الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٢

الموسوعة القرآنيّة خصائص السور - ج ٢

المؤلف:


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٠

١

سورة آل عمران

٣

٢

المبحث الأول

أهداف سورة «آل عمران» (١)

سورة آل عمران سورة مدنية كلها ، وهي مائتا آية باتفاق. ومن سماتها البارزة وصف غزوة أحد وتسجيل أحداثها ، وتقديم الدروس والعبر للمسلمين من خلالها في نحو خمسين آية ، (من الآية ١٢١ إلى الآية ١٦٨). وفي أعقاب غزوة أحد ، فضل الشهادة ومنزلة الشهداء عند ربهم ، وحديث عن غزوة حمراء الأسد ، ودعوة إلى الصبر والثبات. وفي ختام السورة نجد لوحة رائعة من دعاء المؤمنين واستجابة الله رب العالمين.

(١)

قصة التسمية

جاء ذكر عمران في هذه السورة مرتين في آيتين متتاليتين ، قال تعالى :

(إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٣٥) وقد ذهب فريق من المفسرين إلى أن عمران ، الذي سميت السورة باسمه ، هو عمران أبو موسى. والراجح أنه عمران والد مريم ، وكان بين العمرانين ، فيما يقول الرواة ، أمد طويل.

ونحن ، إذا تتبعنا أسماء السور في القرآن الكريم ، نجدها تشير إلى أهمّ ما اشتملت عليه السورة وأغربه ، فسورة

__________________

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاتة ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.

٣

البقرة سمّيت بهذا الاسم لقصة عجيبة الشأن تتعلق ببقرة أمر بنو إسرائيل بذبحها ، وكان ذلك سبيلا لمعرفة الجاني في حادثة قتل لم يعرف مرتكبها. وسورة المائدة سميت بهذا الاسم لقصة المائدة التي طلب الحواريّون إنزالها من السماء. وسورة النساء سميت بذلك لأنّ أهم ما عرضت له هو الأحكام التي أراد الله بها تنظيم أحوال النساء ، وحفظ حقوقهنّ ، وعدم الإضرار بهنّ ، وهكذا. وسورة الأنعام عرضت لذكر الأنعام وأنواعها من الإبل والبقر والغنم. وسورة الأعراف عرضت لذكر الأعراف ، وهو حاجز مرتفع بين الجنة والنار ، عليه رجال استوت حسناتهم وسيئاتهم. وسورة الأنفال عرضت لذكر الأنفال ، وهي الغنائم وطريقة توزيعها. وسورة التوبة عرضت لذكر توبة الله على المؤمنين وعلى الثلاثة الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ، ثم تاب الله عليهم ليتوبوا.

وسورة يونس عرضت لذكر نبي الله يونس ، وإيمان قريته كلها به. وسورة هود تعرّضت لذكر نبي الله هود ورسالته إلى قومه في قوله تعالى :

(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) (٥٠) [هود]. وتتابعت السورة تصف رسالات السماء إلى ثمود قوم صالح ، وإلى مدين قوم شعيب ، ورسالة إبراهيم ولوط وموسى إلى قومهم. وسورة يوسف دارت كلها تقريبا حول قصة يوسف عليه‌السلام من بدايتها إلى نهايتها.

وهكذا نجد أنّ الأساس العام في تسمية السور هو أهم شيء ذكر فيها ، أو أغرب شيء تحدّثت عنه. وإذا رجعنا إلى تسمية السورة الثالثة (١) من القرآن بسورة آل عمران ، وراعينا أننا ، إذا قرأنا السورة من أولها إلى آخرها ، لا نجد فيها شيئا غريبا أو مهمّا يتعلق بموسى وهارون ، بل نجد أنّ أبرز ما فيها وأغرب شؤونها هو ما عنيت بتفصيله من شأن عيسى وأمه ، لدعانا ذلك إلى موافقة رأي من رأى من

__________________

(١). السورة الأولى هي سورة الفاتحة والسورة الثانية هي سورة البقرة.

٤

المفسرين أنّ عمران الذي سميت السورة بآله هو عمران أبو مريم ، لا أبو موسى وهارون. فالسورة تذكر طبقات من اصطفاهم الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران ، لتبيّن للقوم ، من أول الأمر ، أنّ اصطفاء الله من آل عمران عيسى وأمه ، ليس إلا كاصطفائه لغيرهما ممّن اصطفى ، وأنّ ما ظهر على يد عيسى من خوارق العادات التي يتخذونها دليلا على ألوهيته أو نبوته أو حلول الله فيه ، لم يكن إلا أثرا من آثار التكريم الذي جرت به سنّة الله في من يصطفي من الأنبياء والمرسلين. ويقوّي هذا أنّ الله يقول ، عقب هذه الآية ، بيانا لاصطفاء آل عمران :

(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً).

وأنّه يقول في جانب مريم :

(وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (٤٢).

وهكذا نجد أنّ اصطفاء آل عمران ذكر أولا مجملا ضمن من اصطفى الله ، ثم بيّن باصطفاء مريم أو عيسى. ومن هذا يتبين أنّ عمران الذي سمّيت السورة بآله هو أبو مريم ، لا أبو موسى وهارون.

(٢)

مقاصد سورة آل عمران

سورة آل عمران سورة مدنية ، وليست من أوائل ما نزل بالمدينة ، ولكنها نزلت بعد فترة طويلة من حياة المسلمين بها ، وبعد أن تقلبت عليهم فيها أحوال من النصر والهزيمة في غزوات متعددة ، واختلطوا اختلاطا واضحا بأهل الكتاب من يهود ونصارى ، وجرى بينهم ، من الحجاج والنقاش ما يتصل بالدعوة المحمدية وفروعها.

وقد ذكرت فيها غزوات بدر وأحد وحمراء وبدر الأخيرة. وكانت هذه في شعبان من السنة الرابعة. وقد نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال التي تكفلت بالكلام على بدر. ونزلت بعدها سورة الأحزاب التي نزلت في آخر السنة الخامسة.

العناية بأمرين عظيمين :

ونحن ، إذ نقرأ السورة ، نجد أنّها عنيت بأمرين عظيمين :

٥

أحدهما : تقرير الحق في قضية العالم الكبرى وهي مسألة الألوهية ، وإنزال الكتب وما يتعلق بها من أمر الوحي والرسالة ، وبيان وحدة الدين عند الله.

والثاني : تقرير العلّة التي من أجلها ينصرف الناس في كل زمان ومكان عن التوجه إلى معرفة الحق والعمل على إدراكه والتمسك به (١).

الأمر الأول :

قضية الألوهية وتقرير الحق فيها

ولقد بدأت السورة بتقرير الأمر الأول فذكرت وحدانية الله ، وأنه وحده هو الحي الذي لا يدركه الفناء ، القيّوم الذي له الهيمنة والتدبير والقيام على شؤون الخلق بالإيجاد والتربية الجسمية والعقلية والإعزاز والإذلال. وقرّرت ، في سبيل ذلك ، علمه المحيط وقدرته النافذة القاهرة :

(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ).

(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦).

(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢٧).

تقرر السورة هذا في كثير من أمثال هذه الآيات ثم تؤكد اصطفاء الله لبعض خلقه :

(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [النساء / ١٦٥].

يعرفون مهمتهم التي كلفهم الله إياها ، وهي دعوة الخلق إلى الحق ، وأنّهم أعقل وأحكم من أن يقولوا للناس اتخذونا آلهة من دون الله :

(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا

__________________

(١). انظر رقم ٤ فيما يأتي.

٦

رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (٧٩).

وقد أخذ الله العهد على الرسل أن يصدق بعضهم بعضا في الحق ودعوة الناس إليه ، وأن يصدق السابق منهم اللاحق. قال تعالى :

(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٨١).

هذا هو العهد الذي حفظه عيسى (ع) وتوفّي عليه ، وسيجيب به ربه يوم القيامة ، وسيتبرأ المسيح عليه‌السلام ممن عبده أو اتخذه إلها.

(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) [المائدة].

(٣)

وحدة الدين عند الله

أبرزت سورة آل عمران وحدة الدين عند الله وكررت هذه الحقيقة على لسان رسله جميعا : (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) [الآية ٣].

(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٨٤).

وتقرر أن هذا هو الدين الذي جاء من عند الله :

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥).

ثم تتجه السورة إلى الذين غلبت عليهم شقوتهم فحاربوا الله في دينه ، وأعرضوا عن رسله ، وأخذوا يناوئون الحق على وضوحه ، فتذكر كثيرا من أساليب ضلالهم ، وألوان شبههم ، التي كانوا يعززون بها مراكزهم ، ويحاولون بها فتنة المؤمنين عن دينهم ، حسدا وبغيا لا طلبا للحق ، ولا التماسا للهدى.

٧

المسرفون في شأن عيسى (ع)

وقد خصت السورة جماعة المسرفين في شأن عيسى (ع) الزاعمين له الألوهية والبنوّة أو الحلول ، فذكرت السورة أن عيسى خلق بقدرة الله ليكون معجزة للبشرية ودليلا على تفرد الله بالألوهية. فقد خلق الله آدم بلا أب ولا أم ؛ ثم خلق حواء من أب وبلا أم ، ثم خلق عيسى من أم وبلا أب.

(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥٩).

فظهور الخوارق والمعجزات أمر من سنّة الله في خلقه. فقد خلق الله يحيى لزكريا على كبر من أبيه ، ويأس من أمه. وبشرت الملائكة زكريا بيحيى. وتعجب زكريا من هذه البشارة مع حالته ، فرده الله إلى مشيئته :

(كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) (٤٠).

وهكذا كان شأن عيسى وجد بلا أب بمشيئة الله ، وبشرت الملائكة به أمه بأمر الله ، وعجبت مريم لهذه البشارة :

(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [مريم / ٢٠].

فرد الله ذلك إلى مشيئته :

(قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٧).

ثم تعرض السورة بعد هذا أن الخوارق ، التي ظهرت على يد عيسى ، لم تكن إلا من سنة الله في تأييد رسله بالمعجزات الدالة على أنهم عباد الله ، علّمهم الله الكتاب والحكمة وأن الله أرسله إلى بني إسرائيل بآيات من ربه. وعلى لسان عيسى يقول القرآن الكريم :

(أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٥١).

(٤)

بيان أسباب انصراف

الناس عن الحق

المقصد الثاني من مقاصد سورة آل

٨

عمران : بيان أسباب انصراف الناس عن الحق ، وشرح أسباب العلة التي تستحوذ على عقول الناس ، وتستولي على قلوبهم ، فتصرفهم عن الاستماع للحق والالتفات إليه.

وقد بينت السورة أن هذه العلة هي غرور الناس بما لهم من أموال وأولاد وجاه وسلطان ، فقد كانوا يتصورون أن في إيمانهم بصاحب الدعوة الجديدة زلزلة لما لهم من جاه وسلطان ، وأنهم في غنّى عن هذه الدعوة بما لهم من الأموال والأولاد. ويظنون أن ذلك كان لهم عن استحقاق ذاتي وأنه دائم لا يزول ، ولا يؤثر فيه إيمان ولا كفر ، وكثيرا ما حدّثنا القرآن عن مثل هذا الوهم الفاسد الذي خدع كثيرا من الناس فأضلهم وأعمى أبصارهم ، قال تعالى :

(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً (٣٥) وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) (٣٦) [الكهف].

وقال سبحانه :

(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧) قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (٧٨) [القصص].

وعلى هذا الأساس الذي أرشدنا الله إليه في كثير من آيات كتابه ، أخذت سورة آل عمران تضرب على هذه العلة التي يتوارثها الجبارون ، وترشد إلى أن حب المال والغرور بمتاع الحياة هما علة العلل ، وهما الحائل بين الناس وبين الحياة الطيبة والإيمان الصادق. وفي ذلك تقول :

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (١٠).

وجدير بالمسرفين في كل زمان ومكان أن يلتفتوا إلى أن الأموال التي ينفقونها في لذاتهم وشهواتهم وبسط سلطانهم على الناس بغير حق ، لا بد أن تفسد عليهم في نهاية الأمر أخلاقهم

٩

وعقولهم وتهدم ما بنوا من حضارات وما شيدوا من قصور.

وبينما تعرض السورة أثر الافتتان وسوء عاقبة الغرور بالأموال والأولاد ، نراها تقرر الحق في شأن حب الناس للأموال ومظاهر هذه الحياة. وتقول إنه شيء فطروا عليه ، ولكنه ليس هو المقصد الأسمى من هذه الحياة ، وإنما هو متاع وزينة ، وهو في الوقت نفسه وسيلة للحصول على المتاع الخالد في الحياة الخالدة ، إذا أحسن استعماله ، قال تعالى :

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (١٥).

ثم تصف هؤلاء الذين اتقوا والذين لهم ذلك الجزاء بأنهم هم الذين أدركوا الحق وأنفقوا ما آتاهم الله من مال ابتغاء مرضاة الله ، وصبروا على ما انتابهم من بلايا ومحن ورجعوا إلى الله بالتوبة والاستغفار ، قال تعالى :

(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٦) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) (١٧).

(٥)

عظمة القرآن

في تربية المؤمنين

تمثل سورة آل عمران قطاعا حيا من حياة الجماعة المسلمة في المدينة من بعد غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة ، إلى ما بعد غزوة أحد في السنة الثالثة ، وما أحاط بهذه الحياة من ملابسات شتّى خلال هذه الفترة الزمنية ، وفعل القرآن ، إلى جانب الأحداث ، في هذه الحياة وتفاعلها معه في مختلف الجوانب.

والنصوص هي ، من القوة والحيوية ، بحيث تستحضر صورة هذه الفترة وصورة الحياة التي عاشتها الجماعة المسلمة ، وصورة الاشتباكات والملابسات التي أحاطت بهذه الحياة.

ويتنزل القرآن ليواجه الكيد والدس

١٠

ويبطل الفرية والشبهة ويثبّت القلوب والأقدام ، ويوجه الأرواح والأفكار ويعقب على الحادث ويبرز فيه العبرة ، ويبني التصور ويزيل عنه الأوهام ، ويحذر الجماعة المسلمة من العدو الغادر ، والكيد الماكر ، ويقود خطاها بين الأشواك والمصايد والأحابيل ، قيادة الخبير بالفطرة العليم بما تكنّ الصدور.

وإذا أعدنا قراءة سورة آل عمران وقصة بدر وأحد فيها ، أدركنا أن هذا القرآن هو قرآن هذه الدعوة في أي مكان وأي زمان ، وهو دستور هذه الأمة في أي جيل ومن أي قبيل ، وهو حادي الطريق وهادي السبيل على توالي القرون ... ذلك أنه خطاب الله الأخير لهذا الإنسان في جميع العصور.

* * *

في هذه الفترة التي نزلت فيها السورة كانت الجماعة المسلمة في المدينة قد استقرت بعض الاستقرار في موطنها الجديد في مدينة الرسول (ص) ، وكانت غزوة بدر الكبرى قد وقعت وكتب الله فيها النصر للمسلمين على قريش ، وكان هذا النصر بظروفه التي تمّ فيها ، والملابسات التي أحاطت به ، تبدو فيه رائحة المعجزة الخارقة ، ومن ثم اضطرّ رجل كعبد الله بن أبيّ بن سلول ، من عظماء الخزرج ، أن ينزل عن كبريائه وكراهته لهذا الدين ولنبيّه الكريم ، وأن يكبت حقده وحسده للرسول الكريم ، وأن ينضم منافقا للجماعة المسلمة وهو يقول : «هذا أمر قد توجه» ، أي ظهرت له وجهة هو ماض فيها لا يردّه عنها رادّ.

بذلك وجدت بذرة النفاق في المدينة أو نمت وأفرخت. وقد وجد هؤلاء المنافقون حلفاء طبيعيين لهم في اليهود الذين كانوا يجدون في أنفسهم من الحقد على الإسلام والمسلمين مثل ما يجد المنافقون بل أشد.

ولذلك نزل القرآن الكريم يوضح حقيقة الألوهية ، ويبيّن الحق في الرسالة ، ثم يوضح العلة التي أعمت الناس عن رؤية الحق ، وهي علة الغرور بالمال والولد. وقد استنفدت سورة آل عمران أكثر من نصفها في توضيح هذين المقصدين.

ثم توجهت السورة إلى جماعة المؤمنين الذين جمعهم الحق ، وتكوّنوا على أساس الرحمة بالخلق لتحذرهم

١١

من دسائس المنافقين ، وحيل المبطلين وخداع اليهود والمشركين ، وتذكّرهم أن يظلوا إخوة معتصمين بحبل الله متحدين برباط الأخوّة والمودة ، متضامنين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى تدوم لهم وحدتهم وتستقر دولتهم ، قال تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) (١٠٠) وقال سبحانه :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).

(٦)

القرآن

كتاب الوجود والخلود

هذا القرآن هو كتاب الدعوة الإسلامية ، هو روحها وباعثها ، هو قوامها وكيانها ، هو حارسها وراعيها ، هو بيانها وترجمانها ، هو دستورها ومنهجها ، هو في النهاية المرجع الذي تستمد منه الدعوة ، كما يستمد منه الدعاة ، وسائل العمل ومناهج الحركة وزاد الطريق ..

ولكن ستظل هنالك فجوة عميقة بيننا وبين القرآن ما لم نتمثل في حسّنا ، ونستحضر في تصورنا ، أن هذا القرآن ، خوطبت به أمة حية ، ذات وجود حقيقي ، ووجهت به أحداث واقعية في حياة هذه الأمة ، ووجهت به حياة إنسانية حقيقية في هذه الأرض ، وأديرت به معركة ضخمة في داخل النفس البشرية ، وفي رقعة من الأرض كذلك ، معركة تموج بالتطورات والانفعالات والاستجابة.

* * *

وسيظل هنالك حاجز سميك بين قلوبنا وبين القرآن ، ما دمنا نتلوه أو نسمعه كأنه مجرد تراتيل تعبدية مهوّمة ، لا علاقة لها بواقعيات الحياة البشرية اليومية التي تواجه الإنسان والتي تواجه الأمة الإسلامية ، في حين أن هذه الآيات قد نزلت لتواجه نفوسا ووقائع وأحداثا حية ، ذات وجود واقعي حي ، ووجهت بالفعل تلك النفوس والوقائع والأحداث توجيها واقعيا حيا نشأ عنه وجود ذو خصائص في حياة (الإنسان) بصفة عامة ، وفي حياة الأمة الإسلامية بوجه خاص.

* * *

١٢

ومعجزة القرآن البارزة تكمن في أنه نزل لمواجهة واقع معين ، في حياة أمة معينة ، في فترة من فترات التاريخ محددة ، وخاض بهذه الأمة معركة كبرى حوّلت تاريخها وتاريخ البشرية كله معها ، ولكنه ، مع هذا ، يعارض ويواجه ، ويملك أن يواجه الحياة الحاضرة ، وكأنما هو يتنزل اللحظة لمواجهة الجماعة المسلمة في شؤونها الجارية ، وفي صراعها الراهن مع الأعداء من حولها ، وفي معركتها كذلك في داخل الناس وفي عالم الضمير بالحيوية نفسها ، والواقعية نفسها ، التي كانت له هنالك يومذاك.

* * *

وإذا كان من المضحك أن يقول قائل عن الشمس مثلا : هذا نجم قديم رجعي يحسن أن نستبدل به نجما جديدا تقدّميا. أو أن هذا الإنسان مخلوق قديم رجعي يحسن أن يستبدل به كائن آخر تقدمي لعمارة هذه الأرض.

إذا كان من المضحك أن يقال هذا أو ذاك ، فأولى أن يكون هذا هو الشأن في القرآن ، خطاب الله الأخير للإنسان.

لقد عاش القرآن في ضمير الجماعة المسلمة ، وأخذ بيدها خطوة خطوة ، وسار معها وهي تتعثر وتنهض ، وتحيد وتستقيم وتضعف وتقاوم ، وتتألم وتحتمل وترقى في الدرج الصاعد في بطء ومشقة ، في صبر ومجاهدة. تتجلى فيها خصائص الإنسان كلها ، وضعف الإنسان كله ، وطاقات الإنسان كلها.

لقد واكب القرآن نصر المسلمين في بدر ، وهزيمتهم في أحد ، فكان القرآن في التربية السلوكية قد أعلمهم أن النصر من عند الله ، وأن النصر سلاحه الإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والثقة بالله والاعتماد عليه ، والعمل الدائب المخلص. وفي أعقاب الهزيمة في أحد كان القرآن يبلسم الجراح ، ويمسح الآلام ، ويوضح أن الأيام دول ، وأن الحرب سجال : يوم لك ويوم عليك.

وكانت للقرآن دعوات متكررة في سورة آل عمران تحث على الصبر والمصابرة والرباط والمرابطة ، وتبين شرف الشهادة وأجر المجاهدين وثواب الصابرين ، فيقول سبحانه :

(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ

١٣

أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٧١).

(٧)

دروس من غزوة أحد

لقد عنيت سورة آل عمران بمقصدين عظيمين استغرقا نصفها الأول ، هما الصدق في الإيمان ، وعدم الاغترار بزخارف الحياة. وفي النصف الثاني من هذه السورة نجد دروسا عملية عن أسرار النصر في بدر والهزيمة في أحد.

تلفت السورة نظر المسلمين إلى موقعة بدر ، وكيف انتصروا فيها بالإيمان والصبر والتقوى ، مع قلتهم وضعفهم في المال والعدة ، ومع كثرة أعدائهم ووفرة مالهم وقوة عددهم ، فيقول سبحانه :

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١٢٦).

وتلفت السورة نظر المسلمين إلى موقعة أحد وفيها اعتمد المسلمون على قوتهم وكثرتهم ، وخطف أبصارهم شيء من زخارف الدنيا. وفيها انهزموا بسبب مخالفة الرماة أوامر القيادة الحكيمة ، وفيها أرجف الأعداء بموت الرسول ، فتزلزلت أعصاب كثير من المؤمنين ، وفيها أفصح المنافقون عن نياتهم ، وفي ذلك كله تقول سورة آل عمران :

(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [الآية ١٥٢].

(والمعنى إذ تقتلونهم وتبطلون حسّهم بإذن الله).

(حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (١٥٢).

١٤

ويقول سبحانه :

(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٤٨).

* * *

ثم تنبه السورة إلى أن الشأن في أرباب الحق أن ينالهم من نصراء الباطل كثير من الأذى بالقول والعمل ، وأن واجب المؤمنين أن يتلقوا كل ذلك الصبر والاحتمال. قال تعالى :

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٨٦).

بعد هذا كله تختم السورة بأمرين عظيمين :

أحدهما : رسم الطريق الذي يصل به الإنسان إلى معرفة الحق والإيمان به ، فيقول سبحانه :

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١٩١).

والثاني : هذه النصيحة الغالية التي ما تمسكت بها أمة إلّا تركزت وسمت وعزّت ، وما تخلت عنها أمة إلّا أصيبت بالضعف والانحلال والتدهور والانحطاط والذل والهوان ، وتتمثل هذه النصيحة في الآية الأخيرة من سورة آل عمران :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠).

١٥

(٨)

سنن الله ماضية

وقوانينه عامة

انتصر المسلمون في غزوة بدر في العام الثاني من الهجرة نصرا كاملا باهرا بأيسر الجهد والبذل. فقد خرج ذلك العدد القليل من المسلمين غير مزودين بعدة ولا عتاد ، إلا اليسير ، فلاقوا ذلك الجحفل الضخم من قريش في عدتهم وعتادهم. ثم لم تلبث المعركة أن انجلت عن ذلك النصر المؤزّر الباهر.

وكان هذا النصر في الواقعة الأولى التي يلتقي فيها جند الله بجند الشرك قدرا من الله ندرك اليوم طرفا من حكمته ، ولعله كان لتثبيت الدعوة الناشئة وتمكينها بل لإثبات وجودها الفعلي على محك المعركة لتأخذ بعد ذلك طريقها.

ولعلّه قد وقع ، في نفوس المسلمين ، من هذا النصر ، أنه الشأن الطبيعي الذي لا شأن غيره ، وأنه لا بد ملازمهم على أي حال في كل مراحل الطريق ، أليسوا بالمسلمين؟ أليس أعداؤهم بالكافرين؟ وإذن فهو النصر لا محالة حيثما التقى المسلمون بالكافرين.

غير أن سنّة الله في النصر والهزيمة ليست بهذه الدرجة من البساطة والسذاجة. فلهذه السنة مقتضياتها في تكوين النفوس وتكوين الصفوف ، وإعداد العدة واتباع المنهج والتزام الطاعة والنظام ، واليقظة لخوالج النفس ولحركات الميدان. وهذا ما أراد الله أن يعلمهم إياه بالهزيمة في (غزوة أحد) على النحو الذي تعرضه سورة آل عمران عرضا حيا مؤثرا عميقا ، وتعرض أسبابه من تصرفات بعض المسلمين ، وتوجه في ظله العظات البناءة للنفس وللصف المسلم على السواء.

وحين نراجع غزوة أحد نجد أن تعليم المسلمين هذا الدرس قد كلفهم أهوالا وجراحات وشهداء من أعز الشهداء ، على رأسهم حمزة رضي الله عنه وأرضاه ، وكلفهم ما هو أشق من ذلك كله على نفوسهم ، كلفهم أن يروا رسولهم الحبيب تشج جبهته ، وتكسر سنه ، ويسقط في الحفرة ، ويغوص حلق المغفر في وجنته (ص) ؛ الأمر الذي لا يقوم بوزنه شيء في نفوس المسلمين. ويسبق استعراض (غزوة أحد) وأحداثها في السورة قطاع كبير تستغرقه كله توجيهات متشعبة لتصفية

١٦

التصور الإسلامي من كل شائبة ، ولتقرير حقيقة التوحيد جليّة ناصعة ، والرد على الشبهات التي يلقيها أهل الكتاب ، سواء منها ما هو ناشئ من انحراف في معتقداتهم ، وما يتعمدون إلقاءه في الصف المسلم من شبهات ماكرة لخلخلة الصف من وراء خلخلة العقيدة.

وتذكر عدة روايات أن الآيات [١ ـ ٨٣] نزلت في الحوار مع وفد نصارى نجران من اليمن ، الذي قدم المدينة في السنة التاسعة للهجرة. ونحن نستبعد أن تكون السنة التاسعة زمن نزول هذه الآيات ، فواضح ، من طبيعتها وجوّها ، أنها نزلت في الفترة الأولى من الهجرة حيث كانت الجماعة المسلمة بعد ناشئة ، وكان لدسائس اليهود وغيرهم أثر شديد في كيانها وسلوكها. وسواء أصحّت رواية أن الآيات نزلت في وفد نصارى نجران ، أم لم تصح ، فإنه واضح ، من الموضوع الذي تعالجه ، أنها تواجه شبهات النصارى وخاصة ما يتعلق منها بعيسى (ع) ، وتدور حول عقيدة التوحيد الخالص كما جاء بها الإسلام ، وتصحّح لهم ما أصاب عقائدهم من انحراف وخلط وتشويه ، وتدعوهم إلى الحق الواحد الذي تضمنته كتبهم الصحيحة التي جاء القرآن يصدّقها.

ومن مراجعة نصوص السورة يتبين المسلم أن هذا القرآن هو كتاب الحياة صحّح أوضاعها للمسلمين وصحح العقيدة ، وناقش عقائد الآخرين ، وحذّر المسلمين من كيد الأعداء ودسائسهم ، وهذا القرآن مأدبة الله معروض للمسلمين ، مفتوح للقارئين ، دليل للحيارى ورحمة للضّالّين ، وهداية للمسترشدين. إنه النور المبين ، والركن الركين ، والصراط المستقيم. من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، لم تسمعه الجن حتى قالت :

(إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) (٢) [الجن].

(٩)

منهج القرآن في بناء

العقيدة والدفاع عنها

القارئ لسورة آل عمران يتضح له أن أعداء الأمة الإسلامية كانوا يحاربونها في عدة ميادين ، منها ميدان المعركة ،

١٧

ومنها ميدان الفكرة والإيمان ؛ وأنهم حاولوا تشكيك المسلمين في عقيدتهم وتوهين إيمانهم لأنهم كانوا يدركون ـ كما يدركون اليوم تماما ـ أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخل ، ولا تهن إلا إذا وهنت عقيدتها ، ولا تهزم إلا إذا هزمت روحها ، ولا يبلغ أعداؤها منها شيئا وهي ممسكة بعروة الإيمان ، مرتكنة إلى ركنه ، سائرة على نهجه ، حاملة لرايته ، ممثلة لحزبه ، منتسبة إليه ، معتزة بهذا النسب وحده.

ومن هنا يبدو أن أعدى أعداء هذه الأمة هو الذي يلهيها عن عقيدتها الإيمانية ، ويحيد بها عن منهج الله وطريقه ، ويخدعها عن حقيقة أعدائها وحقيقة أهدافهم البعيدة.

إن المعركة بين الأمة المسلمة وبين أعدائها هي ، قبل كل شيء ، معركة هذه العقيدة. وحتى حين يريد أعداؤها أن يغلبوها على الأرض والمحصولات والاقتصاد والخامات والطاقة ، فإنهم يحاولون أولا أن يغلبوها على العقيدة ، لأنهم يعلمون ، بالتجارب الطويلة ، أنهم لا يبلغون مما يريدون شيئا. والأمة المسلمة مستمسكة بعقيدتها ، ملتزمة بمنهجها ، مدركة لكيد أعدائها. ومن ثمّ يبذل هؤلاء الأعداء وعملاؤهم جهد الجبارين في خداع هذه الأمة عن حقيقة المعركة ، ليفوزوا منها بعد ذلك بكل ما يريدون من استعمار واستغلال ، وهم آمنون من عزمة العقيدة في الصدور. وكلما ارتقت وسائل الكيد لهذه العقيدة والتشكيك فيها والتوهين من عراها ، استخدم أعداؤها هذه الوسائل المترقية الجديدة ، ولكن للغاية القديمة نفسها :

(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) [الآية ٦٩].

فهذه هي الغاية الثابتة الدفينة. لهذا كان القرآن يدفع هذا السلاح المسموم أوّلا. كان يأخذ الجماعة المسلمة بتثبيتها على الحق الذي هي عليه ، وينفي الشبهات والشكوك التي يلقيها أهل الكتاب ، ويجلو الحقيقة الكبيرة التي يتضمنها هذا الدين ، ويقنع الجماعة المسلمة بحقيقتها وقيمتها في هذه الأرض ، ودورها ودور العقيدة التي تحملها في تاريخ البشرية.

وكان يأخذها بالتحذير من كيد الكائدين ، ويكشف لها نيّاتهم المستترة ووسائلهم القذرة ، وأهدافهم الخطرة ، وأحقادهم على الإسلام والمسلمين.

١٨

وكان يأخذها بتقرير حقيقة القوى وموازينها في هذا الوجود ، فيبيّن لها هزال أعدائها وهوانهم على الله ، وضلالهم وكفرهم بما أنزل الله إليهم من قبل وقتلهم الأنبياء. كما يبين لها أن الله معها ، وهو مالك الملك المعزّ المذلّ وحده بلا شريك. وأنه سيأخذ الكفار ، ويقصد بهم هنا اليهود ، بالعذاب والنّكال كما أخذ المشركين في بدر من عهد قريب.

وكانت هذه التوجيهات تتمثل في نحو هذه النصوص من سورة آل عمران :

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٥).

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥).

(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١).

(١٠)

أعداء يكيدون للإسلام

القارئ لسورة آل عمران ، والمتتبع لأهدافها ، يتبين من خلالها عدة أمور :

أولها : ضخامة الجهد الذي كان يبذله أهل الكتاب في المدينة وغيرها ، وعمق الكيد وتنوع أساليبه ، واستخدام جميع الوسائل لزعزعة العقيدة وخلخلة الصف المسلم من ورائها.

ثانيها : ضخامة الآثار التي كان هذا الجهد يحدثها في النفوس وفي حياة الجماعة المسلمة ، مما اقتضى هذا البيان الطويل المفصل المنوع المقاطع والأساليب.

ثالثها : ما نلمحه اليوم من وراء القرون الطويلة ، من أن هؤلاء الأعداء هم الذين يلاحقون هذه الدعوة وأصحابها في الأرض كلها ، وهم الذين تواجههم هذه العقيدة وأهلها.

ومن ثم اقتضت إرادة الله الحكيم الخبير أن يقيم هذا المشعل الهادي

١٩

الضخم البعيد المطارح ، لتراه الأجيال المسلمة قويّا واضحا عميق التركيز على كشف الأعداء التقليديين لهذه الأمة ولهذا الدين.

(١١)

ثلاثة خطوط عريضة

ولا يتحقق التعريف بسورة آل عمران حتى نلم بثلاثة خطوط عريضة فيها تتناثر نقطها في السورة كلها ، وتتجمع وتتركز في مجموعها ، حتى ترسم هذه الخطوط العريضة بوضوح وتوكيد.

أول هذه الخطوط : بيان معنى الدين ومعنى الإسلام ، فليس الدين هو كل اعتقاد في الله. وإنما هو صورة واحدة من صور الاعتقاد فيه سبحانه ، صورة التوحيد المطلق الناصع القاطع ، توحيد الألوهية التي يتوجه إليها البشر كما تتوجه إليها سائر الخلائق في الكون بالعبودية. وتوحيد القوامة على البشر وعلى الكون كله. فلا يقوم شيء إلا بالله تعالى ، ولا يقوم على الخلائق إلا الله تعالى. ومن ثم يكون الدين والتلقي من هذا المصدر وحده في كل شأن من شؤون الحياة ، والتحاكم إلى كتاب الله المنزل من هذا المصدر ، واتّباع الرسل الذين نزل عليهم الكتاب ، وهو في صميمه كتاب واحد ، وهو في صميمه دين واحد ... ، هو الإسلام. بهذا المعنى الواقعي في ضمائر الناس وواقعهم العملي على السواء ، والذي يلتقي عليه كل المؤمنين أتباع الرسل ، كل في زمانه ، متى كان معنى إسلامه هو الاعتقاد بوحدة الألوهية والقوامة ، والطاعة والاتّباع في منهج الحياة كله بلا استثناء. ويتكئ سياق السورة على هذا الخط ، ويوضحه في أكثر من ثلاثين موضعا من السورة بشكل ملحوظ. نضرب له بعض الأمثلة بالآيات الآتية :

(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨).

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [الآية ١٩].

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [الآية ٣١].

(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) (٣٢).

(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٨٣).

٢٠