انصرف عن قول موسى وإنذاره ، وانحاز (بِرُكْنِهِ) أي بجنوده الذين يستند إلى قوّتهم كالرّكن ويتقوّى بهم (وَقالَ) فرعون عن موسى إنه (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) وقد قالها جهلا وتلبيسا على قومه وتضييعا للحقيقة (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ) استدرجناهم نحو البحر حين لحقوا بموسى ومن معه (فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ) ألقيناهم في غمر الماء وأغرقناهم مع فرعون الذي (هُوَ مُلِيمٌ) أي يلام على عمله وكفره وعتوّه وزندقته.
* * *
(وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦))
٤١ و ٤٢ ـ (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ...) هي ريح لا خير فيها ولا نفع ، وقد وصفها سبحانه بالعقيم من هذه الجهة ولأنها ريح عذاب واستئصال والعياذ بالله منها. أو معناه أنها ريح لا نظير لها وهذا المعنى أولى بالعقيم من المعنى الأول كما لا يخفى على من تدبّر. وتلك الريح (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ) أي لا تدع شيئا تمرّ عليه عليه (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) أي كفتات الدّم والعظام ورمادها بعد أن تبلى وتصير رميما باليا.
٤٣ إلى ٤٦ ـ (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ...) قد مرّت قصص إهلاك هؤلاء الأقوام. (والحين) هو اسم للزمان مبهم ، والمراد به في المقام هو التمتّع في دارهم ثلاثة أيّام كما مرّ سابقا ، وبعد ذلك ينزل