أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٣

الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان بن العالم الشيخ عبد الله بن علي بن حسن ابن أحمد بن عمار السري أو السراوي الماحوزي البحراني المعروف بالمحقق البحراني.

والسري كما في أنوار البدرين أو السراوي كما في اللؤلؤة نسبة إلى ( سرة ) ناحية بالبحرين فيها عدة قرى. وقد أفاض العلماء فيترجمته وذكر السيد الامين في الاعيان والشيخ اغا بزرك الطهراني عدداً كبيراً من مصنفاته تبلغ ٦٤ مؤلفاً ، وهذه مقتطفات من شعره :

قد كنت في روق الصبا ذا نعمة

ما إن لموقعها لديّ مكان

ذهبت غضارتها فهمتُ بذكرها

( والماء يعرف قدره الظمآن )

وقوله :

اني وان لم يطب بين الورى عملي

فلست انفك مهما عشت عن أملي

وكيف أقنط من عفو الإله ولي

وسيلة عنده حبّ الامام علي

وله ـ كما أورده الشيخ يوسف البحراني في كشكوله :

يا آسري بالناظر القناص

وله هواي وخالص الاخلاص

قد همت فيك فهل ترى لي مخلصاً

أين الخلاص ولات حين مناص

قل لي أسحر في جفونك حلّ أم

ضرب من الاعجاز والارهاص

راقب إلهك في دمي يا ظالمي

واحذر غداة غد عظيم قصاص

وجاء في الذريعة قسم الديوان : الشيخ سليمان الماحوزي بن عبد الله بن علي ابن الحسن بن أحمد بن يوسف بن عمار الماحوزي الستراوي البحراني المولود ١٠٧٥ والمتوفى ١٧ رجب ١١٢١ صاحب البلغة جمعه تلميذ الناظم بأمره وهو

٢٠١

السيد علي بن ابراهيم بن علي بن ابراهيم الأول بن أبي شبانة البحراني. حكاه سيدنا في التكملة عن السيد ناصر البحراني المعاصر نزيل البصرة والمتوفى ١٣٣١ صاحب خصايص أمير المؤمنين المذكور في ج ٧ ص ١٧٤ من الذريعة.

أقول ثم ذكر الشيخ الطهراني ان ديوان الشيخ سليمان الماحوزي المذكور جمعه الفقيه المحدث الشيخ يوسف البحراني ورتبه على حروف القوافي كما قاله في ( اللؤلؤة ) وله منظومة ( درة البحرين في رثاء الحسين ) أدرجه في ( أزهار الرياض ) وتوجد مراثيه في مجموعة الشيخ لطف الله الموجودة عند الشيخ محمد علي يعقوب وفي ج ٢١ من الذريعة ص ٢٧٥ رسالة في معنى الشيعة للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي المتوفى ١١٢١. أحال إليها في جوابات بعض مسائله ضمن مجموعة منها.

وفي لؤلؤة البحرين قال : أصله من قرية الخارجية ـ إحدى قرى سترة ، الماحوزي مولداً ومسكناً ـ نسبة إلى الماحوز المتقدم ذكرها ـ من قرى الدونج ، وهذا الشيخ قد انتهت إليه رئاسة البحرين في وقته ، قال تلميذه المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني في وصفه :

كان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والدقة وسرعة الانتقال في الجواب والمناظرات وطلاقة اللسان ، وتوفي قدس‌سره ، وعمره يقرب من خمسين سنة ، في سابع عشر شهر رجب للسنة الحادية والعشرين بعد المائة والألف ـ ودفن في مقبرة الشيخ ميثم بن المعلّى ـ جد الشيخ ميثم العلامة المشهور بقرية ( الدونج ) بالنون والجيم من قرى الماحوز ـ بالحاء والزاي ـ ووجدت بخطه قدس‌سره نقلاً عن والده قال : كان مولدي في ليلة النصف من شهر رمضان من السنة الخامسة والسبعين بعد الألف ، لع عطارد ، وحفظت الكتاب الكريم ولي سبع سنين تقريباً وأشهر ، وشرعت في كسب العلوم ولي عشر سنين ، ولم أزل مشتغلاً بالتحصيل إلى هذا الآن وهو العام التاسع والتسعون والألف انتهى.

٢٠٢

وقال صاحب لؤلؤة البحرين :

وكان شيخنا المذكور شاعراً مجيداً ، وله شعر كثير متفرق في ظهور كتبه وفي المجاميع ، وكتابه ( أزهار الرياض ) ومراثي الحسين كلها جيدة ، ولقد هممت في صغر سني بجمع أشعاره وترتيبها على حروف المعجم في ديوان مستقل وكتبت كثيراً منها إلا انه حالت دون ذلك الأقدار (١).

وترجم له في ( أنوار البدرين ) ترجمة مفصلة وذكر رسائله الكثيرة التي ألّفها مع قصر عمره وقد اجتمع مع المولى المجلسي وأعجب به وأجازه ، ومن جملة أشعاره المذكورة في أزهار الرياض قوله :

نفسي بآل رسول الله هائمة

وليس اذ همت فيهم ذاك من سرف

كم هام قوم بهم قبلي جهابذة

قضية الدين لا ميلا إلى الصلف

لا غرو هم أنجم العليا بلا جدل

وهم عرانين بيت المجد والشرف

فلست عن مدحهم دهري بمشتغل

ولست عن حبهم عمري بمنصرف

وفيهم لي آمال أوملها

في الحشر إذ تنشر الأعمال في الصحف

وذكره الحجة السيد حسن الصدر فأثنى عليه وأتى بشهادات العلماء في حقه. أقول ورأيت في مكتبة المرحوم الشيخ الطهراني بالنجف الاشرف رسالة المترجم له في ( علماء البحرين ) بخط الشيخ الطهراني وهي رسالة جليلة على وجازتها وفي آخرها يذكر أسماء مصنفاته وأسماء تلاميذه.

__________________

١ ـ قال السيد محمد صادق بحر العلوم في تعليقته على ( اللؤلؤة ) ما نصه : قد جمع أشعاره كلها في ديوان مستقل تلميذه السيد علي آل أبي شبانة باشارته اليه كما ذكره ابنه السيد أحمد في تتمة أمل الآمل.

٢٠٣

محمّد بن يوسف البلادي

المتوفى ١١٣٠

قف بالديار التي كانت معاهدها

على الهدى والندى قامت قواعدها

ولم تزل بالتقى والعدل باسمة

تبدو إذا ابتسمت بشراً نواجدها

وانظر مهابط وحي الله كيف غدت

تبكي بكاء الذي قد غاب واحدها

وانظر إلى حجرات الوحي كيف خلت

وغاب صادرها عنها وواردها

والحظ معادن وحي الله مقفرة

من بعدما أزعجت عنها أماجدها

واجزع لها بعد ذاك البشر عابسة

إذ غاب عابدها عنها وعايدها

واخشع لها بعد ذاك العز خاشعة

يطير ظالمها بشراً وحاسدها

واسكب على الطلل البالي الذي عصفت

بربعه زعزع والكفر قايدها

واسكب دموعك للسادات من مضر

وفتية قط لا تحصى محامدها

وخيرة في العلى عنها الوجود نشا

شالت رؤوسهم ظلماً مصاعدها

ودوحة نال منها من تفيّأها

فعلا شنيعاً يذيب القلب واحدها

يا للرجال ويا لله من شطط

أتاحه عصبة ضلّت مقاصدها

لا أمطر الله سحب المزن ان هطلت

وآل أحمد قد سُدّت مواردها

لا أمطر الله سحب المزن إذ قتلت

صبراً وما بلّ منها الغلّ باردها

٢٠٤

لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت

وآل أحمد قد أعفت معاهدها

تخالهم كالأضاحي في مجازرها

قد عمّ كل الورى نوراً مراقدها

معفرين وجوهاً طالما سجدت

لربها ولكم نارت مساجدها

يا حجة الله يابن العسكري ترى

ما نحن فيه مرارات نكابدها

خلّص مواليك يا بن المصطفى فلقد

ضاق الخناق وخانتها مقاصدها

إلى متى يا غياث المسلمين ويا

غوث الانام فأنت اليوم واحدها

سل ربك الاذن في إنجاز موعده

فأنت يا بن أباة الضيم واجدها

لا زال تسليم من عمّت مواهبه

يغشاك ما خرّ للرحمن ساجدها

يا سادة الكون يا من حبهم عملي

وليس لي غيره حسنى أشاهدها

انا العبيد الفقير اليوسفي لكم

حرب لأعدائكم حرب معاندها (١)

__________________

١ ـ مجموعة الشيخ لطف الله.

٢٠٥

الشيخ محمد الضبيري بن يوسف بن سَنبار النعيمي

جاء في أنوار البدرين بأنه العالم الزاهد العابد التقي الشيخ محمد بن يوسف ابن علي بن كنبار الضبيري النعيمي أصلاً ، البلادي مسكناً ومولداً ومنشئاً. له ديوان شعر في مراثي الحسين عليه‌السلام ، وله مقتل الحسين وشعره نفيس. كان مشغولاً بالدرس لا يكل منه ، كثير العبادة ملازماً للدعاء لا يمل منه ولا يفارق ( مصباح المتهجد ) أبداً ، أدام الله سلامته وأقام كرامته. وقال في ( اللؤلؤة ) في وصفه :

وكان هذا الشيخ فقيهاً عابداً صالحاً ملازماً لمصباح الشيخ والعمل بما فيه ، وله ديوان حسن في مراثي أهل البيت عليهم‌السلام ، وله مقتل الحسين (ع) وشعر نفيس بليغ ، توفي في بلدة القطيف وانه بعد ان كان فيها مضى إلى البحرين وهي في أيدي الخوارج فكانت هناك فتن وحروب فجرح هذا الشيخ جروحاً مؤثرة ، رحل بعد ذلك إلى القطيف وبقي أياماً قليلة وتوفي رحمه‌الله ودفن في مقبرة الحباكة وذلك في شهر ذي القعدة الحرام سنة ١١٣٠ هـ انتهى كلامه. وقال الشيخ الطهراني في الذريعة :

ديوان الشيخ محمد بن يوسف بن علي بن كمبار الضبيري النعيمي البلادي ، الشهيد بيد الخوارج سنة ١١٣١ كما في ( الفيض القدسي ) أو سنة ١١٣٠ كما في ( اللؤلؤة ) وهو من تلاميذ الشيخ محمد بن ماجد البحراني والسيد المحدث الجزائري ، ويروي عنه الشيخ عبد الله السماهيجي كما في إجازته. وديوانه هذا في المراثي كما ذكر في أنوار البدرين وغيره. انتهى عن الذريعة ـ قسم الديوان ص ٢٨ تحت عنوان ( ابن كمبار ) ثم تحت عنوان : محمد. قال :

محمد بن يوسف بن علي بن كنبار البلادي البحراني تلميذ الشيخ سليمان بن

٢٠٦

عبد الله الماحوزي مرّ في ص ٢٨ بعنوان : ابن كمبار. وأورد الشيخ لطف الله الجدحفصي بعض مراثيه في مجموعته التي كتبها لنفسه بخطه الجيد في سنة ١٢٠١.

وقال السيد الامين في الاعيان : محمد بن يوسف الخطي البحراني. توفي سنة ١١٣٠ كان عالماً رياضياً وفقيهاً محدثاً ذكره صاحب اللؤلؤة وخاتمة المستدركات وتتمة أمل الآمل. قال في لؤلؤة البحرين : كان ماهراً في العلوم العقلية والفلكية والرياضية والهندسية والحساب. والعلماء تقرأ عليه ولكنه لم يؤلف.

وذكره صاحب أمل الآمل فقال : الشيخ محمد بن يوسف البحراني مسكناً الخطي مولداً فاضل ماهر في أكثر العلوم من الفقه والكلام والرياضة ، أديب شاعر ، له حواش كثيرة وتحقيقات لطيفة ، وله رسائل في النجوم ، من المعاصرين. وترجم له أيضا صاحب ( أنوار البدرين ) وقال : الشيخ محمد بن يوسف بن صالح المقابي البحراني ، وكان أصله من الخط ، وكان أعجوبة في السخاء وحسن المنطق واللهجة والصلابة في الدين والشجاعة على المعتدين ، وقد جمع بين درجتي العلم والعمل الذين بهما غاية الأمل.

وللشيخ محمد بن يوسف البلادي :

سرى وفد شوقي والانام رقود

يسحّ دموعاً ما لهنّ جمود

فعرّس مذعور الجنان بكربلا

فنازله كرب هناك جهيد

وقد شفّه وفد مقيم بأرضها

ملابسهم بين الملائك سود

ملائكة تقديسهم وثناؤهم

وتسبيحهم ندب عليه مديد

وتمجيدهم ندب الحسين ورهطه

غداة أصيبوا بالظما وأبيدوا

مقيمون حول القبر يبكون رزءه

وليس لهم نحو السماء صعود

فيا غفلة عن نكبة عمّ غمّها

وحادثة منها الجبال تميد

أيرشفه المختار سناً ومبسماً

ويقرعه بالخيزران يزيد

أيترك ملقى بالعرى سيد الورى

ويكسوه من مور الرياح صعيد

٢٠٧

حنيني على تلك الجسوم بكربلا

لقى بالعرا ما ضمهنّ لحود

حنيني على تلك السبايا ولوعتي

ووجدي جديد ما عليه مزيد

حنيني عليها يوم أمست أسيرة

وأكتافها بالاصبحية سود

وهيج أحزاني وحرّمني الكرى

مقالة أخت السبط وهو يجود

ألا بأبي من لا بعيد فيرتجى

فيمسي كمن قد غاب ثم يعود

ألا بأبي من لا جريح فيؤتسى

فتذهب آلامٌ به وتبيد

* * *

فيا آل ياسين ويا راية الهدى

مصابكم طول الزمان جديد

ولم يبل إلا أن ينادى من السما

بمهديكم إذ تقتفيه جنود

فتصبح أعلام النبي خوافقاً

وسابقة والمشرفي يعود

هنالك تسلو أنفس طال حزنها

ويهني العُبَيدَ اليوسفي هجود

فدونكم منه الذي يستطيعه

قصائد ما خابت لهن قصود (١)

__________________

١ ـ عن مجموعة الشيخ لطف الله.

٢٠٨

الشيخ فرج الخطي

المتوفي ١١٣٥

نظرت عيني فلم أدرِ ضباءا

أو غصوناً مائسات أم نساءا

حين جئنا بربى وادي النقا

بعدما جُبنا رُباها والفضاءا

ورنت عيني لخود وجهها

يخجل البدر إذا البدر أضاءا

وإذا ما أقبلت ماشية

تخجل الغصن انعطافاً وانثناءا

قد كسى الليل ظلاماً شعرها

ومحياها كسى الصبح ضياءا

والتفات الريم من لفتتها

واقتنى من قدها الرمح استواءا

جمعت ما بين شمس ودجاً

ما سمعنا صحب الليل ذكاءا

فأتتني وهي تبدي غنجا

مَن يشمها ظنها تبدي الحياءا

فالتقينا وتعانقنا فيا

صاح ما أحسن ذياك اللقاءا

ثم بتنا في عفاف وتقىً

وعناق قد تردّينا كساءا

لم أجد لي من حبيب غيرها

ما عدا آل النبي الاصفياءا

فهم الحجة لله على

خلقه من حلّ أرضاً وسماءا

وهم الرحمة للخلق بهم

يدفع الله عن الخلق البلاءا

وبهم يشفع للعاصين في

يوم حشر الناس إذ لاشفعاءا

حرّ قلبي لهم قد جرّعوا

غصص الكرب بلاءً وعناءا

بعضهم مات خضيب الشيب من

ضربة هدّت من الدين البناءا

وقضى بالسم بعضٌ منهم

وقضى بعضهم لم يرو ماءا

ذاك مَن جاء بأهليه إلى

أرض كرب وبها حطّ الخباءا

نصرته فتية قد طهرت

وزكت أصلا وفرعا ونماءا

٢٠٩

تاجروا الله بأرواحهم

وأبوا إلا الرضا منه جزاءا

وكفاهم مفخراً أنهم

مع خير الخلق ماتوا شهداءا

وبقى ابن المصطفى من بعدهم

مفرداً والجيش قد سدّ الفضاءا

قام فيهم خاطباً يرشدهم

للهدى لو تسمع الصم الدعاءا

فمذ السبط رأى أنهم

لم يجيبوا بسوى السيف النداءا

زلزل الأرض إلى أن حسبوا

أن يوم الوعد بالزلزال جاءا

موقف قد أظلم الكون به

غير وجه السبط يزداد ضياءا

صوته رعدٌ وبرقٌ سيفه

والغبار الغيم قد غطّا السماءا

ودماء الأسد غيثٌ هاطل

مذ همى صيّر بحراً كربلاءا

هو والخلاق لو شاء محى

ما حواه الكون لكن لن يشاءا

ومذ الله دعا السبط هوى

ساجداً لله شكراً وثناءا

فبكى الروح وأملاك السما

والجمادات بكت حزناً دماءا

أيّ رزء أحزن المختار والمرتضى

والأنبيا والأوصياءا

وله فاطمة الزهرا غدت

ثاكلا تبكيه صبحا ومساءا

ومضى الطِرف حزيناً باكياً

صاهلاً منذعراً ينحو النساءا

فخرجن الفاطميات له

ثكلاً يندبن كهفاً ورجاءا

لهف نفسي خرجت من خدرها

وهي ما قد عرفت إلا الخباءا

وسرى الأعدا بها حاسرة

جعلت للوجه أيديها غطاءا

أيها الشمس ألا لا تبزغي

فنساء السبط سُلّبن الرداءا

أيها السحب ألا لا تمطري

فبنات المصطفى تشكوا لظماءا

يا بني أحمد قد فاز الذي

في غد كنتم اليه شفعاءا

فرج يرجو من الله بكم

فرجاً يُنجي إذا في الحشر جاءا (١)

__________________

١ ـ عن كشكول الشيخ يوسف البحراني.

٢١٠

هو العلامة الشيخ فجر بن محمد الخطي المعروف بالمادح المعاصر للعلامة الشيخ يوسف مؤلف الحدائق وأمثالها من الكتب العلمية الهامة أحد علماء آل عمران ذكره مؤلف أنوار البدرين بما نصه : ومنهم الأديب الاريب الشاعر الصالح الشيخ فرج المادح الخطي كان رحمه‌الله من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام ومادحيهم وهاجي اعدائهم ومبغضيهم وقد وقفت له على شعر كثير من هذا القبيل في المدح لهم (ع). انتهى.

توفى رحمه الله تعالى في حدود سنة ١١٣٥ تغمده الله برحمته (٢).

وذكر له الشيخ يوسف العصفوري في كشكوله شعراً كثيراً تظهر منه جلالة قدره وبراعته العلمية. وفي مسودة تاريخ العصفوري البوشهري الشيخ محمد علي بن محمد تقي ما نصه : الشيخ فرج الخطي البحراني هو مستغن عن الألقاب ومن المشهورين بين الأصحاب ، له ديوان كبير في مجلدات غير كتاب المدائح والمراثي ، ومن جملة قصائد البديعة ما مطلعها :

اسمعت سجع الورق ساعة غردوا

فوق الغصون ونوم عيني شرّدوا

إلى ان قال :

سجعوا فعيني لا تجف دموعها

صبا ونار صبابتي لا تبرد

وقال صاحب ( تحفة أهل الايمان في تراجم علماء آل عمران ) :

__________________

١ ـ شعراء القطيف.

٢١١

ومنهم العالم الشيخ فرج بن محمد من آل عمران المكنى بأبي الفتح الملقب بالمادح وقد ذكره المترجم في الأنوار أيضاً كان من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام ومادحيهم وهاجي أعدائهم ومبغضيهم ، رأيت له ديوان شعر عند بعض الأصدقاء من أهالي القطيف قد اشتمل على خمس وعشرين قصيدة في مدح المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام ، واشتمل أيضاً على مفردات تبلغ ستة وخمسين بيتاً ، وقيل ان له ديوان شعر كبير في مجلدات وقد ذكر شطراً من شعره صاحب الحدائق في كشكوله في مواضع عديدة ، وكل مَن تأمل شعره عرف جلالة قدره ورتبته العلمية ومكانته السامية ، ولا بأس بذكر بعض المفردات من ديوانه قال :

قل لمن شك في ارتداد أناسٍ

لم يزالوا مع النبي جلوسا

وبغوا بعده على الآل طراً

( إن قارون كان من قوم موسى )

أقول وعلى تقدير ان يكون هذا الفاضل من آل عمران فيحتمل أن يكون أخاً للشيخ حسين المذكور. وله في الامام الحسين عليه‌السلام قصيدة أولها :

هلا رأيت هلال عاشوراء

تبدو كآبته لعين الرائي

وله :

هلا مررت على الديار بكربلا

لترى عظيم الكرب فيها والبلا

قال صاحب التحفة : رأيت للشيخ فرج ديواناً عند الحاج عبد الله بن نصر الله المتوفى سنة ١٣٧٤ وقد اشتمل على ٢٥ قصيدة في مدح المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام ، كما اشتمل على مفردات في مدحهم أيضاً فمن قوله :

حيدر الكرار لا يبغضه

غير نغل أمّه الشوها زنت

كل من يغضب مما قلته

( سر بديوار ضروري ميزنت )

٢١٢

الشيخ فرج الله الحويزي

الشيخ فرج الله الحويزي المتوفى ١١٤١ من قصيدة في الامام الحسين (ع) :

فانا المأسور في قيد الهوى

لم أجد مما اقاسي حولا

غير حبي للنبي المصطفى

وعلي المرتضى أهل العلا

وبنيه خير آل في الورى

نقباءاً نجباءاً نبلا

لا تسل عما حباهم ربهم

مخبراً إلا الكتاب المنزلا

أوضح الله بهم نهج الهدى

مثل ما اختار لهم عقد الولا

خير أهل الأرض جوداً وإباً

ومضاءاً سل بهذي كربلا

إذ حبى اصحابه جناتهم

فرأؤها نصب عين مثّلا

فاستماتوا وأبى صارمه

ففدوه برقاب وطلى

واقتسمن البيض أجسامهم

مفصلا قد وزّعتها مفصلا

ومضى سيف القضا من بعدهم

يبدي صفين ويثنى الجملا

ويسيل النهر منها بدم

مجّه العفر وعافته الفلا

فانثنى فوق الثرى جثمانه

ورقى الرأس العوالي الذبلا

عن الديوان المخطوط بخط الشيخ محمد السماوي في مكتبة الامام الحكيم العامة برقم ٦٣٣ قسم المخطوطات.

٢١٣

الشيخ فرج الله بن محمد بن درويش بن محمد بن حسين بن جمال الدين بن اكبر الحويزي. قال في أمل الآمل : فاضل محقق شاعر أديب معاصر ، ونعته في روضات الجنات بالحكيم البارع والأديب الجامع هو معاصر لصاحب رياض العلماء ذكره ونفى عنه الفضيلة.

« مؤلفاته » :

له مؤلفات كثيرة : منها كتاب الرجال الموسوم بايجاز المقال وهو كتاب كبير مشتمل على قسمين الأول في الخاصة والثاني في العامة على نهج رياض العلماء والمرقعة وكتاب كبير في الكلام يشتمل على الفرق الثلاث والسبعين وكتاب الغاية في المنطق والكلام على نهج التجريد للمحقق الطوسي ، وكتاب الصفوة في الاصول على نهج الزبدة للشيخ البهائي ، وتذكرة العنوان على طراز عجيب بعض الفاظها بالسواد وبعضها بالحمرة يُقرأ طولاً وعرضاً فالمجموع علم واحد وكل سطر من الحمرة علم في النحو والمنطق والعربية والعروض ووجه تسميته بتذكرة العنوان بهذا الاسم ان بعض العامة ألف كتاباً سماه عنوان الشرف يشتمل على العلوم المذكورة : فقه الشافعي وعلم النحو والتاريخ والعروض والقوافي وسمع المترجم بذلك وتعجب جماعة من أهل المجلس فعمل « ره » هذا الكتاب قبل ان يرى ذلك الكتاب وله شرح تشريح الافلاك للبهائي ومنظومة في المعاني والبيان نظم شرح تلخيص المفتاح للعلامة التفتازاني من غير زيادة ولا نقصان إلا في الترتيب كما في رياض العلماء وله التفسير وكتاب تاريخ ورسالة في الحساب ، وشرح خلاصة الحساب والكتاب قيد الغاية وهو شرح على كتاب الغاية المذكور وديوان شعر. توفي كما في الكواكب المنتثرة سنة ١١٤١ ومن شعره قوله :

٢١٤

أحسن إلى من قد أساءك فعله

ان كنت توجس من إساءته العطب

وانظر إلى صنع النخيل فإنها

ترمى الحجارة وهي ترمي بالرطب

وقال السيد الأمين في الأعيان : الشيخ فرج الله بن محمد الحويزي اسمه أحمد بن درويش بن محمد بن حسين بن كمال الدين بن أكبر مجرد الجبلي الحويزي الحائري المزرعاوي ، وفي بعض المقامات : المولى فرج الله بن محمد بن درويش ابن محمد بن الحسين بن حماد بن أكبر الحويزي معاصر لصاحب الوسائل محمد ابن الحسن بن الحر العاملي. ثم ساق مؤلفاته على نحو ما تقدم ، وقال الشيخ جعفر محبوبة له رثاء في الأئمة الاثنى عشر صلوات الله عليهم.

وله مخمساً أبيات ابن المدلل :

اسمع هديتَ نصيحة الاخوان

وانهض لها عجلاً بغير توانِ

يا أيها العبد الضعيف الجاني

زر بالغري العالم الرباني

كنز العلوم ومعدن الايمان

واسأل هناك الله واجعل احمداً

والعترة الهادين منه مقصدا

واخضع لحيدرة وأوسعه الندا

وقل السلام عليك يا علم الهدى

يا أيها النبأ العيظم الشأن

يا من له الرحمن شرّف أصله

وأحلّه العليا وطهّر نسله

وحباه فاطمة البتولة أهله

يا من له الاعراف تشهد فضله

يا قاسم الجنات والنيران

مولاي خذ بيدي غداة الموعد

فقد ادخرتك يا علي إلى غد

ووثقت انك تعطي رضواناً يدي

نار تكون قسيمها يا سيدي

انا آمن منها على جثماني (١)

__________________

١ ـ عن ديوانه المخطوط الذي سبق ذكره.

٢١٥

الشيخ يونس الغروي

المتوفى ١١٤٧

يا راقياً فوق أقطاب العلا وعلا

رقاب كل املا طراً بحسناكا

أتيت نحوك يا مولاي معتمداً

مؤملا منك ما الرحمن أولاكا

وفي اعتقادي بأني لا أخيب إذا

أملت مَن كان وهاباً وفتاكا

ذو مرقد جعل الخلاق خادمه

من السماوات جبريلاً وأملاكا

حتى غدا لهم في ذاك مفتخر

وذا قليل لمن لم يلق اشراكا

وقد حداني وقوّى لي قوى أملي

أخبار فضلك إذ شاعت وأنباكا

منها اختصاصك يا مولى الأنام بما

به المزايا وفيها الله اصفاكا

وذاك أربع خصلات فاكملها

ما خيّب الله من يدعو بمثواكا

ولا رقى أحد مرضاه معتقداً

بتربة من ضريح فيه علياكا

إلا ونال الشفا من فضل تربتكم

وذاك ليس جليلاً لو نسبناكا

ومنك تسعة أشباح أئمتنا

لولاهم ما أدار الله أفلاكا

بحقهم سيدي أرجو النجاة غداً

من الحساب وما أخشى بعقباكا

صلى الاله عليهم ما جرى فلك

وما نظمنا الدرّ الشعر أسلاكا (١)

__________________

١ ـ عن شعراء الغرى للخاقاني ج ١٢ ص ٤٤٠.

٢١٦

الشيخ يونس بن ياسين النجفي المتوفى سنة ١١٤٧ كان من العلماء المشاهير وأهل الكمال والأدب البارزين ، وكان معاصراً للسيد نصر الله الحائري ، وبينهما مراسلات شعرية مذكورة في ديوان السيد الحائري المطبوع في النجف سنة ١٣٧٣.

ويروى الشيخ يونس قراءة وإجازة عن الشيخ حسام الدين ابن أخ الشيخ فخر الدين الطريحي باجازة وصفه فيها بالفاضل الكامل التقي الزكي الذكي الفطن الالمعي ، وذكر فيها انه قرأ عليه شطراً من الكافي والتهذيب والمعالم قراءة تحقيق وتدقيق تنبئ عن غزارة علمه وفهمه ـ إلى آخر ما قال وترجم له شيخنا الطهراني رحمه‌الله في ( الكواكب المنتثرة في القرن الثاني بعد العشرة ) مخطوط. وقال في نشوة السلافة في حقه :

ديباجة الشرع وعنوانه ولسان الأديب وبيانه ، فضله أشهر من نار على علم وأظهر من النجم في دياجي الظلم ـ إلى آخر ما قال ، ثم ذكر من جيد شعره قصيدة في مدح الامام ابي عبد الله الحسين عليه‌السلام مطلعها :

يا راقياً فوق أقطاب العلى وعلا

رقاب كل الملا طراً بحسناكا

وللشيخ يونس ثلاثة أبيات أرسلها إلى الملا محسن ابن الملا عبد الله ( كليدار ) الروضة العلوية المتوفى قبل سنة ١١٥٨ هـ وهي :

سلام على من لم أزل ذاكراً له

بقلبي وان كلّت من المدح ألسن

فما كان في ظني تباعد مثله

وأمر الهوى بين المحبين متقن

فلو كان من أهوى مسيئاً عذرته

ولكنه بين الخلائق ( محسن )

٢١٧

وللسيد نصر الله الحائري قصيدة على بحر الرجز في ديوانه يراسل بها الشيخ يونس ويمدحه فيها جواباً على أبيات أرسلها اليه. مطلعها :

يهدي إلى المهذّب الصفي

يونس مَن فاق على ( الصفي )

ويهدي في آخرها السلام إلى الشيخ بشاره وولده الشيخ محمد علي صاحب ( النشوة ).

وقال الشيخ يونس بن ياسين يمدح الشيخ بشارة والد الشيخ محد علي بشارة مؤلف ( نشوة السلافة ).

يا من حوى كل المفاخر يافعاً

والرأي كهلا والوقار مشيبا

مذ صرت في برج الحجا وذوي النهى

لم يتخذ قلبي سواك حبيبا

٢١٨

الشيخ عبد الحسين أبو ذئب

المتوفى ١١٥١ تقريباً

عجم الطلول سقاك الدمع هتانا

ما أفظع الخطب لو أفصحت ما كانا

حالت فما أبقت الدنيا نظارتها

وحوّلت روضها الممطور كثبانا

إلى أن يقول في شهداء الطف :

تمثلوا شخصهم في الخلد وارتحلوا

وخلفوا في محاني الطف أبدانا

وصافحوا صفحات البيض واعتنقوا

قبيل ممساهم حوراً وولدانا

سالت على الاسل السامي نفوسهم

فقربوا النحر للاجسام قربانا

تقبّل الجامِحات الشامسات له

تحت السنابك بالرمضاء جثمانا

والعابد الساجد الصوام خير فتى

نعدّه كهف دنيانا وأخرانا

في أسر جامعة للاسر جامعة

تخالها قصمت للعمر ريعانا

وفي آخرها :

أوردتها حوض آمالي بكم فغدت

تثير لا تختشي والله حرمانا

حمّلتها من تضاعيف السلام كما

ضمنتها من لطيف الود تبيانا

٢١٩

الشيخ عبد الحسين أبو ذيب

جاء في أنوار البدرين ص ٣٤٨ :

ومن أهل هذا البيت ـ اعني بيت أبي ذيب ـ الشاعر الأديب الخير الشيخ عبد الحسين أبو ذيب (١) من شعرائها المشهورين وأدبائها المذكورين ، ومن شعراء أهل البيت المخلصين ، له قصائد في الرثاء مشهورة.

ذكر المعاصر الشيخ علي المرهون في كتابه ( شعراء القطيف ) ان وفاته سنة ١١٥١.

__________________

١ ـ أخبرني أحد أحفاده ان الشيخ عبد الحسين هو أخو الشيخ يوسف ابي ذيب الآتية ترجمته.

٢٢٠