آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

آراؤنا في أصول الفقه - ج ٣

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات المحلّاتي ( المفيد )
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٣٩

أن الفعل الواجب مقيد بالزمان ويكون المطلوب مطلوبا واحدا او ان المطلوب متعدد ويكون الفعل مطلوبا على الاطلاق وايقاعه في الزمان الخاص مطلوب آخر فبعد تحقق الغاية هل يجري الاستصحاب في بقاء الوجوب أم لا؟

ونتيجة بقائه ان القضاء لا يكون بأمر جديد بل الامر الاول يكفي لاثبات وجوبه.

أفاد سيدنا الاستاد ان المشهور القائلين بجريان الاستصحاب في الاحكام الكلية وأيضا القائلين بجريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي يلزمهم جريان الاستصحاب في المقام نعم على مسلكنا لا يجري الاستصحاب لانا قائلون بتعارض الاستصحاب الجاري في المجعول باستصحاب عدم الجعل الزائد هذا حاصل كلامه.

ويرد عليه ان الاستصحاب المذكور على فرض جريانه لا يثبت وجوب القضاء فان وجوب القضاء مترتب على فوت الفريضة في الوقت والوجوب الثابت بالاستصحاب عبارة عن وجوب متعلق بالواجب بلا تقيد بالوقت.

وبعبارة واضحة : لا يكون الواجب موقتا كى يجري فيه بحث الاداء والقضاء فانه على اساس بقاء الوجوب لا موضوع للاداء والقضاء فلاحظ.

التنبيه التاسع :

في أن القاعدة هل تقتضي جريان الاستصحاب التعليقي أم لا؟ وقبل الخوض في البحث نقول هذا البحث لا مجال له على مسلك من يرى عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي لمعارضة استصحاب بقاء المجعول مع استصحاب عدم الجعل الزائد

٨١

اذ على طبق هذا المسلك لا اثر لجريان الاستصحاب لانه معارض باستصحاب آخر في قباله وبالمعارضة يتساقطان.

وبعد تقديم هذه المقدمة نقول : قال في الكفاية لا فرق في جريان الاستصحاب بين أن يكون الحكم السابق مطلقا أو معلقا.

ان قلت : لا وجود للمعلق فلا معنى لجريان الاستصحاب فيه. قلت : المعلق قبل وجود المعلق عليه لا يكون فعليا لا أنه لا يكون موجودا حتى على نحو التعليق كيف والوجود التعليقي نحو من الوجود ويكون بهذا النحو موردا لحكم الشارع الاقدس والمكلف يقطع بحكم الشارع قبل طرو الحالة الجديدة وبعد طروها يشك في بقاء الجعل السابق مثلا لو شك في أن الحرمة العارضة على ماء العنب اذا غلى هل تكون باقية حتى اذا صار العنب زبيبا فيكون العصير الزبيبي حراما اذا غلى أو تكون الحرمة مختصة بالعصير العنبي المغلي فببركة الاستصحاب نحكم بكون الحرمة باقية ولا تختص بالعصير العنبي فلا فرق في الاستصحاب التنجيزي والاستصحاب التعليقي.

ان قلت : نفرض جريان استصحاب الحكم التعليقي لكن يعارضه استصحاب الحكم التنجيزي وهي الحلية ففي المثال المذكور نقول : لا اشكال في أن العصير الزبيبي قبل الغليان كان حلالا ونشك في حليته بعد الغليان فيجري استصحاب الحلية فيقع التعارض بين استصحاب الحرمة التعليقية والحلية التنجيزية وبعد التعارض والتساقط تصل النوبة الى البراءة.

قلت لا تنافي بين الحكمين مع القطع فكيف بالشك فانه أي تناف بين حكم الشارع بحلية العصير العنبي قبل الغليان وبين حكمه بحرمته بعد الغليان والحكم التعليقي يحكم ببقائه بالاستصحاب.

٨٢

ويرد عليه انه لا اشكال في تعارض الاستصحابين ولا يقاس صورة الشك بصورة القطع فانه لا تنافي بين حكم الشارع بحلية العصير العنبي قبل الغليان وحكمه بحرمته بعده وهذا ظاهر واضح ، ولكن الكلام في العصير الزبيبي حيث نشك في حرمته بعد الغليان وأركان الاستصحاب بالنسبة الى الحلية تامة كما انها بالنسبة الى الحرمة تامة على الفرض فلا اشكال في التعارض وبعد التعارض المرجع اصالة البراءة.

ان قلت : الشك في بقاء الحلية السابقة مسبب عن الشك في الحرمة ومع جريان الاصل السببي لا تصل النوبة الى الاصل المسببي.

قلت منشأ الشك في كل من الحرمة والحلية الشك في حكم العصير الزبيبي بعد الغليان ويحتمل كل منهما ولا ترتب ولا تسبب في المقام. فالنتيجة انه على القول بجريان الاستصحاب التعليقي والالتزام به يكون الاصلان متعارضين والنتيجة البراءة عن الحرمة.

ان قلت : الحلية الثابتة للعصير العنبي مغياة بالغليان وهذه الحلية المغياة بالغليان تثبت للعصير الزبيبي فلا تصل النوبة الى استصحاب الحلية المطلقة.

وبعبارة واضحة : ان الحلية الثابتة للعصير الزبيبي فلا تصل النوبة الى استصحاب الحلية المطلقة.

وبعبارة واضحة : ان الحلية الثابتة للعصير الزبيبي المتيقنة الحلية مغياة وأما الحلية المطلقة فغير معلومة من أول الامر فلا مورد لاستصحاب الحلية المتنجزة كى يعارض استصحاب الحرمة المعلقة ويكون المقام نظير ما لو كان المكلف محدثا بالاصغر ثم خرج منه بلل مشتبه فان مقتضى استصحاب عدم كون الخارج منيا عدم تحقق الجنابة فلا يجب الغسل ، وفي المقام نقول الاصل عدم تحقق الحلية

٨٣

المطلقة. قلت : قياس المقام بذلك المقام مع الفارق فان المكلف في تلك المسألة لا يتيقن بالجنابة ولذا يجري في حقه استصحاب عدم الجنابة وعدم كون الرطوبة منيا وأما في المقام فالمكلف يقطع بحلية العصير الزبيبي والحلية المقطوعة لا تكون باعتبار استصحاب الحلية المغياة الثابتة للعصير العنبي بل المستفاد من الشرع والضرورة الفقهية حلية العصير الزبيبي غاية الامر يشك في كون حليته مغياة بالغليان أم لا؟ فبالاستصحاب يحكم ببقاء الحلية له بعد الغليان ، فيقع التعارض بين الاستصحابين ، فتحصل مما تقدم ان الاستصحاب التعليقي لو فرض اعتباره وقلنا كالاستصحاب التنجيزي يعارض بالاصل التنجيزي وبعد التعارض والتساقط يكون اصل البراءة محكما.

اذا عرفت ما تقدم نقول : تارة يفهم من لسان الدليل ان العنوان المأخوذ في لسانه لا مدخلية له في الحكم الشرعي بل العنوان المأخوذ مشير الى الذات التي يكون العنوان عارضا لها كما لو قال المولى يجوز اكل الارز فان العرف يفهم من الدليل جواز أكل الذات المشار اليها بهذا العنوان ، ولذا لا يشك في الحلية اذا صار دقيقا أو اذا صار مطبوخا الى غيرها من الاحوال العارضة على الارز فلا يحتاج الى الاستصحاب في اثبات الحلية.

واخرى يفهم من العنوان المأخوذ في الموضوع كونه تمام الموضوع كموارد الاستحالة. فلو رتب حكم على الخشب لا مجال لاسرائه عليه بعد ما صار رمادا أو فحما ، فانه يرى الرماد موضوعا مستقلا في قبال عنوان الخشب. ولذا لا مجال لاستصحاب حكم الخشب بعد احتراقه الى الرماد الحاصل من احتراقه. وعلى هذا الاساس يحكمون بأن الاستحالة من المطهرات.

٨٤

وثالثة لا يكون ذلك ولا هذا بل يكون العنوان المأخوذ في لسان الدليل برزخا بين الامرين كما لو قال المولى اذا تغير الماء في احدى صفاته ينجس ، فاذا شك في أن التغير علة محدثة للنجاسة أو مبقية أيضا يجري الاستصحاب بعد زوال التغير.

وبعد تقديم هذه المقدمة نقول : تارة يكون الشك في بقاء الحكم وعدمه من باب الشك في النسخ وعدمه كما لو شك في أن حكم الشارع بحرمة العصير هل نسخ أم لا؟ واخرى يكون الشك في البقاء لا من جهة احتمال النسخ بل من باب الشبهة الموضوعية كما لو شك في بقاء اليد النجسة على نجاستها من باب الشك في أنها هل طهرت أم لا؟

وثالثة يكون الشك في بقاء الحكم من باب الشبهة الحكمية كما لو شك في بقاء نجاسة الماء المتغير بعد زوال التغير. أما الصورة الاولى فلا اشكال في جريان استصحاب عدم النسخ بل قيل انه من الواضحات والضروريات. فلو شك في أن الحكم بنجاسة العصير أو حرمته هل نسخ أم لا؟ يجرى استصحاب عدمه ويحكم بالحرمة التعليقية. ولكن لا يرتبط بالاستصحاب التعليقي.

وأما الصورة الثانية فائضا لا اشكال في جريان الاستصحاب. فانه لو شك في وجود الرافع وعدمه يحكم بعدمه بالاستصحاب وهذا أيضا لا يرتبط بما نحن بصدده.

وأما الصورة الثالثة فيتوقف جريان الاستصحاب فيها على تحقق الموضوع في الخارج كى يترتب عليه الحكم ثم يشك في بقائه وعدمه.

وبعبارة اخرى : الشك في بقاء الحكم الذي هو موضوع الاستصحاب

٨٥

متأخر رتبة عن نفس الحكم ، والحكم متأخر عن موضوعه رتبة.

توضيح المدعى : ان كل موضوع بالنسبة الى الحكم المترتب عليه نسبة الشرط الى المشروط فكما ان المشروط لا يعقل تحققه قبل الشرط كذلك لا يعقل أن يتحقق الحكم قبل وجود موضوعه ، وعلى هذا الاساس لا يعقل جريان الاستصحاب التعليقي اذ قبل تحقق الموضوع لا يكون الحكم متحققا في الخارج وقبل تحقق الحكم لا يعقل جريان الاستصحاب فيه ، وبعد تحقق الموضوع وترتب الحكم عليه لا يكون الاستصحاب الجاري فيه استصحابا تعليقيا بل الاستصحاب تنجيزي.

ففي المثال المعروف وهو العصير نقول العنب قبل صيرورته زبيبا يكون حلالا بالقطع وبعد صيرورته زبيبا يكون حلالا أيضا واذا شك في حرمته التعليقية بمعنى احتمال نسخ الحكم المذكور يجري الاستصحاب ، ولكن المدعي يدعي غيره ، وأما استصحاب الحرمة بعد غليان عصيره فلا مجال له اذ متى كان حراما حتى يستصحب حرمته. فالحق ان الاستصحاب التعليقي باطل ولا مجال له.

ان قلت : سلمنا الاشكال لكن لا اشكال في السببية أي سببية الغليان للحرمة فعليه يجري الاستصحاب في السببية بأن نقول بعد صيرورة العنب زبيبا لا ندري ان سببية الغليان للحرمة باقية أم لا؟ ومقتضى الاستصحاب بقائها.

قلت : السببية لا تكون حكما شرعيا وغير قابلة للاعتبار بل من الامور الواقعية الانتزاعية فلا مجال لاستصحاب التعليقي حتى بهذا التقريب.

ثم انه ربما يفصل في استصحاب بقاء العقد وعدم الفسخ بين العقود التنجيزية والتعليقية بجريان الاستصحاب في القسم الاول

٨٦

وعدم جريانه في القسم الثاني ، ويترتب عليه انه لو شك في بقاء الملكية في المعاطاة اذا شك في لزومها وعدمه يجري الاستصحاب وأما في العقود التعليقية كالوصية اذا شك في انفساخها لا يجري.

وهذا التفصيل باطل ، وذلك لانه لا اشكال في أن العقد التعليقي تحقق في الخارج وانما الشك في زواله بالفسخ وعدمه فلا شبهة في جريان الاستصحاب ، وان الشك في الفسخ كالشك في النسخ. فكما ان الاستصحاب يجري فيما لو شك في النسخ كذلك لا كلام في جريان الاستصحاب في الفسخ.

التنبيه العاشر :

ان المشهور فيما بينهم جريان استصحاب عدم النسخ بل عن المحدث الاسترابادي انه من الضروريات ، وليعلم أولا ان النسخ بمعناه الحقيقي غير معقول بالنسبة الى الاحكام الشرعية اذ النسخ الحقيقي يكشف عن الجهل بالامور تعالى الله عن ذلك ، والنسخ الجائز بالنسبة الى الله تعالى عبارة عن الابداء وقد مر الكلام حول هذه الجهة في بحث المطلق والمقيد.

وبعد تقديم هذه الجهة نقول : النسخ عبارة عن التخصيص الازماني كما ان التخصيص عبارة عن التخصيص الافرادي فلا يتحقق النسخ الا بعد قيام دليل على استمرار الحكم من عموم أو اطلاق وعلى هذا لا مجال للاشكال الوارد في المقام من أن ثبوت الحكم بالنسبة الى من يستصحب غير معلوم فان النسخ يتحقق بعد فرض استمرار الحكم بحيث لو لم ينسخ لكان شاملا للمكلف ، فالشك ليس في البقاء وعدمه بل الشك في رفع الحكم الثابت.

وان شئت قلت : النسخ في الاحكام كالفسخ في العقود الجائزة

٨٧

وكالطلاق بالنسبة الى النكاح فكما انه لو لا الفسخ ولو لا الطلاق يبقى عقد البيع مثلا بحاله ويبقى الزواج بحاله كذلك يبقى الحكم الشرعي ما دام لا يتحقق النسخ فالشك في النسخ كالشك في الرافع.

وبعبارة واضحة : الحكم بحسب طبعه الاولي يكون باقيا وارتفاعه يتوقف على النسخ فلو شك فيه لا اشكال في جريان استصحاب عدمه ومقتضاه بقائه.

وببيان واضح : يستفاد من استصحاب عدم النسخ ان الحكم الشرعي باق بحاله كما يستفاد من النص لاحظ ما رواه سماعة بن مهران قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : قول الله عزوجل (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)(١) الى ان قال : فحلاله حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة فهؤلاء اولو العزم من الرسل عليهم‌السلام (٢).

التنبيه الحادى عشر :

ان جريان الاستصحاب بلحاظ ترتب الاثر على بقاء المستصحب ولا مدخلية في جريانه ترتب الاثر على حدوثه وعدمه وعلى هذا لا مانع عن استصحاب عدم الجعل المتيقن قبل الشرع والشرعية فان عدم الجعل وان كان بلا اثر ولكن يترتب عليه الاثر في حال جريان الاستصحاب.

وبعبارة اخرى : كما ان جعل التكليف ممكن ويترتب عليه الاثر كذلك عدم الجعل فاذا شك في حرمة شرب التتن يقال ان حرمته

__________________

(١) ـ الاحقاف / ٣٥.

(٢) ـ الاصول من الكافى ج ٢ باب الشرائع ص : ١٧ الحديث ٢.

٨٨

لم تكن مجعولة قبل الشرع ومقتضى الاستصحاب عدم جعلها بعد الشرع أيضا.

وفي المقام شبهة وهي ان احتمال العقاب ان كان موجودا فلا أثر لاستصحاب عدم الجعل وان لم يكن موجودا فلا بد من اثبات عدم الاستحقاق وترتب عدم الاستحقاق على عدم جعل الحرمة عقلي ولا يترتب الاثر العقلي على الاستصحاب فلا يجري الاستصحاب بل لا بد من اجراء البراءة.

ويرد عليه اولا : انه ما الفرق بين استصحاب عدم الجعل وبين رفع الحرمة بالبراءة فان الاثر العقلي لا يترتب على البراءة كما لا يترتب على الاستصحاب بل الاشكال وارد حتى في صورة التمسك باصالة الحل فانه ما الفرق بين اصالة الحل وحديث الرفع واستصحاب عدم الجعل.

وثانيا : انّ الفعل اذا كان حلالا أو اذا لم يكن حراما يكون ارتكابه بلا مانع من قبل المولى ومع عدم المنع الشرعي العقل مستقل بعدم استحقاق العقاب.

وبعبارة اخرى : الحاكم في باب الاطاعة والعصيان واستحقاق العقاب وعدمه هو العقل ومع عدم حرمة الفعل العقل يحكم بعدم الاستحقاق.

التنبيه الثانى عشر :

في الاصل المثبت وهو انه هل يترتب بالاستصحاب الآثار الشرعية المترتبة بلحاظ اللوازم العقلية أو العادية أم لا؟ مثلا لو فرض ترتب اثر شرعي على لحية زيد فاذا استصحب حياته

٨٩

المعلومة حال صغره هل يترتب الاثر المترتب على لحيته وهل يثبت الموضوع باستصحاب الحياة أم لا؟

ولا يخفى ان الواسطة لو كانت معلومة الحدوث يجري الاصل فيهما. انما الكلام فيما يشك فيها حدوثا وهذا البحث له آثار مهمة في أبواب الفقه. مثلا في باب الغسل والوضوء لا بد من غسل مواضعهما ووصول الماء الى نفس البشرة فاذا شك المكلف في وصول الماء الى بدنه وعدمه فهل يمكن اثبات الوصول باستصحاب عدم المانع أم لا؟

والمشهور في الالسن ان الفرق بين الامارات والاصول ان اللوازم العقلية لا تثبت بالاصول وتثبت بالامارات فيتوجه السؤال بأنه ما الفرق بين المقامين.

وقد ذكرت وجوه للفرق بين الموردين : الوجه الاول : ان المأخوذ في موضوع ادلة الاصول عنوان الشك وأما المأخوذ في لسان ادلة الامارات فليس كذلك.

ويرد عليه ان الوجه المذكور لا يمكن أن يكون فارقا وذلك لانا نسأل ان المأخوذ في موضوع الامارة بحسب اللب والواقع اما خصوص العالم واما الأعم من العالم والجاهل واما خصوص الجاهل واما الموضوع مهمل.

اما خصوص العالم فلا يمكن كما هو ظاهر كما ان الأعم منهما ايضا لا يمكن فان جعل الامارة على الواقع للعالم به لا معنى له وأما الاهمال فغير معقول في الواقع فلا بد من اعتبار الجهل فلا فرق بين الاصل والامارة من هذه الجهة في مقام الثبوت والواقع.

وأما الفرق في مقام الاثبات فلا أثر له مع انه ليس كذلك ، لاحظ قوله عليه‌السلام في دليل قاعدة الفراغ «فانه حين ما يتوضأ

٩٠

أذكر حين ما يشك» فالمأخوذ في لسان الدليل الشك.

الوجه الثاني : ان المجعول في باب الامارات الطريقية ومن الظاهر ان الطريق الى الملزوم طريق الى اللازم ألا ترى ان العلم بالملزوم يستلزم العلم باللازم فالطريق الجعلي يقوم مقام الطريق التكويني.

ويرد عليه اولا : ان المجعول في باب الاستصحاب ايضا الطريقية كما يتضح المدعى إن شاء الله تعالى.

وثانيا : انه لا وجه لقياس الطريق الاعتباري بالعلم فان العلم بالملزم يستلزم العلم باللازم وأما الطريق الجعلي فاعتباره بمقدار سعة الجعل وضيقه فلا يمكن أن يقال ان الامارة على الاطلاق مثل العلم في اثبات اللوازم فلاحظ.

الوجه الثالث : ان لازم الشيء عبارة عما لا يفارقه ولذا يدل اللفظ على الملزوم بالمطابقة وعلى اللازم بدلالة الالتزام وعلى هذا لو جعل الشارع امارة طريقا الى الملزوم يكون طريقا الى لازمه فتكون الامارة مثبتة للوازم المدلول.

وأورد عليه سيدنا الاستاد بأن الدلالة متفرعة على الالتفات ولذا نقول بأنه لو اخبر احد بعدم وجوب واجب من واجبات الشريعة ولا يكون ملتفتا بكون اخباره مستلزما لتكذيب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكون كافرا اذ المفروض ان المخبر غير ملتفت حين الاخبار.

ويرد عليه انه لا اشكال في أن الاخبار عن الملزوم اخبار عن اللازم والاخبار باللازم لا يتوقف على كون المخبر ملتفتا ومتذكرا ولذا يكون الدليل التكويني على الملزوم دليل على اللازم.

وأما عدم كون المخبر كافرا فلعدم الدليل على تحقق الكفر بهذا النحو من التكذيب. والذي يدل على صدق مقالتنا ان الاصحاب

٩١

قالوا لو أخبر عادل بوصول البول الى محل وأخبر عادل آخر بملاقاة المحل مع الدم تتحقق البيّنة بالنسبة الى أصل النجاسة فالاخبار بالملزوم اخبار باللازم.

الوجه الرابع : بناء العقلاء على ترتيب اللوازم في الامارات دون الاصول وهذا وجه الفرق بين المقامين.

ويرد عليه انه لا بناء من العقلاء بناء جعليا بلا منشأ فلا بد من الظفر على الفارق. اذا عرفت ما تقدم نقول : لا دليل على كون الامارة بما هي امارة تكون مثبتة للوازمها على نحو الاطلاق بل لا بد من التفصيل بأن نقول تارة نتكلم في اخبار العادل أو الثقة واخرى في بقية الامارات.

أما قول العادل أو الثقة فيكون مثبتا للوازمه العقلية وذلك لأن الاخبار عن الملزوم اخبار عن لوازمه ولو كان المخبر بنفسه غافلا عن الملازمة ، فاذا كان قول العادل معتبرا وحجة يثبت لوازم مدلول كلامه لأنه باخباره عن الملزوم يخبر عن اللوازم ايضا وبمقتضى دليل الاعتبار يكون اخباره باللازم حجة ايضا وقيام السيرة على ترتيب لوازم اخباره من هذه الجهة.

وأما في بقية الامارات فما دام لم يقم دليل على اثبات اللوازم لا يترتب اللازم ، ولذا نقول لو شك المكلف بعد الفراغ عن الصلاة في أنه هل صلى مع الوضوء أم لا ، تجري قاعدة الفراغ بالنسبة الى الصلاة ويحكم ببقاء الحدث بمقتضى الاستصحاب وهكذا في بقية الموارد.

فالنتيجة انه لا يترتب على الاستصحاب إلّا الآثار الشرعية المترتبة على نفس المستصحب بلا واسطة ، فتحصل انه لا مجال للاستصحاب فيما كان بين المستصحب والاثر الشرعي وسط.

٩٢

وعن الشيخ قدس‌سره التفصيل بين كون الواسطة خفية وغيرها بالجريان في الاول وعدمه في الثاني فلا مانع عن استصحاب عدم الحاجب ويترتب عليه صحة الغسل فان صحة الغسل بنظر العرف من آثار عدم الحاجب وان كان بحسب الدقة من آثار وصول الماء الى البشرة.

ويرد عليه ان العرف محكم في تشخيص المفاهيم وأما المسامحات العرفية فلا اثر لها.

وفي المقام كلام لصاحب الكفاية وهو انه لو كان تلازم عرفي بين التعبد بالمستصحب ولازمه بحيث يرى العرف التعبد بالملزوم تعبدا باللازم أو يرى العرف حكم اللازم حكما وأثرا للملزوم يكون استصحاب الملزوم مثبتا للازمه كالمتضايفين فان التعبد باحد المتضائفين تعبد بالمتضايف الآخر مثلا التعبد بابوة زيد لبكر تعبد ببنوة بكر لزيد.

وأورد عليه سيدنا الاستاد بأن ما أفاده من حيث الكبرى تام ولكن لا مصداق لهذا الكلي اذ تارة يكون التعبد بالعنوان كعنوان الابوة واخرى يكون التعبد بذات المتضائف ، أما على الاول فالاستصحاب يجري في نفس اللازم فان اليقين بابوة زيد لبكر يستلزم اليقين ببنوة بكر له فكما يجرى الاستصحاب في الابوة كذلك يجري في البنوة.

وأما على الثاني فلا يكون تلازم عرفي بين الامرين فاذا كان بقاء زيد مستلزما لكون بكر ولدا له فلا يمكن اثباته باستصحاب بقاء زيد الاعلى القول بالاثبات الذي لا نقول به.

اقول ما افاده سيدنا الاستاد تام ولكن يمكن التعبد بالعنوان من

٩٣

جانب واحد ايضا مثلا لو دل دليل على كون عنوان الابوة متحققة لا يكون دالا على تحقق البنوة. ولكن الظاهر ان سيدنا الاستاد لا يكون ناظرا الى هذه الصورة التي فرضناها والامر سهل.

ثم انه لا بأس بملاحظة جملة من الموارد التي يجري فيه الاستصحاب وان جريانه فيها هل يستلزم القول بالمثبت فيها أم لا؟

منها : استصحاب الفرد الخارجي لترتيب الاحكام المترتبة على الكلي بتقريب : ان الكلي عين الفرد وجودا مثلا اذا كان مائع خمرا ثم شك في بقاء الخمرية لها يجري الاستصحاب لترتيب آثار الخمر واحكامها والحال ان الحرمة عارضة على كلي الخمر. والتحقيق ان الآثار المترتبة على الكلي آثار لافراده فالحكم يترتب على الكلي على نحو القضية الحقيقية فكل خمر موجودة في الخارج تكون حراما.

ومنها : ان استصحاب وجود منشأ الانتزاع هل يترتب عليه حكم الأمر الانتزاعي أم لا؟ بدعوى ان الأمر الانتزاعي لا يكون بحذائه شيء ويكون داخلا في خارج المحمول بخلاف المحمول بالضميمة.

الظاهر انه لا يمكن الاعلى القول بالمثبت. فانه تارة تكون الملكية محرزة مثلا ويشك في بقائها يجري فيها الاستصحاب. واخرى يجري الاستصحاب في المنشأ كما لو شك في بقاء الدار الفلانية ويكون بقائها ملازما لكونها مملوكة لزيد فهل يمكن استصحاب بقاء الدار لترتيب الآثار الشرعية المترتبة على ملكيتها لزيد كلا فانه من أظهر مصاديق المثبت.

ومنها : انه لو شك في يوم انه من رمضان أو اليوم الاول من شهر شوال فلا اشكال في أن استصحاب بقاء رمضان وعدم دخول هلال شوال يقتضي وجوب الامساك ولكن هل يمكن اثبات الاولية لليوم

٩٤

الذي يقطع بكونه من شوال بحيث يترتب عليه آثاره أم لا؟ فان قلنا ان عنوان الاول عنوان مركب من كون يوم من شوال واليوم الذي قبله من رمضان يتحقق بالاستصحاب ، فان ضم الوجدان الى الاصل يقتضي تحقق الموضوع فان كون اليوم من شوال وجداني ، واليوم الواقع قبله من رمضان تعبدي فيتحقق الموضوع المركب من الوجدان والاصل.

واما ان كان عنوان الاول أمر بسيط كما هو كذلك فلا يمكن اثباته الا على القول بالاثبات.

ولسيدنا الاستاد كلام في المقام وهو : انه بعد القطع بكون اليوم من شوال واحتمال كونه من أول الشهر يمكن استصحاب بقاء اليوم الاول وترتيب الآثار عليه من الصلاة والادعية وامثالها.

ويرد عليه ان الذي يجري فيه الاستصحاب وهو الوجود المحمولي لا اثر له والذي يترتب عليه الاثر وهو الوجود النعتي لا يجري فيه الاستصحاب.

وبعبارة اخرى : استصحاب بقاء اليوم الاول لا يثبت كون هذا اليوم اول الشهر الا بالاثبات.

ان قلت : المكلف يقطع بكونه في زمان في اليوم الاول والآن كما كان. قلت : لا اشكال في جريان الاستصحاب بهذا النحو ولكن هذا الاصل لا يثبت كون اليوم أول الشهر الا بالاثبات.

التنبيه الثالث عشر :

انه تارة يشك في تقدم شيء وتأخره بالنسبة الى الزمان واخرى يشك في التأخر والتقدم بالنسبة الى حادث آخر ، فالكلام يقع في موضعين : أما الموضوع الاول فلا اشكال في جريان الاستصحاب كما لو شك في

٩٥

حدوث زيد يوم السبت أو يوم الاحد فانه يجري استصحاب عدمه الى يوم الاحد فلو كان لعدم يوم السبت أثر يترتب على استصحاب عدمه.

وايضا لو علمنا بعدم بقائه الى يوم الاحد ولكن نشك في بقائه الى يوم السبت وعدمه يجري استصحاب بقائه الى يوم السبت ويترتب الاثر المترتب عليه.

وأما الموضوع الثاني وهو الشك في تقدم شيء وتأخره عن الحادث الآخر فنقول : المثال المعروف له انه اذا علمنا بموت الوالد واسلام الولد ولكن لا ندري ان اسلام الولد مقدم كي يرث عن والده أو أن اسلامه متأخر كي لا يرث.

وقبل الخوض في البحث نشير الى نكتة وهي : ان العناوين البسيطة اذا كانت موضوعة للاحكام الشرعية فتارة يجري الاستصحاب في تلك العناوين فلا اشكال اذ بالاستصحاب نحرز تحقق العنوان ونرتب عليه الحكم الشرعي ، واخرى لا يكون العنوان بنفسه مورد الاستصحاب فلا يمكن ترتيب الاثر الشرعي ، اذ اثبات العنوان البسيط باستصحاب منشأ انتزاعه يتوقف على القول بالاثبات.

واما اذا كان الموضوع مركبا من جزءين أو الاجزاء فيمكن احرازها بالاصل ، مثلا اذا قلنا بأنه يعتبر في مرجع التقليد الحياة والعدالة فاذا كان زيد عادلا سابقا وبعد ذلك علمنا باجتهاده ولكن شك في عدالته يمكن احراز عدالته بالاستصحاب وبضم الوجدان الى الاصل يحكم بجواز تقليده.

وايضا اذا قلنا انه لا بد من الاتيان بالصلاة مع الستر والطهارة عن الحدث والخبث فيمكن احراز الستر بالوجدان واحراز الطهارة بالاصل.

٩٦

وفي المقام اشكال وهو انه لو صلى المكلف مع الشك في وجود الشرط كالطهارة مثلا يقع التعارض بين هذا الاستصحاب واستصحاب آخر وهو عدم تحقق الصلاة مع الطهارة فما الحيلة.

واجاب المحقق النائيني عن الاشكال المذكور بأن الشك في تحقق الصلاة مسبب عن الشك في الطهارة والاستصحاب الجاري في السبب حاكم على الاستصحاب الجاري في المسبب.

وأورد عليه سيدنا الاستاد بأن التسبّب في المقام ليس شرعيا بل تسبّب عقلي وتقدم الاصل السببي انما يكون فيما اذا كان التسبب شرعيا فيلزم العلاج بنحو آخر وهو ان المفروض ان الموضوع مركب ومن ناحية اخرى ان بعض أجزاء الموضوع محرز بالوجدان والبعض الآخر محرز بالاصل فلا مجال لاستصحاب عدم تحقق الصلاة.

ان قلت : بعد الاتيان بالصلاة المكلف يشك وجدانا انه هل أتى بالمأمور به أم لا؟ والاصل عدمه.

قلت : لا مجال لهذا التقريب اذ المفروض ان الواجب أمر مركب من عدة امور بعضها محرز بالوجدان وبعضها محرز بالاصل فلا مجال للشك ولو كان المأمور به امرا بسيطا لم يمكن اثباته بالاستصحاب الاعلى القول بالمثبت.

ويرد على ما أفاده انه لا اشكال في أنه بعد الصلاة يشك المكلف فى أنه هل اتى بالصلاة المقيدة بالطهارة أم لا؟ ومقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بها فلا بد من التوسل الى تقريب آخر في الخلاص عن هذه العويصة.

فنقول يمكن دفع الاشكال بتقريبين : احدهما : انه يستفاد من نصوص الاستصحاب ان الامام عليه‌السلام حكم بجريان الاستصحاب

٩٧

في السبب واعتبره فلو كان استصحاب عدم تحقق المسبب معتبرا ومعارضا لاستصحاب السبب لم يكن وجه لجريان الاستصحاب في السبب.

ثانيهما : ان الاستصحاب الجاري في السبب اركانه تامة فيجري ، ولكن الاستصحاب الجاري في المسبب اما بلا وجه واما على وجه دائر وكلاهما فاسد فلا يجري الاستصحاب في المسبب ، فان جريان الاصل في المسبب يتوقف على عدم جريانه في السبب اذ مع الجريان في السبب لا تصل النوبة الى المسبب وعدم جريانه في السبب يتوقف على جريانه في المسبب وهذا دور وباطل.

وأما عدم كون التسبب في المقام شرعيا فلا نفهمه وأي فرق بين المقام وغسل الثوب النجس بالماء الطاهر بالاستصحاب ، فان سيدنا الاستاد يسلم حكومة استصحاب الطهارة الجاري في الماء المغسول به الثوب على الاستصحاب الجاري في الثوب فانه يترتب على جريان استصحاب الطهارة في الماء طهارة الثوب والتسبب شرعي أي يكون ترتب الاثر المسبب من آثار السبب شرعا.

وفي المقام ايضا كذلك فان الشك في صحة الصلاة ناش عن الشك في طهارة الثوب أي شمول دليل وجوب الصلاة مع الساتر الطاهر لمورد الشك مترتب على احراز طهارة الثوب وطهارة الثوب تحرز بالاستصحاب فما أفاده الميرزا صحيح وما أفاده سيدنا الاستاد قدس‌سره غير تام فلاحظ.

اذا عرفت ما تقدم نقول يقع الكلام في الحادثين تارة في مجهولي التاريخ واخرى في الحادثين اللذين يكون تاريخ احدهما معلوما وتاريخ الآخر مجهولا واما معلوما التاريخ فلا مجال للبحث فيهما

٩٨

اذ مع العلم بتاريخ كليهما لا موضوع للاستصحاب لعدم الشك كما هو ظاهر.

وأما الكلام في غير معلومي التاريخ فتارة يقع في مجهوليهما واخرى فيما يكون التاريخ في احدهما معلوما وفي الآخر مجهولا وكل واحد من هذين القسمين تارة يكون الاثر مترتبا على الوجود واخرى يكون مترتبا على العدم وعلى كلا التقديرين تارة يكون الموضوع الوجود المحمولي أو العدم كذلك واخرى يكون الموضوع الوجود النعتي أو العدم كذلك.

والكلام يقع اولا في مجهولي التاريخ ، فنقول : الصورة الاولى : ما يكون الاثر مترتبا على وجود احدهما على نحو مفاد كان تامة كما لو استفيد من الدليل ان الارث مترتب على تقدم موت المورث على موت الوارث وفي هذه الصورة يجري الاستصحاب ويحكم بعدم تقدمه وينفي اثر التقدم.

واذا كان لتقدم الحادث الآخر ايضا اثر يحكم بعدم تقدمه ايضا وينفي اثره ولا تلزم المخالفة العملية اذ يمكن تقارن الحادثين فلا معارضة بين الاصلين.

وان كان لتأخر احدهما عن الآخر اثر كما يكون لتقدمه فائضا لا معارضة اذ يمكن التقارن نعم لو علم بعدم التقارن ومن ناحية اخرى كان لتقدم كل واحد منهما على الآخر اثر يقع التعارض بين الاستصحابين.

الصورة الثانية : ما يترتب الاثر على تقدم احدهما على الآخر بنحو مفاد كان ناقصة وبعبارة اخرى : يكون الاثر مترتبا على الوجود النعتي كما لو كان الارث مترتبا على كون موت المورث متصفا بالتقدم على موت الوارث فربما يقال بعدم جريان الاستصحاب

٩٩

اذ لا نعلم بالاتصاف لا وجودا ولا عدما.

ولكن الصحيح جريان الاستصحاب اذ قبل وجود الموضوع لم يكن متصفا بالوصف والآن كما كان ولذا لو شك في كون مرأة قرشية أم لا؟ نقول هذه المرأة قبل وجودها لم تكن منسوبة الى القريش والآن كما كانت.

وفي المثال المذكور في المقام نقول : قبل تحقق موت المورث لم يكن الموت متصفا بهذا الوصف والآن كما كان.

الصورة الثالثة : أن يكون الاثر مترتبا على عدم احدهما في زمان الآخر وكان العدم المتصف المنعوت مأخوذا في الموضوع.

فربما يقال بعدم جريان الاستصحاب لعدم العلم بالحالة السابقة ولكن الحق جريان الاستصحاب اذ نعلم بعدم تحقق الاتصاف المذكور قبل تحقق الموت ، لعدم الموضوع ومقتضى الاستصحاب بقاء الحالة السابقة على ما كانت.

الصورة الرابعة : ما كان الموضوع عدم أحدهما بمفاد ليس تامة في زمان الآخر ومقتضى القاعدة جريان الاستصحاب ، مثلا لو كان الموضوع المأخوذ في الدليل عدم اسلام الولد في زمان موت الوالد يمكن اجراء الاستصحاب بأن نقول لا اشكال في تحقق موت الوالد ومن ناحية اخرى نشك في اسلام ولده عند موته والاصل عدم اسلامه وبقائه على ما كان قبل ذلك من الكفر ويترتب الاثر.

ولكن صاحب الكفاية أنكر جريان الاستصحاب لعدم تمامية اركانه بتقريب : انه قد ثبت في محله عدم جواز التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية ، فلو قال المولى أكرم العلماء وفي دليل آخر قال لا تكرم الفساق من العلماء فاذا شك في أن زيدا العالم فاسق أم لا؟ لا مجال للاخذ بعموم العام مع احتمال كونه فاسقا وعلى

١٠٠