آراؤنا في أصول الفقه - ج ٢

السيّد تقي الطباطبائي القمّي

آراؤنا في أصول الفقه - ج ٢

المؤلف:

السيّد تقي الطباطبائي القمّي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: انتشارات المحلّاتي ( المفيد )
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١

الحجة البالغة (١) فان المستفاد من الحديث انه لا مجال لترك التكاليف الالهية بمجرد الجهل بها بل اللازم على العبد الفحص عن الحكم الشرعي.

وعلى الجملة : على فرض تحقق الاطلاق في دليل البراءة لا بد من تقييده بهذا الخبر وصفوة القول : ان العرف لا يرى تعارضا وتنافيا بين هذا الخبر وادلة البراءة والاحتياط والتوقف والاستصحاب بل المستفاد من مجموع الادلة وجوب التوقف والاحتياط قبل الفحص واجراء الاصل استصحابا او براءة بعده.

فالمتحصل من جميع ما ذكرنا انه لا مجال لجريان الاصول العملية قبل الفحص أما عدم جريان قاعدة القبح بلا بيان فلعدم احراز موضوعها قبل الفحص وأما عدم جريان اصالة البراءة فلما تقدم من الآية الشريفة مع تفسيرها بكلام اهل بيت الوحي والطهارة وقس على البراءة في عدم الجريان الاستصحاب والتخيير العقلي وغيرها من الاصول عقلية كانت أو شرعية.

ثم يقع الكلام في امور الامر الاول انه اي مقدار يجب الفحص عن الحكم الشرعي فهل يلزم العلم بالعدم ام يكفي الظن ام لا هذا ولا ذاك بل يلزم حصول الاطمينان افاد سيدنا الاستاد قدس‌سره ان اللازم الاطمينان فانه حجة عقلائية وأما الظن فلا يغني عن الحق شيئا وأما العلم فهو غير واجب لعدم الدليل عليه اولا ولزوم الحرج ثانيا.

ويرد عليه انه يكفي دليلا الامر بالتعلم وأما الحرج فلا يلزم لان أبواب الفقه مبوبة ويمكن للمجتهد في كل مسئلة مراجعة الابواب المناسبة والرجوع الى روايات المسألة فان المحدثين قدس الله أسرارهم جعلوا لكل طائفة من الاخبار بابا مستقلا وفصلا مختصا شكر الله سعيهم.

__________________

(١) تفسير البرهان ج ص ٥٦٠ حديث ٢.

٣٠١

إلّا أن يقال مع حصول الاطمينان يتم الحجة على العدم ومع الحجة الشرعية على العدم لا يبقى مجال لاحتمال الوجوب وفي المقام شبهة وهي انه يمكن اضمحلال طائفة من الاخبار بخيانة أعوان الابالسة وبواسطة جملة من الحوادث ومع هذا الاحتمال كيف يمكن الركون الى ما عندنا من الاخبار فربما عام خصص ولم نظفر بمخصصه وربما مطلق لم يصلنا مقيده فما الحيلة وما الوسيلة ويمكن ذب هذه الشبهة بأن الشارع الاقدس لم يكلفنا بأزيد من هذا المقدار ولو فرض احتمال وجوبه نرفضه بالاصل شرعيا وعقليا فلاحظ.

الامر الثاني : انه وقع الكلام عندهم في أن وجوب التعلم هل هو نفسي يعاقب على تركه ولو لم يخالف الواقع أو ان وجوبه طريقي يعاقب على الواقع وقبل بيان المراد نبّه سيدنا الاستاد قدس‌سره على جهات.

الجهة الاولى ان البحث في تعلم الاحكام الفرعية واما الاصول الاعتقادية فلا اشكال في ان المطلوب نفس المعرفة على نحو الوجوب العيني والظاهر ان ما افاده تام اذ المفروض ان العلم مطلوب في باب الاعتقادات لكن لا يخفى ان العلم انما يكون مطلوبا فيما يكون الواقع محفوظا وبعبارة اخرى : العلم انما يكون مطلوبا فيما يكون متعلق العلم موجودا في متن الواقع وان شئت قلت : في الامور الاعتقادية اذا كان واقع يكون الاعتقاد به محبوبا للمولى فلا مجال للبحث في أن كونه مطلوبا موضوعي أو طريقي.

الجهة الثانية : ان وجوب التعلم يختص بالواجبات والمحرمات وأما بقية الاحكام فلا اشكال في عدم وجوب تعلمها وهذه الجهة ايضا كما افاده والوجه فيه ظاهر.

٣٠٢

الجهة الثالثة : ان محل الكلام وجوب الفحص عن الحكم الخاص للمكلف بلا فرق بين أن يكون تعلمه بالاجتهاد أو التقليد وأما الاجتهاد وتعلم جميع المسائل في جميع الابواب فلا اشكال في وجوبه كفائيا وبعبارة اخرى : الاجتهاد واجب كفائي ولا يرتبط بهذا البحث فلا وجه للاستدلال على وجوب التعلم في المقام بآية النفر كما ارتكبه شيخنا الانصاري قدس‌سره.

ويمكن أن يرد عليه بأنه ما الدليل على كون الاجتهاد على نحو الاطلاق والعموم واجبا كفائيا أما على القول بجواز تقليد الميت ابتداء فالامر ظاهر واضح وأما على القول بعدم الجواز فيمكن العمل بالاحتياط في كثير من الموارد بلا لزوم الحرج نعم لو قلنا بأن الحكومة في ابواب القضاء تختص بمن يكون مجتهدا ولا يجوز لغيره تصدي مقام القضاء أمكن أن يقال يجب الاجتهاد في خصوص باب القضاء

اذا عرفت ما تقدم من الجهات نقول : ما يمكن أن يذكر في مقام الاستدلال على الوجوب النفسي انه قد ثبت في الاصول عند القوم ان الامر ظاهر في الوجوب النفسي وايضا قد ثبت عندهم ان الظواهر حجة هذا غاية ما يمكن أن يستدل به على القول بكون وجوب التعلم نفسيا.

لكن يرد عليه ان العرف يفهم من وجوب التعلم ان التعلم مقدمة للوصول الى مطلوب المولى وهذا العرف ببابك لاحظ ما رواه مسعدة بن زياد (١) فان الظاهر من هذه الرواية من كلام الامام عليه‌السلام ان المطلوب درك الواقع ولا خصوصية في نفس التعلم. ويمكن الاستدلال على المدعى بوجه آخر ايضا وهو انه لو لم يفحص فتارة

__________________

(١) لاحظ ص : ٣٠٠.

٣٠٣

يصادف الواقع واخرى لا يصادف أي تارة يكون الحكم في الواقع محفوظا واخرى لا يكون حكم في الواقع فان كان الحكم موجودا في الواقع فاما يعاقب العبد على الواقع واما يعاقب على ترك التعلم واما يعاقب بعقابين أما على الاول فهو المطلوب وأما على الثاني فهو في غاية البعد فان وجوب التعلم للتحفظ على الواقع فكيف لا يكون العقاب على الواقع ويكون على ترك الطريق وأما على الثالث فيكون أبعد ولم يقل به احد وأما ان لم يصادف الواقع فيدخل المقام في باب التجري وقد تقدم في بحث القطع ان التجري يوجب استحقاق العقاب.

ثم ان في المقام اشكالا وهو انه لو فرض واجب موقت ولا يقدر المكلف ان يتعلم الواجب بعد الوقت يلزم أن لا يكون التعلم واجبا لا قبل الوقت ولا بعده أما قبل الوقت فلعدم تحقق وجوب الواجب ومن ناحية اخرى لا يكون وجوب التعلم نفسيا فما الحيلة وينبغي في دفع الاشكال من التفصيل وبيان الاقسام المتصورة فنقول تتصور في المقام صور :

الصورة الاولى : أن يكون الواجب موقتا ويمكن للمكلف أن يتعلمه في الوقت كما انه يمكنه أن يتعلمه قبل الوقت فيجوز له التعلم قبل الوقت وبعد الوقت كما انه يجوز له العمل بالاحتياط بعد الوقت ولو استلزم التكرار اذ قد قلنا سابقا انه لا دليل على اعتبار قصد الوجه والتميز.

الصورة الثانية : أن يمكن التعلم للمكلف قبل الوقت ولا يمكنه بعد الوقت لكن يمكنه الاحتياط ولو بتكرار العبادة وفي هذه الصورة له الخيار بين التعلم قبل وقت العمل والاحتياط بعد وقت العمل.

الصورة الثالثة : أن يتمكن المكلف قبل الوقت من التعلم

٣٠٤

ولكن لا يتمكن من التعلم بعد الوقت وايضا لا يمكنه الاحتياط بل يمكنه الاتيان ببعض أطراف الاحتمال كما لو دار الامر بين التصدق والعتق مثلا او لو دار الامر بين المحذورين ففي هذه الصورة يجب عليه التعلم قبل الوقت باطلاق خبر مسعدة بن زياد.

الصورة الرابعة : أن يكون قادرا على التعلم قبل الوقت وأما بعد الوقت فلا يكون قادرا كما لو كان ترك التعلم يوجب غفلته عن الحكم الشرعي وفي هذه الصورة تارة يكون القدرة في الوقت دخيلة فى الملاك واخرى يكون دخيلة في الخطاب أما على الاول فلا يجب التعلم اذ لا يلزم على العبد تحقيق الموضوع وأما على الثاني فيجب التعلم قبل الوقت لا لحكم العقل بوجوب حفظ الملاك فانه لا مقتضي له فان العقل محكم في باب الاطاعة والعصيان وأما حفظ الملاك والمصالح فلا يكون للعقل حكم بالنسبة اليه بل لاطلاق حديث مسعدة بن زياد فان اطلاقه يقتضي وجوب التعلم ومما ذكر يظهر حكم صورة الشك في أن القدرة شرط للخطاب أو دخيلة في الملاك فان اطلاق الحديث يقتضي وجوب التعلم فلاحظ.

ثم ان المكلف تارة يعلم بابتلائه بالحكم الشرعي في المستقبل واخرى يعلم بعدم ابتلائه وثالثة يشك أما في الصورة الاولى فيجب التعلم بلا اشكال لتمامية الدليل على وجوبه كما تقدم وأما في الصورة الثانية فلا يجب بلا اشكال لعدم وجوب التعلم نفسيا بل وجوبه طريقي والمفروض عدم ترتب اثر عليه وأما في الصورة الثالثة فهل يمكن احراز عدم الابتلاء بالاستصحاب الاستقبالي أم لا ربما يقال كما عن الميرزا انه لا مجال للاستصحاب فان الابتلاء الواقعي وعدمه لا يكونان موضوعا للحكم بل الحكم مترتب على نفس الاحتمال والمفروض ان الاحتمال موجود فيترتب عليه حكمه من وجوب التعلم.

٣٠٥

وبعبارة واضحة : يشترط في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب اثرا شرعيا أو يكون موضوعا للاثر الشرعي والمقام ليس كذلك اذ عدم الابتلاء ليس اثرا شرعيا ولا يكون موضوعا للاثر الشرعي فلا يجري الاستصحاب.

ويرد عليه انه يكفي في جريان الاستصحاب ترتب الاثر ولو على نفسه أي نفس الاستصحاب وفي المقام كذلك اذ حقق في محله قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي المأخوذ في الموضوع فيكون الاستصحاب جاريا فان الاستصحاب يحرز عدم الابتلاء.

وفي المقام كلام لسيدنا الاستاد قدس‌سره وهو انه لو جرى الاستصحاب ويحكم بعدم وجوب التعلم يلزم تخصيص دليل وجوب التعلم تخصيصا مستهجنا. وفيه ان دليل الاستصحاب حاكم على دليل وجوب التعلم ويتصرف في موضوعه فكيف يلزم التخصيص فمن هذه الجهة ايضا لا يلزم اشكال فلاحظ.

الامر الثالث : انه لو ترك المكلف الفحص فارتكب مورد الشبهة وصادف الحرام الواقعي فتارة يكون الامر بحيث لو فحص يصل الى الواقع واخرى لا يصل أما على تقدير الوصول الى الواقع فلا اشكال في استحقاقه العقاب على الواقع اذ المفروض تنجز الواقع بوجوب التعلم وجوبا طريقيا ومن ناحية اخرى المفروض امكان الوصول اليه.

وأما على التقدير الثاني فوقع الكلام بين القوم في أنه هل يصح العقاب على الواقع أم لا قال سيدنا الاستاد قدس‌سره مقتضى التحقيق أن يقال : ان كان العلم الاجمالي او الاوامر الواردة الدالة على الاحتياط والتوقف مقتضيا للفحص فالحق ان العقاب على الواقع وأما ان كان المدرك آية السؤال وحديث مسعدة بن زياد الدال على

٣٠٦

وجوب التعلم فلا يكون العقاب على الواقع توضيح المدعى انه ان قلنا ان العلم الاجمالي ينجز الواقع فيلزم الفحص أو الاحتياط او قلنا ان الاوامر الدالة على التوقف والاحتياط مولوية دالة على الوجوب الطريقي يكون العقاب على الواقع لان المفروض تنجز الواقع وأما ان قلنا بأن مستند وجوب التعلم آية السؤال وحديث مسعدة ابن زياد فلا يكون العقاب على الواقع اذ المفروض ان المكلف لا يمكنه التعلم ولا يمكنه السؤال فلم يخالف امر المولى واما العقاب على التجري فهو تابع للالتزام بأن التجري هل يقتضي العقاب ام لا وقد مرّ الكلام حول هذه الجهة في بحث التجرى هذا محصل ما افاده في المقام على ما في التقرير.

ويرد عليه انه على هذا الاساس لا يجب التعلم عند الشك في الوصول الى الواقع وهل يمكن الالتزام به وبعبارة واضحة : اذا كان وجوب التعلم مختصا بصورة الوصول الى الواقع فمتى يجب التعلم فان المكلف اما يعلم بأنه لو تعلم يصل الى الحكم الواقعي واما يقطع بأنه لا يصل واما يشك أما في الصورة الاولى فيجب التعلم بحكم العقل فان المفروض ان الواقع محرز فتجب مقدمته بحكم العقل بوجوب المقدمة إلّا أن يقال ان هذا البيان يختص بمورد يكون الوقت واسعا للتعلم وأما لو لم يكن واسعا فلا يجب التعلم بحكم العقل اذا المفروض انه قبل الوقت لا يكون التكليف متوجها وأما بعد الوقت فلا يمكن التعلم لكن سيدنا الاستاد يرى وجوب التحفظ على الملاك الملزم هذه هي الصورة الاولى.

وأما في الصورة الثانية فلا يجب التعلم لعدم ترتب اثر عليه فان المفروض ان المكلف قاطع بعدم وصوله الى الواقع وأما في الصورة الثالثة فلا يجب ايضا لان الوجوب يختص بصورة الوصول ومع الشك

٣٠٧

في الوصول وعدمه لا مجال للاخذ باطلاق الدليل فان التمسك بالدليل لا يجوز في الشبهة المصداقية فالحق أن يقال ان مقتضى وجوب التعلم وجوبه على الاطلاق. وبعبارة اخرى : وجوب التعلم ولو كان طريقيا لكن ينجز الواقع ويلزم المكلف بالتعلم نعم لو علم المكلف بعدم وصوله لا يكون تعلمه مؤثرا بل يكون لغوا صرفا فلا يجب فلاحظ.

الامر الرابع : انه قد تقدم انه لا يجب الفحص في الشبهات الموضوعية والاصل يجري فيها بلا فحص لكن قد وقع مورد الاشكال جملة من الفروع منها : الشك في بلوغ المسافر حد الترخص فان جماعة على ما نسب اليهم قائلون بوجوب الفحص ولم يجوزوا الرجوع الى استصحاب عدم البلوغ.

ومنها ما اذا شك المكلف في الاستطاعة وعدمها وقالوا بوجوب الفحص عنها ولم يجوزوا اجراء الاصل.

ومنها الشك في زيادة الربح كى يجب الخمس واستدل على الوجوب بأن جعل حكم في مورد توقف العلم بموضوعه على الفحص يستلزم عدم جواز جريان الاصل وإلّا يلزم اللغو في تشريع الشارع الاقدس. ويرد عليه اولا ان زمام الاحكام وجعلها بيد الشارع الاقدس وجعله على طبق المصالح التي يعلمها ويمكن أن يكون جعل الحكم في مورد كوجوب القصر مثلا يكون ذا مصلحة ومن ناحية اخرى يمكن أن تجويز رجوع المكلف عند الشك الى الاصل ذا صلاح ومصلحة ولا يلزم اللغو اذ يمكن للمكلف أن يحتاط. وثانيا ان توقف العلم بالموضوع على الفحص اتفاقي لا دائمي فالتقريب من اساسه فاسد.

وقال سيدنا الاستاد قدس‌سره في هذا المقام : انه يجب الفحص في مورد الشك في تعلق الخمس وفيه نكتة وهي ان المشهور قائلون بتعلق الخمس بالربح من اول حصول الربح وسقوط الوجوب يتوقف

٣٠٨

على الصرف فالوجوب معلوم وسقوطه مشكوك فيه فيجب الفحص.

ويرد عليه ان الربح على الاطلاق لا يتعلق به الخمس بل الخمس يتعلق بما زاد عن المئونة ومع الشك في الصرف يشك في تعلق الوجوب والاصل عدمه نعم يمكن أن يقال ان الشك في الوجوب ناش من الشك في الصرف ومسبب منه ومع الشك في السبب لا تصل النوبة الى الشك في المسبب ومقتضى الاستصحاب عدم الصرف فيجب فأصل الوجوب معلوم لكن بهذا التقريب وسقوطه غير معلوم فلا بد من الفحص. وصفوة القول : انه لا مقتضي للفحص في الشبهات الموضوعية.

وفي المقام كلام للميرزا النائيني وهو ان الفحص اذا لم يتوقف على مقدمات وبعبارة اخرى : لو كان حصول العلم بالموضوع متوقفا على مجرد النظر كما لو كان على السطح ويتوقف العلم بالهلال على فتح العين لا تجري البراءة اذ لا يلزم الفحص فلا موضوع للاصل.

ويرد عليه اولا ان الفحص له مراتب وان شئت قلت : ربما يتحقق بمقدمات واخرى لا يتوقف الا على مقدمة واحدة ومقتضى اطلاق دليل الاصل عدم الفرق وثالثا جريان الاصل وعدمه متوقفان على الشك وعدمه والفحص لم يؤخذ في موضوع الاصل كى يتم هذا البيان ومن الظاهر ان الشك يتحقق فلا تغفل.

الامر الخامس : ان عمل الجاهل المقصر محكوم بالبطلان قبل الفحص أي العقل يحكم بعدم ترتب اثر على عمله واما اذا تبين الحال ففيه تتصور صور : الصورة الاولى : أن يكون العمل خلاف الحجة على الاطلاق مثلا كانت وظيفة الفلاني زمان صدور الفعل منه تقليد زيد وفي زمان الانكشاف كانت وظيفته تقليد بكر وما صدر منه من العمل يكون مخالفا لكلا القولين وفي هذه الصورة لا اشكال في بطلان

٣٠٩

العمل والوجه فيه ظاهر.

الصورة الثانية : عكس الصورة الاولى بأن يكون العمل مطابقا لقول كلا المجتهدين ولا اشكال في صحة العمل في هذه الصورة كما هو ظاهر.

الصورة الثالثة : ما اذا كان العمل مطابقا لفتوى من كان الوظيفة الرجوع اليه ومخالفا للمجتهد الذي يكون الوظيفة الرجوع اليه وفي هذه الصورة يكون البطلان مقتضى القاعدة فان مقتضى الحجة العقلية البطلان كما هو المفروض ولا دليل على الاجزاء نعم بالنسبة الى خصوص الصلاة يمكن أن يقال بالصحة لقاعدة لا تعاد اذا لم يكن الجهل حين العمل تقصيريا فلو ترك المكلف عملا في وقته جهلا تقصيريا وبعد مضي الوقت علم بالوجوب وقضاه على طبق التقليد أو الاجتهاد يعاقب على تركه اداء الواجب لتقصيره وأما بالنسبة الى قضائه فلا موجب للعقاب اذ قد فرض انه عمل على طبق الوظيفة.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان في المقام شبهة وهي انه لو صلى المكلف جهرا في مورد الخفت أو أخفت في مورد الجهر وكذا لو أتم في مورد القصر وايضا لو صام في السفر كل ذلك عن جهل تقصيري يصح عمله ولكن يعاقب على ترك المأمور به فوقع الاشكال في أنه كيف الجمع بين هذين الامرين فلو صح العمل فكيف يصح العقاب وان لم يصح فكيف يكتفى بالمأتي به ولم يؤمر بالاعادة أو القضاء.

واجيب عن الاشكال المذكور باجوبة الجواب الاول ما عن الشيخ الكبير كاشف الغطاء من الالتزام بالترتب بأن نقول يجب على المكلف القصر مثلا ولكن ان عصى واتم واتى بالمأمور به يحصل الامتثال وكذلك في الموردين الآخرين.

واورد عليه الميرزا النائيني بايرادات الايراد الاول : ان

٣١٠

الترتب انما يتصور فيما يمكن أن يكون عصيان الامر الاول موضوعا للامر الثاني وفي المقام لا يمكن اذ بمجرد توجه المكلف الى عصيانه في ترك المأمور به بالامر الاول ينقلب الموضوع اذ كيف يمكن أن يتوجه الى عصيانه ويبقى جاهلا بالنسبة الى تكليفه.

واورد سيدنا الاستاد قدس‌سره على هذا الايراد بأنه لا يلزم في الخطاب الترتبي أخذ عنوان العصيان في الموضوع بل يكفى مطلق الترك ومن الظاهر ان التوجه الى الترك لا يوجب انقلاب الموضوع.

الايراد الثاني : أن الصلاة واجبة بين المبدأ والمنتهى وتركها يتحقق بعدم الاتيان بها بين الحدين فكيف يتحقق الموضوع مع فرض بقاء الوقت.

واورد عليه سيدنا الاستاد بأنه يكفي في الخطاب الترتبي مطلق الترك بأن نقول يمكن أن يكون الخطاب بالاهم مطلقا وأما الخطاب بالمهم فيكون مشروطا. ويرد عليه انه ما المراد من الاطلاق فان الاطلاق المتصور في كلامه ان وجوب القصر مثلا مطلق اي غير مشروط بعدم الاتيان بالتمام وعلى هذا لا بد من الالتزام بوجوب الاتيان به ولو مع تحقق التمام وهذا خلاف المستفاد من الادلة وبناء الاصحاب.

الايراد الثالث : أن الترتب بين المتزاحمين والالتزام به لا يتوقف على دليل يدل عليه بل يكفي للالتزام به نفس الادلة وفي المقام يتوقف على قيام الدليل عليه ولا دليل.

واورد عليه سيدنا الاستاد بأن صحة العمل الماتي به معلومة بلا كلام انما الكلام في وجهها فلا موقع للاشكال. واورد سيدنا الاستاد

٣١١

على كاشف الغطاء بايرادين آخرين احدهما : ان لازم كلامه تعدد العقاب عند ترك الصلاة رأسا وهو خلاف المتسالم عليه عندهم. ثانيهما : ان المستفاد من الادلة ان الواجب على كل مكلف خمس صلوات لا أزيد ولازم كلام يناقض مدلول النص فلاحظ.

الجواب الثاني : ما أفاده سيدنا الاستاد وهو ان الاشكال ناش عن استحقاق المكلف العقاب ولا دليل عليه والشهرة لا تكون حجة حتى في الاحكام الفرعية فكيف بهذه المسألة التي يكون الحاكم فيها هو العقل وأما الاجماع فغير محقق فنلتزم بصحة العمل وبعدم استحقاق العقاب فنقول لو صلى المكلف الجاهل بوجوب القصر جهلا تقصيريا فاما تكون صلاته صحيحة واما تكون باطلة أما على الاول فلازمه ان وظيفته في حال الجهل التخيير بين القصر والاتمام اذ فرض ان اتيانه بالصلاة قصرا يوجب الامتثال ومن ناحية اخرى قد دل الدليل على أنه لو صلى تماما تصح صلاته ولا اعادة عليه وأما على الثاني فيعلم ان وظيفته التمام على نحو التعيين فعلى كلا التقديرين لا موجب للعقاب فالنتيجة ان وجوب القصر يختص بالعالم بالوجوب وأما الجاهل بوجوبه اما يجب عليه التمام واما يكون مخيرا وقس عليه مسئلة الجهر والاخفات.

ويرد عليه ان اختصاص وجوب القصر أو الاخفات أو الجهر تعيينا بالعالم بالحكم واختصاص الحكم بالعالم به يستلزم الدور المحال مضافا الى أنه ينافي مع الاجماع المدعى على بطلان التصويب وان الاحكام الواقعية مشتركة بين العالم والجاهل اضف الى ذلك انه لو بقي على جهله الى آخر الوقت ولم يصل وبعد انقضاء الوقت علم ان الوظيفة القصر يكون لازم كلامه أن يكون المكلف مخيرا بين القصر

٣١٢

والاتمام بالنسبة الى القضاء اذ القضاء تابع للاداء وهل يرتضي هو بهذا اللازم.

الجواب الثالث : انه يمكن ان المصلحة التامة الملزمة قائمة بالقصر أو الجهر ومقدار من المصلحة قائم بالتمام ومع تحقق ذلك المقدار القائم بالتمام في الخارج لا يمكن تدارك الباقي فيجب على المكلف أن يأتي من أول الامر بالقصر كى يحصل الملاك الملزم لكن لو أتى بالتمام يسقط الامر لعدم امكان تدارك الباقي فالصحة من باب عدم امكان التدارك والعقاب من باب تفويت الملاك الملزم وقلنا كرارا بأن الانسان اذا كان عطشانا ومن ناحية اخرى كان مبتلى بوجع الرأس يلزم أن يشرب ماء الرمان لرفع العطش ورفع الوجع ويلزم أن لا يشرب الماء اذ مع شربه الماء يمتلي بطنه ولا يمكنه بعده شرب ماء الرمان فاذا شرب الماء يفوت الملاك الملزم.

وأورد على هذا التقريب سيدنا الاستاد بايرادين احدهما : ان التضاد بين الملاكين أمر بعيد يلحق بانياب الاغوال ثانيهما : انه على هذا الاساس نسأل ونقول هل هذان الملاكان مرتبطان أو مستقلان أما على الاول فكيف يمكن التفكيك وأما على الثاني فيلزم تعدد الواجب.

وشيء من الايرادين لا يكون تاما أما الايراد الاول فنقول الملاكات الكامنة في الامور الموجبة للاحكام الشرعية امور لا تنالها عقولنا وأفهامنا ولا مجال لان نحكم فيها فمجرد الاحتمال المذكور كاف لدفع العويصة ولا طريق الى القطع بعدم التضاد بل لعل التضاد موجود وأما الايراد الثاني فنقول : المقدار القائم بالتمام ليس مقدارا مقتضيا للوجوب ولكن مع تحققه لا مجال لتحقق المقدار الآخر وان شئت : قلت يمكن بحسب الواقع ان مقدارا من الملاك يكون قائما

٣١٣

بالتمام في حال الجهل بالحكم الواقعي فالنتيجة ان الصحة لاجل عدم امكان التدارك والعقاب على تقويت الملاك الملزم.

الامر السادس : انه نقل عن الفاضل التوني شرطان آخر ان لجريان البراءة الشرط الاول : ان جريانها لا يكون موجبا لضرر على مسلم أو من يكون في حكمه كما لو فتح باب قفس طائر فطار أو حبس شاة فمات فان اجراء البراءة عن الضمان يوجب الضرر بالنسبة الى مالك الحيوان.

وقال سيدنا الاستاد قدس‌سره : لعله أراد من كلامه ان حديث الرفع متضمن للحكم الامتناني على الامة ولذا قال صلى‌الله‌عليه‌وآله «رفع عن امتي» وجريان البراءة عن الضمان خلاف الامتنان بالنسبة الى مالك الحيوان.

ويرد عليه انا ذكرنا مرارا ان الامتنان لا بد أن يكون بالنسبة الى من يجري الحكم في حقه وفي المقام حديث الرفع متعرض لرفع الضمان عن المتلف وهو الذي فتح باب القفس أو حبس الشاة ولا اشكال في أن رفع الضمان امتناني بالنسبة اليه.

ويرد على الفاضل التوني ان البراءة انما تجري في مورد الشك في الحكم الشرعي وأما مع الدليل الشرعي على ثبوت الحكم فلا مجال لاصل البراءة وان شئت قلت : مع وجود الامارة لا موضوع للاصل العملي والمقام كذلك فان الدليل قائم على أن من أتلف مال الغير فهو له ضامن فلا شك في الضمان كى يؤخذ بدليل البراءة.

الشرط الثاني الذي التزم به الفاضل التوني أن لا يكون جريان البراءة مستلزما لحكم الزامي من ناحية اخرى كما لو علم بنجاسة احد الإناءين فان جريان البراءة في احدهما يستلزم الاجتناب عن الآخر فلا تجري اصالة البراءة ولا بد من التفصيل في المقام كى يظهر

٣١٤

ما هو الصحيح فنقول : ترتب الالزام من جهة على جريان البراءة يتصور باقسام :

القسم الاول : أن لا يكون ارتباط بين الالزام باحد الطرفين مع الاباحة في الآخر لا شرعا ولا عقلا كما لو علم بنجاسة احد الإناءين فانه يمكن أن يكون كلاهما نجسا ويمكن أن يكون احدهما نجسا دون الآخر وعلى مسلك المشهور لا تجرى اصالة البراءة في شيء من الإناءين للمعارضة ولكن نحن بنينا على جواز جريانها في احد الطرفين مع الاجتناب عن الطرف الآخر وقلنا ان مقتضى اطلاق دليل البراءة من ناحية والعلم بوجوب الاجتناب عن النجس المعلوم جواز جريان الاصل في احد الطرفين تخييرا فالنتيجة ان جريان البراءة في طرف يقتضي الالزام بالنسبة الى الطرف الآخر وهذا موافق للقاعدة.

القسم الثاني : ترتب وجوب الواجب المهم في ظرف عدم وجوب الاهم فانه لو انكرنا صحة الترتب وقلنا لا يمكن الجمع بين الوجوبين يلزم أن يقيد وجوب المهم بعدم وجوب الاهم فلو جرى الاصل ونفي وجوب الاهم يتحقق وجوب المهم لا من جهة جريان الاصل بل من باب اطلاق وجوب المهم وانما المانع وجوب الاهم واصل البراءة يقتضي رفع المانع وهذا ظاهر.

القسم الثالث : أن يكون الالزام مترتبا على الاباحة شرعا وهذا ينقسم الى صور الصورة الاولى : أن تكون الالزام الواقعي مترتبا على الاباحة الواقعية وفي هذه الصورة لا يترتب الالزام على اصالة البراءة اذ المفروض ان الالزام يترتب على الاباحة الواقعية نعم لو جرى الاستصحاب يترتب عليه الالزام اذ المفروض ان الاستصحاب أصل شرعي ناظر الى الواقع.

الصورة الثانية : أن يكون الالزام حكما واقعيا مترتبا على

٣١٥

الاباحة الواقعية والظاهرية وفي هذه الصورة تجري اصالة الاباحة ويترتب عليها الالزام.

الصورة الثالثة : أن يكون الالزام الواقعي مترتبا على الاباحة الواقعية والالزام الظاهري مترتبا على الاباحة الظاهرية وفي هذه الصورة يترتب الالزام الظاهري على الاباحة الظاهرية المستفادة من اصالة البراءة وبما ذكر ظهر ان ما أفاده الفاضل التوني من الاشتراط غير تام هذا تمام الكلام في الاشتغال وما يتعلق به.

٣١٦

الكلام فى قاعدة لا ضرر

يقع الكلام في هذه القاعدة في مواضع الموضع الاول في سند هذه القاعدة فانه قد وردت جملة من النصوص في المقام ومن تلك النصوص ما رواه ابو عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان فكان اذا جاء الى نخلته ينظر الى شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل قال : فذهب الرجل الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكاه فقال : يا رسول الله ان سمرة يدخل عليّ بغير اذني فلو أرسلت اليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه فأرسل اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعاه فقال : يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول : يدخل بغير اذني فترى من اهله ما يكره ذلك يا سمرة استأذن اذا أنت دخلت ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يسرّك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال لا ، قال : لك ثلاثة؟ قال لا قال ما أراك يا سمرة الا مضارّا اذهب يا فلان فاقطعها (فاقلعها) واضرب بها وجهه (١) وهذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الى ملاحظة دلالتها.

ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام نحوه إلّا انه قال : فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انك رجل مضارّ ولا ضرر

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب أحياء الموات الحديث ١.

٣١٧

وضرار على مؤمن قال : ثم أمر بها فقلعت ورمي بها اليه فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انطلق فاغرسها حيث شئت (١) وهذه الرواية مرسلة ولا اعتبار بالمرسلات.

ومنها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : لا ضرر ولا ضرار (٢). والحديث ضعيف سندا.

ومنها ما رواه عقبة بن خالد ايضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين اهل المدينة في مشارب النخل انه لا يمنع نفع الشيء وقضى بين اهل البادية انه لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل كلاء فقال لا ضرر ولا ضرار (٣) والحديث ضعيف سندا.

ومنها ما ارسله الصدوق قال : وقال عليه‌السلام : لا ضرر ولا ضرار في الاسلام فالاسلام يزيد المسلم خيرا ولا يزيده شرا (٤) وهذه الرواية لا اعتبار بها من جهة الارسال وربما يقال ان الصدوق أخبر بأنه قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الخ وما الفرق بين هذا الاخبار وبين التوثيقات الرجالية فان كان الفصل الزماني موجبا لسقوط الخبر عن الاعتبار فلا بد من الالتزام بعدم اعتباره في كلا الموردين وان لم يسقطه فكذلك فما الفرق.

اقول : ان الثقة اذا اخبر بخبر وأمكن حمله على الحس يكون مقتضى السيرة العقلائية العمل به ولا يفتشون ولا يتجسسون بل يحملونه على الاخبار الحسى ويعملون به إلّا أن يقوم دليل على الخلاف والامر في التوثيقات الرجالية كذلك مثلا لو وثق الشيخ زرارة أو محمد بن

__________________

(١) نفس المصدر الحديث ٤.

(٢) نفس المصدر الحديث ٥.

(٣) الوسائل الباب ٧ من ابواب احياء الموات الحديث ٢.

(٤) الوسائل الباب ١ من ابواب موانع الارث الحديث ١٠.

٣١٨

مسلم واضرابهما يمكن أن يكون اخباره بالوثاقة مستندا الى الحس بأن سمع عن كابر وذلك عن كابر وهكذا فيمكن أن يكون الخبر واصلا اليه بوسائط جملة من الاكابر الثقات ولا دليل على الخلاف ومجرد الاحتمال يقتضى العمل بقوله فيعملون بقوله على طبق السيرة الجارية بينهم وان شئت قلت : بنائهم في التوثيقات هكذا وليس بنائهم فيها على ذكر الوسائط ولا دليل على ان اخبارهم مستند الى الحدس كى يسقط الخبر عن الاعتبار فيعمل باخبارهم وأما في باب نقل الاخبار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن الائمة عليهم‌السلام فبناء المحدثين على ذكر الوسائط ونقل الحديث معنعنا فاذا ذكر الحديث واحد منهم كالصدوق مثلا ونقله عن المعصوم على نحو المرسل يفهم ان الوسائط مجهولة عنده مضافا الى أن المحدثين حريصون على الظفر بالاخبار المروية عن المعصومين عليهم‌السلام فكيف يمكن وصول الخبر بالوسائط الى الصدوق وحده ولم يصل الى الكليني والمفيد والطوسي وغيرهم من حضرات المحدثين وهذا ايضا آية انه لم يمكن وصول الخبر الى الصدوق بالوسائط بل وصل اليه بالحدس وجزم بصدور الحديث عن الرسول الاكرم او عن أحد الائمة ولا يكون مبنيا على الحس بل مبنيا على الحدس فلا اعتبار به فالنتيجة ان هذا الخبر لا اعتبار به.

ومنها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالشفعة بين الشركاء في الارضين والمساكن وقال : لا ضرر ولا ضرار وقال : اذا ارفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة (١) والحديث ضعيف سندا.

ومنها ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب الشفعة الحديث ١.

٣١٩

في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم وأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد فقضى ان البعير بريء فبلغ ثمنه «ثمانية» دنانير قال : فقال : لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فان قال اريد الرأس والجلد فليس له ذلك هذا الضرار وقد اعطى حقه اذا اعطى الخمس (١) والحديث ضعيف سندا.

ومنها مرسلا دعائم الاسلام الاول ما عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه سئل عن جدار لرجل وهو سترة بينه وبين جاره سقط فامتنع من بنيانه قال ليس يجبر على ذلك إلّا أن يكون وجب ذلك لصاحب الدار الاخرى بحق او بشرط في أصل الملك ولكن يقال لصاحب المنزل استر على نفسك في حقك ان شئت قيل له فان كان الجدار لم يسقط ولكنه هدمه أو أراد هدمه اضرارا بجاره لغير حاجة منه الى هدمه قال لا يترك وذلك ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لا ضرر ولا ضرار وان هدمه كلف أن يبنيه. الثاني ما عن ابي عبد الله عليه‌السلام عن ابيه عن آبائه عن امير المؤمنين عليهم‌السلام ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا ضرر ولا ضرار (٢) والمرسلات لا اعتبار بها.

ومنها ما رواه عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الانصار وكان منزل الانصاري بباب البستان فكان يمر به الى نخلته ولا يستأذن فكلمه الانصاري أن يستأذن اذا جاء فأبى سمرة فلمّا تأبى جاء الانصاري الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكا اليه وخبّره الخبر فأرسل اليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخبّره بقول الانصاري وما شكا وقال : اذا أردت الدخول فاستأذن فأبى فلمّا أبى ساومه حتى

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب بيع الحيوان الحديث ١.

(٢) المستدرك ج ١٧ ص ١١٨ الحديث ١ و ٢.

٣٢٠