٠].

وقد كنا قلنا في هذه المسألة ما فيه الكفاية في الآية التي أشرنا إليها من سورة الأنبياء.

٣ ـ وقال تعالى : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) (٣٦).

وقرئ : أرجئه وأرجه : بالهمز والتخفيف ، وهما لغتان. يقال : أرجأته وأرجيته إذا أخّرته. ومنه المرجئة أصحاب المقولة المعروفة.

وقوله تعالى : (حاشِرِينَ) ، أي : شرطا ، جمع حاشر.

٤ ـ وقال تعالى : (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (٤٦).

أي : أن السّحرة حين رأوا ما رأوا لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض ساجدين. والمعنى خرّوا أو سقطوا ؛ وإنما عبّر بالإلقاء عن هذا المعنى ، لأنه ذكر مع الإلقاءات التي وردت في الآيتين اللتين سبقتا :

(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ).

٥ ـ وقال تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (٥٤).

وقوله تعالى : (لَشِرْذِمَةٌ) أي : لجماعة قليلة ، ومن ذلك قولهم ، ثوب شراذم ، أي : بلي وتقطّع قطعا.

أقول : لقد وصفت «الشرذمة» ، وهي الجماعة القليلة ، بقوله تعالى (قَلِيلُونَ) مراعاة للمعنى ، أي : أن الجماعة جماعة ذكور.

٦ ـ وقال تعالى : (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) (٥٦).

وقوله سبحانه : (حاذِرُونَ) : جمع حاذر وهو اليقظ والذي يجدّد حذره.

أقول : وقرئ : حادرون ، بالدال المهملة ، والحادر السمين القوي.

أي : أنهم أقوياء أشدّاء.

٧ ـ وقال تعالى : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٥٧).

أقول : ومن المفيد أن نلاحظ أن «عين الماء» لم تجمع في القرآن إلا على «عيون» ، في حين أن العين الباصرة جمعت على «أعين».

١٥٢

٨ ـ وقال تعالى : (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الآية ٦٣].

الفرق : هو الجزء المتفرّق منه ، وقرئ : «فلق».

أقول : ومجيء «فرق» بالكسر فالسكون لكونه اسما ، والمصدر على «فعل» بالفتح فالسكون ، وكنا قد عرضنا لهذه المسألة غير مرة.

٩ ـ وقال تعالى : (كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ) (١٢٣).

ومثل هذه الآية : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) (١٠٥).

وقوله سبحانه : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) (١٤١).

وقوله جلّ وعلا : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ) (١٦٠).

ومثله قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ).

أقول : لقد لحقت تاء التأنيث الفعل على أن الفاعل مؤنث ، وعلى هذا تكون «عاد» ، بمعنى أمّة ، وكذلك ثمود. أما «قوم» فمعناها قبيلة أو جماعة. ولو روعي اللفظ لعدّت مذكرة ، كما ورد في آيات كثيرة ، وكنا عرضنا لشيء من هذا.

١٠ ـ وقال تعالى : (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) (١٨٤).

وقرئ : الجبلة بوزن الخلقة ، والجبلّة بوزن الأبلّة ، والمعنى واحد.

أقول : ووصف الجبلّة ، وهي مؤنث بالأولين ، جاء لمراعاة المعنى ، كما في قوله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (٥٤).

١١ ـ وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) (١٩٦) [الآية ١٩٦].

وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ) ، أي : القرآن في (زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) (١٩٦) أي : في سائر الكتاب السماوية. والزبر جمع زبور وهو الكتاب المكتوب.

وكنا قد مررنا على هذه الكلمة في آية سابقة.

١٢ ـ وقال تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) (١٩٩).

أقول : وقوله سبحانه : (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) أي ، واحد من الأعجمين ، وهنا أفادت كلمة (بعض) الواحد بدلالة قوله جلّ وعلا : (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ).

١٣ ـ وقال تعالى : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) (٢١٠).

١٥٣

أقول : قرأ الحسن : «الشياطون» ، ووجهه أنه رأى آخره كآخر يبرين وفلسطين ، فتخيّر بين أن يجري الإعراب على النون ، وبين أن يجريه على ما قبله فيقول : الشياطين والشياطون ، كما تخيّرت العرب بين أن يقولوا : هذه يبرون ويبرين ، وفلسطون وفلسطين.

وحمل الفرّاء قراءة الحسن على الغلط.

١٥٤

المبحث السادس

المعاني اللغوية في سورة «الشعراء» (١)

قال تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الآية ٤]. يزعمون انها على الجماعات نحو «هذا عنق من الناس» يعنون «الكثير» أو ذكّر كما يذكّر بعض المؤنث لمّا أضافه الى مذكّر. وقال الشاعر (٢) [من الطويل وهو الشاهد السادس والخمسون بعد المائتين] :

باكرتها والدّيك يدعو صباحه

إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (٣)

فجماعات هذا «أعناق» ، أو يكون ذكّره لإضافته إلى المذكّر كما يؤنّث لإضافته الى المؤنث نحو قوله (٤) [من الطويل وهو الشاهد السابع والخمسون بعد المائتين] :

وتشرق بالقول الذي قد أذعته

كما شرقت صدر القناة من الدّم

وقال آخر [من الرجز وهو الشاهد الثامن والخمسون بعد المائتين] :

لما رأى متن السّماء انقدّت

وقال (٥) [من الطويل وهو الشاهد

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «معاني القرآن» للأخفش ، تحقيق عبد الأمير محمد أمين الورد ، مكتبة النهضة العربية وعالم الكتاب ، بيروت ، غير مؤرّخ.

(٢). هو النابغة الجعدي. شعر النابغة الجعدي ٤ ، والكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ٢٤٠ ، وشرح المغني للسيوطي ٢٦٥ ، واللسان «نعش» ، والصاحبي ٢٥٠.

(٣). في الديوان «شربت بها» بدل «باكرتها» ، وكذلك في شرح شواهد المغني للسيوطي والمغني ٢ : ٣٦٥ ، وفي مجاز القرآن ٢ : ٨٣ و ٩٣ ب «شربت» إذا ما الديك ، وفي مجاز القرآن ١ : ٢٧٦ و ٢ : ٣٨ ، و «اللسان» الصحاح» «نعش» ب «تمززتها» بدل «شربت بها».

(٤). هو الأعشى ميمون. الصبح المنير ٩٤ ، والكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ٢٥.

(٥). هو الفرزدق. ديوانه ٢ : ٥٥٢ ، والصحاح واللسان «قبض».

١٥٥

التاسع والخمسون بعد المائتين] :

إذا القنبضات السّود طوّفن بالضّحى

رقدن عليهنّ الحجال المسجّف

و (القنبض) : القصير. وقال آخر (١) [من الطويل وهو الشاهد الستون بعد المائتين] :

وإنّ امرأ أهدى إليك ودونه

من الأرض موماة وبيداء خيفق (٢)

لمحقوقة أن تستجيبي لصوته وأن تعلمي أنّ المعان موفّق (٣) فأنّث. والمحقوق هو المرء. وانما أنث لقوله «أن تستجيبي لصوته» ويقولون : «بنات عرس» و «بنات نعش» و «بنو نعش» وقالت امرأة من العرب «أنا امرؤ لا أحبّ الشرّ». وذكر لرؤبة رجل فقال «كان أحد بنات مساجد الله» كأنه جعله حصاة.

وقال تعالى : (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الآية ١٦] وهذا يشبه ان يكون مثل «العدوّ» وتقول «هما عدوّ لي».

وقال تعالى : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَ) [الآية ٢٢] فيقال هذا استفهام كأنّه قال «أو تلك نعمة» ، ثم جاء التفسير بقوله تعالى : (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الآية ٢٢] وجعله بدلا من النعمة.

وقال : (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) [الآية ٧٢] أي : «هل يسمعون منكم» أو «هل يسمعون دعاءكم». فحذف «الدعاء» كما قال الشاعر (٤) [من البسيط وهو الشاهد الحادي والستون بعد المائتين] :

القائد الخيل منكوبا دوابرها

قد أحكمت حكمات القدّ والأبقا (٥)

يريد : أحكمت حكمات الأبق. فحذف «حكمات» وأقام «الأبق»

__________________

(١). هو الأعشى ميمون. الصبح المنير ١٤٩ ومجاز القرآن ١ : ٢٤٤ و ٢ : ٣٩ و ٤٧.

(٢). في الديوان «أسرى» بدل «أهدى» و «فياف تنوفات» بدل من «الأرض موماة» وفي الإنصاف ١ : ٤٣ «أسرى» أيضا. وفي مجاز القرآن ١ : ٢٤٤ «بهماء» بدل «بيداء». وفي مجاز القرآن ٢ : ٤٧ «سملق» بدل «خيفق».

(٣). في الإنصاف ١ : ٤٢ «دعاءه» بدل «لصوته».

(٤). هو زهير بن ابي سلمى المزني. ديوانه ٤٩ ، والتهذيب ٩ : ٣٥٥ «ابق» ، والصحاح واللسان «أبق» و «حكم». «وزهم».

(٥). البيت بهذه الصيغة في المصادر السابقة ، وهناك بيت آخر لزهير أيضا في ديوانه ٤٤ و ١٥٣ ، والكامل ٢ : ٦٠٨ ، واللسان والصحاح «حكم» و «زهم» صدر كصدره ؛ أما عجزه فهو : «منها الشنون ومنها الزاهق الزهم».

١٥٦

مقامها. و «الأبق» : الكتّان (١).

وقال تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ) [الآية ١٩٧] ، اسم في موضع رفع مثل (ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) [الجاثية : ٢٥]. ولكن هذا لا يكون فيه إلا النصب في الأول (أَنْ يَعْلَمَهُ) هو الذي يكون آية ، وقد يجوز الرفع ، وهو ضعيف (٢).

وقال تعالى : (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) [الآية ١٩٨] واحدهم «الأعجم» وهو إضافة كالأشعرين. وقال تعالى : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ) ليس بمعطوف على (حتّى) وإنّما هو جواب لقوله سبحانه (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) فلما كان جوابا للنفي انتصب ، وكذلك (فَيَقُولُوا) [الآية ٢٠٣] إنّما هو جواب للنفي.

وقال تعالى : (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (٢٥) [يس] (٣) أي : فاسمعوا مني.

__________________

(١). نقله في إعراب القرآن ٢ : ٧٥٥ و ٧٥٦ والجامع ١٣ : ١٠٩.

(٢). نصب (آية) قراءة نسبت في السبعة ٩٧٣ ، والكشف ٢ : ١٥٢ ، والتيسير ١٦٦ ، والجامع ١٣ : ١٢٩ ، إلى غير ابن عامر ؛ أمّا القراءة برفع (آية) فنسبت في المراجع السابقة كلّها الى ابن عامر وحده ؛ وفي البحر ٧ : ٤١ زاد الجحدري.

(٣). لا مسوّغ لا يراد هذه الآية في هذا الموضع.

١٥٧
١٥٨

المبحث السابع

لكل سؤال جواب في سورة «الشعراء» (١)

إن قيل : لم قال تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الآية ٤] والأعناق لا تخضع؟

قلنا : قيل أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع وترك الكلام على أصله ، كقولهم ذهبت أهل اليمامة ، كأنّ كلمة أهل غير مذكورة. ومثله قول الشاعر :

رأت مرّ السّنين أخذن منّي

كما أخذ السّرار من الهلال

أو لمّا وصفت الأعناق بالخضوع ، الذي هو من صفات العقلاء ، جمعت جمع العقلاء كقوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤]. وقيل : الأعناق رؤساء الناس ومقدّموهم ، شبهوا بالأعناق ، كما قيل لهم الرؤوس والنواصي والوجوه ، وقيل : الأعناق الجماعات ؛ يقال : جاءني عنق من الناس أي جماعة ، وقيل إن ذلك لمراعاة الفواصل.

فإن قيل : لم قال تعالى : (فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الآية ١٦] بالإفراد ، وقال تعالى في موضع آخر : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧] بالتثنية؟

قلنا : الرسول يكون بمعنى المرسل فيلزم تثنيته ، ويكون بمعنى الرسالة التي هي مصدر فيوصف به الواحد والاثنان والجماعة كما يوصف بسائر المصادر ، والدليل على أنه يكون بمعنى الرسالة قول الشاعر :

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

١٥٩

لقد كذب الواشون ما بحت عندهم

بسرّ ولا أرسلتهم برسول

 أي برسالة. الثاني : أنهما ، لاتّفاقهما في الأخوّة والشريعة والرسالة ، جعلا كنفس واحدة. الثالث : أن تقديره : أن كل واحد منا رسول رب العالمين. الرابع : أن موسى (ع) كان الأصل ، وهارون (ع) كان تبعا له ، فأفرد إشارة إلى ذلك.

فإن قيل : لم قال موسى (ع) ، كما ورد في التنزيل ، معتذرا عن قتل القبطي : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٠) والنبيّ لا يكون ضالا؟

قلنا : أراد به وأنا من الجاهلين.

وقيل أراد من المخطئين ، لأنه ما تعمد قتله. كما يقال : ضلّ عن الطريق إذا عدل عن الصواب إلى الخطأ. وقيل من الناسين ، كقوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) [البقرة : ٢٨٢].

فإن قيل : لم قال فرعون ، كما ورد في التنزيل : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٣) ، ولم يقل ومن رب العالمين؟

قلنا : هو كان أعمى القلب عن معرفة الله سبحانه وتعالى ، منكرا لوجوده ؛ فكيف ينكر عليه العدول عن «من» إلى «ما». الثاني أن «ما» لا تختص بغير العاقل بل تطلق على العاقل وسواه ، قال الله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣].

وقال الله تعالى : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) [الكافرون : ٣ و ٥].

فإن قيل : لم قال موسى (ع) كما ورد في التنزيل : (قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) (٢٤) ، علق كونه تعالى رب السماوات والأرض وما بينهما ، بشرط كون فرعون وقومه موقنين ، وهذا الشرط منتف ، والربوبية ثابتة فكيف صح التعليق؟

قلنا : معناه الأول إن كنتم موقنين أن السماوات والأرض وما بينهما موجودات ، وهذا الشرط موجود. الثاني : أن «إن» نافية لا شرطية.

فإن قيل : إنّ ذكر السماوات والأرض وما بينهما قد استوعب ذكر المخلوقات كلها ، فما الحكمة في قوله تعالى بعد ذلك : (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (٢٦) وقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) [الآية ٢٨]؟

١٦٠