دراسات في علم الأصول - ج ١

آية الله السيّد علي الشاهرودي

دراسات في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيّد علي الشاهرودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: محمّد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٠

وفيه : أولا ـ ان تبادر الأعم فرع تصوير الجامع بين المتلبس والمنقضي ، وقد عرفت امتناعه.

وثانيا ـ انه مخالف لما ذكرناه من ان اتصاف الذات بالمبدإ وهو الركن والمقوم لصدق المشتق ، وهو معرفه ومع ذلك كيف يمكن القول بتبادر المنقضي عنه الاتصاف عند إطلاقه.

الثاني : عدم صحّة سلب المشتق عن المنقضي عنه المبدأ.

وفيه ـ انه ان أريد منه السلب بلحاظ حال التلبّس ، فهو وان كان متينا إلّا انه لا يثبت الوضع للأعم ، وان أريد منه السلب بلحاظ حال الانقضاء ، فهو غير صحيح ، بل يصح السلب عنه بهذا اللحاظ ، بداهة عدم حمل الصبي على الشيخ الكبير بلحاظ اتصافه بالصباوة في وقت ، أو إطلاق المجنون على العاقل من جهة اتصافه بالجنون في زمان ، وهذا واضح جدّاً.

الثالث : ان المشتقّات كثيرا ما تطلق على ما انقضى عنه المبدأ ، فلو كانت موضوعة لخصوص المتلبس يلتزم كثرة المجاز ، وهو مستهجن.

وفيه : أولا ـ لا نتصوّر مانعا من كثرة المجاز ، بل ان المجاز أكثر من الحقيقة.

وثانيا ـ ان إطلاق المشتق على المنقضي عنه المبدأ يكون بلحاظ حال تلبسه ، فهو مستعمل في معناه الحقيقي ، أعني المتلبس غايته ان الحمل يكون بلحاظ الحالة السابقة ، مثلا لو أطلق عنوان القاتل على من كان قاتلا سابقا ، فالقتل مستعمل في معناه الحقيقي إلّا ان الحمل يكون بذاك اللحاظ ، فهو بمنزلة ان يقال : «زيد كان قاتلا في اليوم الفلاني».

نعم يكون ذلك خلاف ظاهر الإطلاق ، ولذا يحتاج إلى قرينة كما في المثال ، والقرينة العامّة موجودة في جميع موارد الاستعمال ، وهي عدم اشتغاله بالقتل حين التكلّم ، ولذا كان يطلق قاتل الحسين عليه‌السلام على اللعين ابن سعد قبل قتل الحسين عليه‌السلام

١٢١

بأعوام ، وقد ذكرنا ان الاستعمال في جميع هذه الموارد حقيقي غايته لو لم يكن الاخبار مطابقا للواقع يكون كذبا.

ثم انهم ذكروا ان من هذا القبيل استعمال لفظ السارق في قوله تعالى : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) ، ولفظ الزاني في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(٢) ، بداهة ان القطع أو الجلد لا يتحقّق حين التلبس بالسرقة والزنا ، فلا بدّ وان يكون المراد من الموضوع فيهما هو المنقضي.

ونقول ان الحكم المترتب على السارق أو على الزاني ليس وقوع المادّة ، وانما هو نفس وجوب قطع اليد والرجم ، وهو ثابت من حين التلبس بالسرقة أو الزنا ، غاية الأمر تارة يكون بقاء الحكم تابعا لبقاء الموضوع كما هو الغالب ، وأخرى يكون تحقّق الموضوع حدوثا كافيا في بقاء الحكم ، وهو خلاف الظاهر ولا بدّ من قيام قرينة عليه ، أما قرينة خاصة كما في قولك «أكرم زائر الحسين عليه‌السلام في يوم الأربعين إلى آخر شهر رمضان» ، فان موضوع وجوب الإكرام هو الزائر ولكن الوجوب فيه ثابت بعد انقضاء الزيارة عنه بقرينة خاصة ، وأما قرينة عامة كما في المقام ، فانه لو كان وجوب القطع مختصا بحال التلبس بالسرقة لكان تحقق ذلك امرا نادرا وهكذا في الجلد.

ومن ذلك يستفاد ان وجوب ذلك باقي بعد زوال الاتّصاف أيضا.

الرابع : مما استدل به للأعم استشهاد الإمام عليه‌السلام بقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٣) لعدم لياقة الثلاثة للخلافة ، لكونهم مشركين قبل إسلامهم ،

__________________

(١) المائدة ـ ٣٨.

(٢) النور ـ ٢.

(٣) البقرة ـ ١٢٤.

١٢٢

بدعوى انه لو لم يكن الظالم شاملا لمن انقضى عنه الظلم لما تم الاستشهاد ، فانهم لم يكونوا مشركين في زمان خلافتهم وقد جعل النفي في دلالة هذه الآية على ذلك مبنيّا على كون المشتق حقيقة في الأعم وأنكر ذلك.

ونقول لا يترتب لياقتهم للخلافة وعدمها على وضع المشتق للمتلبس أو للأعم لا ثبوتا ولا إثباتا ، أما ثبوتا فواضح ، وأما إثباتا فلأنه ولو قلنا بالوضع للأعم إلّا ان انصراف المتلبس منه غير قابل للإنكار ، ومعه لا يمكن إثبات عدم لياقتهم لذلك بالآية.

والصحيح : ان الآية ناظرة إلى ما حكم به العقل في عصمة النبي والأئمة عليهم‌السلام ، فانهم بعد تلبسهم بذلك لا بدّ وان يكونوا معصومين عن كل عصيان حتى الإتيان بالمكروهات بل بغير الراجح ولو بالعرض ، واما قبل ذلك فلا بد وان يكونوا معصومين عما ينافر عنه طبع العقلاء من الرذائل النفسانيّة وما يوجب الخفة كما بيّن في محله من الكلام ، وإلّا لكان النبي أو الإمام موردا لتنقيصهم.

ومن أعظم الرذائل مسألة الشرك الّذي لا يغفر ، وعليه فمن كان متلبسا به في زمان لا يليق بالخلافة أبدا بحكم العقل ، والآية ترشد إلى ذلك.

وبالجملة فلا دليل على الوضع للأعم أصلا.

١٢٣

تنبيهات :

التنبيه الأول

في تركب معاني المشتقات وبساطتها

ذكر شارح المطالع (١) عند تعريف الفكر بأنه ترتيب أمور معلومة لتحصيل الأمر المجهول ، والإيراد على ذلك بأنه ربما تحصل معرفة المجهول بأمر واحد كما في تعريف الإنسان بأنه ضاحك ، ان المشتق ليس أمرا واحدا ، بل هو أمور عديدة ، لأن معناه شيء أو ذات ثبت له المبدأ ، فهو مركّب من الذات والمبدأ والنسبة بينهما.

وأورد عليه السيد شريف في الحاشية بأنه يستحيل أخذ الشيء في المشتق ، لأنه ان أريد من الشيء مفهومه فيلزم أخذ العرض العام في الذاتي ، أعني الفصل في مثل ناطق ، وان أريد منه مصداق الشيء وواقعه فيلزم انقلاب القضيّة الممكنة إلى الضرورية في مثل قولك «الإنسان ضاحك» ، فان ثبوت الشيء لنفسه ضروري.

وليعلم أن مورد النزاع انما هو بساطة معنى المشتق وتركّبه بالتعمل والتحليل العقلي لا ابتداء ، فان ما يفهم ابتداء من المركبات المسلّمة كلفظ الدار أو ألف مثلا ليس مركّبا ، فكيف بالمشتق الّذي تركبه محل خلاف ، بداهة انه لو قيل «زيد اشترى دار عمر» لا ينتقل السامع من لفظ الدار ابتداء إلى الحائط والقبة والسرداب ، وهكذا لا ينتقل من استماع لفظ «ألف» إلى عشرين خمسين ، أو

__________________

(١) شرح المطالع ـ ص ١١.

١٢٤

خمسين عشرين ، وهكذا مع ان الألف مركب من ذلك ، فمورد النزاع انما هو التركب والبساطة التحليلية.

وعليه فصاحب الكفاية (١) يوافق شارح المطالع في الذهاب إلى التركب على ما يصرح في أواخر كلامه في المقام من ان المشتق بالتعمل العقلي ينحل إلى ما ذكر ، فلا وجه مع ذلك لإيراده عليه وذهابه إلى البساطة.

وكيف كان ، نقول : اما أخذ مصداق الشيء في المشتق فهو واضح الفساد ، لا لاستلزامه انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، بل لأن لازمه ثبوت الاشتراك اللفظي في جميع المشتقات ، اما بنحو الوضع العام والموضوع له الخاصّ أو بنحو الوضع والموضوع له الخاصّ ، بل ربما يستلزم على الثاني الأوضاع الغير المتناهية لإمكان فرض الافراد الغير المتناهية للمشتقات ، مثلا يقال الحرف قائم والإنسان قائم والبحر قائم إلى نحو ذلك ، والماهيات غير متناهية ، فلا وجه لإطالة الكلام في ذلك.

وأما أخذ مفهوم الشيء في ذلك فلا محذور فيه.

أما ما ذكره السيد الشريف من استلزامه أخذ العرض في الذاتي ، وهو الفصل في مثل ناطق :

ففيه : ان الناطق ليس فصلا للإنسان حقيقة سواء كان بمعنى النطق والتكلم ، أو بمعنى إدراك الكليات ، فان الطفل من أول وجوده إنسان ولا يتكلم ولا يدرك الجزئيات فكيف بالكليات ، وانما هو فصل منطقي ، فانهم يعبرون عن أظهر خواص الماهية المميز لها عن غيرها من الماهيات بالفصل ، واما الفصل الحقيقي فلم يعرف إلى الآن ، ولذا ربما يجعل فصلان لماهية واحدة كالحساس والمتحرك بالإرادة مثلا ،

__________________

(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٢ ـ ٨٣.

١٢٥

ولا معنى لأن يكون فصلان لماهية واحدة حقيقة ، وهكذا في الصاهل والناهق وأمثال ذلك ، وعليه فلا يلزم من أخذ مفهوم الشيء في المشتق إلى أخذ العرض العام في الخاصة ، ولا مانع من ذلك ، إذ ربما يكون المقيد خاصة للشيء ، مثلا يقال «الخفاش طائر ولود» فان الطائر المطلق لا يكون خاصة للخفاش ولكن إذا قيد بالولود يكون مميّزا له ، فالشيء المقيد بالنطق يكون مميزا للإنسان.

ثم ان المحقق النائيني قدس‌سره ، ذكر ان مفهوم الشيء ليس عرضا عاما ، وانما هو جنس الأجناس (١) وهو الجامع بين المقولات ، وعليه فلا يلزم من أخذه في المشتق أخذ العرض العام في الفصل ، بل يلزم أخذ الجنس في الفصل أو في الخاصة وانقلاب الفصل إلى النوع والتكرار اللغو إلى غير ذلك من التوالي الفاسدة.

ونقول : يستحيل ان يكون الشيء جنسا ، وذلك لأن الجنس هو الجهة المشتركة بين الماهيات المنتزعة عن ذاتها في مقابل الفصل الّذي هو الجهة المميزة لكل منها ، وفي قبال النوع الّذي هو تمام الذات ، والشيء بما له من المفهوم يطلق على الوجود والعدم والماهية ، فيقال : الوجود شيء يستحيل اتصافه بالعدم ، أو الماهية الفلانية شيء ممكن ، أو العدم شيء غير قابل لأن يوجد ، ويطلق على الواجب ، فيقال : شيء لا كالأشياء ، وعلى المستحيل ، فيقال : اجتماع النقيضين شيء محال ، وعلى الاعتباريات فيقال : الملكية شيء اعتباري إلى غير ذلك ، ولازمه تركب الواجب ، لأن الشيء جهة جامعة بينه وبين غيره ، فيحتاج إلى جهة مائزة ، وهو محال ، ومن الواضح انه لا يعقل الجامع الذاتي بين هذه الأمور فكيف يعقل ان يكون جنسا لها؟!

فالصحيح : انه عنوان عرضي بمعنى (جيز) في الفارسية ، ومرادف لفظ

__________________

(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٦٩.

١٢٦

الموصول الّذي يعرفه ما بعده. وعليه فلا يلزم من أخذه إلّا ما ذكره السيد الشريف ، وقد عرفت الجواب عنه ، وبالجملة أخذ مصداق الشيء في المشتق غير صحيح ، لما عرفت انه مستلزم لأن يكون المشتقات من قبيل المشترك اللفظي ، واما أخذ مفهوم الشيء فيه فلا يلزم منه محذور ، وما يوهم من المحاذير اللازمة من ذلك أمور :

الأول : ما ذكره المير سيد شريف من انه يستلزم أخذ العرض في المقوّم في مثل الناطق.

وقد عرفت الجواب عنه بان الناطق ليس فصلا وانما هو عرض خاص.

الثاني : انه لو كان المشتق مشتملا على النسبة فيشبه الحروف من حيث المعنى ، فيلزم ان يكون مبنيّا.

وفيه : أولا ـ النقض بالمصادر خصوصا المزيد فيها فانها تشتمل على النسبة لا محالة في مقابل اسم المصدر ومع ذلك ليست مبنية.

وثانيا ـ بالحل ، وهو أن كون الشبه بالحرف موجبا للبناء ليس من القواعد العقلية الغير القابلة للتخصيص ، فيمكن تخصيصه بغير المشتق.

وثالثا ـ ان تلك القاعدة انما هي فيما إذا كان للاسم وضع شخصي ولهيئته ومادّته أشبه الحروف ، وليس المشتق كذلك ، فان مواد المشتقات غير مشتملة على النسبة ، وانما النسبة تستفاد من الهيئة ، وهذا الشبه لم يقل أحد بكونه موجبا للبناء.

الثالث : انه لو كان الشيء مأخوذا في المشتق لزم ان يكون المدرك منه قضيتان ، إحداهما : ضرورية ، والأخرى : ممكنة في مثل قولك «زيد قائم» إذ معناه زيد شيء بالضرورة له القيام بالإمكان.

وفيه : ان المحمول انما هو الشيء المقيد بالقيام ، وحمل ذلك ليس ضروريا وان كان ثبوت الشيئية المطلقة لكل شيء ضروريا ، فالنتيجة تابعة لأخس المقدمتين.

١٢٧

وربما تختلف الجهة إذا قيّد المحمول ، مثلا لو قيل «الشاة حيوان» فحمله عليه يكون ضروريا ، وان قيل «حيوان ناطق» بهذا القيد يكون الحمل ممتنعا.

وبهذا ظهر الجواب عن الإيراد الرابع الّذي ذكره المحقق النائيني من لازم أخذ مفهوم الشيء في المشتق هو ان يكون المدرك منه نسبة تامة ، وانقلاب النسبة التصوريّة إلى النسبة التصديقيّة ، فانه عرفت ان النسبة في المشتق انما هي نسبة تقييديّة ومعناها هو الشيء المقيّد بالاتصاف بالمبدإ ، فاذن لا مانع من أخذ مفهوم الشيء فيه أصلا.

واما وقوع ذلك فبالوجدان نرى انّ المستفاد من المشتقات ينحل إلى ذات مبهمة من جميع الجهات عدى قيام المبدأ به كما في المفتاح والقائم والضارب ونحو ذلك.

واما دعوى بساطة المشتق لاتحاد معناه ومعنى المبدأ ، وانّ الفرق بينهما اعتباري ، بتقريب : انّ العرض حيث انّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه فله حيثيّتان ، فتارة : يلحظ بما انه موجود مستقل في قبال الجوهر فيعبر عنه بالمصدر ، وأخرى : يلحظ لا بشرط وربما انه في موضوعه ، فيعبر عنه بالمشتق ، وقد عبر بعد ذلك تعبيرات وانّ العرض يكون من شئون الذات ومن أطوارها فكيف يمكن ان يكون مغايرا معها إلى آخر ما قيل ، فالجواب عنه :

أولا : انا نرى وجدانا انّ العرض وجود مغاير للذات ، فكيف يمكن اتحاده ، ومجرد كونه من شئونه لا يوجب الاتحاد ، وفي الفصول ذكر ان لحاظ العلم لا بشرط ولو ألف مرة لا يجعله عالما كما هو واضح.

وثانيا : لا ينحصر المشتق بالمبادئ العرضية ، بل ربما يكون مبدأ المشتق امرا اعتباريا كالممكن والممتنع والواجب ، أو اعتباريا عقلائيا كالزوجية والملكية ، وليست الأمور الاعتبارية ذات عنوانين ، ولا يمكن القول باتحاد الملكية والدار

١٢٨

مثلا.

وثالثا : ان الخالق والرازق ونحوه من صفات الفعل تطلق على الباري تعالى ، ويستحيل اتحاد الخلق والخالق والرزق والرازق ، ومضافا إلى جميع ذلك انّ لحاظ العرض لا بشرط أو بشرط لا مما لا يفهمه إلّا الفيلسوف ، فلا يمكن ان يكون ذلك معنى المشتق ، وهذا ظاهر.

والحاصل : انّ ما فهمه في الفصول (١) من كلام المحقق الدواني وغيره ممن ذهب إلى اتحاد المبدأ والمشتق وانّ اختلافهما باللابشرطية والبشرط اللائية هو الاعتبارية منهما ، وانّ موردهما ماهية واحدة ، ولذا أشكل عليهم بأنّ لحاظ العلم لا بشرط لا يوجب اتحاده مع الذات الّذي هو مصداق للعالم.

وأورد عليه في الكفاية (٢) بما حاصله : ان مرادهم من اللابشرطية والبشرط اللائية هو الذاتيّة منهما ، فانّ المشتق بمفهومه غير آب عن الحمل لاتحاده مع الذات بخلاف المبدأ فانه بنفسه عاص عن ذلك ، واستشهد لذلك بما ذكروه في الفرق بين الجنس والمادة ، والفصل والصورة.

ونقول : ما فهمه صاحب الفصول هو الصحيح لتصريحهم بذلك كما يظهر من عبارة الدواني من انّ العرض من أطوار موضوعه ومن شئونه وأنحائه فكيف يعقل أن يكون مباينا له ، وأصرح من ذلك ما ذكروه في الفرق بين الجنس والمادة ، والفصل والصورة.

بيان ذلك : انّ كل ماهية تكون مركبة من جهة مشتركة بينها وبين الماهية الأخرى أو الماهيات الأخر وجهة مميزة لها عن غيرها ، ويعبر عن الأولى بالمادة

__________________

(١) الفصول ـ ص ٦٢.

(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٣.

١٢٩

تارة وبالجنس أخرى ، وعن الثانية بالصورة أو الفصل ، والمراد من المادّة هو القوّة والاستعداد ومن الصورة فعلية تلك القوة ، فالفعلية لا معنى لها بدون القوّة ، كما ان تحقق القوة أيضا متوقّفة على الفعلية ، والدليل على تحقق كلا الأمرين ما يرى وجدانا من بقاء المادة مع تبدل صورها النوعية كالخشب رمادا ، مثلا النواة جماد ولكن فيها قوة الترقي إلى الشجرية أو الخشبية أو غير ذلك ، وذلك الاستعداد هو المادة وتحققه يكون بالفعلية كما لا يخفى.

وقد وقع الخلاف بينهم في انّ التركيب بينهما هل يكون اتحاديا بحيث تكون الماهية ماهية واحدة ووجود فارد والعقل يحللها إلى الأمرين ، أو انضماميا كالتراكيب الخارجية؟

وذهب المير الداماد إلى الثاني ، وجملة من المحققين إلى الأول ، وانّ الوجود الواحد يسري من الفعلية إلى القوة ، فكأنه أقرب إلى الوجود منها.

وقد استدل عليه بعضهم بأنه لو كان التركيب انضماميا ننقل الكلام إلى كل من الصورة والمادة ، فيلزم التسلسل.

ثم انّ كلّا من الاستعداد والفعلية ان لوحظ لا بشرط عن الآخر فيعبر عن الأول بالجنس ، وعن الثاني بالفصل ، ويحمل كل منهما على الآخر ، وعلى المجموع المركب منهما فيقال : «الناطق حيوان» وبالعكس أو «الإنسان حيوان» أو ناطق للاتحاد بينها ، وأما ان لوحظ بشرط لا عن الآخر فيعبر عن الأول حينئذ بالهيولى ، وعن الثاني بالصورة كالبدن والنّفس في الإنسان ، فيستحيل حينئذ حمل كل منهما على الآخر أو على المجموع وليس هناك جهتان مشتركتان متباينتان ذاتا يعبّر عن إحداهما بالجنس وعن الأخرى بالمادة ، وهكذا في الجهة المميّزة كما هو واضح.

إذا عرفت هذا ، فالأمر في المشتق ومبدئه أيضا كذلك على زعمهم ، فلا وجه لحمل كلامهم على الاختلاف الذاتي بينهما أصلا ، فاذن يرد عليهم ما أورده صاحب

١٣٠

الفصول.

وأما ما ذكره في الكفاية ، ففيه :

انّ كل مفهوم يكون قابلا ذاتا للحمل على كل ما يكون من مصاديقه وآبيا عنه ذاتا بالإضافة إلى كل ما لا يكون من مصاديقه ، والمشتق ومبدئه أيضا من هذا القبيل.

ثم يرد على الاتحاد المزبور مضافا إلى ما تقدم انّ المشتقات ليست جميعها موضوعة لما هو معروض لعرض في اسم الزمان والمكان والآلة ، مثلا مفتاح ليس اسما لمعروض الفتح بل لآلته ، فلا يجري في مثله ما ذكروه في اتحاد المبدأ والذات من كون العرض من شئون موضوعه وأطواره فلا بدّ وان يتحد معه خارجا.

فالصحيح : ما تقدم من انّ معنى المشتق هو من له المبدأ.

١٣١

التنبيه الثاني

يعتبر في الحمل أمران ، الاتحاد بين الموضوع والمحمول من جهة والتغاير من جهة أخرى ، فلا يصح الحمل بين متحدين من جميع الجهات ، أو المختلفين من جميع الجهات ، فلا يقال زيد عمر مثلا.

ثم انه تارة : يكون الاتحاد بينهما ذاتيا والتغاير بما هو خارج عن مقام الذات ، كما في حمل حيوان ناطق على الإنسان ، فانّ مفهوم الإنسان متحد ذاتا مع مفهوم حيوان ناطق ، والاختلاف بينهما اعتباري بالإجمال والتفصيل.

وليس المراد من الاعتبار مجرد الفرض كما هو ظاهر ، وهكذا في حمل أحد المترادفين على الآخر كقولك الإنسان بشر أو العكس ، فانّ مفهومهما متحد ذاتا واختلافهما بالاعتبار ، إذ الإنسان مشتق من الأنس فيطلق على هذه الطبيعة في مقابل غيره من أصناف الحيوان التي ليس لها هذه المنزلة ، ويطلق البشر عليها في مقابل الملك ، ويعبر عن هذا الحمل بالحمل الأولي.

وأخرى : يكون الاختلاف بينهما ذاتيا والاتحاد بما هو خارج عن مقام الذات ، كما في حمل المشتقات على مصاديقها ، فانّ مفهوم زيد مغاير ذاتا مع مفهوم ضارب مثلا واتحادهما انما هو في الوجود الّذي هو خارج عن مقام الذات ، ويعبر عنه بالحمل الشائع ، لكونه هو المتعارف بين الناس في المحاورات ، وبالصناعي لاستعماله في العلوم ، فانّ الحمل في الشكل الأول يكون من هذا القبيل ، كما انّ حمل الفصل على الجنس ، أو الجنس على الفصل ، أو كل منهما على النوع وبالعكس يكون من هذا القبيل كقولك : الإنسان ناطق ، أو حيوان ، أو الحيوان ناطق ، وبالعكس.

١٣٢

وصاحب الفصول (١) حيث ذهب إلى ان التركيب بين الجنس والفصل انضمامي لا اتحادي وقع في الإشكال من حيث عدم تحقق الاتحاد بينهما ، لا ذاتا كما هو واضح ، ولا خارجا ، لكون التركيب بينهما انضماميا.

وتمحل للجواب عنه بأنّ للعقل ان يعتبرهما في وعاء الاعتبار أمرا واحدا ، وبذلك الاتحاد الاعتباري يصح الحمل ، وأورد عليه في الكفاية (٢) بما هو مذكور فيه.

والحق في الإيراد عليه : انّ اعتبارهما في وعاء الذهن والتصوّر واحدا انما يصحح الحمل بلحاظ الوجود الذهني لا الخارجي ، مع انا نرى صحّته خارجا أيضا.

__________________

(١) الفصول ـ ص ٦٢.

(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٤ ـ ٨٥.

١٣٣

التنبيه الثالث

ذهب صاحب الفصول (١) إلى اعتبار مغايرة المبدأ مع الذات في المشتقات ، ومن ثمّ أشكل في إطلاق بعض المشتقات التي هي من صفات الذات كالعالم والقادر لا صفات الفعل كالخالق والرازق على ذاته جلّ وعلا ، حيث انّ المبدأ فيها متحد مع ذاته المقدسة ، فالتزم في ذلك بالمجاز أو النقل.

وأجاب عنه في الكفاية (٢) بأنّ المعتبر من التغاير بينهما انما هو التغاير المفهومي ، وهو ثابت فيها ، فانّ مفهوم القدرة مغاير ذاتا مع ما يفهم من لفظ «الله» ، نعم مصداقهما في الخارج متحد.

وأضاف المحقق النائيني (٣) إلى ما في الفصول انّ لازمه تعطيل العقل عن إدراك معاني هذه المشتقات التي تطلق عليه تعالى.

ونقول : لا وجه للتعطيل أصلا ، فانّ الالتزام بالنقل أو التجوز معناه ان يكون لفظ العالم أو القادر مثلا مستعملا عند إطلاقه عليه في نفس العلم والقدرة ، وهذا غير مستلزم لوقوف العقل عن الإدراك كما هو واضح.

وأمّا ما ذكره في الكفاية من اعتبار التغاير الذاتي بين المبدأ والذات فهو أيضا غير تام ، بل لا يعتبر فيهما التغاير أصلا لا الذاتي ولا الوجوديّ ، وانما المعتبر هو تغاير المحمول والموضوع من بعض الجهات ، بداهة توقف صحة الحمل على ذلك ،

__________________

(١) الفصول ـ ص ٦٢.

(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٥.

(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٤.

١٣٤

واما تغاير المبدأ والذات فلا ملزم له أصلا ، ولذا يقال : الضوء مضيء ، والنور منير ، والوجود موجود ، إلى غير ذلك ، مع اتحاد المبدأ مع الذات فيها مثلا.

ثم انه يرد على هذه الموارد إشكال آخر من جهة استحالة تحقق النسبة بين الشيء ونفسه ، وسيظهر دفعه بما نذكره في التنبيه الخامس في صدق المشتق.

وذكر في الكفاية (١) انه مبدأ لعدم اعتبار قيام المبدأ بالذات ، ولذا يطلق الضارب والمؤلم على الفاعل ، مع ان قيام الضرب والألم يكون بالمضروب والمؤلم.

وفيه : انّ هذا بديهي الفساد ، وإلّا فلما ذا يطلق الضارب على من صدر عنه الضرب ولا يطلق على غيره وهكذا المؤلم ، فلو لم يكن التلبس بالمبدإ معتبرا في صدقه لزم صحة إطلاق مثله على كل شخص ، مع انه بديهي الفساد ، فالتلبس معتبر في صدقه غاية الأمر انّ أنحاء القيام مختلفة ، قيام صدور ، أو حلول ، أو وقوع عليه أو فيه وبه ، أو غير ذلك.

ثم انّ صاحب الفصول (٢) حيث اعتبر تحقق القيام والتلبس في المشتق أشكل عليه الأمر في إطلاقها على ذاته تعالى في صفات الذات كالعالم والقادر ، حيث لا معنى لتحقق النسبة بين الشيء ونفسه ، فبناء على ما هو الحق من عينية صفاته ليس هناك اثنينية ليعقل التلبس والنسبة ، فالتزم بالمجاز فيها.

وذكر في الكفاية وتبعه المحقق النائيني انّ لازمه تعطيل العقل عن الإدراك وكون هذه الأذكار مجردة لقلقة اللسان (٣). وهذا الكلام مأخوذ مما ذكره السبزواري في حاشية منظومته في مقام الاستدلال على اشتراك الوجود بين الواجب والممكن من انه يطلق الموجود على ذات البارئ.

__________________

(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٦.

(٢) الفصول ـ ص ٦٢.

(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٤.

١٣٥

فان أريد منه معناه المتعارف فقد ثبت الاشتراك ، غايته فيه تعالى يكون الوجود حقيقيا ، وفي الممكن ظليا ، وان أريد منه ضده وما يقابله وهو العدم فهو كفر وزندقة ، وان لم يرد منه المعنى أصلا يلزم التعطيل ، وفي الكفاية ذكر ذلك في إطلاق هذه المشتقات عليه تعالى.

والظاهر انّ هذا البيان في الوجود والموجود تام ، ولكن لا يجري في المشتقات ، إذ المجازية كما عرفت معناها استعمال المشتق وإرادة نفس المبدأ منه ، فمعنى يا عالم يا عليم بمعنى الانكشاف ، وهذا غير مستلزم للتعطيل.

والجواب عن أصل الإشكال يظهر ممّا مرّ منا في المعاني الحرفية ومبحث المشتق ، فقد ذكرنا انّ الحروف وكذا الهيئات موضوعة لتضييق المفاهيم الاسمية بعضها ببعض ، كما في التوصيف والإضافة ، ويضم إلى ذلك ما اخترناه من انّ المأخوذ في المشتقات انما هو مفهوم الشيء لا مصداقه ، وعليه فالتضييق والنسبة فيها تكون بين المفهومين لا بين المصاديق الخارجية ، فمعنى العالم الشيء المقيد أي من له العلم ، والقادر أيضا من له القدرة ، وهكذا في الموجود ، وفي إطلاقها على ذات البارئ أيضا تكون مستعملة في معانيها غاية الأمر انّ مصداقها خارجا وجود واحد بسيط لا تركب فيه.

بقي هناك إشكال آخر وهو انه نسب إلى صدر المتألّهين انّ المفهوم الواحد يستحيل انتزاعه من ماهيات متباينة بما هي متباينة ، وذكروا انّ عكسه أيضا مستحيل وهو انتزاع مفاهيم عديدة من ذات واحد بسيط ، فوقعوا في الإشكال من حيث الصفات الجارية على ذاته تعالى مع بساطته.

والجواب عن ذلك انّ هذه الإطلاقات والتوصيفات انّما هي في مقام اللفظ وضيق التعبير ، وإلّا فليس هناك صفة وموصوف ، وإلّا للزم التركب كما تشير إليه بعض خطب مولانا أمير المؤمنين : (وكمال التوحيد نفي الصفات عنه) ، وبعض

١٣٦

الاخبار أيضا.

وبالجملة حكي عن بعض الفلاسفة دعوى بداهة استحالة انتزاع مفهوم واحد عن وجودات متباينة بما هي متباينة من دون ثبوت جهة مشتركة فيها ، وبهذا أثبت اشتراك الواجب والممكن في الوجود غايته انّ وجود الواجب قديم ووجود الممكن ظلي حادث ، ثم ادعي البداهة في عكس ذلك أيضا ، أي في انتزاع مفاهيم متباينة من وجود بسيط من جميع الجهات ، ولذا وقعوا في الإشكال من حيث انتزاع المفاهيم المتباينة من ذاته المقدسة.

والجواب عن ذلك انّ ما يدركه العقل وينتزعه ويكون له تحقق نفس أمري غير منحصر بالوجود الخارجي ، ولذا يكون العدم حقيقة معدوما واستحالة اجتماع النقيضين حقيقة متحققة مع استحالة اتصاف العدم والاستحالة بالوجود ، وهكذا الملازمات بين الأشياء ثابتة في نفس الأمر مع انه ليس لها ما بحذاء خارجي ، فتعدد المفهوم الانتزاعي الثابت في نفس الأمر حقيقة وبلا عناية غير مستلزم لتعدد الوجود الخارجي ، ولذا ينتزع العقل مفاهيم عديدة نفس أمرية من وجود واحد ، حتى قالوا انّ أول ما يدركه الإنسان بل كل حيوان انه هو ، وثانية انه ليس غيره ، وهما مفهومان متغايران ، فتعدد المفاهيم الانتزاعية يكون بتعدد الاعتبار لا بتعدد الوجود ، مثلا الكم الواحد نفرضه عشرة مثلا ، أو جسم مستطيل واحد يكون أصغر بالإضافة إلى ما هو أكبر منه طولا وينتزع منه الأكبر باعتباره مع شيء أصغر منه ، وعلى هذا فصفاته المقدسة أيضا بأجمعها تنتزع عن الذات البسيط الّذي ليس فيه شائبة النقص والتركيب ، فباعتبار ذاته واستجماعه لجميع الكمالات ينتزع منه مفهوم الله ، وباعتبار كونه محيطا بكل شيء ينتزع مفهوم عالم ، وباعتبار انّ مرجع جميع الأشياء إليه ينتزع مفهوم قادر ، وهكذا ولا ينافي شيء من ذلك مع بساطة الذات ، وقد ذكرنا انّ التقييد والتضييق الثابت في المشتق انما هو في المفهوم ، أعني

١٣٧

الشيء المأخوذ فيه ، وهو أجنبي عن الخارج لكي يلزم التركب ، نعم بناء على ما ذهب إليه الأشعري من مغايرة ذاته المقدسة مع صفاته يلزم التركيب وغير ذلك من المحاذير ، وأما على ما هو الحق المستفاد من الأخبار من نفي الصفات الزائدة عنه فلا إشكال ولا كلام.

١٣٨

التنبيه الرابع

ذكر في الفصول (١) انه يعتبر في صدق المشتق على الذات حقيقة تلبسها بالمبدإ ، وإلّا فيكون الجري مجازا ، وأورد عليه في الكفاية (٢) بأنّ إطلاق المشتق على غير المتلبس يكون من قبيل المجاز في الإسناد لا في الكلمة كما في قولك : جرى الميزاب.

وذكر المحقق النائيني (٣) انّ ذلك مبني على بساطة المشتق وتركبه ، فعلى الأول يكون المجاز اللازم في الإسناد ، وعلى التركب يكون في الكلمة ، وذلك لأنّ المشتق على الثاني يكون مشتملا على نسبة ناقصة هي نتيجة النسبة التامة الخبرية ، لأنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف ، فإذا فرضنا انّ اسناد الجري إلى الميزاب بقولك «جرى الميزاب» كان مجازا في الإسناد فإطلاق الجاري على الميزاب المشتمل على نتيجة ذلك الإسناد المجازي أيضا يكون مجازا. ثم ذكر انّ الصحيح هو كون التركب ثابتا بالتحليل العقلي ، وإلّا فالمفهوم الابتدائي من المشتق انما هو امر بسيط.

ونقول : لا وجه لشيء مما ذكراه ، بل لا بد وان يفهم مراد الفصول ، فان أراد من الجري والصدق ما هو ظاهر العبارة أعني توقف مصداقيّة الشيء للمشتق على تلبّسه بالمبدإ حقيقة ، فالأمر كذلك ، إذ الجاهل بالضرورة لا يكون مصداقا للعالم ، وان أراد منه الاستعمال والحمل بمعنى انّ إطلاق المشتق على غير المتلبس مجاز ، ففيه : انّ الحقيقة والمجاز تابع لإرادة المتكلم ، فان أراد من اللفظ ـ مشتقا كان أو

__________________

(١) الفصول ـ ص ٦٢.

(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٨.

(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٥.

١٣٩

جامدا كلفظ حجر عند إطلاقه على غيره ـ معناه الحقيقي فالاستعمال حقيقي غاية الأمر انّ الأخبار كذب ، وان أراد منه غير معناه فهو مجاز.

وبالجملة فالحقيقة أو المجاز يتبع إرادة اللافظ لا كون الذات متلبسا بالمبدإ أو غير متلبس ، فانّ ذلك مناط الصدق والكذب ليس إلّا.

هذا تمام الكلام في المقدمات.

١٤٠