الوصائل إلى الرسائل - ج ١

آية الله السيد محمد الشيرازي

الوصائل إلى الرسائل - ج ١

المؤلف:

آية الله السيد محمد الشيرازي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٢
ISBN: 964-7263-00-7
ISBN الدورة:
964-7263-04-X

الصفحات: ٣٧٢

دخل في المخالفة للخطاب المعلوم بالاجمال الذي عرفت فيه الوجوه المتقدّمة.

وكذا من جهة دخول المحمول واستيجاره الحامل مع قطع النظر عن حرمة الدخول والادخال عليه او فرض عدمها ، فانه علم اجمالا صدور أحد المحرّمين إمّا دخول المسجد جنبا أو استيجار جنب للدخول في المسجد ،

______________________________________________________

الاول ـ ولا جامع ـ كما في الاحتمال الثاني ـ (دخل) الفعلان (في المخالفة للخطاب المعلوم بالاجمال) فانه قد فعل احد الحرامين ، اما دخول الجنب ، أو ادخال الجنب (الذي عرفت فيه) اي في هذا الخلاف بارتكاب شيئين احدهما محرم (الوجوه) الاربعة (المتقدمة) ومضى فيها ان الاقوى هو الحرمة.

هذا تمام الكلام في الحامل ، وانه فاعل للحرام التفصيلي او الحرام الاجمالي ، اما بالنسبة الى المحمول الذي استأجر الحامل ليدخله المسجد ، فانه ايضا فاعل للحرام اجمالا ، وذلك اما من جهة دخوله اذا كان هو بنفسه جنبا ، او من جهة استيجاره اذا كان حامله جنبا والى هذا أشار بقوله :

(وكذا) يتحقق الحرام في جانب المحمول (من جهة دخول المحمول واستيجاره الحامل).

نعم ، اذا ادخله بدون استيجاره ، لم يعلم المحمول انه فعل حراما اجمالا ، لانه لم يسبب دخول الحامل بالاستيجار.

هذا (مع قطع النظر عن حرمة الدخول والادخال عليه) اي على الحامل ، فانه سواء فرضنا ان الحامل حرام عليه (او فرض عدمها) اي عدم الحرمة على الحامل (فانه) اي المحمول (علم اجمالا : صدور احد المحرمين) منه (إمّا دخول المسجد جنبا ، او استيجار جنب للدخول في المسجد) وكذا اذا لم يستأجره

٣٤١

الّا ان يقال بأنّ الاستيجار تابع لحكم الأجير ، فاذا لم يكن هو في تكليفه محكوما بالجنابة وابيح له الدخول في المسجد صحّ استيجار الغير له.

______________________________________________________

وانّما امره بذلك ، فنفذ الحامل الامر ، لان الامر بالمنكر حرام ، فالمحمول يعلم انه اما دخل جنبا واما امر بالمنكر.

(إلّا ان يقال) : ان المحمول لا يعلم بارتكاب احد المحرمين ، لان الحامل يجوز له الدخول ـ من جهة اجرائه البراءة ـ والمحمول استأجر من يجوز له الدخول (ب) سبب (ان الاستيجار تابع لحكم الاجير) فمن جاز له الدخول في المسجد لاجرائه الاصل ، او لفرض قطعه بانه ليس بجنب ، جاز للغير ايضا استيجاره ، ومن لا يجوز له الدخول في حدّ نفسه ، ولو باجرائه الاصل ، كما اذا كان جنبا ثم شك في انه تطهر ، فاجرى اصل عدم التطهر ، لا يجوز للغير استيجاره ، وحيث ان الاجير في المقام شاك في جنابة نفسه ، جاز له الدخول فجاز للغير استيجاره.

(فاذا لم يكن هو) اي الاجير الحامل (في تكليفه) في حدّ نفسه (محكوما بالجنابة ، وابيح له الدخول في المسجد ، صح استيجار الغير له) من غير اشكال.

لكن المستظهر فقهيا : ان كل واحد من الحامل والمحمول لا يحق له ذلك ، حيث انه يعلم بارتكاب الحرام في الجملة ، والتفصيل في الفقه.

ومما تقدّم ، يعرف حال شخصين كان احدهما جنبا فاستأجرهما ثالث للعبادة عن ميّته ، او ليحجّا حجين عن ميته ، او يقضيا الصيام عنه ، او استأجرهما لكنس المسجد ، او علم بان احدى المرأتين اخت احد الرجلين من الرضاعة ، ومع ذلك زوجهما لهما ، او علم بان احد المالين غصب لا يملكه المستولي عليه ، ومع ذلك

٣٤٢

ومنها : اقتداء الغير بهما في صلاة او صلاتين.

فان قلنا بأنّ عدم جواز الاقتداء من أحكام الجنابة الواقعية ، كان الاقتداء بهما في صلاة واحدة موجبا للعلم التفصيليّ ببطلان الصلاة ، والاقتداء بهما في صلاتين من قبيل ارتكاب الإناءين ،

______________________________________________________

اجرى صيغة البيع عن كلا المالين ، الى غيرها من الامثلة الكثيرة.

نعم ، فيما اذا كان الطرف يعتقد بدين يرى حليّة هذه الامور ، جرت فيه قاعدة الالزام ، على ما ذكر في محله.

(ومنها : اقتداء الغير بهما في صلاة) واحدة ، كما اذا صلّى مقتديا بامام ثم حدث للامام حدث فاستناب هو ، او اناب المأمومون مكانه آخر ، وكان احد هذين الامامين جنبا قطعا (او) في (صلاتين) كأن صلّى الظهر مع زيد ، والعصر مع عمرو.

(فان قلنا : بان عدم جواز الاقتداء من احكام الجنابة الواقعية) فالجنابة حيث انها حدث ، فالصلاة باطلة مع الجنابة ، اماما كان الجنب او مأموما بخلاف الخبث حيث انه مبطل مع العلم ، لا مع الشك والجهل ـ كما قرر في الفقه ـ لاختلاف دليلهما من هذه الجهة (كان الاقتداء بهما في صلاة واحدة ، موجبا للعلم التفصيلي ببطلان الصلاة) فيما اذا لم يأت المأموم بتكليف المنفرد ، وإلّا لم يكن وجه للبطلان.

أو كانت الصلاة صلاة الجمعة ـ مثلا ـ حيث ان صحتها مشترطة بالجماعة ، وإلّا فبطلان صلاة الامام لا يوجب بطلان صلاة المأموم.

(و) على البطلان ، يكون (الاقتداء بهما) اي بامامين (في صلاتين من قبيل ارتكاب الإناءين) لعلمه الاجمالي : بانه اما بطلت ظهره او عصره ، وهكذا

٣٤٣

والاقتداء بأحدهما في صلاة واحدة كارتكاب أحد الإناءين.

وإن قلنا إنّه يكفي في جواز الاقتداء عدم جنابة الشخص في حكم نفسه ، صحّ الاقتداء في صلاة ، فضلا عن صلاتين ، لأنّهما طاهران بالنسبة الى حكم الاقتداء.

والأقوى هو الأوّل ، لأنّ الحدث مانع

______________________________________________________

في سائر الصلوات.

(و) يكون (الاقتداء باحدهما) فقط اي باحد الامامين المردّدين في كون احدهما جنبا (في صلاة واحدة ، كارتكاب احد الإناءين) فاذا شك في صحتها ، كان الاصل الاشتغال ، الّا على مذهب من يقول : بجواز الارتكاب في احد اطراف الشك لكنّا لم نختره فيما سبق.

(وان قلنا : انه يكفي في جواز الاقتداء عدم جنابة الشخص) الذي هو الامام (في حكم نفسه) فاذا راى الامام نفسه طاهرا صح الاقتداء به ، وان كان في الواقع جنبا كما في الخبث ، فانه يصح الاقتداء بالامام اذا كان بدنه او لباسه نجسا مع عدم العلم به.

وعلى هذا (صح الاقتداء) بالامامين (في صلاة) واحدة (فضلا عن صلاتين) لان أيّا منهما لا يرى نفسه جنبا ، وقد عرفت : ان المعيار في عدم جواز الاقتداء ، هو ان يرى الامام نفسه جنبا (لانهما) معا (طاهران بالنسبة الى حكم الاقتداء) فان المانع الجنابة المعلومة للمكلف الذي هو الامام ، والحال ان احدا من الامامين لا يعلم بجنابته.

(والاقوى) فقهيا : (هو الاول) اي عدم جواز الايتمام لا بصلاة واحدة ولا بصلاتين (لان الحدث) في باب الايتمام ـ حسب ما يستفاد من ادلته ـ (مانع

٣٤٤

واقعيّ لا علميّ.

نعم ، لا إشكال في استيجارهما لكنس المسجد ، فضلا عن استيجار أحدهما ، لأنّ صحّة الاستيجار تابعة لاباحة الدخول لهما ، لا للطهارة الواقعيّة ، والمفروض إباحته لهما.

وقس على ما ذكرنا جميع ما يرد عليك

______________________________________________________

واقعي لا) مانع (علمي).

وكذلك فيما اذا علم المأموم : أن احد الامامين الذي يقتدي بهما في صلاة واحدة ، او في صلاتين ، غير متوضئ ، لان الوضوء شرط واقعي لا شرط علمي ، وقد تقدّم : ان حال الحيض كحال الجنابة ، فيما اذا اقتدت المرأة بمرأتين في صلاة واحدة ، او في صلاتين ، الى غير ذلك.

(نعم ، لا اشكال في استيجارهما) معا (لكنس المسجد ، فضلا عن استيجار احدهما) وانّما قال : «فضلا» لانه في استيجارهما يعلم تفصيلا بادخاله الجنب في المسجد ، بينما ليس كذلك في استيجار احدهما ، فانه لا يعلم بل يحتمل انه ادخل الجنب المسجد (لان صحة الاستيجار تابعة لاباحة الدخول لهما) اي لكل من الاجيرين في حدّ نفسه ، والاجير يباح له الدخول ، لان الطهارة الحديثة شرط علمي في الاستيجار ، لا شرط واقعي ، ولذا قال : (لا للطهارة الواقعية) كما هي شرط في الصلاة ، هذا (والمفروض اباحته) اي الدخول (لهما) اي لكل من الاجيرين الذين يعلم المستأجر إن احدهما جنب.

لكن لا يخفى : ان ظاهر ادلة الشرط هو : الواقعية ، الّا ان يدل دليل خاص على علمية الشرط في الاستيجار ، ووجود دليل خاص متوقف على التتبع والتأمّل.

(وقس على ما ذكرنا جميع ما يرد عليك) من الفروع في العلم الاجمالي ،

٣٤٥

مميّزا بين الأحكام المتعلّقة بالجنب ، من حيث الحدث الواقعيّ ، وبين الأحكام المتعلّقة بالجنب ، من حيث انّه مانع ظاهريّ للشخص المتّصف به.

______________________________________________________

وحكم الذي يأتي بطرف واحد ، منه ، او بكلا الطرفين ، مع اختلاف الامثلة وكثرتها.

مثلا : اذا علم القاضي بأنّ أحد هذين الرجلين أخ لهذه المرأة من الرضاعة ، فهل يتمكن من عقدها لاحدهما ، فيكون الاتيان بطرف؟

أو يعقدها لهما : كما اذا طلقها الاول ، ثم عقدها القاضي للثاني ، حيث في الاول يحتمل انه عقد الاخ على اخته ، وفي الثاني يعلم بانه عقدها للاخ ، فان هذه المسألة اشكل من مسألة النجاسة في الصلاة ، لما ورد من الاحتياط الشرعي في الفروج.

وفي مسألة الجنب يجب ان يكون المكلّف (مميّزا بين الاحكام المتعلقة بالجنب من حيث الحدث الواقعي) وان الواقع هو المعيار (وبين الاحكام المتعلقة بالجنب من حيث انه مانع ظاهري) فالشرط علمي (للشخص المتصف به) او لغيره.

وهكذا في كل مورد يجب ملاحظة ادلة ذلك المورد ، وانه ما هو المستفاد منها في كل الاحكام الوضعية والتكليفية له او لغيره اذا علم بنفسه او علم من يرتبط ذلك به.

مثلا : لو اعتقد الاب بانه طاهر وصلّى ثم مات ، فهل يجب على ولده الاكبر مع علمه بان اباه كان غير متوضئ او غير مغتسل ، او كان متوضيا او مغتسلا بماء نجس قضاء تلك الصلاة عنه؟ وهكذا في حجّة ، وصومه ، وما أشبه ذلك ،

٣٤٦

الخنثى

وأمّا الكلام في الخنثى :

______________________________________________________

كل حسب فقده الشرط ، او الجزء ، او وجود مانع او قاطع فيه.

وهكذا حال ما اذا علم المأموم في صلاة الجمعة علما اجماليا او تفصيليا :

بأنّ امامه ، او هو او احد المأمومين جنب ، حيث اذا نقص من العدد بطلت الجمعة ، لانها متوقفة على عدد خاص : خمسة او سبعة ، الى غير ذلك مما هو كثير.

الخنثى

(واما الكلام في الخنثى) المشكل ، فانه مبتلى بالعلم الاجمالي في نفسه ، لانه ان كان ذكرا حرم عليه ان يكون زوجة ، وان كان انثى حرم عليه ان يكون زوجا ، الى غير ذلك من الاحكام ، والكلام فيه كون في الموضوع تارة ، وفي الحكم اخرى :

الاول : في انه هل الخنثى طبيعة ثالثة؟ يعني : انه لا ذكر ولا انثى ، بل هو شيء ثالث ، او انه احدهما؟.

الثاني : في انه على تقدير كونه احدهما ، كيف يميّز ذلك حتى يكون حكمه حكم المتميّز من الذكر أو الانثى؟ وعلى تقدير كونه طبيعة ثالثة ، ما هي احكامه؟.

ظاهر الآية الكريمة : انه احدهما لا طبيعة ثالثة ، قال سبحانه : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ)(١).

واما ما ورد : من انه يعطى نصفي الذكر والانثى في الارث ، فمن باب قاعدة

__________________

(١) ـ سورة الشورى : الآية ٤٩.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

العدل وهو كذلك في كل مورد مالي مشتبه ، كما اذا مات الوارث قبل القسمة وترك وارثا ، ولم نعلم ان الوارث كان ذكرا او انثى ، وهكذا في سائر موارد الاشتباه المالي.

وقاعدة العدل وان لم نجد بها رواية بهذا اللفظ ، الّا انها مستفادة من روايات متعددة فوق العشرة ، في مختلف الابواب ، مما يفهم منها الملاك عرفا.

ثم نرجع الى الخنثى ، فنقول : هو إما ذكر أو انثى ، فان عرفنا انه ايهما بالقواعد المقررة في الفقه ، فلا كلام ، وان لم نعرف انه ايهما بها ، وانّما عرفنا ذلك بسبب العلم الحديث ـ مثلا ـ فلا اشكال ايضا من جهة العلم.

واما وان لم نحصل على دليل او علم ، فهل الميزان : القرعة ، كما قال به بعض؟.

او انه مكلف باجراء الاحكام المشتركة دون الاحكام المختصة ـ إذ له البراءة منها ـ كما هو احتمال؟.

او انه يحتاط بالجمع بين امرين بأن لا يتزوج ـ مثلا ـ ولا يتزوج به ، وهكذا كما قال به جمع؟.

او انّ اختيار جعل نفسه ذكرا او انثى بيده كما قال به بعض؟.

احتمالات ، والاقرب عندنا : الاخير ، «لان الناس مسلّطون على انفسهم» (١) الا ما خرج قطعا ، وليس المقام مما خرج بالقطع.

هذا ، بالاضافة الى ان في الجمع بين الحكمين : عسر أكيد وحرج شديد ، والقرعة : بحاجة الى العمل ، بل وظاهر رواية اعطائه نصف النصيبين ، ينفي

__________________

(١) ـ مستفاد من قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) سورة الاحزاب : الآية ٦.

٣٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

القرعة ايضا ، والبراءة معناها : ان له ان يتزوج ويتزوج به وهو ضروري العدم ، والكلام في هذا الباب طويل ، وانّما كان قصدنا الالماع فقط ، غير انه بقي هنا امران ، لا بأس بالاشارة اليهما :

الاول : لا يبعد ان ما ورد في بعض الروايات : من حساب الاضلاع ان يكون من باب التقية ، او من باب الالزام ، ومن باب كلّم الناس على قدر عقولهم ، شياعه بين الناس ، وذلك لانه قد شهد جماعة من ذوي الاختصاص في التشريح : بانه لا تفاوت بين اضلاع الرجل والمرأة ، اللهم الّا ان يكشف العلم صحة ذلك الذي ورد في الروايات ببعض الوجوه المحتملة.

الثاني : قد اشتهر في بعض المطبوعات : ان بعض علماء الطب تمكن من قطع رأس قرد وزرعه على جثة قرد آخر وكذلك في الكلب ، وقد عاش الحيوان المركب منهما.

وانهم اليوم بصدد اجراء هذا الامر في الانسان ، فان صح ذلك وتحقق في المستقبل ، فهل هذا الانسان المركب من رأس زيد وبدن عمرو ، محكوم بحكم زيد او بحكم عمرو؟ او انسان ثالث؟ او يتّبع حكم مداركه في انها بعد التركيب مدارك زيد او مدارك عمرو؟ او انه كالخنثى المشكل؟.

احتمالات ، وان كان لا يبعد انه بحسب الرأس اذا بقيت مداركه على ما كانت عليه قبل التركيب فرأس زيد ، زيد سواء كان على جسده ، او جسد عمرو ، فكما ان تغيير كل اجزاء بدنه من يده ، او رجله او قلبه ، او ما اشبه ، لا يغير حقيقة كونه زيدا كذلك تغيير كل بدنه ، فلو فرض انا زرنا ابن سينا ورأيناه يعقل ويتكلم كما كان ، لا يهمنا انه على بدنه السابق او بدن جديد ، فان الناس يتعاملون معه بعد

٣٤٩

فيقع تارة في معاملتها مع غيرها من معلوم الذكوريّة والانوثية او مجهولهما ، وحكمها بالنسبة الى التكاليف المختصّة بكلّ من الفريقين ، وتارة في معاملة الغير معها ،

______________________________________________________

اجراء العملية وفي جميع الخصوصيات على ما كانوا يتعاملون معه قبل اجراء العملية.

نعم ، لو فرض ـ وهذا فرض في فرض ـ ان رأس الرجل ركب على بدن امرأة او بالعكس ، فالحكم يكون هنا اصعب.

وعلى ايّ حال : (ف) الكلام في الخنثى (يقع تارة في معاملتها مع غيرها ، من معلوم الذكورية والانوثية او) معاملتها مع (مجهولهما) كخنثى مثله ، فهل له ان ينظر الى الرجل باعتباره رجلا ، أو الى المرأة باعتبارها امرأة؟ وهل له ان يتزوج بالمرأة او يزوّج بالرجل؟ واذا كان هناك خنثى مثله ، فهل يتزاوجان بينهما ام لا؟ وما حال الارث؟ الى غير ذلك.

(و) هكذا يقع الكلام في (حكمها بالنسبة الى التكاليف المختصة بكل من الفريقين) فهل يجب عليها الجهر ـ مثلا ـ في اماكن الجهر ، كما هو حكم الرجل؟ ام لا ، كما هو حكم المرأة؟ كذلك بالنسبة الى وجوب الجمعة ، والجهاد ، وكون الدم حيضا وانعتاق المحارم بمجرد ملكه لهم ، وحرمة او حلية لبس الحرير والذهب ، ووجوب ستر جميع البدن في الصلاة ، الى غيرها من الاحكام المختصة.

اما الاحكام المشتركة كاصل الصوم ، والصلاة والحج ، والمعاملات ، والاوقاف ، ونحوها ، فلا كلام فيها.

(وتارة في معاملة الغير معها) اي مع الخنثى فهل يجوز للرجل أو المرأة

٣٥٠

وحكم الكل يرجع الى ما ذكرنا في الاشتباه المتعلّق بالمكلّف به.

أمّا معاملتها مع الغير ، فمقتضى القاعدة احترازها عن غيرها مطلقا ، للعلم الاجماليّ بحرمة نظرها إلى إحدى الطائفتين ، فيجتنب عنهما مقدّمة.

______________________________________________________

ـ مثلا ـ ان ينظر اليها ، او يتزوج بها زوجة او زوجا او يقلدها ، او يتقاضى اليها ، او يأتم الرجل بها في الصلاة الى غير ذلك.

ولا يخفى ان الخنثى يستعمل مذكرا ومؤنثا ، كما ان بعض الالفاظ كذلك ، قال ابن حاجب :

اما التي قد كنت فيه مخيرا

هو كان سبعة عشر في التبيان

ولذا نرجع الضمير اليه مذكرا ومؤنثا.

(وحكم الكل) منها بالنسبة الى تكاليف نفسها ، وبالنسبة الى تكليفها مع الغير ، وكذا تكليف الغير بالنسبة اليها (يرجع الى ما ذكرنا) في باب العلم الاجمالي (في الاشتباه المتعلق بالمكلف به) لانها تعلم كونها رجلا او امرأة ، فتعلم انها موظفة باحد التكليفين ـ حسب ما ذكرناه في العلم الاجمالي ـ.

(اما معاملتها مع الغير : فمقتضى القاعدة) السابقة في العلم الاجمالي من لزوم الموافقة القطعية (احترازها) اي الخنثى (عن) النظر والملامسة والمصافحة مع (غيرها) رجلا كان ، او امرأة او خنثى (مطلقا ، للعلم الاجمالي بحرمة نظرها الى احدى الطائفتين فيجتنب عنهما) وكذلك يجتنب عن اللمس والمصافحة (مقدمة) للتكليف المقطوع به بينهما.

واما اجتنابها عن الخنثى ، فلانه يحتمل ان يكون الناظر رجلا ، والمنظور اليه امرأة ، أو بالعكس ، وهنا وان كان احتمال التساوي أيضا ـ مما يبيح النظر ـ فلا علم اجمالي بالحرمة ، إلّا ان كون التساوي هذا طرفا واحدا من الشبهة وهناك اطراف

٣٥١

وقد يتوهّم : «أنّ ذلك من باب الخطاب الاجماليّ ، لأنّ الذكور مخاطبون بالغضّ عن الاناث وبالعكس ، والخنثى شاكّ في دخوله في أحد الخطابين».

______________________________________________________

اخرى جعلته من موارد تحقق العلم الاجمالي الواجب فيه الموافقة القطعية ، وعلى هذا : فالشك في الخنثى شك في المكلّف به لا في التكليف المردد.

(وقد يتوهم ان ذلك) الحكم للخنثى بحرمة نظرها الى الرجل والمرأة (من باب الخطاب الاجمالي) اي من قبيل من خرجت منه رطوبة مشتبهة بين انها مني ، ليكون مخاطبا بالغسل ، او بول فهو مخاطب بالموضوع ، لا من باب المكلّف به المردد ـ كما اخترناه ـ الذي هو من قبيل من يعلم انه مخاطب بالصلاة تفصيلا لكن لم يعلم ان المكلّف به هو الظهر او الجمعة.

وقرّب هذا التوهم بقوله : (لان الذكور مخاطبون بالغض عن الاناث وبالعكس) إذ الاناث ايضا مخاطبات بالغض عن الذكور ، فهنا خطابان ، والخنثى لا يعلم هل انه داخل في هذا الخطاب او ذاك الخطاب؟ فالخطاب مجمل (و) ذلك لان (الخنثى شاك في دخوله في احد الخطابين) قال سبحانه : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)(١).

وقال تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ)(٢).

فهنا خطابان ، والخنثى مشمول لاحدهما ـ بناء على انه اما ذكر أو انثى ـ لا انه جنس ثالث.

علما بأن شك الخنثى في انه من الشك في المكلّف به ، او من الشك في التكليف ، له اثر عملي ، فقد قال في الاوثق : ثالث الاقوال في الخنثى : التفصيل

__________________

(١) ـ سورة النور : الآية ٣٠.

(٢) ـ سورة النور : الآية ٣١.

٣٥٢

والتحقيق هو الأوّل ، لأنّه علم تفصيلا بتكليفه بالغضّ عن إحدى الطائفتين ، ومع العلم التفصيليّ ، لا عبرة باجمال الخطاب ـ كما تقدّم في الدخول والادخال

______________________________________________________

بين الشك في التكليف والشك في المكلّف به لجواز العمل بمقتضى اصالة البراءة في الاول ، ووجوب العمل بالاحتياط في الثاني ، فيجوز لها لبس الحرير والذهب في غير الصلاة ، وكذلك ترك الجهاد ، ولا يلحق بالدم الخارج منها حكم الدماء الثلاثة وهكذا.

ويجب عليها التستّر في الصلاة ، والاجتناب عن لبس الذهب والحرير فيها ، بناء على كون الشك في الاجزاء والشرائط من قبيل الشك في المكلّف به ، واختاره صاحب الفصول بناء على قصر وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة على ما اتحد نوع الشبهة ، والّا فاختار الوجه الاول (١).

(والتحقيق) عند المصنف قدس‌سره (هو) الوجه (الاول) من كون الاشتباه في متعلق التكليف (لانه) اي الخنثى (علم تفصيلا بتكليفه بالغض عن احدى الطائفتين) الذكور او الاناث ، فالخطاب وان لم يكن واحدا ، لانه في الآية خطابان ، لكن الخنثى علم من الخطابين علما تفصيليا بانه مكلّف ، ولذا لو سئل منه : هل أنت مكلّف؟ قال : نعم.

كما اذا امر المولى زيدا باكرام عمرو ، وبكرا باكرام خالد ، فانه لو شك زيد بانه هل كلّف باكرام هذا او ذاك؟ لا يضر شكه في علمه التفصيلي بأنه مأمور بالاكرام (ومع العلم التفصيلي) للمكلّف (لا عبرة باجمال الخطاب) وانه مخاطب ب «يغضوا» او ب «يغضضن» (كما تقدّم) مثله (في الدخول والادخال

__________________

(١) ـ اوثق الوسائل : ص ٥٦ في بيان فروع مسألة الخنثى.

٣٥٣

في المسجد لواجدي المنيّ ـ مع أنّه يمكن إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد ، وهو تحريم نظر كلّ إنسان إلى كلّ بالغ لا يماثله في الذكوريّة والانوثيّة عدا من يحرم نكاحه.

ولكن يمكن أن يقال :

______________________________________________________

في المسجد لواجدي المني) فانه يعلم بانه مكلف بالاجتناب ، وان لم يعلم ان الاجتناب لانه دخول او لانه ادخال ، الى غير ذلك من الامثلة.

(مع انه يمكن) ان نقول بوحدة الخطاب ايضا ـ فلا يكون الخطاب مرددا ، وذلك لان الجامع بين الخطابين الجزئيين خطاب واحد ، كالحيوان الجامع بين الانسان والفرس ، فاذا لم يعلم ان في الدار انسانا او فرسا لا ينافي ذلك ان يعلم ان فيها حيوانا ، وكذا الجزئيات من الخطاب ، فانه يمكن (ارجاع الخطابين) : «يغضّوا» و «يغضضن» (الى خطاب واحد) هو الجامع بينهما.

(و) الجامع (هو : تحريم نظر كل انسان) بالغ عاقل مختار (الى كل بالغ لا يماثله في الذكورية والانوثية ، عدا من يحرم نكاحه) حيث يحل النظر الى المحارم على التفصيل المذكور في الفقه ، وهناك من يحرم نكاحه لكن لا يحل النظر اليهن ، كأخت الزوجة والخامسة واخت الملوط وبنته وأمه للفاعل ، إلّا ان ذلك استثناء عن الاستثناء.

(ولكن يمكن ان يقال) : بانه لا يجب على الخنثى غض النظر عن الرجال وعن النساء ، لانه وان كان يجب الاطاعة في اطراف الشبهة من العلم الاجمالي ، كما يجب في العلم التفصيلي إلّا انه انّما يجب الاجتناب اذا لم يكن مجوز شرعي ، والمجوز الشرعي لنظر الخنثى الى الطائفتين هنا موجود وهو : العسر

٣٥٤

إنّ الكفّ عن النظر إلى ما عدا المحارم مشقّة عظيمة ، فلا يجب الاحتياط فيه ، بل العسر فيه أولى من الشبهة الغير المحصورة ، او يقال : إنّ رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة القطعيّة ، لا في وجوب الموافقة القطعيّة ، فافهم.

______________________________________________________

والحرج ف (ان الكف عن النظر الى ما عدا المحارم ، مشقة عظيمة) وعسر شديد (فلا يجب الاحتياط فيه) اي في النظر ، بل يجوز له النظر اليهما.

(بل العسر فيه) اي في عدم النظر (اولى) واشد (من) العسر في (الشبهة غير المحصورة) فاذا لم يجب الاحتياط في غير المحصور ـ كما سيأتي دليله ـ لا يجب الاحتياط في الخنثى بطريق اولى.

(او يقال) في وجه عدم حرمة النظر (: ان رجوع الخطابين الى خطاب واحد) كما قررتم في الوجه الثاني انّما هو (في حرمة المخالفة القطعية) فيحرم للخنثى النظر الى كل من الرجل والمرأة معا (لا في وجوب الموافقة القطعية) فلا يجب كف نظره عنهما معا ، بل له ان يختار النظر اما الى الرجل ، او الى المرأة.

والحاصل : انه يكفيه اجتناب احدى الطائفتين مخيرا بينهما ، فيكون حاله حال الرجل فلا ينظر الى المرأة ، او حال المرأة فلا تنظر الى الرجل ، وذلك لما يأتي في دليل الاشتغال : من ان العلم الاجمالي مقتض للأخذ باحدهما لا بكليهما.

(فافهم) فان الجوابين محل تأمّل.

اما الجواب الاول : فان العسر انّما يرفع بقدره لا مطلقا ، فاذا كان لخنثى عسر دون خنثى ارتفع الحكم بالنسبة الى من هو عسر عليه دون الآخر ، وان كان العسر فيما اذا اراد الخنثى كف النظر عن مائة دون اربعين ـ مثلا ـ حرم عليه النظر الى ما لا عسر فيه ، دون الباقي ، وهكذا لو كان العسر في كف نظره الى الرجال فقط ،

٣٥٥

وهكذا حكم لباس الخنثى ، حيث انّه يعلم اجمالا بحرمة واحد من مختصّات الرجال ، كالمنطقة والعمامة او مختصّات النساء عليه ، فيجتنب عنهما.

______________________________________________________

او الى النساء فقط.

واما الجواب الثاني : فقد عرفت ـ فيما سبق ـ : ان مقتضى العلم الاجمالي : الموافقة القطعية لا الاجمالية.

(وهكذا) يجب الاحتياط في (حكم لباس الخنثى ، حيث انه يعلم اجمالا بحرمة واحد من مختصات الرجال ، كالمنطقة) التي تشد على الوسط ، مما يختصّ بالرجال ، دون ما هو خاص بالنساء (والعمامة) وسائر الملابس الخاصة بالرجال.

(او مختصات النساء عليه) كملابسهن الخاصة بهنّ ، حيث اذا لبسها الرجل قيل : انه تشبّه بالنساء.

لكن لا يخفى : ان حرمة ملابس كل طائفة على الطائفة الاخرى محل كلام ، وقد ألمعنا الى ذلك في شرح العروة.

وعلى اي حال : (ف) ان قيل بالحرمة ، فعلى الخنثى ان (يجتنب عنهما) من باب الاحتياط في اطراف العلم الاجمالي ، كما ان عليه ان يجتنب الحرير والذهب ، لاحتمال كونه رجلا ، فانه وان لم يكن في قبالهما حرام على المرأة ، إلّا ان معنى الاحتياط في احتمال كون الخنثى رجلا او امرأة : هو الاجتناب عن مختصات كل منهما ، فهو كما اذا علم الانسان بانه نذر اما صوما وصلاة ، او نذر صدقة ، فانه يجب عليه الاتيان بالجميع ، فلا يقال : ان الصوم في قبال الصدقة ، فيجب الاتيان بها ، أمّا الصلاة فلا قبال لها ، فالاصل البراءة منها.

٣٥٦

وامّا حكم ستارته في الصلاة ، فيجتنب الحرير ويستر جميع بدنه.

وأمّا حكم الجهر والاخفات ، فان قلنا بكون الاخفات في العشاءين والصبح ، رخصة للمرأة جهر الخنثى بها ،

______________________________________________________

والحاصل : إن الخنثى ان كان رجلا ، فعليه ـ مثلا ـ مائة تكليف واجب وحرام ، وان كان امرأة ، فعليها ـ مثلا ـ تسعون تكليفا ، فاللازم عليه الاتيان بالجميع ، لا الاتيان بمائة وثمانين ، بطرح عشرة لاصالة البراءة ، بدليل انه ليس في قبال العشرة في الجانب الآخر شيء.

(واما حكم ستارته) اي تستّر الخنثى (في الصلاة ، فيجتنب الحرير) لاحتمال كونه رجلا ، (ويستر جميع بدنه) لاحتمال كونه امرأة ، والمراد بجميع البدن : ما عدا الوجه ، والكفين ، والقدمين ، حيث لا يجب سترها في الصلاة على المرأة.

(واما حكم الجهر والاخفات) في الصلاة للخنثى (فان قلنا : بكون الاخفات في العشاءين والصبح ، رخصة للمرأة) فهي مخيرة بين ان تخفت او تجهر ، تعيّن (جهر الخنثى بها) اي بصلاتي الصبح والعشاءين ، لدوران الامر بين التعيين والتخيير ، بناء على انه كلما دار الامر بينهما لزم التعيين ، فاذا دار الامر بين وجوب الجمعة فقط ، او التخيير بين الظهر والجمعة ، لزم الجمعة ، باعتبار انه اذا أتى بالجمعة ، أتى بالتكليف قطعا ، لانها واجبة اما تعيينا ، أو لانها أحد شقّي التخيير ، اما اذا أتى بالظهر لا يعلم انه أتى بالواجب ، لاحتمال ان الجمعة هي الواجبة تعيينا.

وكذا في المقام ، فانه اذا جهر الخنثى ، فقد ادّى التكليف قطعا سواء كان الجهر واجبا تخييرا او تعيينا ، اما اذا اخفت ، كان من المحتمل انه لم يأت بالتكليف ، لاحتمال كون الواجب عليه تعيينا ، اما اذا اخفت ، كان من المحتمل انه لم يأت بالتكليف ، لاحتمال كون الواجب عليه تعيينا ، هو الظهر.

٣٥٧

وإن قلنا إنّه عزيمة لها ، فالتخيير ، إن قام الاجماع على عدم وجوب تكرار الصلاة في حقّها.

وقد يقال بالتخيير مطلقا ، من جهة ما ورد : من أنّ الجاهل في الجهر والاخفات معذور.

______________________________________________________

(وان قلنا : انه) اي الاخفات في الصبح والعشاءين (عزيمة) وفريضة (لها) اي للمرأة ، في قبال ان الجهر في تلك الصلوات فريضة على الرجل ، فيكون لهما تكليفان متقابلان (ف) حكمه في الجهر والاخفات (التخيير) بان يصلي الصبح والعشاءين جهرا او اخفاتا لاحتمال وجوب الجهر لكونه رجلا ، ووجوب الاخفات لكونه امرأة ، لا ترجيح.

لكن يبقى ان مقتضى القاعدة : تكرار الصلاة جهرا واخفاتا ، للعلم الاجمالي ، لو لا (ان قام الاجماع على عدم وجوب تكرار الصلاة في حقها).

وهناك احتمال آخر وهو : ان يصلي صلاة واحدة ، لكن يكرر القراءة فيها جهرا واخفاتا وينوي احدى القراءتين للصلاة ، والاخرى من باب مطلق القرآن.

وقد نقل عن الميرزا النائيني قدس‌سره بانه شك ذات مرة في وجوب الجهر او الاخفات ، في ظهر يوم الجمعة ، ولم يسمح له الوقت للاجتهاد في المسألة ، فصلّى كذلك حتى تمكن من الاجتهاد ، وبنى على احد الطرفين.

لا يقال : هذا ينافي حرمة الاقتران.

لانه يقال : يمكن ان يقال ان الحرمة اذا قرأهما بنية الجزئية لا مطلقا.

(وقد يقال بالتخيير) للخنثى في الجهر والاخفات (مطلقا) سواء قلنا بان الاخفات رخصة او عزيمة (من جهة ما ورد) في الاخبار (من ان الجاهل في الجهر والاخفات معذور) بضميمة : ان الخنثى جاهل فهو معذور ، فاذا صلّى

٣٥٨

وفيه ـ مضافا إلى أنّ النصّ إنّما دلّ على معذوريّة الجاهل بالنسبة إلى لزوم الاعادة لو خالف الواقع ، وأين هذا من تخيير الجاهل من أوّل الأمر بينهما ، بل الجاهل لو جهر او أخفى مترددا بطلت صلاته ،

______________________________________________________

جهرا وكان الواجب في الواقع الجهر ، فقد أدّى تكليفه ، وان كان الواجب الاخفات ، فهو معذور من جهة جهله.

(وفيه : مضافا الى ان) ما ورد ، انّما يفيد : عدم وجوب الاعادة على الجاهل غير المقترن جهله بالعلم الاجمالي ، سواء كان جاهلا بسيطا ، او جاهلا مركبا بان قطع بالخلاف ، فاذا علم بالحكم بعد ذلك لم تجب عليه الاعادة وان كان ما أتى به على خلاف الواقع ، اذ الشارع رفع يده عن الواجب اولا وبالذات لمصلحة ثانوية ، بينما لم يرفع اليد فيما اذا انكشف كونه محدثا.

فان (النص انّما دلّ على معذورية الجاهل) المركب (بالنسبة الى لزوم الاعادة) والقضاء (لو خالف الواقع) في كيفية القراءة ، فقرأ جهرا مكان الاخفات ، او اخفاتا مكان الجهر (واين هذا) الذي دل عليه النص (من تخيير الجاهل) ليشمل الجاهل المقترن جهله بالعلم الاجمالي ، كما في الخنثى ، او في غير الخنثى ، حيث يعلم بان الواجب عليه : اما جهر الصبح ، او جهر الظهر ـ مثلا ـ فصلّى الصبح اخفاتا والظهر جهرا ، فلا يقال : بانه لا تجب عليه الاعادة.

وعلى ايّ حال : فاذا كان جاهلا (من اوّل الامر بينهما) اي بين الجهر والاخفات ، لزم عليه تحصيل الواقع ان تمكن ، والّا فالاحتياط وذلك لمقتضى العلم الاجمالي ـ كما في الخنثى ـ (بل الجاهل) البسيط (لو جهر او اخفى مترددا) في انه هل الواجب عليه هذا او ذاك (بطلت صلاته) ، وبطلانها : اما من جهة عدم تمشّي قصد القربة منه ، او من جهة عدم مطابقته للواقع ـ فيما اذا

٣٥٩

إذ يجب عليه الرجوع إلى العلم او العالم ـ : أنّ الظاهر من الجهل في الأخبار غير هذا الجهل.

وأمّا تخيير قاضي الفريضة المنسيّة عن الخمس في ثلاثية ورباعيّة وثنائيّة ، فانّما هو بعد ورود النصّ في الاكتفاء بالثلاث

______________________________________________________

لم يطابق الواقع ـ او من جهة لزوم الجزم في النية ـ على ما تقدّم ـ وهو مفقود هنا (اذ يجب عليه الرجوع) مع الجهل (الى) ما يحصل له (العلم) بالحكم (او) تقليد (العالم) لان الواجب على الانسان : ان يكون مجتهدا او مقلدا او محتاطا.

وعلى ايّ حال : فبالاضافة الى الاشكال السابق على : «قد يقال» (ان الظاهر من الجهل في الاخبار ، غير هذا الجهل) وهو الجهل بالحكم والجهل في الخنثى ليس جهلا بالحكم ، وانّما هو جهل بالموضوع ، لانه لا يعلم : انه رجل او امرأة.

(و) ان قلت : ان المستفاد من الادلة ولو بالملاك : التخيير مطلقا ، لما جاء في مسألة الجاهل ـ المتقدمة ـ ولما ورد من ان من نسى صلاة ولم يعلم انها صبح ، او ظهر ، او عصر ، او مغرب ، او عشاء؟ قضى ثنائية ، وثلاثية ، ورباعية ، والرباعية تكون عن الواقع ظهرا كان او عصرا او عشاء ، وحيث لا يعلم ان الرباعية التي فاتته ، كانت إحدى الظهرين حتى يقضيها اخفاتا او العشاء حتى يقضيها جهرا ، فهو مخير بين الجهر والاخفات.

قلت : الادلة لا يستفاد منها الملاك ، اما في مسألة الجاهل ، فقد عرفت و (اما) مسألة (تخيير قاضي الفريضة المنسية عن الخمس في) الاتيان بصلاة (ثلاثية ورباعية وثنائية) اذا كان القضاء في الحضر ، وثنائية وثلاثية اذا كان القضاء في السفر ، لان الثنائية تقوم مقام محتمل الصبح ، والظهر ، والعصر ، والعشاء (فانما هو) تخيير (بعد ورود النص) الخاص (في الاكتفاء ب) الصلوات (الثلاث)

٣٦٠