المحجّة في تقريرات الحجّة - ج ١

آية الله الحاج آقا علي الصافي الگلپايگاني

المحجّة في تقريرات الحجّة - ج ١

المؤلف:

آية الله الحاج آقا علي الصافي الگلپايگاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة السيدة المعصومة سلام الله عليها
المطبعة: سپهر
الطبعة: ١
ISBN: 964-6197-31-0
الصفحات: ٤٨٨
الجزء ١ الجزء ٢

فلا يجوز التمسّك بالإطلاق مثل أنّ يكون الفرد الكذائي متيقّن الإرادة من المطلق.

ففيه أنّه لو تمّ هذا الإشكال يوجب عدم جواز التمسّك بمطلق أصلا ؛ لأنّ في كلّ مطلق لا إشكال في وجود القدر المتيقّن لأنّ في كلّ مطلق يوجد فرد يكون جامعا لجميع القيود ففرديّته مسلّم فهو القدر المتيقّن في مقام التخاطب فلا بدّ على هذا من حمل المطلق عليه ، فإن كان هذا مراده ففيه ما قلنا من الإشكال.

ويمكن توجيه كلامه بنحو آخر وهو أن يقال بأنّ مراده من عدم وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب القدر المتيقّن المستفاد من نفس اللفظ لا من الخارج بأن يقال كما يحصل الوضع بالتعيين كذلك يحصل بالاستعمال ، فكما قلنا في المجاز المشهور بأنّ استعمال اللفظ في المعنى المجازي تارة يصير بمرتبة المجاز المشهور من كثرة الانس باللفظ بسبب الاستعمال في المعنى المجازي كذلك تارة يحصل الانس بين اللفظ والمعنى المجازي لكن لا بحيث يصير مجازا مشهورا ، بل يصير بمرتبة لا يكون حمل اللفظ عليه موجبا للإجمال ولا يحتاج إلى القرينة ، فكما أنّ ذلك يمكن في اللفظ بالنسبة الى المعنى المجازي كذلك يمكن ذلك بالنسبة في لفظ المطلق بالنسبة الى بعض أفراده.

فتارة يكون حمل لفظ المطلق على فرد من أفراده مستنكرا لقلّة الاستعمال فيه ، وتارة مضى من هذه المرتبة من الغرابة لكثرة استعمال المطلق في هذا الفرد يحصل الانس بين اللفظ وهذا الفرد بحيث يصير موجبا لتوقّف المخاطب ، وتوهّم كون المراد منه هذا الفرد ، ولكن بعد التأمّل يذهب هذا التوهّم ، وهذا معنى الانصراف البدوي وتارة يكون الاستعمال أكثر في الفرد فيكون بحيث انس اللفظ بالفرد أنّه لو أراد المتكلم من المطلق هذا الفرد مع عدم نصبه القرينة ، ما أخلّ بغرضه لفهم المراد منه ، من كثرة الاستعمال مع عدم نصب القرينة ولو لم يصر بمرتبة المجاز المشهور أو المنقول.

٤٨١

فلو كان لفظ المطلق في فرد كذلك يعني كثرة الاستعمال فيه صارت سببا لأن يكون في صورة إرادة المتكلّم هذا الفرد من المطلق مع عدم نصبه القرينة غير مخلّ بغرضه ، فمثل هذا المورد حيث يكون اللفظ بنفسه ظاهرا في الفرد ، لأنّ معنى الظهور هو كون اللفظ قابلا للمعنى ، فاللفظ الظاهر يشعر بكون القدر المتيقّن في البين ويفهم القدر المتيقّن على هذا من نفس اللفظ لا من الخارج ، فيشترط في الأخذ بالإطلاق عدم وجود قدر المتيقّن في البين.

فكلامه يمكن توجيهه بهذا البيان ، لكن مع هذا يكفي لاشتراط هذه المقدمة الثانية وهي عدم وجود قرينة على التقييد ، سواء كانت هذه القرينة من الخارج أو من نفس اللفظ استفاد التقييد ، فهذا أيضا قرينة على أنّ المقيّد مراد فصرف كون المتكلّم في مقام البيان وعدم قرينة على التقييد يكفي في الأخذ بالإطلاق.

هذا كلّه في أصل المطلب يعني شرط أخذ الإطلاق.

ثمّ إنّه لو فهم كون المتكلم في مقام بيان مراده فهو وإن لم يفهم ذلك ، بل يحتمل أن يكون في مقام الإجمال ، لا بيان تمام مراده فهل يمكن مع ذلك الأخذ بالإطلاق كلامه أو لا يمكن؟

قال المحقّق الخراساني رحمه‌الله بأنّ الظاهر كون المتكلّم في مقام البيان ، لأنّ الأصل عدم كونه في مقام الإهمال.

وفيه أنّ عدم كونه في مقام بيان مراده معناه كونه في مقام الإهمال ، إذ يمكن أن لا يكون في مقام الإهمال ويكون في مقام البيان ، إمّا لإتمام مراده ، بل يكون في مقام الإجمال ، فعلى هذا لا يمكن الأخذ بالإطلاق ، فلا بدّ من العلم بكونه فى مقام بيان تمام مراده ، ففي كلّ حيث يكون في مقام بيانه ولم ينصب القرينة على التقييد فيحمل على الإطلاق.

ولذا ترى في بعض الكلمات في ردّ من يتمسّك بإطلاق الكلام ، يقال بعدم كونه في

٤٨٢

مقام بيان هذه الجهة ، هذا تمام الكلام في منشأ استفادة الإطلاق وما هو مشروط به.

لو ورد مطلق ومقيّد فإن كانا متخالفين بأن يكون أحدهما دالّا على حكم إيجابي والآخر على حكم سلبي ، مثل ما إذا قال في كفّارة الصوم : (اعتق رقبة) وورد في هذا المورد : (لا تعتق رقبة كافرة) فلا إشكال في حمل المطلق على المقيّد كما قلنا في محلّه في مقام الجمع بين الدليلين بحمل الظاهر على النصّ.

ففي المقام حيث يكون المقيّد بالنسبة الى حكم متعلّقه صريحا ونصّا ويكون شمول المطلق للفرد المقيّد ظاهرا ، لأنّه يشمل المورد المقيّد بالإطلاق ، فالمقيّد نصّ في الحكم والمقيّد والمطلق ظاهر ، فلا بدّ من حمل المطلق على المقيّد ، ولازمه وجوب عتق خصوص المؤمنة وكذلك لو كان موردهما مختلفين فلا تعارض بينهما أصلا مثلا في كفّارة الصوم قال : (اعتق رقبة) وفي كفّارة النذر قال : (لا تعتق رقبة كافرة) وما هو مورد الإشكال هو صورة عدم كونهما متخالفين ، بل يكون كلّ منهما إمّا إيجابي وإمّا يكون كلّ منهما سلبيا مع العلم بوحدة الملاك وأنّ كلّا منهما تكليف واحد ففي هذا المورد يقع التعارض بين دليل المطلق ودليل المقيّد ؛ لأنّ مقتضى إطلاق الأوّل هو الحكم في مورد دليل التقييد ، ومقتضى دليل التقييد هو وجوب الإتيان بالمقيّد ، ومقتضى كون ظاهر الأمر تعيينيّا لا تخييريا هو وجوب الإتيان بخصوص المقيّد والاكتفاء بفرد آخر من المطلق ، وهذا معنى التعارض ، ففي مثل ذلك المورد هل نرفع اليد عن الإطلاق ونأخذ بالمقيّد ، أو نرفع اليد عن وجوب المقيّد ، ونحمله على الاستحباب ، أو نرفع اليد عن كون الأمر المقيّد تعيينيّا؟

فبكلّ من هذه الأنواع الثلاثة يمكن رفع التعارض ، إنّما الإشكال في أنّ أيّا منها يكون مقدّما فنقول بأنّ بعد ما يكون المبنى في مقام الجمع بين الدليلين المتعارضين هو الأخذ بما هو الأقوى من حيث الظهور.

نقول بانّ ظهور الأمر المقيّد في الوجوب والتعيينيّة بالنسبة الى مورده يكون

٤٨٣

أقوى من ظهور المطلق في الأفراد ، فنأخذ بالمقيّد ونرفع اليد عن إطلاق المطلق ونحمل المطلق على المقيّد ، وأنّ الإتيان لا بدّ من أن يكون بالفرد الذي يكون مورد دليل المقيّد.

واعلم أنّ رفع التعارض يحصل بما قلنا وأنّه لا يمكن الالتزام بالأخذ بالمقيّد بتوهّم انّ المقيّد هنا قرينة على خصوص فرد ؛ لأنّ هذا يصحّ مع دليل المطلق ، وأمّا بعد تماميّة الكلام فظهور المطلق ينعقد ويشمل تمام الأفراد.

ثمّ إنّه في المستحبّات لا يقع التعارض بين المطلق والمقيّد ؛ لأنّ بعد كون دليل المستحبّ يثبت المرتبة في الفضل ويمكن أنّ المطلق مثبتا لمرتبة منه ، والمقيّد لمرتبة اخرى فلا يردان في مورد واحد ، حتّى يقع التعارض بينهما ، بل لو شككنا في ذلك وأنّهما مثبتان لمرتبة أو كلّ منهما يثبت مرتبة غير المرتبة الاخرى ، أيضا لا يقع بينهما التعارض ، لما قلنا من أنّ بعد ثبوت وحدة الملاك يقع التعارض بين المطلق والمقيّد المثبتين ، وكذلك نقول في المكروهات أيضا.

فكلامنا يكون في الواجبات والمحرمات فقط ، وبهذا الوجه نقول لرفع جريان التعارض بين المطلق والمقيّد في المستحبّات ، لا ما قاله المحقّق الخراساني رحمه‌الله تمسّكا بأدلّة التسامح في السنن.

لأنّه أوّلا : قلنا في محلّه بعدم إثبات الاستحباب من هذه الأدلة. وثانيا : بأنّه على فرض الإثبات مقتضى هذه الأدلة هو بلوغ شيء ، ثمّ بهذا البلوغ يصير مستحبّا وأمّا لو شكّ في أنّ البالغ ما هو ، فكيف يمكن التمسّك بهذه الأدلّة؟!

والمقام يكون كذلك ، فبعد ورود المقيّد لا يعلم أنّ من روى في حكم المطلق ولو كان راويه ضعيفا ما يكون المروي ، هل هو المطلق أو المقيّد؟ فلا يمكن التمسّك بأخبار من بلغ والالتزام باستحباب تمام أفراد المطلق ، وهذا واضح.

٤٨٤

الفهرس

مقدمة الناشر................................................................... ٥

لمحة من حياة السيد الحجة الكوه كمره ئي (رحمه‌الله)................................. ٧

مقدمة المؤلف................................................................ ١٣

الجهة الاولى

أنّ علم الاصول علم مستقل أصلا ، أو لا يكون علما مستقلا ،.................. ١٧

الجهة الثانية

فيما يمتاز كلّ علم عن علم آخر............................................... ٢٢

الجهة الثالثة

المعروف في ألسنة القدماء..................................................... ٢٥

الجهة الرابعة

إنّ المعروف هو أنّ الموضوع ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية................. ٢٨

الجهة الخامسة

في بيان موضوع علم الاصول.................................................. ٣٣

الجهة السادسة

في بيان تعريف علم الاصول.................................................. ٤٤

٤٨٥

الجهة السابعة

في الوضع.................................................................. ٤٥

الجهة الثامنة

هل تكون الألفاظ موضوعة لمعانيها بما هي هي أو بما هي مراده؟.................. ٧٢

الجهة التاسعة

الحقّ عدم وضع للمركبات غير وضع المفردات.................................... ٧٦

الجهة العاشرة

الحقّ أنّ تبادر المعنى من اللفظ وانسباق المعنى الى الذهن بنفسه وبلا قرينة يكون علامة للحقيقة   ٧٨

الجهة الحادية عشرة

الكلام في الحقيقة الشرعية قد عنونوا البحث بأنّ الحقيقة الشرعية ثابتة أم لا؟........ ٨٢

الجهة الثانية عشرة

الكلام في الصحيح والأعمّ................................................... ٨٥

الجهة الثالثة عشرة

الكلام في المشترك........................................................... ٩٦

الجهة الرابعة عشرة

والكلام في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وعدم جوازه............... ٩٧

الجهة الخامسة عشرة

فى المشتق................................................................... ٩٨

مفهوم المشتق.............................................................. ١١١

الكلام في المفهوم المشتق والبحث في بساطته وتركيبه............................ ١١٨

٤٨٦

تتمة..................................................................... ١٢٨

المقصد الاول : فى الاوامر

الفصل الأوّل : فيما يتعلق بمادة الأمر :....................................... ١٣٣

الفصل الثاني : فيما يتعلق بصيغة الأمر :...................................... ١٤٠

الفصل الثالث : في الإجزاء :................................................ ١٦٢

فصل : في مقدمة الواجب................................................... ١٩٨

فصل : هل يكون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضدّه أم لا؟.................. ٢٣٤

فصل : هل يجوز أمر الآمر مع العلم بانتفاء الشرط أم لا؟...................... ٢٧٤

فصل : هل يكون متعلّق الأوامر والنواهي هو الطبيعة أو الأفراد؟................ ٢٧٦

فصل : فى ان الاحكام تكون بسيطة لا مركبة.................................. ٢٨١

فصل : في الواجب التخييري................................................. ٢٨٣

فصل : لا يخفى عليك أنّ الواجب الكفائي يمكن تصوير الوجوب فيه بوجوه :.. ٢٩٤

فصل : في الواجب الموسّع.................................................. ٢٩٦

فصل : الأمر بالأمر بالشيء أمر بهذا الشيء أم لا............................. ٢٩٨

فصل : إذا ورد الأمر بشيء بعد الأمر به قبل امتثال الأمر الأول فهل يوجب الأمر الثاني تكرار هذا الشيء أو يكون تأكيدا للأمر الأوّل................................................................. ٣٠٠

المقصد الثاني : في النواهي

في النواهي وفيه فصول : فصل.............................................. ٣٠٥

فصل : في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه :................................ ٣١٠

فصل : هل يكون النهي في العبادة أو المعاملة مستلزما لفسادهما أم لا؟......... ٣٤٥

٤٨٧

المقصد الثالث : في المفاهيم

فصل : ممّا قيل بأنّ له مفهوم ، هي الجملة الشرطية........................... ٣٦٧

المقصد الرابع : في العام والخاص

في العام والخاص........................................................... ٣٩٣

فصل : لا يخفى عليك أنّ للعام ألفاظا لا يكون ظهورها في العموم محلّ إشكال.. ٣٩٩

فصل : إذا خصص العام بتخصيص........................................... ٤٠٣

فصل : إذا كان الخاص مجملا فهل يسري إجماله بالعام حتى يصير العام مجملا أيضا أم لا؟   ٤٠٨

فصل : هل يجوز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص أم لا؟............ ٤٣٠

فصل : هل الخطابات الشفاهية مثل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يشمل الغائبين بل المعدومين ، أو يكون مختصّا بالمشافهين فقط؟............................................................................ ٤٣٨

فصل : تعقّب العام بضمير يرجع الى بعض أفراده موجب لتخصيص العام أم لا؟ يوجب ذلك تخصيصا للعام     ٤٤٦

فصل : هل يجوز تخصيص العام بالمفهوم أم لا؟.............................. ٤٥١

فصل : هل يجوز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد المعتبر أم لا؟................ ٤٥٤

فصل : اعلم أنّ الخاصّ والعامّ إذا كانا متخالفين فيمكن أن يكون الخاصّ مخصّصا للعام       ٤٥٨

المقصد الخامس : في المطلق والمقيّد

في المطلق والمقيّد : فصل.................................................. ٤٦٣

الفهرس..................................................................... ٤٨٥

٤٨٨