دراسات في الأصول - ج ١

السيد صمد علي الموسوي

دراسات في الأصول - ج ١

المؤلف:

السيد صمد علي الموسوي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مركز فقه الأئمة الأطهار عليهم السلام
المطبعة: ياران
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-7709-92-7
ISBN الدورة:
978-964-7709-96-5

الصفحات: ٦٧٠

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدس‌سره (١) بعد ما قال باستحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى أشار في خاتمة كلامه إلى ما يوهم وقوع ذلك ، وهو : أنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطونا سبعة أو سبعين تدلّ على وقو ع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه ، مع أنّ أكثر ألفاظ القرآن ليس بمشترك ، ومن المعلوم تنافي الوقوع للاستحالة العقليّة فكيف يمكن القول بالاستحالة؟!

ثمّ أجاب عنه في الكفاية (٢) بأنّ بين مفاد الأخبار ومحلّ النزاع فرقا واضحا (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ)(٣) ، فإنّا نبحث في عدم جواز استعمال لفظ المشترك في المعنيين في عرض واحد بلا تقدّم وتأخّر بحيث إنّه استعمل في كلّ واحد مستقلّا ، ولا دلالة لهذه الأخبار على أن يكون معنى الباطن مع معنى الظاهر كذلك ، بل لا دلالة لتلك الأخبار على أنّ إرادة تلك البطون كانت من باب استعمال اللفظ في المعنى حتّى تنافي ما ذكرنا «من استحالة الاستعمال في أكثر من معنى» ، فإنّها تجري فيها احتمالات تمنع عن ظهورها في كون إرادة البطون من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى.

ثمّ ذكر قدس‌سره احتمالين منها : أحدهما : أنّه يمكن أن تكون البطون مرادة بالاستقلال من دون دلالة الألفاظ عليها ، لكنّها تكون مقارنة لاستعمال الألفاظ في معانيها ، كما إذا قال : قام زيد ـ مثلا ـ وأراد مقارنا لهذا الكلام معنى آخر كحلول زمان الحصار أو غيره من المعاني المستقلّة التي تراد مقارنة لاستعمال اللفظ في معناه من دون دلالة لذلك اللفظ ولو بالالتزام عليها.

__________________

(١) كفاية الاصول ١ : ٥٧.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الرحمن : ٢٠.

٣٦١

وأشكل عليه بعض الأعلام بأنّه لو كان المراد من البطون ما ذكره قدس‌سره لا يكون ذلك موجبا لعظمة القرآن على غيره ولا لفضيلته على سائر المحاورات ، مع أنّ هذه الأخبار تكون في مقام بيان عظمته وفضيلته.

على أنّ لازم ذلك ألّا تكون البطون بطونا للقرآن ومعانيا له ، بل كانت شيئا أجنبيّا عنه ، غاية الأمر أنّها اريدت حال التكلّم بألفاظه ، وهو مخالف لصريح الروايات المشتملة على البطون ، فهي كما نطقت بإثبات الفضيلة والعظمة للقرآن على غيره من جهة اشتماله على ذلك ، كذلك نطقت بإضافة تلك البطون إليه وأنّها معاني القرآن لا أنّها شيء أجنبيّ عنه. ولا يخفى أنّ الإشكال في كمال الصحّة والمتانة.

وأمّا الاحتمال الثاني الذي ذكره قدس‌سره في أخبار البطون فهو : يمكن أن تكون البطون من لوازم المعنى المستعمل فيه اللفظ ، فلا يكون اللفظ مستعملا فيها ، وإن دلّ عليها بالدلالة الالتزاميّة ، نظير ما إذا فرض أنّ قدوم الحاجّ يلازم عادة نزول البركات ، فإنّ قوله حينئذ : «قدم الحاجّ» لم يستعمل إلّا في معناه ، لكنّه يدلّ التزاما على نزول البركات ، والدلالة الالتزاميّة أجنبيّة عن الاستعمال وإن كانت أفهامنا قاصرة عن إدراكها.

وأيّد هذا الاحتمال بعض الأعلام (١) بقوله : «وأمّا ما ذكره ثانيا من أنّ المراد من البطون لوازم معناه وملزوماته من دون أن يستعمل اللّفظ فيها ، فهو صحيح». ثمّ استشهد له بعدّة روايات :

منها : ما جاء عنهم عليهم‌السلام من أنّ القرآن حيّ لم يمت ، وأنّه يجري كما يجري الليل والنهار ، وكما تجري الشمس والقمر ، ويجري على آخرنا كما يجري على

__________________

(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٢١٣ ـ ٢١٤.

٣٦٢

أوّلنا (١).

ومنها : ما تضمّن أنّ القرآن ظاهره قصّة وباطنه عظة ، وغير ذلك من الأخبار.

ولكن لا نفهم أنّه كيف يستفاد من الروايات أنّ البطون تكون من المدلولات الالتزاميّة لألفاظ القرآن؟! فإنّه يحتمل أيضا أنّ يكون المراد من البطون أنّه يجري في القرآن احتمالات سبعة أو سبعين ، ولا يمكن أن يكون الحكم بأنّ هذا المعنى مراد منه دون ذلك ، فإنّه ذو وجوه واحتمالات.

ويؤيّده منع أمير المؤمنين عليه‌السلام سلمان عن الاحتجاج بالقرآن حين إرساله للاحتجاج مع قوم ؛ لأنّه يمكن أن يريد القوم من الآية التي تستدلّ بها معنى خالف مرادك واستدلالك(٢).

ويؤيّده أيضا اختلاف المفسّرين في معنى الظاهر ، مع اتّفاقهم على حجّيّة ظواهر القرآن.

ويؤيّده أيضا : تعبير الروايات بالبطون لا المعاني ، ولذلك يلزم علينا كثرة التدبّر في القرآن حتّى ينجينا من الضلال ، فهذا الاحتمال يجري في المقام ، مع أنّه لا دليل على خلاف الاحتمال الثاني من الاحتمالين المذكورين.

__________________

(١) البحار ٣٥ : ٤٠٣ ، الحديث ٢١.

(٢) نهج البلاغة (فيض الإسلام) : ١٠٨١ ، الوصية ٧٧.

٣٦٣
٣٦٤

الأمر الثالث عشر

في المشتقّ

يتصوّر لإطلاق لفظ المشتقّ وحمله على الذات حالات ثلاث : فإنّه قد يطلق على المتلبّس بالمبدإ فعلا ، كقولك : «زيد اليوم ضارب» ، ولا إشكال في أنّ هذا الإطلاق إطلاق حقيقي ، وقد يطلق على الذات بلحاظ تلبّسها بالمبدإ في المستقبل ، كقولك : «زيد ضارب» ، ولا خلاف في أنّه إطلاق مجازي ، وقد يطلق على من انقضى وانصرم عنه المبدأ بلحاظ تلبّسه به في الماضي ، كقولك : «زيد ضارب» ، وإنّما الكلام والإشكال في أنّه إطلاق مجازي أو حقيقي؟ وقبل تحقيق البحث وتدقيقه ينبغي التنبيه على امور ؛ لتوضيح محلّ النزاع في المقام ، وهي :

٣٦٥
٣٦٦

الأمر الأوّل

في أنّ النزاع في باب المشتقّ عقلي أو لغوي؟

فإنّه إذا كان عقليّا فيدور النزاع مدار حكم العقل ، مثل : النزاع في مقدّمة الواجب بأنّه هل يلازم عقلا وجوب ذي المقدّمة وجوب المقدّمة أم لا؟ وإذا كان لغويّا يدور النزاع مدار حكم الوضع والواضع بأنّه حين وضع هيئة الفاعل ـ مثلا ـ لاحظ معنى مشتركا بحيث يعمّ حال النسبة وحال انقضاء المبدأ عن الذات ثمّ وضعها له ، أم لاحظ خصوص حال التلبّس ووضعها له؟

والحقّ أنّ النزاع لغوي ، ولكن يستفاد من كلمات المحقّق النائيني قدس‌سره (١) أنّه عقليّ على ما في تقريراته ، حيث إنّه قال : والسرّ في اتّفاقهم على المجازيّة في المستقبل والاختلاف فيما انقضى هو : أنّ المشتقّ لمّا كان عنوانا من قيام العرض بموضوعه ، من دون أن يكون الزمان مأخوذا في حقيقته وقع الاختلاف بالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدأ ، حيث إنّه قد تولّد عنوان المشتقّ لمكان قيام العرض بمحلّه في زمان الماضي ، وهذا بخلاف ما لم يتلبّس بالمبدإ بعد ، فإنّه لم يتولّد عنوان المشتقّ ؛ لعدم قيام العرض بمحلّه ، فكان للنزاع في ذلك

__________________

(١) فوائد الاصول ١ : ٨٢.

٣٦٧

مجال دون هذا.

فيستفاد من تعليله أنّه قائل بعقليّة النزاع في المقام ، وإلّا لا بدّ أن يقيم الدليل على أنّ الواضع وضع لفظ المشتقّ للمعنى الأعمّ من المتلبّس وما انقضى عنه المبدأ ، ولكنّ أصل كلامه ليس بتامّ ، فإنّ العقل ناظر إلى الحقائق والواقعيّات ولا يكون من أهل المسامحة ، فحينئذ بعد القول بأنّ المشتقّ عنوان يتحقّق من قيام العرض بالمعروض يحكم العقل بأنّ «زيدا» اليوم لا يكون متلبّسا بالعرض حقيقة ؛ إذ لا فرق عقلا بين المتلبّس بالمبدإ في ما مضى والتلبّس به في المستقبل ، ويصدق الفاقديّة للعرض على الذات في كلتا الصورتين بلا فرق بينهما أصلا ، وهذا بعينه دليل على أنّ المسألة لغويّة لا عقليّة ، وحينئذ لا بدّ لنا من تبعيّة الوضع متعبّدا وملاحظة أنّ الموضوع عنده عبارة عن خصوص المتلبّس بالمبدإ أو الأعمّ من المتلبّس بالفعل ومن قضى.

ويستفاد أيضا عقليّة المسألة عنده من تعليله لخروج العناوين الذاتيّة عن محلّ النزاع بأنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادّته ، وإنسانيّة الإنسان ليست بالصورة الترابيّة ، بل إنّما تكون بالصورة النوعيّة التي بها يمتاز الإنسان عن غيره. وإقامة هذا الدليل الفلسفي دليل على أنّه قائل بأنّ المسألة عقليّة ، مع أنّ المسألة لغويّة ولا ربط لها بالعقل أصلا ، كما لا يخفى على المتأمّل.

الأمر الثاني : في أنّ أيّ العناوين داخلة في محلّ الكلام ، وأيّ العناوين خارجة عنه ، ولا يخفى أنّ هنا حيثيّتين ، ولا بدّ من انفكاك كلّ منهما عن الاخرى وإن اختلطا في تقريرات (١) الإمام قدس‌سره على المقرّر ، وهكذا خلط بينهما

__________________

(١) تهذيب الاصول ١ : ٩٩.

٣٦٨

في كتاب المحاضرات (١) :

الاولى : في كيفيّة ارتباط العنوان مع الذات ، بأنّ ارتباطه معها بأيّ نحو كان حتّى يدخل في محلّ النزاع؟

الثانية : في جهة المعنى الاشتقاقي للعناوين ، فإنّه إذا تحقّق الضرب ـ مثلا ـ من «زيد» ، فإن لاحظنا هذا الارتباط بصورة «زيد ضرب» فهو خارج عن محلّ النزاع ، وإن لاحظناه بصورة «زيد ضارب» فهو داخل في محلّ النزاع.

الحيثيّة الاولى : لا إشكال ولا خلاف في أنّ العناوين المنتزعة عن الذات بلا واسطة أمر خارج عنها ـ كالإنسانيّة والحيوانيّة والناطقيّة للإنسان ـ خارجة عن محلّ النزاع في باب المشتقّ ، فلا يقال للتراب : إنّه إنسان حقيقة ولا مجازا باعتبار أنّه كان إنسانا في ما مضى.

إنّما الكلام في دليله ، فالمحقّق النائيني قدس‌سره (٢) وصاحب المحاضرات (٣) ذكرا دليلا له ؛ بأنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادّته ، فإذا فرضنا تبدّل الإنسان بالتراب فما هو ملاك الإنسانيّة ـ وهي الصورة النوعيّة ـ قد انعدم وزال ووجدت حقيقة اخرى وصورة نوعيّة ثانية ، ولا يصدق الإنسان على التراب بوجه من الوجوه ، ولا معنى لأن يقال : إنّ إطلاق الإنسان على التراب حقيقة أو مجاز.

وفيه : أوّلا : أنّه قد مرّ آنفا أنّ المسألة لا تكون عقليّة حتّى يحتاج إلى دليل عقلي ، بل هي مسألة لغويّة ومنوطة بوضع الواضع.

وثانيا : أنّ هذا الدليل منقوض بأمثال الخلّ والخمر ، فإنّ الخلّ إذا صار

__________________

(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٢١٨.

(٢) فوائد الاصول ١ : ٨٤.

(٣) المصدر السابق.

٣٦٩

خمرا يتبدّل الشيء من حالة إلى حالة اخرى ، ولا يتبدّل قطعا من صورة إلى صورة اخرى ، فيصحّ على هذا إطلاق الخلّ على الخمر على نحو الحقيقة بلحاظ كونه في ما مضى خلّا ، مع أنّه لم يلتزم به أحد.

وثالثا : أنّه سلّمنا أنّ شيئيّة الشيء بصورته لا بمادته ، ولكن لا دخل لهذا الكلام في ما نحن فيه ، فإنّه لا ينحصر بالجواهر ، بل يشمل كلّ موجود حتّى الأعراض ، فكما أنّ شيئيّة الجسم بصورته كذلك شيئيّة البياض بصورته ، فلا يصحّ القول بأنّ الجسم اليوم أبيض بلحاظ عروض البياض له في ما مضى ، مع أنّه لا كلام في صحّة هذا الإطلاق ، وإنّما الكلام في أنّه حقيقة أو مجاز ، فكيف يصحّ هذا الإطلاق مع تبدّل الصورة البياضيّة فلا يكون علّة لخروج هذه العناوين عن محلّ النزاع؟! إلّا أنّ وضعها يكون بكيفيّة خاصّة يعني وضع الواضع لفظ الإنسان لما هو بالفعل إنسان ، ولفظ الحجر لما هو بالفعل حجر ، فالمسألة لغويّة ، ويلزمنا متابعة الوضع والواضع كما مرّ آنفا.

وأمّا العناوين المنتزعة عن الذات بواسطة أمر خارج عن الذات فهي داخلة في محلّ النزاع ، بلا فرق بين أن تكون الواسطة أمرا حقيقيّا وجوديّا ـ مثل عنوان الأبيض الذي ينتزع من الذات بواسطة البياضيّة ـ أم تكون الواسطة أمرا حقيقيّا عدميّا ـ مثل عنوان العمى الذي ينتزع من الذات بواسطة عدم البصر ـ أم تكون الواسطة أمرا اعتباريّا من ناحية الشرع أو العقل ـ كالملكيّة والزوجيّة ، وأمثال ذلك ـ أم تكون من العناوين الانتزاعيّة ـ كالفوقيّة والتحتيّة ـ فتدخل في محلّ النزاع مثل : «الجسم أبيض» و «زيد أعمى» و «زيد زوج» و «هذا السقف فوق» و «زيد مالك» ، وهكذا.

وأمّا العناوين التي تكون لها مصداقان إذا لوحظت بالنسبة إلى أحدهما

٣٧٠

تكون من العناوين المنتزعة عن الذات ، وإذا لوحظت بالنسبة إلى الآخر تكون من العناوين المنتزعة بواسطة أمر خارج عن الذات ، مثل عنوان الموجود فإنّه إذا لوحظ بالنسبة إلى واجب الوجود انتزع من الذات ، وإذا لوحظ بالنسبة إلى ممكن الوجود لم يكن كذلك ، وهكذا سائر العناوين المشتركة بين الواجب والممكن ، فلا إشكال في أنّ هذه العناوين داخلة في محلّ النزاع ، فإنّ النزاع في المقام ينحصر في هيئة المشتقّ ولا يتوجّه الواضع حين وضع هيئة المفعول أنّه قد تتحقّق في ضمن موجود وكان له فردان.

الحيثيّة الثانية : لا شكّ في أنّ للمشتق النحوي معان كثيرة ، فإن قلنا بأنّ مبدأ المشتقّات هو المصادر المجرّدة فيشمل عنوان المشتقّ جميع الأفعال واسم الفاعل والمفعول واسم الزمان والمكان والآلة وصيغة المبالغة والمصادر المزيدة ، ولكنّ الإشكال في أنّ الأفعال والمصادر خارجة عن محلّ النزاع ، فإنّ الفعل وإن كان مشتقّا إلّا أنّه لا يتّحد مع الاسم والذات ولا يحمل عليها ولا ينطبق عليها ، بل يسند الفعل إليها ، ولذا لا يصحّ القول بأنّ جملة «زيد ضرب» قضيّة حمليّة ، بخلاف «زيد ضارب» ؛ لأنّ ملاك القضيّة الحمليّة متحقّق في الثانية دون الاولى.

وهكذا المصادر المزيدة ، فإنّها وإن كانت من المشتقّات قطعا ، ولكنّها خارجة عن محلّ النزاع ، فإنّها لا تتّحد مع الذات ولا تنطبق عليها ، بل تعرض عليها كعروض البياض على الجسم ، فإنّ قول : «زيد إكرام» لا يخلو عن مسامحة.

وهكذا المصادر المجرّدة ، فإنّ جملة «زيد عدل» ليست قضيّة حمليّة في الواقع ؛ إذ العدل ملكة نفسانيّة عارضة على الذات لا أنّها تتّحد معها ، فالنزاع

٣٧١

يجري في كلّ عنوان يتّحد مع الذات وينطبق عليها.

وقال صاحب الفصول قدس‌سره (١) باختصاص محلّ النزاع باسم الفاعل وما بمعناه ، كالمصادر المستعملة بمعنى اسم الفاعل ، وكالأسماء المنسوبة مثل : القمي والطهراني والبغدادي وغير ذلك ، كما يدل على هذا المعنى تمثيلهم بذلك ، وكما يدلّ عليه احتجاج الأعمّي بإطلاق اسم الفاعل على الأعمّ دون بقية الأسماء.

والإنصاف أنّ هذين الدليلين في كمال الضعف ، فهما غير قابلين للتمسّك بهما ، فإنّ التمثيل به والإطلاق في مقام الاستدلال لا يدلّ على الانحصار قطعا.

ولكنّه قدس‌سره استدلّ لخروج بقية الأسماء بأنّ من أسماء المفعول ما يطلق على الأعمّ كقولك : هذا مقتول زيد أو مصنوعه أو مكتوبه ، ومنها : ما يطلق على خصوص المتلبّس ، نحو : هذا مملوك زيد أو مسكونه أو مقدوره ، ولم نقف فيه على ضابطة كلّيّة ، والمرجع فيه إلى العرف ، واسم الزمان حقيقة في الأعمّ ، وكذا اسم المكان ، واسم الآلة حقيقة فيما اعدّ للآليّة أو اختصّ بها ، حصل المبدأ أو لم يحصل بعد ، وصيغة المبالغة فيما كثر اتّصافه بالمبدإ عرفا. انتهى كلامه قدس‌سره.

ومحصّل كلامه أنّه لا بدّ من كون المشتقّ في هذه الموارد موضوعا للأعمّ ، فاختلاف مبادئ المشتقّات الموجب لاختلاف أنحاء التلبّسات يوجب خروج ما عدا اسم الفاعل وما يلحق به عن حريم النزاع.

وأجاب عنه في الكفاية (٢) : أوّلا : بأنّ منشأ زعم بعض الأجلّة توهّم كون ما ذكره لكلّ منها من المعنى ممّا اتّفق عليه الكلّ ، مع أنّه ليس في محلّه ؛ لعدم تبيّن مفهوم سائر المشتقّات كاسم الفاعل ؛ لكونها محلّا للخلاف أيضا.

__________________

(١) الفصول الغرويّة : ٥٩ ـ ٦٠.

(٢) كفاية الاصول ١ : ٥٨ ـ ٥٩.

٣٧٢

وثانيا : بأنّ اختلاف أنحاء التلبّسات بحسب اختلاف المبادئ لا يوجب تفاوتا في وضع هيئة المشتقّ ، وإن كان يوجب اختلافا في كيفيّة التلبّس ، فإنّ المبدأ إن كان فعليّا يزول التلبّس به بسرعة كالشرب ـ مثلا ـ فالتلبّس به هو الاشتغال بالشرب وبانتهائه ينقضي عنه المبدأ ، وإن كان ملكة كالاجتهاد فالتلبّس به هو بقاء ملكته وإن لم يكن له استنباط فعلي ، وإن كان الشأنيّة فالتلبّس به هو بقاء شأنيّته كالمفتاح ، فإنّ التلبّس بالمفتاحيّة بقاؤه على الهيئة المفتاحيّة ، وإن كان الصناعة كالخياطة والنجارة ونحوهما فإنّ التلبّس بما يتحقّق بالممارسة ، ولا تنقضي إلّا بالإعراض ، فيصدق الخيّاط والنجّار والبقّال على تاركي هذه المبادئ لا بقصد الإعراض ، فاختلاف هذه المبادئ من حيث الفعليّة والشأنيّة ، وغيرهما لا يوجب اختلافا فيما هو المبحوث عنه في المقام ـ أعني وضع هيئة المشتقّ ـ فإن قلنا بوضع هيئة المشتقّ لخصوص المتلبّس بالمبدإ ، فيكون إطلاق المشتقّ على الذات بعد انقضاء المبدأ الفعلي عنها على نحو المجازيّة ، وإن قلنا بوضعها للأعمّ ، فيكون إطلاقه عليها بعد انقضائه على نحو الحقيقة.

وأمّا قولك : «هذا مقتول زيد» إن كان المراد منه من وقع عليه القتل فهو حقيقة على القول بالأخصّ ، ومجاز على القول بالأعمّ ، وإن كان المراد منه من زهقت روحه بواسطة «زيد» فهو حقيقة على كلا القولين.

والحقّ في المقام بعد الدقّة والتأمّل مع المحقّق الخراساني قدس‌سره كما لا يخفى ، ويدخل أيضا في محلّ النزاع باب النسبة كالقمي والخراساني والحمّامي وأمثال ذلك ، فإنّ ملاك البحث ـ أي الاتّحاد والانطباق على الذات ـ موجود فيه ، ويدخل أيضا فيه ما كان جاريا على الذات ومنتزعا عنها بواسطة أمر خارج

٣٧٣

عنها ولو كان جامدا كعنوان الزوج والزوجة والرقّ والحرّ ، كما يشهد به ما ذكره العلّامة في القواعد (١) وفخر المحقّقين في الإيضاح (٢) في باب الرضاع في مسألة من كانت له زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة وقد أرضعت الكبيرتان الصغيرة. قال صاحب الإيضاح : «تحرم المرضعة الاولى والصغيرة مع الدخول بالكبيرتين ، وأمّا المرضعة الاخرى ففي تحريمها خلاف ، فاختار والدي المصنف رحمه‌الله وابن إدريس تحريمها ؛ لأنّه يصدق عليها أمّ زوجته ؛ لأنّه لا يشترط في المشتقّ بقاء المشتقّ منه هكذا هاهنا» ، انتهى.

مع أنّ تقيّد الدخول بالكبيرتين في كلامه لا يخلو من مسامحة ؛ لأنّ ملاك الحكم في المسألة هو الدخول بالكبيرة الاولى كما سنبيّنه إن شاء الله تعالى.

ولكنّ التحقيق : أنّ حرمة المرضعة الاولى والصغيرة ممّا اتّفق عليه الكلّ كما يدلّ عليه الإجماع المصرّح به في كلام صاحب الإيضاح والروايات (٣) العديدة والصحيحة ، إلّا أنّه ينبغي ملاحظة المسألة على مقتضى القاعدة الأوليّة والعناوين الكلّيّة مع قطع النظر عن الإجماع والروايات.

وأمّا الصغيرة فتحرم على الزوج ، فإنّ اللبن إذا كان منه فهي بنت له ، وإذا كان من غيره فهي بنت الزوجة المدخول بها ، وكلا العنوانين قد ثبتت حرمتهما في الكتاب والسنّة ، كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ

__________________

(١) القواعد ٣ : ٢٥.

(٢) إيضاح الفوائد ٣ : ٥٢.

(٣) الوسائل ٢٠ : ٤٠٢ ، الباب ١٤ من أبواب ما يحرم بالرضاع.

٣٧٤

مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ)(١).

ومثله الروايات (٢) المعتبرة التي تدلّ على حرمة بنت الزوجة ولو كانت من الزوجة المنفصلة عنه بطلاق أو نحوه ، فالصغيرة محرّمة عليه مؤبّدا.

وأمّا الكبيرة الاولى فقد استدلّ على حرمتها بأنّه يصدق عليها عنوان أمّ الزوجة الفعليّة ، وهي محرّمة بلا إشكال ، وتقريب الاستدلال على وجهين :

أحدهما : ما قال به بعض الأعاظم وهو : أنّ انتفاء الزوجيّة مسبّب عن الاميّة والبنتيّة ، ومعلوم أنّ المسبّب متأخّر رتبته عن السبب ، ومعناه أنّ المسبّب لا يتحقّق في رتبة السبب ، فلا محالة يتحقّق نقيضه ـ يعني الزوجيّة ـ وإلّا يلزم ارتفاع النقيضين ، فيتحقّق في رتبة السبب عنوان الزوجيّة ، فيصدق عنوان أمّ الزوجة الفعليّة الحقيقيّة في هذه الرتبة.

وفيه : أنّ الواقع وإن كان كذلك بحسب الدقّة العقليّة إلّا أنّ العرف لا يرى كذلك ، فإنّه يقول : هي أمّ من كانت زوجة ، لا أمّ الزوجة ، والمتّبع هنا نظر العرف ـ كما في مسألة بقاء الدم وعدمه بعد بقاء لونه في الثوب ـ وإن كان مخالفا لما حكم به العقل.

وثانيهما : ما قاله صاحب الجواهر قدس‌سره (٣) : وهو : أنّ الأمّيّة والبنتيّة وانتفاء الزوجيّة كلتاهما معلولتان لعلّة واحدة في عرض واحد بلا تقدّم وتأخّر ، وهي تحقّق الارتضاع ، ولذا لا يكون بين المعلولين فاصلة قطعا ، فهذه المرأة حقيقة أمّ الزوجة ؛ لعدم الفصل الزماني بين الأمّيّة ، والزوجيّة ، فلا يحتاج إلى النزاع في باب المشتقّ أصلا.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) الوسائل ٢٠ : ٤٥٧ ، الباب ١٨ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٣) جواهر الكلام ٢٩ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

٣٧٥

وفيه : مع ما اورد على بعض الأعاظم ـ أنّ مجرّد عدم الفصل زمانا لا يقتضي التقارن ـ فإنّ زوجيّة الصغيرة قد انقضت بتحقّق الرضاع المحرّم ، فزمان تحقّق الرضاع هو زمان ارتفاع الزوجيّة عنها ، وذلك الزمان بعينه هو زمان تحقّق عنوان الأمّيّة للكبيرة ، فصدق عنوان الأمّيّة للكبيرة والزوجيّة للصغيرة في زمان واحد غير معقول ، فكيف تكون أمّ الزوجة حقيقة؟! فالحرمة في الكبيرة الاولى مثل الكبيرة الثانية مبتن على النزاع في باب المشتقّ ، إلّا أنّ الإجماع والروايات الصحيحة حاكمة على حرمة المرضعة الاولى قبل النزاع في باب المشتقّ ، وأمّا المرضعة الثانية فحكمه مبتن على النزاع في هذا الباب.

٣٧٦

الأمر الثاني

في جريان النزاع في اسم الزمان

قد عرفت أنّه لا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقّات الجارية على الذوات ـ كما عرفت ـ إلّا أنّه ربّما يشكل بعدم إمكان جريانه في اسم الزمان ، فإنّ مورد البحث في المشتقّ هي الذات الباقية في حالتي التلبّس والانقضاء ؛ إذ لا يعقل هذا النزاع بدون وجود الذات في كلتا الحالتين ، مثل «زيد ضارب» حيث إنّ الذات فيه باقية بعد انقضاء المبدأ عنها ، فيصحّ النزاع حينئذ في أنّ جري «الضارب» على «زيد» بعد زوال المبدأ عنه هل هو على نحو الحقيقة أم العناية والمجاز؟ وهكذا في سائر المشتقّات حتّى اسم المكان ـ كالمسجد ـ فإنّ الذات محفوظة فيه في كلتا الحالتين ، بخلاف اسم الزمان ؛ إذ الزمان بنفسه ينقضي وينصرم ، فإنّه من الامور التدريجيّة وليس محفوظة في حالتي التلبّس والانقضاء ، فكيف يصحّ حمل المقتل فعلا على يوم عاشوراء؟! وهذا نظير إطلاق عنوان «الضارب» على «زيد» فعلا باعتبار اتّصاف عمرو بالضاربيّة في اليوم الماضي ، فلا بد من خروج اسم الزمان عن حريم نزاع المشتقّ.

وأجابوا عن هذا الإشكال بما لا يخلو عن المناقشة ، وقال صاحب

٣٧٧

الكفاية قدس‌سره (١) في مقام الجواب عنه أنّه : يمكن حلّ الإشكال بأنّ انحصار مفهوم عامّ بفرد ـ كما في المقام ـ لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العامّ.

توضيح ذلك : أنّ مورد البحث في المشتقّ هو المفهوم ، وحينئذ يجري النزاع في اسم الزمان أيضا ؛ إذ الموضوع له فيه هو مفهوم عامّ يشمل المتلبّس والمنقضي وإن كان مصداقه في الخارج منحصرا بفرد واحد ، وهو خصوص حال التلبّس ؛ إذ لا يعقل المنقضي عنه المبدأ فيه ، وهذا لا ينافي وضع اللفظ ـ كالمقتل ـ للمفهوم العامّ وجريان النزاع فيه.

ثمّ ذكر لتأييده شاهدين :

الأوّل : أنّ ذات الباري لا تعدّد فيها بلا ريب ، بل هو واحد أحد لأدلّة التوحيد ، ولكن مع ذلك وقع الخلاف في أنّ الموضوع له للفظ الجلالة هل هو شخص الباري أم معنى كلّي ، وهي الذات المستجمعة لجميع الصفات الكماليّة ، فلا مانع من انحصار مفهوم عامّ بفرد ووضع اللفظ بإزاء هذا المفهوم الكلّي ، وإلّا لم يكن لهذا النزاع مجال.

الثاني : أنّ لفظ الواجب وضع لمفهوم عامّ بلا إشكال مع انحصار مصداقه بذات الباري.

وأمّا أصل كلامه قدس‌سره فمردود بأنّ هذا المعنى لا يناسب غرض الوضع ـ أي التفهيم والتفهّم بسهولة ـ فإنّه إذا لم يعقل المنقضي عنه المبدأ في اسم الزمان فلا فائدة لوضع اللفظ لجامع المشترك بين المتلبّس ومن قضى عنه المبدأ ، ولا يوجب تسهيلا أصلا ، فلا بدّ من كون الموضوع له في مقام الوضع مصداقا

__________________

(١) كفاية الاصول ١ : ٦٠ ـ ٦١.

٣٧٨

لا المفهوم.

وأمّا الشاهد الأوّل فمردود ؛ بأنّ الاختلاف في لفظ الجلالة ناش عن الاختلاف في أصل التوحيد ؛ لأنّ عدّة من الفلاسفة قالوا بتعدّد الواجب ـ تعالى عن ذلك شأنه ـ ومعلوم أنّ الواضع في مقام الوضع لا يكون تابعا لنظر الموحّدين ، فيمكن وضع لفظ الجلالة لمفهوم كلّي.

ثمّ اختلف الإلهيّون في مصداقه بأنّه واحد أم متعدّد ، فلا ربط للوضع بالاعتقاد الصحيح والباطل ، مثل : وضع كلمة الصنم لشريك الباري ، مع أنّ الحقّ أنّه علم شخص كما لا يخفى.

وأمّا الشاهد الثاني فواضح البطلان ؛ إذ المراد منه إن كان كلمة الواجب فقط فهو بمعنى الثابت والضرورة وكان له مصاديق متعدّدة ، فإنّه قد يضاف إلى الوجود وقد يضاف إلى العدم ، فيقال : واجب العدم ، مثل : شريك الباري ، وإن كان المراد منه كلمتي الواجب والوجود معا فلا وضع لهما أصلا ، بل هما كلمتان كان لكلّ منهما وضع على حدة وركّبهما المستعمل حين الاستعمال ، مع أنّه بعد التركيب أيضا لا ينحصر بالباري ، فإنّ لها أقساما متعدّدة ، مثل : واجب الوجود بالغير ـ أي الممكنات ـ وواجب الوجود بالقياس إلى الغير. نعم ، ينحصر به إذا ركّبت ثلاث كلمات مثل : واجب الوجود بالذات.

وأمّا الجواب الثاني عن الإشكال فهو ما قال به استاذنا المرحوم السيّد البروجردي قدس‌سره (١) وبعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات (٢) وهو : أنّ اسم

__________________

(١) نهاية الاصول ١ : ٧٢.

(٢) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣.

٣٧٩

الزمان لم يوضع بوضع على حدة في قبال اسم المكان ، بل الهيئة المشتركة بينهما ـ وهي هيئة مفعل ـ وضعت بوضع واحد لمعنى واحد كلّي ، وهو ظرف وقوع الفعل في الخارج أعمّ من أن يكون زمانا أو مكانا ، والنزاع يكون في وضع الهيئة بلا نظر إلى مادّة دون مادّة ، وفرد دون فرد ، فإذا لم يعقل بقاء الذات في فرد مع زواله لم يوجب ذلك عدم جريان النزاع في نفس الهيئة المشتركة بين ما يعقل فيه بقاء الذات مع انقضاء المبدأ عنها وما لا يعقل فيه ذلك ، وحيث إنّ الهيئة في محلّ البحث وضعت لوعاء المبدأ الجامع بين الزمان والمكان كان النزاع في وضعها لخصوص المتلبّس أو الأعمّ نزاعا معقولا ، غاية الأمر أنّ الذات إذا كانت زمانا لم يعقل بقاؤها مع زوال التلبّس عن المبدأ ، وإذا كانت مكانا يعقل فيه ذلك.

نعم ، لو كانت هيئة اسم الزمان موضوعة بوضع على حدة لخصوص الزمان الذي وقع فيه الفعل لم يكن مناص من الالتزام ، إلّا بخروج اسم الزمان عن النزاع.

ولا يخفى أنّ صحّة هذا الجواب مبتن على أن تكون هيئة «مفعل» مشتركا معنويا ، وإلّا بقي الإشكال بحاله ، فلا بدّ من تحقيق أنّ هذا الاشتراك معنوي أو لفظي ، ومعلوم أنّه لا يعقل بين الزمان والمكان جامع ماهوي وحقيقي ، فإنّهما من المقولتين المتباينتين.

نعم ، يتصوّر بينهما جامع عنواني مثل عنوان «الظرف» بأنّ الواضع وضع هيئة «مفعل» للظرف ، وهو يشمل ظرف الزمان والمكان بصورة مشترك معنوي.

ولكنّه مخدوش بأنّ هذا الوضع إن فرض بصورة الوضع العامّ والموضوع له

٣٨٠