آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات المحلّاتي ( المفيد )
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٩

تقدير كونها بولا لا يرتفع إلّا بالوضوء فلا مجال لأن يقال الأمر دائر بين الفرد الطويل والقصير فانه لا فرق بين البول والمني من هذه الجهة وعلى كلا التقديرين يجري الاستصحاب بالنسبة الى الجامع.

وفي المقام شبهة وهي انه لو شك في بقاء الجامع من جهة الشك في كون الحادث أي الفردين ان كان الحادث المشكوك فيه من الامور التكوينية الخارجية كما لو دار الامر بين كون الداخل في الدار بقا أو فيلا يجري الاستصحاب في الجامع بلا اشكال ولا كلام.

وأما لو كان الفرد المردد بين الامرين من الامور التعبدية الشرعية كالحدث المردد بين الاصغر والاكبر وامثاله يشكل جريان الاستصحاب في الجامع. مثلا في مورد المثال يشكل جريان استصحاب الحدث لأن المكلف بعد ما توضأ أو بعد الاغتسال يشك في بقاء الحدث فيكون استصحاب الحدث جاريا ، لكن يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد أي يشك في ان المولى هل اعتبر الحدث أزيد من هذا المقدار ام لا؟ الاصل عدم الجعل الزائد فيقع التعارض بين بقاء المجعول وعدم الجعل الزائد ، والنتيجة ان المكلف لا يمكنه اثبات كونه محدثا بالاستصحاب. فانه يقع التعارض بين الاستصحابين ويتساقطان بالتعارض ، وهل يمكن للمكلف أن يحكم على نفسه ، بالطهارة أم لا؟

الظاهر انه يشكل اذ يشك في الطهارة ولا طريق لاحرازها إلّا أن يقال : ان المقام بعد التعارض والتساقط يدخل في مورد الجمع بين الوجدان والاصل بأن يقول المكلف بعد الوضوء أو الغسل ان كان الحدث العارض الحدث الكذائي فقد ارتفع بالغسل أو الوضوء وان

٦١

كان العارض القسم الآخر فهو مشكوك التحقق والاصل عدم حدوثه من أول الامر.

وهذا نظير ما لو كان الشخص محدثا بالاصغر وخرج منه شيء واحتمل كون الخارج منيا فان المكلف يستصحب عدم جنابته ويقتصر على الوضوء ويصلي مع انه شاك في الطهارة اذ يحتمل كونه جنبا.

ان قلت : القياس مع الفارق اذ في المقام ان المفروض انه علم اجمالا بتحقق حدث في الخارج مردد بين الاصغر والاكبر والعلم الاجمالي منجز فلا بد من الجمع بين الوضوء والغسل قضاء للعلم الاجمالي.

قلت : تنجز العلم الاجمالي متقوم بتعارض الاصول في الاطراف وأما مع عدم التعارض فلا يكون العلم منجزا اذ مع عدم التعارض يجري الاصل في أحد الطرفين بلا معارض والمقام كذلك فان المفروض ان المكلف توضأ أو اغتسل وبعد الاتيان بأحد الامرين يجري الاستصحاب في عدم الحدث الآخر ولا يعارضه الاصل الجارى في الطرف الآخر اذ المفروض انه لا مجرى له بعد الاتيان برافعه كما هو المفروض.

ولذا نقول لو علم اجمالا بنجاسة احد الإناءين ثم انعدم احدهما لا مانع من جريان الاصل في الاناء الآخر اذ بقاء لا تعارض وقس عليه جميع الموارد التي من هذا القبيل ويترتب على هذا فوائد كثيرة فلاحظ واغتنم.

وربما يقال : انه لا تصل النوبة الى المعارضة كي يسقط استصحاب الكلي بالمعارضة بل استصحاب الكلي لا يجري لكونه محكوما بأصل جار في الرتبة السابقة فلا تصل النوبة اليه.

بيان المدعى : ان الشك في بقاء الكلي مسبّب عن حدوث الفرد

٦٢

الطويل ، مثلا في مثال تردد الامر بين الحدث الاصغر والاكبر اذا توضأ المكلف يكون شكه في بقاء الحدث مسببا من أن الرطوبة الخارجة مني أم لا؟ وما دام يكون الاصل جاريا في السبب لا تصل النوبة الى جريانه في المسبب وحيث ان كون الرطوبة مرددة بين المني والبول يكون مقتضى الاصل عدم كونها منيا وينضم هذا الاصل الى الوجدان فنحكم بعدم كون المكلف محدثا.

ويرد على التقريب المذكور ان مجرد التسبب لا يكون موجبا لتقدم الاصل الجاري في السبب على الاصل المسببي وعدم جريان الاصل في المسبب بل التقدم مشروط بكون التسبب شرعيا ويكون المسبب من الآثار الشرعية للسبب كما لو غسل ثوب نجس بالماء الذي يكون مستصحب الطهارة فان الشك في بقاء نجاسة الثوب بعد الغسل مسبب عن نجاسة الماء وتكون طهارة الثوب من الآثار الشرعية لطهارة الماء المغسول به الثوب فاذا ثبت كون الماء طاهرا يثبت كون الثوب طاهرا فانه من الاحكام المترتبة على طهارة الماء فمع جريان الاستصحاب في الماء واثبات طهارته لا يبقى مجال لجريان استصحاب النجاسة في الثوب فالنتيجة تقدم الاصل الجاري في السبب على الاصل الجاري في المسبب.

وأما اذا لم يكن التسبب شرعيا بل كان عقليا والترتب من جهة التلازم العقلي فلا وجه لجريان الاصل في أحد الطرفين دون الآخر ، مضافا الى أنه على فرض الجريان يقع التعارض بين الاصلين اذ التلازم من الطرفين بخلاف ما يكون التسبب شرعيا فانه لا مقتضي لجريان الاصل في المسبب مع جريانه في السبب.

توضيح ذلك : ان اركان جريان الاصل في السبب تامة كجريان

٦٣

الاستصحاب في الماء في المثال الذي ذكرناه وأما جريان الاصل في الثوب اما بلا وجه أو بوجه دائر وكلاهما محال.

بيان ذلك : ان جريان الاستصحاب في الثوب يتوقف على عدم جريانه في الماء اذ مع جريان الاستصحاب في الماء لا يبقى الشك في طهارة الثوب فجريان الاصل في الثوب يتوقف على عدم جريانه في الماء وعدم جريان الاصل في الماء يتوقف على جريانه في الثوب وهذا دور فيلزم ان جريان الاصل في الثوب اما بلا وجه وأما بوجه دوري.

واما جريان الاصل في الماء فبلا مانع لتمامية اركانه ، فتحصل انه لا يمكن منع جريان الاصل في الكلي بهذا التقريب ، فان التسبب لا يكون شرعيا بل التسبب عقلي وجريان الاستصحاب في الكلي بلا مانع.

وبعبارة واضحة : ان ترتب عدم جامع الحدث بين الصغير والكبير على استصحاب عدم الجنابة لا يكون شرعيا بل يكون عقليا فلا يتم المدعى على التقريب المذكور.

وأما على ما ذكرنا فلا يتوجه اشكال ظاهرا ، اذ قلنا ان استصحاب الجامع معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد ، فالنتيجة عدم جريان استصحاب الجامع فالترديد من حيث دوران الامر بين كون الرطوبة بولا أو منيا.

فنقول اذا كانت بولا فارتفعت قطعا وأما احتمال كونها منيا فهو مرتفع باستصحاب عدم تحقق الجنابة.

وبعبارة اخرى : نقول أما الحدث البولي فغير باق قطعا وأما الحدث الاكبر فهو منفي بالاصل.

لكن في المقام اشكال وهو انّه لو تردد الامر بين البول والمني

٦٤

يتشكل علم اجمالي آخر وهو انّه لو كانت الرطوبة منيا يجب الاغتسال وان كانت بولا يجب غسل المحل مرتين ، فلا مجال لجريان اصالة عدم كونها منيا فعلى القول بتنجز العلم الاجمالي لا بد من الجمع بين الاغتسال من النجابة الاحتمالية وغسل المحل مرتين من النجاسة البولية الاحتمالية أيضا.

ثم انه على تقدير جريان الاستصحاب في الكلي من ناحية وعدم تنجس الملاقي لبعض أطراف الشبهة المحصورة كما هو المشهور عندهم من ناحية اخرى تتوجه شبهة سميت بالشبهة العبائية أوردها المرحوم السيد اسماعيل الصدر.

وهي انه لو فرضنا انه تنجس احد طرفي العباء ثم غسلنا الطرف العالي منه وبعد الغسل لاقت يد احد كلا طرفي العباء يلزم أحد الامرين على نحو مانعة الخلو : احدهما عدم جريان الاستصحاب في الكلي.

ثانيهما : تنجس الملاقي لبعض الاطراف. وبعبارة اخرى : اذا جرى استصحاب كلي النجاسة في العباء يلزم الحكم بنجاسة الملاقي فيلزم رفع اليد عن تلك القاعدة واذا لم نلتزم بالنجاسة يلزم عدم جريان الاستصحاب في الكلي.

والجواب عن هذه الشبهة ان الحكم بطهارة الملاقى اما لاجل جريان استصحاب الطهارة في الملاقي بالكسر وأما لاستصحاب طهارة الملاقى بالفتح وشيء منهما لا مجال له في المثال المفروض لان استصحاب نجاسة الخيط النجس في العباء جار والملاقاة محرزة فلا تصل النوبة الى جريان استصحاب الطهارة في اليد.

وبعبارة اخرى : الملاقاة وجدانية والملاقى بالفتح نجس بالاستصحاب فلا تصل النوبة الى جريان الاستصحاب في اليد.

٦٥

وببيان واضح : التقريب الذي يقتضي طهارة الملاقي بالكسر لا يجري في مورد الكلام فلا تغفل.

ويختلج ببالي القاصر أن يقال انّه لا مانع عن جريان استصحاب الطهارة في اليد ، اذ ملاقاة اليد مع الخيط النجس في العباء غير معلومة لا بالوجدان ولا بالاصل. اما بالوجدان فظاهر لانّه يحتمل صيرورة الخيط النجس طاهرا بغسل النصف من العباء ، وأما بالتعبد فلأنّ استصحاب كلي النجاسة لا يثبت نجاسة الشخص الخارجي الا بالتقريب الاثباتي ، والمقام نظير استصحاب بقاء الكرّ في الحوض.

فكما انّ استصحاب بقاء الكر في الحوض لا يثبت كون الماء الموجود فيه كرّا الا على القول بالمثبت كذلك استصحاب نجاسة الخيط النجس لا يثبت انّ الملاقي مع اليد نجس الا على نحو الاثبات. وبعبارة واضحة تارة نعلم بنجاسة قطعة خاصة من العباء ولاقت اليد تلك القطعة بالخصوص فلا اشكال في نجاسة اليد بملاقاة تلك القطعة ، لكن هذا الفرض خارج عن محل الكلام وانما الكلام فيما علم اجمالا بنجاسة قطعة من قطعات العباء وفي هذه الصورة اذا طهّر احد طرفي العباء ولاقت اليد مع جميع القطعات العبائية لا يحصل العلم بملاقاة اليد مع القطعة النجسة لا بالوجدان ولا بالتعبّد كما قرّرنا.

هذا كلّه على مبنى المشهور من عدم جريان الاصل في اطراف العلم الاجمالي مطلقا.

وأما على المسلك المنصور من اختصاص عدم الجريان بصورة تعارض الاصول في الاطراف وأما مع عدم التعارض فلا مانع عن

٦٦

جريان الاصل ففي المقام نقول بعد تطهير الجانب العالي أو السافل من العباء لا مانع عن جريان الاصل في الطرف الآخر ومع جريان استصحاب الطهارة فيه أو قاعدتها لا مجال لنجاسة الملاقي بالكسر اذ عليه تكون الملاقاة مع الطاهر ، فلا مقتضي للنجاسة فلاحظ.

القسم الثالث من استصحاب الكلي ما اذا علم بوجود الكلي كما لو علم بدخول الانسان في الدار بدخول زيد مثلا ، وعلم بخروج زيد ولكن احتمل مع دخول زيد دخول شخص آخر من أفراد الانسان في الدار أو احتمل انه مقارنا لخروج زيد دخل بكر في الدار فهل يجري الاستصحاب في الكلي أم لا؟

ربما يقال : بأنه لا مانع عن جريان استصحاب الكلي بتقريب ان بدخول زيد في الدار يعلم بدخول الانسان في الدار وبعد خروج زيد يشك في بقاء الانسان في الدار وعدمه فاركان الاستصحاب من اليقين السابق والشك اللاحق تامة فيجري الاستصحاب.

ويرد عليه ان الكلي لا وجود له في الخارج على حياله واستقلاله بل وجوده في ضمن وجود الفرد هذا من ناحية ومن ناحية اخرى لا بد في الاستصحاب من تعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين وعلى هذا الاساس لا يكون موضوع الاستصحاب تاما لان اليقين تعلق بالانسان الكلي الموجود بوجود زيد وبعد خروج زيد يقطع بأن ما تعلق به اليقين خرج من الدار فما تعلق به اليقين حدوثا قد زال ولا يكون باقيا قطعا.

واحتمال وجود الكلي في ضمن فرد آخر لم يكن متعلق اليقين من أول الامر فما احتمل بقائه لم يعلم بحدوثه وما علم بحدوثه يقطع بزواله وخروجه فلا مجال لجريان الاستصحاب.

وربما يفصّل بين احتمال حدوث فرد مقارن مع حدوث الفرد

٦٧

المعلوم كما لو احتمل مع دخول زيد في الدار دخول بكر ايضا في ذلك الوقت في الدار وبين صورة احتمال دخول فرد آخر مقارنا مع خروج زيد عن الدار بجريان الاستصحاب في الصورة الاولى دون الثانية.

بتقريب ان متعلق اليقين في الصورة الاولى مردّد بين مقطوع الزوال ومحتمل البقاء فيجري الاستصحاب وأما في الصورة الثانية فمتعلق اليقين زائل قطعا وانما الشك في حدوث فرد آخر.

ولكن الحق عدم الفرق بين الصورتين وعدم جريان الاستصحاب لا في الثانية ولا في الاولى ، وذلك لان ما تعلق به اليقين زائل بالقطع وغير ما تعلق به اليقين وجوده وحدوثه غير معلوم فلا مقتضي لجريان الاستصحاب. فالنتيجة عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم بلا تفصيل.

نعم اذا كان الزائل معدودا من الحالات عند العرف ويصدق عندهم ان ما تعلق به اليقين مشكوك البقاء يجري الاستصحاب مثلا لو شك في بقاء سواد جسم بعد العلم بزوال مرتبة منه يجري الاستصحاب في بقاء السواد واذا تعلق اليقين بشجاعة زيد في المرتبة العالية وبعد ذلك علم بزوال تلك المرتبة ولكن شك في بقائها بمرتبة اخرى نازلة يجري الاستصحاب في بقاء أصل الشجاعة.

ولكن الوجه في جريان الاصل في الفرض المذكور ان مشكوك البقاء عين معلوم الحدوث والتغير انما يكون في حالات الشخص في نظر العرف هذا تمام الكلام في القسم الثالث من الكلي.

ثم انه بالمناسبة ذكر فرع فقهي في المقام وهو انه لا اشكال في أنه لو شك في تذكية حيوان وعدمها تجري اصالة عدم التذكية

٦٨

ولا اشكال في أنه يترتب على الاصل المذكور عدم جواز الاكل كما لو شك في لحم حيوان بأنه ذكي أم لا وأما النجاسة فهل هي مترتبة على اصالة عدم التذكية ام لا؟

والحق أن يقال : ان النجاسة لا تترتب على الاصل المذكور اذ النجاسة مترتبة على عنوان الميتة والميتة عنوان وجودي واثبات الامر الوجودي بالاصل المذكور من المثبت الذى لا نقول به وهذه ثمرة مهمة.

ان قلت : يلزم التفكيك في جريان الاصل فانه كيف يجمع بين جريان اصالة عدم التذكية وترتيب حرمة الاكل وجريان اصالة الطهارة.

قلت : لا ضير فيه اذ انه لا يلزم منه مخالفة عملية بل اللازم المخالفة الالتزامية ومثلها غير مضر فلاحظ.

القسم الرابع من أقسام استصحاب الكلي ما اذا علمنا بوجود فرد من الكلي وعلمنا بارتفاعه لكن علمنا بوجود فرد معنون بعنوان يمكن انطباق ذلك العنوان على الفرد الذي علم ارتفاعه.

مثلا اذا علمنا بدخول زيد في الدار ومقارنا لدخوله علمنا بدخول فرد طويل القامة ونحتمل ان زيدا مصداق للعنوان الذي علمنا بوجوده.

وامتياز هذا القسم عن القسم الاول ظاهر فان الشك في القسم الاول متعلق بعين ما تعلق به اليقين وامتيازه عن القسم الثاني ان منشأ الشك في القسم الثاني تردد الفرد بين القصير والطويل وفي المقام لا ترديد من حيث الفرد بل الترديد من ناحية اخرى وهي احتمال انطباق العنوان الآخر على الفرد المعلوم وامتيازه عن

٦٩

القسم الثالث ان في القسم الثالث ليس إلّا علم واحد وفي المقام علمان.

ومثاله في الشرعيات انه لو علمنا بالجنابة ليلة الخميس واغتسلنا ويوم الجمعة رأينا المني في ثوبنا ولا ندري ان الجنابة التي علمنا بها من ناحية هذا المني أو من غير هذه الناحية.

اذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم ان الحق ان القسم الرابع هو القسم الاول اذ نعلم بحدوث جنابة من ناحية هذا المني ونشك في بقائها وعدم بقائها والشك في بقائها مسبب عن الشك في ارتفاعها برافع وحيث ان الاصل الجاري في السبب حاكم على الاصل الجاري في المسبب لا تصل النوبة الى جريان الاصل في بقاء الجنابة فان الاصل الجاري في عدم الرافع يقتضي البناء على بقاء الجنابة فلا اشكال في تمامية اركان الاستصحاب.

لكن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب آخر فان المكلف يقطع بعدم كونه جنبا بعد الاغتسال ومقتضى الاستصحاب بقائه على الطهارة فيقع التعارض بين الاستصحابين وبالمعارضة يتساقطان لكن التعارض المذكور يختص بمورد خاص كالشك في الجنابة وأمثالها وأما اذا فرض الكلام في الامور التكوينية الخارجية كما مثلنا في اول عنوان القسم الرابع من الكلي فلا مناص عن جريان الاستصحاب بلا كلام.

وأما في مثل الجنابة فيقع التعارض بين الاصلين وبعد التعارض لا بد من الرجوع الى أصل آخر والظاهر انه لا يتم الامر في أمثال المقام ولا بد من الاحتياط اذ الصلاة مشروطة بالطهارة والمفروض انه لا طريق الى احرازها فلا بد من الغسل احتياطا كى يحرز الشرط.

وفي المقام شبهة وهي انه لا مجال للاخذ باستصحاب الجنابة

٧٠

اذ جريان الاستصحاب مشروط بصدق عدم نقض اليقين بالشك وفي المقام يحتمل الانتقاض ولا مجال للاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية.

وبعبارة اخرى : يحتمل أن يكون العنوان صادقا على الفرد الذي علم بزواله فلا يكون النقض بالشك بل نقض اليقين باليقين.

والجواب عن هذه الشبهة انه لا معنى للشك في الحالة النفسانية بأن لا يدري المكلف هل هو شاك في البقاء أو متيقن بالزوال فالشبهة المذكورة مغالطة وسفسطة فالحق جريان الاستصحاب بلا كلام.

وبالمناسبة ننبه بأمر وهو انه لا يتصور الشبهة المصداقية في موضوع الاصول العملية فان موضوعها اما اليقين واما الشك وكلاهما من صفات النفس ومن الامور الوجدانية فكيف يعقل الشك في الامر الوجداني بل اما حاصل في النفس واما غير حاصل فلاحظ.

التنبيه الثامن :

في جريان الاستصحاب في التدريجيات والوجه في عنوان هذا البحث والتكلم فيه انه يشترط في جريان الاستصحاب وحدة القضية المتيقنة والمشكوك فيها وحيث ان الامور التدريجية كالزمان ونحوه من الحركة وأمثالها لا تكون قارة وثابتة بل حقائق انصرامية كلما يوجد جزء منها ينعدم جزء آخر.

وقع الاشكال عندهم في جريان الاستصحاب فيها. بتقريب ان المقوم في جريان الاستصحاب وهي وحدة القضية غير محفوظة فلا بد من العلاج.

والكلام يقع تارة في نفس الزمان واخرى في الزمانيات كالحركة ونحوها فهنا مقامان.

٧١

أما المقام الاول فلا اشكال في أن الميزان في المفاهيم المستفادة من كلام الشارع الاقدس وتطبيقها بحسب ما يفهم منها العرف ولا اشكال في أن الزمان كاليوم مثلا في نظر العرف امر واحد عرفي.

ان قلت : المعروف فيما بين القوم ان العرف محكّم في تشخيص المفاهيم لا في تطبيق تلك المفاهيم على مصاديقها فلا اعتبار بالتطبيق العرفي فما الحيلة؟

قلت : ان ما يفهم العرف من وحدة القضية في دليل الاستصحاب الوحدة العرفية لا الوحدة العقلية كى يقال ان الزمان وامثاله من التدريجات امور مركبة من أجزاء صغيرة غير قابلة للتجزية فلا اشكال من هذه الناحية. فتحصل مما تقدم عدم مانع عن جريان الاستصحاب في الزمان هذا بالنسبة الى نفس الزمان.

وأما جريان الاصل في عدم الزمان كما لو شك في تحقق الليل وعدمه فلا مجال للاشكال في جريانه. مثلا لو شك في تبديل الليل باليوم لا اشكال في اصالة عدم تحقق اليوم.

ثم ان الكلام في الزمان يقع في موضعين. احدهما : فيما يكون الزمان شرطا للحكم التكليفي أو الوضعي. ثانيهما فيما يكون الزمان قيدا لمتعلق التكليف بأن يلزم وقوعه في الزمان الخاص ، أما الموضع الاول فلا مانع عن جريان الاستصحاب في وجود الشرط وعدمه أو عدم ضده.

وأما الموضع الثاني فقد ورد اشكال في جريان الاستصحاب وهو انه لا يتم الأمر الاعلى القول بالمثبت. مثلا اذا قلنا ان المستفاد من دليل وجوب الاتيان بالصلاة في الوقت انه لو اجرى

٧٢

الاستصحاب في الوقت واتى بالصلاة لا يحرز تحقق المأمور به في الخارج الاعلى القول باعتبار المثبت.

وربما يقال كما عن الميرزا انه لا مانع عن جريان الاستصحاب في نفس الحكم بأن يقال كانت الصلاة واجبة حيث كان الوقت محرزا والآن كما كان.

والظاهر انه لا يفيد اذ باي تقريب يمكن اثبات وقوع الصلاة في الوقت وبعبارة واضحة : الشك في بقاء الوجوب مسبب عن الشك في بقاء الوقت ومع جريان الاستصحاب في السبب لا تصل النوبة الى استصحاب المسبب. ولا اشكال في ان جريان الاستصحاب في الوقت لا يترتب عليه وقوع الصلاة فيه إلّا بنحو الاثبات الذي لا نقول به ، وهذا المحذور موجود ايضا في استصحاب الحكم.

وذهب صاحب الكفاية في مقام التخلص عن الاشكال الى جريان الاستصحاب في نفس الفعل بأن نقول كان الامساك مثلا نهاريا وفي النهار والآن كما كان.

ويرد عليه ان هذا التقريب لا يتم في جميع الموارد مثلا لو لم يصل المكلف في اول الوقت وأخر صلاته الى أن شك في بقاء الوقت لا يمكنه اجراء الاستصحاب في الصلاة الواقعة في الوقت الاعلى النحو التعليقي ، اذ لم تكن الصلاة موجودة في الخارج فاثبات كونها في الوقت يتوقف على جريان الاستصحاب التعليقي.

والاستصحاب التعليقي مضافا الى كونه مورد الكلام والاشكال في حد نفسه لا يجري في الامور التكوينية الخارجية بل يختص جريانه على القول به في الحكم الشرعي.

ولذا ذهب سيدنا الاستاد في مقام دفع الاشكال الى مسلك آخر وقدم لمدعاه مقدمة وهي ان الموضوع المركب على قسمين :

٧٣

احدهما : أن يكون مركبا من عرض وموضوعه كالكر الذي يكون موضوعا للحكم فان الكرية صفة للماء وعرض له ولذا لا بد في ترتيب الآثار من اثبات المتصف بهذا الوصف فاذا شك في بقاء الكرية لا بد من استصحاب بقاء كرية هذا الماء الموجود ولا يكفي استصحاب الكر لاثبات كون الموجود في الخارج كرا الّا على القول بالاثبات.

ثانيهما : أن يكون الموضوع مركبا من جوهرين أو من جوهر وعرض قائم بجوهر آخر أو عرضين أعم من أن يكون واحد منهما في موضوع وثانيهما في موضوع آخر ومن أن يكون كلاهما في موضوع واحد فانه لا ارتباط بين الجزءين في هذه الأقسام.

وبعبارة اخرى : لا يعقل أن يتقيد احد الجزءين بالآخر وعلى هذا الاساس يمكن احرازهما بالوجدان أو بالاصل او احدهما بالوجدان والآخر بالاصل بلا توجه اشكال المثبت كي يقال الاصل العملي لا يثبت ففي الشك في الوقت الذي محل الاشكال يمكن احراز احد الجزءين بالاصل وهو الزمان والجزء الآخر بالوجدان وهي الصلاة فيتحقق الموضوع المركب من الوقت والصلاة هذا ملخص كلامه في المقام.

ويرد عليه انه لا اشكال في أن كل زماني من الزمانيات واقع في الزمان ومتقيد به. وبعبارة اخرى : مقولة الأين من المقولات الثابتة في الفلسفة كما انه لا اشكال في أن كل زماني بالنسبة الى الزمانى الآخر اذا لوحظ فامّا يكونان مقارنين في الزمان واما يكون احدهما متقدم والآخر متأخر وهذا من الواضحات.

فعلى ذلك يكون التقيد ضروريا فكيف يقول سيدنا الاستاد بعدم المعقولية ولعله ناظر الى دقيقة تكون تلك الدقيقة غائبة عن ذهني القاصر.

٧٤

اذا عرفت ما تقدم اقول : الذي يختلج ببالي في دفع الاشكال المذكور ان هذا الاشكال لا ينحصر بالزمان بل جار في كل قيد اخذ في المتعلق. مثلا الستر في الصلاة يكون قيدا لها والصلاة متقيدة به فاذا شك لا يمكن اثبات وقوع الصلاة فيه الا بالمثبت وقس عليه بقية الشروط والقيود بلا فرق لوحدة الملاك والاشكال.

وحل هذه العويصة انه يستفاد من دليل الاستصحاب المنصوص عليه في الحديث ان الشارع الأقدس أجاز اجراء الاستصحاب في هذه الموارد ، لاحظ النصوص الواردة في باب الوضوء فان الامام عليه‌السلام صرح بجريان الاستصحاب في الوضوء وبعده طبق الكلية عليه بقوله عليه‌السلام «ولا ينقض اليقين بالشك» مع ان الوضوء قيد وشرط للصلاة فيفهم انه لا مانع عن جريان الاصل في نفس القيد وترتيب الاثر عليه.

فنقول : ان الاشكال المذكور وان كان واردا في حد نفسه ولكن مع ملاحظة دليل الاستصحاب ومورده وتطبيق الامام عليه‌السلام نفهم بأن الشارع الاقدس اجاز اجراء الاستصحاب في هذه الموارد فلاحظ ودقق واغتنم.

وأما المقام الثاني فتارة يقع الكلام في امور تكون مثل الزمان في الانصرام وعدم الثبوت والقرار كالحركة والجريان والتكلم وامثالها واخرى في امور تكون ثابتة في حد نفسها ولكن بلحاظ تقيدها بالزمان تكون غير قارة فعدم ثباتها بلحاظ قيدها اي الزمان كما لو أمر المولى بالجلوس في المسجد من أول طلوع الشمس الى الزوال.

فيقع الكلام في موردين : أما المورد الاول فالكلام في جريان

٧٥

الاستصحاب فيه هو الكلام الجاري في الزمان بلا فرق في تقريب المدعى واثباته.

مثلا اذا شك في بقاء الحركة الحادثة وزوالها يجري الاستصحاب في بقائها بلا اشكال اذ الوحدة المعتبرة في القضية الاستصحابية وحدة عرفية والوحدة العرفية محفوظة بلا فرق بين كون الحركة حركة خارجية عارضة على الاجسام غير اختيارية والحركة الاختيارية الصادرة عن الانسان وبلا فرق بين كون الشك في بقائها من جهة الشك في الرافع أو من جهة الشك في المقتضي وبلا فرق بين القطع بزوال الداعي الاولي في الحركة الاختيارية والشك فى تبدله بداع آخر وغيره فان الاستصحاب يجري في جميع هذه الاقسام.

وربما يقال كما عن الميرزا النائيني انه مع القطع بزوال الداعي الاول والشك في بقاء الحركة من جهة الشك في حدوث الداعي الجديد لا يجرى الاستصحاب بتقريب ان الوحدة بلحاظ وحدة الداعي.

وبعبارة اخرى : الحافظ للوحدة في الحركة الصادرة عن الانسان وحدة الداعي ومع القطع بزوال الداعي الاول والشك في حدوث الداعي الثاني لا تكون الوحدة الاستصحابية في القضية محفوظة فلا يجري الاستصحاب.

ويرد عليه اولا : النقض بما لو شك في بقاء الداعي الاول وعدمه فانه على طبق هذا التقريب يلزم عدم جريان الاستصحاب اذ مع الشك يكون الاخذ بدليل الاستصحاب اخذا بالدليل في الشبهة المصداقية التي قد قرر في محله عدم الجواز فيها واستصحاب بقاء الداعي لا يثبت الوحدة الاعلى القول بالمثبت.

وثانيا : انه نجيب بالحل وهو ان الحافظ للوحدة الاتصال ولذا

٧٦

نقول لو طال ركوع المكلف أو سجوده بالدواعي المختلفة ولم يكن بعضها قربيا أو كان ولم يكن مرتبطا بصلاته يلزم أن تصدق عليه الزيادة وتبطل صلاته وهل يلتزم الميرزا بهذا اللازم؟ فالنتيجة ان الاستصحاب يجري على الاطلاق.

ان قلت مع الشك في تحقق الداعي الثانوي وعدمه يكون الشك في بقاء الحركة مسببا عن الشك في حدوث الداعي الجديد والاصل عدمه فان الاصل الجاري في السبب مقدم على الاصل الجارى في المسبب.

قلت : مطلق التسبب لا أثر له بل التسبب يلزم أن يكون شرعيا وفي المقام لا يكون كذلك. فان ترتب عدم بقاء الحركة على عدم حدوث الداعي ترتب عقلي لا شرعي.

وعن صاحب الكفاية : ان الاستصحاب يجري في الحركة ولو مع تخلل السكون القليل اذ المناط في الوحدة ، الوحدة العرفية وهي محفوظة مع تخلل السكون اليسير.

وفيه ان التسامح العرفي لا اثر له وكيف يمكن صدق بقاء الحركة مع تحقق السكون فانه يلزم اجتماع الضدين. فالحق انه مع تحقق السكون لا يجري استصحاب الحركة بل يجري استصحاب السكون فلاحظ.

ومما ذكرنا علم ان كل أمر تكون له وحدة اذا تحقق في الخارج وشك في بقائه وزواله يجري الاستصحاب فيه بلا فرق بين الموارد فلو شرع الخطيب في قراءة خطبة أو شرع القاري في قراءة سورة أو شرع المكلف في صلاة وشك في بقاء الخطبة أو القراءة أو الصلاة يجري الاستصحاب في البقاء بلا توجه اشكال ، فان الوحدة العرفية محفوظة ويكفي هذا المقدار في جريان الاستصحاب فلاحظ.

٧٧

وأما المورد الثاني فتارة يكون الفعل الواجب أو الجائز مقيدا بعدم تحقق الزمان الكذائي كما لو أوجب المولى الامساك ما دام لم يتحقق الليل أو جوز الأكل والشرب ما دام لم يتحقق الفجر فلا مانع عن جريان الاستصحاب بالنسبة الى عدم تحقق الفجر وعدم تحقق الليل واخرى يكون الفعل الواجب مثلا مقيدا بالزمان.

وقال سيدنا الاستاد : لا مانع عن جريان الاصل في القيد بأن نجري الاستصحاب في نفس الزمان.

ولكن لا يمكن مساعدته فان استصحاب الزمان الذي اخذ قيدا للواجب لا يثبت وقوع الفعل في الزمان وبعبارة اخرى : استصحاب القيد لا يقتضي اثبات التقيد الاعلى القول بالمثبت هذا في الشبهة الموضوعية.

واما اذا كان الشك في بقاء الحكم من باب الشبهة الحكمية والشك من جهة الشبهة المفهومية كما لو شك في أن الغروب الذي جعل غاية للحكم عبارة عن استتار القرص أو عبارة عن ذهاب الحمرة المشرقية فهل يمكن استصحاب عدم تحقق الغروب أو لا؟

المشهور عندهم عدم الجواز وعدم جريان الاستصحاب بتقريب ان الاستصحاب اما يجري في الحكم ، واما يجري في الموضوع اما استصحاب الحكم فلا مجال له مع الشك في بقاء الموضوع فانه يشترط في الاستصحاب وحدة القضية ومع الشك في الموضوع يكون الاخذ بالاستصحاب تمسكا بالدليل في الشبهة المصداقية.

واما استصحاب عدم تحقق المغرب فائضا لا مجال له اذ استتار القرص مقطوع به وذهاب الحمرة مقطوع العدم فاين الشك فيما تعلق به اليقين.

٧٨

وبعبارة اخرى : ليس لنا شيء تعلق اليقين به حدوثا ويتعلق الشك به بقاء فاركان الاستصحاب غير تامة.

ويرد عليه انه لا اشكال في أن الغروب له مصداق واقعي والمكلف يقطع قبل ساعة بعدم تحقق ما يكون مصداقا للغروب وبعد ذلك يشك فى ذلك العدم بأنه انقلب بالوجود ام لا؟ يكون مقتضى الاستصحاب عدم تحققه ولا نرى من جريانه بالتقريب المذكور مانعا.

ولتوضيح المراد اقول : اذا شككنا في معنى العدالة وانها عبارة عن اجتناب خصوص الكبائر أو الأعم منها ومن الصغائر فنسأل ان العدالة هل لها مصداق ام لا؟ لا سبيل الى الثاني فاذا علمنا بأن زيدا عادل اذ يجتنب عن جميع الصغائر والكبائر وبعد مضي سنة نرى انه يرتكب الصغائر فهل نشك في سقوطه عن العدالة ام لا؟ لا سبيل الى الثاني.

فنقول كنا عالمين بكونه عادلا والآن نشك في بقاء عدالته ومقتضى الاستصحاب بقائه عليها فلا اشكال في الجريان.

بقى في المقام امران احدهما : انه لو علم بتحقق الغاية وشك في تعلق تكليف جديد فمقتضى الاستصحاب عدم تحققه فان عدمه كان معلوما وشك في وجوده والاصل عدم وجوده وحدوثه.

ان قلت : لا يترتب على عدم الجعل عدم المجعول الاعلى القول بالاثبات الذي لا نقول به فما الحيلة؟

قلت : افاد سيدنا الاستاد بأن الفرق بين المجعول والجعل هو الفرق بين الايجاد والوجود. وبعبارة اخرى : لا فرق بينهما إلّا بالاعتبار.

ويرد عليه : انه كيف يمكن القول بأن الفرق بينهما هو الفرق

٧٩

بين الايجاد والوجود وانه لا فرق إلّا بالاعتبار والحال ان الجعل من الامور الواقعية ومن افعال النفس والمجعول من الامور الاعتبارية التي لا واقعية لها وكيف يمكن اتحاد الامر الاعتباري مع الامر الواقعي؟

فنقول لا بد في اثبات الجريان من تقريب آخر وهو ان التكليف الحادث مجهول ولم يكن سابقا والاصل عدم حدوثه وتحققه فلا يتوجه اشكال الاثبات.

وبعبارة اخرى : المجعول وهو الامر الاعتباري لم يكن سابقا والآن كما كان.

وحيث انجر الكلام الى هنا أقول يلزم على سيدنا الاستاد أن يسلم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية الكلية اذ كما بيّنا لا يترتب على عدم الجعل عدم المجعول الا بالتقريب الاثباتي الذي لا نقول به ولا يقول به هو أيضا. وأما نحن ففي سعة اذ نجرى الاصل في المجعول فاذا شككنا في وجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة كما كانت واجبة في زمان الحضور يجري الاستصحاب في بقاء الوجوب الثابت في زمان الحضور ويعارضه استصحاب عدم تحقق المجعول أزيد عن المقدار المعلوم.

ويمكن اثبات المدعى بتقريب آخر وهو ان المجعول قبل الجعل لم يكن لا طويلا ولا قصيرا وبعد الجعل نقطع بأن المجعول القصير تحقق بلا اشكال وأما الطويل فلا ندري انه هل تحقق ام لا؟ ومقتضى استصحاب عدم تحققه عدمه. فالاحسن في التعبير أن يقال يقع التعارض بين استصحاب المجعول القصير واستصحاب عدم تحقق المجعول الطويل.

وثانيهما : انه اذا وجب شيء وجعلت له غاية زمانية وشك في

٨٠