التّفسير الحديث - ج ١

محمّد عزّة دروزة

التّفسير الحديث - ج ١

المؤلف:

محمّد عزّة دروزة


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٧٤

وجريا على العادة القرآنية في بيان فوائد أوامر الله ونواهيه في الدنيا والآخرة معا نبه في أكثر من آية إلى ما تؤدي إليه الصلاة من نتائج عظيمة خلقية وروحية واجتماعية مثل ما جاء في آية سورة البقرة هذه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١٥٣) ، وفي آية سورة العنكبوت هذه : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) (٤٥) ، وفي آيات سورة المعارج هذه : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) (٣٤). ولقد أمر الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمعالجة ما كان يلم به من أزمات بالصلاة ، ومن ذلك ما جاء في الآية الأخيرة من سورة العلق التي نحن في صددها ، حيث أمرته بأن لا يأبه للطاغية المتصدي له ، وبأن يسجد لله ويتقرب إليه حيث يجد في ذلك أمنه وطمأنينته.

ومن ذلك ما جاء في سورة الشرح : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (٨) ، ومن ذلك آيات سورة الحجر هذه : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (٩٩) ، ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن هذا موجه للمسلمين ، وقد خوطبوا بذلك فعلا في آية سورة البقرة [١٥٣] التي أوردناها آنفا.

ولقد أثرت أحاديث نبوية كثيرة في فضل الصلاة وثوابها ورد كثير منها في

٣٤١

كتب الأحاديث الصحيحة. ولقد روى أبو داود والنسائي عن عبد الله بن الصنابحيّ حديثا جاء فيه : «أشهد أنّي سمعت رسول الله يقول : خمس صلوات افترضهنّ الله عزوجل ، من أحسن وضوء هنّ وصلّاهنّ لوقتهنّ وأتمّ ركوعهنّ وخشوعهنّ كان له على الله عهد أن يغفر له» (١). وحديث رواه أبو داود عن أبي قتادة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قال الله عزوجل إني افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهدا أنّه من جاء يحافظ عليهنّ لوقتهنّ أدخلته الجنة ومن لم يحافظ عليهنّ فلا عهد له عندي» (٢) وروى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي حديثا عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كلّ يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء. قالوا : لا ، قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنّ الخطايا» (٣) وروى البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربّهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلّون وأتيناهم وهم يصلّون» (٤). وروى مسلم والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّارات لما بينهنّ ما لم تغش الكبائر» (٥). وروى مسلم حديثا عن عمرو بن سعيد جاء فيه : «كنت عند عثمان فدعا بطهور فقال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلّا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كلّه» (٦).

__________________

(١) «التاج» ، ج ١ ص ١١٨.

(٢) المصدر نفسه ، ج ١ ، ص ١١٨ ـ ١١٩.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) المصدر نفسه.

(٥) المصدر نفسه.

(٦) المصدر نفسه.

٣٤٢

وبهذا يتسق التلقين النبوي مع التلقين القرآني في هذا الأمر الخطير كما هو الشأن في كل أمر على ما سوف يأتي إيراده في مناسباته.

ومما لا ريب فيه أن الصلاة بإيمان وقلب وذكر وخشوع تجعل المصلي لا يفكر إلا في الله وعظمته ، فتتحرر نفسه من كل خوف وقلق ، ويشعر بالطمأنينة والقوة المعنوية ، فتهون لديه كل خطوب الدنيا ، ولا يعود يرى كبيرا إلا الله ولا قويّا إلّا الله ولا ضارّا ولا نافعا إلّا الله. ثم تجعله يستحيي من التلبس بالنفاق والكذب إذا ما خالف بين باطنه وظاهره وقوله وعمله ، بينما هو يتهيأ من آن لآخر للوقوف بين يدي الله تعالى ، فينتهي كما ذكرت آية سورة العنكبوت عن الفحشاء والمنكر ، ويتطهر من الهلع والجزع ويتحلى بالصفات الكريمة الفاضلة كما ذكرت آيات سورة المعارج حقا وصدقا.

وعلى هذا فيسوغ القول إن الصلاة التي لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ، ولا تجعله يتحلى بفاضل الأخلاق ويعمل صالح الأعمال لا تكون صحيحة. وهذا ما عبرت عنه أحاديث عديدة مروية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) منها : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له». ومنها : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعدا» ومنها : «لا صلاة لمن لم يطع الصلاة. وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر».

هذا ، وهناك أحاديث نبوية تسجل عظيم إثم تارك الصلاة حتى لتعتبره مرتدا وكافرا منها حديث رواه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود عن جابر قال : «قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّ بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (٢). وحديث رواه الترمذي عن بريدة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر». وحديث رواه الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال : «كان أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) انظر تفسير الآية [٤٥] من سورة العنكبوت في تفسير ابن كثير.

(٢) «التاج» ، ج ١ ص ١٢٤ ـ ١٢٥.

٣٤٣

لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» (١).

وننبه على أن مسألة كفر تارك الصلاة من المسائل الخلافية فهناك من الأئمة من أخذ بظاهر الأحاديث فاعتبر تارك الصلاة كافرا مرتدا يستتاب فإن لم يتب يقتل وفقا للتشريع النبوي الذي شرع قتله في حديث رواه الخمسة جاء فيه «لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلّا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس والثيّب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة» (٢). وهناك من تأول الأحاديث فذهب إلى أن الكفر والارتداد إنما يكونان بسبب جحود واجب الصلاة فقط. ويكون تاركها كسلا فاسقا مرتكبا إحدى الكبائر. ومهما يكن من أمر فالأحاديث تنطوي على تعظيم الصلاة وتفظيع إثم تاركها.

ولقد سألني سائل عن كيفية تعبّد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غار حراء في اعتكافاته ، قبل بعثته التي جاء ذكرها في الحديث الذي أوردناه قبل. وجوابا على السؤال قلنا إن القيام والركوع والسجود كأشكال للعبادة كانت معروفة وممارسة على ما تلهمه بعض آيات القرآن وهو ما ذكرناه قبل. وفي آيات سورة الحج [٢٥ / ٢٦] وسورة البقرة [١٢٤ / ١٢٥] التي أوردناها قبل أمر إبراهيم بتطهير بيت الله للقائمين الركع السجود. ولقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في جماعة أنفوا أن يسيروا في طريق الشرك ودين الجاهلية وكانوا ينشدون ملة إبراهيم. ولقد روي عن زيد بن عمرو أحد هؤلاء أنه كان يسجد في فناء الكعبة ويهتف قائلا : «لبيك حقا حقا ، تعبدا ورقا ، عذت بما عاذ به إبراهيم ، إنني لك عان راغم. مهما تجشمني فإني جاشم» (٣). ولقد أمر الله نبيه بعد أن بعثه أن يقول : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (١٦٣) [الأنعام / ١٦١ ـ ١٦٣] ، حيث يمكن

__________________

(١) المصدر السابق نفسه.

(٢) «التاج» ج. ٣ ص ١٧.

(٣) انظر «أسد الغابة» ج ٢ ص ١٧٨.

٣٤٤

القول على ضوء ذلك أن من الجائز أن يكون تعبّد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في غار حراء قائما راكعا ساجدا داعيا لله مسبحا مقدسا ذلك غير أنه لا يمكن القول بجزم أنه كان يصلي بالصلاة الإسلامية المعروفة بحذافيرها لأن الآثار التي أوردناها تفيد أن هذه الصلاة كانت من تعليم جبريل بعد الوحي والله تعالى أعلم.

ومن الجدير بالذكر أن الصلاة الإسلامية المفروضة والنافلة على السواء ، غير مقيدة بمكان وإمامتها غير منوطة بما يعرف في الملل الأخرى بطبقة الكهنوت ورجال الدين. فكل مكان طاهر ليس محلا للمناظر الكريهة يصح أن يكون مكانا لصلاة المسلم. وكل مسلم مهما كانت مهنته وصفته ولونه وجنسه يصح أن يؤمّ غيره إذا كان يحسن قراءة القرآن ويعرف سنن الصلاة ، ولقد روي في صدد هاتين المسألتين أحاديث في الكتب المعتبرة. ففي صدد المسألة الأولى روى أبو داود والترمذي والحاكم عن أبي سعيد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الأرض كلّها مسجد إلّا الحمام والمقبرة» (١) وروى الترمذي عن ابن عمر «أنّ رسول الله نهى أن يصلّى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمّام ومعاطن الإبل وفوق ظهر البيت الحرام» (٢). وروى الخمسة إلّا أبا داود عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «فضّلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرّعب وأحلّت إليّ الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون» (٣).

تعليق على آية

(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى)

وبمناسبة ورود هذه الآية لأول مرة نقول : إن القرآن احتوى آيات كثيرة ، نسبت فيها الرؤية والسمع إلى الله تعالى ، وإنه دار جدل وتشاد بين علماء الكلام

__________________

(١) «التاج» ج ١ ص ٢١٩ ـ ٢٢٠.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) المصدر نفسه ص ٢٠٥.

٣٤٥

حول ذلك من حيث إنه إنما يحدث من أعضاء السمع والبصر ، وما إذا كان لله سبحانه مثل هذه الأعضاء أم لا. وخير المذاهب في هذا الموضوع وأمثاله هو مذهب الصدر الإسلامي الأول ، وهو عدم الخوض في الكيفيات وعدم التشاد والجدل حولها ، مع تنزيه الله سبحانه عن كل مماثلة لخلقه وملاحظة الضابط القرآني المحكم المنطوي في آية سورة الشورى وهو : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [١١] ، واعتبار أن المقصود بذلك وصف الله عزوجل بشمول العلم والإحاطة بكل شيء والقدرة على كل شيء والهيمنة الكاملة على الكون وما فيه من كائنات والتصرف المطلق فيه واتصافه بكل صفات الكمال. والمتدبر في نصف آية الشورى المذكورة والآية التالية لها يرى تأييد هذا قويا ، وهذا نص الآيتين : (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٢).

تعليق على كلمة (التقوى)

وما ينطوي فيها من تلقين وأهداف جليلة

وبمناسبة ورود كلمة (التقوى) لأول مرة في السورة نقول إن الأمر بالتقوى والحثّ عليها والتنويه بالمتقين ووعد الله لهم بالغفران وتوسيع الرزق والهداية إلخ قد تكرر في القرآن كثيرا حتى لقد بلغ عدد الآيات التي وردت فيها الكلمة ومشتقاتها نحو مئتين وخمسين مرة مما يدل على مبلغ العناية القرآنية بذلك.

والكلمة في أصل معناها وقصدها التوقّي من غضب الله وسخطه باجتناب نواهيه واتباع أوامره. وهو لا يأمر إلّا بما فيه خير للإنسان والإنسانية. ولا ينهى إلّا عما فيه ضرر لهما. وبعبارة أخرى أن المقصد أو الهدف المتوخى من الأمر بالتقوى والحثّ عليها هو إصلاح الإنسان وتوجيه المسلم إلى كل ما فيه الخير

٣٤٦

وإشعاره بالخوف من الله عزوجل وجعله يتجنب كل ما فيه شرّ وضرر.

وفي القرآن آيات عديدة تضمنت تقرير وجوب تلازم التقوى مع الإيمان مثل آيات سورة يونس هذه : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٦٣). وآية سورة الأعراف هذه : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) (١٥٦) ، وآية سورة البقرة هذه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١٠٣) ، وآية سورة المائدة هذه : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٩٣).

حيث يتضمن هذا تقرير كون الإيمان وحده لا يكفي لنجاة الإنسان إذا لم يرافقه عزم على اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه وممارسته لذلك أو بعبارة أخرى تقرير كون الإيمان هو أمر في سريرة الإنسان لا دليل عليه إلّا التقوى التي تحمل المؤمن على اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه.

وفي القرآن آيات عديدة تضمنت تقرير الفوائد المتنوعة التي ييسرها الله للمتقين مثل آيات سورة الطلاق هذه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٣) ، وهذه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (٤) ، وهذه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (٥) ، وآية سورة هود هذه : (إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (٤٩) ، وآية سورة الأنفال هذه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢٩) ، وآية سورة الزمر هذه : (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١٠) ، وآية سورة الحديد هذه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

٣٤٧

اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٨).

ويبدو هذا ظاهر الحكمة لأن المتقي يكون قد تجنب العثرات والمواقف الضارة المؤذية فأمن شرها وحظي بما يكون فيه الأمن والسلامة والنفع والخير والسداد والتوفيق والنجاح والنجاة في دنياه وأخراه. ولهذا كله حثّ القرآن على التقوى واعتبرها خير زاد يتزود بها المؤمن ـ والزاد لا بد منه لدوام الحياة مما يفهم ضرورته ذوو العقول النيرة ـ كما جاء في آية سورة البقرة هذه : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) (١٩٧) ، ونبّه على أن أولياء الله هم المتقون كما جاء في آيات سورة يونس [٦٢ / ٦٣] التي أوردناها قبل قليل. وقرر أن الله هو ولي المتقين كما جاء في آية سورة الجاثية هذه : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) (١٩) ، وأن أكرم الناس عند الله أتقاهم كما جاء في آية سورة الحجرات / ١٣ وجعل قبول دعاء الداعين وعبادة العابدين منوطا بالتقوى كما جاء في آية سورة المائدة هذه : (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧) ، وكرر تقرير محبة الله للمتقين في آيات عديدة منها آية آل عمران هذه : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٧٦) (١) ، وأنه مع الذين اتقوا كما جاء في سورة النحل : (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (١٢٨) ، وأنه ينجي الذين اتقوا كما جاء في آية سورة الزمر هذه : (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦١) (٢) ، وفي سورة البقرة آية فيها جماع الفضائل الإيمانية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية وصف المتصفون بها بالمتقين وهي : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ

__________________

(١) لهذه الآيات أمثال أخرى فاكتفينا بمثل واحد.

(٢) المصدر نفسه.

٣٤٨

وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١٧٧).

حيث يبدو من كل ذلك كما قلنا عناية الله الجليلة وحكمة التنزيل السامية بإصلاح المسلم وتوجيه إلى أحسن الوجهات التي فيها خيره وخير الإنسانية وسعادته في الدنيا والآخرة.

تعليق على مدى جملة :

(كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ)

وما بعدها

وجملة : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) وما بعدها ، تفتح الباب للكافر والمجرم والمنحرف للتراجع والأمل بعفو الله ومغفرته على سابق أفعاله. وتجعل العقوبة المنذر بها مستحقة عليه إذا أصرّ على كفره وإجرامه وانحرافه ولم ينته ولم يتراجع عنه.

ولقد انطوى هذا المعنى في آيات كثيرة جدا مكية ومدنية كثرة تغني عن التمثيل. بحيث يقال إن الإنذارات القرآنية إنما استهدفت في الدرجة الأولى تنبيه الكفار والمنحرفين والمجرمين وردعهم وصلاحهم وحملهم على التراجع والانتهاء من كفرهم وانحرافهم وإجرامهم. وفي هذا ما فيه من روعة وحكمة سامية وتلقين مستمر المدى.

تعليق على سنّة سجود التلاوة

في مناسبة الآية الأخيرة من السورة

هذا وهناك أحاديث عديدة تقرر سنة نبوية بالسجود عند تلاوة عدد من الآيات فيها أمر بالسجود لله أو خبر باستكبار الكفار عنه. من جملة ذلك سنة :

٣٤٩

السجود عند تلاوة آخر سورة العلق حيث روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة حديثا جاء فيه : «سجدنا مع رسول الله في (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق / ١] ، و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق / ١]».

ومن الأحاديث المروية في الموضوع عامة حديث رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر جاء فيه : «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته». وحديث رواه مسلم عن أبي هريرة جاء فيه : «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله ، وفي رواية يا ويلي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار». وحديث رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر جاء فيه : «كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مرّ بالسجدة كبّر وسجد وسجدنا معه» (١).

وفي المصحف الذي اعتمدنا عليه إشارة إلى أربع عشرة سجدة هي آيات الرعد [١٥] والنحل [٤٩] والإسراء [١٠٧] ومريم [٥٨] والحج [١٨ و ٧٧] والفرقان [٦٠] والنمل [٢٥] والسجدة [١٥] وص [٢٤] وفصلت [٣٧] والنجم [٦٢] والانشقاق [٢١] والعلق [١٨]. وفي بعض هذه السجدات أحاديث دون بعض. ولقد روى أبو داود وابن ماجه عن عمرو بن العاص حديثا قال فيه : «إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقرأني خمس عشرة سجدة منها ثلاث في المفصّل وفي سورة الحجّ سجدتان» (٢). وروى الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء حديثا جاء فيه : «سجدت مع رسول الله إحدى عشرة سجدة منها التي في النجم» (٣). وروى أبو داود حديثا مرفوعا جاء فيه : «قرأ رسول الله وهو على المنبر (ص) ، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه. فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزّن الناس للسجود فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّما هي توبة نبيّ ولكنّي رأيتكم تشزّنتم للسجود فنزل

__________________

(١) «التاج» ج ١ ص ١٩٨ وما بعدها.

(٢) التاج ج ١ ص ١٩٨ وما بعدها.

(٣) المصدر نفسه.

٣٥٠

فسجد وسجدوا» (١). وهذا بالإضافة إلى حديث أبي هريرة الذي ذكر في سجدتي الانشقاق والعلق. وما بقية السجدات فهي على ما يبدو من تنبيهات المفسرين اجتهادية جريا على قاعدة ذكرها الزمخشري في سياق آية سورة النمل [٢٥] حيث قال إن مواضع السجدة إما أمر بها أو مدح لمن أتى بها أو ذم لمن تركها. ثم قال : إن أبا حنيفة والشافعي رحمهما‌الله اتفقا على أن سجدات القرآن أربع عشرة وإنما اختلفا في سجدة (ص) وسجدتي (النحل).

ولقد روى الخمسة عن زيد بن ثابت قال : «قرأت على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والنجم فلم يسجد فيها» وروى البخاري عن ربيعة بن عبد الله قال : «قرأ عمر بن الخطاب على المنبر يوم الجمعة بسورة النحل فلما جاء السّجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها فلما جاء السّجدة قال يا أيّها النّاس إنما نمرّ بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر» وروى البخاري حديثا عن ابن عمر جاء فيه : «إن الله لم يفرض علينا السجود إلّا أن نشاء».

ويلحظ أن السجدات جميعها في سور مكية وقد كان العهد المكي بنوع خاص عهد نضال وتشاد مريرين بين التوحيد والشرك والإيمان والكفر وبين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه وكفار العرب وفي مقدمتهم زعماء مكة. حيث يلمح من ذلك حكمة السنة النبوية التي فيها علامة الاستجابة السريعة من أهل الإيمان إلى السجود إلى الله عزوجل عند كل مناسبة ورد وتحد عمليان على الكفار بسبب استكبارهم وعنادهم.

تعليق على الأحاديث الواردة في صدد

فضل قراءة السور القرآنية

هذا ، ولقد أورد الزمخشري في آخر تفسير هذه السورة حديثا معزوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جاء فيه : «من قرأ سورة العلق أعطي من الأجر كأنما قرأ المفصل كله».

__________________

(١) المصدر السابق نفسه.

٣٥١

وننبّه بهذه المناسبة على أن الزمخشري يورد في آخر كل سورة بدون استثناء حديثا من هذا الباب (١). وقد نبّه ابن حجر الذي اضطلع بتخريج أحاديث هذا المفسر على ضعف رواة هذه الأحاديث وانقطاعها عن رسول الله ، والمتبادر أن في هذا الحق والصواب. وقد جعلنا هذا نكتفي بإيراد حديث هذه السورة كمثال والتنبيه على ما نبه عليه ابن حجر.

على أننا ننبه على أن هناك أحاديث وردت في كتب الأحاديث الصحيحة بالتنويه ببعض السور. ومن ذلك الأحاديث التي أوردناها في سورة الفاتحة. وسنورد ما كان من هذا الباب في سياق السور التي جاءت في صددها.

__________________

(١) هذه بعض نماذج أخرى من هذه الأحاديث :

١ ـ من قرأ (لَمْ يَكُنِ) كان يوم القيامة مع خير البرية.

٢ ـ من قرأ سورة الشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر.

٣ ـ من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح عليه‌السلام.

٤ ـ من قرأ سورة الممتحنة كان له المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة.

٥ ـ من قرأ سورة الحجرات أعطي من الأجر بعدد من أطاع الله وعصاه.

٦ ـ من قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له يوم القيامة وشاهد أنه بريء من النفاق وأعطي عشر حسنات بعدد كل منافق ومنافقة وكان العرش وحملته يستغفرون له أيام حياته في الدنيا والنصوص بينة لا تكاد تبقي شبهة في النفس بأنها موضوعة مكذوبة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٣٥٢

سورة القلم

في السورة تثبيت وتطمين للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وثناء عليه وحملة على المكذبين وإنذار لهم ، وصور لمواقفهم من الدعوة. وفيها قصة جاءت في معرض التذكير والإنذار كما فيها إشارة إلى قصة يونس في معرض تثبيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومضمون الآيات الأربع الأولى منها والتالية لها يحتمل أن تكون الآيات الأربع نزلت لحدة ، وأن تكون بقية الآيات نزلت بعد مدة ما ، كما يحتمل أن تكون جميعها نزلت دفعة واحدة. وترتيبها كثانية السور نزولا هو بناء على احتمال نزول الآيات الأربع لحدتها. وعقب آيات سورة العلق الخمس الأولى. فإذا لم يكن هذا الاحتمال صحيحا وكانت الآيات الأربع وما بعدها قد نزلت معا ، فلا يكون ترتيبها هذا صحيحا والحالة هذه ، ويقتضي أن تكون نزلت متأخرة بعض الشيء. وقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن الآيات [١٧ ـ ٣٣] و [٤٨ ـ ٥٠] مدنيات. وأسلوبها ومضمونها يلهمان عدم صحة ذلك.

وآيات السور منسجمة في موضوعها وتسلسلها وسبكها. وهذا يسوغ القول إنها من السور التي نزلت دفعة واحدة أو فصولا متلاحقة ، مع ملاحظة ما ذكرناه في صدد آياتها الأربع الأولى.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (١) ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ

٣٥٣

مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤))

(١) يسطرون : من سطر بمعنى كتب.

(٢) المنّ : يأتي في القرآن واللغة في معان عديدة. منها القطع ، ومنها الإنعام والتفضل. ومنها تعداد النعم في مقام التذكير بالجميل. وجملة غير ممنون هنا بمعنى غير مقطوع على ما عليه الجمهور.

الخطاب في الآيات موجه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفيها :

قسم بالقلم وما يكتب الناس به على سبيل التوكيد بأن عناية الله ونعمته شاملتان له ، وأنه ليس مجنونا ، وأن له أجرا دائما من الله على قيامه بمهمته العظمى وما يتحمله في سبيلها ، وأنه على خلق عظيم أهّله لاصطفاء الله وعنايته.

وفي كتب التفسير أقوال عديدة في مدلول حرف (ن). في بعضها إغراب وخيال. فمن ذلك ما ورد في تفسير ابن عباس الذي يرويه الكلبي عن أبي صالح أنه السمكة التي تحمل الأرضين على ظهرها وهي في الماء وتحتها الثور وتحت الثور الصخرة وتحت الصخرة الثرى ولا يعلم ما تحت الثرى إلّا الله وأن اسم السمكة ليواشي أو ليوتي واسم الثور يهبموت أو يلهوي. وقد ورد في التفسير نفسه إلى هذا إنه اسم من أسماء الله أو إنه الدواة. وهذه الأقوال الثلاثة مروية في كتب تفسير أخرى مثل كتب الطبري والبغوي وابن كثير والخازن وغيرهم عن ابن عباس أو (الرواة) أو كعب الأحبار. وفي الرواية الأولى في تفسير البغوي زيادات أكثر غرابة وخيالا معزوة إلى (الرواة) نرويها كنموذج مستغرب أكثر المفسرون السابقون من إيراد أمثاله على هوامش الألفاظ والأعلام والقصص والمشاهد القرآنية عزوا إلى الأخباريين من أصحاب وتابعين الذين تذكر أسماؤهم أحيانا وتغفل أحيانا حيث جاء فيها : «لما خلق الله الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكا فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع فوضعها على عاتق إحدى يديه بالمشرق والأخرى بالمغرب باسطتين قابضتين على الأرضين السبع حتى خبطها فلم يكن

٣٥٤

لقدميه موضع قرار فأهبط الله عليه من الفردوس ثورا له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة وجعل قرار قدمي الملك على سنامه فلم تستقر قدماه فأخذ الله ياقوتة خضراء من أعلى درجة من الفردوس غلظها مسيرة خمسمائة ألف عام فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقرت عليها قدماه. وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ومنخراه في البحر فهو يتنفس كل يوم نفسا فإذا تنفس مدّ البحر وأزبد. وإذا ردّ نفسه جزر فلم يكن لقوائم الثور موضع قرار فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سموات وسبع أرضين فاستقرت قوائم الثور عليها وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) [لقمان / ١٦] ولم يكن للصخرة مستقر فخلق الله نونا وهو الحوت العظيم فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسمه خال والحوت على البحر والبحر على متن الريح والريح على القدرة يقل الدنيا كلها بما عليها حرفان من كتاب قال لها الجبار كوني فكانت.

ويستمر البغوي في سياقه فيقول : وقال كعب الأحبار إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس له فقال له أتدري ما على ظهرك يا لوثيا من الأمم والدواب والشجر والجبال لو تنفثهم ألقيتهم عن ظهرك. فهم لوثيا أن يفعل ذلك فبعث الله دابة فدخلت منخره فوصلت إلى دماغه فعج الحوت إلى الله منها فأذن لها فخرجت. قال كعب : فو الذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه ، إن هم بشيء من ذلك عادت إلى ذلك كما كانت ...

وفي كتب التفسير بالإضافة إلى هذه الروايات والأقوال أحاديث معزوة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. سنورد نصوصها بعد قليل في واحد منها أن النون هو الحوت. وفي واحد منها أنه الدواة. وفي واحد منها أنه لوح من نور. وفي الآيات الأخيرة من السورة إشارة إلى يونس عليه‌السلام بوصفه صاحب الحوت على ما سوف نشرحه بعد. وفي سورة الأنبياء آية فيها إشارة أخرى إلى يونس عليه‌السلام بوصفه ذي النون : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [٨٧] ، حيث يمكن أن يكون كون (النون) اسما للحوت الذي ذكر صاحبه

٣٥٥

في آخر السورة واردا وربط ذلك أول السورة بآخرها. وفي هذا إن صح صورة من صور النظم القرآني. وجملة (وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) قد تجعل كون (النون) اسما للدواة واردا أيضا للتناسب الظاهر. وتعدد السور التي تبتدئ بحرف أو حروف هجائية يتبعها قسم قد يجعل القول إن حرف النون مثلها واردا أيضا ، وقد يكون ما احتوته الآيات الخمس الأولى من سورة العلق أول القرآن نزولا وما احتواه مطلع السورة من مماثلة موضوعية ، حيث أمر في الأولى بالقراءة ونوه بالقلم وما علمه الله للإنسان وحيث أقسم في الثانية بالدواة والقلم والكتابة. وهي (يَسْطُرُونَ) مع حديث أبي هريرة الذي فيه تفسير نبوي للنون بالدواة والذي لا مانع من صحته كل هذا يجعل الرجحان لهذا أكثر.

وإذا صح هذا الترجيح فيكون مطلع السورة الذي من المحتمل أن يكون نزل بعد الآيات الخمس الأولى من سورة العلق توكيدا لما احتوته هذه الآيات الخمس في صدر تلقين القرآن منذ بدء تنزيله بخطورة القراءة والكتابة والعلم والتعليم في حياة الإنسان وكرامته.

استطراد إلى ما عرف

في كتب التفسير بالإسرائيليات وتعليق عليها

وسياق الرواية الطويلة التي نقلناها عن البغوي معزوة إلى (الرواة) يفيد أن كعب الأحبار هو المعني بالرواة أو هو منهم. وهذا الرجل من اليهود الذين أسلموا في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخلفائه الراشدين واندمجوا في المجتمع الإسلامي ، وقد روى عنه وعن رفاقه مثل عبد الله بن سلام ومحمد القرظي وثعلبة ونوف البكالي وأبناء منبه روايات كثيرة على هامش الألفاظ والأعلام والقصص والمشاهد القرآنية فيها مثل ما في هذه الرواية من إغراب وخيال. وقد وصفها علماء المسلمين بالإسرائيليات التي تتضمن معنى التشكيك وعدم الثقة فيها.

ولقد كان عند اليهود أسفار وقراطيس فيها شرائعهم وأخبار أجدادهم

٣٥٦

وأنبيائهم وأخبار ما قبلهم من خلق وتكوين وأنبياء وأحداث. وقد استطاعوا قبل البعثة أن يوجدوا في نفوس العرب فكرة كونهم أصحاب علم في شؤون الدين والدنيا المتنوعة. وكانوا هم يتبجحون بذلك وينسبون كثيرا مما يحدثون به العرب إلى كتب الله على ما أشارت إليه آيات قرآنية كثيرة في سورتي البقرة وآل عمران (١). فلما أسلم من أسلم منهم بعد البعثة صار المسلمون في الصدر الإسلامي يسألونهم عن تفصيل ما ورد مجملا في القرآن من قصص وأعلام ومشاهد وأحداث واصطلاحات فيفيضون لهم عنه. وكانوا يفيضون بذلك بدون سؤال أيضا إذا ما وقعت المناسبة. ولقد روى البخاري عن أبي هريرة حديثا جاء فيه : «كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم و (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) [١٣٦] ، إلى آخر الآية من سورة البقرة» (٢).

فكان الرواة يتلقون ما يذكره هؤلاء ويروونه إلى غيرهم. إلى أن بدأ التدوين فصارت بياناتهم تدون في الكتب الأولى ثم تنقل منها إلى كتب أخرى. ولم يكن للمفسرين اطلاع على الأسفار بلغاتها ولم يتيسر لهم ترجمات لها فصاروا يدونون ما يروى لهم على علاته التي منها الكثير من الإغراب والخيال والمفارقة.

ولقد شغلت الإسرائيليات حيزا كبيرا جدا من كتب التفسير وكان كثير منها مملوءا مثل الرواية التي أوردناها بالإغراب والخيال برغم احتمال كون شيء قليل أو كثير مما كانوا يدلون به واردا في أسفار وقراطيس لم تصل إلينا. وليس كل ما كان في أيديهم من أسفار وقراطيس صحيحا في مجمله أو تفصيله.

ولقد كان لتداول الرواة لهذه البيانات وتدوينها في كتب التفسير وشغلها منها حيزا كبيرا بل الحيز الأكبر أثر قوي في التغطية على ما في القرآن من مبادئ وأحكام وتلقينات ووصايا هي جوهر القرآن ومحكمه الذي فيه الهدى والنور

__________________

(١) «التاج» ، ج ٤ ص ٤٣.

(٢) المصدر نفسه.

٣٥٧

والموعظة والفرقان حينما يريد المسلم أن يقرأ القرآن مفسرا في أحد هذه الكتب ثم في استغراق المسلمين في هذه البيانات بقصد استقصاء جزئيات القصص والأعلام والمشاهد والاصطلاحات القرآنية حتى صارت وما تزال أسئلتهم لمن يشتغل بالقرآن من العلماء عنها في الدرجة الأولى دون الأهداف والمحكمات القرآنية بحيث يقال بحق إنها شوشت على القرآن وأذهان المسلمين.

ويحمل الباحثون اليهود الرواة مسؤولية ذلك. ومنهم من يرى أنهم قصدوا إليه قصدا كيدا للإسلام واستغفالا للمسلمين. وقد يكون في هذا القول شيء من الحق. غير أننا نرى أن الرواة الأولين من المسلمين ثم المدونين الذين دونوا رواياتهم لأول مرة ثم الذين نقلوا عن هؤلاء يتحملون كذلك مسؤولية مثلهم إن لم نقل أكثر منهم لأنهم مفروض فيهم القدرة على تمييز الغثّ من السمين والباطل من الحق والكذب من الصدق وعلى لمح ما في الروايات من غلوّ ومبالغات لا يصح كثير منها في عقل ومنطق وواقع ولا يؤيدها أثر صحيح. ثم القدرة على إدراك ما في رواية هذه الروايات وتدوينها وإشغالها الحيز الكبير أو الأكبر من كتب التفسير من تشويش على أذهان قارئي هذه الكتب وعلى أهداف القرآن ومحكماته.

وقد يكون من الحق أن بعض المفسرين وقفوا من الاسرائيليات موقف المنكر المنبه الناقد غير أن هذا ليس شاملا ولا عاما ، ومن الناقدين والمنكرين والمنبهين أنفسهم من روى كثيرا منها في مناسبات كثيرة بدون نقد ولا إنكار ولا تنبيه.

تنبيه في صدد الأحاديث والأقوال التي تروى بدون سند صحيح

ويكون فيها تعدد وتباين وتباعد وغرابة

في الأحاديث المعزوة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن مدلول النون واحد يذكر أنه الدواة وواحد يذكر أنه الحوت وواحد يذكر أنه لوح من نور. وليس شيء من هذه الأحاديث واردا في الكتب المعتبرة. وفي الأقوال المعزوة إلى ابن عباس رواية مختصرة مماثلة في مداها لما رواه البغوي عن كعب الأحبار ورفاقه الرواة. ورواية

٣٥٨

تذكر أنه اسم الله بالإضافة إلى قولين مما ورد في الأحاديث وهما أنه لوح من نور أو أنه الدواة. ومع ما قلناه من أن هذه الأحاديث والأقوال لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة فإن المتبادر أنه لا يعقل أن يصدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو ابن عباس أقوال متعددة فيها تباين وتضارب وغرابة. وكل ما يعقل أن يكون صدر قول واحد في تفسير الكلمة. وأن تكون الأقوال الأخرى على الأقل منحولة نحلا. ومثل هذا كثير على ما سوف ننبه عليه في مناسباته. وليس هذا خاصا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وابن عباس فإن المفسرين يروون أقوالا عديدة فيها تضارب وتباين وتباعد وغرابة عن شخص واحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وتابعيهم. وقد أردنا بهذا تنبيه القارئ إلى ضرورة التدبر في هذا الأمر والتوقف فيما لا يكون وثيق السند ويكون فيه في الوقت نفسه تعدد وتضارب وتباين وغرابة سواء أنسب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو إلى أصحابه أو تابعيهم ، والله تعالى أعلم.

تعليق على الحروف المتقطعة

في أوائل السور

وعلى تقدير أن حرف (ن) من الحروف المتقطعة المماثلة للحروف التي بدئت بها سور عديدة أخرى نقول إن هذه السور [٢٩] وهي سورة البقرة وآل عمران والأعراف ويونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر ومريم وطه والشعراء والنمل والقصص والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة ويس وص وغافر وفصلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف وق ون. وهناك من يخرج (طه) و (يس) ويقول إنهما اسمان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم و (ق) ويقول إنه اسم جبل بالإضافة إلى (ن) التي قال بعضهم إنه الحوت أو الدواة كما ذكرنا آنفا. وهناك من يجعل هذه الأربعة كسائر الحروف.

وليس هناك أثر نبوي وثيق في مدى ومغزى هذه الحروف التي جرى التواتر غير المنقطع على قراءتها بأسمائها (الف. لام. ميم إلخ) وقد تعددت روايات

٣٥٩

وأقوال المفسرين في هذا المدى والمغزى (١). منها أنها رموز إلى أسماء الله تعالى أو صفاته. أو أقسام أقسم الله تعالى بها ، أو أسماء للسور ، أو أريد بها تحدي الكفار بالقول إن القرآن إنما هو حروف وكلمات من جنس ما يعرفونه فليأتوا بمثله أو بشيء منه. وهناك من فضل عدم التخمين ووكل علمها وحكمتها إلى الله تعالى. وهناك من خمن أنها أو أن بعضها احتوى أسرارا أو ألغازا دنيوية مغيبة. وهناك من روى أنها لحساب المدة الباقية من الدنيا بحساب الأرقام التي ترمز إليها الحروف في حساب الأبجدية التي ترتيبها (أب ج د ه وز ح ط) (ي ك ل م ن س ع ف ص) (ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ) حيث تحسب الحروف التسعة الأولى أرقام آحاد من الواحد إلى التسعة والحروف التسعة التالية أرقام عشرات إلى التسعين والحروف العشرة التالية أرقام المئات إلى الألف ويبلغ مجموع أرقام جميع الحروف على هذا الحساب (٣٢٩٥) وهذا الترتيب والحساب هو ترتيب الأبجدية العبرانية وحساب اليهود لها باستثناء الحروف الستة الأخيرة التي ليس لها نظير في هذه الأبجدية.

وقد طلع باحث عربي مؤخرا برأي يقول فيه إنها ترمز إلى عدد آيات السور التي جاءت في مطلعها على أساس ذلك الحساب (٢).

__________________

(١) انظر تفسير أول سورة البقرة خاصة وتفسير أوائل السور التي تبتدئ بهذه الحروف بصورة عامة في مختلف كتب التفسير القديمة كالطبري والبغوي والقرطبي والنيسابوري والنسفي والخازن والزمخشري والطبرسي وابن كثير ... إلخ إلخ.

(٢) نشر السيد نصوح الطاهر في رمضان ١٣٧٣ ه‍ ـ ١٩٥٤ م رسالة عنوانها «أوائل السور في القرآن» ذهب فيها هذا المذهب. ومن ينعم النظر فيها ير تجوزا بارزا في الحساب وتسليما بروايات مدنية الآيات في السور المكية ومكية الآيات في السور المدنية بدون سند وثيق وعدم تسليم ببعضها بدون سند وثيق للحساب والتطبيق. مع أن هناك روايات مضادة ومع أن روح الآيات وسياقها يلهمان بقوة عدم صحة معظم روايات مدنية ومكية الآيات في السور المكية والمدنية.

ومما يقوله السيد الطاهر أن الحروف في بعض السور بل في معظمها كانت ترمز إلى عدد آيات السور في مرحلة من المراحل وقبل ترتيب آياتها نهائيا. ثم أضيف بعد هذه

٣٦٠