مخالفة الوهابيّة للقرآن والسنّة

عمر عبدالسلام

مخالفة الوهابيّة للقرآن والسنّة

المؤلف:

عمر عبدالسلام


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الهداية
الطبعة: ١
الصفحات: ٩٢

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته محمّد المصطفى وعلى آله وصحبه الكرام

المقدّمة :

سافرت في سنّ الشباب إلى مكّة المكرّمة لأداء فريضة حجّ بيت الله الحرام ، وذلك في سنة ١٣٩٥. وفي المدينة المنوّرة عند قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لاحظت الاهانات التي كان الوهّابيّون يوجّهونها للمسلمين ، اذ كانوا يقذفون حجّاج بيت الله وضيوف الرحمن بأقذع أنواع السباب والشتائم ، وبشكل متواصل ، لا ينقطع ولا يهدأ. فعند ما كان زوّار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقتربون من ضريحه ، ويقبّلون شبابيك المرقد المقدّس تعبيرا عن حبّهم له ، بينما كان الوهابيّون يقولون لهم : «ابتعدوا ايّها المشركون». لقد تألمت كثيرا وضاق صدري وانا اشاهد تلك الاهانات الفظّة الغليظة التي كانوا يوجّهونها لزوّار رسول الله.

وعند ما راجعت كتب التاريخ وجدت انهم كانوا ـ في اوّل

٣

تسلطهم على المدينة ـ يرتكبون المجازر بحق زوّار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وعلى أيّ حال : فأنّ زعماء الوهّابيّة وواضعى اسسها ـ من امثال ابن تيمية واشباهه ـ هم الذين سنّوا تلك العقائد ؛ إلّا أنّ محمّد بن عبد الوهّاب هو الذي أسّس حزبا يرتكز على تلك المعتقدات ، وأنشأ فرقة جديدة تعتبر جميع من سواها من المسلمين كفرة ومهدوري الدم.

وانني هنا ، انشر نتائج دراستي في أعداد هذه النشرة ، لأضعها بين يدي الجميع إن شاء الله.

غرّة ذى الحجة سنة ١٤١٤ ه‍ ، عمر عبد السلام

٤

١

لتوحيد

٥
٦

التوحيد

التوحيد من أهم الاصول الاعتقاديّة في جميع الأديان السماويّة ، لا سيّما الدين الإسلاميّ الحنيف ، وقد جعل الله سبحانه وتعالى العمل على نشره وترسيخه مسئوليّة الأنبياء الأساسيّة ، ولذا أشبع القرآن والسّنة هذا الموضوع توضيحا وتبيانا ، ولذا فإن على كل مسلم الرجوع الى هذين المنبعين الصافيين للتعرّف على افكار التوحيد الأساسية.

إنّ قليلا من التأمّل في عقائد الوهّابية وافكارهم يوضح بجلاء بعدهم التام في اعتقاداتهم عن القرآن الكريم والسنة المطهرة. فهم لا يعتقدون بالله كما وصفته آيات القرآن الكريم المحكمات ، بل هو باعتقادهم فوق العرش محدود ، ومحاط يحتاج إلى المكان.

راجع «رسالة العقيدة الحموية» و «رسالة العقيدة الواسطية» (من كتاب مجموعة الرسائل الكبرى) و «الفتاوى الكبرى» و

٧

«منهاج السنة» تاليف ابن تيمية ، وكذا «مختصر الصواعق المرسلة» لابن قيم.

وأيّد ابن باز ما في رسالة الحمويّة (راجع كتاب العقيدة الصحيحة ونواقض الإسلام لابن باز).

وقد اعترف ابن تيميّة ـ المبدع الأوّل لفكرة الوهّابيّة ـ في كتبه بهذه الاعتقادات المنحرفة ، مستدلا بآيات من القرآن المتشابهة وببعض الاحاديث الموضوعة ، مغضيا نظره عن الآيات المحكمات والأحاديث الثابتة عن الرسول الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

فقد استند في اثبات اعتقاداته مثلا إلى الحديث القائل : «ان الله ينزل في كلّ ليلة الى الأرض ، ثم يعود الى عرشه أوّل الصباح» في حين إنّ أدنى نظرة تأمّل منصفة بسيطة تقود إلى الاعتقاد بأنّ هذا الحديث مجعول ، لأنّ اللّيل دائم الحلول على الارض ، فما من لحظة تمرّ حتّى يكون نصف الكرة الأرضيّة غارقا في الليل ونصفها الآخر مسفرا بالنهار ، ولو ان الله ـ معاذ الله ـ كان قد نزل عن عرشه الى الارض ، لما عاد الى عرشه ابدا ما دامت الارض موجودة وما دام ليلها مستمرا ، وبالنتيجة إن الحديث يكذب نفسه ، لان نزول الله الى الارض يقتضي بقاءه فيها ببقاء الليل وبقاء العرش خاليا من وجوده دائما الى يوم القيامة لدوام الليل فى الارض كذلك ولذا فانّنا اذا سلّمنا سند الحديث ، فينبغي تأويله كما فعل مالك بن انس (١) ،

__________________

(١) مرآة الجنان لليافعىّ في حوادث سنة ٥٨٨ في ترجمة صاحب البيان.

٨

(راجع مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية / رسالة الوصيّة الكبرى وكتاب الصواعق المرسلة لابن قيم / باب ثبوت الانتقال والحركة لله).

خلافا لما قاله ابن قيم ـ في كتابه مختصر الصواعق المرسلة (الطبعة الاولى في بيروت سنة ١٤٠٥) الصفحة ١١٣ ـ حيث انّه غضب على الموحدين ممن قال ان الله ليس بجسم حين سماهم بالنفاة المعطّلة بقوله :

ـ فانظر ما ذا تحت تنزيه المعطلة النفاة بقولهم : «انّ الله ليس بجسم ولا جوهر ولا مركب ولا تقوم به الاعراض ولا يوصف بالابعاض ... ولا تحيط به الجهات ولا يقال في حقه اين وليس بمتحيّز ...» ثم كفّروا وضلّلوا من اثبتها واستحلوا منه ما لم يستحلوه من اعداء الله من اليهود والنصارى ، فالى الله الموعد ، وإليه الملتجأ ، وإليه التحاكم ، وبين يديه التخاصم ـ

ـ قال ابن تيمية في كتابه الموسوم بالفتاوى الكبرى المجلد الخامس ص ٢٣ ـ ٢١ (طبع بيروت فى دار المعرفة) :

... انه ليس في شيء من ذلك (يعنى الآيات) نفي الجهة والتحيز عن الله ، ولا وصفه بما يستلزم لزوما بينا نفي ذلك.

اقول وليت شعرى كأنّه لم يلحظ وصف الله نفسه في القرآن بقوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) البقرة ١١٥ ـ (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق ١٦ ـ (هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) الحديد ٤ ـ (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً) النساء ٢٦ وآيات اخرى كثيرة ، فلو كان جسما يشغل حيزا ذا جهة خاصة فولّى الانسان وجهه عنه لم يكن ثم وجه

٩

الله ، ولم يكن الله اقرب إليه من حبل الوريد ، ولا معه في كل مكان ، ولم يكن محيطا بكل شيء ، بل كان كلل متحيز محاطا بمكان خاص ، وسائر الامكنة خالية منه كما صرح بذلك الدليل علي بن أبي طالب بقوله : ومن قال فيم فقد ضمنه ، ومن قال علام (على العرش) فقد اخلا منه (تحت العرش).

«... والحمد لله الكائن قبل ان يكون كرسي او عرش او سماء او ارض او جان او انس ...».

وقد عدّ الجزيرىّ في كتابه «الفقه على المذاهب الاربعة» الاعتقاد بتجسيم الله تعالى وما يستلزم الاعتقاد بالتجسيم مستوجبا للكفر ، والمعتقد به كافرا ومشركا (١) ، (فالوهّابيون مشركون عند المذاهب الأربعة).

والعجيب في أمر ابن تيمية انه ينكر الحقائق الواضحة بشكل صريح ومباشر ، فيقول :

«لم ينطق القرآن والسنة والاجماع بان الله ليس بجسم ولم ينف التشبيه» (٢).

__________________

(١) الفقه على المذاهب الاربعة للجزيري.

(٢) هامش باب ١٥ من كتاب التبصير في الدين للاسفرايني طبع مصر سنة ١٣٧٤ قمري وص ١٤١ الهامش لمحمد زاهد بن حسن الكوثري نقلا عن كتاب ابن تيمية الذي رد فيه على كتاب اساس التقديس للرازي. (الطبعة الاولى ١٤٠٣ ه‍ دار الكتب العلمية ، بيروت).

ـ وفي كتاب مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية في المجلد الخامس في فصل :

١٠

الأمر الذي آثار حفيظة القضاة الحنفيين والمالكيين والشافعيين ضده فالقوه في السجن حتى مات. تأمل عزيزي القارئ نصّ ما ورد في حكم السلطان :

«... وكان الشقي ابن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه ومدّ عنان كلمه ونصّ في كلامه على امور ومنكرات ، واتى في ذلك بما انكره أئمة الاسلام وانعقد على خلافه اجماع العلماء الاعلام وخالف في ذلك علماء عصره وفقهاء شامه ومصره وعلمنا انه استخف قومه فاطاعوه حتى اتصل بنا انهم صرحوا في حق الله بالتجسيم» (١).

__________________

«الطرق المثبتة في اطلاق لفظ العرض والجسم على الله». (صفحة ـ ٢٠٩)

وقريب منه في كتاب مختصر الصواعق المرسلة لابن قيم الصفحة ١١١.

(١) الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني (طبع بيروت صفحة ١٤٥) قال القاضي المالكي : فقد ثبت كفر ابن تيمية.

١١
١٢

٢

فضائل الأنبياء والأولياء

١٣
١٤

فضائل الأنبياء والأولياء في القرآن

لقد انكر (١) الوهابيون ما منّ الله تعالى به على خاصة أوليائه من العلم والفضائل والقدرات الخاصة ، فهم يرفضون بشكل تامّ ايّ شكل من أشكال القدرة لايّ احد من الخلق ، فلا عيسى يشفي المرضى بإذن الله ، ولا من عنده علم من الكتاب يمكنه احضار عرش بلقيس ، ولا سليمان يمكنه فهم لسان النمل والطير والحديث معها ، ولا مريم يمكنها الاخبار عما سيكون في رحمها ، ولا الرسول الاكرم يمكنه الاخبار عن حوادث مستقبلية ، والحال ان القرآن الكريم يزخر بالأمثلة الكثيرة على ما خصّ به الأنبياء والاولياء من خوارق العلوم والقدرات والفضائل. ونسوق ادناه امثلة على ذلك :

يقول تعالى في ذكر داود وسليمان (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ

__________________

(١) فى كتاب مرآة الجنان لليافعي في حوادث ٧٢٨ ما نصّه :

ولابن تيمية مسائل غريبة انكر عليها وحبس بسببها «مباينة لمذهب اهل السنة» ومن اقبحها نهيه عن زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٥

وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) سبا / ١٠ ـ ١٣

(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ* قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ...). النمل / ٣٨ ـ ٤٠

وقال تعالى : (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً). الكهف / ٦٥

وقال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ* وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ* وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ). النمل / ١٥ ـ ١٧

١٦

تعليم الله الأنبياء والأولياء انباء ما كان وما سيكون

وما هو كائن ممّا يخفى على الأعين :

يقول تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) الجنّ / ٢٦ ـ ٢٧

تامل فى قوله : الا من ارتضى من رسول ...

قال عيسى ابن مريم للناس : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) آل عمران / ٤٩ ـ يعنى أنبّئكم بما سيكون من أكلكم وأنبّئكم بما تخفون فى بيوتكم (ولو فى بطن الارض)

وقال تعالى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ* قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). آل عمران / ٤٥ ـ ٤٧

وهذه الآيات اكبر شاهد على اختصاص الأنبياء والاولياء بعلوم من عند الله لا نعلمها بل تختص بهم ومن فضائلهم ، حتى بالنسبة الى مريم الّتي لم تكن من الأنبياء ومع ذلك تكلّمها الملائكة وتخبرها

١٧

بحوادث لم يكن يعلمها الا الله فتعلمها باذن الله ،

مثل انه سيولد منها بلا زوج ولد صالح يكلم فى المهد.

اما ما ورد في الأحاديث فهو متواتر بدرجة لا يمكن معها احصاؤه في هذه الوريقات ، ولكن نشير الى ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي بن أبي طالب كانا يحملان علما لدنيا كثيرا ويخبران عن احداث تقع في آخر الزمان ، كما في إخبار على بن ابى طالب عن هجوم الترك والمغول والتتار على بلاد المسلمين ، وقد ورد في نفس الرواية ان رجلا كلبيا سأله «أتعلم الغيب يا علي؟» فقال : «ليس هو بعلم غيب وانما هو تعلم من ذي علم ... فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه».

وقد تواترت الاحاديث التي تشير الى إخبار الرسول الاكرم صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي عن احداث آخر الزمان في الكتب المعتبرة وباسانيد صحيحة.

فقد اخبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عما سيقع بعد وفاته من الحوادث ، وعن المهدي في آخر الزمان ، كما اخبر على بن ابى طالب عن استيلاء بني أمية على الخلافة ، ثم إبادتهم على ايدى بني العباس ، وعن الكثير من الحوادث التي تلي انقراض بني العباس والى قيام المهدي.

فلو اراد الله ان يعلّم رسوله او وليّه جميع انباء ما كان وما هو كائن وما سيكون من حوادث الدنيا لفعل لامكان ذلك لان حوادث الدنيا محدودة يمكن ان يعلمها الله بشرا.

١٨

انكار الوهّابيين الشفاعة والتوسّل :

من العقائد الإسلاميّة الأخرى المسلّم بها والتي يردّها الوهابيون قضية «التوسل» ، يقول محمّد بن عبد الوهاب :

«اذا قال لك بعض المشركين [يعني : المسلمين غير الوهابيين](أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أو استدل بالشفاعة انها حق ، او ان الأنبياء لهم جاه عند الله ، او ذكر كلاما للنبي يستدل به على شيء من باطله ، (يعني الشفاعة و...) وانت لا تفهم [اي لا تقدر على جوابه] فجاوبه بقولك : «ان الله ذكر في كتابه ان الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه».

راجع كشف الشبهات في التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب طبع قاهرة الصفحة ٦.

ـ والملفت للنظر ان محمّد بن عبد الوهاب وأمثاله هم الّذين يستدلّون بالمتشابهات دون «المحكمات كالايات الصريحة السابقة فى توسّل الأمم بأنبيائهم ، والروايات الصحيحة الصريحة فى الاستشفاع» ـ

وكتاب تفسير الفاتحة لمحمّد بن عبد الوهاب طبع الرياض مكتبة الحرمين الطبعة الاولى ١٤٠٧ ه‍.

وتاريخ المملكة السعودية لصلاح الدين المختار طبع بيروت فى الجزء الثانى الصفحة ٣٤٤ ما نصّه :

اصدر العلماء [الوهابيون] بيانا منه : «من جعل بينه وبين الله

١٩

وسائط فهذا كافر ، يستتاب ثلاثا والا قتل.»

وورد في كتاب «العقيدة الصحيحة ونواقض الاسلام» لعبد العزيز بن عبد الله بن باز ما يلي :

من سأل النبي وطلب منه الشفاعة فقد نقض اسلامه.

الشفاعة والتوسّل بالأنبياء في القرآن والسنّة :

اذن فطبقا لعقائد هم فإن جميع انبياء الله واوليائه مشركون وكفّار ، لان الأنبياء يقرون الاستشفاع والتوسل. فالقرآن الكريم والروايات الشريفة تعرضا لذكر العديد من فضائل الأنبياء والموارد التي توسل فيها الناس بالانبياء والاولياء الى الله ، من ذلك مثلا :

١ ـ عيسى يشفى المريض المتوسل به باذن الله (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) آل عمران / ٤٨ ـ ٤٩. (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ) انبياء / ٨١. ـ (يجري الريح بأمر سليمان)

فتوسل الناس الى عيسى انما كان لاعتقاد هم بأن الله قد حباه قدرة تمكنه من شفاء المرضى. اي انهم يعتقدون بأنّه كان نبيّ الله وعبده المخلص وانه قد حصل له لاجل هذه العبودية علم كذاك وقدرة كتلك. وهذا ما لا يمكن عدّه شركا ابدا اذا لم نقل انه عين التوحيد. بل الشرك فقط لو كان الناس قد اعتقدوا بأن لعيسى قدرة مستقلة عن قدرة الله تعالى ، ولن يقول احد من المسلمين بذلك.

٢٠