أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٣

مولى تظلله الغمامة سائراً

وتقيه من حرّ الهجير وتستر

وبكفه نطق الحصى ولكم غدت

منها المياه فضيلة تتفجر

قد كنتُ أهوى ان أراك

غدات يوم الطف حياً في البرية ينظر

لترى الحسين بكربلاء وقد غدا

لقتاله الجيش اللهام يُسبّر

وغدا الحسين يقول في أصحابه

قوموا لحرب عدوكم واستبشروا

من كل أشوس باسل لا ينثني

من فوق مهر سابق لا يدبر

باعوا نفوسهم لأجل تجارة الـ

أخرى فنعم جزاؤهم والمتجر

جادوا أمام إمامهم بنفائس

من أنفسٍ طهرت وطاب العنصر

واستعذبوا مرّ الحتوف وجاهدوا

حق الجهاد وجالدوا وتصبروا (١)

__________________

١ ـ كتاب ـ ( مدينة الحسين ) السيد محمد حسن كليدار ج ٣.

٢١

عز الدين حسين بن مساعد

هو السيد النسابة من أجلّة العلماء وأكابر الفضلاء الشاعر الأديب حسين ابن مساعد بن الحسن بن مخزوم بن أبي القاسم ، هكذا ورد نسبه في آخر ( عمدة الطالب ) الذي نسخه بخطه وفرغ منه في ٢٥ ربيع الثاني عام ٨٩٣ هـ. وجدته في مكتبة المرحوم الشيخ عبد الرضا آل شيخ راضي في النجف حيث ذكر ابن مساعد في نسخته هذه بقوله :

« إني كتبتها عن نسخة مكتوبة بخط المؤلف عام ٨١٢ هـ وقبل وفاة السيد الداودي بـ ١٦ سنة ».

ثم كتب على نسخته هوامش في خلال سنين كما يظهر من تواريخ بعضها.

وجاء في بعض تلك الهوامش بيان اتصال نسب بعض من أدركهم من السادة المذكورين في ـ عمدة الطالب ـ مع بيان نسب بعض السادة الآخرين الذين تعرّف عليهم ( ابن مساعد ) في سفره الى سبزوار وسمنان من مدن ايران عندما كان متوجهاً في طريقه لزيارة الإمام الرضا (ع) عام ٩١٧ هـ ، ويقرأ ختمه : ( الاحقر حسين بن مساعد الحائري ) على كثير من المشجرات المخطوطة العائدة لبعض السادات العلويين ومنها مشجرة ـ آل دراج ـ نقباء كربلاء.

جاء في هامش ( عمدة الطالب ) المطبوع في ذكر العقب من عيسى بن يحيى بن الحسين « ذي الدمعة » ما نصه :

العقب من عيسى في ولده ابو الحسن علي ويقال لهم ( بنو المهنا ) وهو

٢٢

ابو الحسن علي بن محمد بن أحمد الناصر بن أبي صلت يحيى بن أبي العباس أحمد بن علي بن عيسى المذكور ـ كان له عقب بالحائر ولهم النقابة والبأس والشجاعة ، وعقبه محصور في ولده ـ أبي طاهر محمد الذي كان متوجهاً بالحائر والعقب منه في ولده ( عيسى بن طاهر ) ويعرفون بالحائر ( بني عيسى ) وباسمهم سمي قديماً طرفهم ( محلة آل عيسى ) في كربلاء ، والعقب منه في بني المقري أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عيسى بن طاهر المزبور ويقال لولده : ( بنو المقري ) وكلهم بالحائر.

والعقب من بني المقري في الحائر « بنو طوغان » منهم السيد بدر الدين حسن بن مخزوم بن أبي القاسم طوغان بن الحسين المقري ومنهم السيد الكامل الحافظ كمال الدين ( حسين بن مساعد ) واخوته عماد الدين وعبد الحق ومحمد اولاد السيد العالم المدرس إمام الحضرة الحسينية الحائرية شمس الدين محمد المعروف بـ « مساعد » بن حسن بن مخزوم بن أبي القاسم طوغان ووالده العلامة الفاضل النسابة المترجم ( حسين بن مساعد الحائري ).

ثم يقول : اني ألحقت آل طوغان الذين هم من بني المقري عند كتابي لهذه المبسوطة في سنة ٨٩٣ هـ تجسيداً لعهدهم والحمد لله تعالى وحده.

ولم يضبط مؤرخو الامامية تاريخ وفاة الإمام العلامة حسين بن مساعد الحائري.

إلا ان السماوي جاء في أرجوزته تاريخ وفاته نظماً كما يلي :

ثم الحسين بن مساعد الأبي

وجامع الأخبار بعد النسب

الموسوي الحائري قد مضى

لربه بها فارخه قضى

ويفهم من ذلك ان وفاته كانت في سنة ٩١٠ هـ.

وقال فيه صاحب الذريعة في تصانيف الشيعة :

كان حياً عام ٩١٧ هـ وهو من أجلّة العلماء وأكابر الفضلاء في عصره في

٢٣

كربلاء ، وكان شاعراً بليغاً له عدة تصانيف منها تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمة الأطهار ـ أخرجه من كتب ( أهل السنة ) وذكر أسماءها في آخر الكتاب وهو من مآخذ كتاب البحار للمجلسي.

ونقل عنه الكفعمي وقال في وصفه في ذيل حاشيته « المصباح » : هو السيد النجيب الحسيب عز الاسلام والمسلمين أبو الفضائل أسد الله ثم يقول كان بينا في المراسلات نظماً ونثراً.

وقال فيه صاحب ـ رياض العلماء ـ « هو السيد عز الدين الحسين بن مساعد وكان والده السيد مساعد عالماً فاضلاً ألف كتاب « بيدر الفلاح » ولكن لم يذكر اسمه في ذيل الكتاب إلا ان تلميذه الشيخ ابراهيم الكفعمي (١) كان عارفاً بشأنه وشأن والده ومطلعاً على تصانفهما.

وكذلك يروي الكفعمي عن كتاب ـ بيدر الفلاح ـ قائلاً ان كتاب « بيدر الفلاح » من تصانيف والد العلامة حسين بن مساعد واتخذهما من مصادر تآليفه.

وللمترجم قصيدة مطولة قالها في مدح أهل البيت (ع) ورثاء الامام الحسين (ع) أولها :

( قلبي لطول بعادكم يتفطر ) انتهى عن كتاب مدينة الحسين ج ٣ ص ٣٥

وفي أعيان الشيعة ترجم له السيد الأمين ترجمة واسعة تحت عنوان : السيد

__________________

١ ـ كانت وفاة الشيخ الكفعمي سنة تسعمائة للهجرة على الاكثر اما ابن مساعد بالرغم من انه أستاذ الكفعمي فان وفاته سنة العاشرة بعد التسعمائة ، فربما توهم البعض كيف يكون الاستاذ في القرن العاشر والتلميذ في القرن التاسع فكثيراً ما يموت التلميذ قبل أستاذه ، على أن بين الوفاتين عشر سنين فقط وقبر الشيخ الكفعمي بكربلاء المقدسة بمقبرة ( العتيقة ) تقع اليوم في جهة الطريق الذاهب الى ( طويريج ) وكان قبره مشيداً والى جنبه سابلة ماء ثم شيدت عليه مدرسة رسمية للاطفال ولم تزل.

٢٤

عز الدين حسين بن مساعد بن الحسن بن المخزوم بن أبي القاسم ابن عيسى الحسيني الحائري.

قال السيد في الأعيان ج ٢٧ ص ٢٧١ : ومن شعره قوله في مدح أهل البيت ورثاء الحسين عليه‌السلام :

لطيّ قريضي في مديحكم نشرُ

ومنثور شعري في علاكم له نشرُ

أقول والقصيدة جاري بها قصيدة الشيخ صالح العرندس المتوفى سنة ٨٤٠ هـ ونذكر البيتين الأخيرين من قصيدة الحسين بن مساعد :

بني أحمد سيقت اليكم قصيدة

مهذبة ألفاظها الدرر الغرُّ

حسينية تزهو بكم حائرية

منزهة عما يعاب به الشعر

وترجم له المرحوم السيد عبد الرزاق كمونة في ( منية الراغبين في طبقات النسابين ) وذكر سلسلة نسبه الى عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد ابن الإمام علي زين العابدين (ع) وقال : كان له تضلّع في علم النسب ، وهو من أهل ( عيناثا ) من جبل عامل ثم انتقل هو واخوته : السيد عبد الحق والسيد زين العابدين الى العراق لطلب العلم ، وله تآليف منها ( تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الاطهار ). اما والد المترجم له وهو السيد مساعد بن حسن بن محمد ولقبه شمس الدين ، ذكره ابنه السيد حسين في تعليقه على العمدة بقوله : السيد العالم المدرس إمام الحضرة الحسينية الحائرية. انتهى

٢٥

محمّد السُبعي

مشيب تولّى الشباب وأقبلا

نذير لمن أمسى وأضحى مغفلا

ترى الناس منهم ظاعناً إثر ظاعن

فظن سواه الظاعن المتحملا

ترحلّت الجيران عنه إلى البلى

وما رحل الجيران إلا ليرحلا

ولكنه لما مضى العمر ضايعا

بكى عمره الماضي فحنّ وأعولا

تذكّر ما أفنى الزمان شبابه

فبات يسحّ الدمع في الخد مسبلا

ولم يبكِ من فقد الشباب وإنما

بكى ما جناه ضارعاً متنصلا

تصرّمت اللذات عنه وخلفت

ذنوباً غدا من أجلها متوجلا

حنانيك يا من عاش خمسين حجة

وخمساً ولم يعدل عن الشر معدلا

وليس له في الخير مثقال ذرة

وكم ألف مثقال من الشر حصّلا

أعاتب نفسي في الخلاء ولم يفد

عتابي على ما فات في زمن خلا

فيا ليت أني قبل ما قد جنت يدي

على نفسها لاقيت حتفاً معجّلا

ويا ليت شعري هل تفيد ندامتي

على ما به أمسى وأضحى مثقّلا

عذيري من الدنيا الذي صار موجباً

عذاب إلهي عاجلاً ومؤجّلا

يدي قد جنت يا صاحبيّ على يدي

ونفسي لنفسي جرّت العذل فاعذلا

ولا تعذلا عيناً على عينها بكت

فطرفي على طرفي جنا وتأملا

سأبكي على ما فات مني ندامة

إذا الليل أرخى الستر منه وأسبلا

٢٦

سأبكي على ذنبي وأوقات غفلتي

وأبكي قتيلاً بالطفوف مجدّلا

سأبكي على ما فات مني بعبرة

تجود إذا جاء المحرّم مقبلا

حنيني على ذاك القتيل وحسرتي

عليه غريباً في المهامة والفلا

حنيني على الملقى ثلاثاً معفراً

طريحاً ذبيحاً بالدماء مغسلا

سأبكي عليه والمذاكي بركضها

تكفنه مما أثارته قسطلا

سأبكي عليه وهي من فوق صدره

ترضّ عظاماً أو تفصّل مفصلا

سأبكي على الحران قلباً من الظما

وقد منعوه أن يعلّ وينهلا

إلى أن قضى يا لهف نفسي على الذي

قضى بغليل يشبه الجمر مشعلا

سأبكي عليه يوم أضحى بكربلا

يكابد من أعدائه الكرب والبلا

وقد أصبحت أفراسه وركابه

وقوفاً بهم لم تنبعث فتوجلا

فقال بأيّ الأرض تُعرَف هذه

فقالوا له هذي تسمى بكربلا

فقال على إسم الله حطّوا رحالكم

فليس لنا أن نستقل ونرحلا

ففي هذه مهراق جاري دمائنا

ومهراق دمع الهاشميات ثكلا

وفي هذه والله تضحى رؤوسنا

مشهّرة تعلو من الخطّ ذبلا

وفي هذه والله تسبى حريمنا

وتضحى بأنواع العذاب وتبتلى

فلهفي على مضروبة الجسم وهي من

ضروب الأسى تبكي هماماً مبجلا

ولهفي على أطفالها في حجورها

تمجّ عقيب الثدي سهماً ومنصلا

ولهفي على الطفل المفارق أمه

ولهفي لها تبكي على الطفل مطفلا

* * *

أشيعة آل المصطفى مَن يكون لي

عوينا على رزء الشهيد مولولا

قفا نبك من ذكرى حبيب محمد

وخلوا لذكراكم حبيباً ومنزلا

قفوا نبك من تذكاره ومصابه

فتذكاره ينسي الدخول فحوملا

وما أنس في شيء تقادم عهده

ولا أنس زين العابدين مكبلا

٢٧

سأبكي له وهو العليل وفي الحشا

غليل ببرد الماء لن يتبللا

سأبكي لبنت السبط فاطم اذ غدت

قريحة جفن وهي تبكيه معولا

تحنّ فيشجي كل قلب حنينها

وتصرع من صمّ الصياخد جندلا

تقول أبي أبكيك يا خير مَن مشى

ومن ركب الطرف الجواد المحجلا

أبي يا ثمال الأرملات وكهفها

اذا عاينت خطباً من الدهر معضلا

أبي يا ربيع المجدبين ومَن به

يغاث من السقيا اذا الناس أمحلا

أبي يا غياث المستغيثين والذي

غدا لهم كنزاً وذخراً وموئلا

أبي ان سلا المشتاق أو وجد العزا

فان فؤادي بعد بعدك ما سلا

سابكي وتبكيك العقايد والنهى

سابكي وتبكيك المكارم والعلى

سأبكي وتبكيك المحاريب شجوها

وقد فقدت مفروضها والتنفلا

سأبكي وتبكيك المناجاة في الدجى

سأبكي ويبكيك الكتاب مرتّلا

سأبكيك إذ تبكي عليك سكينة

ومدمعها كالغيث جاد وأسبلا

ونادت رباب أمتاه فأقبلت

وقد كضّها فقد الحسين واثكلا

وقالت لها يا أمتا ما لوالدي

مضى مزمعاً عنا الرحيل إلى البلى

أنادي به يا والدي وهو لم يجب

وقد كان طلقاً ضاحكاً متهللا

أظن أبي قد حال عما عهدته

وإلا فقد أمسى بنا متبدلا

ايا أبتا قد شتت البين شملنا

وجرّعنا في الكاس صبراً وحنظلا

ونادى المنادي بالرحيل فقرّبوا

من الهاشميات الفواطم بزلا

تسير ورأس السبط يسري أمامها

كبدر الدجا وافى السعود فأكملا

فلهفي لها عن كربلا قد ترحّلت

مخلفة أزكى الأنام وأنبلا

ولهفي لها بين العراق وجلق

اذا ( هوجلا ) خلفن قابلن ( هوجلا )

ولهفي لها في أعنف السير والسرى

تؤمّ زنيما بالشئام مظللا

ونادى برأس السبط ينكث ثغره

وينشد أشعاراً بها قد تمثلا

٢٨

( نفلق هاما من رجال أعزة

علينا وهم كانوا ) أحق وأجملا

ألا فاعجبوا من ناكث ثغر سيدٍ

له أحمد يمسي ويضحى مقبّلا

بني الوحي والتنزيل ومَن لي بمدحكم

ومدحكم في محكم الذكر أنزلا

ولكنني أرجو شفاعة جدكم

لما فقت فيه دعبلا ثم جرولا

فهنيتموا بالمدح من خالق الورى

فقد نلتم أعلى محلٍّ وأفضلا

فسمعاً من ( السبعي ) نظم غرايب

يظل لديها أخطل الفحل أخطلا

غرايب يهواها ( الكميت ) و ( دعبل )

كما فيكم أهو الكميت ودعبلا

أجاهر فيها بالولاء مصرّحاً

وبغضي لشانيكم مزجت به الولا

لقد سيط لحمي في هواكم وفي دمي

وما قلّ مني في عدوكم القلا

عليكم سلام الله يا خير من مشى

ويا خير من لبّى وطافَ وهللا

فما ارتضي إلاكُم لي سادة

وأما سواكم فالبراءة والخلا (١)

__________________

١ ـ رواها الخاقاني في ( شعراء الحلة ) عن منتخب الطريحي وروى بعضها السيد الامين في الاعيان.

٢٩

محمد السبعي الحلي

المتوفى سنة ٩٢٠ هـ

هو أبو أحمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن محمد بن سبع بن سالم بن رفاعة السبعي البحراني الحلي الملقب بفخر الدين والمعروف بالسبعي. من شعراء القرن العاشر الهجري.

تفرد بذكره صاحب الحصون فقد ذكره في ج ٩ ص ٣٣٧ فقال : كان فاضلاً جامعاً ومصنفاً نافعاً وأديباً رائعاً وشاعراً بارعاً زار العتبات المقدسة وسكن الحلة لطلب العلم وكانت إذ اذك محط ركاب الأفاضل ومأوى العلماء الأماثل ومن شعره قصيدة طويلة التزم في أول البيت ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي آخره ذكر الإمام علي ـ ع ـ منها :

أصخ واستمع يا طالب الرشد ما الذي

به المصطفى قد خص والمرتضى علي

محمد مشتق من الحمد إسمه

ومشتق من اسم المعالي كذا علي

محمد قد صفاه ربي من الورى

كذلك صفّى من جميع الورى علي

محمد محمود الفعال ممجّد

كذلك عال في مراقي العلى علي

محمد السبع السموات قد رقى

كذاك بها في سدرة المنتهى علي

محمد بالقران قد خص هكذا

بمضمونه قد خص بين الملا علي

محمد يكسى في غد حلّة البها

كذا حلة الرضوان يكسى بها علي

محمد شق البدر نصفين معجزاً

له وكذاك الشمس قد ردّها علي

محمد آخى بين أصحابه ولم

يواخي من الأصحاب شخصاً سوى علي

محمد صلى ربنا ما سجى الدجى

عليه وثنى بالصلوة على علي

٣٠

وله مراث كثيرة في الحسين عليه‌السلام. توفي عام ٩٢٠ هـ بالحلة ودفن فيها. وذكر له الشيخ فخر الدين الطريحي في كتابه ( المنتخب ) قصيدته المتقدمة (١) قال السيد الأمين في الأعيان : وله قصيدة في رثاء الحسين عليه‌السلام أولها :

مصائب عاشورا أطلّت بها العشرُ

تذكر بالأحزان ان نفع الذكر

وفي المجموع ( الرائق ) مخطوط السيد العطار قصيدة أولها :

بعيد الليالي بالوعيد قريب

وشأن الفتى في الاغتراب عجيب

قال الشيخ القمي في الكنى والألقاب : السبعي هو الشيخ فخر الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الاحسائي ينتهي نسبه إلى سبع بن سالم بن رفاعة فلهذا يقال له السبعي الرفاعي كان عالماً فاضلاً فقيهاً جليلاً من تلامذة ابن المتوج البحراني ذكره ابن أبي جمهور الاحسائي وصاحب رياض العلماء له شرح قواعد العلامة وشرح الألفية الشهيدية ومن شعره تخميس قصيدة الشيخ رجب البرسي في مدح أمير المؤمنين (ع).

أقول ولعله هو ولد المترجم له. وجاء في ( المنتخب ) لمؤلفه الشيخ عبد الوهاب الطريحي والمخطوط بخطه سنة ١٠٧٦ شعر كثير للشيخ علي ابن الشيخ حسن السبعي وكله في رثاء الحسين (ع) فأحببت الاشارة اليه ولا أعلم هل هو ممن يمت للمترجم له بصلة أو سبعي آخر.

قال : وقال الشيخ الفاضل الشيخ علي ابن الشيخ حسين السبعي عفى الله عنه :

عذلتي المعنّى حين أصبحت ساليه

ولم تعلمي يا جارتي ما جرى ليه

حنانيك لا تلحي حنيني من الأسى

وإن كنتِ ذا حال منافٍ لحاليه

ألم تعلمي ركن المعالي تضعضعت

جوانب كانت منه في المجد عاليه

__________________

١ ـ شعراء الحلة للخاقاني ج ٤ ص ٤٥٠.

٣١

وأسخن عيناً في الأحبة رزؤه

عشية قرّت عين قال وقاليه

ضحكن يغور الغبشميات إذ غدت

أماقي عيون الهاشميات باكيه

وأبيات أبناء الطليق عوامر

غداة غدت أبيات أحمد خاليه

والقصيدة طويلة ذكرها الشيخ عبد الوهاب الطريحي في ( المنتخب ) كتبه بخطه سنة ١٠٧٦.

وقال الشيخ علي السبعي يرثي ولده حسين ثم يرثي الحسين بن فاطمة عليها‌السلام.

قل للبروق الساريات اللمع

تعجل بسوق الغاديات الهمّع

وتشق ذيل الغاديات بملحدٍ

تشفي الغليل بتربه المتضوع

قبراً تضمن فاضلاً متورعاً

أكرم به من فاضل متورّع

ولأن بخلتَ عليه إن مدامعي

تهمي على تلك الربوع الهمّع

أبكيك لليل البهيم تقومه

في القائمين الساجدين الركع

أبكيك إذ تبكي لآل محمد

بفؤاد حران ومهجة موجع

يعزز عليّ بأن أكون بمجمع

أبكي الحسين وليس تحضر مجمع

أبكيك ثم إذا ذكرت مصابه

صار البكاء على عظيم المصرع

والقصيدة ٨٠ بيتاً.

وقال الشيخ علي السَبُعي :

ذكر القتيل بكربلا فتألما

وبكى عليه بشجوه فترنما

٣٢

الشيخ محمّد البلاغي

يرثي الحسين عليه‌السلام

أمن ذكر جيراني بوادي الاناعم

وطيب ليالي عهده المتقادم

ولذّة اعصار الصبا إذ سرى الصبا

يرنّح مياس الغصون النواعم

ومن نشر عرفان التصابي إذا صبت

فأبدت اليك الغيد درّ المباسم

__________________

روى ذلك جعفر محبوبة في كتابه ( ماضي النجف وحاضرها ) الجزء الثاني وقال : رأيت في بعض مجاميع الرثاء القديمة قصيدة في رثاء الحسين للشيخ محمد البلاغي ، وهي تعد ٥١ بيتاً. عن مجموعة السيد جواد الفحام. انتهى

٣٣

جاء في كتاب ( ماضي النجف وحاضرها ) ج ٢ ص ٧٩ :

الشيخ محمد البلاغي من هذه الأسرة العلمية المعروفة بالعلم والورع والتقوى ولم نقف على ترجمة وافية للشاعر انما وجدنا لولده الشيخ محمد علي الذي جاء فيه انه من أقطاب العلم والفضل البارزين وهو مؤسس كيان هذه الأسرة.

كان فقيهاً متبحراً من علماء القرن العاشر ، ذكره حفيده الشيخ حسن ابن الشيخ عباس في كتابه ( تنقيح المقال ) فقال : محمد علي بن محمد البلاغي جدي رحمه‌الله ، وجه من وجوه علمائنا المجتهدين المتأخرين وفضلائنا المتبحرين ، ثقة عين ، صحيح الحديث واضح الطريقة ، نقي الكلام ، جيد التصانيف ، له تلامذة فضلاء أجلاء علماء ، وله كتب حسنة جيدة منها شرح أصول الكافي للكليني ، ومنها شرح ارشاد العلامة الحلي قدس‌سره وله حواشي على التهذيب والفقيه وحواشي على أصول المعالم وغيرها ، وكان من تلامذة الفاضل الورع العالم العامل محمد بن الحسن بن زين الدين العاملي ، ومن تلامذة أحمد بن محمد الاردبيلي.

قال حفيده في تنقيح المقال : توفي في كربلاء على مشرفها أفضل التحية ودفن في الحضرة الشريفة وكان ذلك سنة ١٠٠٠.

وله ترجمة في أعلام العرب الجزء الثالث على غرار ما ذكرنا.

كما ترجم له السيد الأمين في الأعيان.

٣٤

السيد حسين الغريفي

سرى الظعن من قبل الوداع بأهلينا

فهل بعد هذا اليوم يرجى تلاقينا

سرى عجلاً لم يدر ما بقلوبنا

من الوجد لما حان يوم تنائينا

أيا حادي العيس المجدّ برحله

رويداً رعاك الله لملا تراعينا

عسى وقفة تطفي غليل صدورنا

فنقضي قبل الموت بعض أمانينا

لعمرك ما أبقى لنا الشوق مهجة

ولا بعد هذا اليوم يرجى تسلّينا

فحسبك منا ما فعلتَ وقف بنا

على طلل قد طاب فيها تناجينا

ورفقاً بنا فالبين أضنى جسومنا

لك الخير واسمع صوت دعوة داعينا

لنا مع حمام الايك نوح متيم

ولوعة محزون ولوعة شاكينا

فان كنت ممن يدعي الحزن رجّعي

بشجو وفي فرط الكأبة ساوينا

ولا تلبسي طوقاً ولا تخضبي يداً

ونوحي اذا طاب النعاء لنا عينا

فكم ليد البرحاء فينا رزية

بها من عظيم الحزن شابت نواصينا

ولا مثل رزء أثكل الدين والعلى

وأضحت عليه سادة الخلق باكينا

مصاب سليل المصطفى ووصيه

وفاطمة الغرّ الهداة الميامينا

فلهفي لمقتول بعرصة كربلا

لدى فتية ظلماً على الشط ضامينا

أيفرح قلب والحسين بكربلا

على الأرض مقتول ونيف وسبعينا

وفي آخرها :

ألا فاشفعوا يا سادتي في سليلكم

إذا نصب الله الجليل الموازينا

٣٥

أيا بن علي يا حسين اليك من

حسين عروساً يا بن خيرة بارينا

عليكم صلاة الله والخلق ما دعا

بأسمائكم داع وما قال آمينا (١)

* * *

وفي مجموعة الشيخ لطف الله بعدما روى هذه القصيدة ذكر له عدة قصائد واليك مطالعها :

١ دمع يصوب وزفرة تتصعّد

ولهيبها وسط الحشا يتوقد

٢ الصبر يجمل والارزاء تحتمل

إلا على فتية في كربلا قتلوا

٣ بكيت وفي الخطب البكاء جميل

ولو أن عيني في الدموع تسيل

٤ فنون الأسى للظاعنين جنون

ومحض ضلال ، والجنون فنون

__________________

١ ـ عن مجموعة الشيخ لطف الله المخطوطة بخطه سنة ١٢٠١ هـ.

٣٦

السيد أبو محمد حسين بن حسن بن أحمد بن سليمان الحسيني الغريفي البحراني الشهير بالعلامة الغريفي وبالشريف العلامة.

توفي سنة ١٠٠١ كما في السلافة. والغُريفي بالضم نسبة الى غريفة تصغير غرفة. في انوار البدرين : المسمى بذلك قريتان من بلاد البحرين ( احدهما ) بجنب الشاخورة و ( الأخرى ) من قرى الماحوز وهو منسوب الى الأولى لأنها مسكنه. ا هـ

أقوال العلماء فيه :

في السلامة بعد حذف بعض اسجاعه التي كانت مألوفة في ذلك العصر ، ذو نسب شريف وحسب منيف بحر علم تدفقت منه العلوم أنهاراً وبدر فضل عاد به ليل الجهالة نهاراً ، شب في العلم واكتهل وجنى من رياض فنونه ، إلا أن الفقه كان أشهر علومه وكان بالبحرين إمامها الذي لا يباريه مبار مع سجايا حميدة ومزايا فريدة وله نظم كثير كأنما يقدّ من الصخر. ا هـ.

وفي أمل الأمل كان فاضلا ً فقيهاً أدبياً شاعراً ووصفه جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي بالشريف العلامة وقال الشيخ سليمان الماحوزي البحراني فيما حكى عن رسالته التي ألفها في علماء البحرين في حقه : أفضل أهل زمانه وأعبدهم وأزهدهم كان متقللاً في الدنيا وله كرامات وكان شاعراً مصقعاً وله كتب نفيسة منها كتاب الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين لم ينسج على منواله أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين فهو أبو عذر تلك الطريقة وابن جلاها وله فيها اليد البيضاء ومن تأملها بعين الانصاف أذعن بغرارة مادته وعظم فضله ولن يكملها بل بلغ فيها الى كتاب الحج وهو عندي وفيه من

٣٧

الفوائد ما لا يوجد في غيره وقد زرت قبره وتبركت به ودعوت الله عنده. ا هـ.

مشايخه :

من مشايخه الذين قرأ عليهم الشيخ سليمان بن أبي شافير البحراني ويظهر من السلافة كما يأتي ان من مشايخه الشيخ داود بن أبي شافير البحراني وقال الشيخ سليمان في رسالته المتقدم ذكرها انه كان للشيخ داود بن شافير مع المترجم مجالس ومناظرات وقال صاحب أنوار البدرين سمعت شيخي الشيخ سليمان يقول كان المترجم أفضل وأشد احاطة بالعلوم وأدق نظراً من الشيخ داود وكان الشيخ داود أسرع بديهة وأقوى في صناعة الجدل فكان في الظاهر يكون الشيخ هو الغالب وفي الواقع الحق مع السيد فكان الشيخ داود يأتي ليلاً الى بيت السيد ويعتذر منه ويذكر له ان الحق معه. ا هـ.

مؤلفاته :

ذكرها الشيخ سليمان الماحوزي في رسالته المار ذكرها (١) الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين مرّ وصف الشيخ سليمان الماحوزي له. وربما فهم من اسمه ان مؤلفه كان إخبارياً كما هي طريقة أكثر علماء البحرين واذا كان كتابه هذا يغني عن تقليد المجتهدين وهو ليس بمجتهد فما الذي يخرج عمل العوام بكتابه هذا عن تقليد (٢) شرح العوامل المائة (٣) شرح الشمسية (٤) رسالة في علم العروض والقافية وصفها صاحب الرسالة بأنها مليحة (٥) حواش على الذكرى.

شعره :

من شعره ما أورده صاحب السلافة والشيخ سليمان في الرسالة المار ذكرها وهو :

٣٨

قل للذي غاب مغاب الذي

قلت فقت السن مني ضروس

لا تمتحنها تمتحن إنها

دليّة قد دليت من ضروس

بل وقناتي صعدة صعبة

تخبر اني الهزبري الشموس

ومن شعره المذكور في غير السلافة قوله :

ألا من لصبّ قلبه عنه واجب

حرام عليه النوم والندب واجب

لواعج احشاه استعرن توقدا

ومن دمع عينيه استعرن السحائب

يبيت على حرّ الكآبة ساهراً

تسامره حتى الصباح الكواكب

مراثيه :

في السلافة لما بلغ شيخه الشيخ داود بن أبي شافير البحراني وفاته استرجع وأنشد بديهة :

هلك الصقر يا حمام فغني

طرباً منك في أعالي الغصون

ولما توفي رثاه الشيخ أبو البحر جعفر بن محمد الخطلي الشاعر المشهور بهذه القصيدة وهي أول ما قاله في الرثاء كما في ديوانه :

جذّ الردى سبب الاسلام فانجذما

وهدّ شامخ طود الدين فانهدما

وسام طرف العلى غضاً فأغمضه

وفلّ غرب حسام المجد فانثلما

الله اكبر ما أدهاك مرزية

قصمت ظهر التقى والدين فانقصما

أحدثت في الدين كلما لو أتيح له

عيسى بن مريم يأسوه لما التأما

كل يزير ثناياه أنامله

حزناً عليه ويدميها له ألما

وينثرون وسلك الحزن ينظمهم

علي الخدود عقيق الدمع منسجما

لهفي على كوكب حلّ الثرى وعلى

بدر تبوّأ بعد الأبرج الرجما

إيه خليليّ قوما واسعدوا دنفاً

أصاب أحشاه رامي الحزن حين رمى

نبكي خضم علوم جفّ زاخره

وغاض طاميه لما فاض والتطما

نبكي فتى لم يحلّ الضيم ساحته

ولا أباح له غير الحمام حمى

٣٩

ذو منظر يبصر الأعمى برؤيته

هدى وذو منطق يستنطق البكما

لو أنصف الدهر أفنانا وخلّده

وكان ذلك من أفعاله كرما

ما راح حتى حشا أسماعنا درراً

من لفظه وسقى أذهاننا حكما

كالغيث لم ينأ عن أرض ألمّ بها

حتى يغادر فيها النبت قد نجما

صبراً بنيه فان الصبر أجمل بالـ

ـحر الكريم اذا ما حادث دهما

هي النوائب ما تفك دامية الـ

أنياب منا وما منها امرؤ سلما

فكم تخطف ريب الدهر من أمم

فأصبحوا تحت أطباق الثرى رمما

لو أكرم الله من هذا الردى أحدا

لأكرم المصطفى عن ذاك واحترما

فابقوا بقاء الليالي لا يغيركم

دهر وشملكم ما زال منتظما

يا قبره لا عداك الدهر منسجم

من المدامع هام يخجل الديما

أولاده :

خلف من الأولاد الحسن ومحمداً وعلوياً المعروف بعتيق الحسين اما الحسن فعقبه بالحلة والحائر واما محمد فعقبه في واديان احدى قرى البحرين من توابع ( سترة ) ومنهم في جيروت واليه تنتهي سادات جيروت واما علوي فعقبه بالبحرين والنجف وشيراز وبهبهان وبوشهر وغيرها. وهو صاحب العقب الكثير ببلاد البحرين وبندر ابي شهر وطهران والنجف وكربلاء وبهبهان منهم الأسرة المعروفة بالبهبهانية بطهران منهم السيد عبد الله البهبهاني الرئيس الشهير وولده السيد محمد المشهور الرئيس الآن بطهران. انتهى عن أعيان الشيعة ج ٢٥ ص ٢٦٠ اقول والمشهور ان السيد أحمد الغريفي المعروف بـ ( الحمزة الشرقي ) هو من أحفاده فهو السيد أحمد بن هاشم بن علوي ( عتيق الحسين ) بن الحسين الغريفي المترجم له.

ومن شعره في رثاء الإمام الحسين (ع) :

أمربع الطف ذا أم جانب الطور

حيّا الحيا منك ربعا غير ممطور

٤٠