منهاج الأصول - ج ٥

محمّد ابراهيم الكرباسي

منهاج الأصول - ج ٥

المؤلف:

محمّد ابراهيم الكرباسي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البلاغة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٧

القاعدة في مقام بيان الحكم الواقعي إلّا أن تطبيقها على المورد كان بنحو التقية كما هو كذلك في حديث الرفع حيث طبقه (ع) تقية على الحلف بالطلاق والعتاق والصدقة لا يضر ذلك بمشروعية اصل الكبرى ان قلت اننا نعلم اجمالا انه كان في البين تقية أما في تطبيق القاعدة مع كونها بنفسها قاعدة واقعية وأما في نفس القاعدة مع كون تطبيقها لبيان الحجة الواقعية.

__________________

وظائف امام المسلمين والأمر بيده.

ومن الواضح ان ذلك ليس فيه تقية بل هو حكم واقعي وانما التقية في تطبيق عنوان امام المسلمين على الخليفة العباسي خوفا منه ودعوى ان حملها على التقية حق في مقام التطبيق ينافي مع ما في صدرها من ظهوره في ارادة صلاة الاحتياط على خلاف مذهب العامة ممنوعة إذ الصدر ليس فيه ظهور في خلاف التقية فانه (ع) (في الشك بين الاثنين والأربع) قال (يركع بركعتين وأربع سجدات. وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شيء عليه) فان ذلك يلائم مع كون الركعتين منفصلتين كما يلائم كونها موصولتين على أنه يمكن ان يكون ما في الصدر لا يقتضي التقية. إلّا ان في الذيل يكون هناك موجب للتقية كدخول شخص إلى مجلس في أثناء التكلم يوجب دخوله التقية.

وحاصل الاشكال هو أن دلالة هذه الصحيحة على الاستصحاب مبني على أن يكون المورد لهذه الكبرى هو اليقين بعدم اتيان الرابعة سابقا ثم شك في اتيانها فحكم الشارع بعدم جواز نقض ذلك اليقين ووجوب اتيان الرابعة.

ومقتضى ذلك هو اتيان الرابعة موصولة كما هو مذهب العامة. لا مفصولة بتكبيرة الاحرام وفاتحة الكتاب والسلام كما هو مذهب الامامية. فعليه لا بد من حمل الرواية على التقية أو ان المراد من

٨١

لانه بعد فرض كون نفس القاعدة صدرت تقية وعلى مذهب العامة كان تطبيقها على المورد واقعيا لا تقية ، ومع هذا العلم الاجمالي لا تجرى أصالة عدم التقية في نفس القاعدة للمعارضة. قلنا ان هذا العلم الاجمالي ينحل انحلالا حكميا إلى العلم التفصيلي والشك البدوي ومع هذا كله فان اصالة عدم التقية.

__________________

اليقين هو اليقين بالامتثال أي الاتيان بصلاة الاحتياط مفصولة وعلى كل لا يمكن الاستدلال بها على الاستصحاب.

ولكن لا يخفى أن مقتضى الاستصحاب ليس إلا لزوم الاتيان بالركعة الرابعة أما كونها موصولة أو مفصولة لا دخل لها في الاستصحاب وانما يحصل تعيين ذلك من بيان كيفية اتيانها. ومن هنا ادعى الاستاذ المحقق الخرساني (قده) الاطلاق في الرواية والأخبار الأخر مقيدة لها.

والانصاف ان الناظر إلى الرواية لا يجد فيها اطلاق ، حيث أنها بملاحظة صدرها يظهر أن المراد من اليقين هو عدم الاتيان بالركعة الرابعة ويحصل الامتثال القطعي بإتيان الركعة الرابعة المنفصلة على أنه لو دلت على الاستصحاب فيستفاد منه اتصال الركعة فلا يكون فيه اطلاق لكي تكون الاخبار الأخر مقيدة بل يجد هذه الصحيحة مع تلك الأخبار تباين.

فالتحقيق في رفع الاشكال ان المستفاد من الرواية هو الاستصحاب وهو يحقق موضوع ما استقر عليه مذهب الامامية من وجوب الاتيان بصلاة الاحتياط منفصلة فموضوع وجوب الاحتياط انما تتم بالاستصحاب

بيان ذلك :

ان قوله عليه‌السلام (ولا ينقض اليقين بالشك) من باب

٨٢

لا تجري في التطبيق على كل حال لعدم الاثر لها لأنا نقطع بأن

__________________

تطبيق الكبرى على الصغرى يكون المورد من صغرياته فيكون المقام مما ثبت أحد الجزءين بالوجدان والجزء الآخر بالتعبد فان موضوع صلاة الاحتياط فيما لو شك بين الثلاث والأربع مثلا مركب من جزءين وهما الشك بين الثلاث والأربع وهو ثابت بالوجدان.

وعدم الاتيان بالركعة الرابعة وهو ثابت بالأصل فبمقتضى هذه الرواية تدل على استصحاب عدم الاتيان بالركعة الرابعة والاتيان بها منفصلة.

وهذا الاستصحاب المستفاد من هذه الصحيحة لا اطلاق فيه من حيث الركعة متصلة أو منفصلة لكي يقال بأن الروايات الأخر تدل على تقيدها إذ صدرها (يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شيء عليه) يدل على وجوب الاتيان بهما منفصلتين.

كما أنه ظهر بطلان ان الرواية محتملة لأمور منها : الاتيان بالركعة الرابعة متصلة بالركعات السابقة.

ومنها حملها على التقية أو المراد منها الاتيان بها منفصلة. بأن يكون المراد من اليقين بالفراغ ووجوب الاحتياط بالبناء على الاكثر.

ولا يمكن الالتزام بالأول لكونه مخالفا لمذهب الامامية ولا الالتزام بالثاني لكونه خلافا للظاهر فيتعين حملها على الثالث فتكون الرواية أجنبية عن الاستصحاب وقد أيد ذلك الشيخ الانصاري (قده) لدلالة الروايات على ان المراد باليقين هو اليقين بالفراغ ووجوب الاحتياط لكثرة ما يطلق من الاخبار على ذلك كما أيد ذلك بعض الاعاظم لكون الرواية لا دلالة لها على الاستصحاب حيث أنه على تقدير جريانه ليس إلّا عدم الاتيان بالركعة الرابعة.

٨٣

الحكم على مذهب الخاصة ، ليس على مورد الرواية فحينئذ يبقى أصل عدم التقية في أصل صدور القاعدة لا يعارض فحينئذ يتم الاستدلال بالرواية على حجية الاستصحاب ولو لم يكن تطبيقها في موردها حجة لكونه تقية.

وقد يقال أيضا كما عن الوافي بأنه لا مساس للرواية بباب الاستصحاب وحاصله انه إذا حصل للمكلف الشك بين الثلاث والاربع

__________________

وذلك لا يثبت ان المأتي به بعد ذلك هو الركعة الرابعة الا على القول بالاصل المثبت. وعليه لا يصح اتيان السلام في هذه الركعة فلا يحصل المطلوب. ثم قال أخيرا ان بناء الاصحاب عدم جريان الاستصحاب في الركعات.

ولكن لا يخفى ما فيه اذ المستفاد من الرواية هو الاستصحاب وهو محقق لموضوع وجوب الاحتياط على ما عرفت سابقا فاذا حكمنا بمقتضى الاستصحاب ان الدخول في الرابعة المنفصلة هي الرابعة فلا مانع من اتيان التسليم فان الدليل دل على التسليم بعد الاتيان بالركعة الرابعة وفي المقام بمقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بما يحكم بأنها هي الرابعة لان دخوله في الرابعة متيقن وخروجه عنها مشكوك فيه فيستصحب بقاؤه فيها فحينئذ يحكم بأن ما بيده هي الرابعة فعليه يجوز وقوع التسليم في آخر الركعة الرابعة بمقتضى الاستصحاب لا يقال ان مقتضى الاستصحاب هو البناء على الاقل والمذهب هو البناء على الاكثر لأنا نقول ان المذهب أيضا على البناء على الاقل من حيث الاتيان بالركعة المشكوكة إلا أن التقيد بالبناء على الاكثر بلحاظ السلام وبالجملة ان مقتضى الاستصحاب هو البناء على الاقل والاتيان مع البناء على الاكثر.

٨٤

وهنا احتمالان :

الأول : ان يقطع صلاته ويرفع اليد عما أتى به بسبب الشك في الرابعة.

الثاني : يبني على الأربع ويتمه ولم يأت بشيء بعده فتكون صلاته مركبة من المتيقنة وهي الثالثة والمشكوكة وهي الركعة الرابعة.

الثالث : أن يبني على الأقل ويأتي بالمشكوكة موصلة.

الرابع : أن يبني على الاقل أيضا ويأتي بالمشكوكة منفصلة بعد التشهد والتسليم والامام (ع) قد رفع الاحتمال الأول بقوله ولا ينقض اليقين بالشك أي يقطع الثلاث المتيقن بسبب الشك والثاني بقوله : ولا يدخل الشك باليقين أي لا يدخل المشكوك في المتيقن.

فيبقى الاحتمالان الآخران فيكون المصلي مخيرا بينهما فعلى هذا فلا مساس للرواية بباب الاستصحاب ، وفيه انه يلزم على هذا التفكيك.

في معنى الفقرات في هذه الرواية وهو خلاف ما هو سياقها من بيان معنى واحد بعبارات متعددة ، حيث أنه اما أن تصرف الرواية عن ظاهرها من الركعة المتصلة فيلزم الكر على ما فر منه من ارتكاب خلاف الظاهر واما أن تبقى على ظاهرها فيلزم المحذور الاول من لزوم حملها على التقية لكونها مخالفا لمذهب الخاصة ثم انه قد أجاب في الفصول عن الاشكال السابق على ما حكاه عنه الشيخ بما حاصله من حمل الفقرة الأولى وهو قوله (لا تنقض اليقين بالشك) على الاستصحاب كما هو ظاهر الرواية بمعنى عدم جواز البناء على وقوع المشكوك.

وبمقتضى ذلك يلزم الاتيان بالمشكوك وقد بين كيفية اتيانه بقوله (ولا يدخل الشك في اليقين) أي لا يدخل في المشكوك الذي لا بد من اتيانه بالمتيقن بنحو الاتصال بل يأتي به منفصلا وكذلك الفقرات

٨٥

الأخر فتكون الفقرة الاولى محمولة على الاستصحاب والفقرات الأخر محمولة على ما هو القاعدة عند الخاصة من دون لزوم تقية أصلا.

ولكن لا يخفى انه يرد على هذا الوجه بما أوردناه على صاحب الوافية وأما ما ذكره الاستاذ (قده) في الكفاية من حمل الرواية على الاستصحاب أخذا بظاهر قوله (ع) (لا تنقض اليقين بالشك) بأن المراد هو استصحاب وجوب الركعة الرابعة غاية الامر ان ذلك ينبغي الاتيان بها متصلة إلا ان ذلك مخالف لمذهب الخاصة بحمل الاستصحاب على استصحاب عدم الاتيان بذات الركعة مجردة عن قيودها فعليه يرجع إلى الأدلة الخاصة الدالة على الاتيان بها بعد التشهد والتسليم وكون هذه الاخبار مقيدة لاطلاق الاستصحاب ولا خير فيه ولكن لا يخفى ان مقتضى الاستصحاب هو الاتيان بالركعة الرابعة على نحو ما كانت بنفسه في العدم في القضية المتيقنة.

إذ من المعلوم ان الموضوع في القضية المشكوكة والمتيقنة أمر واحد عرفا ومن الواضح أن الركعة التي كانت هي الموضوع في القضية هو الركعة المفيدة بتمام قيودها من التشهد والتسليم.

وأما الركعة المحددة بتمام القيود غيرها عرفا فكيف التصحيح بذلك مضافا الى انها تدل على التشهد والتسليم قبل الاتيان بالركعة لسانها انه يبني على الرابعة المأتي بها فيتشهد ويسلم بعد هذا البناء ومعه لا يبقى شك حتى يجري الاستصحاب فتكون تلك الادلة حاكمة على الاستصحاب ومن هنا الشيخ الانصاري (قده) حمل الرواية على كون المراد من اليقين فيها هو اليقين بالفراغ والبراءة وبالعمل بالوسيلة المقررة بالركعات على مقتضى ما ذكرته الاخبار العامة والخاصة الواردة في هذا الباب. مطابقا لما هو مذهب الخاصة فلا يكون مربوطا

٨٦

بباب الاستصحاب وفيه انه مخالف لظاهر السياق فإن سياقه عدم جواز نقض اليقين المفروغ ثبوته بالشك أي لا تنقض لزوم تحصيل اليقين بالفراغ بالشك فيه كما هو مقتضى الاحتياط على مذهب الخاصة كما لا يخفى.

فالحق هو ما تقدم من أن قوله (ولا ينقض اليقين بالشك) ناظر الى الاستصحاب بمعناه المتبادر ويثبت وجوب الركعة فيكون جريانه في المقام حكما بوجوب أصل الركعة حكما واقعيا تعبديا.

ولكن تطبق على المورد من حيث اعتبار كون الركعة منفصلة فيكون على وجه التقية فالموضوع في القضية المشكوكة نفسه هو الموضوع في القضية المتيقنة ثم انه يرد على ما اخترناه في المقام اشكال وهو أنه على هذا يلزم أن يكون الاستصحاب بالنسبة إلى اثبات وجود الركعة الرابعة متناولا ولو على مذهب العامة وذلك من جهة ان شأن الاستصحاب في كل مورد يجري لا بد وان ينتهي الى وجوب امتثال ما هو المحرز بالاستصحاب بالزام العقل لايجاد ما يقطع بتطبيق ما يحصل به الامتثال عليه مثلا انا اذا استصحبنا بقاء التكليف بصلاة الظهر وكنا نشك في اتيانها فالعقل يرتب في مثله ايجاد صلاة نقطع بتطبيق ما يحصل به امتثال ذلك التكليف الظاهري عليه.

وهذا المعنى لا يترتب في المقام أي استصحاب عدم الاتيان بالركعة الرابعة إلا على القول بالاصل المثبت لان الشاك بين الثلاث والاربع ينحل شكه في المقام إلى شكين أحدهما الشك فيما أتى به من الركعة ثالثة أو رابعة فهذا الاعتبار كان شكه راجعا إلى مفاد كان التامة اعني الشك في وجود ما هو الرابعة ولازم هذا التشكيك هو العلم الاجمالي بأن ما أتى به من الركعة أما هي الرابعة التي كانت سابقا فتقطع فيها

٨٧

بالعدم وأما الرابعة التي لم يأت بها بعد فيكون هذا العلم الاجمالي غاية مفاد الاستصحاب وهو استصحاب بقاء عدم الاتيان بالرابعة ،

ولكن مجرد اثبات ذلك لا يمنع حكم العقل بالامتثال لعدم القطع بأنه ينطبق على المأتي به من الركعة السابقة مع أنه لا يثبت به وجوب التشهد والسلام بعد الاتيان به لعدم احراز كونها رابعة نعم بناء على الاصل المثبت يكون لازم عدم الاتيان بالرابعة عدم كون ما أتى به سابقا رابعة عقلا ويلزم كون المأتي به فعلا رابعة فيثبت من ذلك تطبيق المستصحب على المأتي به.

ولكن لا يخفى أن الاخذ بظهور الرواية يوجب القول بحجية الاصل المثبت في خصوص المورد وإلا يلزم اللغوية بتقريب أن تطبيق الامام (ع) الاستصحاب على المورد حفظا لذلك عن اللغوية يوجب الالتزام بحجية المثبت ولو باستكشاف تنزيل أخر في المرتبة السابقة على التطبيق وما ذكر من عدم حجيته ليس لامر عقلي أو لقيام الدليل على عدم حجيته بل لقصور في دليل التعبد فمع فرض قيام الدليل بالخصوص على حجيته كما في المقام فلا بد من الاخذ به لما عرفت أنه لا يترتب أثر شرعي على استصحاب عدم وجود الرابعة بنحو مفاد ليس تامة فتصحيحا لحفظ تطبيق الامام (ع) نستكشف تنزيل آخر في المرتبة السابقة عليه ليترتب عليه وجوب التشهد والتسليم المترتبين على رابعة الموجود.

ولكن لا يخفى أن جريان الاستصحاب يوجب عدم جريانه أو جريانه يوجب تنزيل رابعية الركعة الاخرى في المرتبة السابقة عن التطبيق المزبور يوجب ارتفاع الشك تعبدا عن وجود الرابعة فمع ارتفاع الشك لا يجرى الاستصحاب ولو سلمنا صحة كون تطبيق

٨٨

الكبرى على المورد إلّا أن ذلك يتوقف على ثبوت كون المورد من مصاديق موضوعه مع قطع النظر عن التطبيق وهو انما يتم في مقام الثبوت لو كانت مفاد تنزيلها منزلة ما له الاثر قبل ترتب الأثر ولكن ذلك لا يلزم أن تكون في مقام الاثبات كذلك.

نعم يمكن أن يكون التنزيل بنفس هذا التطبيق فحينئذ يمكن أن يستكشف تنزيل سابق بحيث يكون المورد مما ينطبق عليه الكبرى بنظر الشارع فيتم ذلك في مقام الاثبات والانصاف ان كل ما ذكر محل نظر واشكال فالصحيح الالتزام بكون تطبيق الكبرى على المورد من باب التقية وليست التقية في أصل الكبرى كما هو قوله (ع) قام فأضاف إليه أخرى.

نعم في المقام اشكال آخر في تطبيق الرواية على الاستصحاب بالنسبة إلى موردها حتى على مذهب العامة القائلين بالبناء على الأقل والاتيان بركعة موصولة وهو أنه بعد الفراغ من كون الركعة المتيقن عدمها سابقا بعد الاتيان بالركعة المشكوكة انها ثالثة أو رابعة فتتردد بين انطباقها على المأتي به وبين انطباقها على الركعة الأخرى غير المأتي بها.

وبهذه الجهة حصل لنا علم اجمالي بكون الركعة اما هي المأتي بها أو غيرها مما لم يؤت بها فيكون المقام من قبيل الفرد المردد بين ما علم بقائه وبين ما علم عدم الاتيان به حيث ان الشك واليقين تعلق بما هو عنوان الركعة الرابعة المرددة بين شخصين ولا جامع بين الركعة المأتي بها وبين الركعة الأخرى للقطع بأن المأتي بها لو كانت عقيب الثانية فلا يصلح لانتزاع الرابعة منها ولو كانت عقيب الاخرى لا يصلح انتزاع الرابعة من الركعة التي بعدها فليس المقام من قبيل الحيوان

٨٩

المردد بين الفيل والبقة بل المتيقن السابق في المقام من قبيل الفرد المردد بين الخصوصيتين فلا نشك في بقائه بل على فرض نقطع في بقائه وعلى فرض نقطع بارتفاعه فلا مجال للاستصحاب ولذلك ظهر فساد ما وجهه سابقا الاستاذ قدس‌سره في كفايته طبقا لما ذكره في الفصول من كون تطبيق الرواية على المورد بعنوان الاستصحاب على نحو الحقيقة مع قطع النظر عما أوردنا عليها سابقا كما أنه بذلك ظهر كون عدم جريان الاستصحاب في الشك في الركعات في باب الصلاة على القاعدة مع قطع النظر عن أخبار باب الشكوك.

نعم هذا الاشكال أيضا لا يضر بالاستدلال بظاهر الكبرى التي كانت مطابقا لما هو المرتكز في الاذهان من قاعدة الاستصحاب وإن كان تطبيقها على المورد لا مجال له على نحو الحقيقة وذلك لما تقدم ان كون التطبيق انما هو صوري صدر تقية على وفق الاوهام الفاسدة يكون المورد من موارد الاستصحاب فيكون التطبيق موافقا لذلك تقية ولا ينافي ذلك ما في صور الرواية من الحكم بأنه يقرأ بفاتحة الكتاب في هذه الركعة التي يأتي بها لعدم تعيين غير الفاتحة عندهم في الركعتين الاخيرتين حتى يكون الحكم بقراءة الفاتحة مخالفا للتقية.

وأما المقام الثاني فمقتضى كون الكبرى قضية كلية ارتكازية أنه لا يختص بباب دون باب فيكون دليلا على الاستصحاب في جميع الموارد من دون الاختصاص بموردها كما هو ظاهر منها ما عن الخصال بسنده عن محمد بن مسلم بن أبي عبد الله (ع) قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، من كان على يقين فشك فليمضي على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين :

(وفي رواية أخرى) عنه (ع) من كان على يقين فأصابه شك

٩٠

فليمضي على يقينه فان اليقين لا يدفع الشك وتقريب الاستدلال به ظاهر ولكنه قد يرد عليه بأنه لا ينطبق على الاستصحاب بل دلالته على قاعدة اليقين المسمى بالشك الساري أولا وبيانه ، ان الاحتمالات المتصورة في الرواية أربعة :

الأول : أن يكون زمان اليقين والشك واحد مع تعلقهما بأمر واحد كان تيقن يوم الجمعة بعدالة زيد في ذلك اليوم فشك في هذا اليوم بعدالته أيضا وهذا محال كما هو واضح.

الثاني : أن يكون زمانهما متعددا مع تعلقهما بأمر واحد وهو قاعدة اليقين.

الثالث : أن يكون زمانهما متحدا بعد تعدد متعلقهما.

الرابع هو الثالث : مع تعدد زمان الوصفين أيضا وهذان الاخيران هو الاستصحاب فالمعتبر في الاستصحاب هو تعدّد المتعلق سواء اتحد زمان الوصفين أم تعدد.

كما أن المعتبر في قاعدة اليقين تعدد زمان الوصفين مع اتحاد المتعلق ولما كان صريح الرواية هو تعدد زمان الشك واليقين ولم يعتبر ذلك في الاستصحاب مع أن ظاهرها اتحاد المتعلق اذ الظاهر من قوله فشك تعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين فلا بد من حملها على قاعدة اليقين والوجه في صراحتها في ذلك وهو تعدد زمان الوصفين يظهر بالرجوع إلى نظائرها.

مثل إذا كنت مريضا فأصابتك الصحة وإذا كنت قائما فأصابك القعود. وغير ذلك من الموارد هذا خلاصة ما أفاده

٩١

الشيخ (قده) (١) ثم أنه استدرك بقوله اللهم إلى آخر كلامه وحاصل ما أفاده الشيخ (قده) بقوله.

ثانيا ان اليقين والشك وإن كانا في هذه الرواية متعددين زمانا ولكن يمكن تطبيق الرواية على الاستصحاب أيضا بدعوى منع ظهورها

__________________

(١) وحاصله هو أن الظاهر من قوله (ع) من كان على يقين فشك هو سبق زمان اليقين على الشك وانقطاع حاله ، فينطبق على قاعدة اليقين حيث إنه يعتبر فيها سبق اليقين على الشك زمانا فتكون أجنبية عن الاستصحاب اذ اختلاف الشك واليقين زمانا فضلا عن سبق اليقين على الشك غير معتبر في الاستصحاب وانما المعتبر فيه سبق متعلق اليقين على متعلق الشك كما هو ظاهر من اشتمال الروايتين على لفظة (كان) الظاهر في اختلاف الوصفين وتعاقبهما وذلك ظاهر في الانطباق على قاعدة الوصفين كان يقطع يوم الجمعة بعدالة زيد في زمان ثم يشك يوم السبت في عدالته في ذلك الزمان.

ولكن لا يخفى ان المستفاد من قوله (ع) فليمضي على بقيته ، هو المعني على اليقين مع فرض وجود فعليته كما هو الظاهر من اطلاق المبدأ هو فعلية التلبس به ، إذ لا يصح اطلاق اليقين الا على ما كان يقينا بالفعل وذلك لا يمكن حمل الرواية على قاعدة اليقين لأن اليقين فيها غير موجود بالفعل وانما الموجود بالفعل فيها هو الشك المسمى بالشك الساري لسرايته الى زمان اليقين السابق بخلاف الاستصحاب

فان اليقين فيه كالشك ولذا يرجع الشك فيه الى الشك في البقاء بخلاف قاعدة اليقين فان مرجع الشك فيها الى الشك في الحدوث وبالجملة ، الرواية صريحة في الانطباق على الاستصحاب فافهم وتأمل.

٩٢

في وحدة المتعلق بأن يقال ان انطباقها على قاعدة اليقين يبنى على أن لا يكون متعلقهما مجردا عن الزمان وإلا فمع تجرده عن الزمان بأن يتعلق اليقين بعدالة زيد على الاطلاق والشك يتعلق بها في يوم السبت على نحو الاطلاق أيضا فحينئذ يمكن تعلق اليقين بها حدوثا وتعلق الشك بها بقاء فينطبق على الاستصحاب.

ولكن لا يخفى بأن تجريد المتعلق عن زمان الوصفين لا يجدي شيئا لان المفروض ان اليقين كما تعلق بالمطلق بتمامه فكذلك الشك تعلق به كذلك فيتحد المتعلق أيضا ولعل قوله فافهم اشارة إلى ذلك ثم انه (قده) تمم الاستدلال بالرواية بضم الاجماع على عدم اعتبار قاعدة اليقين ولا يخفى عدم تمامية المدعى بذلك.

والأولى ان يقال ان الرواية نفسها ظاهرة في الاستصحاب. وذلك ان الوجه في دلالة الرواية على تعدد زمان الوصفين ليس إلا من جهة استفادة ترتب الشك على اليقين من لفظة (الفاء) في قوله (فشككت) وهذا المعنى موجود في صحيحة زرارة المتقدمة ومع ذلك لم يستفد منها تعدد الزمان في الوصفين مع وحدة المتعلق والشك في ذلك اذ الظاهر من قول القائل كنت متيقنا بعدالة زيد يوم الجمعة هو اليقين بعدالته هذا اليوم فاذا قال بعد ذلك (فشككت) في عدالته في يوم السبت فيكون متعلق الشك غير متعلق اليقين فتنطبق الرواية على الاستصحاب أيضا.

ولا ينافي ذلك ظهورها في وحدة المتعلق ذاتا ولو كان متعددا حدوثا وبقاء لان وحدة الذات معتبرة في الاستصحاب أيضا لما تقدم من اعتبار وحدة الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة ويمكن أن يقال أن افادة تأخرا الشك عن اليقين بلفظة (الفاء في الرواية) كان

٩٣

بالنظر إلى الغالب كما انه يمكن أن يكون ذلك بلحاظ النظر إلى اليقين والشك في مقام التعبير كما لا يخفى وان كان ذلك لا يخلو عن بعد حسب فهم العرف.

ومنها رواية مكاتبة علي بن محمد القاساني قال كتبت إليه وأنا بالمدينة اسأله عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان هل يصام أم لا فكتب (ع) اليقين لا يدخل فيه الشك صم للرؤية وافطر للرؤية وجه الاستدلال هو أن ظاهرها جعل اليقين طرفا للشك وذلك يستلزم تقدم اليقين على الشك كما يظهر بالرجوع إلى نظائره فيكون مفاده ان اليقين بكونه شعبانا أو عدم شهر رمضان لا يدخله الشك أي لا ينقض اليقين بالشك فيكون قوله (ع) صم للرؤية الخ بيان لما يستفاد ان اليقين لا ينقض إلا باليقين وحيث أنه ليس في البين احتمال غيره لذا قال الشيخ الانصاري (قده) (١) ان هذه الرواية اظهر ما في الباب ولكنه

__________________

(١) وقد أورد الاستاذ المحقق النائيني (قده) بأن هذه الرواية أجنبية عن باب الاستصحاب وداخلة في باب صوم الشك الدالة على اعتبار اليقين بدخول شهر رمضان في نية الصوم كما هو الظاهر من قوله (ع) اليقين لا يدخل فيه الشك بمعنى عدم دخول متعلق الشك في متعلق اليقين اذ ارادة النقض من الدخول يحتاج الى عناية فالمراد من الرواية هو عدم جواز ادخال اليوم المشكوك في كونه من شهر رمضان.

ولكن لا يخفى ان ذلك ينافي تفريع قوله (ع) أفطر للرؤية إذ مقتضى عدم ادخال اليوم المشكوك في كونه من شهر رمضان فيه هو جواز الافطار في يوم الشك في أخر شهر رمضان أيضا اذ كونه من رمضان مشكوك وعليه لا يصح التفريع المذكور ولا ينافي التعبير (بلا يدخل) بدل (لا ينقض) إذ الوجه فيه هو أنه دخول الشيء

٩٤

يرد بأن استصحاب بقاء شعبان أو صوم شهر رمضان لا يثبت شعبانية يوم الشك أو عدم رمضانيته إلا على القول بالاصل المثبت مضافا إلى أن من يرجع الى الوسائل واطلع على تمام الرواية لعلم ان المراد من اليقين فيها هو اليقين برمضان وانه أشار بذلك الى أن موضوع الحكم في وجوب الصوم هو اليقين برمضان وانه لا يدخله الشك وقوله (ع) صم للرؤية كفايته عن ذلك فلا ربط لها بباب الاستصحاب.

ومنها موثقة عمار كل شيء طاهر حق تعلم أنه قذر ومثلها قوله عليه‌السلام كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام والشيخ الأنصاري قدس‌سره ، اقتصر في الاستدلال على الاستصحاب بالرواية الأولى والظاهر ان الاستدلال بالثانية أولى باعتبار عدم اختصاصها بباب دون باب والظاهر أنه لا فرق بينهما في ذلك إذ كلما ذكر في الأولى يجري في الثانية.

نعم بينهما فرق من جهة أخرى يظهر لك ما فيها من بيان وجه الاستدلال ووجهه انها مسوقة لبيان الحكم باستمرار طهارة كل شيء إلى أن يعلم قذارتها لا بثبوتها له ظاهرا إلى أن يعلم عدمها.

فالغاية هو العلم بالقذارة على الأول غاية للمحكوم به وهو استمرار الطهارة دون الحكم بها.

__________________

يوجب انتقاض وحدته والحاصل ان الالتزام بعد الرواية من روايات صوم يوم الشك بعد كونها ظاهرة في الاستصحاب لا يوجب صرفها عن ظاهرها ومن هنا يظهر ضعف ما ذكره المحقق الخراساني (قده) في كفايته من أنه يمكن أن يكون المراد من اليقين هو اليقين من دخول شهر رمضان لما عرفت ، من أن الظاهر دلالته على الاستصحاب أظهر من عدها من روايات باب الصوم وفاقا للشيخ الانصاري (قده).

٩٥

فغاية الحكم غير مذكور ولا مقصود وعلى الثاني غاية للحكم بثبوتها في الغاية وهي العلم بعدمها رافعة للحكم فيرجع معناه إلى أنه كل شيء يستمر الحكم بطهارته في كل آن إلى أن يعلم قذارته هذا ما أفاده الشيخ الأنصاري قدس‌سره ، وملخص ما أفاده أن في المقام معنيين.

أحدهما التكلم بمثل هذه القضايا كان مصدر الحكم باستمرار الطهارة أو الحلية إلى حصول العلم بعدمه فتكون الغاية غاية للمحكوم لا الحكم فيرجع المقصود في هذه الأشياء إلى الحكم باستمرار ما هو ثابت من دون نظر إلى أصل الثبوت بحيث كان أصل الثبوت مفروغا عنه وهذا ينطبق على الاستصحاب.

وثانيهما أن يقصد ثبوت المحمول للموضوع بحيث كان المقصود هو الحكم بأصل الثبوت مستمرا وفي كل آن الى غاية خاصة وهذا المعنى لا ربط له بباب الاستصحاب بل هو منطبق على قاعدة الطهارة وحيث أنه لا يمكن الجمع بين هذين النظرين بعبارة واحدة لعدم جامع بينهما لكونهما من قبيل المتعاكسين فلا يمكن إرادة كلا المعنيين من قوله كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر فلا بد من حملها على أحد المعنيين.

أما الاستصحاب أو قاعدة الطهارة وحملها على القاعدة أظهر إذ الطاهر من الجملة الخبرية في مقام الانشاء هو الحكم بثبوت المحمول للموضوع لبيان استمراره فضلا عن أصل ثبوته اللهم إلا أن يقال بأن لنا في المقام تصورا ثالثا وهو أن يكون المقصود الحكم بثبوت الطهارة المستمرة والحلية المستمرة وتكون الغاية للمحكوم عليه بهذا الحكم الناشئ من هذا الانشاء وهي الطهارة التي حكم بثبوتها الى غاية حكم واستمرار ما هو مفروغ الثبوت فيكون مفادها أن كل شيء محكوم

٩٦

بالطهارة مستمرة الى العلم بأن يكون الانشاء الواحد ينحل إلى إنشاءين انشاء بثبوت الطهارة الذي هو حكم واقعي وانشاء باستمرارها الذي هو الحكم الظاهري وذلك ينطبق على الاستصحاب حيث أنه لا ينحصر في ابقاء الحكم مفروض الثبوت بل يجري في كل ما يثبت بالانشاء.

ولو كان الانشاء منحلا الى حكمين واقعي مستفاد من ذي الغاية وظاهري مستفاد من نفس الغاية خلافا للاستاذ قدس‌سره حيث ادعى استفادة القواعد الثلاثة من نفس ذي الغاية من هذه الرواية أي قاعدة الطهارة أو الحل وقاعدة اليقين والاستصحاب بتقريب ان للشيء عنوانا ذاتيا ككونه ماء أو تراب وعنوانا عرضيا ككونه مشكوك الحكم.

فاذا أطلق الشيء يستفاد منه الاطلاق الافرادي أي كل شيء واطلاق الأحوال وهو كونه مشكوك الحكم من كونه طهارة أو حلية فعليه اطلاق الشيء يشمل الاطلاق الافرادي والاحوالي شمولا يستفاد ذلك من اطلاق المعنى فيكون دالا على طهارة الاشياء وحليتها واقعا وطهارة ما اشتبهت طهارته وحليته فبالنسبة إلى الأول يكون دليلا اجتهاديا وبالنسبة إلى الثاني يكون حكما ظاهريا ودعوى أنه يلزم من ذلك استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ممنوعة لما ذكرنا من أن المستفاد من الاطلاق الافرادي والاحوالي مطلق الشيء بنحو يكون مستعملا فيما يعمه فلا يلزم منه محذور اجتماع لحاظين في استعمال واحد.

ودعوى بعض الاعاظم أنه لا يمكن أن يراد من لفظ الشيء الحكم الظاهري والواقعي.

بيان ذلك هو أن الشيء إما أن يراد منه مرسلا ولازمه أن يكون المحمول هو الحكم الواقعي واما أن يراد من الشيء ما هو مشكوك ولازمه

٩٧

أن يكون المحمول هو الحكم الظاهري.

ولا يمكن أن يراد من الشيء ما هو الأعم من المرسل والمقيد بما هو مشكوك ومن المحمول ما يعم الحكم الواقعي والظاهري حيث أن الشيء المشكوك متأخر رتبة عن الشيء المرسل كما أن حكمه متأخر عنه ومع تأخر الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي لتأخر موضوعه عنه فلا يمكن جعلهما بلحاظ واحد ولكن لا يخفى أن هذا يتم بناء على كون معاني الانشاءات معاني ايجادية (١).

__________________

(١) وفاقا للاستاذ المحقق النّائينيّ حيث قال بإيجادية المعنى بالنسبة إلى الجملة الكلامية وليس المراد من الايجادية الايجادية في الخارج فانها منوطة بعلة تكوينية.

وأما الصدق فهو عبارة عن مطابقة النسبة الكلامية لما في الخارج والكذب عبارة عن عدم مطابقة النسبة الكلامية لما في الخارج وعليه بناء على ما ذكره قدس‌سره من ايجادية المعاني الانشائية هو عدم امكان ايجاد حكمين طوليين بانشاء واحد على أنه ذكر قدس‌سره عدم امكان ذلك من جهة أخرى وهو أن العلم الذي أخذ غاية للحكم يختلف فان المأخوذ غاية للحكم الواقعي قد أخذ على نحو الطريقية والذي أخذ غاية للحكم الظاهري قد أخذ على نحو الموضوعية ولا معنى لان يراد من لفظ العلم في الغاية الطريقية والموضوعية لعدم امكان الجمع بين اللحاظين.

ولكن لا يخفى أن استفادة الحكمين إنما هو من نفس المعنى الذي هو لفظ الشيء فان اطلاقه يشمل ذات الشيء الذي هو موضوع للحكم الواقعي وبشمل الشىء بما هو مشكوك الحكم الذي هو موضوع للحكم الظاهري فالغاية لما كانت هي العلم بالنسبة إلى الحكم الواقعي

٩٨

وأما بناء على ما هو الحق من كون معاني الانشاءات معان إخطارية بمعنى أنها مبرزة لمعانيها القائمة بنفس المتكلم بها.

__________________

تكون طريقيا وبالنسبة إلى الحكم الظاهري تكون موضوعيا فلا يلزم من ذلك اجتماع اللحاظين حيث أن أخذ الغاية هو لأجل استمرار الحكم.

فالغاية غاية للاستمرارية وليس الغاية غاية للحكمين حيث أنه على الفرض أن أريد من الشيء الحكم الواقعي تكون الغاية غاية لاستمرار الحكم الواقعي وان أريد من الشيء الحكم الظاهري تكون الغاية غاية لاستمرار الحكم الظاهري.

ولكن لا يخفى أنه يتم ذلك لو كان في الرواية لفظ الاستمرار وحيث لا يوجد لفظه فلا يمكن أن تكون الغاية لها إذ لا معنى لاطلاق الشيء بنحو يشمل موضوع الحكمين إذ لا يفهم من اطلاق لفظ الشيء ذات الشيء من دون أخذ الخصوصيات ككونه مشكوك الحكم إذ الاطلاق ينفي الخصوصيات ولا يفهم جميع الخصوصيات ولا يلزم أن يراد من الشيء لا بشرط وبشرط شيء وبالجملة لا يعقل إرادة الحكمين الواقعي والظاهري للزوم جمع الطريقية والموضوعية من لفظ العلم المأخوذ في الغاية والظاهر ارادة الحكم الظاهري في الرواية حيث جعل العلم غاية فيكون العلم قد أخذ بنفسه غاية إذ لا معنى لجعل غاية الحكم الواقعي هو العلم بالخلاف لما هو واضح ان الحكم الواقعي لا يكون مغيا بالعلم بالخلاف فعليه لا بد من حمل هذه الرواية على الطهارة والحلية الظاهرية لا الواقعية.

والتحقيق أن يقال أن الغاية أما أن تجعل قيدا للموضوع أو للمحمول أو للنسبة فان جعلت قيدا للموضوع يكون مفاد الرواية أن الماء الموجود الى زمان العلم بالنجاسة طاهر ويلزمه إن لا يحكم بالطهارة

٩٩

من الاعتبارات النفسانية وتكون حاكية عنها بمعنى ان الالفاظ كاشفة عن ان المتكلم اعتبر في نفسه ملكية الدار لزيد وأبرزه بلفظ

__________________

على الماء قبل العلم بالنجاسة اذ الموضوع فيه هو الماء المستمر إلى زمان العلم وعليه لا يمكن تطبيق هذه الرواية على الاستصحاب أبدا لعدم الانطباق قبل العلم إذ قبله يشك في انطباق عنوان العام وبعده لا مجال له لمنع العلم وان كان قيدا للمحمول يكون مفادها هو ثبوت الطهارة بالشيء المستمر إلى زمان العلم بالنجاسة فيكون غاية الثبوت غير مذكورة لكن يفهم من باب التبعية لاتحاد ظرفي الثبوت والثابت فيكون المعنى الماء تثبت له الطهارة إلى زمان العلم بالقذارة وعليه يكون الثابت غير مذكور وان كان يفهم تبعا لاتحاد الظرفين وعليه بدور الأمر بينهما وان كان الأخير أظهر وعلى كل فالطهارة المثبتة ليست هي الطهارة الواقعية بقرينة الغاية وانما الطهارة هي الظاهرية قد أخذ عدم العلم ظرفا لثبوتها أو لموضوعها.

أما أن يكون المقصود بها ثبوتها في الظرف المذكور ثبوتا واقعيا بنحو يكون المقصود البقاء تعبدا فيكون معنى الرواية كل ماء طاهر تستمر طهارته حتى تعلم قذارته فهو ينطبق على الاستصحاب وأن لم يكن بملاحظة ذلك فينطبق على قاعدة الطهارة ولذا تجري القاعدة وان كان لها حالة سابقة معلومة القذارة إلا أنها تسقط القاعدة لجريان الاستصحاب لا لقصور في دليلها.

فلذا قلنا لا جامع بين الوجود والعدم فلا جامع بين مفاد القاعدة والاستصحاب لتحمل عليه الرواية فلذا يدور الأمر بينهما ولأجل أن الاستصحاب يحتاج إلى عناية زائدة ولم يكن عليها قرينة في الكلام لذا يتعين الحمل على القاعدة كما ذكره الشيخ الانصاري (قده) نعم استظهر جعل

١٠٠