الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٢

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٢

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٠

أمر من كان منهم غنيا أن يعفّ عن أموال اليتامى ، ومن كان فقيرا أن يأكل بالمعروف : (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٦).

أحكام الميراث

الآيات [٧ ـ ١٤]

ثم قال تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (٧) فذكر أن للرجال والنساء نصيبا في الميراث ، وكانوا في الجاهلية يورثون الرجال دون النساء ، وأمرهم إذا حضر قسمة الميراث أولو القربى ممن لا يرث واليتامى والمساكين أن يرزقوهم منه ما يليق بحالهم على طريق الهبة أو الهدية ، وذكر أن الصغار يرثون كما يرث الكبار ، وكانوا في الجاهلية لا يورثونهم لضعفهم. ثم حذرهم من أكل نصيبهم في الميراث كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، وجعل ذلك جاريا مجرى أكل النار لأنه يستلزمه ، ثم ذكر نصيب كل وارث ووعد من يطيعه بإعطاء كل وارث نصيبه جنات يخلد فيها ، وأوعد من يتعدى ذلك (ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٤).

حكم الزنا واللواط

الآيات [١٥ ـ ١٨]

ثم قال تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (١٥) ، فذكر أنه لا يقبل في الزنا أقلّ من أربعة شهود ، وأن من يثبت عليهن الزنا يحبسن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو ينزل فيهن حكم آخر. ثم ذكر أنه يجب في اللّذين يأتيان فاحشة اللّواط إلى أن يتوبا ، وأن التوبة إنما تقبل منهما ومن غيرهما إذا تابوا من قريب ، ولا تقبل منهم إذا أخروها إلى ما قبيل الموت ، ولا من الذين يموتون وهم كفار (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٨).

أحكام متفرقة في النساء

الآيات [١٩ ـ ٢٨]

ثم قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) [الآية ١٩]. فحرّم عليهم إرث النساء

١٢١

كرها ، وكان الرجل إذا مات في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله ، وحرم عليهم عضلهن لأخذ شيء من مهورهن ، ثم ذكر أن المهور تدفع نظير الاستمتاع بهن لا لتملك بها رقابهن حتى يورثن أو يعضلن ، ثم ذكر محرّمات النكاح من امرأة الأب ، والأم ، والبنت ، والأخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الأخ ، وبنت الأخت ، وأم الرضاع ، وأخت الرضاع ، وأم الزوجة ، وبنت الزوجة المدخول بها ، وأخت الزوجة ما دامت في العصمة ، وذات البعل إلا السبية إذا ملكت ولها بعل ، ثم أحل ما وراء ذلك من النساء ، إلى غير هذا من الأحكام ، ثم ذكر أنه يريد بذلك أن يبين لهم سنن من قبلهم في الحلال والحرام من النساء ، وأن يتوب عليهم مما كانوا فيه أيام جاهليتهم ، وأن يخفف عنهم ما كان فيها من العادات الضارة (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٢٨).

تحريم التعدي على المال والنفس

الآيات [٢٩ ـ ٣٣]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [الآية ٢٩]. فحرم أكل أموال الناس بالباطل من غصب أو سرقة أو نحوهما ، وأحلّ أكلها بالتجارة عن تراض منهم ، ثم حرّم عليهم أن يقتلوا أنفسهم ، وأوعد من يفعل ذلك وعيدا شديدا ، ووعد من يترك ذلك ونحوه من الكبائر أن يكفر عنه سيئاته ويدخله مدخلا كريما ، ثم نهاهم أن يتمنى بعضهم ما عند الآخر من المال ، لأنه كسب له فهو أحق به من غيره ، وأمرهم أن يسألوه إعطاءهم مثل ما أعطي غيرهم ، فإن هذا من الغبطة الممدوحة ، وذلك من الحسد المذموم ، ثم ذكر أن لكل مال مما ترك الوالدان والأقربون والمعتقون موالي يلون أمره بإرثهم له ، فهم يملكونه بذلك الحق الثابت لهم ، ولا يحلّ لغيرهم ما يحل لهم منه (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) [الآية ٣٣].

قوامة الرجال على النساء

الآيتان [٣٤ ـ ٣٥]

ثم قال تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) [الآية ٣٤]. فجعل الرجال

١٢٢

قوامين على النساء بما فضلهم عليهن في القدرة على مشاقّ الحياة ، وبما أنفقوا عليهن من أموالهم. فالصالحات منهن مطيعات لبعولتهن ، حافظات لغيبهن. واللاتي يخافون نشوزهن لهم حق تأديبهن ، وإن وقع شقاق بين الرجل وامرأته ، اختير لهما حكمان من أهلهما. (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) (٣٥).

حقوق الله وبعض العباد

الآيات [٣٦ ـ ٤٢]

ثم قال تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الآية ٣٦]. فأمرهم بعبادة الله وحده ، وأن يحسنوا إلى الوالدين وذي القربى واليتامى والمساكين ، والجار ذي القربى ، والجار الجنب والصاحب بالجنب ، وابن السبيل ، وما ملكت أيمانهم ، وأن يقوموا بذلك من غير اختيال وتفاخر عليهم ، لأن هذا شأن أولئك الكفار الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ، ولا ينفقون شيئا إلا رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، ثم ذكر أنه سيجازيهم على ذلك ولا يظلم أحدا مثقال ذرّة ، وإن تك حسنة يضاعفها ، وهدّدهم بأنه سيجيء من كل أمة بشهيد ويجيء بالنبي (ص) شهيدا عليهم (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٤٢).

تحريم الصلاة على

السكارى والجنب

الآية [٤٣]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [الآية ٤٣]. فحرم عليهم الصلاة في حال السكر وهم جنب حتى يغتسلوا ، ثم شرع لهم التيمّم بالتراب عند فقد الماء (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤٣).

التحذير من أهل الكتاب

الآيات [٤٤ ـ ٥٧]

ثم قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) (٤٤) وكان اليهود قد بالغوا في عداوة المسلمين حتى حالفوا المشركين عليهم ، وزيّنوا لهم ما هم فيه من الشّرك على الإسلام. فلما ذكر تلك الأحكام

١٢٣

العظيمة ، شرع في تحذير المسلمين من اليهود أن يضلّوهم عنها ، ويعودوا بهم إلى ما كانوا عليه من ضلال الشرك ، فذكر أن أولئك اليهود قد ضلوا ويريدون أن يعودوا بهم إلى ما كانوا عليه من الضلال ، وذكر من ضلالهم تحريفهم للكلم عن مواضعه ، وأن النبي (ص) كان ، إذا أمرهم بشيء ، يقولون سمعنا وعصينا ، إلى غير ذلك مما ذكره من ضلالهم. ثم أمرهم أن يؤمنوا بالقرآن من قبل أن يطمس وجوههم فيردّها على أدبارها. وهذا كناية عن تغيير حالهم من عز إلى ذل. ثم ذكر عظم ذنب الشرك الذي آثروا نصر أهله على المسلمين ، وذكر تزكيتهم لأنفسهم بأنهم شعب الله المختار ، وأنهم ، مع هذا فضلوا عبدة الأصنام على المؤمنين ، ثم ذكر أنهم لم يحملهم على ذلك إلا حسد النبي (ص) على ما آتاه الله من فضله ، وأنهم إذا حسدوه على ذلك ، فقد آتى قبله آل إبراهيم النبوة والكتاب والحكمة والملك ، فمنهم من آمن بما آتاهم من ذلك ، ومنهم من صدّ عنه حقدا وحسدا ، ثم أوعدهم على ذلك بما أوعدهم به ، ووعد الذين آمنوا جنات تجري من تحتها الأنهار (لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٥٧).

عودة إلى الأحكام

الآيات [٥٨ ـ ٧٠]

ثم قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (٥٨) فأمرهم بأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وأن يحكموا بين الناس بالعدل ، وأن يطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منهم ، وأن يردّوا ما يتنازعون فيه إلى كتاب الله وسنّة رسوله ، ثم ذكر أن المنافقين يعدلون عن ذلك إلى التحاكم إلى الأوثان كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، وأنهم إذا دعوا إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صدّوا صدودا ، وأنهم ، إذا أصابتهم مصيبة بما فعلوا من ذلك ، جاءوا إلى النبي (ص) يحلفون أنهم ما أرادوا ، بتحاكمهم إلى غيره ، إلا إحسانا وتوفيقا ، وأنه يعلم أنهم يبطنون خلاف ما يظهرون ، وأنهم ، لو كانوا مخلصين في ذلك ، لوجدوه توّابا رحيما ، وأنهم لا يؤمنون حقا حتى يحكّموا النبي (ص) في كل

١٢٤

ما شجر بينهم عن رضيّ منهم ، ثم ذكر أنه ، لو كلّفهم ما يشقّ عليهم من قتل أنفسهم ، أو الخروج من ديارهم ، لم يفعله إلا قليل منهم وضاقوا به ، وأنهم لو فعلوا ما يوعظون به مما يطيقونه لكان خيرا لهم. ثم ذكر أن من يطيعه ورسوله يكون مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصّدّيقين ومن إليهم (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) (٧٠).

أحكام القتال

الآيات [٧١ ـ ١٠٤]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (٧١) فأمرهم بأخذ الحذر وهو السلاح ، وأن ينفروا إلى القتال جماعات متفرقة أو مجتمعين. ثم ذكر لهم أن منهم من يثبّطهم عن القتال ، وهم المنافقون. فإن أصابتهم فيه مصيبة فرحوا بعدم خروجهم معهم ، وإن أصابهم فيه فوز تمنّوا أن لو كانوا معهم. ثم أمرهم بالقتال ووعدهم عليه عظيم الأجر ، قتلوا أو غلبوا ، وحثّهم على هذا بأنهم يقاتلون في سبيله وفي سبيل المستضعفين منهم بمكة ، وأن أعداءهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ، ومن يقاتل في سبيل الطاغوت يكون من أولياء الشيطان ، ومن يتولاه الشيطان يكون ضعيفا. ثم ذكر ما كان من المنافقين من طلب القتال قبل شرعه لهم. فلما كتب عليهم هابوه وتمنوا لو أخّر عنهم إلى أجل قريب حذرا من الموت ، وأمر النبيّ (ص) أن يرد عليهم بأن متاع الدنيا قليل ولو طال ، وبأن لكل منهم أجلا لا بد أن يدركهم ولو كانوا في بروج مشيدة. ثم ذكر أنهم ، بعد استثقال القتال ، إذا خرجوا إليه فأصابتهم حسنة ، يقولون إنها من عند الله ، وإن أصابتهم سيئة ألقوا فيها اللوم على النبي (ص) ، وأمره أن يردّ عليهم بأن الحسنة والسيئة جميعا من عند الله ، وإذا كان هناك سبب من العبد في إصابة السيئة فهو من نفسه لا من غيره ، فلا يصحّ أن يلوم في ذلك إلا نفسه ، وليس للنبي (ص) في الأمر شيء ، لأنه ليس إلا رسولا من الله. فمن يطعه فقد أطاع الله ، ومن يتولّ عنه فلا شيء عليه في تولّيه ، ثم ذكر أنهم إذا أمروا بالقتال أظهروا الطاعة في حضرة النبي (ص). فإذا خرجوا من عنده أضمروا خلافها ، والله يعلم ما يضمرون من ذلك ويكتبه

١٢٥

لهم. ولو أنهم تدبروا في ما يظهره القرآن من خفاياهم لعلموا أنه من عند الله ، لأن ما يظهره منها لا يختلف عما في ضمائرهم ، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى ، ثم ذكر أنهم ، إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف ، أذاعوه وزادوا فيه ليربكوا المسلمين بإرجافاتهم ، ويخفوا أمره عليهم.

ثم أمر النبي (ص) أن يقاتل في سبيله ويدع أولئك المنافقين ، وأن يحرّض المؤمنين على القتال ، لأنه بهذا يشفع شفاعة حسنة ، ومن يشفع شفاعة حسنة ، يكن له نصيب منها ، ومن يشفع شفاعة سيئة ، كالمنافقين المثبطين ، يكن له كفل منها ، ثم أمرهم إذا قابلهم أعداؤهم بالسلام أن يقابلوهم بأحسن منه ، لأنه لا يأمرهم إلا بقتال من يقاتلهم.

ثم لا مهم على اختلافهم في قوم ، من أولئك المنافقين بمكة ، كانوا يعينون المشركين على المسلمين ، فقال بعضهم إنهم مسلمون يحرّم قتلهم ، وقال بعضهم إنهم كفار يجوز قتلهم ؛ فذكر لهم أنه ما كان لهم أن يختلفوا فيهم وقد أركسهم بما كسبوا ، وردّهم إلى أحكام الكفار من الذل والصّغار والسّبي والقتل ، ونهاهم أن يتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا من مكة إليهم ، فإن تولّوا عن الهجرة ، فحكمهم حكم المشركين من أهل مكة ، ثم استثنى منهم فريقين : أولهما قوم دخلوا في عهد من كان داخلا في عهد المسلمين ، وثانيهما قوم ضاقت صدورهم عن القتال ، فلا يريدون قتال المسلمين ولا قتال قومهم. ثم ذكّر قوما آخرين من غطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا ليأمنوا المسلمين ، وإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ليأمنوهم ، فأمرهم بقتالهم إن لم يعتزلوهم ويسالموهم ويتركوا مظاهرة قومهم عليهم.

ثم ذكر أنه لا يصح لمؤمن أن يقتل مؤمنا في الحرب إلا خطأ ، بأن يرى عليه شعار الكفار فيظنّه مشركا ، وقد أوجب فيه الدّية إلى أهله إلا أن يصّدّقوا ، ثم ذكر حكم المؤمن المقتول خطأ إذا كان في دار الحرب ، وحكم المؤمن المقتول خطأ إذا كان بين أهل العهد ، ثم ختم ذلك بما ذكره من الوعيد الشديد على قتله عمدا ، تأكيدا لما ذكره من أنه لا يصحّ قتله إلا خطأ.

ثم أمرهم أن يتبينوا حال الكفار قبل

١٢٦

قتالهم ، ولا يقتلوا من يلقي إليهم السلام منهم طمعا في أموالهم ، وذكر لهم أنهم كانوا كفارا مثلهم فمنّ عليهم بالإسلام ، وقد يمنّ عليهم بالإسلام مثلهم.

ثم ذكر أنه لا يستوي القاعدون عن الجهاد والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم ، واستثنى من القاعدين أولي الضّرر لأنه لا جهاد عليهم ، ثم ذكر من فضل المجاهدين على القاعدين ما ذكر ، وأتبعه بوعيد من قعد عن الجهاد في دار الكفر ، وأوجب عليهم الهجرة منها إلى دار الإسلام ، واستثنى منهم المستضعفين الذين لا يمكنهم الهجرة ، ثم رغّبهم في الهجرة بأنهم يجدون بها في الأرض مراغما كثيرا وسعة ، وهذا إلى ما يكون لهم عند الله من عظيم الأجر.

ثم بيّن لهم كيف يؤدون الصلاة في زمان الخوف والاشتغال بمحاربة العدو ، فأباح لهم قصر الصلاة إذا ضربوا في الأرض للجهاد ، فإذا صلّوا خلف النبي (ص) في حال الحرب ، فليقسموا أنفسهم في الصلاة خلفه ، ولا يصلّوا خلفه دفعة واحدة ، فإذا زال الخوف أتوا بالصلاة على وجهها المعروف ، ثم ختم الكلام على القتال وأحكامه بقطع العذر عليهم فيه فقال (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١٠٤).

تحريم المحاباة في الحكم

الآيات [١٠٥ ـ ١٢٦]

ثم قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (١٠٥) وكان طعمة بن أبيرق سرق درعا ، فلما طلبت منه رمى بها واحدا من اليهود ، فجاء قومه يطلبون من النبي (ص) أن يعينهم عليهم ، فذكر له أنه أنزل عليه الكتاب ليحكم بين الناس بما يريه إياه ، ونهاه أن يخاصم للخائنين وأمره أن يستغفره من ذلك ، تعريضا بمن فعل ذلك من قوم طعمة ، ثم وبّخهم على ما كان منهم ، وذكر أنهم إذا جادلوا عن الخائنين في الدنيا ، فمن يجادل عنهم يوم القيامة ، وأن من يعمل سوءا ويستغفر الله ولا يرم به بريئا يغفره الله له ، ومن يعمل سوءا ثم يرم به بريئا ، فقد أضاف إليه إثما أشنع

١٢٧

منه ، ثم ذكر أنه لو لا فضله على النبي (ص) لأضلوه بذلك ، وأنهم لا يضلون إلا أنفسهم ، وأنه أنزل عليه الكتاب والحكمة وعلّمه ما لم يكن يعلم فتضاعف بهذا فضله عليه ، ثم ذكر أن ما يتناجون به من ذلك وغيره لا خير فيه ، وإنما الخير في التناجي بالأمر بالصّدقة أو المعروف أو الإصلاح بين الناس ، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ، فله عظيم الأجر ، ومن يمض في شقاقه إلى أن يرتدّ عن دينه كأولئك المنافقين فله شديد العقاب ، ولا يغفر الله له أبدا ، لأنه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء. ثم ذكر من قبائح شركهم أنهم لا يدعون من دونه إلا إناثا كاللّات والعزّى ، وإلا شيطانا مريدا يضل الناس ويزين لهم القبائح ويمنّيهم أنه لا بعث ولا حساب ، ثم ذكر أنه لا صحة لأمانيهم ولا لأمانيّ أهل الكتاب أنه لن يدخل الجنة غيرهم ، فمن يعمل سوءا يجز به في يوم الجزاء ، ومن يعمل صالحا يدخله الجنة ولا يظلمه شيئا ، وليس هناك أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله واتّبع ملة إبراهيم في توحيده (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) (١٢٦) [الآية ١٢٦].

أحكام أخرى في النساء

الآيات [١٢٧ ـ ١٣٤]

ثم قال تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ) [الآية ١٢٧]. وكانوا قد سألوا التخفيف في ما نزل في أول السورة في يتامى النساء اللاتي كانوا ينكحوهن طمعا في أموالهن ، وفي اليتامى الذين كانوا يحرمونهن من الميراث ، وفي العدل مع الزوجات في عشرتهن وعند مفارقتهن ، فذكر لهم أن ما تلاه عليهم أول السورة في اليتامى هو الذي يفتيهم الآن به ، لأنه لا سبيل إلى تغييره ، وأن الصلح بين المرأة وبعلها عند خوفها من نشوزه أو إعراضه خير من التسريح والفراق ، ولو اقتضى ذلك أن تتنازل المرأة عن بعض حقوقها في القسم والنفقة ونحوهما ، وتتغلب بذلك على ما جبلت عليه الأنفس من الشّحّ ، ثم ذكر أن ما أمر به في أول السورة من العدل بين الزوجات لا يمكن الإتيان به على وجهه الكامل ، فليأتوا منه ما في استطاعتهم من العدل في القسم ونحوه. فإذا لم يمكنهم ذلك

١٢٨

العدل المستطاع ، ولم ترض الزوجات أن ينزلن عن حقهن فيه ، فليتفرّقا يغن الله كلّا من سعته ، ثم ذكر أن ما أمرهم به في ذلك من التقوى التي وصّى بها أهل الكتاب من قبلهم ، ويوصيهم بها من بعدهم ، وأنهم إذا كفروا ولم يتّقوه فإنه غنيّ عنهم ، وأنه إن يشأ يذهبهم ويأت بغيرهم ، وأن من يريد ثواب الدنيا بالطمع في أولئك الضعاف (فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الآية ١٣٤].

تحريم المحاباة في الشهادة

الآية [١٣٥]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) [الآية ١٣٥]. فأمرهم أن يكونوا قوامين بالعدل في كل أمورهم ، وأن تكون شهادتهم لله ولو كان فيها ضرر على أنفسهم أو الوالدين والأقربين ، وإذا كان المشهود عليه غنيا أو فقيرا فلا يكتموا الشهادة لرضا الغني أو الترحم على الفقير ، ونهاهم عن متابعة الهوى ليستطيعوا القيام بما أمروا به من ذلك (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١٣٥).

عود إلى المنافقين وأهل الكتاب

الآيات [١٣٦ ـ ١٧٥]

ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [الآية ١٣٦]. فعاد إلى الكلام على المنافقين وأهل الكتاب ، وقد بدأ بالمنافقين وأهل الكتاب ، وقد بدأ بالمنافقين فأمرهم أن يؤمنوا إيمانا صادقا بما أمرهم أن يؤمنوا به ، وذكر أنه لا يغفر لمن يتذبذب في إيمانه مثلهم ، ثم أمر النبي (ص) أن يبشرهم بما لهم من عذاب أليم تهكّما بهم ، وذكر أنهم يتخذون الكافرين من اليهود أولياء من دون المؤمنين ، فيجلسون إليهم ويسمعون إلى طعنهم في القرآن ، مع أنهم قد نهوا عن سماع ذلك منهم ، ثم ذكر تذبذبهم بين المسلمين والكفار ، فإن كان للمؤمنين فتح طلبوا أن يشاركوهم في الغنائم ، وإن كان للكفار ظفر امتنوا عليهم بمنعهم من المسلمين ، وأنهم يخادعون الله بذلك وهو خادعهم ، وأنهم يقومون إلى الصلاة متكاسلين يراءون الناس فيها. ثم ذمّهم على تلك الذبذبة ، وحذر المؤمنين أن يتذبذبوا مثلهم ، فيوالوا الكفار كما والوهم. وذكر أنه أعدّ للمنافقين أشنع عقاب ، مبالغة في التحذير منهم ، واستثنى من ذلك من

١٢٩

تاب من نفاقه وأخلص دينه له ، لأنه لا حاجة له في عذاب أحد ، وإنما يعذب الناس ليحملهم على التوبة من ذنوبهم ، ثم ذكر أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول كما يفعل أولئك المنافقون ، وأباح لمن ظلم أن يجهر بما وقع عليه من الظلم ، ولمن يأتي بخير أن يظهره أو يخفيه ، وفضّل لمن ظلم أن يعفو عمن ظلمه.

ثم انتقل إلى اليهود فحكم بكفرهم لأنهم يريدون أن يؤمنوا ببعض كتبه ورسله دون بعض ، ثم أوعدهم على ذلك عذابا مهينا ، ووعد الذين يؤمنون بسائر الرسل بأنه سوف يؤتيهم أجورهم يوم القيامة ، ثم ذكر من تعنّتهم على النبي (ص) أنهم سألوه أن ينزل عليهم كتابا من السماء يعاينونه حين ينزل ، وأن تعنّتهم على موسى أكبر من ذلك ، فطلبوا منه أن يريهم الله جهرة ، وعبدوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ، إلى غير هذا من تعنتهم وعنادهم. ثم ذكر أنهم تعنتوا على مريم ونسبوها إلى الزنى ، وأنهم تعنتوا على المسيح وزعموا أنهم قتلوه ، وذكر أنهم لم يقتلوه يقينا بل رفعه إليه ، وأنه لا يموت بعد رفعه حتى يؤمن به من كذبه منهم ، ثم ذكر أنه جازاهم على تعنتهم بتشديده عليهم في الدنيا ، فحرّم عليهم بعض ما أحلّ لهم من الطيبات ، وأعدّ في الآخرة للكافرين منهم عذابا أليما. ثم استدرك على ذلك بأن الراسخين في العلم منهم لا يتعنتون على النبي (ص) ، بل يعلمون أنه النبي المبشّر به ، ويؤمنون به وبما أنزل إليه وما أنزل من قبله ، ثم ذكر أنه أوحى إلى النبي (ص) كما أوحي إلى الأنبياء من قبله ، وأنهم إذا لم يشهدوا بذلك فإنه يشهد به هو والملائكة ، ثم أوعدهم على كفرهم وتعنّتهم بما أوعدهم به ، وختم الكلام معهم بدعوتهم الى الإيمان بما جاءهم من الحق ، لأنه خير لهم من كفرهم وتعنتهم.

ثم انتقل إلى النصارى فنهاهم عن الغلوّ في دينهم بتعظيم المسيح إلى مرتبة الألوهية ، وذكر أنه إنما هو رسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. ثم أمرهم أن يؤمنوا به وحده ويتركوا عقيدة التثليث ، ونفى أن يكون له ولد كما يزعمون ، وذكر أن المسيح والملائكة المقربين لن يستنكفوا أن يكونوا عبيدا له ، وأوعد من يستنكف

١٣٠

عن عبادته بما ذكره في وعيده ، ووعد الذين يؤمنون به بما وعدهم به ، ثم دعاهم إلى الإيمان بعد أن جاءهم برهان به وأنزل إليهم نورا مبينا (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (١٧٥).

حكم الكلالة

الآية [١٧٦]

ثم قال تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) [الآية ١٧٦]. فذكر أنهم استفتوه في الكلالة من الورثة ، وهم الحواشي الذين يدلون بالوالدين إلى الميت ، وقد ذكر في أحكام الميراث السابقة نصيب الكلالة إذا كانوا إخوة لأم ، وذكر هنا نصيب الكلالة إذا كانوا من العصب ، وقد أفتاهم في ذلك بأن الأخت لها النصف ، وبأن أخاها يرث مالها كلّه إن لم يكن لها ولد (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٧٦).

١٣١
١٣٢

المبحث الثالث

أسرار ترتيب سورة «النساء» (١)

تقدّم وجوه مناسبتها

وأقول : هذه السورة أيضا شارحة لبقية مجملات سورة البقرة.

فمنها : أنه أجمل في البقرة قوله :

(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة ٢١]. وزاد هنا : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) [الآية ١].

وانظر كيف كانت آية التقوى في سورة البقرة غاية ، فجعلها في أول هذه السورة التالية لها مبدأ (٢).

ومنها : أنه أجمل في سورة البقرة : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [الآية ٣٥].

وبيّن هنا أن زوجته خلقت منه في قوله تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) [الآية ١].

ومنها : أنه أجمل في البقرة آية اليتامى ، وآية الوصية ، والميراث ، والوارث ، في قوله : (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) [البقرة ٢٣٣]. وفصّل ذلك في هذه السورة أبلغ تفصيل (٣).

وفصّل هنا من الأنكحة ما أجمله هناك ، فإنه قال في البقرة : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) [الآية ٢٢١].

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه‍ / ١٩٧٨ م.

(٢). آية التقوى في البقرة هي : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢). وهي غاية ، لأن الهداية بالكتاب وبآياته لا تكون إلا للمتقين ، فالتقوى غاية الهداية. أما في سورة النساء فقد بدأ الله الأمر بها في قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) [الآية ١]. وبيّن وسائل تحقيقها في الآية نفسها.

(٣). وذلك في الآيات (٧ ، ١١ ، ١٢ ، ٣٣ ، ١٧٦) من سورة النساء.

١٣٣

فذكر نكاح الأمة إجمالا ، وفصل هنا شروطه (١).

ومنها : أنه ذكر الصّداق في البقرة مجملا بقوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) [الآية ٢٢٩]. وشرحه هنا مفصّلا (٢).

ومنها : أنه ذكر هناك الخلع ، وذكر هنا أسبابه ودواعيه ، من النشوز وما يترتب عليه ، وبعث الحكمين (٣).

ومنها : أنه فصّل هنا من أحكام المجاهدين ، وتفضيلهم درجات ، والهجرة ، ما وقع هناك مجملا ، أو مرموزا إليه (٤).

وفيها من الاعتلاق بسورة الفاتحة :

تفسير : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ).

بقوله تعالى : (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) [الآية ٦٩].

وأما وجه اعتلاقها بآل عمران فمن وجوه :

منها : أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى ، وافتتحت هذه السورة به (٥).

وهذا من أكبر وجوه المناسبات في ترتيب السّور ، وهو نوع من البديع يسمّى : تشابه الأطراف.

ومنها : أن سورة آل عمران ذكرت فيها قصة أحد مستوفاة ، وذكر في هذه السورة ذيلها ، وهو قوله : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) [الآية ٨٨]. فإنها نزلت لما اختلف الصحابة في من رجع من

__________________

(١). وذلك في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) [الآية ٢٥].

(٢). وذلك في قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) [الآية ٢٠] إلى (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١).

(٣). قال عن الخلع في البقرة : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [الآية ٢٢٩]. وهنا قال : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) [الآية ٣٤] إلى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) [الآية ٣٥]. وهذا في أسباب الخلع.

(٤). قال هنا : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) [الآية ٩٥] إلى (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٩٩). وقال هناك : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ) [البقرة / ١٥٤] ؛ (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) [البقرة / ٢١٦]. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) [البقرة / ٢١٨].

(٥). ختمت آل عمران بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وافتتحت النساء بقوله سبحانه : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ).

١٣٤

المنافقين من غزوة أحد ، كما في الحديث (١).

ومنها : أن في آل عمران ذكرت الغزوة التي بعد أحد بقوله : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) [الآية ١٧٢] (٢). وأشير إليها هنا بقوله : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) [الآية ١٠٤] (٣).

وبهذين الوجهين عرف أن تأخير النساء عن آل عمران أنسب من تقديمها عليها في مصحف ابن مسعود ، لأن المذكور هنا ذيل ما في آل عمران ، ولاحقه وتابعه ، فكانت بالتأخير أنسب.

ومنها : أنه ذكر في آل عمران قصة خلق عيسى بلا أب ، وأقيمت له الحجة بآدم ، وفي ذلك تبرئة لأمه ، خلافا لما زعم اليهود ، وتقرير لعبوديته ، خلافا لما ادعته النصارى ، وذكر في هذه السورة الرد على الفريقين معا : فرد على اليهود بقوله : (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) [الآية ١٥٦] ، وعلى النصارى بقوله : (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [الآية ١٧١] ، إلى قوله : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ) [الآية ١٧٢].

ومنها : أنه لما ذكر في آل عمران : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [آل عمران / ٥٥] ، رد هنا على من زعم قتله بقوله : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ).

ومنها : أنه لما قال في الآية ٧ من آل

__________________

(١). أخرجه البخاري في التفسير : ٦ / ٥٩ عن زيد بن ثابت. ومسلم في المنافقين : ٨ / ١٢٨ ، وأحمد في المسند : ٥ / ١٨٤ ، وفيه : أن الصحابة اختلفوا فيمن رجع عن غزوة أحد ، فقال فريق : بقتلهم. وقال فريق : لا. فنزلت.

(٢). هو يوم حمراء الأسد ، كان عقب أحد ، وكان الكفار قد ندموا أن لم يدخلوا المدينة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فندب المسلمين للخروج على ما بهم من جراح ، ليريهم أن بهم قوة وجلدا. انظر البخاري : ٥ / ١٣٠ ، والمستدرك : ٢ / ٢٩٨ وسيرة ابن هشام : ٢ / ١٠١.

(٣). ومن أسرار الترتيب أنه تعالى زاد في سورة «محمد» تفصيل سبب النهي عن الوهن في قوله : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) (٣٥).

١٣٥

عمران في المتشابه (١) : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، قال هنا : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [الآية ١٦٢].

ومنها : أنه لما قال في آل عمران : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) [آل عمران / ١٤] ، فصّل هذه الأشياء في السورة التي بعدها على نسق ما وقعت في الآية ، ليعلم ما أحل الله من ذلك فيقتصر عليه ، وما حرّم فلا يتعدّى إليه ، لميل النفس إليه.

فقد جاء في هذه السورة أحكام النساء ، ومباحاتها (٢) ، للابتداء بها في الآية السابقة في آل عمران ، ولم يحتج إلى تفصيل البنين ، لأن تحريم البنين لازم ، لا يترك منه شيء كما يترك من النساء ، فليس فيهم مباح فيحتاج إلى بيانه ، ومع ذلك أشير إليهم في قوله : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٩).

ثم فصّل ، في سورة المائدة ، أحكام السراق ، وقطاع الطريق (٣) ، لتعلقهم بالذهب والفضة الواقعين في الآية بعد النساء والبنين. ووقع في سورة النساء إشارة إلى ذلك في قسمة المواريث.

ثم فصّل ، في سورة الأنعام ، أمر الحيوان والحرث ، وهو بقية المذكور في آية آل عمران. فانظر إلى هذه اللطيفة التي من الله بإلهامها!

ثم ظهر لي أن سورة النساء فصل فيها ذكر البنين أيضا ، لأنه لما أخبر بحب الناس لهم ، وكان من ذلك إيثارهم على البنات في الميراث ، وتخصيصهم به دونهن ، تولى قسمة

__________________

(١). المتشابه في القرآن يأتي على معنيين : أولهما المتماثل في اللفظ ، وهو غير مراد هنا ، والثاني ما جاء مؤيدا للواجبات بأصله ، رادّا بوصفه ، فتشابه على السامع من حيث خالف حجة العقل من وجه دون وجه (الأمد الأقصى ١٢٠ أ).

(٢). وذلك من قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) [الآية ٢٢] إلى قوله : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (٢٧).

(٣). وذلك بقوله تعالى في المائدة : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا) [الآية ٣٣].

١٣٦

المواريث بنفسه ، فقال : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [الآية ١١]. وقال : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ) [الآية ٧]. فرد على ما كانوا يصنعون من تخصيص البنين بالميراث ، لحبهم لهم ، فكان ذلك تفصيلا لما يحل ويحرم من إيثار البنين ، اللازم عن الحب ، وفي ذلك تفصيل لما يحل للذكر أخذه من الذهب والفضة ، وما يحرم.

ومن الوجوه المناسبة لتقدّم آل عمران على النساء : اشتراكها مع البقرة في الافتتاح بإنزال الكتاب ، وفي الافتتاح ب الم وسائر السور المفتتحة بالحروف المقطعة كلها مقترنة ، كيونس وتواليها ، ومريم وطه ، والطواسين ، و (الم) (١) العنكبوت وتواليها ، والحواميم ، وفي ذلك الدليل الأول على اعتبار المناسبة في الترتيب بأوائل السور.

ولم يفرق بين السورتين من ذلك بما ليس مبدوءا به سوى بين الأعراف ويونس اجتهادا لا توقيفا ، والفصل بالزّمر بين (حم) (١) [غافر] و (ص) وسيأتي.

ومن الوجوه في ذلك أيضا : اشتراكهما في التسمية بالزهراوين في حديث : «اقرءوا الزهراوين : البقرة وآل عمران». فكان افتتاح القرآن بهما نظير اختتامه بسورتي الفلق والناس ، المشتركتين في التسمية بالمعوّذتين.

١٣٧
١٣٨

المبحث الرابع

مكنونات سورة «النساء» (١)

١ ـ (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) [الآية ١].

روى ابن جرير (٢) عن ابن إسحاق : أنّ بني آدم من صلبه أربعون في عشرين بطنا ؛ فممّا حفظ من ذكورهم : قابيل ، وهابيل ، وإباذ ، وشبوبة ، وهند ، ومرابيس ، وفحور ، وسند ، وبارق ، وشيش.

ومن إناثهم : إقليمة ، واشوف ، وجزروة ، وعزورا.

قال ابن عسكر : وقد روي أنّ من صلب بني آدم عبد المغيث ، وتوأمته أمة المغيث وذكر أيضا منهم : عبد الحارث.

وفي «مختصر العين» (٣) في قول

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي ، تحقيق إياد خالد الطبّاع ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرخ.

(٢). في «تاريخه» ١ / ١٤٥ ، وفي الأسماء التالية المذكورة فيه اختلاف عما جاء في أصول هذا الكتاب ؛ وجاءت في «تاريخ الطبري» كما يلي : «عن ابن إسحاق ، قال : فكان من بلغنا اسمه خمسة عشر رجلا وأربع نسوة ؛ منهم قين وتوأمته ، وهابيل وليوذا. وفي نسخة من «تاريخ الطبري» كيوذا ، وأشوث بنت آدم وتوأمتها ، وشيث وتوأمته ، حزروة وتوأمتها ، على ثلاثين ومائة سنة من عمره ، ثم أباد ، وفي نسخة : إياد بن آدم وتوأمته ، ثم بالغ وفي نسخة : بالع بن آدم وتوأمته ، ثم أتاني. وفي نسخ : أثاث ، أثاثي وتوأمته ، ثم توبة وفي نسخة : ثوبة بن آدم وتوأمته ، ثم بنان. وفي نسخ : بيان ، لبنان بن آدم وتوأمته ، ثم شبوبة. وفي نسخ : ثوبه ، شوبه ، سبوبه بن آدم وتوأمته ، ثم حيان بن آدم وتوأمته ، ثم ضرابيس وفي نسخة : صرابيس بن آدم وتوأمته ، ثم هدز. وفي نسخ : هزر ، هوز ، هرز ، هدن بن آدم وتوأمته ، ثم يحور. وفي نسخ : نجود ، يحود ، بحود بن آدم وتوأمته ، ثم سندل بن آدم وتوأمته ، ثم بارق بن آدم وتوأمته ، كل رجل منهم تولد معه امرأة في بطنه الذي يحمل به فيه».

(٣). هذا الكتاب هو مختصر لكتاب الخليل بن أحمد المسمى «العين» ، وهو من تأليف أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي ـ

١٣٩

العرب : (هيّ بن بيّ) لمن لا يعرف : أن هيّا كان من ولد آدم فانقرض نسله.

قال ابن عسكر : وجميع أنساب بني آدم ترجع إلى شيث ، وسائر أولاده انقضت أنسابهم من الطّوفان (١).

وذكر بقي (٢) بن مخلد : أن ودّا ، وسواعا ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرا كانوا أولاد آدم من صلبه. حكاه ابن عسكر. وقد أخرج ابن أبي حاتم مثله عن عروة.

٢ ـ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) [الآية ٢٧].

قال مجاهد : هم الزّناة.

وقال السّدّي : اليهود والنّصارى.

أخرجهما ابن جرير (٣).

٣ ـ (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) [الآية ٣٧].

نزلت في كردم (٤) بن زيد ، وأسامة بن حبيب ، ونافع بن أبي نافع ، وبحري (٥) بن عمرو ، وحيي بن أخطب ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، حين أمروا رجالا من الأنصار بترك النفقة على من عند رسول الله (ص) ، خوف الفقر عليهم. أخرجه ابن جرير (٦) عن ابن عباس.

٤ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) [الآية ٤٤].

سمّي منهم : رفاعة بن زيد بن التابوت. أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس (٧).

__________________

ـ بالتصغير ، نسبة لقبيلة ، أندلسي توفي سنة ٣٧٩ ه‍. ووهم الزركلي في «الأعلام» فعزاه إلى محمد مرتضى الزبيدي ، بفتح الزاي ، نسبة إلى البلد زبيد ، فكيف يستشهد به السيوطي المتوفى سنة ٩١١ ه‍ هنا وقد ولد محمد مرتضى الزبيدي سنة ١١٤٥ ه‍؟!.

(١). انظر نحو ذلك في «تاريخ الطبري» ١ / ١٥٣.

(٢). وبقي بن مخلد الأندلسي القرطبي : حافظ مصنف ، له «تفسير» قال فيه ابن بشكوال : «لم يؤلّف مثله في الإسلام». وله «مسند» قال ابن حزم فيه : روى عن ألف وثلاث مائة صحابي ونيف ، ورتبه على أبواب الفقه فهو مسند ومصنف ليس لأحد مثله.

(٣). ٥ / ١٩.

(٤). في النسخ المطبوعة : «كدوم» ، والمثبت من الخطيتين و «سيرة ابن هشام» ١ / ٥١٥.

(٥). في النسخ المطبوعة : «محرى» ؛ وما أثبته هو الصواب.

(٦). ٥ / ٥٥.

(٧). و «الطبري» ٥ / ٧٤.

١٤٠