حاشية فرائد الأصول - ج ٢

آية الله الشيخ محمّد إبراهيم اليزدي النجفي

حاشية فرائد الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله الشيخ محمّد إبراهيم اليزدي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الهدى
المطبعة: الظهور
الطبعة: ١
ISBN: 964-497-089-6
الصفحات: ٥٩٤
الجزء ٢ الجزء ٣

مباحث الشك

الأصول العملية

أصالة التخيير

٢٢١
٢٢٢

قوله : المطلب الثالث فيما دار الأمر فيه بين الوجوب والحرمة (١).

يعني فيما إذا لم يحتمل غير الوجوب والحرمة من الأحكام الثلاثة الأخر ، أما لو احتمل أحدها أيضا ودار الأمر بين الأحكام الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة فالحكم يعلم مما ذكر في المطلبين السابقين ، فعلى القول بالبراءة في المسألتين فواضح ، وأما على القول بالاحتياط في الشبهة التحريمية والبراءة في الشبهة الوجوبية كما هو المشهور بين الأخباريين فلازمه الاحتياط بالترك ، وأما على القول بوجوب الاحتياط في المسألتين فإنه داخل في مسألتنا أيضا ، فتأمل.

ثم اعلم أنّ محلّ الكلام فيما إذا كان الشكّ في الحكم التكليفي من أول الأمر ، وأما إذا كان الشك في الحكم الوضعي ثم ترتّب عليه الشك في الحكم التكليفي كما لو كان مال في يد زيد مثلا أمانة وشك في أنه لعمرو أو بكر فيدور الأمر بين وجوب دفعه إلى عمرو وحرمته وكذا بالنسبة إلى بكر ، فإنّه خارج عن مسألتنا وحكمه الصلح القهري على المشهور.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٧.

٢٢٣

قوله : المسألة الأولى في حكم دوران الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة عدم الدليل ، إلخ (١).

محلّ الكلام ما إذا لم يكن أحد الاحتمالين موافقا لأصل معتبر دون الآخر كما لو كان أحد الاحتمالين موافقا للاستصحاب مثلا ، وكذا إن كان هناك أصل حاكم على أحد الطرفين المعلوم بالإجمال كما لو أمر الوالد مثلا بفعل يحتمل التحريم فيه فإنّ الأمر دائر بين كون الفعل مباحا ذاتيا فيكون واجبا بوجوب إطاعة الوالدين وحراما فلا يجب فيه الإطاعة ، لكن أصالة الإباحة الذاتية يرفع الشك ويتعيّن من إجرائها الوجوب ، لأنّ الشك في الوجوب ناش عن الشك في الحرمة الذاتية فبنفي الحرمة بالأصل يترتب الوجوب.

قوله : بحيث علم عدم الثالث (٢).

أو قام دليل ظني معتبر أو قام أصل معتبر على عدم الثالث ، إلّا أنّ هذا كله مجرّد فرض لم نجد له مثالا واقعا في الشرع كأصل هذه المسألة فإنّه لم يحضرنا الآن له مثال واقع في الشرعيات.

قوله : إذا لم يلزم مخالفة علم تفصيلي (٣).

لا نجد أيضا مثالا لما إذا استلزم نفي الآثار الخاصة للوجوب والحرمة مخالفة علم تفصيلي وإن مثّل بأمثلة مخدوشة فتدبّر.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٨.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٧٨.

(٣) فرائد الأصول ٢ : ١٧٨.

٢٢٤

قوله : وجوها ثلاثة : الحكم بالإباحة ظاهرا (١).

كون الإباحة ظاهرا قسيما للتوقف مبني على كونها حكما شرعيا كما هو ظاهر قوله (عليه‌السلام) «كل شيء لك حلال» وأما على تقدير كون المراد منها مجرّد رفع الحرج عن الفعل والترك على ما هو مقتضى حكم العقل بالبراءة وسائر الأدلة النقلية التي أشار إليها في المتن فلا فرق بينه وبين التوقف.

قوله : أو لا بعينه (٢).

لا فرق بينه وبين الإباحة ، إذ لا معنى لوجوب الأخذ بأحد الاحتمالين لا بعينه بالوجوب التوصلي ، اللهمّ إلّا أن يراد منه التخيير الابتدائي ، ويراد من وجوب الأخذ بأحدهما المعيّن ترجيح جانب احتمال الحرمة الذي أشار إليه في آخر المبحث.

قوله : لأنّه مخالفة قطعية (٣).

فيجب الاحتياط بقدر الإمكان ، ففيما كان الوجوب والتحريم تعبّديين إما أن يفعل بقصد الامتثال أو يترك بقصد الامتثال ، وفيما كان أحدهما كالوجوب مثلا تعبديا فإن اختار الفعل لا بدّ أن يفعل بقصد القربة ، وإن اختار الترك فهو مطلق لا يجب عليه قصد الامتثال.

ثم فرض الحرام التعبدي أيضا فيه كلام ، لأنّا لم نجد له مثالا في الشرع وإن مثّل بالصوم فإنّ حقيقته ترك أمور تعبدا ، وفيه ما لا يخفى فإنّه من الواجبات التعبدية لا المحرمات التعبدية ، وفرق بين وجوب الترك وحرمة

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٨.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٧٩.

(٣) فرائد الأصول ٢ : ١٧٩.

٢٢٥

الفعل ، وإن جعلنا حقيقة الصوم الكف عن الأمور المعهودة فالأمر أوضح.

قوله : وكيف كان فقد يقال في محلّ الكلام بالإباحة ظاهرا (١).

التحقيق كما مرّت الإشارة إليه في مبحث القطع أن يقال إنّ العلم الإجمالي بالتكليف يوجب الاحتياط بقدر الإمكان بحكم العقل المستقل ، فإن أمكن فالموافقة القطعية وإلّا فالموافقة الاحتمالية ، سواء علم بنوع التكليف كما في مثال الظهر والجمعة ، فإن أمكن يجب الاحتياط بإتيانهما معا وإلّا فبأحدهما ، أو بجنس التكليف كما في مسألتنا من دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، فإن أمكن الاحتياط التام كما لو علم بوجوب أحد الشيئين أو حرمة الآخر فيجب الموافقة القطعية بفعل الأول وترك الثاني ، وإن لم يمكن الاحتياط الكلي كما لو علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمة ذلك الشيء بعينه ، فإن كانا تعبديين أو كان أحدهما المعيّن تعبديا يجب الاحتياط أيضا بقدر الإمكان بأن يفعله بقصد القربة أو يتركه بقصد القربة في الأول لتتحقق الموافقة الاحتمالية ، ولا يجوز له الفعل أو الترك لا بقصد القربة فإنّه مخالفة قطعية ، أو يختار المعيّن بقصد القربة أو غير المعيّن مطلقا في الثاني ، ولا يجوز اختيار المعيّن لا بقصد القربة لكونه مخالفة قطعية.

وأما إن كانا توصّليين فنقول فيه أيضا يجب الاحتياط التام إن أمكن كما لو فرض العلم بأنّ الوجوب على تقديره تخييري والحرمة على تقديرها عينية ، فيمكن الموافقة القطعية بأن يترك المشتبه ويأتي ببدله على تقدير وجوبه ، وإلّا فيجب أيضا فيه الاحتياط بقدر الإمكان غاية الأمر أنّ القدر الممكن ليس إلّا واحدا من الفعل أو الترك ، ولا يثمر هذا الحكم فائدة لأنّ المكلف لا يخلو عن

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٩.

٢٢٦

الفعل أو الترك لا محالة ، بل يمكن أن يقال إنّه يثمر هذا الحكم أيضا بأن نلتزم بوجوب اختيار واحد من الفعل أو الترك بعنوان الاحتياط ورجاء مصادفة الواقع وأنّ اختياره لا بهذا العنوان مخالفة قطعية ، وهذا نظير ما مرّ سابقا في مسألة وجوب الفحص عن الدليل واشتراط العمل بالأصل به من أنه لو ترك الفحص وعمل بالأصل يعاقب على مخالفة الواقع ولو فرض أنه إن تفحّص لا يجد دليلا لعدم وجوده بين الأدلة ، وسرّه أن العمل بالأصل قبل الفحص لا يكون عذرا عند العقل بخلافه فيما بعد الفحص ، وهكذا نقول فيما نحن فيه إنّ الأخذ بالفعل أو الترك بعنوان الاحتياط ورجاء مصادفة الواقع عذر عند العقل ولا بذلك العنوان لا يعدّ عذرا وإن كان لا يتفاوت الأمر بحسب اختياره على التقديرين (١).

قوله : وليس العلم بجنس التكليف المردّد بين نوعي الوجوب والحرمة كالعلم بنوع التكليف (٢).

في الفرق بين العلم بجنس التكليف ونوعه نظر أما أوّلا : فبالنقض

__________________

(١) أقول : وفيه نظر أما أوّلا : فلأنّ حكم العقل بوجوب الأخذ بالفعل أو الترك لا معنى له بعد كون ذلك مما لا بدّ منه فإنه حكم بالأمر المضطر إليه وكيف يكون ذلك حكما لا يمكن مخالفته. وأما ثانيا : فلأنّ فرض كون الحكم المعلوم بالإجمال توصليا يمنع من اعتبار لزوم اختيار الفعل أو الترك بداعي الموافقة وبرجاء الموافقة فإنّه يرجع إلى التعبدي كما لا يخفى ، فإذن ما اختاره المصنف من الإباحة الظاهرية قوي في التوصليين فيما إذا لم يمكن الاحتياط باتحاد المتعلق ، نعم ينبغي أن يراد بالإباحة مجرّد عدم الحرج في الفعل والترك الذي هو مفاد أصالة البراءة العقلية وأغلب أدلتها النقلية لا الإباحة التي هي حكم من الأحكام الخمسة كما هو مفاد قوله (عليه‌السلام) «كل شيء لك حلال» فإنّه مخالف للمعلوم من الوجوب أو الحرمة ، فتأمل.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٠.

٢٢٧

بالتعبديين كما اعترف به والتوصليين مع تعدد المتعلّق كما عرفت في الحاشية السابقة. وثانيا : أنّ اللازم في صورة العلم بنوع التكليف إذا فرض اضطرار المكلف بارتكاب أحد الطرفين وترك الآخر أيضا هو الرجوع إلى الإباحة كما هو كذلك في صورة العلم بجنس التكليف المضطر في اختيار أحد النوعين فلا فرق.

والأقوى كما مرّ سابقا وجوب مراعاة العلم الإجمالي مهما أمكن مطلقا بحكم العقل المستقل سواء تعلّق بجنس التكليف أو بنوعه ، نعم فيما إذا علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمته وكان الحكم توصليا لا يمكن الاحتياط بوجه فهو مخيّر في الفعل والترك ، لكن الحكم بالإباحة شرعا مشكل فإنّه مخالف للواقع قطعا ، وقد تفطّن المصنف لذلك وتعرّض لدفعه بقوله ولا ينافي ذلك التديّن بإباحته ظاهرا ، إذ الحكم الظاهري لا يجوز أن يكون معلوم المخالفة تفصيلا للحكم الواقعي من حيث العمل لا من حيث التديّن به. وفيه أنه وإن لم نقل بوجوب الالتزام والتدين بالأحكام في نفسه لعدم الدليل عليه كما مر في رسالة القطع مشروحا في المتن ، إلّا أنّ الالتزام بخلاف الحكم الواقعي المعلوم بالفرض غير جائز فإنه إدخال ما ليس من الدين قطعا فيه ، فإنّ الإباحة فيما نحن فيه مما نقطع بعدمه ، لأنّا نعلم أنّ الشارع جعل حكم المسألة الالتزام بالفعل أو الترك (١).

__________________

(١) أقول : فيه نظر ، لأنّ المصنف لا يقول بالإباحة الواقعية وإلّا لزم التناقض ، بل الإباحة الظاهرية ، ولا منافاة بين أن يكون حكم الشيء واقعا مخالفا لحكمه الظاهري على ما تحقق في محلّه ، وإن كان منافاة فهي في مطلق الأحكام الظاهرية لو خالفت واقعها.

لا يقال : إنّ الحكم الظاهري لا يكون إلّا مع الجهل بالحكم الواقعي ، وفيما نحن فيه نعلم

٢٢٨

قوله : وليس حكما شرعيا ثابتا في الواقع حتى يجب مراعاته (١).

لأنّه إن كان الالتزام واجبا شرعيا مطلقا غير مشروط بحصول العلم بالحكم لزم تحصيل العلم بجميع الأحكام الشرعية مقدمة لتحصيل الالتزام الواجب وإن لم يجب العمل بها بل كان من المستحبات والمباحات أو الواجبات غير المتعلّقة بهذا الشخص ، وكذا يلزم عدم جواز الاكتفاء في الشبهات التحريمية أو الوجوبية بالاحتياط في العمل ، بل يجب تحصيل العلم بالحكم الواقعي إن أمكن حتى يلتزم به ويؤدّي ما وجب عليه من التدين ، وهو كما ترى.

قوله : ومن هنا يبطل قياس ما نحن فيه بصورة تعارض الخبرين (٢).

هذا توجيه للتخيير وهو أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة في صدر المبحث.

قوله : ثم إنّ هذا الوجه وإن لم يخل عن مناقشة أو منع إلّا أنّ إلخ (٣).

يعني أنّ هذا الوجه من الفرق بين ما نحن فيه وبين الخبرين المتعارضين مبني على كون حجية الأخبار من باب السببية ، وهو محلّ منع أو مناقشة عند الماتن ، والحق عنده حجيتها من باب الطريقية ، فتصير نظير ما نحن فيه من كون كل من المتعارضين محتمل الحجية والطريقية ، هذا.

لكن يرد عليه : أنّ وجه الفرق المذكور لو كان عنده محلّ المناقشة أو المنع

__________________

بالوجوب أو الحرمة الواقعيين. لأنّا نقول الجهل حاصل بالإضافة إلى خصوص الحكم من الوجوب أو الحرمة ، ومن هنا التزمنا في الشبهة المحصورة بالإباحة الظاهرية بالنسبة إلى جميع الأطراف بقوله (عليه‌السلام) «كل شيء لك حلال» إلى آخره ، مع أنا نعلم أنّ الإباحة في الجميع مخالف للواقع قطعا ، وسيأتي تحقيقه في الشبهة في المكلّف به.

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨١.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨١.

(٣) فرائد الأصول ٢ : ١٨٢.

٢٢٩

كيف يكون احتماله فارقا بين المقامين ، وأيضا يرد عليه منع ابتناء وجه الفرق المذكور على حجية الأخبار من باب السببية ، بل هو جار على الطريقية أيضا ، لأنّ طريقيتها طريقية جعلية لحكمة كونها مفيدة للظن النوعي بالواقع ولا شك في وجود هذا الملاك في كل واحد من الخبرين المتعارضين ، فكل منهما حجة فعلية مع وصف التعارض (١).

قوله : وبما ذكرنا يظهر حال قياس ما نحن فيه على حكم المقلّد (٢).

فيه نظر ، لأنّ التخيير في المتعارضين من باب ضرورة عدم إمكان العمل بكليهما ، إذ لو أمكن العمل بهما معا وجب ، وهذا بخلاف تخيير المقلد فإنه لا يجب العمل بفتوى كلا المجتهدين أوّلا ، بل التخيير ثابت من أول الأمر ولا يجب الاحتياط بينهما إن أمكن ، نعم التخيير فيه بين الحجتين كما في المتعارضين بناء على السببية بخلاف ما نحن فيه فإنه بين احتمالين ، فلا يقاس ما نحن فيه بمسألة تخيير المقلد بهذا الوجه الفارق.

__________________

(١) أقول : بناء على الطريقية لا يعقل حجية المتعارضين للعلم بأنّ أحدهما مخالف للواقع جزما. وبعبارة أخرى اعتبار الظن النوعي مشروط بعدم العلم بالخلاف ، وفي المتعارضين نعلم بتخلّف أحد الطريقين عن الواقع ، فشمول الدليل لهما في قوة أن يقول اعمل بالمتناقضين فإنّهما ثابتان في الواقع ، وهو كما ترى ، وهذا بخلاف تقرير السببية فإنه يمكن أن يكون العمل على طبق الدليل مطلقا ذا مصلحة وإن علم أنّه مخالف للواقع ، فالأولى أن يقال في الفرق بين ما نحن فيه ومسألة تعارض الخبرين على الطريقية أنّ الحكم بالتخيير في المتعارضين تعبد لا يعلم مناطه فلا يقاس به غيره.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٣.

٢٣٠

قوله : هل يتعيّن الأخذ بالحرمة أو يتخيّر بينه وبين الأخذ بالوجوب وجهان (١).

هنا وجه ثالث لعله أقرب من الوجهين المذكورين وهو الأخذ بالمظنون من الاحتمالين لو كان هناك ظنّ بأحدهما وإلّا فالتخيير أو ترجيح جانب الحرمة ، والدليل على الترجيح بالظن هو حكم العقل بمقدمات الانسداد وهي العلم بالتكليف إجمالا وانسداد باب علمه التفصيلي وعدم إمكان الاحتياط والرجوع إلى البراءة الأصلية ، ولا يخفى تمامية المقدّمات ، وقد أشرنا في رسالة الظن في ذيل دليل الانسداد إلى ذلك وأنّ جريان مقدمات الانسداد غير منحصر في الانسداد الأغلبي.

قوله : إنّ حرمة الطهارة بالماء النجس تشريعية لا ذاتية (٢).

يعني أنّ المسألة ليست من موارد دوران الأمر بين الواجب والحرام ، فإنّها شبهة وجوبية صرفة أمكن الاحتياط فيها بالفعل لو لا النص الدال بإهراق الماءين والتيمم.

ثم لا يخفى أنّ هذا الجواب يجري في المثال الأول أيضا فتدبّر ، نعم في مثال اشتباه إناء الذهب بغيره أو اشتباه الماء المغصوب أو إنائه بغيره تكون الحرمة ذاتية.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٥.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٧.

٢٣١

قوله : مع أنها لو كانت ذاتية فوجه ترك الواجب وهو الوضوء ثبوت البدل له وهو التيمم (١).

فيه نظر ، لأنّ التيمم بدل اضطراري ليس في عرض الوضوء بل في طوله ، فلو كان التيمم بدلا اختياريا عن الوضوء صح أن يقال روعي جانب الوجوب ببدله كما يقال روعي جانب الحرمة بترك الوضوء ولم يثبت ترجيح جانب الحرمة وسقط الاستدلال ، ولكن لمّا كان وجوب التيمم في مرتبة متأخرة عن وجوب الوضوء وعلى تقدير العجز عن الوضوء عقلا أو شرعا ، فليس في الرتبة الأولى سوى احتمال وجوب الوضوء وحرمته وقد غلّب جانب الحرمة وهو المطلوب.

والتحقيق أن يقال : إن دليل وجوب الوضوء قاصر الشمول لمورد مصادفته للحرام ، فليس تقديم جانب الحرمة من جهة ثبوت البدل للواجب ولا من جهة أولوية مراعاة جانب الحرمة من مراعاة جانب الوجوب ، وبيان ذلك : أنّ أدلة وجوب الوضوء مقيدة بالتمكن من استعمال الماء الأعم من التمكن العقلي والشرعي كما يستفاد من قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(٢) بضميمة ما يستفاد من غيره على ما ذكر في محلّه ، وأما أدلة حرمة استعمال الماء النجس أو المغصوب في الوضوء وغيره مطلق ، ففيما إذا كان الوضوء مستلزما لارتكاب حرام لم يتمكن من الوضوء بالمعنى المذكور فلا يشمله دليله ، بخلاف دليل حرمة استعمال النجس لكونه مطلقا بالفرض ولذا لو فرض أنه قال بدل قوله (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) إن لم تجدوا ماء صلّوا بلا

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٧.

(٢) المائدة ٥ : ٦.

٢٣٢

طهارة ، كان الحكم تقديم جانب الحرمة لعين ما ذكر ، فلا دخل لذلك بجعل البدل ، ولا يخفى أن هذا الوجه يكون جوابا آخر لأصل الاستدلال بالاستقراء بمعونة هذا المثال فإنّه ليس من مورد دوران الأمر بين الواجب والحرام الذي نتكلّم عليه.

قوله : مع أنّ القائل بتغليب جانب الحرمة لا يقول بجواز المخالفة القطعية (١).

لا يخفى أنّ المستدل لاحظ كلا من طرفي الشبهة واقعة مستقلة دار أمرها بين الوجوب والحرمة قد غلّب الشارع فيها جانب الحرمة ، فلذا جعل المثال من قبيل ما نحن فيه ، فردّ عليه المصنف بأنّ التكليف بكل من الوجوب والحرمة في المثال معلوم إجمالا ولمّا اشتبه الأمر علينا دار أمرنا بين الوضوء بكلا الإناءين ، وبين ترك الوضوء بهما أو الوضوء بأحدهما دون الآخر ، وعلى الأولين يلزم المخالفة القطعية لأحد التكليفين وإن استلزم الموافقة القطعية للآخر ، فيتعيّن الثالث بحكم العقل والعقلاء فرارا عن المخالفة القطعية ولو لم يلازم الموافقة إلّا الاحتمالية لكن الشارع جعل الحكم موافقا للاحتمال الثاني المستلزم لترك الواجب جزما ، وهذا مما لا يقول به المستدل.

فإن قلت : لعل المستدل يستشهد بهذا المثال لما نحن فيه بالأولوية ، فإنّه لما قدّم جانب الحرمة على الواجب المعلوم كان تقديمه على احتمال الوجوب أولى.

قلت : مضافا إلى أنّ الاستقراء المطلوب لا يحصل بهذه الاستنباطات ، فيه أنه لا حجية في هذه الأولوية لأنّها غير قطعية.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٧.

٢٣٣

قوله : ويضعّف ما قبله (١).

يعني به قوله في ذيل عبارة النهاية (٢) ولأنّ إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتم إلى آخره ، وظاهر جواب الماتن عنه أنه فهمه دليلا مستقلا لتغليب جانب الحرمة ، مع أنّ ظاهر عبارة النهاية أنّ هذا وجه آخر لأولوية دفع المفسدة من جلب المنفعة ، وكيف كان أجاب المصنف بأنّ هذه الأولوية لا تصلح لتعيين جانب الحرمة وإنما تصلح لنفي تعيين جانب الوجوب فلا تنافي التخيير ، فتأمل فإنّ هذا الجواب لا يخلو عن اضطراب وضعف كأصل الاستدلال.

قوله : وأما أولوية دفع المفسدة فهي مسلّمة (٣).

لا نسلّم القضية بكلّيتها ، إذ لو فرض معارضة المفسدة اليسيرة للمنفعة العظيمة أو الكثيرة قد يحكم العقل بارتكاب تلك المفسدة وتحمّل ضررها لإدراك هاتيك المنفعة ، وقد يتردّد ولا يحكم بشيء كما يشهد بذلك رويّة العقلاء في تجاراتهم ومعاملاتهم وسائر أمورهم في معاشهم ، لكن هذا في المضار الدنيوية ، وأما المفسدة الأخروية التي هي من سنخ العقاب والبعد عن ساحة الحق فالظاهر استقلال العقل بأولوية دفعها من جلب المنفعة مطلقا ، لأنّ يسير العقوبة والبعد كثير لا يعادله شيء عند أهل المعرفة أعاذنا الله من يسيرها وكثيرها بمحمّد وآله (عليهم‌السلام).

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٧.

(٢) نهاية الوصول (مخطوط) : ٤٦٠.

(٣) فرائد الأصول ٢ : ١٨٧.

٢٣٤

قوله : وأما الأخبار الدالة على التوقف فظاهرة فيما لا يحتمل الضرر في تركه (١).

لأنّ صريح بعضها وظاهر بعضها الآخر أنّ التوقف في الشبهة طريق يؤمن من خطره ويعلم سلامته عن الوقوع في الهلكة ومخالفة الواقع ، وهذا المعنى إنما يتحقق في مثل شرب التتن من الشبهة البدوية كما تقدم تقريبه في محلّه لا فيما نحن فيه من مورد العلم الإجمالي فإنّ في كل من الفعل والترك احتمال الوقوع في مخالفة الواقع.

قوله : وهو بعيد (٢).

لعل وجه البعد أنّ أخبار الاحتياط مرشدة إلى حسن الاحتياط من مراعاة جانب الوجوب فيما يحتمله وجانب الحرمة فيما يحتملها ، ففيما يحتمل الوجوب والحرمة كليهما لا سبيل إلى الاحتياط ، فلا وجه لأن يستكشف من هذه الأخبار تعيين جانب الترك على الفعل ، وهذا بخلاف أخبار التوقف فإنّ ظاهرها على ما سبق بيانه الوقوف عن الشيء وترك الدخول فيه والإمساك عنه ، فافهم.

قوله : فإنّ العقل إما أن يستقل بالتخيير (٣).

قد تكرّر من المصنف هذا الكلام في مواضع عديدة ، وأنّ العقل لا يتحيّر في حكم نفسه ولا يكون إجمال في حكمه ، وتكرر ما أوردنا عليه من أنّ ذلك أمر ممكن بل واقع يشهد به الوجدان فإنّه فيما نحن فيه يجوز أن يحكم العقل

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٨.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٨.

(٣) فرائد الأصول ٢ : ١٨٨.

٢٣٥

بوجوب الأخذ بشيء في مقابل طرح العلم الإجمالي والرجوع إلى البراءة لكن لا يحكم بوجوب واحد من الاحتمالين مخيرا أو معينا. وبعبارة أخرى يجوز أن يدرك العقل أمرا على إجماله ولا يدرك تفاصيله.

قوله : إلّا أن يقال إنّ احتمال أن يرد من الشارع (١).

هذا الكلام حق لكنه مخالف لمذاق المصنف القائل بأنّه لا معنى لكون حكم العقل معلقا على عدم ورود التعبد الشرعي على خلافه ، بل لو ورد ما ظاهره المخالفة يصرف عن ظاهره ويؤول بما لا ينافي حكمه.

قوله : أو بشرط البناء على الاستمرار وجوه (٢).

يحتمل أن يريد البناء على استمرار ما اختاره من العمل على طبق الوجوب أو الحرمة ، ويحتمل أن يريد البناء على الاستمرار على التخيير ، وعلى هذا فوجوه المسألة أربعة :

الأول : التخيير البدوي مطلقا لما أشار إليه في المتن من قاعدة الاحتياط في دوران الأمر بين التخيير والتعيين واستصحاب الحكم المختار واستلزام العدول للمخالفة القطعية.

الثاني : التخيير الاستمراري مطلقا لما أشار إليه في المتن أيضا من أنّ موضوع حكم العقل بالتخيير أولا باق في ثاني الحال بعد اختيار أحد الاحتمالين أيضا وهو الجهل بخصوص الحكم الواقعي مع العلم به إجمالا ، ومع الإغماض عن ذلك وفرض الشكّ يجري استصحاب التخيير الحاكم على استصحاب بقاء الحكم المختار.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٩.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٩.

٢٣٦

الثالث : التفصيل بين ما لو كان بانيا عند اختياره لأحد الاحتمالين على الاستمرار على مختاره فيستمرّ حكم التخيير ، وبين ما لم يبن على ذلك فلا يجوز العدول عما اختاره ، لأنّ المخالفة القطعية التي يلزم على الأول لا يحكم العقل بقبحه وصحة العقاب عليه ، إذ هي مخالفة اتفاقية في الأمور التدريجية نظير تبدّل رأي المجتهد من الوجوب إلى الحرمة أو بالعكس ، أو عدول المقلّد من مجتهد إلى مجتهد آخر ، وهذا بخلاف ما لو لم يبن على الاستمرار المذكور بل بنى على اختيار الفعل تارة واختيار الترك تارة أخرى فإنّ المخالفة القطعية في هذه الصورة معصية بحكم العقل والعقلاء موجبة للذم يصحّ العقاب عليها فلا يجوّز العقل العدول عما اختاره أوّلا حذرا من لزوم المخالفة القطعية الكذائية.

الرابع : التفصيل بين ما لو بنى من أول الأمر على الاستمرار على التخيير فيستمر حكم التخيير وبين ما إذا لم يبن عليه فلا يجوز العدول ، وذلك لأنّه لو بنى من أول الأمر على اختيار جانب احتمال الوجوب مثلا دائما صار ذلك حكمه ، فالعدول عنه إلى اختيار احتمال الحرمة عدول عن حكمه الشرعي لأنّه قد أخذ بحكم جميع الوقائع باختياره الأول ، وأما إذا بنى من أول الأمر على الاستمرار على التخيير فعند الواقعة الأولى لو أتى بالفعل رعاية لاحتمال الوجوب مثلا لم يمنع ذلك عن اختيار الترك في الواقعة الثانية لأنّه لم يأخذ عند الواقعة الأولى إلّا حكم تلك الواقعة ، وباقي الوقائع بعد على حكم التخيير الأوّلي ، هذا كله بالنظر الجلي.

وأما ما يقتضيه النظر الدقيق فالتحقيق أن يقال : إنّ القول بالتخيير إن كان من جهة ما ذكرنا سابقا من أنّ الأخذ بكل من الفعل أو الترك من باب الاحتياط ورعاية العلم الإجمالي بقدر الإمكان فلا ريب في كون التخيير استمراريا ، لأنّ اختياره الفعل أو الترك لم يجعله حكما شرعيا له حتى يشكّ في بقائه

٢٣٧

ويستصحب مثلا بل هو مجرّد تطبيق العمل على أحد الاحتمالين احتياطا ، وكذا لو كان القول بالتخيير من جهة حكم العقل في المسألة بأنّه في مقام العمل لا مفرّ من الفعل أو الترك لعدم إمكان الاحتياط فإما أن يفعل وإمّا أن يترك ، وأما إذا قلنا بالتخيير في الأخذ في المسألة الأصولية نظير التخيير في الخبرين المتعارضين ففيما إذا اختلفت الأمة بين قولين يتخيّر بين الأخذ بكل من القولين ، فلا شكّ أنّ التخيير هنا يقتضي أن يكون المأخوذ حكما شرعيا لمن اختاره وحينئذ يأتي الوجوه الأربعة المتقدمة ، أقواها أوّلها ، لأنّ مؤدّى كل من القولين أنّ الحكم كذلك أبدا ، فإما أن يأخذ بالوجوب دائما أو بالحرمة دائما ، نعم لو ثبت أنّ موضوع الحكم بالتخيير هو التحيّر والجهل بالحكم الواقعي كان التخيير استمراريا لبقاء موضوعه ، وكذا إذا شكّ في استمرار هذا التخيير لاحتمال أن يكون الشارع قد تعبّدنا بالتزام الحكم المختار فيستصحب التخيير لتحقق الموضوع ويكون حاكما على استصحاب بقاء الحكم المختار ، نعم لو شك في أنّ الموضوع للتخيير هل هو الجهل بالواقع أو المتحيّر مطلقا بالنسبة إلى الواقع والظاهر حتى يكون من أخذ بأحد الحكمين خارجا عن الموضوع إذ ليس بمتحيّر في الظاهر ، كان اللازم أن يقال بالتخيير البدوي لدوران الأمر في ثاني الحال بين التخيير والتعيين ، ومقتضى القاعدة الحكم بالتعيين على المختار.

لكن يبقى الكلام في مبنى هذه الوجوه فإنّه لا دليل على وجوب الأخذ بأحد القولين أصلا ، إذ ليس القولان كالخبرين المتعارضين اللذين يقتضي الدليل حجية كل واحد منهما في حدّ نفسه ، بل ليس القولان إلّا منشأ للاحتمالين ، ومن هنا لم يتبين لنا صحة أحد الوجهين المتقدمين من كون موضوع التخيير التحيّر بالنسبة إلى الواقع أو بالنسبة إلى الواقع والظاهر ، إذ لم يكن هناك دليل حتى ننظر فيه وفي موضوع حكمه حتى يعلم الحال ، وإنما هو

٢٣٨

مجرد فرض لا واقع له ، كما أن أصل هذه المسألة كذلك كما أشرنا إليه في صدر المبحث ، فتأمل.

قوله : ويضعّف الأخير بأنّ المخالفة القطعية في مثل ذلك لا دليل على حرمتها ، إلخ (١).

ووجهه أنّ التكليف بجميع الوقائع التي يتفق على مرور الدهر ليس منجّزا على المكلف بل عند كل واقعة لا تكليف إلّا بها ، نعم لو قلنا بتعلّق التكليف بالمكلّف بالنسبة إلى جميع الوقائع التي يبتلى بها طول الدهر على وجه الخطاب التعليقي كانت المخالفة القطعية حينئذ حراما كما في الشبهة المحصورة المصطلحة ، ولا يخفى أنّه لا يتفاوت الأمر عليه بين بنائه من أول الأمر على الاستمرار على الحكم المختار أو الاستمرار على التخيير بأن يختار هذا تارة وذاك أخرى وبين غيره في حرمة المخالفة القطعية ، كما أنه لا يتفاوت الحال على الأول بين الأمرين في عدم حرمة المخالفة القطعية.

قوله : لو دار الأمر بين الوجوب والتحريم من جهة تعارض الأدلة (٢).

لو فرضنا الدليلين المتعارضين خصوص الخبرين المتعارضين فالحكم فيه التخيير كما في المتن لإطلاق أدلة التخيير فيه ، بل هو مقتضى أدلة حجية الخبر مطلقا بناء على السببية جزما وبناء على الطريقية أيضا على وجه تقدّم تقريبه قبيل هذا ، وأما إذا فرضنا الدليلين غير الخبرين فلا بدّ أن يلاحظ دليل حجّيتهما فإن كان مثل دليل حجية الخبر بحسب المؤدّى كان حكمه حكمه وإلّا

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ١٨٩.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٩١.

٢٣٩

كان الأصل فيه التساقط والرجوع إلى الأصل في المسألة الفرعية.

ثم إنّ حكم دوران الأمر بين الوجوب والحرمة من جهة تعارض الأدلة ليس مختصا بما لم يحتمل سوى هذين الحكمين ، بل يشمل ما إذا احتمل أحد الأحكام الثلاثة الأخر أو جميعها إذا لم يرد نصّ يوافق ذلك الاحتمال ، فإنّ هذا أيضا داخل في حكم المسألة من التخيير ، وذلك لأنّ المتعارضين يشتركان في نفي ذلك الاحتمال وهما حجة من هذه الجهة لا تعارض بينهما ، وإنما التعارض باعتبار إثبات نفس مدلولهما.

ثم لا يخفى أنّ التخيير الثابت في هذه المسألة لا يتردّد أمره بين كونه مخيّرا في العمل أو في الأخذ ، بل الثاني متعيّن لظاهر أخبار التخيير مثل قوله (عليه‌السلام) «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (١).

قوله : وبعد الأخذ بأحدهما لا تحيّر فتأمل (٢).

لعل وجهه أنّ موضوع المستصحب هو الخبران المتعارضان في لسان الدليل ، وهو معلوم البقاء فلا مانع من الاستصحاب ، بل التحقيق أن يقال إنّ الموضوع هو المكلّف الذي أتاه الخبران المتعارضان وهو باق جزما ، لأنّ الموضوع الذي يعتبر العلم بتحققه في جريان الاستصحاب هو معروض الحكم المستصحب لا ما أخذ موضوعا في لسان الدليل ، فإنّ التعارض المأخوذ في الدليل موضوعا للحكم هو علّة حدوث الحكم ، وتمام الكلام في مبحث الاستصحاب إن شاء الله.

__________________

(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٦.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٩٢.

٢٤٠