التبيان في تفسير غريب القرآن

شهاب الدين أحمد بن محمد بن عماد [ ابن الهائم ]

التبيان في تفسير غريب القرآن

المؤلف:

شهاب الدين أحمد بن محمد بن عماد [ ابن الهائم ]


المحقق: الدكتور ضاحي عبدالباقي محمد
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٦

١ ـ فمنهم من راعى جذر الكلمة مثل الهروي في كتابه الغريبين.

٢ ـ ومنهم من نظر إلى الشكل الخارجي للكلمة دون مراعاة لأصلها الاشتقاقي كالسجستاني في كتابه غريب القرآن.

وهذا الكتاب هو الذي يعنينا من بين كتب غريب القرآن ؛ لأن ابن الهائم اتخذه أساسا لكتابه التبيان.

وفيما يلي وقفة مع منهجه في ترتيب الغريب الذي أورده في كتابه.

مع السجستاني في ترتيب غريب القرآن :

المنهج الذي اتبعه السجستاني في عرض غريب القرآن أنه رتب الألفاظ القرآنية ترتيبا هجائيّا وفق الشكل الخارجي للكلمة دون مراعاة للأصل الاشتقاقي ، فمثلا : (تُدْهِنُ) ورد في التاء و (فَيُدْهِنُونَ) في حرف الياء. ومراعاة الأصل الاشتقاقي يقتضي أن يكونا في حرف الدال (دهن).

ثم قسم كل حرف إلى ثلاثة أقسام : المفتوح يليه المضموم وينتهي بالمكسور ، ففي باب الكاف المفتوحة مثلا يضع (كَبُرَ) (الصف ٣) ويضع (الْكُبَرِ) (المدثر / ٣٥) في باب الكاف المضمومة ويضع (كِبْرٌ) (غافر ٥٦) في باب الكاف المكسورة ، ثم يرتب كل صنف (المفتوح والمضموم والمكسور) وفق ترتيبه في المصحف ، فما يبدأ مثلا بالراء المكسورة في سورة آل عمران يسبق ما يبدأ بالراء المكسورة في سورة النساء ، وما يرد في الآية العشرين مثلا بإحدى السور يسبق ما يرد في الثلاثين من السورة نفسها حتى وإن كان الحرف الثاني من الآية الأخيرة يسبق ما في الآية المتقدمة من حيث الترتيب الهجائي. وإن لكل من المنهجين مزاياه فالمرتب وفق ترتيب المصحف لا يجهد الباحث نفسه في العثور على بغيته وإنما يسير مع الكلمة حيث ترد في موقعها من سورتها. ولكن هناك كلمات تكررت في القرآن بنفس المعنى في المواضع التي وردت بها ومن عادة المؤلفين ألا يذكروها إلا في أول ورودها ، فلو كان القارئ يقرأ الكلمة في السورة المتأخرة في الترتيب وليس له حظ من حفظ كتاب الله فإنه لا يصل إلى بغيته بسهولة إلا إذا استعان بمعجم لألفاظ القرآن. ومثال ذلك قوله تعالى (فُرِجَتْ) التي وردت في الآية التاسعة من سورة المرسلات والتي وردت أيضا في الآية السادسة من سورة ق ، فالقارئ لسورة

٢١

المرسلات لا يجد مراده في غريب هذه السورة لوروده في سورة ق ومثال ذلك أيضا الكلمة القرآنية (مَواخِرَ) التي ذكرت في سورة فاطر بالآية الثانية عشرة ، فإن الباحث لا يجد مراده في تفسير غريب هذه السورة لأنها سبقت في الآية الرابعة عشرة من سورة النحل.

أما المرتب وفق النظام الهجائي فيسهل عليه الوصول إلى اللفظ المراد تفسيره بشريطة أن يكون على دراية بنهج مؤلفه في الترتيب.

ونلاحظ على السجستاني بالنسبة لعرضه أيضا :

١ ـ يذكر جزءا من آية ، أي كلمة أو عدة كلمات ، ونجده في الحالة الأخيرة يفسر الكلمة الغريبة من هذه الكلمات ويحدد موضع الآية وترتيبها في كتابه وفقا لشكل الكلمة التي يفسرها وليس وفقا لأول لفظ ورد في الآية ، ومثال ذلك (الْكِبْرِياءُ) في قوله تعالى (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) [التوبة الآية ٨٧] فهو يضع الآية في الكاف المكسورة تبعا للكلمة التي يفسرها.

٢ ـ عدم الالتزام أحيانا بصورة اللفظ كما ورد في المصحف ، فمن ذلك : (الْقُرْآنُ) [البقرة ١٨٥] ، (الْإِنْجِيلَ) [آل عمران ٣] ، (بِالْإِفْكِ) [النور ١١] ، (الْأَيامى) [النور ٣٢] ، (الْأَعْجَمِينَ) [الشعراء ١٩٨] ، (أَقْواتَها) [فصلت ١٠] ، (بِالْأَحْقافِ) [الأحقاف ٢١] ، (الْأُخْدُودِ) [البروج ٤] فقد كتبت في النزهة :قرآن ، إنجيل ، إفك ، أيامى ، أعجمين ، أقوات ، أخدود (انظر النزهة ١٥٩ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ٢٠ ، ٣٠).

٣ ـ السهو عن ذكر بعض الألفاظ القرآنية وفق ترتيب المصحف وذلك داخل الترتيب الهجائي الذي انتهجه المؤلف ، من ذلك :

أ ـ قدّم (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) من سورة الزخرف ، الآية ٨٩ ، على (الْغَوْا فِيهِ) وهي من سورة فصلت ، الآية ٢٦.

ب ـ قدم (حَبَّ الْحَصِيدِ) من سورة ق الآية ٩ على (حَمِيَّةَ) من الآية ٢٦ من سورة الفتح.

ولعل السبب في هذا الخلل أن اللفظ الذي وضع في غير مكانه سقط من

٢٢

إحدى النسخ فاستدركه الناسخ في الحاشية فجاء ناسخ آخر نقل عن هذه النسخة فوضعه سهوا في غير مكانه.

٤ ـ هناك ألفاظ لم يفسرها في موضعها من الترتيب الهجائي الذي اتخذه وسار عليه وإنما فسرها مع لفظ آخر قرآني ورد مقترنا به على الرغم من اختلاف كل منهما في الترتيب الهجائي ، من ذلك :

أ ـ (فَرْشاً) الوارد في (حَمُولَةً وَفَرْشاً) من سورة الأنعام الآية ١٤٢ كان المتوقع تفسيره في الفاء المفتوحة لكنه فسره في الحاء المفتوحة مع (حمولة).

ب ـ (مَقِيلاً) ، الوارد في (أَحْسَنُ مَقِيلاً) في الآية الخامسة من سورة الفرقان فسر في الألف المفتوحة مع (أحسن) وكان الظن أن يفسر في الميم المفتوحة.

ج ـ (سائِبَةٍ) ، و (وَصِيلَةٍ) ، و (حامٍ) في الآية ١٠٣ من سورة المائدة. كان المفروض أن تفسر الأولى في السين المفتوحة والثانية في الواو المفتوحة والثالثة في الحاء المفتوحة لكنه فسرها كلها في الباء المفتوحة مع (بَحِيرَةٍ).

على أن هناك ألفاظا فسرها في غير موضعها بالإضافة إلى تفسيرها في موضعها مثل كلمة (مَبْثُوثَةٌ) التي فسرها في الزاي المفتوحة مع (زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) من الآية ١٦ من سورة الغاشية. وفسرها كذلك في الميم المفتوحة وفق ترتيبها الهجائي.

السجستاني وقراءة أبي عمرو :

وبالنسبة للألفاظ القرآنية التي حرص على ذكرها وفق الرسم المصحفي لاحظت أنه لم يراع قراءة حفص عن عاصم التي اتبعت في كتابة المصحف الشائع الآن في الشرق العربي ، وإنما كتبت وفق قراءة أبي عمرو. ولا عجب في أن يلجأ إلى هذه القراءة ويترك قراءة حفص عن عاصم ، لأنها القراءة التي كانت شائعة في ذلك الحين في مصر والشام كما يذكر ابن الجزري (١) وأعتقد أنها كانت أيضا شائعة في العراق موطن السجستاني ؛ ذلك لأن أبا عمرو عاش في البصرة وكان إمام القراءة بها ومات

__________________

(١) النشر ١ / ٤١ ، وانظر : أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي (أبو عمرو بن العلاء) للدكتور عبد الصبور شاهين.

٢٣

بالكوفة سنة ١٥٤ (١) ، ومن غير شك انتشرت قراءته في البصرة وانتشرت كذلك في المدن القريبة منها كبغداد التي أقام بها السجستاني كما ذكرنا في ترجمته.

ونجد أنه وفق قراءة أبي عمرو هذه فسر كثير من العلماء الألفاظ القرآنية ، وقد لاحظت ذلك في كتاب «بهجة الأريب» للمارديني من خلال تحقيقي له ، كما لاحظته من خلال اطلاعي على غريب القرآن لعبد الله بن يحيى بن المبارك.

وممن سار على هذا الدرب زين الدين محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي المتوفى بعد سنة ٦٦٨ في كتابه «غريب القرآن». والرازي هذا من الريّ وزار مصر والشام.

وقد لاحظت أن كل طبعات كتاب السجستاني التي اطلعت عليها لم تلتزم بقراءة أبي عمرو وإنما كتبت الألفاظ القرآنية حسب قراءة حفص عن عاصم التي روعيت في طباعة المصحف المتداول في بلاد المشرق العربي بدءا بمصر غربا ، إلا إذا تعارض ذلك مع تقسيم المؤلف لأوائل الألفاظ فتحا أو ضمّا أو كسرا ، وذلك مثل (نَسْياً) في الآية ٢٣ من سورة مريم التي وضعها في النون المكسورة وهي في المصحف المتداول في المشرق بالنون المفتوحة وفق قراءة حفص عن عاصم ، و (فَيُسْحِتَكُمْ) في الآية ٦١ من سورة طه التي وضعها في الياء المفتوحة موافقة لقراءة أبي عمرو وهي في المصحف المتداول في المشرق وفق قراءة حفص عن عاصم بضم الياء وكسر الحاء (فَيُسْحِتَكُمْ).

وقد لاحظ هؤلاء الناشرون قراءة أبي عمرو أيضا عند اختلاف الحرف الأول وذلك مثل (أُقِّتَتْ) من الآية ١١ من سورة المرسلات ، فقد عالجوها في حرف الواو المضمومة تبعا للمصنف الذي راعى قراءة أبي عمرو.

على أن السجستاني قد خالف نهجه أحيانا فلم يبدأ بقراءة أبي عمرو ، وهذا في كلمات قليلة جدّا ، ونلاحظ ذلك عند ما يعرض كلمة وينص على أنها بقراءتين ، يتبين لنا أن إحداهما لأبي عمرو ، من ذلك ننشرها و (نُنْشِزُها) في الآية ٢٥٩ من سورة البقرة ، فقد بدأ بالصيغة الزائية وهي ليست قراءة أبي عمرو الرائية التي أخرها. ومن ذلك أيضا (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) و (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) في الآية ٢٠ من سورة المؤمنون

__________________

(١) التيسير في القراءات السبع ٤.

٢٤

فقد وضعها السجستاني في التاء المفتوحة مخالفا قراءة أبي عمرو التي هي بالتاء المضمومة.

وأعتقد أن عددا من علماء التفسير فسروا كتاب الله وفق قراءات معينة غير قراءة حفص لكن الناشرين في البلدان التي تسود فيها قراءة حفص عن عاصم راعوا ـ في الغالب ـ كتابة الألفاظ القرآنية وفق هذه القراءة. وقد طبعت دار الكتب المصرية تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) وجاء في صدر الطبعة الثالثة الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب أن القرطبي فسر القرآن وفق قراءة نافع ، ولكن الهيئة راعت في كتابة الآيات القرآنية المصحف المطبوع في دار الكتب حسب قراءة عاصم براوية حفص (١).

وممن تنبه إلى طبع تفسير للقرآن وفق القراءة التي التزم بها المفسر «دار إحياء الكتب العربية» لصاحبها عيسى الحلبي وشركاه سنة ١٩٢٥ وهي تطبع تفسير القرآن الكريم للجلالين المحلي والسيوطي ، فقد دونت على غلافه أنها راعت ضبط القرآن الكريم بالشكل التام حسب رواية الشيخين المفسرين وإن كانت تخالف رواية حفص أحيانا.

طبعات النزهة :

إن تأليف هذا الكتاب في صورة مشرقة بهجة من حيث الصحة في تفسيراته والسهولة واليسر في ترتيبه جعلت الناس يقبلون عليه ، يستشيرونه وهم يتلون كتاب الله ويتدارسونه ، فانتشر بين الخاصة والعامة. وتضم المكتبات العامة والخاصة مئات النسخ منه ، وفي دار الكتب المصرية وحدها ـ مضموما إليها المكتبات الملحقة بها كالتيمورية وطلعت ـ أحصيت ٢١ (إحدى وعشرين) نسخة تحمل اسم نزهة القلوب ، و ٣ ثلاث نسخ باسم غريب القرآن ونسخة باسم تفسير غريب القرآن ، ونسخة بعنوان «مختصر نزهة القلوب». هذا بالإضافة إلى نسخة تحمل اسم «تفسير غريب القرآن» برقم ١٦٣ تفسير ، دون على غلافها أنها للسجستاني وبالاطلاع عليها تبين لي أنها ليست له ، فهي مرتبة وفق ترتيب المصحف ، والمادة العلمية التي تشتمل عليها أكثر غزارة من مادة كتاب السجستاني. حقيقة إنها تضمنت بعض العبارات الواردة عنده ،

__________________

(١) انظر مقدمة الجزء الأول من القرطبي ص ٢.

٢٥

ولكن هذا شيء طبعي لأن كتب التفسير ينقل بعضها عن بعض ، فقد يكون مؤلفها رجع إلى كتاب السجستاني أو إلى مصدر من مصادره أو إلى كتاب أخذ عنه. هذا واسم مؤلف هذه النسخة غير مدون لا في صدرها ولا في خاتمتها.

وإذا كان لظهور المطبعة أثر ضخم في نشر تراثنا وتيسير الاطلاع عليه ، فقد كان لتفسير غريب القرآن للسجستاني حظ من النشر عظيم ، فقد طبع عدة مرات أقدمها على ما أعتقد النسخة التي طبعت على هامش تفسير القرآن الكريم المسمى «تبصير الرحمن وتيسير المنان» لعلي بن أحمد المهايمي في مطبعة بولاق سنة ١٢٩٥ ه‍ ، وتوالت الطبعات بعد ذلك فنجده ينشر على هامش تفسير ابن كثير في «أره» سنة ١٣٠٧ ه‍ والقاهرة ١٣٢٥ (١) وينشره محمد بدر الدين النعساني في مطبعة السعادة بالقاهرة سنة ١٣٢٥ ه‍ (٢). وقام الشيخ مصطفى عناني بنشره مرتين : الأولى سنة ١٣٤٢ ه‍ (أي نحو سنة ١٩٢٣ م) والأخرى سنة ١٣٥٥ ه‍ (١٩٣٦ م) وكلاهما طبع بالمطبعة الرحمانية بالخرنفش بالقاهرة. والطبعتان متماثلتان في كل شيء عدا اختلاف ترقيم الصفحات نتيجة صف الحروف مرة أخرى.

ونشرته كذلك مطبعة محمد علي صبيح سنة ١٣٨٢ ه‍ (١٩٦٣ م) وكتبت على غلافه : «عني بتصحيحه وترقيمه وضبط ألفاظه وتعليق حواشيه لجنة من أفاضل العلماء». ثم طبعته دار الرائد العربي في بيروت بلبنان وكانت الطبعة الثالثة سنة ١٤٠٢ ه‍ (١٩٨٢ م) وهي الطبعة التي اعتمدت عليها في تحقيق التبيان ، فإذا ذكر في الحواشي «النزهة» أو «مطبوع النزهة» فإنني أعني هذه الطبعة. ولقد تبين لي أنها صورة طبق الأصل من الطبعة الثانية التي نشرها الشيخ مصطفى عناني من حيث الضبط والهوامش وأرقام الصفحات وبداياتها ونهاياتها ما عدا صفحة العنوان التي غيرتها الرائد مكتفية باسم الكتاب والمؤلف.

والشيخ العناني عالم لغوي كان يدرّس بدار العلوم ، ثم اختير المفتش الأول للعلوم العربية بالمعاهد الدينية الأزهرية. وكان مبرزا في العلوم العربية والإسلامية ويشهد له بهذه المكانة أنه قبل عشرين عاما من نشر هذا الكتاب تولى تصحيح طبعة القاموس المحيط التي نشرتها المطبعة المصرية الحسينية سنة ١٣٣٢ ه‍ (١٩١٣ م)

__________________

(١) تاريخ التراث العربي ١ / ٧٥.

(٢) انظر معجم المطبوعات ١٠٠٨.

٢٦

وكان في أثنائها يدرّس في دار العلوم (١) لذا حرص على ضبط الكلمات الملبسة وعلق على بعض المواضع تعليقات مفيدة. وقد أوضح عمله في صفحة العنوان التي جاءت على النحو التالي : «غريب القرآن المسمى (بنزهة القلوب) للإمام أبي بكر محمد بن عزيز السجستاني ، عني بتصحيحه وترقيمه وضبط المهم من ألفاظه وتعليق حواشيه ومراجعته على أصول الأستاذ مصطفى عناني بك المفتش الأول للعلوم العربية بالأزهر والمعاهد الدينية».

ودار الرائد بعملها هذا قد سطت على الكتاب وسلبت جهد محققه بحذف اسمه وعزو عمله من ضبط وتعليقات وغيرها إلى لجنة زعمت أنها هي التي قامت بهذا الجهد الضخم. وهذا اعتداء صارخ وظلم مبين وسرقة فاضحة. وهذه الجريمة في حق هذا الكتاب ومحققه الشيخ العناني سبقتها جريمة أخرى مشابهة تتمثل في طبعة مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح التي أشرنا إليها قبل ، فهذه الطبعة صورة طبق الأصل من طبعة الشيخ العناني : الضبط هو الضبط والحواشي هي نفسها بحذافيرها.

والخلاف الوحيد عدم التطابق في بداية الصفحات ونهاياتها وعددها. ومرد ذلك أن تصوير الكتب لم يكن قد غزا عالم المطابع فلجأ الناشر إلى جمع الحروف وصفها من جديد مما اقتضى التغيير الذي ذكرناه.

وأحب أن أشير إلى نسختين من هذا الكتاب طبعتا مرتين وفق ترتيب المصحف : إحداهما على هامش المصحف باسم «نزهة القلوب» طبعتها دار الكتب العلمية بلبنان بإذن من مشيخة المقارئ المصرية رقم (٥٥) وراجعه عبد الحليم بسيوني المصحح بإدارة الجامع الأزهر ، وتاريخ الطبع غير مدون ، وجعل تفسير كل لفظ أمام وروده في المصحف بقدر الإمكان.

ولا أدري هل الدار هي التي قامت بترتيب الكتاب بهذه الصورة أو أنها اعتمدت على نسخة مخطوطة مرتبة وفق الترتيب المصحفي ولم تشر إليها.

أما الطبعة الأخرى فهي صورة من المطبوعة على المصحف إلّا أنها نشرت مستقلة في كتاب للشيخ محمد الصادق قمحاوي بعنوان «تهذيب غريب القرآن».

__________________

(١) انظر الصفحة الختامية ص ٤٢٠ من الجزء الرابع من القاموس ، الطبعة الثالثة ١٣٥٢ ه‍ / ١٩٣٣ م ـ المطبعة المصرية.

٢٧

ولا أدري هل هي منقولة عن طبعة المصحف ، أو عن نسخة أخرى لم يشر إليها ، أو هي ترتيب جديد قام به الشيخ قمحاوي ، وهو ما أشار إليه في المقدمة.

وعلى كلّ فالطبعتان ليس فيهما كلمة واحدة مضبوطة ، سواء أكانت قرآنية أم تفسيرية.

عود إلى كتاب التبيان :

ونعود إلى ابن الهائم فنتكلم عن منهجه في عرضه للغريب من الألفاظ :

منهج ابن الهائم :

إذا كان ابن الهائم قد اتخذ كتاب السجستاني الأساس الذي بنى عليه مصنفه ، ولما كان المنهجان متباينين ، اقتضى ذلك منه ترتيب النزهة وفق ترتيب المصحف ، وهذا جهد جبار ومضن. وقد نص على صنيعه هذا في المقدمة الموجزة التي صنعها لكتابه ، فيقول : «فرأيت أن أجمع ما تفرق من غريب كل سورة فيما هو كالفصل مع زيادة أشياء في بعض المواضع على الأصل». ووجدناه بعد ذلك يعقب على تفسير كثير من الألفاظ ، بل ويستدرك ألفاظا لم يوردها السجستاني في كتابه ويفسرها ، ونلاحظ أنه :

يفصل بين كلام السجستاني والكلام الذي عقب به عليه بالرمز «زه» أي زاي ودارة كما وضّح في مقدمته للكتاب ، وهذا يعني أن «زه» اختصار للفظ «زيادة» التي يوردها المصنف.

ملاحظات على الرمز «زه» :

١ ـ أبقيت على هذا الرمز كلما ذكره ابن الهائم ووضعته بين قوسين هكذا (زه).

٢ ـ ينقل ابن الهائم عن السجستاني وقد يعلق على كلامه أو يستدرك عليه لفظا أو أكثر ويوضحه دون أن يسبقه بوضع الرمز. وفي هذه الحالة أضعه بين قوسين معقوفتين هكذا [زه] قبل التعليق.

٣ ـ قد ينقل عنه ولا يعلق. وفي هذه الحالة تركت الكلام دون إشارة إلى أنه من النزهة.

٢٨

ـ هذا وقد يجد القارئ الرمز «زه» في نهاية تفسير لفظ قرآني أو أكثر ولا يتبعه ابن الهائم بتعقيب من عنده فيتوهّم أنه مخالف لمنهجه الذي نص عليه ، ولكن مرد ذلك في الغالب إلى اختلاف عرض النص في المخطوط عن عرضه محقّقا ؛ إذ إن المخطوط يذكر الألفاظ القرآنية وتفاسيرها مسرودة متتابعة دون فاصل بين لفظ مع تفسيره وآخر ، وفي نهايتها جميعا يذكر المصنف الرمز ويعقب على الأخير منها. أما التحقيق فقد حرص على أن يبدأ كل لفظ مفسّر وما يتصل به من ألفاظ أخرى إن وجدت في بداية سطر جديد. وما دام المصنف قد اكتفى بوضع الرمز آخرها كلها فيتوهم أنه أهمل الرمز مع تفسير الألفاظ السابقة لهذا اللفظ والحقيقة أنه لم يهمله. ويشهد على ذلك أنه وضع الرمز «زه» في نهاية تفسير (يُنْفِقُونَ) من سورة البقرة الآية الثالثة ثم فسر بعدها الألفاظ (أُنْزِلَ) و (قَبْلِكَ) و (يُوقِنُونَ). ونلاحظ أن هذه الألفاظ وتفسيراتها لم ترد في النزهة ، أي أنها من زيادات ابن الهائم. ومثال ذلك أيضا أن التحقيق وضع «زه» آخر تفسير (سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ) من سورة إبراهيم الآية ٣٢ ثم ذكر (دائِبَيْنِ) من الآية ٣٣ واضعا إياه في بداية سطر جديد. وإذا رجعنا إلى السجستاني لم نجد هذا التفسير. ونظائر ذلك كثيرة وهي الألفاظ التي وضع المؤلف آخرها «زه» ثم لم ينقل تفسير اللفظ الذي يليها من النزهة ووضعنا أمامه (*) إشارة إلى عدم وجوده بالنزهة.

لكن تواجهنا ألفاظ مفسّرة مختومة بهذا الرمز وهو «زه» وكان المفروض أن الذي يليها لم يرد في النزهة أي أنه من كلام ابن الهائم ، إلا أننا أحيانا نجد اللفظ المفسر الذي يليه مختوما بهذا الرمز أيضا. من ذلك أنه فسر (بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) [من النحل ٧] بقوله «أي مشقّتها زه» وتلاه مباشرة تفسير (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) من الآية ٩ من السورة نفسها فقال «بيان طريق الحكم لكم. والقصد : الطريق المستقيم زه»

وتفسير هذا التكرار للرمز هو أن الرمز الأول إما وضع سهوا ، وإما أنه كان يليه كلام للمؤلف أو استدراك لم يرد في النزهة وسقط هذا الكلام من الناسخ أو من النسخة المنقول عنها.

هذا ، وعلى العكس من ذلك قد نجد لفظا مفسرا مختوما بالرمز «زه» والذي يليه في الترتيب غير مختوم تفسيره بهذا الرمز ولكن بالرجوع إلى النزهة نجده ورد بها

٢٩

وسها المؤلف عن ذكره ، ومثال ذلك :

أن المصنف وضع في نهاية تفسير (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) من سورة البقرة ، الآية ١٤٤ الرمز «زه» وتلا ذلك مباشرة ثلاثة ألفاظ مفسرة ، وهي : (الْمُمْتَرِينَ) من الآية ١٤٧ ، و (وِجْهَةٌ) من الآية ١٤٨ ، و (مُصِيبَةٌ) من الآية ١٥٦ ولم يوضع في آخر أي منها الرمز «زه» لكن بالبحث في النزهة نجدها وردت كلها فيها.

وقصارى القول إن :

أ ـ كلام صاحب النزهة هو :

ـ ما سبق الرمز «زه» سواء أكان بين قوسين أم معقوفتين.

ـ ما لم يوضع في آخره أي رمز ، ويستثنى ما يشار إليه في الحاشية أنه ليس لصاحب النزهة.

ب ـ كلام ابن الهائم هو :

ـ ما اختص به المؤلف من تفسير لم يرد في النزهة وميز بوضع نجمة (*) في آخره.

ـ ما يلي الرمز «زه» سواء أكان بين قوسين أو معقوفتين وفي هذه الحالة لم يوضع في آخره الرمز (*).

ـ ما أشير في الحاشية أنه ليس لصاحب النزهة.

وقد لاحظت أيضا على منهج ابن الهائم أنه :

١ ـ قد يورد اللفظ القرآني أكثر من مرة بالدلالة نفسها فلا يفسره في أول وروده وفق ترتيب المصحف ، وإنما في موضع متأخر ، ومن ذلك :

أ ـ (ضَعْفاً) : ورد في الآية ٦٦ من سورة الأنفال والآية ٤٥ من سورة الروم ، ولم يفسر في الموضع الأول وإنما فسر في الثاني.

ب ـ ورد (الْعَرْشِ) في الآية المائة من سورة يوسف ولم يفسره فيها ، وإنما فسر (عَرْشَها) في الآية الحادية والأربعين من سورة النمل ، وورد اللفظ بصيغة (عَرْشُكِ) في الآية التالية لها (الثانية والأربعين) بالدلالة نفسها وأمر طبعي

٣٠

أنه لم يفسره ونلاحظ أن اللفظ (عُرُوشِها) من الآية التاسعة والخمسين بعد المائتين من سورة البقرة فسره المصنف في موضعه وهو يختلف في دلالته عن الألفاظ الأخرى.

ج ـ ورد قوله تعالى : (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) في الآية السادسة والخمسين من سورة الكهف ولم يفسر ، ولكنه فسر في الآية الخامسة من سورة غافر.

٢ ـ لم يتقيد فيما يفسره أحيانا باللفظ القرآني شأنه في ذلك شأن العزيزي ـ كما سبق أن ذكرنا ـ من ذلك : (سائِبَةٍ) و (وَصِيلَةٍ) و (حامٍ) في الآية ١٠٣ من سورة المائدة فقد وردت في المصحف منكرة ، لكن ابن الهائم ذكرها معرفة بأل وكذا فعل قبله السجستاني الذي ذكرها في الباء المفتوحة مع (بَحِيرَةٍ) التي وردت معها الثلاثة في آية واحدة.

ومن ذلك أيضا قوله تعالى (زَحْفاً) في الآية ١٥ من سورة الأنفال وردت عند ابن الهائم «الزّحف».

٣ ـ عند ما ينقل عن السجستاني ـ وقد يعلق وقد لا يعلق ـ لا يلتزم بما أخذه عنه ، فقد يقدم ويؤخر في الكلام أو يزيد أو يحذف أو يتصرف. على أن هذا التصرف لا يخل بالمعنى وقد أشار إلى ذلك في مقدمته فقال : «... حريصا أن آتي بعبارته في الأكثر». وفيما يلي أمثلة لذلك :

أ ـ (اسْتَوْقَدَ) [البقرة ١٧] فسّر في النزهة بمعنى «أوقد» وورد في التبيان «أي أوقد زه».

ب ـ فسرت النزهة (قَفَّيْنا) في الآية ٨٧ من سورة البقرة بما يلي : «أي أتبعنا ، وأصله من القفا ، تقول : قفوت الرجل إذا سرت في أثره» وأورده ابن الهائم على النحو التالي : «أتبعنا وأصله من القفا ، تقول : قفوت الرجل إذا سرت خلفه».

ج ـ جاء في باب الكاف المكسورة بالنزهة «كبره» [النور ١١] وكبره لغتان ، أي معظمه ، ويقال كبر مصدر الكبير من الأشياء والأمور وكبر مصدر الكبير السّن «وورد في التبيان :» (كِبْرَهُ) أي معظمه. قيل إنه بكسر الكاف وضمها لغتان بمعنى. ويقال إنه بالكسر مصدر الكبير من الأشياء والأمور ،

٣١

وبالضم : مصدر الكبير السن زه».

ومن الاختلاف الطفيف بين الكتابين تعريف المنكر وذلك مثل :

أ ـ (بِالْعُرْفِ) في الآية ١٩٩ من سورة الأعراف. ورد في التبيان «العرف : المعروف» وهو في النزهة : «عرف : معروف».

ب ـ (الْبَوارِ) الآية ٢٨ من سورة إبراهيم. ورد في النزهة «بوار : أي هلاك» وفي التبيان : «البوار : الهلاك».

وإذا كان المصنف يورد كلام السجستاني مع زيادة عليه أو نقص منه أو تغيير لفظ بآخر ، وهذا واضح بالنسبة للنسخة المطبوعة (نشر دار الرائد) التي اعتمدت عليها كنسخة رئيسة في التثبت من النقل عنه. على أنه تبين لي بعد الاطلاع على طائفة من النسخ المخطوطة اختلافها في بعض الألفاظ وخاصة زيادة «أي» التفسيرية أو حذفها ، لذا لم أعتد بمثل هذه الاختلافات سواء أكان ذلك في النسخة المطبوعة أم في المخطوطتين اللتين رجعت إليهما.

٤ ـ بالنسبة لما حذف من النزهة :

كان من المتوقع أن يضمن ابن الهائم كتابه كل ما ورد في غريب السجستاني فلا يحذف شيئا مما ذكره ، بوصفه تبيانا له ، شأنه في ذلك شأن الكتب التي ألفت بهدف التبيان مثل شروح ألفية ابن مالك كشرح ابن عقيل وشرح الأشموني ، ومثل تاج العروس للزبيدي بالنسبة للقاموس المحيط ، ولكننا نجده في بعض الأحيان يحذف من كلام السجستاني وهذا أمر مطرد بالنسبة لمحمد بن عبد الواحد الزاهد أبي عمر ، فقد أحصيت له في النزهة ثلاثين قولا ، حذفها كلها ابن الهائم عدا واحدا ورد عند تفسير اللفظ القرآني (لَأَوْضَعُوا) في الآية السابعة والأربعين من سورة التوبة.

ومن أمثلة ما حذف كذلك :

أ ـ فسر السجستاني قوله تعالى (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) من سورة البقرة الآية التاسعة والستون بقوله : «أي سوداء ناصع لونها» ـ وكذلك (جِمالَتٌ صُفْرٌ) [سورة المرسلات الآية ٣٣] ـ أي سود ، قال الأعشى :

تلك خيلي منه وتلك ركابي

هنّ صفر أولادها كالزّبيب

٣٢

ويجوز أن يكون صفراء وصفر من الصّفرة ، قال أبو محمد : قال عبد الله النّمري : قال أبو رياش : من جعل الأصفر أسود فقد أخطأ ، وأنشد بيت ذي الرّمة :

كحلاء فيبرج صفراء في نعج

كأنها فضّة قد مسّها ذهب

قال أفتراه وصف صفراء بهذه الصفة.

وقال في قول الأعشى :

هنّ صفر أولادها كالزّبيب

أراد زبيب الطائف بعينه أو هو أصفر وليس بأسود ولم يرد سائر الزبيب».

ورأينا ابن الهائم يكتفي من قول السجستاني ب : «ناصع لونها ، ويجوز أن يكون صفراء وصفر من الصفرة».

ب ـ في تفسير (مُزْجاةٍ) في الآية الثامنة والثمانين من سورة يوسف قال السجستاني : «أي يسيرة قليلة ، من قولك فلان يزجي العيش ، أي يدفع بالقليل يكتفي به. المعنى : جئنا ببضاعة إنما ندافع بها ونتقوّى ليست مما يتّسع به «أما ابن الهائم فقد حذف من قوله «يكتفى به إلى آخر التفسير».

مراجع ابن الهائم :

وقد رجع ابن الهائم في زياداته على السجستاني إلى كتب عديدة في مختلف العلوم العربية والإسلامية وعلى الأخص كتب معاني القرآن وتفاسيره ـ وهي نفسها تحوي معارف من علوم متعددة ـ فكتاب التبيان يضم في ثناياه فقها وحديثا ونحوا وصرفا وبلاغة وفلسفة ومنطقا وتصوفا وعلم كلام وغير ذلك من العلوم التي مارسها العلماء السابقون للمصنّف ويتضح ذلك من خلال عرضه للألفاظ القرآنية التي وضحها. وفيما يلي أمثلة لذلك ، وسنذكر اسم العلم. ونقرن به اللفظ القرآني الذي ورد في تبيانه ما يتصل بهذا العلم :

أ ـ الفقه : عند تفسير (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [سورة البقرة ٢٨].

ب ـ علم اللغة : عند تفسير : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء ٩٨].

٣٣

ج ـ التاريخ : عند تفسير : (آلِ فِرْعَوْنَ) [البقرة ٤٩].

د ـ النحو : (أَبَداً) [البقرة ٩٥] و (مَهْما) [الأعراف ١٣٢] و (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر ٩٤].

ه ـ الصّرف : (نِعْمَتِيَ) [سورة البقرة ١٢٢].

و ـ البلاغة : (عُدْوانَ) [البقرة ١٦٣].

ز ـ الفلسفة : (الْمُقَدَّسَةَ) [المائدة ٢١].

ح ـ المنطق : (بِآياتِي) [البقرة ٤١].

ط ـ علم الكلام : (حَذَرَ الْمَوْتِ) [البقرة ١٩].

وقد رجع المؤلف إلى طائفة كبيرة من العلماء ، وهو في أخذه عنهم لم يتبع منهجا محددا ، فهو أحيانا يذكر اسم الشخص المنقول عنه دون أن يحدد كتابه الذي نقل عنه ، فإن كان مفسرا وله تفسير واحد مثل الطبري فهذا يعني أنه أخذ من هذا التفسير وإن كان له أكثر من تفسير مثل الكرماني وله تفسيران نلاحظ أنه لا يكتفي بأحدهما بل ينقل من هذا أو من ذلك (١).

وأحيانا يكتفي بذكر مصدره الذي أخذ عنه دون ذكر مؤلفه ، من ذلك «المجمل» عند تفسير (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) [البقرة ٢٠٦] و «الصّحاح» و «ديوان الأدب» عند تفسير (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة ٢٢٨] ، و «الكشاف» وهو يفسر (الْقَواعِدَ) [البقرة ١٢٧].

وأحيانا يذكر المؤلف وكتابه ففي تفسير (قِسِّيسِينَ) [المائدة ٨٢] نقل عن الأزهري في تهذيب اللغة ، وفي تفسير (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة ٢٢٨] نص على أنه رجع إلى كتاب التدريب للبلقيني ، ونجده وهو يفسر (الْفاسِقِينَ) [البقرة ٢٦] ينص على أن ابن الأنباري ذكره في الزاهر.

منهج التحقيق :

بدأت بنسخ هذا الكتاب من المخطوطة وفق الرسم الإملائي الشائع الآن مراعيا علامات الترقيم التي دخلت العربية حديثا ، وهي معينة على تقسيم الكلام إلى جمل تساعد على فهم المعنى المراد بسهولة ويسر ، وأخرجته في صورة تعين على الوصول إلى ما يبغيه القارئ في سرعة ويسر ، فجعلت تفسير كل لفظ قرآني وما قد يصاحبه

__________________

(١) انظر ترجمة الكرماني الواردة في حاشية تفسير اللفظ القرآني في الآية الثانية من سورة البقرة.

٣٤

من ألفاظ مقترنة به أحيانا في بداية سطر جديد مسبوقا برقم مسلسل داخل كل سورة ومردفا برقم الآية في السورة بين معقوفتين ، وجعلت اللفظ القرآني المفسّر إذا كان المصنّف قد حافظ عليه كما هو بالمصحف ـ وهو في هذه الحالة يكون موافقا لقراءة أبي عمرو أو غيره ـ بين قوسين قرآنيين ، وكذلك ما استشهد به من قرآن وفق القراءات المتواترة أو الشاذة.

وإذا كان الكتاب يشتمل على شواهد بعضها آيات قرآنية وردت في غير ترتيبها ، وأحاديث للرسول ولغيره ، وأمثال ، وأشعار ، حرصت على تخريجها. ولاشتماله كذلك على قراءات قرآنية ـ ومنها ما هو شاذ ـ عزوتها إلى قرائها أو بمعنى أدق إلى كثير منهم ثم قمت بتزويد الكتاب بفهارس مفصلة.

وهذا كتاب شرعت في تحقيقه منذ أكثر من عشر سنوات ، وما كدت أنتهي من التحقيق حتى وقعت تحت يدي نسخة محققة فتصفحتها فوجدت جهدا كبيرا وعناء ضخما قد بذلا في تحقيقها مما جعلني أتقاعس عن تقديم عملي هذا للنشر. وشغلتني شواغل أخرى عنه وما إن انتهيت من بعضها حتى عدت إليه فوجدت أن ما بذلته في التحقيق جدير بألا يضيع سدى ويجب أن يرى النور ، خاصة وأن تكرار النشر ليس بدعا والأمثلة عليه مئات المصنفات بل الآلاف ، وشجعني على هذا اختلافي أحيانا مع تلك الطبعة في فهم النص وطريقة عرضه.

ولا يسعني إلا أن أقدم الشكر الجزيل لأخي الأستاذ إبراهيم البحيري المحرر بمجمع اللغة العربية الذي شاركني مراجعة تجارب الكتاب وبذل جهدا فائقا وكانت له ملاحظات قيمة.

وبعد : فآمل أن أكون قد أسهمت في خدمة كتاب الله العزيز ، وصلى الله على سيدنا محمد ، والحمد لله رب العالمين.

المحقق

٣٥
٣٦

٣٧

٣٨

٣٩

الرموز المستعملة في التحقيق ودلالاتها

١ ـ (زه) : ما بعده زيادة للمصنف عن السجستاني ومثبت بالمخطوطة.

٢ ـ [زه] : ما بعده زيادة للمصنف عن السجستاني ولم يرد في المخطوطة.

٣ ـ * : الكلام السابق له للمصنف.

٤ ـ خلو الكلام من الرمز يعني أنه ورد عند السجستاني.

٤٠