أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٣

الحرّ العاملي

التوفي ١١٠٤

سأنوح ما غنّت حمائم حاجر

ويبوح مني بالغرام محاجري

وكأن قلبي من هوى أودى به

قد أوثقوه إلى قوادم طائر

طوراً تراه إلى تهامة طائراً

اسفاً وطوراً طايراً في حاجر

لم أبك من فقد الشباب وما مضى

من طيب عيش في الزمان الغابر

كلا ولم أندب طلولاً باللوى

كانت منازلهن بعض مشاعري

هذا ولم اتبع ضلالات الهوى

نفسي ولا هجس الوصال بخاطري

لكن بكيت لرزء آل محمد

بمدامع تهمي كغيث ماطر

واكربتاه لمن ثوى في كربلا

فرداً وحيداً ماله من ناصر

كتبوا اليه وازمعوا من بعدها

غدراً فتبّاً للشقي الغادر

وافى ليرشدهم إلى طرق الهدى

ويزيل عنهم كل غمٍ غامر

لا راغباً في جمع ديناهم ولا

يبغي سوى قمع الظلوم الجائر

حتى اذا وافى الطفوف تواثبوا

بعوامل خطيّة وبواتر

قلبوا له ظهر المجن وانكروا

ما كان منهم من أذى ومناكر

قتلوا أحبته ومالوا نحوه

متظاهرين بذاك شرّ تظاهر

والدين يندب رزء ومصابه

والمجد ينظر كالذليل الحائر

١٦١

والأرض ترجف والسماء بكت له

بدم عبيط ساكب متقاطر

والشمس كاسفة وأملاك السما

يتعجبون من الظلوم الخاسر

ظهرت له أحقاد بدر منهم

وثنوا عنان مناجز ومبادر

ويلاه والأعداء قد ملأوا الفضا

بعساكر قد اتبعت بعساكر

والسبط في سبعين من أصحابه

هم كالكواكب حول بدر زاهر

حتى اذا لقي الردى أنصاره

نادى الأهل للهدى من ناصر

هل من فتى يحمي حريم محمد

من ناهب أو سالب أو ناظر

فتواثبوا بسهامهم ورماحهم

ويلاه من خطب عظيم جائر

صرعوه ظلماً بالدماء وماله

من غاسل أو ساتر أو قابر

عن ديوانه المخطوط في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف ـ قسم المخطوطات رقم ٢٧٦ والديوان يحتوي على عدد من القصائد في النبي وأهل بيته واراجيز في مواليدهم ووفياتهم وقصائد كثيرة في الحجة المهدي عليه‌السلام وبعض مراسلاته ورثائه لأعلام عصره.

١٦٢

الحر العاملي محمد بن الحسن

جاء في أعلام العرب ج ٣ ص ١٢١ :

محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين (١). الحر العاملي ، من كبار المجتهدين ، والأعلام الخالدين ولد في قرية مشغرة من جبل عامل ليلة الجمعة ٨ رجب سنة ١٠٣٣ هـ وقرأ على أبيه الحسن وعمه محمد الحر وجده لأمه عبد السلام بن محمد الحر وخال أبيه علي بن محمود وغيرهم ، وأخذ في قرية جباع عن عمه أيضاً وعن علي زين الدين بن محمد بن الحسن صاحب المعالم وعلي بن حسين بن الحسن بن يونس بن ظهير الدين العاملي وغيرهم وأقام في بلاده أربعين سنة وحج فيها مرتين ، ثم سافر إلى العراق فزار مراقد الأئمة ثم رحل لزيارة الامام الرضا في خراسان وفي طريقه مرّ باصفهان واجتمع فيها بكثير من علمائها وكان أكثرهم انساً به وصحبة له الامام الكبير محمد باقر المجلسي مؤلف بحار الانوار المتوفى ١١١١ واجاز كل منهما صاحبه هناك ولما وصل إلى مشهد خراسان ومضى على مكوثه مدة اختير لمنصب قاضي القضاة وشيخ الاسلام في تلك الديار ثم حج أيضاً مرتين وزار الأئمة في العراق وكان قدومه المشهد الرضوي ـ كما قال ـ سنة ١٠٧٣.

قال المحبي : « قدم مكة في سنة ١٠٨٧ و١٠٨٨ وفي الثانية منهما قتلت الأتراك بمكة جماعة من العجم لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف وكان صاحب الترجمة قد انذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم .. فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فألتجا الى السيد موسى بن سليمان أحد

__________________

١ ـ وفي لؤلؤة البحرين : محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الحر العاملي.

١٦٣

أشراف مكة الحسينين وسأله ان يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله اليها » (١).

وتوفي الحر بالمشهد الرضوي بطوس سنة ١١٠٤ هـ ودفن في إحدى غرف صحن الإمام وعلى قبره ضريح يزار.

وللحر تصانيف في غاية الأهمية وقد رزق حظاً فيهما كما قال السيد الأمين ـ لم يرزقه غيره؟ فكتابه « وسائل الشيعة » عليه معول الدارسين والباحثين من عصره إلى اليوم وذلك لالمامه وحسن ترتيبه وتبويبه قال عنه في السلافة : « علم لا تباريه الأعلام وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام .. وتصانيفه في جبهات الايام غرر وكلماته في عقود السطور درر .. ».

وقال عنه في المستدرك : « عالم فاضل محقق مدقق ، متبحر جامع كامل صالح ، ورع ثقة فقيه محدث حافظ ، شاعر أديب ، جليل القدر عظيم الشأن أبو المكارم والفضائل شيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل الذي منّ على جميع أهل العلم بتأليف هذا الكتاب الشريف » ، ومؤلفاته كثيرة ومنها ما هي موسوعات ضخمة مهمة :

١ ـ الجواهر السنية في الأحاديث القدسية ، وهو أول كتاب ألفه طبع مرتين في ايران ، ثم في النجف ـ مطبعة النعمان.

٢ ـ تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة من أوسع كتب الحديث وأشهرها ، اشتمل على جميع احاديث الاحكام الشرعية الموجودة في الكتب الأربعة وسائر الكتب المعتمدة التي تزيد على سبعين كتاباً : طبع الكتاب في ثلاث مجلدات كبار على الحجر في طهران سنة ١٢٨٨ هـ و١٣٢٣ / ١٣٢٤ ، وفي تبريز سنة ١٣١٣ هـ. ثم طبع على الحروف وعني بتحقيقه

__________________

١ ـ وللسيد الامين في الاعيان تعليق على هذا الحادث وامثاله ، وملخصه ان أهل مكة يقومون بالتلويث من أجل قتل الفرس حيث انهم اتباع مذهب أهل البيت.

١٦٤

وتذييله الميرزا عبد الرحيم الرباني في طهران وقدر في تسع مجلدات كبار وقد طبع منه من ١ ـ ٧ من سنة ١٣٧٥ ـ ١٣٨٤ هـ وفي الجزء الأول تصدير عن طبقات المحدثين و « جوامع الفقه » وعن أهمية كتاب الوسائل والتعليقات عليه ، كما وضع في أول كل مجلد من هذه المجلدات الفهرس العلمي الخاص بذلك المجلد ، والفهرس هذا هو كتاب للمؤلف اسماه « من لا يحضره الامام » وكان قد ألفه بمثابة دليل المواضيع ومضامين كتابه الوسائل وأبوابه ، كما طبع كتاب الوسائل أيضاً وبضمنه كتاب « مستدرك الوسائل للعلامة النوري » في القاهرة ـ مطبعة دار العهد الجديد للطباعة ابتداء من سنة ١٣٧٧ / ١٩٥٧ وظهر منه الأول الى الخامس الذي انتهى سنة ١٣٨١ هـ نشره السيد مرتضى الرضوي الكشميري.

وقد عُني العلماء بالشرح والتعليق والاستدراك على كتاب الوسائل ومنها : شرح السيد الحسن الصدر الكاظمي ومنه ثلاث مجلدات في شرح المجلد الأول. ومستدرك الوسائل للنوري محمد الحسين بن محمد تقي المتوفى ١٣٢٠ هـ وقد طبع في ثلاث مجلدات في طهران سنة ١٣١٨ وطبع مع الوسائل في القاهرة كما تقدم وتحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة للمؤلف نفسه ـ ألفه في شرح الوسائل. وشرح الوسائل ليوسف بن محمد البحراني الحويزي في عدة مجلدات وغيرها.

٣ ـ الصحيفة الثانية السجادية جمع فيه الادعية المأثورة عن الامام السجاد علي بن الحسين بن علي التي لم تذكر « في الصحيفة الكاملة » طبعت في الهند ومصر ـ مطبعة النيل ١٣٢٢ / ١٩٠٤ بأسم الطبعة الأولى.

٤ ـ هداية الأمة إلى احكام الأئمة ، منتخب من الوسائل مع حذف الاسانيد ، منه نسخة مخطوطة عند مؤلف الذريعة وعليها شروح.

٥ ـ فهرس وسائل الشيعة يشتمل على عناوين الابواب وعدد احاديث كل

١٦٥

باب ومضامينها سماه « من لا يحضره الامام » طبع مجزءاً في اوائل مجلدات الوسائل من طبعة طهران الحديثة كما أشرنا.

٦ ـ اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات : وهو يشتمل على أكثر من عشرين ألف حديث ، واسانيد تناهز سبعين ألف سند منقولة من كتب « الخاصة والعامة » من حسن الترتيب والتهذيب وفي أبواب وفصول نقل فيه عن (١٤٢) كتاباً من كتب الخاصة و٢٤ كتاباً من كتب أهل السنة ، منه نسخ كثيرة ، ومنها نسخة العلامة النسابة السيد شهاب الدين المرعشي النجفي كتبت سنة ١٠٩٦ هـ وهي من النفائس وبخط المؤلف ، ونسخة في اصفهان كتبت سنة ١١١٥ هـ وغيرها ، وطبع كتاب الاثبات باعتناء السيد هاشم الرسولي المحلاتي بالمطبعة العلمية بقم ـ ايران ـ على الحروف في سبع مجلدات كبار سنة ١٣٧٨ هـ وفي المجلد الأول مقدمة تضمنت ترجمة المؤلف وأسماء كتبه مع ملاحظات ونموذج مصور من خط المؤلف ، ومع الكتاب « تحت الأصل » ترجمة فارسية للنص العربي بقلم محمد نصر آلهي.

٧ ـ الفصول المهمة في أصول الائمة ، في أصول الدين وفروعه والطب واصول الفقه وغيرها ، طبع في ايران سنة ١٣٠٤ والنجف المطبعة الحيدرية ١٣٧٨ ص ٥٤٤ عدا المقدمة والفهارس.

٨ ـ الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة : أورد فيه أكثر من ٦٠٠ حديث و٦٠ آية من القرآن وأدلة اخرى على اثبات الرجعة ، فرغ منه سنة ١٠٧٩ وطبع بعناية السيد هاشم الرسولي المحلاتي بالمطبعة العلمية بقم ـ ايران ـ سنة ١٣٨١ من ٤٣٠ عدا المقدمات والفهارس ومعه في الحاشية الترجمة الفارسية للنص العربي.

٩ ـ بداية الهداية ، في الواجبات والمحرمات المنصوصة من أول الفقه إلى آخره ، أورد فيه من الواجبات ١٥٣٥ ومن المحرمات ١٤٤٨ طبع في ايران.

١٦٦

١٠ ـ امل الآمل في علماء جبل عامل ابتدأ بتأليفه سنة ١٠٩٦ وفرغ منه سنة ١٠٩٧ والكتاب في قسمين اقتصر في الأول على علماء جبل عامل وفي الثاني على علماء بقية البلاد المتأخرين عن الشيخ الطوسي ابي جعفر ، منه نسخة مخطوطة كتبت سنة ١٠٩٧ هـ والمضنون انها بخط المؤلف ، في مكتبة « آية الله الحكيم » في النجف وطبع امل الآمل في طهران غير مرة « مع كتاب منهج المقال في أحوال الرجال لمحمد بن علي الحسيني الاسترابادي المتوفى ١٠٢٨هـ » سنة ١٣٠٦ هـ ، ثم طبع في النجف ـ الآداب سنة ١٣٨٥ / ١٩٦٥ في جزئين.

١١ ـ نزهة الاسماع في الاجماع ، قال السيد الأمين رأيت منها نسخة كتبت عن خط المؤلف في ٨ رجب ١١١٣ هـ.

١٢ ـ ديوان الامام زين العابدين علي بن الحسين ، جمع الاشعار المنسوبة اليه ، ورتبه على الحروف الهجائية ، طبع في بمبيء بأهتمام الميرزا محمد خان ( ملك الكتاب ) ونسخته عزيزة.

١٣ ـ مجموع فيه : ارجوزة في تواريخ النبي والائمة من آله ، الروضة في مدح الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ، الهمزية في مدح ذي المزية ، القصيدة المحبوكة الاطراف ، وكلها له بخط الشيخ محمد السماوي سنة ١٣٦٢ محفوظة في مكتبة الحكيم بالنجف.

١٤ ـ الرجال منه نسخة مخطوطة كتبت سنة ١٠٨٢ فرغ عن كتابته في ٢٤ ذي القعدة وعلى ظهر الورقة الأولى فوائد رجالية ، في مكتبة الحكيم.

١٥ ـ ديوان شعره ، رأيت منه نسخة مخطوطة نادرة في مكتبة الحكيم في النجف جلها بخط الناظم المؤلف ، وقد كتب على حواشي الديوان كثيراً من القصائد ، وفي الصفحة الأولى بخطه : « ديوان شعر الفقير إلى الله الغني

١٦٧

محمد بن الحسن بن علي بن محمد الحر العاملي عامله الله بلطفه الخفي » وأكثر القصائد في مدح النبي وآله ومراثيهم والمواعظ ، وليس في النسخة تاريخ!

١٦ ـ تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة / اشرنا اليه ـ نقل عنه الشيخ عبد النبي الكاظمي في « تكملة الرجال » الذي فرغ منه سنة ١٢٤٠ هـ. قال مؤلف الذريعة ٣ ٣٩٣ : رأيت المجلد الأول ولم أدر حال بقية اجزائه ، وتوجد نسخة المجلد الأول في مكتبة محمد علي الخونساري في النجف تاريخ كتابتها سنة ١١١٢ هـ ونسخة اخرى كانت عند الشيخ محمد علي الاوردبادي في النجف أوله : « الحمد لله على جزيل نواله ، والصلاة والسلام على محمد وآله .. لما ألفت كتاب تفصيل رسائل الشيعة التمس جماعة تأليف شرح لذلك الكتاب يشتمل على توضيح الاحاديث وبيان نكتها ووجوه الترجيح وتقرير دلالتها ، ويجمع سائر الادلة والأقوال ، وأكثر الفوائد المتفرقة في كتب الاستدلال .. »

وللحر ـ بعد هذا ـ مؤلفات أخرى كثيرة ، وأجازات علمية لمعاصريه مطولة ومختصرة.

ومن محاسن شعره من قصيدة في مدح أهل البيت عليهم‌السلام قوله :

أنا الحرّ لكن برهّم يسترقني

وبالبر والاحسان يستعبد الحرُ

وقوله من قصيدة فيهم عليهم‌السلام :

أنا حرٌ عبدٌ لهم فاذا ما

شرفوني بالعتق عدت رقيقا

أنا عبد لهم فلو اعتقوني

ألف عتق ما صرت يوماً عتيقا

١٦٨

عبد الله الشويكي

ذكره الشيخ الاميني في شعراء القرن الثاني عشر فقال :

أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطي من تلمذة الشيخ ابراهيم ابن الشيخ علي البلادي والشيخ ناصر بن الحاج عبد الحسن البحراني له في فن الأدب وقرض الشعر والاكثار منه والتفنن فيه اشواط بعيدة وديوانه في مدائح النبي وآله يسمى بـ ( جواهر النظام ) وديوان مراثيهم الموسوم بـ ( مسبل العبرات ورثاء السادات ) يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقواف مختلفة في مدائح أهل البيت ورثائهم ، ويرثي العباس بن أمير المؤمنين ـ نظمها في سنة ١١٤٨ والقاسم بن الامام الحسن وعبد الله ابنه ، وعلي بن الامام السبط الشهيد ، وولده عبد الله الرضيع ، كلا منهم بقصيدة (١).

وجاء في شعراء القطيف للعلامة المعاصر الشيخ علي منصور المرهون : نحو هذا.

وقال الشيخ اغا بزرك الطهراني في الجزء الخامس من الذريعة :

__________________

١ ـ وهكذا جاء أيضاً في ( الذريعة ) للشيخ الطهراني ج ٢٠ ص ٣٩٨.

١٦٩

جواهر النظام في مدح النبي وآله الائمة الاثنى عشر عليهم‌السلام ، ديوان كبير للشيخ ابي محمد عبد الله بن محمد الحسين الشويكي الخطي ، رأيت بخطه الشريف جملة من قصائده التي استخرجها من هذا الديوان واهداها إلى استاذه الذي وصفه بقوله : الشيخ العالم الفاضل الكامل الورع الصالح الفالح المحقق المدقق الامجد الأوحد الاقا محمد بن الاقا عبد الرحمن الشريف النجفي. المتوفى سنة ١٢٤٩ والذي رثاه السيد صادق الفحام ، وقال السيد الامين في الأعيان : كان فاضلاً مشاركاً في العلوم مصنفاً أديباً شاعراً له حواهر النظام في مدح السادة الكرام عليهم‌السلام و ( مسبل العبرات في رثاء السادة الهداة ) ، فمن شعره قوله في مدحه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد التزم تجانس كل قافيتين من القصيدة :

أقبلت تقنص الأسود الغزاله

ذات نور يفوق نور الغزالة

وانثنت تسلب العقول وثنّت

غلة في الحشا بلبس الغلالة

واستحلت حرام سفك دمائي

وهو في قلبي الرخيص غلاله

يا نسيم الشمال مني بلّغ

نحو انس الحشا سلامي حواله

وارع صبا متيما ابعدته

عن حماها ولم تجد من حمى له

حملتني في الحب منها غراماً

لم اطق مدة الزمان احتماله

ولي العهد في هواها وثيق

قد أبى العقل في النقيض احتماله

لست أدري هل الصدود ملال

أم طباع الحبيب يبدى دلاله

أنا في حبّها غريقٌ بدمعي

وهو فيما ادعيت أقوى دلاله

لا رعى الله عاشقاً قد سلام

في الهوى قاطعاً بسيف الملاله

فاز من مات في الغرام شهيداً

والحسان الشهود بين الملاله

مثلما فاز من أطاع يقيناً

خاتم الانبياء تاج الرسالة

١٧٠

شامخ الفخر خير مولى الهي

قدره مثل قدره قد رسى له

رب واليته بحسن اعتقادٍ

في نبيّ الهدى وواليت آله

فولاء النبي للعبد درع

عن نبال الردى وللنصر آله

وولائي من بعده لعلي

فهو من قبل موته أوصى له

وارتضاه الامامَ في يوم خم

فهو للخصم قاطع أوصاله

١٧١

الشيخ أحمد البلادي

ناد الأحبة إن مررت بدورها

واشهد مطالع نيرات بدورها

كم قد بدت وبها انجلت ظلم الدجى

ولطالما بزغت بوازغ نورها؟

أنست بها أرض الطفوف وأقفرت

منها الديار وليس غير يسيرها

غربت بعرصة كربلا فانهض لها

واقر السلام على جناب مزورها

وانثر بتربتها الدموع تفجعاً

لقتيلها فوق الثرى وعفيرها

أكرم بها من تربة قدسية

قد بالغ الجبار في تطهيرها

يا تربةً من حولها الأملاك ما

زالت تشمّ لمسكها وعبيرها؟

يا تربة حفّت بها القوم الأولى

فازوا بلثمهم لترب قبورها؟

قد ضمّنت جسد الحسين ومَن به

فتكت أمية بعد أمر أميرها

فأزالت الاسلام عن برحائها

وأطاعت الشيطان في تدبيرها

وتسرّجت خيل الضلال فأخرت

غير الأخير وقدّمت لأخيرها

ونست عهوداً بالحمى سلفت ولن

تعبأ بنص نبيّها ونذيرها

يا للرجال لأمة مسعورة

لم يكفها ما كان يوم غديرها

بئس العصابة من بغت وتنكبت

عن دينها وتسارعت لفجورها (١)

__________________

١ ـ مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي التي دونها بخطه سنة ١٢٠١ هـ.

١٧٢

الشيخ أحمد البلادي توفى أوائل القرن الثاني عشر

هو الشيخ أحمد بن حاجي البلادي عالم فاضل أديب من شعراء أهل البيت ومادحيهم له مراثي كثيرة قال الشيخ الاميني : وقد يقال ان له ألف قصيدة في رثاء الامام السبط الشهيد الحسين عليه‌السلام دوّنها في مجلدين ، قد ذكر الشيخ لطف الله الجدحفصي عدة قصائد من حسينياته في مجموعة له ، وقفنا على نسخ منها بخطه وأخذنا منها ما ذكرناه ، وله في التاريخ يد غير قصيرة ، وكان من أجداد صاحب ( أنوار البدرين ) وتوجد في الأنوار ترجمته ويظهر منه انه توفي في أوائل القرن الثاني عشر (١). ومن شعره :

دنياك فانية والحي منتقل

إلى التراب ويبقى الله والعمل

فجدّ جدك في إتيان صالحة

واعمل لأخراك ما يجديك يا رجل

دع المقام بدار لا قرار بها

ولا بقاء وأنت السائر العجل

فالموت آتيك لا مندوحة أبداً

عنه ولكن إلى أن ينقضي الأجل

ما أطيب العيش في الدنيا وأعذبه

لو لم يكن للمنايا فيه مرتحل

ان كان دنياك هذا شأنها فعلى

ماذا بتعميرها يا صاح تشتغل

فتب إلى الله إخلاصاً وقل ندماً

أيلام هذا وشيب الرأس مشتعل

وزر مشاهد أهل البيت معترفاً

فإنهم سبب الايجاد والعلل

والثم ضرائحهم وانشق روائحهم

تترى الصلاة عليهم أينما نزلوا

واذكر مصائبهم في كل ناحية

وانثر دموعك في أرض بها قتلوا

قد صرعوا وقضوا نحباً على ظمأ

في كربلا وعلى روس القنا حُملوا

روحي فداء حسين إذ أقام بها

فرداً وليس له عن كربها حُملوا

شلواً ذبيحاً خضيب الشيب من دمه

ظمآن لهفان لم تبرد له غلل

__________________

١ ـ عن كتاب ( الغدير ) ج ١١ ص ٣٤١.

١٧٣

عريان ذا جثة بالطف عارية

لولا الصبا نسجت منها له حلل

وحوله نسوة يندبن مصرعه

ودمع آماقها في الخد ينهمل

وثاوياً رأسه فوق السنان علا

وجسمه في ثرى البوغاء منجدل (١)

وله قصيدة مطلعها :

لا الدار دار ولا ذاك الحمى وطن

قد أصبحت خاليات ما بها سكن (٢)

وأخرى أولها :

ما حال قومي غداة البين لا بانوا

ولا عفى ربعهم واستوحش البان (٣)

وثالثة جاء في أولها :

كفى حزناً ان الديار خوالي

وآل علي آذنوا بزوال (٤)

وهي تزيد على ٦٠ بيتاً.

ورابعة أولها :

توارت بالحجاب شموس صبري

وجرّعني المصاب كؤوس صبر (٥)

__________________

١ ـ ديوان الدمستاني وشعراء أخر طبع النجف ص ٣٦٩.

٢ و ٣ ـ في ديوان الدمستاني وشعراء أخر المسمى بـ ( نيل الاماني ).

٤ و ٥ ـ مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي.

١٧٤

الأمير الحسين الكوكباني

المتوفى ١١١٢

الأمير السيد الحسين بن عبد القادر الكوكباني من أعلام اليمن توفي يوم السبت الثاني عشر من ريبع الآخر سنة اثنتي عشرة وماية وألف وشعره كثير مشهور ، وجمع ديوانه أخوه محمد بن عبد القادر بعد موته ، ومن شعره :

خفف على ذي لوعة وشجوني

واحفظ فؤادك من عيون العين

إلى أن يقول :

ويلاه من لاقى الجواب وكربها

يا كربلا أرضيتِ قتل حسين

أقول : وممن تخلص من الغزل إلى الرثاء قول من قال :

في خدك الشفق القاني بدى وعلى

قتل الحسين دليل حمرة الشفق

وقال :

في خدك الشفق القاني وفيه على

قتل الحسين كما قالوا علامات

سئل الإمام أبو الفرج بن الجوزي (١) ما الحكمة في ظهور الحمرة في

__________________

١ ـ هو عبد الرحمن بن علي البكري الحنبلي ينتهي نسبه الى القاسم بن محمد بن أبي بكر واعظ العراق ورأس الاذكياء ، له مؤلفات مشهورة لا تكاد تخلو المكتبات من بعضها. توفي سنة ٥٩٧ هـ.

١٧٥

آفاق السماء بعد قتل الحسين عليه‌السلام فقال :

ان أحدنا إذا غضب احمر وجهه ، والباري تعالى ينزّه عن الجسمية فأظهر الحمرة في سمائه علامة لغضبه على قتل ابن بنت نبيه (١).

أقول وفي نسمة السحر تعليقاً على ما مرّ : رأيت القاضي الأديب يوسف ابن علي الكوكباني أورد في كتابه ( طوق الصادح ) تشكيكاً منه على من زعم ان الشفق إنما ظهر بعد مظلومية الإمام الحسين (ع) وان الشارع عليه‌السلام جعله علامة للعشا وتركه معضلا ، وقد رأيت أنا مثله سؤالاً قديماً لبعض الشافعية العلماء وقد أجيب عنه : ان الذي كان قبل شهادة الإمام وجعل علامة دخول العشاء هو الابيض من الشفق أو انه كان قليلاً ثم زاد بعد هذه الحادثة ، وما كنت أحب للقاضي الاديب إيراد مثل هذا فانه حقق ما كان يتهم به من الانحراف عن أهل البيت ، لا جرم انه جرى عليه ما جرى من الحبس والاهانة. انتهى

وقد تواتر ظهور هذه الحادثة بعد استشهاد الحسين (ع) أقول ومن المناسب هنا أن أذكر ما أنشدني العلامة الشيخ عبد الحسين الحويزي لنفسه :

كل شيء في عالم الكون أرخى

عينه بالدموع يبكي حسينا

نزّه الله عن بكاً ، وعليٌ

قد بكاه وكان لله عينا

__________________

١ ـ رواها سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص.

١٧٦

السيد علي خان المدني

المتوفى ١١٢٠

أليلة الحشر لا بل يوم عاشور

ونفخة الصور لا بل نفث مصدور

يوم به اهتزّ عرشُ الله من حزن

على دم لرسول الله مهدور

يوم به كُسفت شمس العلا أسفاً

وأصبح الدين فيه كاسف النور

يومٌ به ذهبت أبناءُ فاطمة

للبين ما بين مقتولٍ ومأسور

فأي دمع عليه غير منهمل

وأي قلب عليهم غير مفطور

ولوعة لا تزال الدهر مسعرة

بين الجوانح ناراً ذات تسعير

لرزء أبلج في صمّاء ساحته

من نبعة المجد والغرّ المشاهير

مولىً قضى الله تنويهاً بإمرته

فراح يقضي عليه كل مأمور

لله ملقى على البوغاء مطرحاً

كاسٍ من الحمد عارٍ غير مستور

قضى على ظمأ ما بلّ غلّته

إلا بكل أبلّ الحد مأتور

يا وقعة الطف خلدت القلوب أسى

كأنما كل يوم يوم عاشور

يا وقعة الطف أبكيت الجفون دماً

ورعتِ كل فؤاد غير مذعور

يا وقعة الطف كم أضرمت نار جوى

في كل قلب من الأحزان مسجور

__________________

١ ـ عن ديوانه المخطوط في مكتبة المدرسة الشبرية بالنجف الاشرف نسخة فريدة.

١٧٧

يا وقعة الطف كم أخفيتِ من قمر

وكم غمرتِ أبيا غير مغمور

يا وقعة الطف هل تدرين أي فتى

أوقعتهِ رهن تعقير وتعفير

يا وقعة الطف هل تدرين أيّ دمٍ

أرقته بين خُلف القول والزور

لا كان يومك في الأيام إن لهُ

في كل قلب لجرحاً غير مسبور

كم من فتىً فيك صبح المجد غرّته

أضحى يُحكّم فيه كل مغرور

وكم رؤوس وأجسام هنالك قد

أصبحن ما بين مرفوع ومجرور

لهفي عليهم وقد شالت نعامتهم

وأوطنوا ربع قفرٍ غير معمور

فقل لمن رام صبراً عن رزيتهم

اليك عني فما صبري بمقدور

أيذخرُ الحزن عن أبناء فاطمة

يوماً وهل منهم أولى بمذخور

مهما نسيت فلا أنسى الحسين لقىً

تحنو عليه ربى الآكام والتور

معفراً في موامي البيد منجدلاً

يزوره الوحش من سيدٍ ويعفور

تبكي عليه السماوات العلا حزناً

والأرض تكسوه ثوباً غير مزرور

يا حسرةً لغريب الدار مضطهد

يلقى العدا بعديد منه مكثور

يحمي الوطيس متى وافاه منتصراً

عليهم بخميس غير منصور

حتى إذا لم يكن من دونه وزرٌ

شفى الضغائن منه كل مأزور

فأين عين رسول الله ترمقه

لقىً على جانب للبين مهجور

وأين عين علي منه تلحظه

مقهور كل شقي الجدّ مقهور

وأين فاطمة الزهراء تنظره

وأهله بين مذبوح ومنحور

يا غيرة الله والاملاك قاطبة

بفادح من خطوب الدهر منكور

تسبى بناتُ رسول الله حاسرة

كأنهنّ سبايا قوم سابور

من كل طاهرة الاذيال ظاهرةٍ

ترمي العدا بعيون نحوها صور

من الفواطم في الاغلال خاشعة

يُحدى بهن على الاقتاب والكور

يَنعين يا جد نال القوم وترهم

منا وأوقع فينا كل محذور

١٧٨

يا جدّ صال الأعادي في بنيك وقد

ثوى الحسين ثلاثاً غير مقبور

وأودع الراس منه رأس عالية

وأوطيء الجسم منه كل محظير

هذا الحسين قتيلاً رهن مصرعه

يبكي له كل تهليل وتكبير

هذا الحسين ثوى بالطف منفرداً

تسفي عليه سوافي الترب والمور

هذي بناتك للأشهاد بارزة

يشهرن بين الاعادي أي تشهير

آه لرزئكم في الدهر من خبر

باق على صفحات الدهر مسطور

تبت يدا ابن زياد من غوي هوىً

ومارق في غمار الكفر مغمور

ارضى يزيد بسخط الله مجترءاً

وبرّ منه زنيماً غير مبرور

فهل ترى حين أمّ الغيّ كان رأى

دمَ الحسين عليه غير محضور

أتيت يابن زياد كل فادحة

بؤئت منها بسعي غير مشكور

بني أمية هبّوا لا أباً لكم

فطالب الوتر منك غير موتور

نسيتموا أم تناسيتم جنايتكم

فتلك والله ذنب غير مغفور

خصمتموا الله في أبناء خيرته

هل يخصم الله إذا كل مدحور

ورعتم بالردى قلب ابن فاطمة

وما رعيتم ذماماً جدّ مخفور

أبكيتم جفن خير المرسلين دماً

ورحتم بين مغبوطٍ ومسرور

إليكم با بني الزهراء مرثية

أصاخَ سمعاً إليها كل موقور

تجدد الحزن بالبيت العتيق بكم

ويحطم الوجد منها جانب الطور

عليكم صلوات الله ما هطلت

سحب وشقّ وميض قلب ديجور

١٧٩

السيد علي صدر الدين بن معصوم المدني

جاء في كتاب ( أعلام العرب ) ج ٣ ص ١٢٩ :

صدر الدين السيد علي خان المدني الشيرازي ابن نظام الدين أحمد بن محمد ابن معصوم بن نظام الدين أحمد بن ابراهيم بن سلام بن مسعود عماد الدين بن محمد صدر الدين بن منصور غياث الدين بن محمد صدر الدين وينتهي نسبه الشريف إلى زيد ابن الإمام علي بن الحسين بستٍ وعشرين واسطة .. وكانت أسرته من أشهر الأسر العلمية الجليلة في آفاق الحجاز والعراق وإيران ، وظهر فيها العدد الأكبر من أفذاذ المعرفة والفلسفة وأعلام العلم وقادة الكفر ومشاهير الفضل والأدب.

ولد السيد علي خان في المدينة سنة ١٠٥٢ هـ واشتغل بالعلم فيها ثم جاور بمكة ثم رحل إلى حيدر آباد الهند سنة ١٠٦٨ هـ وأقام بالهند ثماني وأربعين سنة قضاها جميعاً مكرماً معظماً عند أهلها وملوكها وقد ولي هناك عدة مناصب. ثم غادر الهند فتوجه لزيارة بيت الله الحرام مؤدياً فريضة الحج ، وورد بعد ذلك إيران فزار مشهد الإمام الرضا (ع) ، وأقام باصفهان مدة في عهد السلطان حسين الصفوي سنة ١١١٧ هـ ثم ترك اصفهان إلى شيراز وفيها ألقى عصا الترحال.

والسيد علي خان من أشهر رجالات البحث والعلم والتأليف وكان لمؤلفاته الغزيرة شهرة ذائعة ، ومكانة رائعة ، وتدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه وإحاطته ، مواصلة البحث طوال حياته بالاضافة إلى قوة شاعريته وبُعد شأوه فيها.

روى عن والده وغيره من أعلام عصره كما روى عنه جملة من العلماء

١٨٠