تراثنا ـ العددان [ 89 و 90 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 89 و 90 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢

يقول النجاشي في ترجمة أبي الفضل محمّـد بن عبـد الله بن محمّـد : «كان [قد أفنى] في طلب الحديث عمره ، أصله كوفي ، وكان في أوّل أمره ثبتاً ثمّ خلط ، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه ، له كتب ... رأيت هذا الشيخ ، وسمعتُ منه كثيراً ، ثمّ توقّفت عن الرواية عنه إلاّ بواسطة بيني وبينه»(١).

ولم يعتقد الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) بصحّة جميع روايات الكافي ، فنقل روايات من الكافي في كتابيه التهذيب والاستبصار ، وناقش في أسنادها وحكم بضعفها.

قال العلاّمة المجلسي : «أمّا جزم بعض المجازفين بكون جميع الكافي معروضاً على القائم عليه‌السلام ؛ لكونه في بلد السفراء [بغداد] ، فلا يخفى ما فيه.

نعم ، عدم إنكار القائم وآبائه : عليه وعلى أمثاله من تأليفاتهم ورواياتهم ممّا يورث الظنّ المتاخم للعلم بكونهم : راضين بفعلهم ومجوّزين للعمل بأخبارهم»(٢).

و «الحقّ عندي أنّ وجود الخبر في أمثال تلك الأُصول المفيدة ، ممّا يورث جواز العمل به ، ولكن لا بدّ من الرجوع إلى الأسانيد ؛ لترجيح بعضها على بعض عند التعارض»(٣).

ويؤيّد ذلك ما ورد في مقدّمة كتاب الكافي ذاته من عدم الجزم بقطعية صحّة جميع الروايات الواردة عن المعصومين عليهم‌السلام ، فيقول :

__________________

(١) رجال النجاشي رقم ١٠٥٩.

(٢) مرآة العقول ١ / ٢٢ مقدمة المؤلف.

(٣) مرآة العقول ١ / ٢٢ مقدمة المؤلف.

٢٢١

«فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء : برأيه ، إلاّ على ما أطلقه العالم بقوله عليه‌السلام : اعرضوها على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله عزّ وجلّ فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، وقوله عليه‌السلام : دعوا ما وافق القوم فإنّ الرشد في خلافهم ، وقوله عليه‌السلام : خذوا بالمجمع عليه ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقلّه ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم عليه‌السلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه‌السلام : بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم»(١).

٢ ـ من لا يحضره الفقيه :

وهو الكتاب الثاني في الحديث ، من تأليف الشيخ محمّـد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي (ت ٣٨١ هـ) ، المعروف بالشيخ الصدوق.

اقتبس المصنّف اسم كتابه من كتاب من لا يحضره الطبيب لمحمّـد بن زكريا الرازي.

ويعتبر الكتاب من الكتب الدقيقة في الحديث ، بل إنّ «من الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث من لا يحضره الفقيه على غيره من الكتب الأربعة ؛ نظراً إلى زيادة حفظ الصدوق ، وحسن ضبطه ، وتثبّته في الرواية ، وتأخّر كتابه عن الكافي ، وضمانه فيه بصحّة مايورده ، وإن لم يقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووا ، وإنّما يورد فيه ما يفتي به ويحكم

__________________

(١) الكافي ١ / ٩.

٢٢٢

بصحّته ، ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه»(١).

ومجموع أحاديث الكتاب (٥٩٦٣) حديثاً في (٤٤٦) باباً في أربعة مجلّدات. المسانيد فيه (٣٩١٣) حديثاً ، والمراسيل (٢٠٥٠) حديثاً(٢).

واتخذ الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه منهجاً جديداً مغايراً لمنهج الشيخ الكليني ، فاختصر الصدوق أسانيد الروايات ، وحذف أوائل السند ، ووضع المشيخة في خاتمة من لا يحضره الفقيه ؛ من أجل معرفة طريقه إلى من روى عنه.

بينما كان منهج الكليني في الكافي هو سرد السند بالكامل على الأغلب.

ولا شكّ أنّ كتاب من لا يحضره الفقيه لم يفلت من النقاش الدائر حول مدى حجّية جميع الروايات الواردة فيه :

١ ـ فقد زُعم بأنّ كتاب من لا يحضره الفقيه كتاب فتوى ، ولا بدّ أن تكون الروايات الواردة فيه صحيحة. فقد قال المصنّف قدس‌سره في مقدّمته : «بل قصدتُ إلى إيراد ما أُفتي به وأُحكم بصحّته»(٣).

وبطبيعة الحال ، فإنّ وثوق الخبر عند المتقدّمين كان نابعاً من كونه من المعصومعليه‌السلام ، لا كون الراوي من الثقات.

وقد أشار إلى ذلك المحقّق البهبهاني ، فقال : «إنّ الصحيح عند القدماء هو ما وثقوا بكونه من المعصوم أعمّ من أن يكون منشأ وثوقهم كون الراوي من الثقات ، أو أمارات أُخر ، ويكونوا يقطعون بصدوره عنهم أو

__________________

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ٤ / ٦.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٩٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣.

٢٢٣

يظنّون»(١).

فبلحاظ تغيّر الزمان والمكان ، فإنّ أُصول البحث عن صحّة الروايات قد تبدّل ، فقد كان القدماء ، كالصدوق والطوسي وغيرهم يطمئنّون إلى صحّة الحديث ؛ لوجود قرائن خارجية ملموسة في ذلك الزمان ، كوجود الحديث في الأُصول الأربعمائة ، أو وجوده في الكتب المعروضة على أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ككتاب (يونس بن عبـد الرحمن) و (فضل بن شاذان) اللذين عرضا على الإمام العسكري عليه‌السلام مثلاً. وهذا لا يقطع بوثوق الرواة ، بقدر ما يكشف صحّة الروايات في تلك الأُصول والكتب.

٢ ـ إنّ مراسيل من لا يحضره الفقيه التي بلغت حوالي نصف حجم الأحاديث الكلّية في الكتاب ، بحاجة إلى بحث وتمحيص ، فهل يمكن الاعتماد على مراسيل الصدوق كما هو الحال مع أسانيده؟

قال جماعة من الفقهاء : بحجّية مراسيل الصدوق.

فقال السيّد بحر العلوم في رجاله : «إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجّية والاعتبار ، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب»(٢).

وقال المحقّق الداماد في الرواشح : «إذا كان الإرسال بالإسقاط رأساً جزماً ، كما قال المرسل (قال النبي ، أو قال الإمام) فهو يتمّ فيه ، وذلك مثل قول الصدوق في الفقيه (قال الصادق عليه‌السلام : الماء يطهر ولا يطهر) ، إذ مفاده الجزم أو الظنّ بصدور الحديث عن المعصوم ، فيجب أن تكون الوسائط عدولاً في ظنّه ، والاّ كان الحكم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته

__________________

(١) تعليقة البهبهاني (الفوائد الرجالية) : ٢٧.

(٢) رجال بحر العلوم ٣ / ٣٠٠.

٢٢٤

وعدالته»(١).

ولا شكّ أنّ قضية المراسيل تبقى قضية معلّقة ، فحتّى لو وثق الشيخ الصدوق من صدور الرواية عن الإمام عليه‌السلام ، يبقى وثوقه حدساً لا يكشف لنا عدالة الراوي أو وثاقته.

٣ ـ إنّ وجود الكتب المعتبرة ـ التي كان معوّلاً عليها زمن النصّ ـ ككتب (الفضيل بن يسار) ، و (محمّـد بن مسلم) ، و (حريز بن عبـد الله السجستاني) ، و (عبيد الله بن علي الحلبي) وغيرها ، والتي ذكرها الصدوق في كتابه ، يقتضي تكثيف البحث حولها وحول طرقها إلى المعصومعليه‌السلام ، وقد قال الشيخ الصدوق : إنّ جميع ما في من لا يحضره الفقيه : «مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع»(٢). إلاّ أنّ بعض تلك الكتب «هي كتب غيرهم من الأعلام المشهورين ، كرسالة والده إليه ، وكتاب شيخه محمّـد بن الحسن بن الوليد. فالروايات المودعة في الفقيه مستخرجة من هذه الكتب معتقداً أنّها كتب معروفة ومعتبرة ، وأمّا كونها صحيحة أو غير صحيحة ، فهو أمر أجنبي عن ذلك»(٣).

٣ ـ تهذيب الأحكام :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ).

ألّفه شرحاً لرسالة المقنعة في الفقه ، لشيخه محمّـد بن محمّـد بن النعمان المفيد (ت ٤١٣ هـ). وهو «أحد الكتب الأربعة ، المجاميع

__________________

(١) الرواشح : ١٧٤.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣.

(٣) معجم رجال الحديث ١ / ٨٧.

٢٢٥

القديمة ، المعوّل عليها عند الأصحاب من لدن تأليفها حتّى اليوم. ألّفه شيخ الطائفة ، استخرجه من الأُصول المعتمدة للقدماء التي هيّأها الله له ، وكانت تحت يده من لدن وروده إلى بغداد سنة ٤٠٨ هـ ، إلى مهاجرته منها إلى النجف الأشرف»(١).

والكتاب مؤلّف من أبواب عددها ٩٣ باباً ، وعدد أحاديثه (١٢٥٩٠) حديثاً(٢) ، مطبوع بعشرة مجلّدات.

قال الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول ـ على ما حكاه الفيض الكاشاني ـ : «إنّ ما أورده في كتابي الأخبار إنّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها»(٣).

وبعد أن ذكر الشيخ قدس‌سره مختاره في حجّية خبر الواحد ، إذا كان راويه إماميّاً ، ولم يطعن في روايته ، وكان سديداً في نقله ، قال : «والذي يدلّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة ، فإنّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودوّنوها في أُصولهم ، لا يتناكرون ذلك ، ولا يتدافعونه حتّى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف ، أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك ، وقبلوا قوله ...

وممّا يدلّ أيضاً على جواز العمل بهذه الأخبار ـ التي أشرنا إليها ـ ما ظهر من الفرقة المحقّة من الاختلاف الصادر عن العمل بها ، فإنّي

__________________

(١) الذريعة ٤ / ٥٠٤.

(٢) لؤلؤة البحرين : ٣٩٦.

(٣) نقلها الفيض الكاشاني في الوافي ١ / ١١ المقدّمة الثانية ـ طبعة حجرية. والعبارة غير موجودة في (عدّة الأُصول) ، ولعلّها حُذفت من قبل النسّاخ قبل تحقيق الطبعات الحديثة.

٢٢٦

وجدتها مختلفة المذاهب في الأحكام ، يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه ، من الطهارة إلى باب الديّات من العبادات ، والأحكام والمعاملات ، والفرائض وغير ذلك ، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم ...

وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم‌السلام من الأحاديث المختلفة ـ التي تختص بالفقه ـ في كتابي المعروف بـ : الاستبصار ، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث ، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها ، وذلك أشهر من أن يخفى»(١).

وهذا ما أكّده المحقّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) في معارج الأُصول ، فقال : «وذهب شيخنا أبو جعفر إلى العمل بخبر العدل من رواة أصحابنا ، لكن لفظه ـ وإن كان مطلقاً ـ فعند التحقيق يتبيّن أنّه لا يعمل بالخبر مطلقاً ، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمّة عليهم‌السلام ودوّنها الأصحاب ، لا أنّ كلّ خبر يرويه الإمامي يجب العمل به ، هذا الذي تبيّن لي من كلامه ، ويدّعي إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار ...»(٢).

٤ ـ الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار :

وهو من تأليف الشيخ الطوسي قدس‌سره.

وهو أحد الكتب الحديثية الأربعة التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الإمامية ، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء : الأوّل والثاني يشتملان على العبادات ، والثالث يتعلّق بالمعاملات وغيرها من أبواب الفقه ، وقد حصر

__________________

(١) عدّة الأُصول : ٣٣٧ ، ٣٥٤.

(٢) معارج الأُصول : ١٤٧.

٢٢٧

أحاديثه بالشكل التالي :

الجزء الأوّل في (٣٠٠) باباً ، فيه (١٨٩٩) حديثاً.

الجزء الثاني في (٢١٧) باباً ، فيه (١١٧٧) حديثاً.

والجزء الثالث في (٣٩٨) باباً ، فيه (٢٤٥٥) حديثاً.

فمجموع الأبواب (٩١٥) باباً ، تتضمّن (٥٥٢١) حديثاً ، وهو مطبوع في أربعة مجلّدات.

وطريقة الشيخ في كتابي التهذيب والاستبصار : إنّه قد يذكر جميع السند ، كما في الكافي ، وقد يقتصر على البعض بحذف المصدر ، كما في الفقيه. و «لكنّه استدرك المتروك في آخر الكتابين ، فوضع له مشيخته المعروفة ، وهي فيهما واحدة غير مختلفة ، قد ذكر فيهما جملة من الطرق إلى أصحاب الأُصول والكتب ، ممّن صدر الحديث بذكرهم ، وابتدأ بأسمائهم ، ولم يستوفِ الطرق كلّها ، ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روى عنه بصورة التعليق ، بل ترك الأكثر ؛ لقلّة روايته عنهم ، وأحال التفصيل إلى فهارس الشيوخ المصنّفة في هذا الباب ، وزاد في التهذيب الحوالة على كتاب الفهرست الذي صنّفه في هذا المعنى»(١).

والفنّ في الاستفادة من كتاب التهذيب : هو معرفة الطرق التي توصّل بها المصنّف إلى رواية الأُصول والمصنّفات.

فقال في تفصيل بعض الطرق : «فما ذكرناه في هذا الكتاب عن محمّـد بن يعقوب الكليني رحمه الله ، فقد أخبرنا الشيخ أبو عبـد الله محمّـد بن محمّـد بن نعمان رحمه الله ، عن أبي القاسم جعفر بن

__________________

(١) خاتمة المستدرك ٦ / ١٣.

٢٢٨

محمّـد بن قولويه رحمه الله ، عن محمّـد بن يعقوب رحمه الله. وأخبرنا به أيضاً الحسين بن عبيد الله ، عن أبي غالب أحمد بن محمّـد الزراري وأبي محمّـد هارون بن موسى التلعكبري ، وأبي القاسم جعفر بن محمّـد بن قولويه ، وأبي عبـد الله أحمد بن أبي رافع الصيمري ، وأبي المفضل الشيباني وغيرهم ، كلّهم عن محمّـد بن يعقوب الكليني.

وأخبرنا به أيضاً : أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر ، عن أحمد بن أبي رافع ، وأبي الحسين عبـد الكريم بن عبـد الله بن نصر البزاز بتنيس وبغداد ، عن أبي جعفر محمّـد بن يعقوب الكليني جميع مصنّفاته وأحاديثه ، سماعاً ، وإجازة ببغداد بباب الكوفة ، بدرب السلسلة ، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة»(١).

ولكن تلك الطرق التي أوردها الشيخ في مشيخة التهذيب لم تكن مسندة في كلّ الحالات ، بل كانت أحياناً معلولة بضعف أو إرسال أو جهالة. وكان في بعض الأحيان يبدأ الحديث برواة لم يذكر لهم طريق في المشيخة ، ومن أجل تصحيح ذلك ، فقد حاول بعض الفقهاء الأجلاّء طرح نظريّات ؛ لتصحيح أسانيد الشيخ الطوسي :

منها : الرجوع إلى كتاب الفهرست ، فإنّ في الفهرست طرقاً إلى أرباب الكتب والأُصول ، الذين أهمل الشيخ ذكر السند إلى كتبهم في كتاب التهذيب.

ومنها : الرجوع إلى الكتب الرجالية الأُخرى كـ : مشيخة الفقيه ، ورسالة الشيخ أبي غالب الزراري ، وطريق النجاشي في رجاله ونحوها.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١٠ / ٩ ـ ٢٥ من المشيخة.

٢٢٩

ومنها : ما ذكره الشيخ محمّـد الأردبيلي (ت ١١٠١ هـ) في كتابه المفقود تصحيح الأسانيد من الرجوع إلى أسانيد روايات التهذيبين (أي كتابي التهذيب والاستبصار) ، ومعرفة الطرق الضعيفة أو المجهولة ، من الطرق الصحيحة أو المعتبرة(١).

قال المحقّق الأردبيلي في مقدّمة تصحيح الأسانيد : «إنّ ما ذكره علماء الرجال من طرق الشيخ قليل في الغاية ، ولا يكون مفيداً في ما هو المطلوب ، والشيخ لمّا أراد إخراج الروايات التي لم يذكر طريقه إلى أرباب الكتب في نفس التهذيب والاستبصار من الإرسال ، ذكر في المشيخة والفهرست طريقاً أو طريقين أو أكثر إلى كلّ واحد من أرباب الكتب والأُصول ، فمن كان قصده الاطّلاع على أحوال الحديث ، ينبغي أن ينظر إلى المشيخة ويرجع إلى الفهرست ...

إنّي لمّا رجعتُ إليهما ، رأيت أنّ كثيراً من الطرق المورودة فيهما معلول على المشهور ، بضعف أو إرسال ، أو جهالة ، وأيضاً رأيت أنّ الشيخ ؛ ربّما بدأ في أسانيد الروايات بأُناس لم يذكر لهم طريقاً أصلاً ، لا في المشيخة ولا في الفهرست ؛ فلأجل ذلك ، رأيت من اللازم تحصيل طرق الشيخ إلى أرباب الأُصول والكتب ، غير الطرق المذكورة في المشيخة والفهرست ، حتّى تصير تلك الروايات معتبرة ، فلمّا طال تفكيري في ذلك وتضرّعي ، أُلقي في روعي أن أنظر في أسانيد روايات التهذيبين ، فلمّا نظرتُ فيها ، وجدت فيها طرقاً كثيرة إليهم غير ما هو مذكور في المشيخة والفهرست ، أكثرها موصوف بالصحّة والاعتبار فصنّفت هذه الرسالة ،

__________________

(١) جامع الرواة : ٤٧٣ ـ ٤٧٥ الفائدة الرابعة.

٢٣٠

وذكرتُ فيها جميع الشيوخ المذكورين في المشيخة والفهرست ، وذيّلتُ ما فيهما من الطرق الضعيفة أو المجهولة ، بالإشارة إلى ما وجدته من الطرق الصحيحة أو المعتبرة مع تعيين موضعها ، وأضفت إليهم من وجدتُ له طريقاً معتبراً ، ولم يذكر طريقه فيهما»(١).

روى الشيخ الطوسي في التهذيب روايات علي بن الحسن الطاطري ، في الصلاة ، فقال : «علي بن الحسن الطاطري ، قال : حدّثني عبـد الله بن وضّاح ، عن سماعة بن مهران ، قال : قال لي أبو عبـد الله عليه‌السلام : إيّاك أن تصلّي قبل أن تزول ، فإنّك تصلّي في وقت العصر خير لك أن تصلّي قبل أن تزول»(٢).

قال الشيخ الطوسي في المشيخة : «وما ذكرته عن علي بن الحسن الطاطري ، فقد أخبرني به أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمّـد بن الزبير ، عن أبي الملك أحمد بن عمر بن كيسبة ، عن علي بن الحسن الطاطري».

وطريق الشيخ ضعيف ؛ بجهالة اثنين من الرواة هم : ابن الزبير وابن كيسبة ؛ وبذلك يتحطّم هذا الطريق في السند للوصول إلى واقعية قول الإمام عليه‌السلام ، ويقتضي عدم اعتبار الروايات الواردة من هذا الطريق التي يصل عددها إلى ثلاثين.

ولكن المحقّق الأردبيلي اقترح بأن يكون طريق التوثيق بالشكل التالي :

__________________

(١) جامع الرواة : ٤٧٣ ـ ٤٧٥ الفائدة الرابعة. وأورده السيد البروجردي في مقدّمته على جامع الرواة ١ / ٢٦٦.

(٢) التهذيب ج ٢ حديث ٥٤٩.

٢٣١

إنّ الشيخ الطوسي روى في باب الطواف أربع روايات بالسند التالي : (موسى بن القاسم ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن درست بن أبي منصور ، عن ابن مسكان).

ولمّا كان (موسى بن القاسم) ثقة ، وطريق الشيخ إليه صحيح ، عندها يصبح الطريق إلى علي بن الحسن الطاطري سالكاً وصحيحاً ، لا عن طريق المشيخة ولا عن طريق الفهرست ، بل عن طريقه في المشيخة إلى موسى بن القاسم.

وقد اُشكل على ذلك(١) : بأنّ طريق الشيخ الطوسي إلى أحد الرواة إذا كان ضعيفاً فلا يمكن إصلاحه عن طريق معرفة راو آخر وقع اسمه في ثنايا السند.

فتبقى مشكلة تصحيح أسانيد الشيخ الطوسي قائمة!

__________________

(١) صاحب الإشكال هو السيد البروجردي قدس‌سره.

٢٣٢

الفصل الرابع

الأُصول الرجالية

الشيخ الطوسي : حلقة الإتصال بين متقدّمي الأرباب الأُصولية والمتأخّرين.

توفّرت للشيخ الطوسي قدس‌سره ، من وسائل العلم والمعرفة والقدرة على التحليل والتركيب العقليّين ، ما لم يتوفّر لأحد سواه. فقد كانت تحت سلطته العلمية مكتبتين من أهمّ مكتبات العالم في القرن الخامس الهجري ، وهما مكتبة (سابور بن أردشير) وزير بهاء الدولة الديلمي في الكرخ ببغداد حيث كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة بخطوط مؤلّفيها أو بلاغاتهم. ومكتبة استاذه الشريف السيّد المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) الذي صحبه ثماني وعشرين سنة. وكانت تحتوي على ثمانين ألف كتاب.

ومن المؤكّد أنّ تلك المكتبتين كانتا تحتويان على أُصول الأصحاب الأربعمائة ، والمجاميع الحديثية القديمة التي جمعت فيها مواد تلك الأُصول ، والكتب الخاصّة بأسماء الرجال وتراجمهم.

وقد مكّنته تلك الثروة العلمية من تنظيم المصادر الرجالية القديمة وترتيبها ضمن منهج علمي وروح تأسيسية انفرد بها من بين القدماء. فقد أصبحت الكتب الرجالية التي دوّنها وهي : كتاب الرجال ، والفهرس ، واختيار الرجال للكشّي ، من أهمّ المصادر الرجالية في المدرسة الإمامية. ودراسة معمّقة لآثار الشيخ الطوسي في علم الرجال تدفعنا إلى الاستنتاج بأنّه كان حلقة الإتصال بين أرباب الأُصول الرجالية القديمة والمتأخّرين ،

٢٣٣

بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى. فقد أعاد قدس‌سره كتابة أسماء الرجال وتراجمهم ومصنّفاتهم. فانقذ علم الرجال من المصير الذي كان يمكن أن يؤول إليه. فكان لطف الله سبحانه على الأُمّة منعكساً في شخصية شيخ الطائفة قدس‌سره.

فكتاب الرجال أو الأبواب تضمن زهاء (٨٩٠٠) اسم رتّب على أبواب بعدد رجال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورجال أصحاب كلّ واحد من الأئمّة عليهم‌السلام ، ورجال من لم يروِ عنهم إلاّ بواسطة ، باباً باباً. وكان هدفه من هذا الجمع حفظ أسماء الرواة وتمييز طبقاتهم كمقدّمة من مقدّمات التعرّف على أحوالهم وطبيعة صدقهم وأمانتهم في نقل الحديث.

وقد اُشكل على كتاب رجال الطوسي أنّ مصنّفه قدس‌سره قد يذكر الرجل في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام ثمّ يذكره في بعض أبواب من روى عنهم عليهم‌السلام ؛ فمن ذلك (ثابت بن شريح) فقد ذكره مرّة في باب أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام ومرّة أُخرى في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام. و (فضالة ابن أيّوب) ذكره تارة في باب أصحاب الكاظم عليه‌السلام ، وثانية في باب أصحاب الرضا عليه‌السلام ، وثالثة في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام. و (قتيبة بن محمّـد الأعشى) ذكره مرّة في باب أصحاب الصادق عليه‌السلام وأُخرى في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام. وهل هذا إلاّ تناقض! إلاّ أنّ الفحص الدقيق يرفع هذا الإشكال الذي توهّمه البعض. وأوّل من قام بذلك الفحص الدقيق هو الشيخ عبـد الله المامقاني النجفي (ت ١٣٥١ هـ) في كتابه : تنقيح المقال في أحوال الرجال فقال : «والذي ظهر لي بلطف الله سبحانه بعد فضل الغوص في التراجم والالتفات إلى نكات كلمات الأعاظم من دون تصريح أحد منهم بذلك : أنّ الرجال أقسام : (منهم) يروي عن الإمام عليه‌السلام دائماً بغير واسطة. و (منهم) لم يروِ عن إمام عليه‌السلام أصلاً إلاّ بالواسطة لعدم دركه أزمنة

٢٣٤

الأئمّة عليهم‌السلام أو عدم روايته عنهم عليهم‌السلام. و (منهم) له روايات عن الإمام عليه‌السلامبلا واسطة ، وروايات عنه بواسطة غيره. فالذي يذكره الشيخ رحمه الله في باب من روى عن أحدهم عليهم‌السلام تارة وفي باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام أُخرى ، يشير بذلك إلى حالتيه. فباعتبار روايته عنه عليه‌السلام بغير واسطة أدرجه فيمن روى عنه عليه‌السلام ، وباعتبار روايته عنه بواسطة آخر أدرجه في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام. ومصداقه كثير : (منهم) بكر بن محمّـد الأزدي ، فإنّ له روايات عن الصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام بغير واسطة وروايات عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام بواسطة عمّته غنيمة وغيرها ؛ فلذا أدرجه تارة في باب اصحاب الصادق عليه‌السلام ، وأُخرى في باب أصحاب الكاظم عليه‌السلام ، وثالثة في باب أصحاب الرضا عليه‌السلام ، ورابعة في باب من لم يروِ عنهم عليهم‌السلام. و (منهم) ثابت بن شريح ...»(١).

وهذا التوجيه مطابق إلى مقدّمة الشيخ الطوسي في رجاله حيث قال وهو بصدد بيان منهجية تأليف كتاب يشتمل على أسماء الرجال : «... ثمّ أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمّة عليهم‌السلام من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم ...»(٢). إلاّ أنّنا لا ننكر أنّ تلك كانت هفوة منهجية كان من الممكن تلافيها في عصر التأليف بإدراج قائمة تميّز الرجال الذين لهم روايات عن الإمام عليه‌السلام بلا واسطة وفي الوقت نفسه لهم روايات بواسطة الغير ، عن غيرهم من الذين رووا عن الإمام عليه‌السلام أصلاً بغير واسطة.

وكان كتاب اختيار الرجال الذي جاء تنقيحاً لكتاب رجال الكشي

__________________

(١) تنقيح المقال في احوال الرجال ١ / ١٩٤.

(٢) رجال الطوسي : ٢.

٢٣٥

الموسوم بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهم‌السلام محاولة أُخرى من شيخ الطائفة لبناء أساس متين لعلم الرجال.

إلاّ أنّ كتاب الفهرس اكتسى أهمّية فائقة لدى الفقهاء ، لأنّ المصنّف ذكر فيه المؤلّفين الذين اتصل إليهم إسناده مع الإشارة إلى مكانتهم من الثقة والاعتماد أحياناً والإكتفاء بذكر مؤلّفاتهم أحياناً أُخرى. فقد كان مقصوده قدس‌سره سرد المؤلّفات والإسناد إليها.

وقد كان شيخ الطائفة رائداً في تبيان حقيقة مهمّة وهي أنّ الوثاقة لا يمكن خدشها بانتحال الفرد الثقة مذهباً فاسداً ، فالذي يهمّنا في هذا الحقل هو قبول الخبر لا قبول الشهادة. قال قدس‌سره في كتاب عدّة الأُصول : «... فأمّا ما ترويه الغلاة والمتّهمون والمضعّفون وغير هؤلاء ممّا يختصّ الغلاة بروايته ، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال استقامة وحال غلوّ عُمل بما رووه في حال الاستقامة وتُرك ما رووه في حال خلطهم. ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب محمّـد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه. وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي عزاقر وغير هؤلاء ، فأمّا ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على كلّ حال. وكذلك القول فيما يرويه المتّهمون والمضعّفون. وإن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلّ على صحّتها وجب العمل به ، وإن لم يكن هناك ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقّف في أخبارهم. فلأجل ذلك توقّف المشائخ عن أخبار كثيرة هذه صورتها ، ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه في التصنيفات. فأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال أو فاسقاً بأفعال الجوارح وكان ثقةً في روايته متحرّزاً فيها فإن ذلك لا يوجب ردّ خبره وكون العمل به ، لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة

٢٣٦

فيه. وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم»(١). وقد طبّق الشيخ قدس‌سره نظريّته التي ذكرها هنا في كتاب الفهرس.

وربّما نتمكّن الآن ، وبعد هذا العرض عن نشاط الشيخ الطوسي في حقل علم الرجال ، من إدراج اهم معالم مدرسته قدس‌سره ضمن النقاط التالية :

١ ـ ترتيب أسماء الرواة على حروف المعجم ، كما قام بذلك قدس‌سره في كتاب الأبواب محاولاً تصنيف الرواة على أساس اختلاف عصور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة عليهم‌السلام. وهذا العمل مهمّ في تمييز طبقات الرواة في الوقت الذي لم تتطرّق الكتب الرجالية التي سبقت عصر الشيخ الطوسي إلى ذلك.

٢ ـ التمييز بين أصحاب الرواية وأصحاب اللقاء. فقد استخدم مصطلح (الأصحاب) للتعبير عن أصحاب الرواية ، وهم الذين رووا عن الإمام عليه‌السلام ولكن لم يلتقوه إلاّ في موارد نادرة منها أنّه ذكر (محمّـد بن أبي عمير) في أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام لكنّه لم يذكره في أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام مع أنّه ممّن لقيه عليه‌السلام. ومع ذلك ، فإنّ منهج الشيخ الطوسي كان دقيقاً في التمييز بين أصحاب الرواية وبين الذين التقوا الإمام عليه‌السلام وجهاً لوجه.

٣ ـ التمييز بين الرواة الذين رووا عن الإمام عليه‌السلام بغير واسطة وبين الذين لم يرووا عن الإمام عليه‌السلام أصلاً إلاّ بالواسطة لعدم إدراكهم أزمنة الأئمّة عليهم‌السلام.

__________________

(١) عدّة الاصول : ٥٦.

٢٣٧

٤ ـ تنقيح أحد المصادر الرجالية الرئيسية الذي كان مثقلاً بالأخطاء. فقد عمد إلى تهذيب رجال الكشّي الموسوم بـ : معرفة الناقلين عن الأئمّة الصادقين عليهم‌السلام وتجريده من الزيادات والأغلاط وسمّاه بـ : اختيار الرجال. ويدلّ هذا الجهد على ما ذكرناه من أنّ الشيخ الطوسي كان قاعدة تأسيسية للنظرية الرجالية في الحوزة العلمية الشيعية في النجف.

٥ ـ ترتيب أسماء أصحاب الكتب والأُصول. وقد تناول ذلك في كتابه الفهرس ، فذكر ما يزيد على تسعمائة إسم من أسماء المصنّفين أنهى إلى كتبهم وأُصولهم أسانيده عن مشايخه. وهذا الموضوع له أهمّيته في علم الرجال ، لأنّ التصنيف أو كتابة الأصل قرينة تدلّ على لون من ألوان الإهتمام بحمل الحديث عند الراوي ، على الأقل.

٦ ـ الإيمان بأنّ فساد المذهب لا يقدح في الوثاقة ، إذا كان الراوي ثقة. أي إنّه لا يكذب ، بل يتحرّج في نقل الخبر ، ومعلوم عنه الإتقان في ضبطه وتحمّله. قال الشيخ في مقدّمة الفهرس : «فإذا ذكرت كلّ واحد من المصنّفين وأصحاب الأُصول فلا بدّ من أن أُشير إلى ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا؟ وأُبيّن عن اعتقاده ، وهل هو موافق للحقّ أو هو مخالف له؟ لأنّ كثيراً من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأُصول ينتحلون المذاهب الفاسدة [كالفطحية والواقفة] وإن كانت كتبهم معتمدة»(١). وقد فتح هذا الرأي ، باعتباره من المبادئ الرجالية ، الباب للأخذ بالكثير من الروايات التي نطمئنّ بصدورها عن المعصوم عليه‌السلام نقلها لنا افراد عُلم منهم الصدق في نقل الحديث ، مع علمنا بأنّ مذاهبهم كانت فاسدة.

__________________

(١) الفهرس : ٢ المقدمة.

٢٣٨

٧ ـ ذكر الشيخ الطوسي في الفهرس في أكثر من موقع : «أخبرنا عدّة من أصحابنا» أو «أخبرنا جماعة من أصحابنا». وقد أوجب ذلك تبادراً بجهالة طريق روايته بذلك لعدم تسميته للعدّة أو الجماعة. إلاّ أنّ ذلك التبادر يتبدّد بمعرفة الحقيقة وهي أنّ أغلب روايات الشيخ الطوسي قد جاءت عن طريق مشايخه الأربعة المعروفين وهم : الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ، وابن الغضائري (ت ٤١١ هـ) ، وابن عبدون (ت ٤٢٣ هـ) ، وابن أبي جيد (ت بعد سنة ٤٠٨ هـ). وهؤلاء كلّهم ثقات ، ودخول أحدهم في العدّة كاف في صحّة الرواية.

وهذه الدقّة المبكّرة في مدرسة الشيخ الطوسي الرجالية وضعت أساساً متيناً لعلم الرجال ، وجعلت الشيخ الطوسي حلقة وصل بين الأُصول الرجالية القديمة والعهد العلمي الجديد الذي نمى فيه علم الرجال في المدرسة الإمامية بشكل مطّرد.

للبحث صلة ...

٢٣٩

فهرس مخطوطات

مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام العامّـة

النجف الأشرف

(٢٢)

السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي قدس‌سره

(١٢٧٤)

فائـدة

في أجزاء القضيّة

أوّلها : (الحمد لله كثيراً كما هو أهله ... وبعد فيقول الفقير إلى الله علي بن حسين العاملي هذه فائدة في بيان أجزاء القضيّة مشتملة على تحقيق واف وإيضاح شاف ...).

نسخة ناقصة الآخر ضمن المجموعة رقم ٦٢٧.

(١٢٧٥)

فائـدة

في الاحتياط

الظاهر أنّها للوحيد البهبهاني المتوفّى سنة ١٢٠٦.

نسخة بآخر مجموعة رقم ٩٢٠.

٢٤٠