آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات المحلّاتي ( المفيد )
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٩

فرض القول بالاخذ في المخصّص المنفصل كالمثال المتقدم لا يجوز الاخذ به في المخصّص المتصل كما لو قال المولى أكرم العلماء العدول وشك المكلف في عدالة زيد العالم ففي مثله لا يجوز الاخذ بالعموم قطعا ولم يقل به أحد.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان المستفاد من دليل الاستصحاب ان اليقين السابق ينقض باليقين بالخلاف فلو شك في مورد في أنه من مصاديق نقض اليقين بالشك أو من مصاديق نقض اليقين باليقين لا يمكن الاخذ بدليل الاستصحاب فاذا علمنا بحدوث حادثين وهما موت الاب واسلام الابن فانا نعلم بعدم موت الوالد وعدم اسلام ولده مثلا في يوم السبت وأيضا علمنا بحدوث أحدهما يوم الاحد وعلمنا بحدوث الآخر يوم الاثنين ولا ندري ولا نميز المتأخر عن المتقدم فاذا كان زمان الموت متأخرا يرث الولد لكونه مسلما حين موت المورث وان كان زمان الاسلام متأخرا لا يرث اذ الكفر مانع عن الارث.

فتارة نلاحظ كلا من الحادثين الى عمود يرث الزمان واخرى نلاحظ بالنسبة الى الحادث الآخر ، أما على الاول فلا مانع عن استصحاب عدم الاسلام في يوم الاحد لكن لا أثر لهذا الاصل فان الاثر مترتب على عدم الاسلام في زمان موت الآخر.

وأما على الثاني فلا يجري الاستصحاب اذ لو كان موت المورث في يوم الاحد لا يكون الشك في الاسلام مستمرا بل انتقض ، ومع احتمال الانتفاض لا يجري الاستصحاب لكون الشبهة مصداقية.

والظاهر ان التقريب المذكور غير تام فان الشبهة المصداقية في الامور الوجدانية كيف تتحقق وبعبارة اخرى : اذا كان المكلف شاكا في بقاء المعلوم سابقا يجري الاستصحاب وإلّا فلا ، والشبهة

١٠١

المصداقية تتصور في الامور الخارجية كعلم زيد وعدالة بكر وشجاعة عمرو وهكذا فاركان الاستصحاب تامة ويجري بلا كلام ولا اشكال.

نعم ربما لا يجري للمعارضة وهذا أمر آخر لا يرتبط بالاشكال المذكور فلاحظ ، هذا تمام الكلام في صور مجهولي التاريخ.

وأما ما كان أحدهما معلوما والآخر مجهولا فصوره أيضا أربعة :

الصورة الاولى :ما يكون الاثر مترتبا على الوجود بمفاد كان تامة ومقتضى الاستصحاب عدم ذلك الوجود الذي يكون موضوعا للحكم.

الصورة الثانية : أن يكون الموضوع عبارة عن الوجود الخاص أي مفاد كان ناقصة ويجري الاستصحاب في عدم تحققه وينفى الاثر الشرعي المترتب على الوجود الخاص.

الصورة الثالثة : أن يكون الموضوع عدم أحدهما في ظرف وجود الآخر بنحو مفاد كان ناقصة وقد مر توهم عدم جريان الاستصحاب فيه بتقريب عدم العلم بالحالة السابقة وقلنا لا مانع عن جريان استصحاب عدم تحقق المتصف الذي يكون موضوعا للحكم.

الصورة الرابعة : أن يكون الموضوع عدم أحدهما في ظرف وجود الآخر بنحو مفاد ليس تامة فيجري الاستصحاب في مجهول التاريخ.

مثلا نفرض ان يوم الجمعة انه لم يتحقق اسلام الوارث ولم يتحقق أيضا موت المورث وفي يوم السبت تحقق اسلام الوارث وفي يوم الاحد علمنا بموت المورث لكن لا نعلم بأن موته تحقق قبل الاسلام كى لا يتحقق الارث أو تحقق بعد الاسلام كى يرث وارثه المسلم فيجري الاستصحاب في عدم موت المورث ونقول الاصل عدم

١٠٢

الموت الى زمان وجود الاسلام واركان الاستصحاب تامة.

وأما بالنسبة الى معلوم التاريخ فاستشكل صاحب الكفاية في جريان الاستصحاب فيه بأنه يلزم في جريان الاستصحاب اتصال زمان الشك باليقين وحيث انا نحتمل عدم الاتصال لا يمكن الاخذ بدليل الاستصحاب لانه لا يجوز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية سيما اذا كان المخصّص متصلا كما في المقام.

وفي جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ تكون الشبهة مصداقية فان موت المورث اذا كان بعد اسلام الوارث يكون زمان الشك في الاسلام متصلا بزمان اليقين به ، وأما ان كان واقعا قبله فاليقين بعدم الاسلام يحتمل انتقاضه بتخلل الموت.

ويرد عليه ان الميزان في جريان الاستصحاب اليقين السابق والشك اللاحق وفي المقام كذلك ، فانا نعلم بعدم الاسلام يوم الجمعة ونشك في بقائه الى زمان الموت ونحكم بعدمه الى ذلك الوقت بالاستصحاب.

وعلى الجملة لا مجال للشبهة المصداقية في الامر الوجداني.

وعن الميرزا اشكال في المقام وهو ان الاستصحاب عبارة عن جر الامر السابق الى زمان الشك في عمود الزمان والمفروض انا نعلم بعدم الاسلام يوم الجمعة ونعلم بتبدله بالاسلام يوم السبت فلا يكون موضوع الاستصحاب متحققا كى يجري.

ويرد عليه ان الامر وان كان كذلك بالنسبة الى نفس الزمان ولكن بقاء المستصحب وعدم بقائه مشكوك فيه بالنسبة الى موت المورث ولا تنافي بين كون شيء معلوما من جهة ومشكوكا فيه من جهة اخرى ، مثلا يمكن أن نقطع ببقاء حياة زيد بن الارقم بعنوان انه ابنه وأيضا نشك فيه بعنوان معلم بكر بن خالد والمقام كذلك.

١٠٣

فتحصل ان الحق جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ كجريانه في معلومه بلا فرق.

التنبيه الرابع عشر :

في أنه هل يجري استصحاب الصحة أم لا؟ الذى يختلج بالبال أن يقال ان الصحة غير قابلة للجعل فلا مجال لاستصحابها فان الصحة تنتزع من تطابق المأمور به مع المأتي به.

فنقول الشك في الصحة اما يكون قبل الصلاة واما يكون اثناء الصلاة واما يكون بعد الصلاة أما اذا كان قبل الصلاة فلا بد من أن يكون ناشيا من الشك في شرط من شرائط الصلاة كالطهارة من الحدث أو طهارة اللباس وأمثالها وفي الفرض المذكور اما يكون طريق لاحراز الشرط من امارة أو أصل واما لا.

أما على الاول فنعتمد على تلك الامارة أو على ذلك الاصل ويؤتى بالعمل فعلى تقدير عدم انكشاف الخلاف فهو ، وأما على تقدير انكشاف الخلاف فان كان من الشرائط الذكرية يصح العمل وان كان من الشرائط الواقعية فلا بد من الاعادة بمقتضى انّه ثبت في محله ان الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري لا يكون مجزيا.

وأما على الثاني أي لا يكون طريق لاحراز الشرط لا بد من الاحتياط واحرازه وأما اذا كان الشك بعد الصلاة بأن يشك ان الصلاة التي أتى بها هل كانت واجدة للشرائط ام لا؟ فان كان من الشرائط الذكرية فلا شيء عليه اذ مع القطع بالفقدان يتم الامر فكيف بصورة الشك.

وأما ان كان من الشرائط الواقعية وبعبارة اخرى : يكون بحيث

١٠٤

لو كان العمل فاقدا له يكون باطلا فاما يكون موضوع قاعدة الفراغ وشرائطها تامة وأما لا تكون تامة أما على الاول فتجري القاعدة ويحكم بصحة العمل إلّا ان ينكشف الخلاف وفي صورة الانكشاف لا بد من الاعادة أو القضاء لعدم الاجزاء.

وأما على الثاني فلا بد من الاعادة أو القضاء لاستصحاب عدم الاتيان بالمأمور به المقتضي للاعادة في الوقت والقضاء في خارجه.

وأما ان كان الشك في الاثناء فتارة يكون بالنسبة الى الاجزاء المأمور بها بحيث تجري قاعدة الفراغ أو التجاوز ـ على القول به ـ وأما يكون الشك بالنسبة الى ما لا تجري فيه القاعدة كالشك في الطهارة مثلا.

أما على الاول فالكلام فيه هو الكلام وأما على الثاني فان أمكن احراز الشرط بأصل كالاستصحاب ونحوه فهو وإلّا فلا مناص عن الاحتياط هذا هو الميزان الكلي.

ايقاظ :

لا يخفى عليك ان الشرطية والمانعية والقاطعية كلها امور واقعية وغير قابلة للجعل والحق انه لا فرق بينها مثلا الطهارة شرط أي الامر تعلق بالعمل مقيدا بها بنحو يكون القيد خارجا والتقيد داخلا وقس عليه بقية الشرائط ومصاحبة غير المأكول مانعة أي الامر تعلق بالعمل بشرط عدمها والقهقهة قاطعة أى الامر تعلق بالعمل الذي لا يقع اثنائه القهقهة فمرجع الكل الى الشرطية.

١٠٥

التنبيه الخامس عشر :

هل يكون المراد من الشك في موضوع الاستصحاب خصوص الشك الذي يتساوى طرفاه أم يكون اعم؟ المشهور بين القوم هو الثاني.

وما يمكن أن يذكر في وجهه امور : الامر الاول : الاجماع ، وفيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة والمحصل منه على تقدير حصوله محتمل المدرك بل مقطوع به فلا يفيد.

الامر الثاني ان الظن بخلاف الحالة السابقة ان كان ظنا معتبرا فيكون في حكم اليقين فانه لا كلام في أنه ترفع اليد عن الحالة السابقة بقيام دليل معتبر على الخلاف ولذا يكون الاطمينان بالخلاف الذي هو حجة عقلائية أو قيام امارة معتبرة شرعا على الخلاف موجبا لسقوط الاستصحاب عن الاعتبار وان كان غير معتبر وشك في اعتباره يتحقق موضوع الاستصحاب اذ المفروض ان الشك في اعتباره ولا ينقض اليقين بالشك.

ويرد عليه أولا : ان الشك المأخوذ في موضوع الاستصحاب الشك المتعلق بما تعلق به اليقين لا مطلق الشك كى يشمله الشك في الاعتبار والمفروض ان اليقين بالحالة السابقة ارتفع وتعلق به الظن فلا يكون موضوع الاستصحاب متحققا.

وثانيا : انه يمكن ان يفرض القطع بعدم حجية الظن المتعلق بما تعلق به اليقين فلا شك في اعتباره ولكن مع ذلك لا يكون موضوع الاستصحاب موجودا.

الامر الثالث : ان المستفاد من الشك عرفا خلاف اليقين لا خصوص متساوي الطرفين احتمالا مضافا الى أن القرينة قائمة في الحديث على الاطلاق فانه قد صرح في الحديث بأنه ينقض باليقين فقوبل

١٠٦

بين اليقين بالبقاء واليقين بالارتفاع فيكون الظن بالبقاء أو الارتفاع داخلا في موضوع الاستصحاب.

ويضاف الى ذلك كله انه سئل في الحديث عن الخفقة والخفقتين بانهما هل توجبان الوضوء أم لا؟ وأجاب عليه‌السلام بالعدم والحال ان العادة تقتضي ان الخفقة توجب الظن بتحقق النوم ولا اقل من الاطلاق فان مقتضى الاطلاق شمول الحكم لصورة تحقق الظن بالنوم فالمتحصل ان الظن بارتفاع الحالة السابقة لا يوجب سقوط الاستصحاب عن الاعتبار فلاحظ.

التنبيه السادس عشر :

انه هل يمكن الاستدلال بادلة الاستصحاب على حجية قاعدة المقتضي والمانع ام لا؟ الحق انه لا يمكن مثلا لو غسلنا ثوبا أو جسما آخر بالماء وشككنا في وصول الماء اليه لا يمكن اثبات الغسل المطهر بالاستصحاب اذ اليقين تعلق بالغسل ولا نشك فيه ونشك في وصول الماء الى المحل النجس وباصالة عدم المانع لا يثبت الحكم بالطهارة الا على القول بالمثبت فان وصول الماء أمر خارجي لا يترتب على اصالة عدم المانع.

اضف الى ذلك انه اذا فرضنا شمول دليل الاستصحاب لمفاد القاعدة وسلمنا انه أجرينا اصالة عدم المانع واثبتنا وصول الماء الى المحل النجس لكن مقتضى استصحاب عدم الوصول عدم تحقق الطهارة.

وبعبارة اخرى : يقع التعارض بين الاصلين ولا يمكن شمول الدليل للمتعارضين كليهما ولا أحدهما معينا لعدم المرجح.

١٠٧

ان قلت : على هذا يلزم انه لو اقيم دليل على اعتبار القاعدة يعارضه دليل الاستصحاب.

قلت : لو اقيم دليل غير الاستصحاب على اعتبار القاعدة كان ذلك الدليل مخصصا لدليل الاستصحاب بالنسبة الى مورد القاعدة.

وربما يقال ان هذه القاعدة معتبرة بسيرة العقلاء. ويرد عليه انه ليس الامر كذلك بل الامر بالعكس مثلا اذا قصد شخص قتل شخص آخر ورماه بسهم ووجد ذلك الشخص ميتا ولكن شك في أنه مات بسهم الرامي وكان بحيث لو لم يكن مانع عن الوصول لوصل اليه وقتله هل يقتل الرامي قصاصا أو هل يؤخذ منه الدية ، بمقتضى القاعدة؟ الظاهر انه ليس الامر كذلك.

ثم انه وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشمل دليل الاستصحاب قاعدة اليقين أم لا؟ الحق عدم الشمول اذ المستفاد من ادلة الاستصحاب عبارة عن جر الحكم السابق الى زمان الشك ، فقد فرض في دليل الاستصحاب الشك العارض بعد فرض اليقين أو جر موضوع معلوم سابقا ومشكوك فيه لا حقا فلا ينطبق على الشك الساري.

وصفوة القول : ان المستفاد من دليل الاستصحاب ان موضوعه الشك في بقاء ما تيقن به المكلف.

ويمكن تقريب المدعى بوجه آخر وهو ان الظاهر من الدليل ترتيب الحكم على الموضوع الفعلي ومن الظاهر ان الشك الطاري يجتمع مع اليقين الفعلي وأما الشك الساري فلا يجتمع مع اليقين الفعلي ولذا يقال الشك الساري.

مضافا الى أن مقتضى الاستصحاب عدم تحقق المشكوك فيه. وبعبارة واضحة لا اشكال في أن الشك الطاري مورد دليل الاستصحاب ولا يختص الدليل بخصوص الشك الساري.

١٠٨

ومقتضى جريان الاستصحاب عدم تحقق ما شك في وجوده فيقع التعارض بين الاستصحاب والقاعدة فلا يمكن اثبات ما كان متيقنا أولا.

ولو اغمض عن ذلك أيضا فلا اقل من الاجمال أي لا ندرى ان الدليل ناظر الى الاستصحاب أو الى القاعدة فيصبح الدليل مجملا فلا يثبت لا هذا ولا ذاك فلاحظ.

التنبيه السابع عشر :

انه قال في الكفاية : «لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب في مقام مع دلالة مثل العام لكنه ربما يقع الاشكال والكلام فيما اذا خصّص العام في زمان في أن المورد بعد هذا الزمان مورد الاستصحاب أو التمسك بالعام» انتهى موضع الحاجة من كلامه.

وقبل الخوض في البحث ننبه بأمرين : الامر الاول : ان هذا البحث على مسلك من لا يجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا أثر له فانه على ذلك المسلك لو فرض جريان الاستصحاب يكون معارضا وبالتعارض يتساقطان فعلى كل تقدير لا مجال لجريان الاستصحاب اما لعدم المقتضي أو لوجود المانع.

اللهم إلّا أن يقال اذا فرضنا انه لم يكن مجال للاخذ بالعموم فلا بد من الاخذ بالاصل العملي فأثر البحث يظهر على كل تقدير أما على مسلك من يجري الاستصحاب يكون المرجع عنده الاستصحاب وأما عند غيره فيكون المرجع اصل آخر من الاصول العملية على حسب اختلاف الموارد.

الامر الثاني : لا شبهة ـ كما يعلم من كلام صاحب الكفاية ـ انه لا مجال للتعارض بين العموم والاستصحاب فان الاستصحاب لا يعارض

١٠٩

العموم اذ الاستصحاب أصل عملي والعموم اصل لفظي ودليل اجتهادي وانما البحث في تشخيص المصداق وانه متى يؤخذ بعموم العام ومتى يؤخذ بالاستصحاب.

فنقول أفاد الشيخ قدس ان العموم الازماني تارة يكون على نحو العموم الاستغراقي بان يكون لكل قطعة من قطعات الزمان حكم غير ما يكون للفرد الآخر كالعموم الافرادي فكما ان المولى اذا قال أكرم العلماء يكون لكل فرد من أفراد العالم حكم وهو وجوب اكرامه ويكون لكل فرد اطاعة وعصيان كذلك العموم الازماني كصوم شهر رمضان فان لكل يوم من الشهر حكما غير مرتبط بحكم يوم آخر.

واخرى يكون العموم بالنسبة الى الزمان عموما مجموعيا ويكون الحكم واحدا كالامساك من أول طلوع الفجر الى المغرب فانه ليس لكل آن حكم مستقل فان كان عموم العام من القسم الاول يكون المرجع عند الشك عموم العام اذ المفروض ان لكل قطعة من الزمان حكما خاصا فيكون عموم العام شاملا لمورد الشك ومع عموم العام لا تصل النوبة الى الاستصحاب.

وأما ان كان من القسم الثاني يكون المرجع عند الشك استصحاب حكم الخاص لان المستفاد من العام حكم واحد وقد انقطع يقينا.

وقال صاحب الكفاية : مجرد كون العموم مجموعيا لا يقتضي الرجوع الى الاستصحاب بل لا بد من ملاحظة ان الزمان اخذ في طرف المخصص بنحو الظرفية أو بنحو القيدية ، فعلى الاول يجري الاستصحاب وعلى الثاني لا بد من الرجوع الى اصل آخر من البراءة أو غيرها حسب اقتضاء المقام.

وهذا الذي ذكرنا يختص بما يكون التخصيص من الوسط كخيار

١١٠

الغبن على القول بثبوته من زمان الالتفات الى الغبن فانه قد خصّص وجوب الوفاء بمقدار دقيقة مثلا وبعدها لا مجال للاخذ بعموم العام اذ المفروض انقطاع الحكم بالخيار وبعد الزمان الاول لا دليل على وجوب الوفاء فتصل النوبة الى الاستصحاب.

وأما اذا كان التخصيص من الاول كخيار الحيوان مثلا فالمرجع بعد مضي الثلاثة عموم وجوب الوفاء بالعقد.

هذا على تقدير كون العموم مجموعيا واما ان كان استغراقيا فالمتعين الرجوع الى العام ان لم يكن له معارض وان كان له معارض يكون المرجع الاستصحاب ان كان الزمان مأخوذا على نحو الظرفية وإلّا يكون المرجع اصل آخر اذ مع كون الزمان قيدا لا يمكن الاخذ بالاستصحاب فانه اجراء حكم موضوع الى موضوع آخر ويشترط في الاستصحاب وحدة الموضوع». فعلى ما ذكره صاحب الكفاية تكون الصور أربعة. الصورة الاولى : أن يكون عموم العام ازمانيا ويكون الزمان مأخوذا في المخصص على نحو الظرفية ولكل زمان حكم مخصوص وفي هذه الصورة يكون المرجع عموم العام ولا مجال للاستصحاب اذ مع عموم العام والدليل الاجتهادي لا مجال للاخذ بالاصل العملي.

الصورة الثانية : هي الصورة الاولى بعينها ويكون الزمان مأخوذا في الخاص على نحو القيدية وفي هذه الصورة أيضا يكون المرجع عموم العام بالتقريب المتقدم ذكره آنفا إلّا أن يكون العام ساقطا بالمعارضة فعلى تقدير كون الزمان مأخوذا في الخاص على نحو الظرفية تصل النوبة الى الاستصحاب وان كان على نحو القيدية تصل النوبة الى اصل آخر.

١١١

الصورة الثالثة أن يكون عموم العام عموما مجموعيا فان التخصيص ان كان من الاول يكون المرجع عموم العام كما في خيار المجلس فانه بعد الافتراق اذا شك في بقاء الخيار يكون المرجع عموم وجوب الوفاء بالعقد لكن لا تصل النوبة الى الاخذ بالعموم في المثال المذكور اذ يستفاد من نفس دليل خيار المجلس لزوم العقد بالافتراق حيث قال عليه‌السلام «واذا افترقا وجب البيع».

وأما اذا كان التخصيص من الوسط فلا مجال للرجوع الى العام اذ المفروض انقطاع الحكم فان كان الزمان قيدا في دليل المخصص يكون المرجع اصل آخر من براءة أو غيرها اذ فرض سقوط العام عن الاعتبار ومن ناحية اخرى لا مجال للاستصحاب لعدم جواز اسراء حكم موضوع الى موضوع.

الصورة الرابعة : هي الثالثة مع كون الزمان ظرفا فاذا كان العام ساقطا لكون التخصيص من الوسط تصل النوبة الى الاستصحاب.

وقال سيدنا الاستاد قدس‌سره : «ان ما أفاده صاحب الكفاية من أن مجرد كون عموم العام مجموعيا لا يقتضي الرجوع الى الاستصحاب بل لا بد من ملاحظة ان الزمان اخذ في ناحية دليل المخصّص على نحو الظرفية فيجري الاستصحاب أو على نحو القيدية فلا يجرى متين.

وأما ما أفاده من التفصيل بين كون التخصيص من الاول أو من الوسط فعلى الاول يؤخذ بالعموم وعلى الثاني لا يؤخذ به ، فلا بد فيه من التفصيل بأن نقول تارة يثبت حكم في مورد ويستفاد استمراره من دليل آخر بأن يرد دليل يدل على كون الحكم الفلاني مستمرا واخرى يستفاد نفس الحكم واستمراره من نفس الدليل كما ان الامر كذلك في مفاد وجوب الوفاء بالعقود فان أصل اللزوم

١١٢

واستمراره كليهما مستفادان من قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).

فانه ان كان من القسم الاول يتم ما أفاده صاحب الكفاية اذ يمكن أن يقال انه كان التخصيص من الاول وبعد ذلك ثبت الحكم في الجملة واستمر بالدليل الخارجي وأما اذا كان التخصيص من الوسط فانقطع الاستمرار فلا دليل بعد ذلك يدل على شمول الحكم في مورد التخصيص.

وأما اذا كان كلا الامرين مستفادين من نفس الدليل كما يستفاد اللزوم واستمراره من وجوب الوفاء بالعقد فلا فرق بين كون التخصيص من الاول أو من الوسط اذ بعد فرض الانقطاع لا دليل على اللزوم».

وما أفاده في مقام الايراد على الشيخ وصاحب الكفاية متين. اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لا فرق بين العام الاستغراقي والعام المجموعي فكما ان العام الاستغراقي اذا خصّص وخرج فرد عن تحت العموم يكون حجة في باقي الافراد كذلك الامر في العام المجموعي.

مثلا لو قال المولى اكرم هؤلاء العشرة وبعد ذلك خرج واحد منها بدليل خارجي يكون حكم المولى نافذا في البقية وعلى ذلك لو أمر المولى بالوفاء بعقد من العقود عشر سنوات وبعد ذلك خرج شهر بدليل يجب الوفاء بالعقد في بقية المدة.

فتحصل مما ذكرنا ان المرجع عند الشك في الاخذ بالعام أو استصحاب حكم المخصّص عموم العام بلا فرق بين كونه استغراقيا أو مجموعيا وبلا فرق بين أن يكون التخصيص من الاول أو من الوسط.

١١٣

التنبيه الثامن عشر :

انه يعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية موضوعا ومحمولا في الحالتين والوجه في الاشتراط المذكور انه لولاه لا يصدق رفع اليد عن الحالة السابقة نقضا لليقين بالشك ولا الجري العملي على طبق الحالة السابقة مضيا عليها.

مثلا لو علمنا بعدالة زيد سابقا وشككنا فيها لاحقا يكون الجري العملي على طبق عدالته مضيا على الحالة السابقة وعدم الجري على طبق عدالته يكون نقضا.

واما لو شككنا في اجتهاده لا يكون الجري العملي على طبق اجتهاده جريا على طبق العلم بالعدالة كما ان عدم الجري على طبق اجتهاده لا يكون نقضا للحالة السابقة.

وايضا لا يكون الجري على طبق عدالة بكر مضيا على الحالة السابقة ولا يكون عدم الجري على طبق عدالته نقضا عمليا للحالة السابقة فقوام الاستصحاب باتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها موضوعا ومحمولا.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان المستصحب قد يكون من الموضوعات وقد يكون من الاحكام وعلى الاول قد يكون من المحمولات الاولية المعبر عنها بمفاد كان تامة أو ليس تامة واخرى يكون من المحمولات الثانوية التي تعرض على الوجود.

وبعبارة واضحة : قد يكون المستصحب نفس الوجود والعدم واخرى يكون أمرا عارضا على الوجود. فان كان من القسم الاول أي يكون محمولا اوليا كان موضوعه الماهية ولا يعقل في هذا القسم اعتبار وجود الموضوع اذ مع فرض العلم بوجود زيد مثلا لا يعقل

١١٤

أن يشك في بقاء وجوده كما ان الأمر كذلك لو علم بعدمه فلا مجال للشك.

مضافا الى أنه لا يعقل عروض العدم على وجود زيد وإلّا يلزم اجتماع النقضين فلو شك في وجود زيد أو عدمه يكون الموضوع نفس الماهية.

واما ان كان الشك في المحمول الثانوي كعدالة زيد مثلا فله اقسام : القسم الاول ما يكون الشك في بقاء المحمول ناشيا عن الشك في بقاء الموضوع ، وأما مع العلم ببقاء الموضوع فلا يشك في بقاء المحمول كما لو شك في بقاء عدالة زيد ويكون الشك في بقاء عدالته ناشيا عن الشك في بقائه أي بقاء زيد.

وفي جريان الاستصحاب في هذا القسم اشكال وهو انه لا اشكال في بقاء العدالة مع وجود زيد فلا يجري الاستصحاب في العدالة لعدم الشك فيها مضافا الى عدم جريان الاستصحاب مع الشك في الموضوع.

وايضا لا يجري الاستصحاب في بقاء زيد اذ المفروض ان المقصود التعبد بعدالته فاستصحاب بقائه بلا لحاظ عدالته غير مقصود وأما استصحاب بقائه لا ثبات عدالته فهو من صغريات الاصل المثبت الذي لا نقول به فما الحيلة وما الوسيلة.

ويمكن دفع الاشكال باحد نحوين : احدهما : ان يجرى الاصل في الموضوع المقيد بهذا القيد بأن نقول زيد كان عادلا بالامس ونشك في بقائه متصفا بهذه الصفة والاستصحاب يقتضي بقائه على ما كان فبالاستصحاب نحرز بقائه متصفا بالوصف المذكور أي يكون باقيا عادلا.

ثانيهما : أن يجرى الاصل تارة في الموضوع واخرى في المحمول

١١٥

نظير جريان الاصل في الموضوعات المركبة كما لو علم بأن الماء الفلاني مطلق وكر ثم شك في بقائه على الاطلاق والكرية فلا مانع عن جريان الاصل في كل واحد من الوصفين والمقام كذلك.

ويرد عليه ان قياس المقام بذلك الباب مع الفارق اذ المفروض ان كل واحد من الاطلاق والكرية عارض على الماء والمشكوك فيه بقاء ولا مانع عن جريان الاستصحاب في كل واحد منهما لتمامية اركانه بالنسبة الى كل منهما وأما العدالة في المقام فلا اشكال في بقائها على تقدير بقاء زيد.

وبعبارة اخرى : لا شك في بقائها من حيث عمود الزمان وانما الشك فيها من جهة الشك في بقاء موضوعها والمفروض ان جريان الاصل في موضوعها لا يقتضى اثباتها الا على القول بالمثبت الذي لا نقول به فلاحظ.

القسم الثاني : أن يشك في بقاء المحمول الثانوي ولا يكون الشك في بقائه ناشيا عن الشك في بقاء موضوعه كما لو شك في بقاء عدالة زيد مع العلم ببقائه وفي هذه الصورة لا مانع عن جريان الاستصحاب في العدالة لتمامية اركانه.

فنقول لا اشكال في بقاء زيد في دائرة الوجود وأما عدالته فمورد الشك ومقتضى الاستصحاب بقائها.

القسم الثالث : ما يشك في بقاء كل واحد من المحمول الاولي والثانوي كما لو علمنا بوجود زيد العادل في الخارج ثم شك في بقائه وبقاء عدالته وفي هذه الصورة لا مانع عن جريان الاستصحاب بالتقريبين المتقدمين بأن نقول يمكن جريان الاستصحاب في الموضوع تارة وفي المحمول اخرى ويمكن جريان الاستصحاب في

١١٦

المقيد بما هو مقيد هذا تمام الكلام بالنسبة الى الشك في بقاء الموضوع.

واما اذا شك في بقاء الحكم فتارة يكون الحكم المشكوك فيه حكما جزئيا واخرى يكون كليا فيقع الكلام في موردين :

أما المورد الاول فنقول : الشك في بقاء الحكم الجزئي كالشك في طهارة الماء الفلاني أو نجاسة الجسم الكذائي وأمثالهما مسبب عن الشك في وجود الرافع هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى الاصل الجاري في السبب مقدم على الاصل الجاري في المسبب.

وعليه في مورد الشك في بقاء الحكم الجزئي لا تصل النوبة الى جريان الاصل في نفس الحكم بل الاصل يجري بالنسبة الى رافعه ويحكم بعدم الرافع باستصحاب عدمه ويترتب عليه الجزم ببقاء الحكم.

ولو وصلت النوبة الى جريان الاصل بالنسبة الى نفس الحكم لمانع عن جريانه بالنسبة الى المانع لا يجري الاستصحاب في نفس الحكم اذ استصحاب بقاء الحكم يعارضه أصل عدم كون الجعل طويلا.

وأما المورد الثاني فتارة يكون الشك في البقاء من ناحية احتمال النسخ واخرى يكون من غير هذه الناحية أما الشك من ناحية النسخ فربما يقال : انه لا مجال للاستصحاب اذ النسخ بمعناه الحقيقي غير معقول بالنسبة الى ذاته تعالى فان البداء محال بالنسبة اليه تعالى وأما بمعنى الابداء فيكون الشك في الحدوث لا في البقاء فان كان لدليل الحكم اطلاق بالنسبة الى الازمنة المتأخرة يؤخذ به وإلّا تصل النوبة الى الاخذ بالدليل الخارجي الدال على الاستمرار وهو قوله عليه‌السلام حلاله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة.

ويرد عليه ان النسخ تخصيص أزماني والتخصيص الازماني

١١٧

كالتخصيص الافرادي جائز بالنسبة الى ذاته تعالى. وبعبارة اخرى : النسخ بمعنى الابداء جائز بالنسبة اليه فلو شك في النسخ بهذا المعنى لا مانع عن الاخذ بالاستصحاب نعم لو تم قوله عليه‌السلام «حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة» (١). من حيث السند لا تصل النوبة الى الاستصحاب.

الّا ان يقال ان الحديث الشريف ناظر الى بقاء الشريعة المحمّدية الى يوم القيامة فلا يرتبط بالمقام وبعبارة اخرى اذا قلنا بأن الخبر ناظر الى أن الحكم المجعول من قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باق الى يوم القيامة لا يشمل الحكم المشكوك فيه. اذ مع عدم الثبوت لا موضوع للبقاء كما هو ظاهر.

وأما اذا كان الشك في الحكم الكلي من غير ناحية النسخ ، فنقول : الشك من غير ناحيته لا بد من كونه مستندا الى تغير في موضوع القضية وأما مع عدم التغير فكيف يمكن أن يشك في بقاء الحكم والتغير في الموضوع تارة بفقدان قيد يكون مقوما للموضوع في ترتب الحكم عليه في نظر العرف كالعدالة في امام الجماعة بالنسبة الى جواز الاقتداء وكالاجتهاد في مرجع التقليد بالنسبة الى جوازه تقليده ولا اشكال في عدم جريان الاستصحاب في مثله فان بقاء الحكم بعد زوال القيد لا يكون مصداقا للاستصحاب بل اسراء حكم من موضوع الى موضوع آخر فلا مجال لجريان الاستصحاب.

واخرى يكون التغير الحاصل في الموضوع من حالاته لا من مقوماته كالتغير العارض على الماء الموجب للحكم بنجاسة الماء الذي صار متغيرا فاذا زال تغيره من قبل نفسه يجرى استصحاب

__________________

(١) ـ الاصول من الكافى ج ٢ ص ١٧.

١١٨

النجاسة العارضة للماء المتغير لو لا معارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد.

وثالثة يكون القيد المأخوذ في الموضوع مرددا بين كونه مقوما للموضوع وعدمه وفي مثله لا يجري الاستصحاب بعد زوال ذلك القيد لعدم جواز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية.

اذا عرفت ما تقدم نقول : الوحدة المشروط في القضية الاستصحابية هل تكون باعتبار العقل بحيث يكون الموضوع واحدا عقلا في الحالتين أو الوحدة الدليلية أي يكون الموضوع واحدا بحسب الدليل أو الوحدة وحدة عرفية؟

وليعلم اولا ان هذا الترديد بين الاحتمالات الثلاثة انما يتصور في استصحاب الحكم الكلي ، وأما في الحكم الجزئى الخارجي فالامر دائر بين الموضوع العقلي والعرفي وأما الموضوع الدليلي فلا مجال له في الشبهات الموضوعية كما هو ظاهر اذ الموضوع في الشبهات الموضوعية غير وارد تحت عناوين ادلة الاحكام.

فنقول : اما اشتراط الوحدة العقلية فلا مقتضي لها اذ لا دخل للعقل في ترتب الاحكام الشرعية على موضوعاتها فالأمر دائر بين الموضوع الدليلي والعرفي.

وربما يقال بأن الموضوع هو الموضوع الدليلي اذ المراد بالموضوع العرفي ان كان ما يفهمه العرف من الدليل ولو مع القرائن الداخلية والخارجية فالموضوع هو الدليلي فان المراد من الموضوع ما يفهم من الادلة وان كان المراد من الموضوع العرفي الاخذ بالمسامحات العرفية فلا يمكن المساعدة معه فان العرف محكم في فهم المفاهيم وأما ما يتسامح فيه فلا اعتبار به.

١١٩

والحق ان الميزان في جريان الاستصحاب الوحدة العرفية والوجه فيه ان المستفاد من دليل الاستصحاب ابقاء الحكم السابق والجري على طبقه وحيث ان العرف محكم في باب فهم المفاهيم يتقوم جريان الاستصحاب بصدق وحدة الموضوع ولذا لا يكون جريان الاستصحاب منوطا ببقاء الموضوع بحسب الدليل.

مثلا لو قال المولى الماء المتغير نجس وفرض زوال التغير يجري استصحاب النجاسة لوحدة الموضوع عرفا فان العرف يرى ان التغير سببا لعروض النجاسة لا مقوما للموضوع.

وصفوة القول ان مقتضى كون الموضوع عرفيا عدم مدخلية التحفظ على الموضوع بحسب الدليل بل الميزان صدق عنوان المضي والنقض ومقتضى كون الميزان الوحدة بحسب الدليل التحفظ على العنوان المأخوذ في الدليل فلو قال المولى الماء اذا تغير ينجس يكون الموضوع بحسب الدليل نفس الماء بشرط التغير.

وأما لو قال المولى الماء المتغير نجس يكون الموضوع الماء مقيدا بوصف التغير فلو زال تغيره لا يكون الموضوع الدليلي باقيا وأما بحسب العرف فالموضوع يكون باقيا اذ يرى العرف ان الموضوع للنجاسة نفس الماء والتغير من حالاته.

بقي شيء وهو انه لو كان الشك في البقاء من ناحية الشبهة المفهومية كما لو شك في أن المغرب عبارة عن استتار القرص أو عبارة عن ذهاب الحمرة المشرقية فربما يقال : انه لا مجال للاستصحاب لا استصحاب الحكم ولا استصحاب الموضوع.

أما الاول فلعدم جريان استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع وأما الثاني فلعدم الشك اذ استتار القرص معلوم الوجود وذهاب الحمرة المشرقية معلوم العدم فركن الاستصحاب مختل.

١٢٠