آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات المحلّاتي ( المفيد )
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٩

ومن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال يمضي على صلاته ولا يعيد (١).

والمستفاد من الحديث جريان قاعدة الفراغ في الصلاة فيما شك فيها من حيث الوضوء وعدمه.

ومن تلك النصوص ما رواه بكير بن اعين (٢) والمستفاد من هذا الحديث اعتبار قاعدة الفراغ بالنسبة الى الوضوء بعد الفراغ منه ومن ذيل الحديث يستفاد ضابط كلي وميزان عام جار في جميع الموارد فان العلة تعمم كما انها تخصص فيفهم من الحديث اعتبار قاعدة الفراغ على الاطلاق لكنه مر الاشكال في الحديث سندا ودلالة.

ومن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم (٣) فان هذه الرواية تدل بالعموم الوضعي على قاعدة الفراغ اذ الظاهر بل الصريح من قوله عليه‌السلام «مضى» انه عليه‌السلام فرض مضي نفس المشكوك فيه فيكون الشك في صحة المشكوك فيه.

ومن تلك النصوص ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شيء شك فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه (٤).

فان هذه الرواية بالعموم الوضعي تدل على قاعدة الفرغ بالتقريب المتقدم ذكره آنفا اذ المستفاد من ذيل الحديث فرض

__________________

(١) ـ الوسائل الباب ٤٢ من أبواب الوضوء الحديث ٥.

(٢) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

(٣) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

(٤) ـ الوسائل الباب ١٥ من ابواب السجود الحديث ٤.

١٤١

تحقق المشكوك فيه اذ قد عبر بعنوان التجاوز عنه وهذا العنوان لا يصدق إلّا مع فرض اصل الوجود ، والشك في صحته وفساده.

وأما اذا شك في أصل الوجود فلا بد من حمل التجاوز على التجاوز عن المحل.

مضافا الى أن صدق التجاوز عنه والدخول في غيره لا يمكن إلّا مع فرض تحقق أصل الوجود اذ مع عدم الوجود لا يصدق التجاوز لا عنه ولا عن محله ، أما التجاوز عنه فلعدم وجوده فرضا وأما عن محله فلأن المفروض ان التجاوز عن المحل لا يصدق ولا يتحقق إلّا بالدخول في الغير فالجمع بين التجاوز والدخول في الغير يدل على فرض أصل الوجود والشك في صحته وفساده.

ومن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال : فقال : لا يعيد ولا شيء عليه (١).

والمستفاد من هذه الرواية انه لو فرغ المكلف من صلاته ثم شك فيها فلا أثر لشكه فالمستفاد من الرواية قاعدة الفراغ بالنسبة الى الصلاة بعد الفراغ عنها.

ومن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم ايضا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد (٢).

والمستفاد من الحديث بالعموم الوضعي جريان قاعدة الفراغ في الصلاة بعد الفراغ عنها.

__________________

(١) ـ الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الخلل الحديث ١.

(٢) ـ نفس المصدر الحديث ٢.

١٤٢

ومن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم ايضا (١). والمستفاد من الحديث ببركة ذيله ميزان كلي وهو جريان قاعدة الفراغ بعد الانصراف عن العمل.

هذه روايات الباب ولا يستفاد منها جريان قاعدة التجاوز لا بالخصوص ولا بالاطلاق والعموم بل كلها راجعة الى قاعدة الفراغ.

نعم قد وردت جملة من النصوص في الباب الثالث عشر من أبواب الركوع تدل على جريان قاعدة التجاوز في خصوص الشك في الركوع ولكن لا تستفاد من تلك النصوص قاعدة كلية سارية في جميع الابواب. ومقتضى القاعدة الاولية الحكم بالعدم اذ الشك في وجود شيء وعدمه موضوع للاستصحاب فلا بد من التدارك مثلا لو شرع في السورة وشك في الفاتحة يجب الاتيان بها للاستصحاب.

هذا فيما يمكن التدارك وبقاء محل تدارك ما شك فيه. وأما مع عدم بقاء المحل فتارة يكون الشك بعد الفراغ عن الصلاة واخرى يكون الشك في الاثناء أما اذا كان بعد الفراغ فلا تجب الإعادة الا فيما يكون المشكوك فيه من الاركان فلا بد من الاعادة.

واما اذا كان الشك في الاثناء فاما نقول بجريان قاعدة لا تعاد في الاثناء كما هو المشهور عند القوم واما لا نقول أما على الاول فالكلام هو الكلام.

وأما على الثاني فلا مناص عن الاعادة اذ مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالمشكوك فيه والمفروض عدم جريان قاعدة لا تعاد فلا بد في احراز الامتثال من الاعادة.

الجهة الرابعة : في أنه هل يشترط في جريان القاعدة احتمال التذكر حين العمل ام لا؟ ما يمكن أن يكون وجها لهذا الاشتراط

__________________

(١) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

١٤٣

حديثان وهما ما رواه محمد بن مسلم وبكير من اعين (١).

وقد ذكرنا حول الحديثين ما يرجع اليهما سندا ودلالة فلا وجه للاعادة. وصفوة القول انّا ذكرنا انّ المستفاد من مجموع النصوص جريان القاعدة حتّى مع العلم بالغفلة فلا يشترط جريانها باحتمال التذكر.

ويؤيد الدعى ما رواه حسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الخاتم اذا اغتسلت قال : حوّله من مكانه وقال في الوضوء وتدره فان نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة (٢).

فانه عليه‌السلام قد حكم في هذه الرواية بأنه لو نسي أن يحول الخاتم من مكانه وتوضأ بلا تحويل وصلى لا يعيد صلاة.

ويؤيده أيضا مرسل الصدوق قال اذا كان مع الرجل خاتم فليدوره في الوضوء ويحوله عند الغسل قال وقال الصادق عليه‌السلام وان نسيت حتى تقوم من (في خ) الصلاة فلا آمرك ان تعيد (٣).

أضف الى ذلك ان الجملة الواقعة في الحديثين لا تكون بصورة التعليل بل الظاهر منها بيان حكمة الوضع فيكون المذكور حكمة لا علة فلا موضوع للبيان المذكور.

الجهة الخامسة : في أنه هل يشترط في جريان القاعدة الدخول في الغير أم لا؟ وعلى فرض الاشتراط هل يشترط أن يكون الغير أمرا مترتبا أم لا؟ وعلى تقدير الاشتراط هل يشترط أن يكون الترتب شرعيا أم لا؟

__________________

(١) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

(٢ و ٣) ـ الوسائل الباب ٤١ من أبواب الوضوء الحديثين ٢ و ٣.

١٤٤

فيقع الكلام في عدة مواضع : الموضع الاول : هل يشترط في جريان القاعدة الدخول في الغير أم لا؟ المستفاد من حديث زرارة (١) الاشتراط فانه قد صرح في هذه الرواية بالدخول في الغير ومقتضى مفهوم الشرطية المذكورة في الحديث انه لا تجري القاعدة عند انتفاء الشرط بأن لم يخرج من الشيء أو خرج ولكن لم يدخل في غيره. ولكن مقتضى قوله عليه‌السلام في حديث محمد بن مسلم (٢) «كلما شككت مما قد مضى فأمضه كما هو» جريان القاعدة في صورة تحقق المضي اعم من الدخول في الغير وعدمه فتكون النسبة بين الحديثين عموما من وجه ويقع التعارض بين الطرفين في صورة المضى وعدم الدخول في الغير ، والعموم الوضعي قابل للتصرف في العموم الاطلاقي فيقدم عليه ويقيده.

وأما حديث ابن جابر (٣) الدال بالعموم الوضعي على الاشتراط بالدخول في الغير فهو ضعيف من حيث السند فان الراوي عن ابن المغيرة مردد بين الثقة والمجهول أو الضعيف.

مضافا الى معارضته مع حيث ابن مسلم بالمفهوم والعموم المستفاد من المفهوم بالاطلاق لا بالوضع فيقدم عليه العموم الوضعي المستفاد من حديث ابن مسلم.

وأما حديث ابن أبي يعفور (٤) الدال على اشتراط الدخول في الغير فهو مخدوش سندا أيضا فان الراوي عن سعد بن عبد الله غير معلوم مضافا الى أن التعارض واقع بين مفهوم هذا الحديث وبين منطوق

__________________

(١) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٩.

(٢) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

(٣) قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٤٣.

(٤) قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٤٠.

١٤٥

حديث محمد بن مسلم بالعموم من وجه وقد مرّ منّا قريبا ان العموم الوضعي يقيد الاطلاق المبني على مقدمات الحكمة فلاحظ.

وأما حديث زرارة (١) الوارد في الوضوء فالمستفاد منه ان المكلف ما دام مشغولا بالوضوء وشك في وجود جزء من أجزائه لا تجرى القاعدة لكن بعد فراغه من الوضوء تجري قاعدة الفراغ فالنتيجة انه لا يلزم الدخول في الغير فلاحظ.

الموضع الثاني : انه لو قلنا باشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير فهل يلزم أن يكون ذلك الغير مترتبا أم لا يلزم؟ الظاهر انه يصدق عنوان الدخول في الغير ولو لم يكن ذلك الغير مترتبا.

الموضع الثالث : انه على تقدير اشتراط الترتب هل يلزم أن يكون الترتب شرعيا أم لا؟ الظاهر عدم الاشتراط بل يكفي مطلق الترتب لعدم الدليل على التقييد فلاحظ.

ثم انه يقع الكلام في فروع : الفرع الاول : انه لو شك في أثناء الوضوء فى وجود بعض أجزائه فلا اشكال في عدم جريان القاعدة أما قاعدة التجاوز فلعدم الدليل عليها وأما قاعدة الفراغ فلانتفاء موضوعها فان جريان قاعدة الفراغ يتوقف على وجود شيء والشك في صحته وفساده فلا مجال للجريان في صورة الشك في أصل الوجود.

ويدل على المدعى حديث زرارة (٢) فان المستفاد من الحديث عدم جريان القاعدة لو شك في أثناء الوضوء في وجود بعض أجزائه وأما لو شك في صحة ما أتى به من بعض الاجزاء كما لو غسل وجهه وشك في تماميته وعدمها فالظاهر انه لا مانع عن جريان قاعدة

__________________

(١) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٤٠

(٢) قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٤٠.

١٤٦

الفراغ لعمومها المورد بلا اشكال.

وبعبارة اخرى : عموم حديث ابن مسلم (١) يشمل المقام ومما ذكرنا ظهر انه لا فرق بين الوضوء وبين الغسل والتيمم اذ الشك اما يتعلق بأصل الوجود واما يتعلق بصحة الموجود أما على الاول فلا تجري القاعدة لا في الوضوء ولا في غيره لعدم دليل على قاعدة التجاوز.

وأما على الثاني فتجري على الاطلاق لعموم دليل قاعدة الفراغ كما تقدم فلاحظ.

الفرع الثاني : ان مقتضى حديث بن مسلم (٢) عموم القاعدة وجريانها في جميع الابواب ولا يختص بباب دون باب ، فان قوله عليه‌السلام «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» جريان الحكم بالصحة بعد التجاوز على الاطلاق والعموم فلاحظ.

الفرع الثالث : انه اذا شك في جزء من أجزاء المركب أعم من كون الجزء المشكوك فيه الجزء الاخير أو غيره ، فتارة يكون محل التدارك باقيا واخرى لا يكون باقيا.

أما على الاول فلا بد من التدارك اذ مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان به ومن ناحية اخرى لا دليل على قاعدة التجاوز فلا فرق فيما نقول بين الدخول في الغير وعدم الدخول فلو شك فى قراءة الحمد لا بد من الاتيان بها اذا كان محل التدارك باقيا كما لو كان الشك قبل الدخول في الركوع ولا فرق فيما ذكر بين الدخول في السورة وعدمه.

وأما مع عدم بقاء محل التدارك فاما نقول بجريان قاعدة لا تعاد

__________________

(١) ـ قد تقدم ذكر الحديث فى ص ١٣٥.

(٢) ـ لاحظ ص : ١٣٥.

١٤٧

في أثناء العمل واما نقول بعدم جريانها ، أما على الاول فيحكم بالصحة ببركة القاعدة وأما على الثاني فلا بد من الحكم بالبطلان.

فلو دخل المصلي في الركوع وشك في الفاتحة يكون مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بها ومن ناحية اخرى قلنا لا دليل على قاعدة التجاوز فالامر يدور على القول بجريان قاعدة لا تعاد في الاثناء وعدمه.

ان قلت : على هذا يلزم انه لو صلى صلاة الظهر وبعد الفراغ دخل في العصر وشك في أنه هل أتى بالركوع في الركعة الثانية من صلاة الظهر أم لا؟ يحكم ببطلان الصلاة الاولى اذ مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالركوع ومن ناحية اخرى لا دليل على قاعدة التجاوز ومن ناحية ثالثة لا تجري قاعدة لا تعاد في الاركان وهل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

قلت في مفروض الكلام يصدق ان المكلف تجاوز عن صلاة الظهر ويصدق عنوان مضي صلاة الظهر. وبعبارة اخرى : يدخل في عنوان الشك فيما مضى الوارد في حديث محمد بن مسلم فيحكم بالصحة بقاعدة الفراغ.

ان قلت : فعلى هذا لو كان المكلف في الركعة الثالثة من صلاة العصر مثلا وشك في الاتيان بالركوع في الركعة الاولى من تلك الصلاة يلزم أن تجري قاعدة الفراغ بالنسبة الى الركعة الاولى بأن يقال يصدق عنوان المضي والتجاوز بالنسبة الى الركعة الاولى حيث يشك في صحتها وفسادها من جهة الركوع ومقتضى قاعدة الفراغ الحكم بالصحة.

قلت : الظاهر ان التقريب تام والامر كما افيد وعليه نلتزم بالجريان ولا ضير.

١٤٨

الفرع الرابع : ان المصلي ان كان في صلاة العصر ولم يعلم بأنه أتى بالظهر ام لا؟ يجب عليه أن يعدل بما في يده الى الظهر اذ مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالظهر ومن ناحية اخرى لا دليل على قاعدة التجاوز كي يحكم بها على تحقق الظهر ومن ناحية ثالثة يشترط الترتيب بين الظهر والعصر.

ومن ناحية رابعة انه قد دل الدليل على أنه يعدل بالعصر الى الظهر في فرض عدم الاتيان بصلاة الظهر فبحكم الاستصحاب يحرز عدم الاتيان بالظهر فيجب العدول من العصر الى الظهر بمقتضى النص الدال على وجوب العدول من اللاحقة الى السابقة.

الفرع الخامس : ان المصلي اذا كان في صلاة العصر وشك في صلاة ظهره من حيث الصحة والفساد بلحاظ الشك في النية فنقول تارة يشك في أنه هل تحقق فعل الظهر مع قصد القربة ام لا؟ واخرى يشك في أن ما أتى به هل قصد فيه عنوان الظهر أم لا؟

أما على الاول فلا مانع عن جريان قاعدة الفراغ والحكم بتمامية الظهر من ناحية قصد القربة. وأما على الثاني فلا مجال لجريان القاعدة اذ المفروض انه يشك في قصد العنوان فمضي الظهر مورد الشك ، ومع عدم الموضوع أو الشك فيه لا مجال لترتب الحكم.

وبعبارة واضحة : يشترط في جريان قاعدة الفراغ صدق عنوان المضي والمفروض انه محل الكلام والاشكال بل مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالظهر وعدم تحقق العنوان المشكوك فيه.

الفرع السادس : ان المصلي اذا كان في أثناء صلاة العصر وشك في أنه هل قصد عنوان العصر بالنسبة الى الاجزاء الماتي بها أم لا؟ فتارة يقطع بعدم الاتيان بالظهر أو يشك فيه ، واخرى يعلم بأنه أتى بالظهر قبلا.

١٤٩

أما على الاول فيلزم العدول الى الظهر فانّه مقتضى العلم أو الاستصحاب. فما أتى به أما قصد فيه عنوان الظهر فهو والّا يلزم العدول وهذا ظاهر.

وأما على الثاني فهل يمكن جريان القاعدة بالنسبة الى الماتي به ام لا؟ الظاهر هو الثاني اذ متعلق الشك المضي ومع الشك في الموضوع لا تصل النوبة الى اجراء الحكم.

الفرع السابع : انه لو شك المكلف في أنه هل أبطل صلاته عمدا أم لا؟ فهل تجري القاعدة أم لا؟

فصّل سيدنا الاستاد قدس‌سره وقال «تارة يكون الشك في البطلان من ناحية ايجاد المانع كما لو أحتمل انه تقهقه واخرى من ناحية احتمال الاخلال بشرط من الشرائط أو جزء من الاجزاء ، أما على الاول فمقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالمانع.

وأما على الثاني فمقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالجزء أو الشرط ، ولا مجال لجريان القاعدة اذ الاذكرية تمنع عن الاخلال غير العمدي وأما الاخلال العمدي فلا ينافي الاذكرية فلا تجرى القاعدة فلا بد من الاعادة».

ولنا ان نقول كما قلنا سابقا ان مقتضى قوله عليه‌السلام في حديث ابن مسلم (١) «كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» جريان القاعدة.

مضافا الى أنه يمكن ان يقال ان الاستصحاب يقتضي اتمام العمل وعدم رفع اليد عنه فان مقتضى الاستصحاب عدم الابطال وعدم القطع.

__________________

(١) لاحظ ص : ١٣٥.

١٥٠

خاتمة :

مقتضى حديث ابن مسلم جريان قاعدة الفراغ في كل مورد شك في صحته وبطلانه بلا فرق بين كون المشكوك فيه جزء من المركب وبين كون المشكوك فيه المركب بما هو مركب وبلا فرق بين الدخول في الغير وعدمه ، فان مقتضى الاطلاق عدم الفرق هذا تمام الكلام في قاعدة الفراغ والسلام على عباد الله الصالحين.

الكلام فى اصالة الصحة :

ويقع البحث فيها من جهات : الجهة الاولى : في موردها فنقول : اصالة الصحة لتصحيح عمل الغير بخلاف قاعدة الفراغ حيث انها لتصحيح عمل نفس المكلف. وان شئت قلت : كلتا القاعدتين داخلتان تحت عنوان تصحيح العمل الذي شك فيه من حيث الصحة والفساد والجامع بينهما الحكم بصحة العمل في مورد الشك فيها ، والمائز بينهما ان قاعدة الفراغ تجري بالنسبة الى عمل الشاك نفسه واصالة الصحة تجري بالنسبة الى عمل الغير.

وايضا ان قاعدة الفراغ تجري بعد الفراغ عن العمل وصدق عنوان المضي والتجاوز ، وأما قاعدة الصحة فهي تجري حتى حين الاشتغال ولذا لو كان الغير مشتغلا بعمل واجب على نحو الوجوب الكفائي كما لو كان مشغولا بغسل الميت وشككنا في صحته وفساده نحكم بصحة تغسيله وهكذا.

الجهة الثانية : في بيان مدركها وما يمكن أن يذكر في هذا المقام وجوه.

الوجه الاول : قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً

١٥١

مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ»)(١).

وقد ورد في تفسيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلام له : ضع امر اخيك على احسنه حتى يأتيك ما يقلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وانت تجد لها في الخير محملا (محتملا خ) (٢).

بتقريب ان المستفاد من الآية ببركة الخبر انه يجب حمل فعل الغير على الصحة ما دام لا دليل على خلافها.

وفيه : اولا ان الخبر ضعيف سندا ولا جابر له.

وأما الآية فقد نهى فيها عن ظن السوء والحال ان الظن أمر غير اختياري فلا بد من حملها على النهي عن ترتيب أثر السوء.

وثانيا : انه قد ذكر في الخبر عنوان الاخ والاخوة الايمانية تختص باهل الايمان والحال ان اصالة الصحة لا تختص بمورد خاص بل تجري بالنسبة الى كل من يمكنه التصدي.

وثالثا : انه لا يمكن الالتزام بمقتضاها اذ يلزم انه لو شك في أن ما تكلم به الغير كان تحية أو كان شتما يجب رد التحية وهل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

الوجه الثاني قوله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(٣). بتقريب ان المستفاد من الآية وجوب حمل فعل الغير على الحسن وهو المدعى.

وفيه انه قد وردت نصوص كثيرة (٤) في ذيل الآية والمستفاد

__________________

(١) ـ الحجرات / ١٢.

(٢) ـ البرهان ج ٤ ص ٢٠٩ الحديث : ٣.

(٣) ـ البقرة / ٨٣.

(٤) ـ تفسير البرهان ج ١ ص ١٢٠ ـ ١٢٢.

١٥٢

من النصوص لزوم العشرة مع الناس بالطريق الحسن ولا يستفاد من تلك النصوص المدعى.

مضافا الى انه كيف يمكن الالتزام بمفاد ظاهر الآية من البناء على كونهم عادلين ورعين بل لا ظهور في الآية وانما الظاهر منها ان القول الذي يكون في حق الناس يكون قولا حسنا وهذا لا يرتبط بحمل فعله على الوجه الصحيح.

الوجه الثالث : ما رواه محمد بن فضيل عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : قلت : له : جعلت فداك ، الرجل من اخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي : يا محمد كذب سمعك وبصرك عن أخيك فان شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذبهم ولا تذيعنّ عليه شيئا تشينه به وتهدم به مروته فتكون من الذين قال الله (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)(١).

فان المستفاد من الحديث تصديق قول الغير وفيه اولا : ان الخبر ضعيف سندا فلا يعتد به.

وثانيا : انه لا يمكن حمله على تصديق الواحد وتكذيب الخمسين.

وثالثا : انه يختص الخبر بالاخ الايماني والحال ان حمل فعل الغير على الصحة لا يختص بالاخ الايماني فالحديث أجنبي عن المقام. والمتحصل من هذه الطائفة من الاخبار انه لا بد من العشرة مع الناس على الطريقة الحسنة ولا يرتبط مفاد هذه النصوص بما نحن بصدده.

الوجه الرابع : الاجماع ، وفيه اولا ان تحقق الاجماع المحصل

__________________

(١) ـ الوسائل الباب ١٥٧ من ابواب احكام العشرة الحديث ٤.

١٥٣

في جميع موارد الحمل على الصحة في العبادات والمعاملات بالمعنى الاخص والاعم اول الكلام والاشكال.

وثانيا : انه على تقدير تحققه لا يكون حجة اذ يمكن استناد المجمعين الى الوجوه المذكورة فيكون مدركيا.

الوجه الخامس : قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) بتقريب ان الخطاب يدل على صحة العقد الذي يشك في صحته وبطلانه.

وفيه اولا : ان الخطاب يختص بالمخاطبين ولا يرتبط بغيرهم إلّا أن يقال انه على فرض كونه دالا على الصحة لا يفرق فيه بين فرد دون آخر فالاشكال ساقط عن درجة الاعتبار.

وثانيا ان الآية لا تشمل الايقاعات فكيف بالمعاملات بالمعنى الأعم.

وثالثا : انّه لا يشمل الشبهات الموضوعية التى هي محل الكلام وبعبارة واضحة : ان الآية الشريفة كقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ)(٢) وقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٣) من الادلة العامة التى يستدل بها على صحة عقد البيع وغيره من العقود عند الشك في الصحة والفساد من جهة الشبهة الحكمية والكلام في المقام في الشبهات الموضوعية فلا ترتبط الآية بما نحن فيه فلاحظ.

ورابعا : انا ذكرنا مرارا ان الخطاب المذكور ناظر الى اللزوم بعد فرض الصحة فلا يكون دليلا على الصحة فلاحظ.

الوجه الخامس : عموم التعليل الوارد في حديث حفص بن غياث

__________________

(١) ـ المائدة / ١.

(٢) ـ النساء / ٢٦.

(٣) ـ البقرة / ٢٧٥.

١٥٤

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال له رجل : اذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي أن أشهد انه له؟ قال : نعم.

قال الرجل : اشهد انه في يده ولا اشهد انه له فلعله لغيره فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : افيحل الشراء منه قال : نعم.

فقال ابو عبد الله عليه‌السلام : فلعله لغيره فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هولي وتحلف عليه ولا يجوز أن تنسبه الى من صار ملكه من قبله اليك ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق (١).

فانه عليه‌السلام علل الحكم بامارية اليد بانه لو لاها لا يقوم للمسلمين سوق وحيث ان الملاك موجود في المقام فبمقتضى عموم العلة نحكم باعتبار اصالة الصحة.

وفيه اولا : ان السند مخدوش فلا اعتبار بالحديث. وثانيا : ان غاية ما يمكن أن يستفاد من الحديث ان اصالة الصحة تجري في العقود الواقعة بين الناس وأما جريانها في الايقاعات والمعاملات بالمعنى الاعم كغسل الثوب مثلا وجريانها في العبادات الصادرة عن الغير كصلاة الميت مثلا فلا دليل عليه ولا يتم الاستدلال بالحديث كما هو ظاهر.

الوجه السادس : السيرة الجارية بين العقلاء والمتشرعة بلا نكير ولا اشكال في استمرار السيرة المذكورة واتصالها بزمان المعصوم فلو لم تكن تامة لكان اللازم ردع السيرة من قبل مخازن الوحي ارواحنا فداهم.

وهذا الوجه تام لا ريب فيه فلا اشكال في هذه القاعدة واعتبارها

الجهة الثالثة : في أن المراد بالصحة ، الصحة عند الحامل لا عند

__________________

(١) ـ الوسائل الباب ٢٥ من ابواب كيفية الحكم الحديث ٢.

١٥٥

العامل وبعبارة اخرى يحمل عمل الغير على الصحيح الواقعي الذي يراه الحامل تاما لا الصحة عند العامل اذ لا أثر له في نظر الحامل.

وان شئت قلت : اصالة الصحة لا تكون أشد اثرا من العلم الوجداني فلو فرض العلم الوجداني بأن العامل يعمل على طبق ما يكون صحيحا عنده لا أثر له للحامل إلّا أن يحمل على ما يكون صحيحا عنده ايضا وهذا ظاهر.

ثم ان الحمل على الصحة باعتبار العلم بحال العامل وعدمه يتصور على صور وينبغي لحاظ كل واحدة من هذه الصور وبيان حكمها بحيالها واستقلالها.

فنقول : الصورة الاولى : ما لو علم الحامل ان العامل جاهل بالحكم ولكن يحتمل أن يكون مراعيا للاحتياط كي يقع العمل صحيحا والظاهر جريان الاصل في هذه الصورة للسيرة.

الصورة الثانية : هي الصورة مع عدم احتمال رعاية الاحتياط ولكن يحتمل كون العمل صحيحا من باب التصادف والاتفاق وفي هذه الصورة لا تجري اصالة الصحة لعدم الدليل على جريانها فان الدليل منحصر في السيرة فلا بد من الاقتصار على مقدار احراز تحققها وفي هذه الصورة المفروضة لم يحرز جريانها.

الصورة الثالثة : أن يحتمل كونه عالما بالحكم وفي هذه الصورة تجري اصالة الصحة فان السيرة جارية على الحمل على الصحة بلا فحص عن حال العامل من جهة علمه بالحكم وجهله.

الصورة الرابعة : أن يكون الحامل عالما بأن العامل عالم بالحكم ويعلم انه موافق معه في حكم المسألة وفي هذه الصورة يجري الاصل بلا اشكال.

١٥٦

الصورة الخامسة : هي الصورة ولكن لا يعلم انه موافق أو مخالف وفي هذه الصورة يجري الاصل ايضا اذ جريان الاصل لا يتوقف على الفحص.

الصورة السادسة : أن يعلم بكونه مخالفا بالتباين بأن يعلم ان ما يراه صحيحا فاسد عنده ولا اشكال في عدم جريان الاصل في هذه الصورة.

الصورة السابعة : أن يعلم بالمخالفة لا بالتباين كما لو كانت العربية شرطا في الصيغة عند الحامل ولا تكون شرطا عند العامل وجريان الاصل في الصورة المفروضة مشكل لعدم الجزم بالجريان وعدم احراز تحقق السيرة ومع الشك في السيرة لا دليل على الاصل.

الجهة الرابعة : في أن القاعدة من الامارات أو من الاصول والحق انها من الاصول اذ لا دليل على أن الشارع الاقدس اعتبرها امارة وطريقا تعبديا الى احراز الصحة.

الجهة الخامسة : انها من الاصول أو من الفقه والحق هو الثاني فانها كبقية القواعد الفقهية تبين حال العمل من حيث الصحة والفساد.

وبعبارة اخرى : انها ناظرة الى بيان الحكم الشرعي فتكون من مسائل الفقه.

الجهة السادسة : انه وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشترط جريان اصالة الصحة باحراز قابلية المورد وقابلية الفاعل أم لا؟ فان قلنا بالاشتراط لا يجري الاصل مع الشك في كون الموجب قابلا للايجاب كما لو احتمل كونه صغيرا أو غير مالك للعين أو غير متول للعين الموقوفة وكما لو احتمل عدم قابلية العين للبيع كما لو احتمل كون غانم المباع حرا الى غير ذلك من الموارد.

١٥٧

والحق أن يقال : انه لو كانت هناك امارة على الجواز فلا اشكال في الصحة كما في موارد تحقق اليد فان البائع اذا كان ذا اليد على العين يحمل فعله على الصحة اذ اليد امارة كون اختيار العين بيده فلو باع الوقف يصح مع احتمال عدم الجواز لعدم المجوز لبيعه وقس عليه بقية الموارد.

ففي كل مورد يكون امارة على الجواز يحكم بالجواز وأما مع عدم وجود امارة على جواز التصرف فيشكل الاخذ بقاعدة الصحة وحيث ان القاعدة ليس عليها دليل لفظي لا مجال للاخذ بها.

الجهة السابعة : ان جريان اصالة الصحة يتوقف على احراز العمل وعليه لا بد في جريان اصالة الصحة في غسل الثوب مثلا من احراز كون الغاسل في مقام الغسل ولكن لا ندري هل غسل الثوب على النحو الشرعي ام لا؟

وأما مع الشك في أصل الغسل فلا مجال لجريان اصالة الصحة. وايضا لو استأجر احدا للنيابة عن الميت في الصلاة لا بد في جريان الاصل من احراز قصد الاجير النيابة والشك في الصحة والفساد وهكذا.

ثم انه لو شك في عمل الاجير أو مطلق العامل فهل يكون طريق لاحراز عمله أم لا؟.

الحق أن يقال : تارة يكون الاجير أو العامل ثقة في كلامه واخرى لا يكون أما على الثاني فلا يعتد باخباره عن تحقق العمل اذ لا دليل على اعتبار قول غير الثقة. وأما على الاول فيكون اخباره معتبرا لاعتبار قول الثقة.

الجهة الثامنة : لو تعارض أصل الصحة مع الاستصحاب فتارة يقع الكلام في تعارضها مع الاستصحاب الحكمي واخرى مع

١٥٨

الاستصحاب الموضوعي أما على الاول فلا اشكال في تقدم اصالة الصحة على الاستصحاب فلو شك في صحة البيع وفساده يحكم بالصحة ولا يجري استصحاب عدم تحقق الانتقال اذ مع اعتبار التعارض يكون اصل الصحة بلا مورد أو لا يبقى له الا مورد نادر ولا يمكن الالتزام به.

وأما على الثاني فكما لو شك في صحة بيع من حيث كون البائع بالغا أم لا؟ أو من حيث كون المبيع خمرا أو خلا مع كونه خمرا سابقا ففي مثله لا تجري اصالة الصحة لعدم السيرة في مثله.

الكلام فى القرعة :

ويقع الكلام فيها من جهات الجهة الاولى : في دليلها وما يمكن أن يستدل به أو استدل وجوه : الوجه الاول قوله تعالى (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)(١).

وتقريب الاستدلال بالآية على المدعى انه يستفاد منها ان القرعة ممضاة عند الشارع الاقدس.

وفيه ان تعرض الكتاب لهذه القصة لا يدل على امضائها كما هو ظاهر عند التأمل.

الوجه الثاني قوله تعالى (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ)(٢).

وتقريب الاستدلال بالآية هو التقريب والجواب هو الجواب مضافا الى أنه لو سلم ان المستفاد من الآيتين امضاء الشارع الاقدس

__________________

(١) ـ الصافات / ١٤١.

(٢) ـ آل عمران / ٤٤.

١٥٩

القرعة في الموردين لا يستفاد منهما جعل القرعة في الشريعة الاحمدية صلى‌الله‌عليه‌وآله.

واستصحاب بقائها الى زماننا هذا على فرض تمامية اركانه معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

الوجه الثالث : ما رواه في دعائم الاسلام قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «واي حكم في الملتبس أثبت من القرعة أليس هو التفويض الى الله جل ذكره. وذكر أبو عبد الله عليه‌السلام قصة يونس النبي عليه‌السلام في قوله جل ذكره (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) وقصة زكريا وقوله جل وعلا (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ).

وذكر قصة عبد المطلب لما نذر أن يذبح من يولد له فولد له عبد الله أبو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فألقى الله عليه محبته وألقى السهام على ابل ينحرها يتقرب بها مكانه فلم تزل السهام تقع عليه وهو يزيد حتى بلغت مائة فوقعت السهام على الابل فاعاد السهام مرارا وهي تقع على الابل فقال الآن علمت ان ربي قد رضي ونحرها.

حكى أبو عبد الله عليه‌السلام هذه القصص في كلام طويل وحكى حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام في الخنثى المشكل بالقرعة (١).

بتقريب ان المستفاد من الحديث كون القرعة امرا مجعولا شرعيا ولذا ينقل القصة الامام عليه‌السلام بلا نكير.

وفيه اولا : ان السند مخدوش فلا يعتد بالحديث. وثانيا : ان هذه القصة وقعت قبل البعثة ولذا وقع النذر على ذبح الولد والحال ان النذر المذكور غير مشروع في الشريعة فلا يمكن الاستدلال بهذه القصة على المدعى.

__________________

(١) ـ مستدرك الوسائل ج ١٧ الباب ١١ من أبواب كيفية الحكم واحكام الدعاوى الحديث ٢.

١٦٠