المحجّة في تقريرات الحجّة - ج ٢

آية الله الحاج آقا علي الصافي الگلپايگاني

المحجّة في تقريرات الحجّة - ج ٢

المؤلف:

آية الله الحاج آقا علي الصافي الگلپايگاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة السيدة المعصومة سلام الله عليها
المطبعة: سپهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-6197-51-5
الصفحات: ٥٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

في المسألة الفرعيّة ، يعني في مقام العمل يكون مستنده التقليد في المسألة الاصولية التي قلنا أوّلا ، فهذا التّقليد الثاني يعني في المسألة الفرعية تقليديا ، ولا يوجب التقليد فيه دورا أو تسلسلا ، لانتهائه الى التقليد في المسألة الاصوليّة وأمّا التقليد في المسألة الاصولية إن كان أيضا تقليديا فيوجب الدّور أو التسلسل ، ولهذا قلنا بأنّ دليل ذلك هو حكم العقل ، لا تقليد آخر ، فظهر لك أنّ الدور أو التّسلسل يأتي في أحد قسمي التقليد ، وليس هذا القسم تقليديا.

اذا عرفت أن أصل التقليد وجوبه ثابت بمقتضى حكم العقل وعدم احتياجه الى دليل تعبّديّ ، ولكن مع ذلك الحق هو أنّه ليس الرجوع في باب تقليد العالم من باب رجوع الجاهل الى العالم ، بل يكون أزيد من ذلك وهو : أنّه يستفاد كون ذلك منصبا من المناصب ، يعني مقام الإفتاء بقرينة ما ورد في الخبر «فقد جعلته حجّة عليكم» فالمجتهد حجة ، وهذا معنى كونه صاحب منصب ، فبحكم العقل وضمّ ما قلنا من النقل نكشف كون المجتهد مرجعا للمقلّد ، وأنّ ذلك منصبا للمجتهد ، فافهم.

فظهر ممّا بيّنّا أنّ دليل لزوم التقليد يكون من باب حكم العقل برجوع الجاهل الى العالم من باب التعبد ، ولو لم يحصل له العلم بما يقول المجتهد أو الظنّ ، والنقل أيضا في الجملة يدلّ على ذلك ولا نحتاج الى التعرّض له مفصّلا.

المقصد السادس

بعد ما قلنا في وجه أصل التقليد ، وأنّ الجاهل لا بدّ له من الرجوع الى العالم يعني المجتهد ، فكلّما يفهم بمقتضى عقله اعتبار خصوصية في العالم الذي يحكم العقل بالرجوع اليه فلا بدّ من اعتباره عنده مع الشرط الذي يدري بدخله فيه ، وإلّا فلا بدّ له من الأخذ بالقدر المتيقن بمقتضى حكم العقل.

فعلى هذا نقول بأنّ بعض الشروط يكون اعتبارها في المجتهد الذي يرجع اليه

٥٠١

الجاهل مسلّما ، بل إجماعا ، وهي : الذكورة والبلوغ والعدالة ، وهذه الثلاثة لا إشكال في دخلها ، ويبقى أمران آخران وهي :

الأول : هل يجب كون المجتهد أعلم ، أو لا؟

الثاني : هل يجب أن يكون حيّا ، أو لا؟

اعلم أولا : أنّ الكلام في هذين الأمرين تارة يكون من باب بيان تكليف الجاهل المقلّد ، وأنّه ما يصنع وما يكون تكليفه بنظره؟ وتارة يكون الكلام في الجهة العلميّة ، يعني ما هو الحقّ بمقتضى الموازين العلمية لنا.

فنقول : أمّا المقلّد ـ بالكسر ـ فكما قلنا لو علم بمقتضى عقله أنّ الشرطين يعني الأعلمية والحياة معتبران في المجتهد المقلّد كما هو الحقّ بمقتضى حكم العقل ؛ لأنّه بعد ما يرى أنّ الأعلمية موجبة لكشف الأحكام أحسن من كشف غير الأعلم ، كما أنّك ترى بأنّ حذاقة الطبيب وكونه أشدّ حذاقة من الآخر مؤثرة في الطبابة كاملا ، والعقل يحكم حين الابتلاء بالمرض برجوعه اليه مسلّما كذلك في العالم يحكم العقل بالرجوع الى الأعلم ؛ لأنه أعلم في كشف الأحكام.

وما توهّم من أنّا نرى أنّ الطبيب مثلا يوصي المريض بالمراجعة مع وجود الحاذق ، وهذا شاهد على عدم حكم العقل باختيار الأحذق في مقابل الحاذق ، واختيار الأعلم في مقابل العالم مع كون كلّ منهما حاذقا وعالما ، غاية الأمر أحدهما أحذق وأعلم من الآخر ليس في محلّه ، وينبغي أن لا يتشطّط ذهن العوام بذلك ؛ لأنّ ما يرى من الأخذ بحاذق في الطبّ مع وجود الأعلم يكون من باب المسامحة في الامور الغير مهمّة ، مثلا من صار مبتلى بوجع رأس مختصر غير ذي أهمية فيه يرجع الى الحاذق مع وجود الأحذق لعدم أهمية المرض ، وأنّ مع عدم الأهميّة يتسامحون في ذلك ، ولذا ربّما يرجع الى غير الطبيب أيضا ممّن يكون له تجربة ، وهذا كلّه من المسامحة في الامور غير المهمّة ، لا من باب عدم فرق عند العقل بين العالم والأعلم ،

٥٠٢

ولذا لو كان مرضا مهما ويكون الاختلاف في تشخيص المرض بين الحاذق والأحذق فمسلّما يرجع الناس بمقتضى العقل الى الأعلم ، ومحلّ كلامنا في التقليد الى هذه الصورة ، يعني بعد أهمّية الأحكام الشرعية وكون الأعلم أعرف بكشف الأحكام قهرا ووجود الاختلاف بينهما ، فلا إشكال في حكم العقل بالرجوع الى الأعلم وعدم الرجوع الى غير الأعلم.

فظهر لك أنّ في باب التقليد لا بدّ من الأخذ بقول الأعلم والحيّ ؛ لأن في الحيّ أيضا يمكن أن يصل الحيّ الى ما لم يصل الميت ، فيحكم العقل بالرجوع الى الحي ولو بقي الجاهل شاكّا في أنّه يجب عليه تقليد الأعلم الحيّ ، أو يكفي غير الأعلم ، أو يكفي تقليد المجتهد الميّت فأيضا لا بدّ له من الأخذ بالقدر المتيقّن ؛ لأنّ هذا أيضا مقتضى حكم العقل ، فإنّه بعد اشتغاله بتكاليف لا يدري بأنّ الاعتماد بأيّ طريق كاف فقدر المسلم تقليد الحيّ الأعلم وغيره يكون مشكوكا. هذا كلّه في حكم المقلّد بالكسر.

وأمّا البحث من جهة علمية يعني ما تقتضيه الموازين العلمية بحيث يكشف حقّ المطلب لنا فنقول : يقع الكلام في أمرين :

الأمر الأول : في أنّه هل يجب تقليد الأعلم ، أو لا؟ ونقول بإيجاز : إنّ اعتبار الأعلم مسلّم بمقتضى حكم العقل ، ولا نحتاج الى غير ذلك ، فكلّ من يراجع عقله يفهم أهمّية المورد لان مورد التقليد كما قلنا هو فهم الأحكام الشرعية من المجتهد ، ووجود الاختلاف بين الأعلم وغير الأعلم يصدق أنّ تقليد الأعلم واجب ، بمعنى أنّه يجب كون المقلّد ـ بالفتح ـ أعلم وإن شككنا في ذلك نحن أيضا كالمقلد ، فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الحكم بوجوب تقليد الأعلم ، لأنّه بعد ثبوت التكليف لا تبرأ الذمّة إلّا بالرجوع الى المجتهد الأعلم ، ولا حاجة الى ما ذكره المحقّق الخراساني رحمه‌الله من الردّ والإيراد في المقام.

وما ورد في تفسير الإمام يعني الحسن العسكري عليه‌السلام من قوله : «فللعوام أن

٥٠٣

يقلّدوه» في ضمن الخبر :

فأولا : ليس منشأ هذا التفسير إلّا نقل الصدوق عن استاذه ، وكلّ من نقله نقله اعتمادا على الصّدوق ، فأصل هذا التفسير لا يسلّم نسبته الى الإمام عليه‌السلام.

وثانيا : بأنّ مع ذكره في صدر الخبر حال الآخذين من اليهود والنصارى بعلمائهم مع علمهم بكذبهم والطعن في ذلك وهم يقلّدون علماءهم في صفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالذيل الراجع الى علمائنا أيضا يكون في ذلك ، يعني حكم برجوع المسلمين الى علمائنا في ذلك ، يعني في صفات النبي بقرينة الصدر ، ولا إشكال في أنّ الرجوع الى العلماء في صفات النبي يكون برجوع وعلم الشخص بنفسه بالصفات ، ولا يجوز تقليد المصطلح فيها ، يعني الأخذ بقول العالم تعبدا ولو لم يوجب العلم ، بل ولو لم يكن موجبا للظن ، فليست الرواية على تقدير صحة سندها مرتبطة بما نحن فيه ، فعلى هذا يكون تقليد الأعلم لازما على ما يقتضيه التحقيق.

الأمر الثاني : في أنّه هل يجب تقليد المجتهد الحيّ ، أو يكفي ويجوز تقليد الميت أيضا؟ بمعنى أنّ الحياة معتبرة في المقلد ، أو لا يعتبر ذلك؟

اعلم : أنّ الكلام في هذا الأمر يكون تارة في جواز تقليد الميت ابتداء مع عدم كونه مقلّدا له سابقا ، مثل أن يقلّد في هذا الزمان أحدا من العلماء رحمهم‌الله

واخرى يكون الكلام في جواز البقاء على تقليد الميت وعدمه ، مثلا لو كان أحد مقلّدا لعالم فمات هذا العالم فهل يجوز لهذا الشخص المقلّد أن يكون باقيا على تقليده ، أو لا يجوز ذلك؟

أمّا الكلام في الجهة الاولى ـ يعني جواز تقليد الميت ابتداء ـ فعدم جوازه تقريبا يكون إجماعيا ، ولو أنكر ذلك بعض الأخباريّين من قولهم بالأخذ بفتوى بعض القدماء ، ولكن لا يخفى أنّ النزاع يكون بيننا وبينهم صغرويا ، فإنّهم يقولون مع إنكار التقليد أصلا بأنّ فتوى بعض من القدماء مطابق مع الأخبار فيأخذون

٥٠٤

بها ، فهم لا يجوّزون تقليد الميت ، بل يقولون بعدم جواز التقليد أصلا ، ولكن يأخذون بفتوى بعض لا من باب التقليد ، ومع قطع النظر عن الإجماع الذي قلنا على عدم جواز تقليد الميت ابتداء لا إشكال في كون تقليد الحيّ بالقدر المتيقّن ، ولا ندري بأنّ تقليد الميت أيضا كاف كتقليد الحي ، أو لا يكفي ذلك؟ ومع الشك كما قلنا لا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقن ، لأنّ بالأخذ بالقدر المتيقن يرتفع الاشتغال.

وقد يتمسّك لجواز تقليد الميت بالاستصحاب ، والتمسّك بالاستصحاب تارة يكون في المسألة الاصولية ، بمعنى الاستصحاب في أصل بقاء جواز التقليد ، مثلا كان العلّامة رحمه‌الله سابقا في زمان حياته فمن كان يجوز تقليده فنستصحب هذا الجواز.

وتارة يكون التمسّك بالاستصحاب في المسألة الفرعية ، بمعنى كشف الحكم الشرعي ، مثلا كان سابقا القراءة في الصلاة واجبة برأي العلّامة رحمه‌الله من زمان حياته فيستصحب ذلك بعد مماته ويقول ببقاء وجوب القراءة ، ومن بقاء حكم المستصحب يحكم بالملازمة ببقاء التقليد وجواز البقاء عليه.

ولا يخفى عليك أنّ الاستصحاب الأول ـ يعني الاستصحاب في المسألة الاصولية ـ لو كان جاريا يجري في كلتا الصورتين ، يعني في صورة الشك في جواز تقليد الميت ابتداء ، وفي صورة الشك في البقاء على تقليده ، لأنّه لو كان استصحاب الجواز جاريا ففي تقليد البدوي يقول بأنّ هذا الشخص سابقا كان جائز التقليد فنستصحب هذا الجواز ونحكم بجواز تقليده ، وفي بقاء التقليد يقول أيضا : كان سابقا جائز التقليد فنحكم ببقاء جواز تقليده ببركة الاستصحاب.

وأمّا الاستصحاب الثاني ـ يعني الاستصحاب في المسألة الفرعية ـ فهو مختصّ بصورة البقاء ، لأنّ في هذه الصورة يصحّ أن يقال : كانت القراءة ـ مثلا ـ واجبة سابقا بمقتضى فتوى العالم الذي مات فعلا ، والحال أيضا نحكم ببقاء هذا الوجوب بالاستصحاب.

٥٠٥

وأمّا في التقليد الابتدائي فلا مجال لذلك ؛ لأنّه لم تجب عليه القراءة سابقا بمقتضى فتوى الميت حتى يستصحب هذا الوجوب. واعلم أيضا أنّه لو جرى الاستصحاب ففي الحكم الفرعي يكون أثره هو وجوب البقاء لا جواز البقاء ، لأنّ بعد جريان استصحاب الحكم وبقاء الحكم نحكم بالملازمة ببقاء التقليد ، فكما أنّه سابقا كان واجب التقليد كذلك يكون في الحال ، وكذلك في صورة إجراء الاستصحاب في المسألة الاصولية لو كان من مات ، كالعلّامة رحمه‌الله وكان في زمانه منحصرا بالفرد أو كان الأعلم في زمانه ، وبمقتضى الاستصحاب قلنا بتقليده يكون تقليده واجبا ، لأنّه على هذا التقدير كان واجب التقليد سابقا فببركة الاستصحاب يصير في الحال أيضا واجب التقليد.

اذا عرفت ذلك كلّه نقول : إنّا لا نتعرّض لبعض ما أورده في الكفاية المحقّق الخراساني رحمه‌الله من الإشكال على هذا الاستصحاب : من أنّ الموضوع لم يكن باقيا ، وجوابه بأنّ الموضوع وهو نفس الناطقة باق ، ولكن نقول على فرض بقاء الموضوع وعدم تبدّل الموضوع بعدم جريان الاستصحاب.

ولنقدم لإثبات عدم جريان الاستصحاب مقدمتين :

الأولى : أنّ من المسلّم في حجية فتوى المجتهد للمقلّد هو كون ما حصل له من الأحكام من الطرق المتعارفة المتداولة ، لأنّ ذلك القدر المتيقن ، ولذا قالوا بأنّ القطع الحاصل للمجتهد من الطرق غير العادية كالجفر والرمل ليس حجة للمقلد وإن كان حجّة لنفسه ، والسرّ في ذلك ليس إلّا ما قلنا من أنّ القدر المتيقن من حجية رأي المجتهد للمقلّد ليس إلّا الرأي الحاصل له من الطرق المتداولة ، لا من كلّ سبب وجهة ولو كانت من النوم ، فلو فرض أنّ مجتهدا يرى في نومه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويسأل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله الأحكام ويقطع بسبب ذلك النوم أنّ حكم مسألة الفلانية كذا وان كان ذلك القطع الحاصل من هذا الطريق حجة بالنسبة الى نفسه لكن لا يمكن للمقلّد الأتباع في هذا

٥٠٦

الحكم الحاصل من نوم المجتهد وإن كان المجتهد قاطعا به.

الثانية : أنّ الشخص إذا مات وورد في عالم البرزخ يكشف عنده الواقعيات ويعلم الحقائق لا بالنحو المتداول في هذا العالم ، فهو لو فرض انكشاف وجوب شيء له في البرزخ ليس انكشافه بالطريق المتداول.

اذا عرفت ذلك نقول : بأنّ المجتهد بعد موته لو فرض بقاء الحيث الذي يكشف به الأحكام وهو نفس الناطقة عدم تبدل موضوعه بالموت ، لعدم كون الأحكام قائمة ببدنه ، بل كانت بنفسه الناطقة وفرض أنّه بعد الموت انكشفت له الأحكام موافقة لما كان مقتضى رأيه في الدنيا ، ولكن مع ذلك لا يجوز تقليده ؛ لأنّ معنى تقليده والبقاء على تقليده هو كون رأيه السابق في الدنيا حجة عليه.

وهذا لا يمكن ، لما قلنا من أنّ رأيه السابق في الدنيا كان منشؤه هو الطرق المتداولة ، وبعد الموت يكون منشؤه كشف الأحكام على غير الطرق المتداولة ؛ لما قلنا في المقدمة الثانية ، وعلى ما قلنا في المقدمة الاولى لا يجوز أخذ رأي المجتهد الذي علم بالأحكام من غير الطرق المتداولة ، فلا يمكن اتّباع رأيه في الآراء اذا كان منشأ رأيه الطرق الغير المتداولة ، فاستصحاب جواز تقليده لا وجه له ؛ لأنّه على الفرض لم يكن باقيا على آرائه على ما كان عليه ، لأنّه على الفرض بعد الموت انكشفت له الأحكام من غير الطرق التي جاز اتباعها.

وإن أبيت عن قبول ذلك فقل كما قالوا بتبدّل الموضوع في عدم جريان الاستصحاب. هذا حال الاستصحاب في المسألة الاصولية.

وأمّا الاستصحاب في المسألة الفرعية فنقول أولا : بأنّ الموضوع قد تبدّل ، لأنّه كان سابقا وجوب السورة ـ مثلا ـ من باب فتوى المجتهد ، والحال ذهب المجتهد فقد تبدّل الموضوع.

وثانيا : بأنّ استصحاب الحكم في المسألة الفرعية لا بدّ إمّا أن يكون الحكم

٥٠٧

الواقعي ، أو الحكم الظاهري ، ولا مجال لكلّ منهما في ما نحن فيه ، لأنّه بعد كون التقليد من باب رجوع الجاهل الى العالم تعبدا ، ولا يحصل للمقلّد الحكم الواقعي بل ولا الظاهري حتى يستصحب ذلك الحكم ، وليس إلّا العمل على طبق رأيه تعبدا ، وليس مثل استصحاب الحكم في غير ذلك المورد ، فإنّ في غير المورد ـ مثلا ـ اذا علم بمقتضى خبر الواحد وجوب شيء ثم شكّ في الزّمان الثاني في أنّ الوجوب باق أو لا يجري الاستصحاب ؛ لأنّ بالخبر جعل له الحكم الواقعي التنزيلي ، فيستصحب ذلك في الزّمان الثاني ، وفي المقام جعل له الحكم السابق حتى يستصحبه في اللاحق.

فظهر لك عدم جريان الاستصحاب ، فعلى هذا يظهر لك حال أمر آخر ، وهو الجهة الثانية ، يعني جواز بقاء تقليد الميت ، لأنّه بعد عدم جريان ذلك الاستصحاب ، ولا مجال لجواز بقاء تقليد الميت أيضا كتقليده الابتدائي ، ومع قطع النظر عن كلّ ذلك قلنا بعدم الجواز لأجل الأخذ بالقدر المتيقن ، والقدر المتيقن هو أن يكون المقلّد أعلم الأحياء.

نعم ، اذا كان الميت أعلم قد يصير مورد الإشكال في خصوص البقاء ، لأنّ في التقليد الابتدائي ولو كان الميت أعلم فلا مجال لتقليده ، للإجماع على عدم جواز تقليد الميت ابتداء مطلقا ولو كان أعلم من الحي.

وأمّا اذا كان مقلّدا لشخص ومات وكان أعلم من العالم الحيّ فهل القدر المتيقن هو تقليد الأعلم الميت ، أو الحي الغير أعلم؟

اعلم : أنّه اذا لم يكن مرجّح في البين فيدور الأمر بين ترجيح الحياة فيأخذ برأي غير الأعلم الحي ، وبين ترجيح الأعلمية فيأخذ بالأعلم الميت ، ففي هذا المورد إن كان ترجيح لأحدهما من جهة عند العقل فيرجّح ماله الترجيح ، وإلّا فالحكم هو التخيير بين الأخذ بالأعلم الميت أو غير الأعلم الحي ؛ لأنّ في التزاحم يكون الحكم بعد عدم الترجيح هو التخيير ، فافهم

٥٠٨

وكان لسيدنا الاستاذ مدّ ظلّه هنا بعض تحقيقات آخر ولم أكتبها في هذه الأوراق.

والحمد لله أولا وآخرا. والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطيّبين الطاهرين.

٥٠٩
٥١٠

الفهرس

٥١١
٥١٢

الفهرس

الكلام في القطع والظنّ والشكّ............................................... ٧

المقصد الأوّل : في العلم................................................... ١٥

المقام الأوّل : أنّ العلم لا يكون موردا لحكم أصلا........................... ١٥

اشتراك العالم والجاهل في الحكم................................................... ١٧

مؤدّى الطرق والأمارات.......................................................... ١٩

المقام الثاني : في تقسيم العلم.............................................. ٢٣

أقسام العلم.................................................................... ٢٣

الفروق بين أقسام العلم......................................................... ٢٧

قيام الطرق والأمارات مقام العلم.................................................. ٣١

قيام الطرق والأمارات مقام العلم الطريقي والموضوعي................................. ٣٣

قيام الاصول مقام العلم.......................................................... ٤١

٥١٣

المقام الثالث............................................................... ٤٥

المقام الرابع : في التجرّي.................................................. ٤٧

معنى التجرّي وجهاته وما يترتب عليه.............................................. ٤٩

الفرق بين الانقياد والتجرّي...................................................... ٥١

وجوه اثبات حرمة الفعل المتجرّى به : الأول........................................ ٥٢

كلام المحقق الآخوند ، وإشكال النائيني عليه ، وردّه................................. ٥٣

الوجه الثاني لإثبات حرمة الفعل المتجرّى به......................................... ٥٥

الوجه الثالث................................................................... ٥٦

الوجه الرابع.................................................................... ٥٧

ثمرة النزاع في التجرّي............................................................ ٥٩

المقام الخامس : عدم اعتبار القطع عند الأخباريّين............................ ٦١

مناقشة الأخباريين في الحجية العقلية ، وعدمها...................................... ٦٣

المقام السادس : في قطع القاطع............................................ ٦٥

المقام السابع : العلم الإجمالي.............................................. ٦٧

موارد جواز الاكتفاء بامتثال العلم الإجمالي.......................................... ٦٩

بيان كون العلم الإجمالي كالتفصيلي............................................... ٧١

امور تصوير التكليف في العلم التفصيلي........................................... ٧٣

كلام للشيخ الأنصاري وجوابه................................................... ٧٥

٥١٤

المقصد الثاني : في الظنّ................................................... ٧٩

الوجه الأول من وجهي عدم التعبّد بالخبر الواحد.................................... ٨٠

الوجه الثاني.................................................................... ٨١

كلام الشيخ في التعبّد بالظنّ ومناقشته............................................ ٨٣

كلام الشيخ في الشكّ في الحجيّة ومناقشته......................................... ٨٥

فصل : في بعض الظنون.................................................... ٨٩

المقام الأول : في حجيّة الظن الحاصل من الألفاظ ، وعدمه................... ٨٩

في حجيّة الظهور............................................................... ٩١

مباني العقلاء في ظواهر الألفاظ................................................... ٩٣

في كلام المحقق الخراساني والشيخ ومناقشتهما........................................ ٩٥

في حجية العمل بظواهر الكتاب الكريم ، وعدمها................................... ٩٧

التنبيه على امور : التنبيه الأول في القراءات السبع................................. ١٠٢

الكلام في عدم التحريف في الكتاب المجيد........................................ ١٠٧

في حجية الظنّ الحاصل من قول اللغوي ، وعدمها................................. ١١١

أصل في الشهرة الفتوائية.................................................. ١١٥

أصل في حجية خبر الواحد................................................ ١١٧

أدلّة النافين لحجية خبر الواحد.................................................. ١١٩

أدلّة المثبتين لحجية خبر الواحد.................................................. ١٢٢

٥١٥

كيفية عمل السيرة بخبر الواحد.................................................. ١٢٥

الإشكال على التمسك بآية النبأ لحجية الخبر ومناقشته............................ ١٢٦

الجواب على الاشكال العقلي واللفظي........................................... ١٢٩

عدم اعتناء العقلاء باحتمال الخلاف............................................. ١٣١

الاستدلال بآية النفر على حجية خبر العادل..................................... ١٣٣

الإشكال على التمسك بآية النفر لحجية خبر العادل.............................. ١٣٥

الاستدلال بآية الكتمان على حجية خبر الواحد.................................. ١٣٧

الاستدلال بآية سؤال أهل الذكر على حجية خبر الواحد........................... ١٣٩

الاستدلال بآية الاذن على حجية خبر الواحد.................................... ١٤٠

مناقشة الاستدلال بآية الاذن................................................... ١٤٣

المناقشة في إمكان التعبّد بخبر الواحد عقلا وعرفا ، وعدمه.......................... ١٤٥

في كفاية الردع وعدمه في الموضوعات والأحكام................................... ١٤٧

في كون السيرة طريقا للحكم الشرعي............................................ ١٤٩

الكلام في الوجوه العقلية على تقريبي الشيخ والمحقّق الآخوند......................... ١٥٠

كلام المحقّق الأصفهاني في دليل الانسداد........................................ ١٥٣

الكلام في أصالة البراءة................................................... ١٥٧

الاستدلال للبراءة بآيات الكتاب الكريم ومناقشتها................................. ١٥٧

الاستدلال للبراءة بالأخبار والروايات............................................. ١٦٢

في بيان ما هو المرفوع في حديث الرفع............................................ ١٦٣

٥١٦

القول بأنّ المرفوع هو المؤاخذة الأعمّ ، وردّه....................................... ١٦٧

جواب ما قاله البعض بإسناد الرفع لنفس الفعل................................... ١٦٩

إشكال الشيخ على حديث الرفع وجوابه بتوجيهات................................ ١٧٠

عدم المنع من شمول حديث الرفع للشبهة الحكمية والموضوعية....................... ١٧٣

إسناد الرفع الى آثار متعلّقات التسعة المذكورة..................................... ١٧٥

إشكالان وجوابان في منشأ الرفع في الحديث...................................... ١٧٧

القول بأنّ منشأ المؤاخذة غرض الشارع ، والمناقشة فيه............................. ١٧٩

جواب المحقق في الكفاية عن إشكال المؤاخذة ، ومناقشته........................... ١٨١

كيفية رفع الآثار المترتّبة على الأحكام الشرعية.................................... ١٨٣

الكلام فيما يرفعه الحديث من الأحكام الوضعية................................... ١٨٥

الكلام في بعض الآثار الوضعية................................................. ١٩١

الكلام في الجهل والنسيان...................................................... ١٩٥

خبر «الحجب» و «الاحتجاج على العباد» المتمسّك بها للبراءة..................... ١٩٧

التمسّك بخبر «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي»................................ ١٩٩

التمسّك بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج «في العدّة» للبراءة....................... ٢٠١

الاستدلال بقاعدة قبح العقاب بلا بيان للبراءة.................................... ٢٠٣

مناقشة الاستدلال بقاعدة «قبح العقاب» للبراءة.................................. ٢٠٥

الإشكال على الشيخ بعدم كون الشبهة موضوعية................................. ٢٠٧

الاستدلال بالأدلّة الثلاثة على وجوب الاحتياط.................................. ٢٠٨

الاستدلال ببعض الأخبار على وجوب الاحتياط.................................. ٢٠٩

٥١٧

مناقشة الاستدلال بموثّقة ابن وضّاح لوجوب الاحتياط............................. ٢١١

الاستدلال العقلى على وجوب الاحتياط......................................... ٢١٢

الإشكال على الوجه الأول للاستدلال على وجوب الاحتياط بدليل العقل............ ٢١٣

مناقشة الشيخ حول انحلالية العلم وفعلية التكليف................................. ٢١٥

الإيراد على التمسّك بدليل «لا يحلّ ...»....................................... ٢١٧

التنبيه على امور :......................................................... ٢١٨

التنبيه الأول.................................................................. ٢١٨

التنبيه الثاني.................................................................. ٢٢٠

التنبيه الثالث : في استحسان الاحتياط لصرف إدراك الواقع........................ ٢٢١

التنبيه الرابع : صحّة جريان البراءة في كل مورد لا يكون دليل حاكم أو وارد عليها..... ٢٢٢

دوران الأمر بين الحرمة وغير الوجوب عند إجمال النصّ............................. ٢٢٣

دوران الأمر بين الحرمة وغير الوجوب عند الشكّ بالجزئية........................... ٢٢٥

التمسّك برواية مسعدة للبراءة ، ومناقشتها........................................ ٢٢٩

تنبيهات المسألة السابقة........................................................ ٢٣١

الكلام في التنبيه الأوّل......................................................... ٢٣١

الاحتمالات الأربعة في أخبار من بلغ............................................ ٢٣٥

احتمال عدم كون أخبار من بلغ ناظرة الى استحباب العمل والثواب.................. ٢٣٧

لا يستفاد من أخبار من بلغ إلّا تحديد الثواب.................................... ٢٣٩

٥١٨

الثمرة في بعض موارد أخبار من بلغ.............................................. ٢٤٠

التنبيه الثاني للمسألة السابقة ، وصوره ، ومناقشتها................................ ٢٤٢

مناقشة الحكم في الصورة الرابعة................................................. ٢٤٥

مناقشة فروع الصورة الثالثة مجدّدا................................................ ٢٤٦

إشكالان على التخيير الوارد في توقيع الإمام عليه‌السلام............................ ٢٤٩

توجيه الوحيد البهبهاني قدس‌سره لتصحيح كلام المشهور............................ ٢٥١

مناقشة بعض الأعلام بصدد توجيه كلام الوحيد قدس‌سره.......................... ٢٥٢

بعض نتائج توجيه بطلان كلام الوحيد قدس‌سره................................... ٢٥٥

الإشكال على وجوب القضاء في المشكوك نقضا وحلّا............................. ٢٥٧

تعزيز قول العلّامة قدس‌سره بحصول التوبة بمجرّد الندم ورفع العقاب.................. ٢٥٨

المقصد الثالث : في الدوران بين الوجوب والحرمة.......................... ٢٦٣

الدوران بين الوجوب والحرمة في شيء واحد بزمان واحد............................. ٢٦٥

ردّ الاستقراء في فهم الأهميّة..................................................... ٢٧٥

فصل : في الشكّ في المكلّف به......................................... ٢٧٩

عدم جواز المخالفة القطعية في الشبهة المحصورة.................................... ٢٨١

بيان للشيخ قدس‌سره في جعل البدل بالملازمة ، وردّه............................... ٢٨٩

التمسّك بالأخبار بعدم وجوب الموافقة القطعية.................................... ٢٩١

التمسّك برواية التثليث ، ومناقشتها............................................. ٢٩٢

٥١٩

تنبيهات في جهة تفصيلية العلم الإجمالي................................... ٢٩٧

التنبيه الأول.................................................................. ٢٩٧

التنبيه الثاني.................................................................. ٢٩٨

التنبيه الثالث................................................................. ٢٩٨

في منجّزية العلم الإجمالي وعدمها عند خروج بعض الأطراف........................ ٢٩٩

منجّزية العلم الإجمالي عند الشكّ في خروج بعض الأطراف ، وعدمه................. ٣٠١

مناقشة المبتنيات ، وما أورد على الشيخ من إشكالات............................. ٣٠٣

إشكال آخر للشيخ الحائري قدس‌سره............................................ ٣٠٥

منجّزية العلم في جريان الأصل بلا معارض في طرف ، وعدمها...................... ٣٠٧

اتّفاق الشيخ مع مدّعى ابن زهرة في ملاقي النجس................................ ٣٠٩

تنبيهات :................................................................ ٣١٠

التنبيه الأوّل : جريان البراءة عند العلم بجزئية شيء لشيء ، وعدمه.................. ٣١٠

بيانان للمحقق لدفع إيراد النائيني ، وجوابهما...................................... ٣١٣

وجوه تصوير زيادة الجزء ، وجوابها............................................... ٣١٤

بيان الشيخ قدس‌سره في تصوير الزائد............................................ ٣١٧

إشكال آخر على الشيخ في استصحاب الهيئة الاتّصالية............................ ٣١٩

التنبيه الثاني : في الالتزام بسقوط التكليف المركّب ، وعدمه......................... ٣٢٠

في المراد من استصحاب الوجوب ، وموارده....................................... ٣٢٣

الكلام في قاعدتي «الميسور» و «ما لا يدرك».................................... ٣٢٥

٥٢٠