دراسات في الأصول - ج ١

السيد صمد علي الموسوي

دراسات في الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد صمد علي الموسوي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مركز فقه الأئمة الأطهار عليهم السلام
المطبعة: ياران
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-7709-92-7
ISBN الدورة:
978-964-7709-96-5

الصفحات: ٦٧٠

ومنها : أنّهم يقولون : إنّ موضوع علم النحو هو الكلمة والكلام من حيث الإعراب والبناء ، وموضوع علم الصرف هو الكلمة والكلام من حيث الصحّة والإعلال ، ولو كان مرادهم الجامع الجنسي فلا بدّ من جعلهم الكلمة والكلام لكليهما موضوعا ، فلا احتياج إلى جعلهم لكلّ واحد منهما نوعا من الكلمة والكلام موضوعا ، فالمراد من الجامع عندهم الجامع النوعي ، ومعناه أنّه يشمل جميع أفراده بتمامه.

إذا عرفت هاتين المقدّمتين فنقول : إنّ مجرّد ذكر عنوان الجامع لا يوجب حلّ المسألة هاهنا ، بل لا بدّ من أن يكون الجامع نوعيّا ، ولا شكّ في أنّ انتزاعه لا يمكن في صورة مشكوكيّة عدّة من المسائل ، فإنّا لو فرضنا ـ مثلا ـ لعلم النحو ألف مسألة مسلّمة وعشرة مسائل مشكوكة ، فمن أين ينتزع الجامع؟ إن انتزع من ألف مسألة معلومة يمكن أن يكون هذا الجامع صنفا والمسائل المشكوكة صنفا آخر لها ، ولا معنى لانتزاعه من المسائل المشكوكة وغيرها ، فإنّ اللازم عدم شمول الجامع النوعي غير أفراد مسائله. وكيف كان ، فالجامع لا يكون موجبا للتمايز.

ولا يخفى أنّ هذا الإشكال وسابقه غير قابلين للدفع.

والنظر الآخر في المسألة ما عن بعض الأعلام على ما في المحاضرات (١) وهو بعد نقل كلام المشهور وكلام صاحب الكفاية في المقام قال : والتحقيق في المقام أن يقال : إنّ إطلاق كلّ من القولين ليس في محلّه ، وبيان ذلك : أنّ التمايز في العلوم تارة يراد به التمايز في مقام التعليم والتعلّم لكي يقتدر المتعلّم ويتمكّن من تمييز كلّ مسألة ترد عليه ، ويعرف بأنّها مسألة اصوليّة أو مسألة فقهيّة

__________________

(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٢٦ ـ ٢٨.

٦١

أو غيرهما ، واخرى يراد به التمايز في مقام التدوين ، وبيان ما هو الداعي والباعث لاختيار المدوّن عدّة من القضايا والقواعد المتخالفة وتدوينها علما واحدا وتسميتها باسم فارد ، واختياره عدّة من القضايا والقواعد المتخالفة الاخرى وتدوينها علما آخر وتسميتها باسم آخر وهكذا.

وأمّا التمايز في المقام الأوّل فيمكن أن يكون بكلّ واحد من الموضوع والمحمول والغرض ، بل يمكن أن يكون ببيان فهرس المسائل والأبواب إجمالا ، والوجه في ذلك هو أنّ حقيقة كلّ علم حقيقة اعتباريّة ، وليست وحدتها وحدة بالحقيقة والذات ليكون تمييزه عن غيره بتباين الذات ، كما لو كانت حقيقة كلّ واحد منهما من مقولة على حدة أو بالفصل ، كما لو كانت من مقولة واحدة ، بل وحدتها بالاعتبار ، وتمييز كلّ مركّب اعتباري عن مركّب اعتباري آخر يمكن بأحد الامور المزبورة.

وأمّا التمايز في المقام الثاني فبالغرض إذا كان للعلم غرض خارجي يترتّب عليه ، كما هو الحال في كثير من العلوم المتداولة بين الناس كعلم الفقه والاصول والنحو والصرف ونحوها ، وذلك لأنّ الداعي الذي يدعو المدوّن لأن يدوّن عدّة من القضايا المتباينة علما ـ كقضايا علم الاصول مثلا ـ وعدّة اخرى منها علما آخر ـ كقضايا علم الفقه ـ ليس إلّا اشتراك هذه العدّة في غرض خاصّ ، واشتراك تلك العدّة في غرض خاصّ آخر ، فلو لم يكن ذلك ملاك تمايز هذه العلوم بعضها عن بعض في مرحلة التدوين بل كان هو الموضوع لكان اللازم على المدوّن أن يدوّن كلّ باب بل كلّ مسألة علما مستقلّا لوجود الملاك ، كما ذكره صاحب الكفاية قدس‌سره.

وأمّا إذا لم يكن للعلم غرض خارجي يترتّب عليه سوى العرفان

٦٢

والإحاطة به ـ كعلم الفلسفة الاولى ـ فامتيازه عن غيره إمّا بالذّات أو بالموضوع أو بالمحمول، كما إذا فرض أنّ غرضا يدعو إلى تدوين علم يجعل الموضوع فيه «الكرة الأرضيّة» ـ مثلا ـ ويبحث فيه عن أحوالها من حيث الكمّيّة والكيفيّة والوضع والأين ، إلى نحو ذلك ، وخواصّها الطبيعيّة ومزاياها على أنحائها المختلفة ، أو إذا فرض أنّ غرضا يدعو إلى تدوين علم يجعل موضوعه «الإنسان» ويبحث فيه عن حالاته الطارئة عليه ، وعن صفاته من الظاهريّة والباطنيّة ، وعن أعضائه وجوارحه وخواصّها ، فامتياز العلم عن غيره في مثل ذلك إمّا بالذات أو بالموضوع ولا ثالث لهما ؛ لعدم غرض خارجي له ما عدا العرفان والإحاطة ليكون التمييز بذلك الغرض الخارجي ، كما أنّه قد يمكن الامتياز بالمحمول فيما إذا فرض أنّ غرض المدوّن يتعلّق بمعرفة ما تعرضه الحركة ـ مثلا ـ فله أن يدوّن علما يبحث فيه عن ما تثبت الحركة له ، سواء كان ما له الحركة من مقولة الجوهر أم من غيرها من المقولات ، فمثل هذا العلم لا امتياز له إلّا بالمحمول». هذا تمام كلامه.

ولا يخفى أنّ في صدر كلامه وذيله نحو تهافت ، فإنّه قال : إذا لم يكن للعلم غرض خارجي يترتّب عليه سوى العرفان والإحاطة به ـ كعلم الفلسفة الاولى ـ فامتيازه عن غيره إمّا بالذات أو بالموضوع أو بالمحمول ، ثمّ بعد ذلك ذكر المثالين فقال : فامتياز العلم عن غيره في مثل ذلك إمّا بالذات أو بالموضوع ولا ثالث لهما ، ثمّ ذكر للتمايز مثالا آخر. وهذا ليس إلّا عين التهافت.

ولكن مع غمض البصر عن ذلك ترد عليه إشكالات متعدّدة :

منها : أنّه إذا كان تمايز العلوم في مقام التدوين بالأغراض الباعثة إليها ـ كما

٦٣

قال به صاحب الكفاية قدس‌سره (١) ـ فلا فرق بين أن يكون الغرض علميّا أو عمليّا كما أشرنا إليه سابقا ، فإنّ ترتّب الغرض خارجا هو العلّة الغائيّة لها. وأمّا في مقام البعث إلى التدوين ووجوده الذهني فلا يتفاوت بين كونه علميّا أو عمليّا ، ولكليهما وجود ذهني باعث إلى التدوين بلا تفاوت وبلا إشكال.

ومنها : قوله : «فلو لم يكن ذلك ملاك تمايز هذه العلوم بعضها عن بعض في مرحلة التدوين بل كان هو الموضوع لكان اللازم على المدوّن أن يدوّن كلّ باب ، بل كلّ مسألة علما مستقلّا» ففيه : أنّه قد تبيّن أنّ هذا الإشكال لا يرد على المشهور ، فإنّهم قائلون بأنّ موضوعا واحدا من كلّ علم يوجب تمايزه عن علوم اخرى ، لا أنّ موضوع كلّ مسألة من العلم يوجب تمايزه عن علوم اخرى ، وهذا التالي الفاسد لا يترتّب على هذا التفسير. وأمّا التفسير الذي تخيّله صاحب الكفاية وتبعه بعض الأعلام ويترتّب عليه هذا التالي الفاسد فلم يقل به أحد فضلا عن المشهور.

ومنها : ما في قوله : «إذا لم يكن للعلم غرض خارجي ...» فامتيازه إمّا بالذات أو بالموضوع أو بالمحمول ، فإنّا نقول : ما معنى التمايز بالذات هل المراد منه السنخيّة التي ذكرها الإمام ـ دام ظلّه ـ ، أو المراد منه التمايز بالحقيقة؟ فإن كان المراد هو الأوّل فلم لا يستفاد منه في مقام التعليم والتعلّم ، وإن كان المراد هو الثاني قلنا : هذا مردود بقولك : إنّ حقيقة كلّ علم حقيقة اعتباريّة ، وليست وحدتها وحدة بالحقيقة والذات ليكون تمييزه عن غيره بمتباين الذات.

وكيف كان ، أنت ذكرت المثالين وقلت : التمايز فيهما إمّا بالذات وإمّا بالموضوع ، وذكرت مثالا آخر للتمايز بالمحمول بدون بيان الضابطة والملاك لهذا

__________________

(١) كفاية الاصول ١ : ٥.

٦٤

التمايز والتمايز بالذات وبالموضوع ، مع أنّ الغرض في هذا البحث ليس إلّا بيان الضابطة للتمايز.

مع أنّه لا نعلم مراده من التمايز بالذات أو الموضوع هل التمايز فيه يكون من جهتين: أحدهما : بالذات والآخر : بالموضوع ، أو التمايز فيه إن لوحظ مع علم الثاني يكون بالذات وإن لوحظ مع الثالث يكون بالموضوع؟ فإنّا مع عدم الأثر من هذين الاحتمالين في كلامه لا نرى ملاكا فيه لإرادة أحدهما.

والحاصل : أنّ البحث عن التمايز من غير إعطاء الضابط والملاك له يرجع إلى عدم التمايز.

والنظر الأخير في المسألة نظر بعض المعاصرين من الفلاسفة ، وهو : أنّ تمايز العلوم يكون بتمايز الاسلوب في البحث «متد» وأنّ التغيير في الاسلوب يوجب التعدّد والتمايز في العلوم وإن كان الموضوع فيها واحدا ، مثلا : في مسألة معرفة الإنسان ، قد يبحث فيها من ناحية التعقّل والبرهان ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية الفلسفة» أو علم النفس ، وقد يبحث فيها من ناحية الآيات والروايات ، ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية الدين» ، وقد يبحث فيها من ناحية التجربة والآثار الباقية من المتقدّمين ، ويسمّى باسم «معرفة الإنسان من ناحية التجربة» أو الجسم ، وهذا الاسلوب يوجب التمايز في العلوم ، مع أنّ الموضوع في الجميع عبارة عن الإنسان.

وهكذا في معرفة الله تعالى إذا لاحظنا هذا البحث في علم الفلسفة يثبت من طريق الاستدلال والبرهان ، وإذا لاحظنا في علم العرفان يتحقّق عن طريق الكشف والمشاهدة ، مع أنّ الموضوع في كليهما واحد.

أقول : يحتمل أن يكون مرادهم من هذا الكلام بيان قاعدة كلّيّة في جميع

٦٥

العلوم المتشابهة وغيرها ، وحينئذ يترتّب عليه التالي الفاسد الذي لا يلتزم به أحد ، وهو أنّه يلزم أن تكون معرفة الإنسان ومعرفة الله تعالى من العقل علما واحدا ؛ إذ الاسلوب فيهما يكون واحدا ، وهذا خلاف البداهة والضرورة.

ويحتمل قريبا أن يكون مورد كلامهم العلوم المتشابهة التي يكون الموضوع فيها واحدا كالمثالين المذكورين ، فإن كان مرادهم هذا يرد عليه :

أوّلا : أنّه خارج عن محلّ البحث ، فإنّ البحث في تمايز العلوم مطلقا من دون التقييد بموضوع خاصّ ، وهو ليس كذلك.

وثانيا : أنّ هذا الكلام في مورده أيضا ليس بصحيح ؛ لأنّ إثبات المدّعى يتوقّف على دفع جميع الاحتمالات المخالفة.

سلّمنا أنّ التمايز في تلك الموارد لا يكون بالموضوع ، فإنّه في عدة منها يكون واحدا.

ولكنّه يحتمل قويّا أن يكون التمايز فيها بالأغراض ؛ إذ الأغراض في كلّ منها متفاوتة ومتباينة ، فالغرض في الفلسفة كان معرفة الإنسان ، وأمّا في الآيات والروايات فكان الإيصال إلى الله تعالى ، مع أنّ الموضوع فيها لا يكون واحدا ؛ إذ لو كان للموضوع أبعاد مختلفة لكان كلّ واحد منها علما واحدا يتمايز عن الآخر بلا شكّ وبلا كلام ، مثلا : العدالة على رأي أمير المؤمنين عليه‌السلام والعدالة على رأي المادّيّين موضوعان مختلفان. هذا تمام الكلام في نقل الأقوال في هذا المطلب.

والأرجح منها تبعا لاستاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ أنّ التمايز في العلوم يكون بسنخيّة ثابتة بين المسائل ذاتا ، كما صرّح بها استاذنا السيّد المرحوم البروجردي في المقدّمة الاولى ، ولكنّه قائل بأنّ النسبة معنى آلي ولا يعتمد

٦٦

عليه في المسألة ، وقد ذكرنا فيما تقدّم أنّ المسألة وإن كان قوامها بالموضوع والمحمول ولكنّ الأصل في تحقّق المسألة إيجاد النسبة والارتباط بينهما ، وكان بين النسب والروابط سنخيّة ذاتيّة توجب التمايز بين العلوم ، مثلا : «الفاعل مرفوع» و «المفعول منصوب» كانت بينهما سنخيّة لم تكن بين «الفاعل مرفوع» و «الصلاة واجبة» ، وهكذا.

ولا يخفى أنّ الغرض وإن كان مقدّما عليها من حيث الرتبة ، فإنّ غرض التدوين بوجوده الذهني موجود قبل التدوين وتشكيل مسائل العلم ، لكنّ الموصل إلى الغرض وأوّل ما يواجه به في المسألة هي السنخيّة الذاتيّة. ولذا ذكرنا فيما تقدّم أنّه لا تكون العلّة متقدّمة على المعلول ، بل لا بدّ من ملاحظة الكاشف والمعلوم منهما ابتداء حتّى يكون هو المقدّم على الآخر.

وبالجملة ، فالمعيار لتشخيص المسائل المشكوكة في العلوم هي السنخيّة ، ولا فرق فيها بين قلّة المسائل وكثرتها ، بخلاف الجامع.

٦٧
٦٨

المطلب السادس

في موضوع علم الاصول

بعد اتّفاقهم على تحقّق الموضوع لعلم الاصول اختلفوا في أنّه هل هو عنوان مشخّص ومعلوم أو عنوان غير مشخّص وإنّما يشار إليه عن طريق الآثار؟ وعلى فرض تشخّصه ما اسمه؟ فالمشهور ومنهم المحقّق القمي صاحب القوانين قدس‌سره (١) يقولون بأنّ موضوعه عبارة عن الأدلّة الأربعة مع وصف كونها أدلّة.

ويرد عليه : أوّلا بأنّه قد سبق من المشهور القول بوحدة الموضوع في جميع العلوم ، فكيف يقولون في موضوع علم الاصول بأنّه عبارة عن الأدلّة الأربعة بوصف كونها أربعة؟!

إن قلت : إنّ الموضوع في علم الاصول لا يكون الأدلّة الأربعة بوصف كونها أربعة ، بل هو عبارة عن القدر الجامع والمشترك بينها مثل الحجّة في الفقه.

قلنا : إنّ الإشكال يدفع بذلك ، ولكنّه لا يناسب تصريحهم في الكتب

__________________

(١) قوانين الاصول ١ : ٩.

٦٩

والمحاورات بأنّ موضوع علم الاصول عبارة عن الأدلّة الأربعة.

وثانيا : استشكل صاحب الفصول (١) عليه بأنّه : لو كان موضوع علم الاصول الأدلّة الأربعة مع وصف كونها أدلّة يلزم خروج أكثر مسائله ، مثل : البحث عن ظواهر الكتاب ؛ إذ لا معنى للبحث عن حجّيّة ظواهر الكتاب بأنّها حجّة أم لا؟ مع أنّا نعلم بأنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بوصف كونها أدلّة.

فهذا البحث إمّا خارج عن مباحث علم الاصول ، وإمّا هذا القيد لا يكون جزء للموضوع. وهكذا في الإجماع والسنّة والعقل ، فإنّ هذه تكون من قبيل قضيّة بشرط المحمول ، ولا معنى لقولهم : الخبر الواحد الذي هو حجّة هل يكون حجّة أم لا؟ ولذا قال صاحب الفصول : لا بدّ من أن يكون الموضوع عبارة عن ذوات الأدلّة لا بوصف كونها حجّة ، فحينئذ يصحّ البحث بأنّ الكتاب أو السنّة حجّة أم لا.

واعترض عليه صاحب الكفاية قدس‌سره (٢) بأنّه : لو فرض كون ذوات الأدلّة موضوعا فما المراد بالسنّة؟ هل المراد منها القول والفعل والتقرير الواقعي للمعصوم عليه‌السلام ـ أي السنّة المحكيّة ـ أو أعمّ من السنّة المحكيّة والحاكية؟ إن كان المراد هو الأوّل يلزم خروج بحث حجّيّة خبر الواحد عن مسائل علم الاصول ؛ إذ الموضوع فيه عبارة عن نقل زرارة ، أي السنّة الحاكية ، وهي لا تكون مصداقا للكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، وهكذا مسألة التعادل والترجيح.

__________________

(١) الفصول الغروية : ١١.

(٢) كفاية الاصول ١ : ٦.

٧٠

وقال الشيخ الأعظم الأنصاري قدس‌سره ـ في كتاب الرسائل (١) في مقام الجواب عن هذا الاعتراض وتوجيه كلام المحقّق القمي ـ : بأنّ الموضوع عبارة عن السنّة المحكيّة ، وإنّا نبحث في مسألة حجّيّة خبر الواحد بأنّه هل يثبت قول الإمام عليه‌السلام بنقل زرارة أم لا؟ فإذا كان البحث كذلك تشمل الأدلة الأربعة له بلا كلام ، ولازم ذلك في باب التعادل والترجيح أنّ قول الإمام عليه‌السلام بأيّ الخبرين المتعارضين يثبت؟

وقال صاحب الكفاية قدس‌سره : إنّ هذا الجواب ليس بتامّ ، فإنّ الثبوت على قسمين : أحدهما : ثبوت حقيقي وواقعي ، والآخر ثبوت تعبّدي ، وكلاهما محلّ إشكال هاهنا.

توضيح ذلك : أنّه لو كان المراد من الثبوت الثبوت الواقعي يرد عليه إشكال واحد ، وهو إنّا نبحث هاهنا في موضوعيّة الأدلّة الأربعة ، وذكرنا في تعريف الموضوع : أنّه ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، ومعلوم أنّ العرض والمعروض عبارة عن مفاد «كان» الناقصة ، أي لا يجري إلّا في مورد كان أصل وجود الموضوع فيه مفروض التحقّق ، ونحن نبحث فيه عن عوارضه ، مثل : «كان زيد قائما» ، وأمّا إذا كان البحث على نحو مفاد «كان» التامّة ـ أي تحقّق الموضوع وعدم تحقّقه ـ فهذا لا يكون بحثا عن العوارض.

إذا عرفت هذا فنقول : لا شكّ في أنّ قولك : «هل يثبت قول الإمام عليه‌السلام بخبر زرارة أم لا؟» هو مفاد «كان» التامّة ، أي البحث عن تحقّق الموضوع وعدمه ، فلا يتحقّق عنوان العرض والمعروض ، وحينئذ لا يكون داخلا في مسائل علم الاصول.

__________________

(١) فرائد الاصول ١ : ١٥٦.

٧١

وأمّا إن كان المراد منه الثبوت التعبّدي ، وهو يكون في الحقيقة مفاد «كان» الناقصة ، ولكنّه ممّا لا يعرض السنّة ، بل يعرض الخبر الحاكي لها ؛ لأنّ الثبوت التعبّدي يرجع إلى وجوب العمل على طبق خبر زرارة كالسنّة المحكيّة ، وهذا من عوارضه لا من عوارضها كما لا يخفى.

وبالجملة ، الثبوت الواقعي ليس من العوارض ، والتعبّدي وإن كان منها إلّا أنّه ليس من عوارض السنّة ، فالإشكال في محلّه ؛ إذ لا يكون خبر زرارة مصداقا للأدلّة الأربعة. هذا كلّه في صورة كون المراد من السنّة السنّة المحكيّة.

وأمّا إن كان المراد أعمّ منها ، أي الجامع بين السنّة الحاكية والمحكيّة وإن كان البحث في حجّيّة خبر الواحد والتعادل والترجيح عن أحوال السنّة بهذا المعنى ، إلّا أنّ البحث في غير واحد من مسائل علم الاصول كمباحث الألفاظ وجملة من غيرها لا يختصّ بالأدلّة الأربعة ، بل أعمّ منها ، فإنّك حين تقول : هل تدلّ هيئة «افعل» على الوجوب أم لا؟ وهل المشتقّ حقيقة في المتلبّس أو أعمّ منه؟ لا شكّ في أنّهما أعمّان من الأمر والمشتقّ في الأدلّة وغيرها وإن كان المهمّ معرفة أحوال خصوصهما ، ويؤيّد التعميم تمسّكهم بالتبادر واللّغة وفهم العرف ، وتعريف الاصول بأنّه : «علم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة» ، فإذا كان البحث فيها أعمّ لا يكون البحث عن عوارض الأدلّة.

ويمكن أن يقال : في مقام الدفاع عن صاحب الفصول : بأنّ البحث وإن كان عن مطلق الأوامر والمشتقّات ، ولكن لا مانع من أن يكون العرض الذاتي للجنس عرضا ذاتيّا للنوع أيضا ، فالبحث عن أحوال المشتقّ يكون بحثا عن العوارض الذاتيّة للأدلّة الأربعة أيضا.

وجوابه : أنّ هذا مخالف لرأي صاحب الفصول في مسألة العرض ، فإنّه

٧٢

لا يقول : بأنّ العرض الذاتي للجنس يكون عرضا ذاتيّا للنوع ، كما لا يخفى على المتأمّل في المقام.

والحاصل : أنّه لو كان موضوع علم الاصول هو الأدلّة الأربعة مع وصف كونها أدلّة أو ذوات الأدلّة فكلاهما مخدوش.

والرأي الثاني في المسألة هو رأي صاحب الكفاية قدس‌سره وهو : أنّ موضوع علم الاصول هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّة ، ولا يكون له عنوان خاصّ واسم مخصوص ، بل يكون قابلا للإشارة إليه عن طريق الآثار ، مثل القدر الجامع الذي يكون بين موضوعات مسائل علم الاصول.

وفيه : مع بعده عن الذهن قد كان مثل هذا النظر عارا في علم الاصول مع كثرة البحث والمباحثة فيه ، ومع اهتمام العلماء به ، كما قال الإمام ـ دام ظلّه ـ في رسالته المدوّنة في هذا المقام.

والرأي الثالث في المسألة هو رأي استاذنا السيّد المرحوم البروجردي وهو رأي استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ وقد اتّفقا على أنّ موضوع علم الاصول عبارة عن عنوان «الحجّة في الفقه» ولكن اختلفا في تقريب المسألة.

فقال المرحوم البروجردي (١) : إنّ كثيرا من مسائل علم الاصول تكون محمولاته «الحجّة» ، مثلا : تقول في مسألة حجّيّة الخبر : هل الخبر الواحد حجّة أم لا؟ وفي مسألة حجّيّة ظواهر الخبر : هل الخبر الواحد حجّة أم لا؟ وفي مسألة حجّيّة ظواهر الكتاب : هل الظواهر حجّة أم لا؟ وفي باب الاستصحاب : هل هو حجّة مطلقا أو في بعض الموارد ، أو لم يكن بحجّة أصلا؟

وهناك عدّة من المسائل وإن لم تكن محمولاتها كلمة «الحجّة» ولكن ترجع

__________________

(١) نهاية الاصول ١ : ١٥ ـ ١٦.

٧٣

في الواقع إليها ، مثلا : إذا قلنا : الموضوع له في هيئة «افعل» ما هو؟ فلا يكون المراد فيه بحثا لغويّا ، بل المراد منه أنّ هيئة «افعل» هل هي حجّة في الوجوب أم لا؟ وهكذا المراد في هيئة «لا تفعل» بأنّها حجّة على التحريم أم لا؟ وحقيقة البحث في المشتقّ ترجع إلى أنّ المشتقّ بالنسبة إلى المنقضي حجّة أم لا؟ وفي باب البراءة الشرعيّة إلى أنّ احتمال التكليف حجّة للمكلّف أم لا؟ ولا يخفى أنّ الحجّة في الاصطلاح الاصولي ليس هو الحدّ الوسط المنطقي كما قال به الشيخ الأنصاري قدس‌سره ، بل هي بمعناها اللّغوي ، أعني : ما يحتجّ به المولى على عبده في مقام التكليف وبالعكس في مقام الامتثال.

ثمّ قال : وكيف كان فهذه المسائل كلّها مسائل اصوليّة. نعم ، بعض المباحث الذي لا يكون المبحوث عنه فيه حيثيّة الحجّة يكون خارجا عن الاصول ويدخل في سلك المبادئ ، كمسألة مقدّمة الواجب ومبحث الضدّ وأمثالهما.

وبالجملة ، إذا كانت محمولات المسائل هي كلمة الحجّة ، فالجامع بينها ـ أعني : عنوان الحجّة في الفقه ـ موضوع لعلم الاصول.

أقول : لا مانع من إرجاع هذين المسألتين أيضا إلى المسائل المذكورة وجعل المحمول فيهما كلمة الحجّة بالنحو الذي ذكرته ، ونقول في المسألة الاولى : هل الوجوب في ذي المقدّمة حجّة عقلا على وجوب المقدّمة أم لا؟ وفي المسألة الثانيّة : هل الأمر بالإزالة حجّة على تحريم الصلاة أم لا؟ فلا نعلم دليل خروجهما من المسائل ودخولهما في المبادئ.

وأمّا استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) فإنّه يرى بأنّ «الحجّة في الفقه» جامع بين الموضوعات ، وقال : لا منافاة بين كونها محمولا في المسائل وجعلها

__________________

(١) هذا ممّا استفاد الاستاذ من درس استاذنا السيّد الإمام قدس‌سره.

٧٤

جامعا بين الموضوعات ؛ إذ لا مانع من كون القضايا في العلوم الاعتباريّة بعكس المحمول ، مثلا : تقول في مسألة خبر الواحد حجّة : الحجّة خبر الواحد ، ويؤيّد أولويّة جعل كلمة الحجّة موضوعا فيها معلوميّة الحجّة في الأحكام ، فإنّا لا نشكّ في أنّ للأحكام والقوانين أدلّة وحججا ، ولكن المجهول عندنا تعيّناتها وتشخّصاتها ومصاديقها كخبر الواحد وظواهر الكتاب ونحوهما ، ففي الحقيقة الحجّة هو الموضوع في المسائل ، فإنّها أمر معلوم ، ولذا جعل الموضوع في علم الفلسفة «الموجود ربما هو موجود» مع أنّ الموجود في مسائله يكون محمولا لها ، وهكذا في مسائل علم الاصول. هذا تمام كلامهما.

نكتة : إذا قلنا مثلا : «زيد إنسان» فلا يكون معناه كون «إنسان» مصداقا لطبيعة الإنسان بدون «زيد» ، بل كلاهما مصداق لها ، بل الأولى في الفرديّة والمصداقيّة هو «زيد» ، فإنّ «الإنسان» كلّي ومبهم ، و «زيد» متعيّن ومتشخّص.

إذا عرفت هذا فنقول : أوّلا : أنّ الموضوع في علم الاصول هو الجامع بين الموضوعات لا المحمولات. وثانيا : لا نحتاج إلى قلب القضايا في مسائل علم الاصول ؛ إذ لا فرق في كون «الحجّة» موضوعا فيها أو محمولا ؛ لأنّ الخبر الواحد أو ظاهر الكتاب أو نحوهما وإن كان موضوعا فيها ولكنّها أولى في الفرديّة والمصداقيّة للحجّة في الفقه ، فإنّها مصاديق متعيّنة ومتشخّصة ، والمقصود في الواقع من قضيّة الخبر الواحد حجّة لا يكون إلّا تعيّن الحجّة ، والحجّة الأجلى هو خبر الواحد. وعلى هذا فالجامع بين الموضوعات ـ أي الحجّة في الفقه ـ هو الموضوع في علم الاصول.

٧٥
٧٦

المطلب السابع

في تعريف علم الاصول

وهذا البحث أيضا معركة الآراء بين العلماء ، فعرّفه البعض : بأنّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة.

توضيحه : أنّه لا يخفى أنّ العلوم التي لها دخل في الاستنباط متعدّدة ومتكثرة ، مثل : علم لغة العرب وأدبيّاته ، وعلم تفسير القرآن ، فإنّ الاستنباط يتوقّف عليها قطعا ؛ إذ مصادر الأحكام الشرعيّة تكون جميعا باللّغة العربيّة ، ولكنّها خارجة عن علم الاصول ، فإنّها غير ممهّدة للاستنباط وإن كان لها دخل فيه ، ولكنّها وضعت للأغراض العامّة ، فكلمة «الممهّدة» تخرجها من علم الاصول.

أقول : يرد عليه : أوّلا : بأنّ اشتمال التعريف على كلمة العلم ليس بصحيح ؛ لما تقدّم مرارا من أنّ علم الاصول ـ بل كلّ العلوم ـ عبارة عن نفس المسائل ، لا دخل للعلم بها في ماهيّتها قطعا.

وأورد عليه صاحب الكفاية قدس‌سره (١) أيضا إشكالين مهمّين :

__________________

(١) كفاية الاصول ١ : ٩ ـ ١٠.

٧٧

الأوّل : أنّ هذا التعريف لا يشمل جميع المسائل الاصوليّة ، مثل مسألة حجّيّة الظنّ على الحكومة.

توضيحه : أنّه قد بيّن في محلّه أنّهم أقاموا أدلّة لحجّيّة مطلق الظنّ ، منها دليل الانسداد ، وكانت له مقدّمات : منها : عبارة عن انسداد باب العلم والعلمي ، وهي علّة لتسميته بدليل الانسداد. وعلى فرض تماميّة مقدماته فإنّهم بعد الاتّفاق على كونه دليلا عقليّا اختلفوا في نتيجة هذه المقدّمات ، فقال بعضهم : إنّ نتيجة دليل الانسداد حجّيّة الظنّ بنحو الكشف ، بمعنى : أنّ العقل بالنظر إلى المقدّمات يكشف أنّ الشارع في تلك الحالة جعل الظنّ حجّة ، فيكون الظنّ عنده حجّة شرعيّة.

وقال بعضهم : إنّ نتيجته حجّيّة الظنّ بنحو الحكومة ، بمعنى : أنّ العقل الذي يحكم بحجيّة القطع مطلقا بحيث لا تناله يد الجعل نفيا وإثباتا يحكم عند تماميّة هذه المقدّمات بحجيّة الظنّ أيضا ، فيكون الظنّ عنده حجّة عقليّة.

ولذا قال المحقّق الخراساني قدس‌سره (١) : إنّ التعريف المذكور لا يشمل حجّيّة الظنّ على الحكومة ، فإنّه حجّة عقليّة ، بخلاف حجيّته على الكشف ، فإنّه حينئذ تكون حجّة شرعيّة كسائر الحجج والأمارات الشرعيّة.

ويمكن أن يقال : كيف يشمل هذا التعريف حجّيّة القطع مع أنّه أيضا من الحجج العقليّة؟

واجيب عنه : بأنّ مرادهم من الاستنباط في التعريف الاستنباط القطعي ، ومعلوم أنّ استنباط الظنّ ليس بقطعي ، بخلاف القطع فإنّ استنباطه قطعي دائما.

__________________

(١) المصدر السابق.

٧٨

إن قلت : لو كان مرادهم منه الاستنباط القطعي فكيف يجري هذا في موارد الأمارات الشرعيّة ؛ إذ لا شكّ في أنّ الاستنباط في مورد خبر الواحد مثلا ظنيّ؟

قلنا : إنّ المشهور قائل بأنّ الشارع جعل خبر الواحد حجّة ، وهي بمعنى جعله حكما ظاهريّا مطابقا لمؤدّى الخبر ، سواء كان مطابقا للواقع أم لا ، بخلاف القطع فإنّه ليس متعقّبا بالجعل وإن كان حجّة للقاطع أيضا ولو كان مخالفا للواقع.

وبالجملة ، إنّا نقطع بحكم ظاهري في موارد الأمارات الشرعيّة ، كما أنّا نقطع بالحكم الواقعي في مورد القطع ، وأمّا في مورد الظنّ الانسدادي على الحكومة لا يكون من القطع أثر ولا خبر ، مع أنّ مرادهم من الاستنباط الاستنباط القطعي ، ولذا لا يشمله التعريف.

وجوابه : أنّ هذا الإشكال مبتن على الاحتمال ، وهو مدفوع بأنّ مرادهم من الاستنباط أعمّ من الاستنباط القطعي والظّنّي ، فيشمل التعريف الظنّ الانسدادي على الحكومة أيضا.

وأمّا الإشكال الثاني على هذا التعريف فهو : أنّه لا يشمل الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة.

توضيحه : يتوقّف على مقدّمة ، وهي : أنّ الاصول العمليّة على قسمين : قسم منها يجري في الشبهات الموضوعيّة كالاستصحاب وأصالة الطهارة وأصالة الحلّيّة الجارية فيها ، والقسم الآخر منها يجري في الشبهات الحكميّة ، مثل : أصالة البراءة وأصالة الحلّيّة والاستصحاب الجاري فيها ، واختلفوا في أنّ مباحث الاصول العمليّة هل تكون من مسائل علم الاصول أو من مسائل

٧٩

علم الفقه.

قال الشيخ الأنصاري (١) والمحقّق الخراساني (٢) وعدّة من الأعاظم : إنّه تارة يكون منشأ الشكّ فقدان النصّ ، وتارة يكون إجمال النصّ ، وتارة يكون تعارض النصّين ، وتارة يكون الاشتباه في الامور الخارجيّة. ثمّ فصّلوا بين هذه الأقسام الأربعة وقالوا : إن كان الشكّ من قبيل القسم الرابع ـ أي كانت الشبهة موضوعيّة ـ فهي خارجة عن مسائل علم الاصول ، وإن كان الشكّ من قبيل بقية الأقسام ـ أي كانت الشبهة حكميّة ـ فالاصول الجارية فيها من مسائل علم الاصول ، وعلى هذا المبنى استشكلوا على المشهور.

نكتة : في الفرق بين الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة والاصول العمليّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، وهي أنّ مجري الاصول في الشبهات الموضوعيّة هو نفس المقلّد والمكلّف وإن كان أصل الفتوى بالاستصحاب ـ مثلا ـ عن المجتهد ، ولكن المجري في مقام تطبيق هذا الكلّي في الشبهات الموضوعيّة هو المقلّد ، بخلاف الشبهات الحكميّة فإنّ مجري الاصول فيها لم يكن إلّا المجتهد.

والحاصل : أنّ الاصول العمليّة في الشبهات الحكميّة طريق لإحراز الحكم الشرعي ، بخلافها في الشبهات الموضوعيّة ، والتفصيل والتنقيح في محلّه.

فأوردوا على المشهور بعد تمهيد هذه المقدّمة بأنّ هذا التعريف لا يشمل الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة ، فإنّ كلمة «الاستنباط» التي ذكروها في التعريف مقتضاها كون المستنبط غير المستنبط منه ، مثل : أنّ القواعد تستنبط منها أحكام شرعيّة ، فلو دلّ خبر الواحد على وجوب صلاة

__________________

(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٤٤ ـ ٥٤٦.

(٢) كفاية الاصول ١ : ٩ ـ ١٠.

٨٠