الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٤

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٤

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

أعلم ، موت كرامها. وتكون الأطراف هاهنا جمع طرف. لا جمع طرف ، والطّرف هو الشيء الكريم. ومنه سمّي الفرس طرفا ، إذ كان كريما. وعلى ذلك قول أبي الهندي (١) الرياحي :

شربنا شربة من ذات عرق

بأطراف الزجاج من العصير

أي بكرائم الزجاج. ولم يمض في هذا القول لأحد.

__________________

(١). في الأصل : أبو الهند وهو تحريف من الناسخ. واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس ، وهو من بني زيد بن رياح. وقد ترجم له ابن قتيبة في «الشعر والشعراء» ص ٦٦٣ من طبعة عيسى الحلبي ، بتحقيق الأستاذ الشيخ أحمد محمد شاكر ، وذكر صاحب «العقد الفريد» خبرا له ، وطرفا من أقواله ونوادر شرابه. جزء ٦ ص ٣٤٢.

٢٢١
٢٢٢

سورة ابراهيم

١٤

٢٢٣
٢٢٤

المبحث الأول

أهداف سورة «إبراهيم» (١)

سورة إبراهيم سورة مكّيّة. موضوعها الأساسي هو موضوع السور المكّيّة الغالب ، وهو العقيدة في أصولها الكبيرة. وتشمل الرسالة والتوحيد والبعث والحساب والجزاء.

ولكن السياق في هذه السورة يسلك نهجا خاصا في عرض هذا الموضوع وحقائقه الأصلية ، نهجا مفردا يميزها عن غيرها من السور ، يميزها بجوها ، وطريقة أدائها ، والحقائق الكبرى التي تتضمنها ، ولون هذه الحقائق التي قد لا تفترق موضوعيا عن مثيلاتها في السور الأخرى ، ولكنها تعرض من زاوية خاصة. كما تختلف مساحتها في رقعة السورة وجوّها ، فتزيد أطرافا وتنقص أطرافا. فيحسبها القارئ جديدة بما وقع فيها من تجديد ، وذلك من الإعجاز القرآني في طريقة الأداء.

ويبدو أنه كان لأسلوب السورة من اسمها نصيب .. إبراهيم : أبو الأنبياء ، المبارك ، الشاكر ، الأوّاب ، المنيب. وكل الظلال التي تخلعها هذه الصفات ملحوظة في جوّ السورة وفي الحقائق التي تبرزها ، وفي طريقة الأداء ، وفي التعبير والإيقاع.

ولقد تضمّنت السورة حقائق رئيسية عدّة في العقيدة ، ولكن حقيقتين كبيرتين تظهران أكبر من غيرهما في سورة إبراهيم :

الحقيقة الأولى : وحدة الرسالة

__________________

(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

٢٢٥

والرسل ووحدة دعوتهم. ووقفتهم أمّة واحدة في مواجهة الفرقة المكذّبة بدين الله على اختلاف الأمكنة والأزمنة.

والحقيقة الثانية : بيان نعمة الله على البشر وزيادة النعمة بالشكر ومقابلة أكثر الناس لها بالجحود والكفران.

تبدأ السورة ببيان وظيفة الرسول وبيان هدف القرآن. وهذه الوظيفة هي هداية الناس ، وإبطال عادات الجاهلية وقيمها. وإرساء معالم التوحيد والعدالة والمساواة. قال تعالى :

(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١).

وتختم السورة بهذا المعنى وبالحقيقة الكبرى التي تتضمنها الرسالة ، حقيقة التوحيد في قوله تعالى :

(هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢).

وفي أثناء السورة نجد أن موسى (ع) قد أرسل بمثل ما أرسل به محمد (ص) وللهدف نفسه ، وهو إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [الآية ٥].

وتذكر السورة أن وظيفة الرسل عامة ، هي بيان الحق وتوضيح طريق الهداية إلى الله ، قال تعالى :

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) [الآية ٤].

وتبين السورة أن الرسول بشر يوحى إليه ، وأن بشريته هي التي تحدد وظيفته ، فهو مبلّغ ومنذر وناصح ومبيّن ولكنه لا يملك أن يأتي بخارقة أو معجزة إلّا بإذن الله ، وحين يشاء الله ، لا حين يشاء هو أو قومه ؛ ولا يملك الرسول أن يهدي قومه أو يضلّهم : فالهدى والضلال متعلّقان بسنّة الله التي اقتضتها مشيئته المطلقة. ولقد كانت بشرية الرسل موضع الاعتراض من الأقوام جميعهم في جاهليتهم. والسورة هنا تحكي قولهم مجتمعين :

(قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (١٠).

وتحكي ردّ رسلهم كذلك مجتمعين :

(قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ

٢٢٦

مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١).

ويتضمن السياق كذلك ، أن إخراج الناس من الظلمات إلى النور إنّما يكون (بِإِذْنِ اللهِ).

وكلّ رسول يبين لقومه (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤).

وبهذا أو ذاك تتحدّد حقيقة الرسول ، فتتحدّد وظيفته في نطاق هذه الحقيقة ولا تشتبه حقيقة الرسل البشرية وصفاتهم ، بشيء من حقيقة الذات الإلهية وصفاتها. وكذلك يتجرّد توحيد الله بلا ظل من مماثلة أو مشابهة ، كذلك تتضمن السورة تحقّق وعد الله للرسل والمؤمنين بهم إيمانا حقّا ، ويتحقق ذلك الوعد في الدنيا بالنصر والاستخلاف ، وفي الآخرة بعذاب المكذّبين ونعيم المؤمنين.

ويصوّر السياق هذه الحقيقة الكبيرة في نهاية المعركة بين الرسل مجتمعين وقومهم مجتمعين.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (١٥).

وحدة الرسالات السماوية

في سورة إبراهيم

الظاهرة البارزة في سورة إبراهيم أنها تتحدث عن الرسل جميعا كأنهم أصحاب فكرة واحدة وهدف واحد ، وكأن جواب قومهم كان جوابا موحّدا ، في العصور والأحوال جميعها.

وتعرض السورة هذه الفكرة بطريقة فريدة في الأداء. لقد أبرزها سياق بعض السور الماضية في صورة توحيد الدعوة التي يجيء بها كل رسول ، فيقول كلمته لقومه ويمضي ثم يجيء رسول ورسول. كلهم يقولون الكلمة ذاتها ، ويلقون الرد ذاته ويصيب المكذّبين ما يصيبهم في الدنيا ، وينظر بعضهم ويمهل إلى أجل في الأرض أو إلى أجل في يوم الحساب. ولكن السياق هناك ، كان يعرض كل رسول في مشهد ، كالشريط المتحرك منذ

٢٢٧

الرسالات الأولى ، وأقرب مثل لهذا النسق سورة هود ، فأما سورة إبراهيم ـ أبي الأنبياء ـ فتجمع الأنبياء كلهم في صف ، وتجمع المكذّبين كلهم في صف ، وتجري المعركة بينهم في الأرض ، ثم لا تنتهي هنا ، بل تتابع خطوتها كذلك في يوم الحساب.

ونبصر مشهد أمّة الرسل ، وفرقة المكذبين في صعيد واحد على تباعد الزمان والمكان. فالزمان والمكان عرضان زائلان ، أمّا الحقيقة الكبرى في هذا الكون ـ حقيقة الإيمان والكفر ـ فهي أضخم وأبرز من عرضي الزمان والمكان.

قال تعالى :

(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١١).

فهاهنا تتجمّع الأجيال من لدن نوح (ع) ، وتتجمع الرسل ويتلاشى الزمان والمكان وتبرز الحقيقة الكبرى : حقيقة الرسالة وهي واحدة واعتراضات المكذّبين وهي واحدة ، وحقيقة نصر الله للمؤمنين وهي واحدة ، وحقيقة استخلاف الله للصالحين وهي واحدة ، وحقيقة الخيبة والخذلان للمتجبّرين وهي واحدة ، وحقيقة العذاب الذي ينتظرهم هناك وهي واحدة.

* * *

ولا تنتهي المعركة بين الكفر والإيمان هنا ، بل يتابع السياق خطواته بها إلى ساحة الآخرة فتبرز معالمها في مشاهد القيامة المتنوّعة التي تتضمنها السورة وهي تشير إلى أنها معركة واحدة تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة ولا انفصال بينهما ، ولكن تكمل إحداهما الأخرى.

وتكمل الأمثال التي تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة إبراز معالم المعركة

٢٢٨

بين الفريقين ، ونتائجها الأخيرة ، مثل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة : شجرة النبوّة وشجرة الإيمان ، وشجرة التوحيد والخير ، والكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة : شجرة الباطل والتكذيب والشر والطغيان. فالتوحيد وكلمته : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. أصله ثابت موصول بالله وفرعه مرتفع إلى السماء ويؤتي ثماره كل حين بالصلاة والزكاة وسائر العبادات والأعمال النافعة في الدنيا والآخرة. أما شجرة الكفر فلا أصل لها تعتمد عليه ، فهي تمثّل الباطل في الدنيا ، والخيبة في الآخرة.

قال تعالى :

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧).

المقطع الثاني

من سورة إبراهيم

تنقسم سورة إبراهيم الى مقطعين متماسكي الحلقات :

المقطع الأول : يتضمّن بيان حقيقة الرسل ، ويصور المعركة بين أمة الرسل وفرقة المكذبين في الدنيا والآخرة ، ويعقب عليها بمثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة ، وقد تحدثنا عن هذا المقطع.

والمقطع الثاني : من سورة إبراهيم يتحدث عن نعم الله على البشر ، والذين كفروا بهذه النعم وبطروا ، والذين آمنوا بها وشكروا ، ونموذجهم الأول هو ابراهيم (ع) ويصور مصير الظالمين الكافرين بنعمة الله ، في سلسلة من أعنف مشاهد القيامة وأجملها ، وأحفلها بالحركة والحياة.

نعم الله

لقد عدّد الله سبحانه نعمه على البشر كافة ، مؤمنهم وكافرهم ، صالحهم وطالحهم ، برّهم وفاجرهم ، طائعهم وعاصيهم ؛ وإنها لرحمة من الله وسماحة وفضل ، أن يتيح للكافر

٢٢٩

والفاجر والعاصي نعمة في هذه الأرض كالمؤمن والبار والطائع ، لعلّهم يشكرون : ويعرض هذه النعم في أضخم مجالي الكون وأبرزها ، ويضعها داخل إطار من مشاهد الوجود العظيمة :

(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤).

وفي إرسال بعث الرسل نعمة تعدل تلك أو تربو عليها :

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [الآية ١].

والنور أجلى نعم الله في الوجود ، والنور هنا هو النور الأكبر ، النور الذي يشرق به كيان الإنسان ، ويشرق به الوجود في قلبه وحسه. وكذلك كانت وظيفة موسى (ع) في قومه ، ووظيفة الرسل كما بينتها السورة. وفي قول الرسل مجتمعين :

(يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [الآية ١٠].

والدعوة لأجل الغفران نعمة تعدل نعمة النور ، وهي منه قريب :

وفي هذا الجو يذكر وعد الله للرسل.

(فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ).

وهي نعمة. ويبرز السياق حقيقة زيادة النعمة بالشكر :

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (٧).

مع بيان أن الله غني عن الشكر وعن الشاكرين :

(إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٨).

ويقرر السياق ، أن الإنسان في عمومه لا يشكر النعمة حق الشكر.

(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤).

ولكن الذين يتدبّرون آيات الله ،

٢٣٠

وتتفتح لها بصائرهم ، يصبرون على البأساء ويشكرون على النعماء.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٥).

ويتمثل الصبر والشكر في شخص إبراهيم (ع) حين يقف خاشعا ، ويدعو ربه عند البيت الحرام ، دعاء مخلصا ، كله حمد وشكر ، وصبر وإيمان :

(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) (٤١).

ولأن النعمة والشكر عليها والكفر بها ، تطبع جو السورة ؛ فإن التعبيرات والتعليقات تجيء فيها متناسقة مع هذا الجو ، في قوله تعالى :

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٥).

وقوله سبحانه :

(اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) [الآية ٦].

وفي ردّ الأنبياء على اعتراض المكذّبين بأنهم بشر ، يجيء قوله سبحانه :

(وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) [الآية ١١].

فيبرز منة الله ، تنسيقا للرد مع جوّ السورة كله ، جو النعمة والمنّة والشكر والكفران ؛ وهكذا يتساوق التعبير اللفظي مع الفكرة العامة للسورة ، على طريقة التناسق الفني في القرآن.

* * *

٢٣١
٢٣٢

المبحث الثاني

ترابط الآيات في سورة «إبراهيم» (١)

تاريخ نزولها ووجه تسميتها

نزلت سورة إبراهيم بعد سورة نوح ، وهي من السور التي نزلت بمكّة بعد الإسراء ، فيكون نزولها مثلها بعد الإسراء وقبيل الهجرة ، وعلى هذا تكون من السور المكّيّة. وقيل إنها من السور المدنيّة ، وقد قال الإمام فخر الدين الرازي : اعلم أن الكلام في أن هذه السورة مكية أو مدنية طريقه الآحاد ، ومتى لم يكن في السورة ما يتصل بالأحكام الشرعية فنزولها بمكة والمدينة سواء. إنما يختلف الغرض في ذلك إذا حصل فيه ناسخ ومنسوخ ، فيكون فيه فائدة عظيمة.

وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لذكر قصة إبراهيم (ع) بمكة فيها ، وتبلغ آياتها اثنتين وخمسين آية.

الغرض منها وترتيبها

يقصد من هذه السورة بيان الغرض من نزول القرآن ، وهو هداية الناس بالترغيب في الثواب والترهيب من العقاب. وقد افتتحت هذه السورة ببيان هذا الغرض ، ثم انتقل من هذا إلى بيان موافقة القرآن للكتب المنزلة قبله في هذا الغرض ، ثم انتقل من هذا إلى تحذير مشركي مكة من تكذيبه بما حصل للمكذّبين قبلهم ؛ وبهذا ينقسم سياق هذه السورة إلى هذه الأقسام الثلاثة.

وقد جعلت بعد سورة الرّعد لأنها

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.

٢٣٣

تشبهها في غرضها ، وفي افتتاحها بالحروف التي افتتحت بها.

نزول القرآن للترغيب في

الإيمان والتحذير من الكفر

الآيات [١ ـ ٣]

قال الله تعالى : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١) ، فأقسم ، بهذه الحروف ، على أنه كتاب أنزله إليه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وهذا هو طريق الترغيب. ثم حذر الذين يكفرون به من عذاب شديد. وهذا هو طريق الترهيب ؛ ثم ذكر سبحانه أن الذين يكفرون به هم (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٣).

اتحاد الغرض من الكتب المنزلة

الآيات [٤ ـ ١٨]

ثم قال تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤) فذكر أنّ إنزال القرآن لأجل هداية الناس هو شأن الكتب المنزلة قبله ، وفصّل هذا الإجمال بما كان من إرسال موسى (ع) إلى بني إسرائيل لإخراجهم من الظلمات إلى النور ، فذكّرهم بأيام العذاب التي مرت على الأمم قبلهم ، وبنعمة الله عليهم إذ أنجاهم من آل فرعون ، وأخبرهم بأنهم إن شكروا الله زادهم من نعمته ، وإن كفروا به عاقبهم بشديد عذابه ، وبأنهم إن يكفروا هم ومن في الأرض جميعا ، (فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (٨).

ثم ذكر جلّ وعلا ، أن هذا كان أيضا شأن قوم نوح وعاد وثمود ومن بعدهم ، وأن رسلهم جاءتهم بالبينات فكفروا بهم ، وشكّوا فيما يدعونهم إليه من الإيمان بالله وحده ، وأن رسلهم ردّوا عليهم بأنه لا يصحّ الشكّ في الله سبحانه ، وهو فاطر السماوات والأرض ، إلى غير ذلك من الجدال الذي دار بينهم ؛ ثم ذكر أنهم لجئوا ، بعد هذا الجدال ، الى تهديد رسلهم بأن يخرجوهم من أرضهم أو يعودوا في ملّتهم ، وأنه أوحى إلى رسلهم ، أنه سيهلكهم ويسكنهم الأرض من بعدهم ، ثم ذكر ما عاقبهم به في الدنيا

٢٣٤

والآخرة ، وضرب مثلا لحبوط أعمالهم في الآخرة ، فقال : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (١٨).

ترهيب المشركين وترغيبهم

الآيات [١٩ ـ ٥٢]

ثم قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٩) فذكر في ترهيبهم أنه خلق السماوات والأرض بالحق ، فهو قادر على أن يهلكهم كما أهلك أولئك الأقوام ويأتي بخلق غيرهم يؤمنون به ، ثم ذكر ما يكون من إعادتهم بعد هلاكهم وبروزهم له ، وما يكون من سؤال الضعفاء للمستكبرين أن يغنوا عنهم شيئا من عذابه ، وما يجيب المستكبرون من أنه لا مفرّ منه جزعوا أو صبروا ، وما يكون من تبرّؤ الشيطان منهم وإيقاعه اللوم عليهم لسماعهم لإغوائه وإعراضهم عن نصح الله لهم ، ثم ذكر ما أعده للمؤمنين من جنات تجري من تحتها الأنهار ، على سنّته في ذكر وعده بعد وعيده.

ثم ضرب ، في ترغيبهم وترهيبهم ، مثلا لحال المؤمنين وحالهم ، فشبّه الإيمان به جلّ شأنه ، بشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وثمرها دائم لا ينقطع. وشبّه الكفر به بشجرة خبيثة ليس لها أصل ولا عرق ولا ثمر ؛ ورتّب على ذلك أن صاحب الحال الثابت ، يثبّته الله في الدنيا وفي الآخرة ، وصاحب الحال الذي لا ثبات له يضلّه الله فلا يهتدي.

ثم ذكر تبديلهم نعمته عليهم بسكنى حرمه كفرا به ، وجعلهم له أندادا ليضلّوا عن سبيله ؛ وأمرهم أمر تهديد أن يتمتّعوا بنعيم الدنيا فإن مصيرهم إلى النار ، وأمر المؤمنين أن يخالفوهم في ذلك فيقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقهم من قبل أن يأتيهم يوم لا ينفعهم فيه إلّا ما قدمت أيديهم ؛ ثم ذكر من نعمه العامة عليهم وعلى غيرهم بعد تلك النعمة الخاصة ، أن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لهم ، إلى غير هذا من نعمه التي لا تحصى ولا تعدّ ، ولا

٢٣٥

يصحّ أن يقابلوها باتخاذ أنداد له ، سبحانه.

ثم عاد السياق إلى ذكر تلك النعمة الخاصة فشرحها وبيّن كيف بدّلوا فيها ؛ فذكر أن إبراهيم دعا ربه أن يجعل مكّة بلدا آمنا ، وأن يجنّبه وبنيه عبادة الأصنام ، وأنه شكا لربه أنه أسكن ذريته من ابنه إسماعيل بواد غير ذي زرع عند بيته المحرّم ليعبدوه فيه ، وأنه سأله أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم بالحجّ وغيره ، إلى غير هذا ممّا حكاه عنه.

ثم عاد السياق إلى ترهيبهم ، فذكر أنه سبحانه ، ليس بغافل عمّا يفعلون ، وأنه يؤخّر عذابهم ليوم تشخص فيه أبصارهم من شدته ، وأنه إذا أتاهم يسألونه أن يؤخّرهم إلى أجل قريب ليجيبوا دعوته ويتّبعوا رسله ، وأنه يجيبهم بتذكيرهم بأنهم كانوا يقسمون من قبل : ما لهم من زوال إلى حياة أخرى ؛ وبأنهم سكنوا في مساكن الذين كذّبوا قبلهم ، وتبيّن لهم ما فعل بهم ، فلم يعتبروا بما حصل لهم. ثم ذكر أنهم قد مكروا مكر أولئك الذين سكنوا في مساكنهم ، وأنه ليس بغافل عن مكرهم ؛ ونهى النبي (ص) أن يظن أنه مخلف وعده بعذابهم ؛ ثم ذكر أنه سيأتي يوم تبدّل فيه الأرض غير الأرض ، ويبرزون إليه مقرّنين في الأصفاد ، سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ؛ وأنه سبحانه يعيدهم في ذلك اليوم ليجزي كل نفس ما كسبت ، إنه سريع الحساب (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢).

٢٣٦

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «إبراهيم» (١)

أقول : وجه وضعها بعد سورة الرّعد ، أن قوله تعالى في مطلعها : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) [الآية ١] مناسب لقوله : في مقطع تلك : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤٣) [الرعد]. على أن المراد ب (من) هو : الله تعالى جل جلاله.

وأيضا ففي الرعد : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) [الرعد / ٣٢]. وذلك مجمل في أربعة مواضع : الرسل ، والمستهزئين ، وصفة الاستهزاء ، والأخذ. وقد فصّلت الأربعة في قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ) [الآية ٩] إلى قوله : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) (١٦).

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ / ١٩٧٨ م.

٢٣٧
٢٣٨

المبحث الرابع

مكنونات سورة «إبراهيم» (١)

١ ـ (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) [الآية ٢٤].

هي النّخلة (٢).

٢ ـ (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) [الآية ٢٦].

هي الحنظلة (٣).

وقيل : الثوم. حكاه ابن عسكر.

٣ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) [الآية ٢٨]. قال عليّ بن أبي طالب : هم كفّار قريش. أخرجه النّسائي (٤). وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار قال : هم قريش ؛ ومحمد النعمة.

٤ ـ (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) [الآية ٣٧].

هو إسماعيل.

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.

(٢). روى البخاري [٦٢] في العلم و(٤٦٩٨) في التفسير ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : «كنّا عند رسول الله (ص) فقال : أخبروني بشجرة تشبه ، أو كالرجل المسلم لا يتحاتّ ورقها ولا تؤتي أكلها كل حين؟ قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنها النخلة ، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلّمان ، فكرهت أن أتكلّم. فلمّا لم يقولوا شيئا ، قال رسول الله (ص) : هي النخلة. فلمّا قمنا قلت لعمر : يا أبتاه ، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة. فقال : ما منعك أن تتكلّم؟ قال لم أركم تتكلمون ، فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا. قال عمر : لأن تكون قلتها أحبّ إلي من كذا وكذا».

(٣). أخرج الحاكم من حديث أنس : «الشجرة الطيبة النخلة ، والشجرة الخبيثة الحنظلة». انظر «فتح الباري» ٨ / ٣٧٨ و «المستدرك» للحاكم ٢ / ٣٥٢.

(٤). والحاكم : وقال : صحيح عال ٢ / ٣٥٢ ؛ وانظر «الدر المنثور» ٤ / ٨٥ ، و «مجمع الزوائد» ٧ / ٤٤. وفي البخاري (٤٧٠٠) عن ابن عباس : أنهم كفار أهل مكّة.

٢٣٩

٥ ـ (بِوادٍ) [الآية ٣٧].

هو مكّة (١).

٦ ـ (وَلِوالِدَيَ) [الآية ٤١].

تقدّم اسم أبيه في سورة الأنعام (٢).

وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق عكرمة ، عن ابن عباس قال : أبو إبراهيم : آزر ؛ وأمّه اسمها : مشاني ؛ وامرأته اسمها : سارة ، وأمّ إسماعيل اسمها : هاجر ؛ وقيل : اسم أمّه نوفا ، وقيل : ليوثا.

__________________

(١). انظر «الدر المنثور» ٤ / ٨٧.

(٢). عند قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ) [الأنعام / ٧٤].

٢٤٠