جواهر البلاغة

السيّد أحمد الهاشمي

جواهر البلاغة

المؤلف:

السيّد أحمد الهاشمي


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مديرية العامة للحوزة العلمية في قم
المطبعة: الظهور
الطبعة: ٥
ISBN: 964-6918-33-6
الصفحات: ٣٥٤

المبحث التاسع

في تقسيم التشبيه باعتبار الغرض إلى مقبول وإلى مردود

ينقسم التشبيه باعتبار الغرض : إلى حسنٍ مقبول ، وإلى قبيح مردود

(١) فالحسن المقبول : هو ما وفى بالأغراض السابقة ، كأن يكون المشبه به أعرف من المشبه في وجه الشبه ، إذا كان الغرض بيان حال المشبه ، أو بيان المقدار ، أو أن يكون أتم شيء في وجه الشبه ، إذا قصد الحاق الناقص بالكامل ، أو أن يكون في بيان الامكان مسلم الحكم ، ومعروفاً عند المخاطب ، إذا كان الغرض بيان امكان الوجود ، وهذا هو الأكثر في الشبيهات ، إذ هي جارية على الرَّشاقة ، سارية على الدًقة والمبالغة ثم إذا تساوى الطرفان في وجه التشبيه عند بيان المقدار كان التشبيه كاملا في القبول ، والا فكلما كان المشبه به أقرب في المقدار إلى المشبه كان الشبه أقرب إلى الكمال والقبول.

(٢) والقبيح المردود : هو ما لم يف بالغرض المطلوب منه ، لعدم وجود وجه بين المشبه والمشبه به : أو مع وجوده لكنه بعيد.

تنبيهات

الأول : بعض اساليب التشبيه أقوى من بعض في المبالغة ، ووضوح الدلالة ولها مراتب ثلاثة :

أ ـ أعلاها وأبلغها : ما حذف فيها الوجه والأداة ، نحو : على أسد ـ وذلك أنك ادعيت الاتحاد بينهما بحذف الأداة ـ وادعيت التشابه بينهما في كل شيء بحذف الوجه ولذا سمى هذا تشبيها بليغا.

ب ـ المتوسطة : ما تحذف فيها الأداة وحدها ، كما تقول (على أسد شجاعة) أو يحذف فيها

٢٢١

وجه الشبه ، فنقول على كالأسد ، وبيان ذلك : أنك بذكرك الوجه حصرت التشابه ، فلم تدع للخيال مجالا في الظن ، بأن التشابه في كثير من الصفات ، كما أنك بذكر الاداة نصصت على وجود التفاوت بين المشبه والمشبه به ، ولم تترك بابا للمبالغة.

ج ـ أقلها : ما ذكر فيها الوجه والأداة ، وحينئذ فقدت المزيتين السابقتين.

الثاني : قد يكون الغرض من التشبيه حسنا جميلا ، وذلك هو النمط الذي تسمو إليه نفوس البلغاء ، وقد أتوا فيه بكل حسن بديع ، كقول ابن نباتة في وصف فرس أغر محجل :

وكانما لطم الصباح جينه

فاقتص منه فخاض في أحشائه

وقد لا يوفق المتكلم إلى وجه الشبه ، أو يصل إليه مع بعد ، وما أخلق مثل هذا النوع بالاستكراه ، وأحقه بالذم ، لما فيه من القبح والشناعة ـ بحيث ينفر منه الطبع السليم.

الثالث : علم مما سبق أن أقسام التشبيه من حيث الوجه والاداة كالآتي.

١ ـ التشبيه المرسل : هو ما ذكرت فيه الأداة.

٢ ـ التشبيه المؤكد : هو ما حذفت منه الأداة.

٣ ـ التشبيه المجمل : هو ما حذف منه وجه الشبه.

٤ ـ التشبيه المفصل : هو ما ذكر فيه وجه الشبه.

٥ ـ التشبيه البليغ : هو ما حذفت فيه الأداة ، ووجه الشبه ، وهو أرقى أنواع التشبيه بلاغة : وقد تقدم الكلام عليه مستوفياً.

٦ ـ التشبيه الضمني : هو تشبيه لا يوضع فيه المشبه ، والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة ، بل يلمح المشبه ، والمشبه به ، ويفهمان من المعنى نحو :

علا فما يستقر المال في يده

وكيف تمسك ماء قنة الجبل

___________________

(١) المراد بالبليغ هنا : بلغ درجة القبول لحسنه ، أو المراد به اللطيف الحسن.

٢٢٢

فالمشبه الممدوح ، وهو ضمير (علا) والمشبه به (قنة الجبل) ووجه الشبه عدم الاستقرار والأداة محذوفة أيضاً.

وهذا النوع يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أستد إلى المشبه ممكن (١).

أسئلة تطلب أجوبتها

ما هو علم البيان لغة واصطلاحاً؟ ما هو التشبيه؟ ما أركان التشبيه؟ طرفا التشبيه حسيان أم عقليان؟ ما المراد بالحسّي؟ ما هو التشبيه الخيالي؟ ما المراد بالعقلي؟ ما هو التشبيه الوهمي؟ ما هو وجه الشبه؟ ما هي أدوات التشبيه؟ هل الاصل في أدوات التشبيه أن يليها المشبه ، أو المشبه به؟ متى تفيد كأن التشبيه؟ ما هو التشبيه البليغ؟ ما هو التشبيه الضمني؟ ما هو التشبيه المرسل؟ كم قسما للتشبيه باعتبار طرفيه؟ كم قسما للتشبيه باعتبار تعدد طرفيه؟ ما هو التشبيه الملفوف؟ ما هو التشبيه المفروق؟ ما هو تشبيه التسوية؟ ما هو تشبيه الجمع؟ كم قسما للتشبيه باعتبار وجه الشبه؟ ما هو تشبيه التمثيل؟ ما هو تشبيه غير التمثيل؟ ما هو التشبيه المفصل؟ ما هو التشبيه المجمل؟ كم قسما للتشبيه باعتبار الغرض منه؟

___________________

(١) كقوله :

لا تنكري عطل الكريم من الغنى

فالسيل حرب للمكان العالي

أي لا تنكري خلو الردل الكريم من الني فإن ذلك ليس عجباً. لأن قم الجبال وهي أعلى الأماكن ، لاسيتقر فيها ماء السيل فهاهنا يلمح الذكي تشبيهاً ولكنه لم يضع ذلك صريحاً ، بل أتى بجملة مستعبة وضمنها هذا المعني في صورة برهان فيكون هذا التشبيه علة غير

رقة الاصلية ، بحيث يورد التشبيه ضمناً من غير أن يصرح به ويجعل في صورة برهان على غير طرقة الاصلية ، بحيث يورد التشبيه ضمناً من غير أن يصرح به ويدعل في صورة برهان على الحكم الذي أسند إليه المشبه كما سبق شرحه.

وقد يراد إيهام أن المشبه والمشبه به متساويان في وجه الشبه ، فيترك التشبيه ادعاء بالتساوي دونه الترجيح.

٢٢٣

تطبيق عام على أنواع التشبيه

اشتريت ثوبا أحمر كالورد : في هذه الجملة تشبيه مرسل مفصل ـ المشبه ثوبا ، والمشبه به الورد ، وهما حسيان مفردان ، والأداة الكاف ، ووجه الشبه : الحمرة في كل ـ والغرض منه بيان حال المشبه.

ما الدهر إلا الربيع المستنير إذا

أتى الربيع أتاك النور والنور

فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة

والنبت فيروزج والماء بلور

الأرض ياقوتة : تشبيه بليغ مجمل المشبه الارض ، والمشبه به ياقوته ، وهما حسيان مفردان ، ووجه الشبه محذوف ، وهو الخضرة في كل ، والاداة محذوفة والغرض منه تحسينه «والجو لؤلؤة ، والنبت فيروزج «والماء بلور» كذلك وفي البيت كله تشبيه مفروق ، لأنه أتى بمشبه ومشبه به ، وآخر وآخر.

العمر والانسان والدنيا همو

كالظل في الاقبال والادبار

فيه تشبيه تسوية مرسل مفصل ، المشبه العمر والانسان والدنيا ، والمشبه به الظل والمشبه بعضه حسي ، وبعضه ع قلي والمشبه به حسي ، والكاف الاداة ، ووجه الشبه الاقبال والادبار ، والغرض تقرير حاله في نفس السامع.

كم نعمة مرت بنا وكأنها

فرس يهرول أو قسيم ساري

في البيت : تشبيه جمع مرسل مجمل ، والمشبه نعمة ، والمشبه به فرس يهرول ، أو نسيم ساري ، وهما حسيان ، وكأن الاداة ووجه الشبه السرعة في كل ، والغرض منه بيان مقدار حاله.

٢٢٤

ليل وبدر وغصن

شعر ووجه وقَدُّ

فيه تشبيه بليغ مجمل ملفوف ، المشبه شعر وهو حسي ، والمشبه به ليل ، وهو عقلي ، والاداة محذوفة ، ووجه الشبه السواد في كل والغرض منه بيان مقدار حاله.

وفي الثاني : المشبه وجه ، والمشبه به بدر ، وهما حسيان ، ووجه الشبه الحسن في كل ، والاداة محذوفة والغرض تحسينه ، وفي الثالث المشبه قد ، والمشبه به غصن ، وهما حسيان ، ووجه الشبه الاعتدال في كل ، والاداة محذوفة ، والغرض بيان مقداره هذا. وان شئت فقل هذا (تشبيه مقلوب) بجعل المشبه به مشبها ، والمشبه مشبها به لغرض المبالغة ، بأن تجعل الليل مشبها ، والشعر مشبها به.

وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى

كعنقود ملاحية حين نورا

فيه تشبيه تمثيل مرسل مجمل ، المشبه هيئة الثريا الحاصلة من اجتماع أجرام مشرقة مستديرة منيرة ـ والمشبه به هيئة عنقود العنب المنور ، والجامع الهيئة الحاصلة من اجتماع اجرام منيرة مستديرة في كل ، والأداة الكاف ، والغرض منه بيان حاله.

تمرين

بين أنواع التشبيه فيما يأتي :

(١) قال الله تعالى : (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح).

(٢) قال الله تعالى : (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف).

(٣) وقال تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً).

٢٢٥

(٤) الورد في أعلى الغصون كأنه

ملكٌ تحفُّ به سراة جنوده

(٥) إذا ارتجل الخطاب بدا خليج

بفيه يمدّه بحرُ الكلام

كلام بل مدام بل نظام

من الياقوت بل حب الغمام

(٦) وكأن الصبح لمّا

لاح من تحت الثريا

ملك أقبل في التا

ج يفدى ويحيّا

(٧) إنما النفس كالزجاجة والعل

م سراج وحكمة الله زيت

فاذا أشرقت فانك حيٌّ

وإذا أظلمت فانك ميت

(٨) وغير تقيٍ يأمر الناس بالتقى

طبيبٌ يداوى الناس وهو مريض

(٩) إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفَّت

له عن عدو في ثياب صديق

(١٠) والبدر أول ما بدا ملتلثّماً

يبدي الضِّياء لنسا بخدًّ مسفر

فكأنما هو خوذة من فضة

قد ركبت في همةٍ من عنبر

٢٢٦

بلاغة التشبيه (١)

وبعض ما اثر منه عن العرب والمحدثين

تنشأ بلاغة التشبيه : من أنه ينتقل بك من الشيء نفسه ، إلى شيء طريف يشبهه ، أو صورة بارعة تمثّله وكلما كان هذا الانتقال بعيداً ، قليل الخطور بالبال ، أو ممتزجاً بقليل أو كثير من الخيال ، كان التشبيه أروع للنفس ، وأدعى إلى إعجابها واهتزازها فإذا قلت : فلان يشبه فلانا في الطول ، أو أن الأرض تشبه الكرة في الشكل ، لم يكن في هذه التشبيهات أثر للبلاغة ، لظهور المشابهة ، وعدم احتياج العثور عليها إلى براعة ، وجهد أدبي ، ولخلوّها من الخيال.

وهذا الضرب من التشبيه ، يقصد به البيان والإيضاح ، وتقريب الشيء إلى الأفهام ، وأكثر ما يستعمل في العلوم والفنون.

ولكنك تأخذك روعة التشبيه ، حينما تسمع قول المعري يصف نجماًك :

يسرع اللمح في احمرار كما تسـ

ـرعُ في اللمح مقلة الغضبان

فان تشبيه لمحات النجم وتألقه مع احمرار ضوئه ، بسرعة لمحة الغضبان من التشبيهات النادرة ، التي لا تنقاد إلا لأديب ، ومن ذلك قول الشاعر :

وكأن النجوم بين دجاها

سنن لاح بينهن ابتداع

فإن جمال هذا التشبيه : جاء من شعورك ببراعة الشاعر وحذقه ، في عقد المشابهة بين حالتين ما كان يخطر بالبال تشابههما ، وهما حالة النجوم في رقعة الليل ، بحال السنن الدينية الصحيحة ، متفرقة بين البدع الباطلة.

___________________

(١) التشبيه مع ما فيه من ميزة الايجاز في اللفظ يفيد المبالغة في الوصف ، ويخرج الخفي إلى الجلي والمعقول إلى المحسوس ، ويجعل التافه نفيساً ، والنفيس ، تافها ويدني البعيد من القريب ، ويزيد المعنى وضوحا ، وبكسبه تأكيدا ، فيكون أوقع في النفس وأثبت ، وله روعة الجمال والجلال.

٢٢٧

ولهذا التشبيه : روعة أخرى ، جاءت من أن الشاعر : تخيل أن السنن مضيئة لمّاعة ، وأن البدع مظلمة قاتمة.

ومن أبدع التشبيهات قول المتنبي :

بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها

وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه

يدعو الشاعر : على نفسه بالبلى والفناء ، إذا هو لم يقف بالأطلال ، ليذكر عهد من كانوا بها ، ثم أراد أن يصور لك هيئة وقوفه ، فقال : كما يقف شحيح فقد خاتمه في التراب ، من كان يوفَّق إلى تصوير حال الذاهل المتحير المحزون ، المطرق برأسه ، المنتقل من مكان إلى مكان في اضطراب ودهشة ، بحال شحيح فقد في التراب خاتماً ثميناً.

هذه بلاغة التشبيه من حيث مبلغ طرافتهن وبعد مرماه ، ومقدار ما فيه من خيال.

أما بلاغته من حيث الصورة الكلامية التي يوضع فيها ، فمتفاوتة أيضاً.

فأقل التشبيهات مرتبة في البلاغة ما ذكرت أركانه جميعها ، لأن بلاغة التشبيه مبنية على ادعاء أن المشبه عين المشبه به ، ووجود الاداة ، ووجه الشبه معاً ، يحولان دون هذا الادعاء ، فإذا حذفت الاداة وحدها ، أو وجه الشبه وحده ، ارتفعت درجة التشبيه في البلاغة قليلا ، لأن حذف أحد هذين يقوى ادعاء اتحاد المشبه والمشبه به بعض التقوية ـ أما أبلغ أنواع التشبيه «فالتشبيه البليغ» لانه مبنى على ادعاء أن المشبه والمشبه به شيء واحد.

هذا ـ وقد جرى العرب والمحدثون على تشبيه : الجواد بالبحر ، والمطر والشجاع بالأسد ، والوجه الحسن بالشمس والقمر ، والشهم الماضي في الأمور بالسيف ، والعالي المنزلة بالنجم ، والحليم الرَّزين بالجبل ، والأماني الكاذبة بالاحلام ، والوجه الصبيح بالدينار ، والشعر الفاحم بالليل ، والماء الصافي باللجين ، والليل بموج البحر ، والجيش بالبحر الزاخر ، والخيل بالريح والبرق ، والنجوم بالدرر والأزهار ، والأسنان بالبرد واللؤلؤ والسفن بالجبال ، والجداول بالحيات الملتوية ، والشيب بالنهار ، ولمع السيوف وغرة الفرس بالهلال ، ويشبهون الجبان بالنعامة والذبابة ، واللئيم بالثعلب ، والطائش بالفراش ، والذليل

٢٢٨

بالوتدِ ، والقاسي بالحديد والصخر ، والبلييد بالحمار ، والبخيل بالأرض المجدية.

وقد اشتهر رجال من العرب بخلال محمودة ، فصاروا فيها أعلاماً فجري التشبيه بهم ، فيشبه الوفى بالسموءل (١) ، والكريم بحاتم ، والحليم بالأحنف (٢) ، والفصيح بسحبان ، والخطيب بقس (٣) والشجاع بعمرو بن معد يكرب ، والحكيم بلقمان (٤) ، والذكي بُياس.

واشتهر آخرون بصفات ذميمة ، فجرى التشبيه بهم أيضاً ، فيشبه العي بباقل (٥) والأحمق بهبنقة (٦) والنادم بالكُسعى (٧) والبخيل بمادر (٨) والهجّاء بالحطيئة (٩) ، والقاسي بالحجاج الثّقفي أحد جبابرة العرب المتوفى سية ٩٧ ه

__________________

(١) هو السموءل بن حيان اليهودي ، يضرب به المثل في الوفاء ، وهو من شعراء الجاهلية ، توفي سنة ٦٢ ق. ه.

(٢) هو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وأحد السابقين إلى الاسلام الأولين ، اشتهر بعدله وتواضعه وزهده ، وقد نصر الله به الاسلام وأعزه ، وتوفي سنة ٢٣ ه ..

(٣) هو قس بن ساعدة الأيادي ، خطيب العرب قاطبة ، ويضرب به المثل في البلاغة والحكمة.

(٤) حكيم مشهور آتاه الله الحكمة ، أي الاصابة في القول والعمل.

(٥) رجل اشتهر بالعي ، اشترى غز الامرة بأحد عشر درهما ، فسئل عن ثمنه فمد أصابع كفيه يريد عشرة ، وأخرج لسانه ليكملها أحد عشر ، ففر الغزال ، فضرب به المثل في العي.

(٦) هو لقب أبي الودعات يزيد بن ثروان القيسي ، يضرب به المثل في الحمق.

(٧) هو غامد بن الحرث ، خرج مرة للصيد فأصاب خمسة حمر بخمسة أسهم ، وكان يظن كل مرة أنه مخطىء ، فغضب وكسر قوسه ، ولما أصبح رأى الحمر مصروعة والأسهم مخضبة بالدم ، فندم على كسر قوسه ، وعض على إبهامه فقطعها.

(٨) لقب رجل من بني هلال ، اسمه مخارق ، وكان مشهوراً بالبخل واللؤم.

(٩) شاعر مخضرم ، كان هجاء مراً ، ولم يكد يسلم من لسانه أحد ، هجا امه وأباه ، ونفسه ، وله ديوان شعر ، وتوفي سنة ٣٠ ه.

٢٢٩
٢٣٠

الباب الثاني

في المجاز (١)

المجاز : مشتق من جاز الشيء يجوزه ، إذا تعداه ، سموا به اللفظ الذي نقل من معناه الاصلي ، واستعمل ليدل على معنى غيره ، مناسب له.

والمجاز : من أحسن الوسائل البيانية التي تهدى اليها الطبيعة : لإيضاح المعنى ، إذ به يخرج المعنى متصفاً بصفة حسية ، تكاد تعرضه على عيان السامع ، لهذا شغفت العرب باستعمال (المجاز) لميلها إلى الاتساع في الكلام ، والى الدلالة على كثرة معاني الألفاظ ، ولما فيها من الدقة في التعبير ، فيحصل للنفس به سرور وأريحية ، ولأمر ما كثر في كلامهم ، حتى أتوا فيه بكل معنى رائق ، وزينوا به خطبهم وأشعارهم.

وفي هذا الباب مباحث :

__________________

(١) أقول : إن المخلوقات كلها تفتقر إلى أسماء ، يستدل بها عليها ، ليعرف كل منها باسمه ، من أجل التفاهم بين الناس ، وهذا يقع ضرروة لا بد منها ، فالاسم الموضوع بازاء المسمى هو حقيقة له ـ فاذا نقل إلى غيره صار مجازا.

٢٣١

المبحث الأول

في تعريف المجاز وأنواعه

المجاز : هو اللفظ السمتعمل في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب لعلاقةٍ : مع قرينة (١) مانعة من إرادة المعنى الوضعي.

والعلاقة : هي المناسبة (٢) بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ، قد تكون المشبابهة بين المعنيين ، وقد تكون غيرها. فاذا كانت العلاقة المشابهة فالمجاز استعارة ، والافهو (مجاز مرسل) والقرينة : هي المانعة من إرادة المعنى الحقيقي ، قد تكون لفظية ، وقد تكون حالية ، كما سيأتي.

وينقسم المجاز : إلى أربعة أقسام : مجاز مفرد مرسل ، ومجاز مفرد بالاستعارة ويجريان في الكلمة ومجاز مركب مرسل ، ومجاز مركب بالاستعارة ويجريان في الكلام.

وأنواع المجاز كثيرة : أهمها (المجاز المرسل) ، وهو المقصود بالذات وسيأتي مجاز ، يسمى «المجاز العقلي» ويجرى في الإسناد.

ومتى أطلق المجاز ، انصرف إلى المجاز اللّغوي.

__________________

(١) القرينة : هي الامر الذي يجعله المتكلم دليلا على أنه أراد باللفظ غير ما وضع له ، فهي تصرف الذهن عن المعنى الوضعي ، إلى المعنى المجازي ، وبتقييد القرينة بمانعة الخ خرجت (الكناية) فان قرينتها لا تمنع من أرادة المعنى الأصلي والقرينة إما لفظية أو حالية ، فاللفظية : هي التي يلفظ بها في التركيب ، والحالية : هي التي تفهم من حال المتكلم ، أو من الواقع وأما القرينة التي تعين المراد من المجاز ، فليست شرطا.

واعلم أن كلا من المجاز والكناية في حاجة إلى قرينة ، ولكنها في المجاز مانعة ، وفي الكناية غير مانعة.

(٢) العلاقة هي المناسبة بين المعنى المنقول عنه والمنقول إليه ، وسميت بذلك : لان بها يتعلق ويرتبط المعنى الثاني بالأول ، فينتقل الذهن من الأول للثاني ـ وباشتراط ملاحظة العلاقة ، يخرج الغلط ، كقولك : خذ هذا الكتاب ، مشيراً إلى فرس مثلا ، إذ لا علاقة هنا ملحوظة.

٢٣٢

المبحث الثاني

في المجاز اللّغوي المفرد المرسل ، وعلاقاته

المجاز المفرد المرسل (١) : هو الكلمة المستعملة قصداً في غير معناها الأصلي لملاحظة علاقة غير (المشابهة) مع قرينة دالّة على عدم إرادة المعنى الوضعي.

وله علاقات كثيرة ، أهمها.

(١) السببية : وهي : كون الشيء المنقول عنه سبباً ، ومؤثراً في غيره ، وذلك فيما إذا ذكر لفظ السبب ، وأريد منه المسبب ، نحو : رعت الماشية الغيث ـ أي النبات ، لأن الغيث أي (المطر) سبب فيه (٢) وقرينته لفظية وهي رعت لأن العلاقة تعتبر من جهة المعنى المنقول عنه.

ونحو : لفلان على يد : تريد باليد : النعمة ، لأنها سبب فيها.

___________________

(١) سمى (مرسلا) لاطلاقه عن التقييد بعلاقة واحدة مخصوصة ، بل له علاقات كثيرة ، واسم العلاقة يستفاد من وصف الكلمة التي تذكر في الجملة ـ وليس المقصد من العلاقة إلا بيان الارتباط والمناسبة ، فالفطن يرى ما يناسب كل مقام ، وقيل سمى (مرسلا) لأنه أرسل عن دعوى الاتحاد المعتبرة في الاستعارة.

(٢) وكقول الشاعر :

له أياد على سابغة

أعدُّ منها ولا أعددها

وكقوله :

قامت تظللني من الشمس

نفس أحب إلى من نفسي

قامت تظللني ومن عجب

شمس تظللني من الشمس

فائدة : القصد من العلاقة : أنما هو تحقق الارتباط ، والذكي يعرف مقال كل مقام ، ثم ان (العلاقة) قيل تعتبر من جهة المعنى المنقول عنه ، الذي هو الحقيقي ، وقيل تعتبر من جهة المعنى المنقول إليه ، لأنه المدار وقيل تعتبر من جهتهما ، رعاية لحقيهما.

واعلم أن اللفظ الواحد : قد يكون صالحاً بالنسبة إلى معنى واحد ، لأن يكون مجازا مرسلا ، واستعارة باعتبارين.

٢٣٣

(٢) والمسببية : هي أن يكون المنقولُ عنه مسبباً ، وأثراً لشيء آخر وذلك فيما إذا ذكر لفظ المسبب ، وأريد منه السبب ، نحو : (وينزل لكم من السماء رزقا) أي : مطراً يسبِّب الرزق.

(٣) والكلية : هي كون لاشيء متضمناً للمقصود ولغيره ، وذلك فيما إذا ذكر لفظ الكل ، وأريد منه الجزء ، نحو (يجعلون أصابعهم في آذانهم) أي أناملهم ، والقرينة حالية وهي استحالة ادخال الأصبع كله في الأذن.

ونحو : شربت ماء النيل ، والمراد بعضهُ ، بقرينة شربت.

(٤) والجزئية : هي كون المذكور ضمن شيء آخر ، وذلك فيما إذا ذكر لفظ الجزء ، وأريد منه الكل ، كقوله تعالى (فتحريرُ رقبة مؤمنة) ونحو : نشر الحاكم عيونه في المدينة ، أي الجواسيس ، فالعيون مجاز مرسل ، علاقته (الجزئية) لأن كل عين جزء من جاسوسها ـ والقرينة الاستحالة.

(٥) واللازمية : هي كون الشيء يجب وجوده ، عند وجود شيء آخر ، نحو : طلع الضوء ، أي الشمس ، فالضوء مجاز مرسل علاقته (اللازمية) لأنه يوجد عند وجود الشمس ، والمعتبر هنا اللزوم الخاص ، وهو عدم الانفكاك.

(٦) والمزومية : هي كون الشيء يجب عند وجوده وجود شيء آخر ، نحو : ملأت الشمس المكان ، أي الضوء فالشمس مجاز مرسل علاقته الملزومية لأنها متى وجدت وجد الضوء ، والقرينة «ملأت».

(٧) والآلية : هي كون الشيء واسطةً لإيصال أثر شيء إلى آخر وذلك فيما إذا ذكر اسم الآلة ، وأريد الأثر الذي ينتج عنه ، نحو (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) أي ذكراً حسناً ، فلسان بمعنى ذكر حسن مجاز مرسل ، علاقته الآلية لأن اللسان آلة في الذكر الحسن.

(٨) والتقييد : ثم الاطلاق : هو كون الشيء مقيداً بقيد أو أكثر نحو : مشفر زيد مجروح : فان المشفر ، لغة : شفة البعير ، ثم أريد هنا مطلق شفة ، فكان في هذا منقولا عن المقيد إلى

٢٣٤

المطلق ، وكان مجازا مرسلا ، علاقته التقييد ، ثم نقل من مطلق شفة ، إلى شفة الانسان ، فكان مجازاً مرسلا : بمرتبتين ، وكانت علاقته التقييد والإطلاق.

(٩) والعموم : هو كون الشيء شاملاً لكثير ، نحو قوله تعالى (أم يحسدون الناس) أي «النبي» صلى الله عليه وسلم ، فالناس مجاز مرسل ، علاقته العموم ، ومثله قوله تعالى (الذين قال لهم الناس) فان المراد من الناس واحد ، وهو «نعيم بن مسعود الاشجعي».

(١٠) والخصوص : هو كون اللفظ خاصاً بشيء واحد ، كاطلاق اسم الشخص على القبيلة نحو ربيعة وقريش.

(١١) واعتبار ما كان : هو النظر إلى الماضي : أي تسمية الشيء باسم ما كان عليه ، نحو : (وآتوا اليتامى أموالهم) أي الذين كانوا يتامى ثم بلغوا ، فاليتامى : مجاز مرسل ، علاقته اعتبار ما كان وهذا إذا جرينا على أن دلالة الصفة على الحاضر حقيقة ، وعلى ما عداه مجاز.

(١٢) واعتبار ما يكون : هو النظر إلى المستقبل ، وذلك فيما إذا أطلق اسم الشيء على ما يؤول إليه ، كقوله تعالى : (إني أراني أعصر خمراً) أي : عصيرا يؤول أمره إلى خمر ، لأنه. حال عصره لا يكون خمراً ، فالعلاقة هنا : اعتبار (ما يؤول إليه) ونحو : (ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً) والمولود حين يولد ، لا يكون فاجراً ، ولا كافراً ، ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة ، فاطلق المولود الفاجر ، وأريد به الرجل الفاجر ، والعلاقة ، اعتبار ما يكون.

(١٣) والحاليّة : هي كون الشيء حالا في غيره ، وذلك فيما إذا ذكر لفظ الحال ، وأريد المحل لما بينهما من الملازمة ، نحو : (ففي رحمة الله هم فيها خالدون) فالمراد من (الرحمة) الجنة التي تحل فيها الرحمة ، فهم في جنة تحل فيها رحمة الله ، ففيه مجاز مرسل ، علاقته (الحالية) وكقوله تعالى : (خذوا زينتكم عندكل مسجد) أي لباسكم ، لحلول الزينة فيهن فالزينة حال واللباس محلها ، ونحو : أرى بياضاً يظهر ويختفي ، وأرى حركة تعلو وتسفل.

٢٣٥

(١٤) والمحلية : هي كون لاشيء يحلُّ فيه غيره ، وذلك فيما إذا ذكر لفظ المحل ، واريد به الحال فيه ، كقوله تعالى (فليدعُ ناديهُ) والمراد من يحل في النادي. وكقوله تعالى : (يقولون بأفواههم) أي ألسنتهم ، لأن القول لا يكون عادة إلا بها.

(١٥) والبداية : هي كون الشيء بدلاً عن شيء آخر ، كقوله تعالى : (فإذا قضيتم الصلاة) والمراد : الأداء.

(١٦) والمبدلية : هي كون الشيء مبدلاً منه شيءٌ آخر ، نحو أكلت دم زيد ، أي ديتهُ ، فالدم (مجاز مرسل) علاقته المبدلية لأن الدم : مبدل عنه الدية.

(١٧) والمجاورة : هي كون الشيء ، مجاوراً لشيء آخر ، نحو كلمت الجدار والعامود ، أي الجالس بجوارهما ، فالجدار والعامود مجازان مرسلان المجاورة.

(١٨) والتعلق الاشتقاقي : هو إقامة صيغة مقام أخرى ، وذلك.

أ ـ كإطلاق المصدر على اسم المفعول ، في قوله تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء) ، أي مصنوعه.

ب ـ وكاطلاق اسم الفاعل على المصدر ، في قوله تعالى (ليس لوقعتها كاذبة) أي تكذيب.

ج ـ وكإطلاق اسم الفاعل على اسم المفعول ، في قوله (لا عاصم اليوم من أمر الله) ، أي لا معصوم.

د وكإطلاق اسم المفعول على اسم الفاعلن في قوله تعالى : (حجاباً مستورا) أي ساتراً.

والقرينة على مجازية ما تقدم ، هي ذكر ما يمنع ارادة المعنى الأصلي.

٢٣٦

المبحث الثالث

في تعريف المجاز العقلي وعلاقاته (١)

المجاز العقلي : هو إسنادُ الفعل ، أو ما في معناه (من اسم فاعل ، أو اسم مفعول أو مصدر) إلى غير ما هو له في الظاهر ، من حال المتكلم ، لعلاقة مع قرينة تمنع من أن يكون الإسناد إلى ما هو له.

أشهر علاقات المجاز العقلي

) الإسناد إلى الزمان : نحو : (من سره زمن ساءته أزمان) أسند الاساءة والسرور إلى الزمن ، وهو لم يفعلهما ، بل كانا واقعين فيه على سبيل المجاز.

(٢) الاسناد إلى المكان : نحو : (وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم) فقد أسند الجرى إلى الانهار ، وهي أمكنة للمياه ، وليست جارية بل الجاري ماؤها.

(٣) الاسناد إلى السبب : نحو :

إنّي لمن معشر أفنى أوائلهم

قيلُ الكماة ألا أين المُحامونا؟

فقد نسب الافناء إلى قول الشجعان ، هل من مبارز؟ وليس ذلك القول بفاعل له ، ومؤثر فيه ، وإنما هو سبب فقط.

(٤) الاسناد إلى المصدر : كقول أبي فراس الحمداني

سيذكرني قومي إذا جد جدهم

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

_________________

(١) سعى عقليا ، لأن النجوز فيهم من (العقل) لا من (اللغة) كما في المجاز اللغوي.

٢٣٧

فقد أسند الجد إلى الجد ، أي الاجتهاد ، وهو ليس بفاعل له ، بل فاعله الجاد ـ فأصله جد الجاد جدا ، أي اجتهد اجتهاداً ، فحذف الفاعل الأصلي وهو الجاد ، واسندَ الفعل إلى الجدّ.

(٥) إسناد ما بني للفاعل إلى المفعول : نحو : سرني حديث الوامق فقد استعمل اسم الفاعل ، وهو الوامق ، أي (المُحبُّ) بدل الموموق ، أي المحبوب ، فان المراد : سررت بمحادثة المحبوب.

(٦) إسناد ما بني للمفعول إلى الفاعل : نحو : (جعلت بيني وبينك حجاباً مستوراُ) أي ساتراً ، فقد جعل الحجاب مستورا ، مع أنه هو الساتر.

تنبيهات

أ ـ كما يكون هذا المجاز في الإسناد ، يقع في النسبة الاضافية ، نحو جرى الأنهار ، وغراب البين ، ومكر الليل : فنسبة الجري إلى الأنهار مجاز علاقته المكانية ، ونسبة البين إلى الغراب ، مجاز علاقته السببية ، ونسبة المكر إلى الليل مجاز ، علاقته الزّمانية

ب ـ الفعل المبني للفاعل ، واسم الفاعل ، إذا أسندا إلى المفعول فالعلاقة المفعولية ، والفعل المبني للمجهول ، واسم المفعول ، إذا أسندا إلى الفاعل فالعلاقة الفاعلية ، واسم المفعول المستعمل في موضع اسم الفاعل مجاز ، علاقته الفاعلية ، واسم الفاعل المستعمل في موضع اسم المفعول مجاز ، علاقته المفعولية.

ج ـ هذا المجاز : مادةُ الشاعر المفلق ، والكاتب البليغ ، وطريق من طرق البيان ، التي لا يستغنى عنها واحد منهما.

٢٣٨

تطبيق على أشهر علاقات المجاز العام

اذكر علاقات المجاز المرسل : فيما يلي :

(١) أبا المسك أرجو منك نصراً على العِدا

وآمل عزا تخضب البيض بالدم (١)

ويوماً يغيظ الحاسدين وحالةً

أقيم الشقا فيها مقام التنعمُّ (٢)

(٢) قال الله تعالى : (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم).

(٣) ذهبنا إلى حديقة غناء.

(٥) تكاد عطاياه يجنُ جنونها

إذا لم يعوذها برقية طالب (٣)

الاجابة

أ ـ عزاً يخضب البيض بالدم :

إسناد خضب السيوف بالدم إلى ضمير العز غير حقيقي ، لأن العز لا يخضب السيوف ، ولكنه سبب القوة ، وجمع الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم ، ففي العبارة مجاز عقلي ، علاقته السببيه.

ب ـ ويوماً يغيظ الحاسدين.

إسناد غيظ الحاسدين إلى ضمير اليوم غير حقيقي ، غير أن اليوم هو الزمان الذي يحصل فيه الغيظ ، ففي الكلام مجاز عقلي ، علاقته الزمانية.

ج ـ (لا عاصم اليوم من أمر الله).

_________

(١) أبا المسك : كنية كافور الاخشيدي ، والبيض السيوف ، يقول : أرجو منك أن تنصرني على أعدائي ، وأن توليني عزاً أتمكن به منهم ، وأخضب سيوفي بدمائهم.

(٢) يقول : وأرج أن أبلغ بك يوماً يغتاظ فيه حسادى ، لما يرون من إعظامك لقدرى ، وكذلك أرجو أن أبلغ بك حالة تساعدني على الانتقام منهم ، فأتنعم بشقائي في حربهم.

(٣) يعوذها يحصنها ، ورقية ما يرقى بها الانسان من عين حاسد.

٢٣٩

المعنى لا معصوم (١) اليوم من امر الله إلا من رحمة الله ، فاسم الفاعل أسند إلى المفعول ، وهذا مجاز عقلي ، علاقته المفعولية.

د ـ ذهبنا إلى حديقة غناء

غناء مشتقة من الغن ، والحديقة لا تغن ، وإنما الذي يغن (عصافيرها) أو ذبابها ـ ففي الكلام مجاز عقلي ، علاقته المكانية.

ه ـ تكاد عطاياه يجن جنونها.

إسناد الفعل إلى المصدر مجاز عقلي ، علاقته المصدرية.

نموذج آخر

بين المجاز العقلي واذكر علاقته فيما يلي :

(١) أهلكنا الليل والنهار (٢)

(٢) منزل عامر بنعم الله (٣)

(٣) أنشأ وزير المعارف عدة مدارس (٤)

(٤) مشربٌ عذبٌ (٥)

(٥) هذا يوم عصيب (٦)

(٧) ربحت تجارتهم (٧)

__________________

(١) يجوز أن تكون «عاصم» مستعملة في حقيقتها ، ويكون المغنى : لا شيء يعصم الناس من قضاء الله إلا من رحمه الله منهم ، فانه تعالى هو الذي يعصمه.

(٢) في قوله أهلكنا الليل والنهار ، مجاز عقلي ، علاقته السببية ، فقد نسب الاهلاك إلى الليل والنهار ، مع ان فاعله هو الله تعالى ، وهذان سببان فيه.

(٣) في قوله منزل عامر بنعم الله ، مجاز عقلي ، علاقته المفعولية ، إذ قد اسند اسم الفاعل إلى المفعول في المعنى.

(٤) في قوله أنشأ وزير المعارف عدة مدارس ، مجاز عقلي : علاقته السببية ، إذ نسب الانشاء إلى الوزير ، وهو السبب فقط.

(٥) في قوله مشرب عذب ، نسب العذوبة إلى المكان ، لا إلى الماء مجاز ، لعلاقة المكانية.

(٦) العصبية والشديدة : خطوب اليوم وحوادثه ، لا هو : فوصفه بذلك وصف للزمان ، فهو مجاز : علاقته الزمانية.

(٧) اسند الربح إلى التجارة ، والرابح هو صاحبها ، لا هي : فهو مجاز : علاقته المفعولية.

٢٤٠