أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٥

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٣

يقول صاحب رياض العلماء : وكان رضي‌الله‌عنه أعبد أهل زمانه وأورعهم ومن تقواه انه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالابريسم ، وكان يخيط ثيابه بالقطن.

وقال الشيخ اغا بزرك الطهراني في الذريعة ـ قسم الديوان ـ وللشيخ فخر الدين الطريحي ثلاثة دواوين : كبير ، وأوسط ، وصغير.

وذكر جملة من سيرته وأحواله الاستاذ الخاقاني في شعراء الغري ج ٧ ص ٦٨.

١٢١

عبد الوهاب الطُريحي

أيها الراكب المجد إلى نحو

الإمام المضرّج المستظام

قف وخذ مني السلام إلى مولاي

رب الافضال والانعام

فلك الفوز في المعاد ويا بشراك

من ذي الجلال والاكرام

واذرف الدمع في الجفون ونادي

يا إمامي ويا بن خير الانام

إلى ان يقول :

آه واحسرتي لفقد وحيد

آه والنحر منه مخضوب دام (١)

__________________

١ ـ عن مجموعة خطية عند الاسره الطريحية انتخبنا منها هذه الأبيات.

١٢٢

الشيخ عبد الوهاب الطريحي

هو من الطريحيين الذين نزحوا من النجف إلى الحلة ولم تزل لهم فيها بقية إلى اليوم. وهو أخو الشيخ الأجل فخر الدين بن الشيخ محمد علي بن الشيخ أحمد الذي تقدمت ترجمته. ولم نقف على أثر أو ذكر لأخيه المترجم في المجاميع وكتب التراجم المتأخرة سوى أننا وقفنا على مؤلف له في مكتبة آل الطريحي سلك فيه طريقة أخيه فخر الدين في منتخبه جمع فيه الشيء الكثير من أحاديث أهل البيت وأخبار واقعة الطف التي نتلى عادة في المحافل الحسينية أيام عاشوراء وهو يصدّر تلك المواضيع بقصائد لمتقدمي الشعراء ومتأخريهم وجلّهم ممن عاصرهم أو قارب عصرهم كالسيد نعمان الاعرجي ، وابن عرندس ، والشفهيني ، وابن حماد ، وابن داغر ، وأمثالهم.

وإليك نص ما قاله في آخر الجزء الأول منه ( تمّ الجزء الأول من كتاب المراثي على التمام والكمال ونعوذ بالله من الزيادة والنقصان على يد العبد الذليل راجي عفو ربه الجليل عبد الوهاب بن محمد علي طريح النجفي المسلمي ووقع الفراغ من هذا الكتاب يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأولى سنة ١٠٧٦ من الهجرة النبوية في الحلة الفيحاء (١) ووجدت في مجموعة مخطوطة بمكتبة البحاثة السماوي كتبت في أخريات القرن الثاني عشر وفيها قصيدة واحدة في الرثاء تنيف على الأربعين بيتاً للشيخ عبد الوهاب المذكور انتخبنا منها ما يلي :

لست أنساه في الطفوف ينادي

يا لقومي وما له من محام

لهف نفسي عليه وهو وحيد

يتلظى من الظما والأوام

__________________

١ ـ أقول وقد استعرت هذه النسخة من الاديب البحاثة الشيخ عبد المولى الطريحي واستفدت منها.

١٢٣

لهف نفسي عليه إذ خرّ ملقى

ومضى المهر ناعياً للخيام

لهف نفسي عليه والشمر قد مكون

من نحره شبا الصمصام

بأبي رأسه المعلّى على الرمح

حكى في سناه بدر التمام

بأبي الطاهرات تحدو بهن الـ

ـعيس بين الوهاد والأكام

والامام السجاد يرفل بالقيد

فوا لهفتي لذاك الامام

يا ذوي البيت والمشاعر والحج

ونون وقاف والأنعام

أنتم حجة الإله على الخلق

وأنتم سفن النجا في القيام

أنتم عدتي غداً في معادي

وملاذي وملجأي واعتصامي

وصلوة الإله تترى عليكم

ما حدا الركب فوق عالي السنام

انتهى عن ( البابليات ) للخطيب الشيخ محمد علي اليعقوبي ج ٣ قسم ٢ ص ٢١١.

١٢٤

السيد معتوق الموسوي

المتوفى ١٠٨٧

هلّ المحرم فاستهلّ مكبّرا

وانثر به درر الدموع على الثرى

وانظر بغرّته الهلال إذا انجلى

مسترجعاً متفجّعاً متفكّرا

واقطف ثمار الحزن من عرجونه

وانحر بخنجره بمقلتك الكرى

وانس العقيق وأُنس جيرانِ النقا

واذكر لنا خبر الطفوف وماجرى

واخلع شعار الصبر منك وزر من

خلع السقام عليك ثوباً أصفرا

فثياب ذي الأشجان أليقها به

ما كان من حمر الثياب مزرّرا

شهرٌ بحكم الدهر فيه تحكّمت

شرّ الكلاب السود في أسد الشرى

لله أي مصيبةٍ نزلت به

بكت السماء لها نجيعاً أحمرا

خطب وهي الإسلام عند وقوعه

لبست عليه حدادها أم القرى

أو ما ترى الحرم الشريف تكاد من

زفراته الجمرات أن تتسعّرا

وأبا قبيس في حشاد تصاعدت

قبسات وجد حرّها يصلي حرا

علم الحطيم به فحطّه الأسى

ودرى الصفا بمصابه فتكدّرا

واستشعرت منه المشاعر بالبلا

وعفا مُحسّرها بهجوى وتحمّرا

قتل الحسين فيالها من نكبةٍ

أضحى لها الاسلام منهدم الذُرا

قتلٌ يدلك إنما سرّ الفدا

في ذلك الذبح العظيم تأخّرا

رؤيا خليل الله فيه تغيرت

حقّاً وتأويل الكتاب تفسّرا

١٢٥

رزء تدارك منه نفس محمّدٍ

كدراً وأبكى قبره والمنبرا

أهدى السرور لقلب هندٍ وابنها

وأساءَ فاطمةً وأشجى حيدرا

ويل لقاتله أيدري أنّه

عادى النبي وصنوه أم ما درى

شلّت يداه لقد تقمّص خزيةً

يأتي بها يوم الحساب مؤَزرا

حزني عليه دائم لا ينقضي

وتصبّري مني عليّ تعذرا

وارحمتاه لصارخاتٍ حوله

تبكي له ولوجهها لن تسترا

ما زال بالرمح الطويل مدافعاً

عنها ويكفلها بأبيض أبترا

ويصونها صون الكريم لعرضه

حتى له الأجل المتاح تقدرا

لهفي على ذاك الذبيح من القفا

ظلماً وظلّ ثلاثةً لن يقبرا

ملقى على وجه التراب تظنه

داود في المحراب حين تسوّرا

لهفي على العاري السليب ثيابه

فكأنّه ذو النون ينبذ بالعرا

لهفي على الهاوي الصريع كأنه

قمر هوى من أوجهِ فتكوّرا

لهفي على تلك البنان تقطّعت

ولو أنها اتصلت لكانت أبحرا

لهفي على العباس وهو مجندل

عرضت منيته له فتعثرا

لحق الغبار جبينه ولطالما

في شأوه لحق الكرام وغبّرا

سلبته أبناء اللئام قميصه

وكسته ثوباً بالنجيع معصفرا

فكأنما أثر الدماء بوجهه

شفق على وجه الصباح قد أنبرا

حرٌ بنصر أخيه قام مجاهداً

فهوى الممات على الحياة وآثرا

حفظ الإخاء وعهد فوفى له

حتى قضى تحت السيوف معفرا

من لي بأن أفدي الحسين بمهجتي

وأرى بأرض الطف ذاك المحضرا

فلو استطعت قذفت حبة مقلتي

وجعلت مدفنه الشريف المحجرا

روحي فدى الرأس المفارق جسمه

ينشي التلاوة ليله مستغفرا

١٢٦

ريحانة ذهبت نضارة عودها

فكأنها بالثرب تسقي العنبرا

ومضرّجٍ بدمائه فكأنما

بجيوبه فتّت مسكاً أذفرا

عضبٌ يد الحدثان فلّت غربه

ولطالما فلق الرؤوس وكسّرا

ومثقّفٍ حطم الحمام كعوبه

فبكى عليه كل لدن أسمرا

عجباً له يشكو الظماء وإنّهُ

لو لامس الصخر الأصم تفجّرا

يلج الغبارَ به جوادٌ سابحٌ

فيخوض نقع الصافنات الأكدرا

طلب الوصول إلى الورود فعاقه

ضرب يشب على النواصي مجمرا

ويل لمن قتلوه ظمأناً أما

علموا بأنّ أباه يسقي الكوثرا

لم يقتلوه على اليقين وإنما

عرضت لهم شبه اليهود تصورا

لعن الإله بني أمية مثلما

داود قد لعن اليهود وكفّرا

وسقاهم جرع الحميم كما سقوا

جرع الحمام ابن النبي الاطهرا

يا ليت قومي يولدون بعصره

أو يسمعون دعاءَه مستنصرا

ولو أنهم سمعوا إذاً لأجابه

منهم أسود شرّى مؤيدة القرى

من كل شهمٍ مهدوي دأبه

ضرب الطلا بالسيف أو بذل القرى

من كل أنملةٍ تجود بعارضٍ

وبكل جارحةٍ يريك غضنفرا

قوم يرون دم القرون مدامة

ورياض شر بهم الحديد الأخضرا

يا سادتي يا آل طه إنّ لي

دمعاً إذا يجري حديثكم جرى

بي منكم كاسمي شهاب كلما

أطفيته بالدمع في قلبي ورى

شرفتموني في زكيّ نجاركم

فدعيتُ فيكم سيداً بين الورى

أهوى مدائحكم فأنظم بعضها

فأرى أجل المدح فيكم أصغرا

ينحط مدحي عن حقيقة مدحكم

ولو انني فيكم نظمت الجوهرا

هيهات يستوفي القريض ثناءكم

لو كان في عدد النجوم واكثرا

١٢٧

يا صفوة الرحمن أبرأ من فتى

في حقكم جحد النصوص وأنكرا

وأعوذ فيكم من ذنوب أثقلت

ظهري عسى بولائكم أن تغفرا

فبكم نجاتي في الحياة من الأذى

ومن الجحيم إذا وردتُ المحشرا

فعليكم صلّى المهيمن كلما

كرّ الصباح على الدجى وتكوّرا (١)

__________________

١ ـ عن ديوانه المطبوع في بيروت.

١٢٨

السيد معتوق الموسوي ابن شهاب.

السيد الجليل شريف الحسب يرجع بنسبه إلى الإمام الكاظم عليه‌السلام من شعراء القرن الحادي عشر. ولد سنة ١٠٢٥ هـ. وهو من السادة أمراء الحويزة واعتنى ولده بشعره فجمعه وطبعه. كانت وفاته يوم الأحد لأربع عشر خلون من شوال سنة ١٠٨٧ هـ. وذكره الشيخ اغا بزرك في الذريعة ج ٩ قسم الديوان فقال : هو السيد شهاب الدين أحمد بن ناصر بن معتوق الموسوي الحويزي المتوفى يوم الأحد ١٤ شوال ١٠٨٧ عن اثنتين وستين سنة ، جمع الديوان ولد الناظم معتوق ابن شهاب الدين بعد فوت والده ورتبه على ثلاثة فصول : المدائح ، المرائي ، المتفرقات ، وصدره باسم السيد علي خان ابن خلف الحويزي. وطبع مرة على الحجر بمصر سنة ١٢٧١ واخرى على الحروف بمطبعة شرف سنة ١٣٠٢ واخرى بالاسكندرية سنة ١٢٩٠ ببيروت ١٨٨٥ م فمن شعره ما رواه الشبراوي في نفحة اليمن بقوله : للسيد الألمعي شهاب الدين بن معتوق الموسوي رحمه‌الله :

سفرت فبرقعها حجاب جمال

وصحت فرّنحها سلاف دلال

وجلت بظلمة فرعها شمس الضحى

فمحا نهار الشيب ليل قذالي

وتبسمت خلف اللثام فخلتها

غيماً تخلله وميض لآلى

ورنت فشدّ على القلوب باسرها

أسد المنية من جفون غزال

ما كنت أدري قبل سود جفونها

ان الجفون مكامن الآجال

بكرٌ تقوّم تحت حمر ثيابها

عرض الجمال الجوهر السيال

١٢٩

ريانة وهب الشباب أديمها

لطف النسيم ورقّة الجريال

عذبت مراشفها فأصبح ثغرها

كالأقحوان على غدير زلال

وسرى بوجنتها الحياء فاشبهت

ورداً تفتحّ في نسيم شمال

وسخا الشقيق لها بحبّة قلبه

فاستعملتها في مكان الخال

حتام يطمع في نمير وصالها

قلبي فنورده سراب مطال

علّت بخمر رضابها فمزاجها

لم يصح يوماً من خمار ملال

هي منيتي وبها حصول منيتي

وضياء عيني وهي عين ضلالي

أدنو اليها والمنية دونها

فأرى مماتي والحياة حيالي

تخفى فيخفيني النحول وتنجلي

فيقوم في البدر التمام ظلالي

علقت بها روحي فجردها الضنى

من جسمها وتعلّقت بشمالي

فلو انني في غير يومٍ زرتها

لتوهمتني زرتها بخيالي

لم يبق مني حبها شيئاً سوى

شوق ينازعني وجذبة حال

من لم يصل في الحب مرتبة الفنا

فوجوده عدم وفرض محال

فكري يصوّرها ولم ترغيرها

عيني ورسم جمالها بخيالي

بانت فما سجعت بلابل بانةٍ

إلا أبانت بعدها بليالي

أنا في غدير الكرختين ومهجتي

معها بنجد من ظلال الضال

حيّا الحيا حيّاً باكناف الحمى

تحميه بيض ظُبا وسمر عوالي

حيّاً حوى الأضداد فيه فنقعه

ليل يقابله نهار نصال

تلقى بكل من خدور سراته

شمس قد اعتنقت ببدر كمال

جمع الضراغم والمها فخيامه

كنس الغزال وغابة الرئبال

وسقى زمانا مرّ في ظهر النقا

ولياليا سلفت بعين أثال

ليلات لذات كأن ظلامها

خال على وجه الزمان الخالي

نظمت على نسق العقود فاشبهت

بيض اللآلى وهي بيض ليالي

١٣٠

خير الليالي ما تقدّم في الصبا

كم بين من جلّى وبين التالي

لله كم لك يا زماني فيّ من

جرح بجارحة وسهم وبال

صيّرتني هدفاً فلو يسقي الحيا

جدثي لانبت تربتي بنبال

ألفت خطوبك مهجتي فتوطنت

نفسي على الإقدام في الأهوال

وترفعت بي همتي عن مدحة

لسوى جناب أبي الحسين العالي

وقال كما في نفحة اليمن ص ١٢١ :

ضحكت فأبدت عن عقود جمان

فجلت لنا فلق الصباح الثاني

وتزحزحت ظلم البراقع عن سنا

وجناتها فتثلث القمران

وتحدثت فسمعت نطقاً لفظه

سحر ومعناه سلافة حاني

ورنت فخرقت القلوب بمقلة

طرف السنان وطرفها سيان

وترنمت فشدت حمائم حليها

وكذاك دأب حمائم الأغصان

عربية سعد العشيرة أصلها

والفرع منها من بني السودان

خود تصوّب عند رؤية خدها

آراء من عكفوا على النيران

يبدو محياها فلولا نطقها

لحسبتها وثناً من الأوثان

لم تصلب القرط البريء لغاية

إلا لتنصر دولة الصلبان

وكذاك لم تضعف جفون عيونها

إلا لتقوى فتنة الشيطان

خلخالها يخفى الانين وقرطها

قلق كقلب الصبّ في الخفقان

بخمارها غسق وتحت لثامها

شفق وفي أكمامها فجران

سبحان من بالخد صوّر خالها

فأزان عينَ الشمس بالإنسان

أمر الهوى قلبي يهيم بحبها

فاطاعها فنهيته فعصاني

هي في غدير الشهد تخزن لؤلؤا

واجاج دمعي مخرج المرجان

يا قلب دع قول الوشاء فانهم

لو انصفوك لكنت اعذر جاني

١٣١

أصحاب موسى بعده في عجلهم

فتنوا وأنت بأملح الغزلان

عذب العذاب بها لديّ فصحّتي

سقمى وعزّي في الهوى بهوان

لله نعمان الاراك فطالما

نعمت بها روحي على نعمان

وسقى الحيا منا كرام عشيرة

كفلوا صيانتها بكل يماني

أهل الحمية لا تزال بدورهم

تحمي الشموس بانجم خرساني

أسد تخوض السابغات رماحهم

خوض الأفاعي راكد الغدران

لانت معاطفهم وطاب أريجهم

فكأنهم قطب من الريحان

من كل واضحة كأن جبينها

قبس تقنّع في خمار دخان

ويلاه كم اشقى بهم وإلى متى

فيهم يخلّد بالجحيم جناني

ولقد تصفحت الزمان وأهله

ونقدت أهل الحسن والاحسان

فقصرت تشبيبي على ظبياتهم

وحصرت مدحي في عليّ الشان

فهم دعوني للنسيب فصغته

وأبو الحسين إلى المديح دعاني

يعني بهذا السيد علي خان بن خلف الحويزي المشعشعي الآتية ترجمته في الصفحة الآتية.

١٣٢

السيد علي خان المشعشعي

ألا عاد جرح القلب بعد اندماله

لرزء شجى قلب النبي وآله

اذا رمت أن أرنو هلال محرم

غدا دمع عيني حاجباً عن هلاله

فلا كان قلب حين هلّ ولم يذب

ولا كان جفن لم يجد بانهماله

كأني أرى منه الحسين وقد غدا

يذود العدى عن أهله وعياله

وقد نازل الأعداء حتى تبَينوا

نزال أبيه المرتضى بنزاله

وأصحابه من حوله فكأنهم

نجوم تحف البدر عنه كماله

وأبصر منه حين خرّ على الثرى

ثرى الطف تكسوه الصبا من رماله

ويذكرني هتك الخيام وسلبهم

بنات الهدى من بعد قتل رجاله

وتسييرها بين الخلائق حسراً

على كل صعب حاسر من رحاله

فلما أتوا شرّ البرايا بشامه

أبان سروراً شامتاً بمقاله

وقرّب راس السبط ينكت ثغره

وأبدى قبيحاً كامناً من فعاله

فكادت تميد الأرض من قبح فعله

وما نال من أهل الهدى بضلاله

فيا ويله لم يرع فيهم محمداً

ولم يخش من رب السما ونكاله

ويا ويحه ماذا أعدّ إذا دعا

آله الورى كل الورى لسؤاله (١)

__________________

١ ـ عن ديوانه المخطوط في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف ـ قسم المخطوطات ـ رقم : ٨٠١.

١٣٣

السيد علي خان المشعشعي الحويزي المتوفي ١٠٨٨.

ابن السيد خلف بن عبد المطلب بن حيدر بن محسن بن محمد الملقب بالمهدي ابن فلاح بن محمد بن أحمد ينتهي نسبه إلى الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام هو أحد حكام الحويزة. ذكره شيخنا الحر في أمل الآمل وقال : كان فاضلاً شاعراً أديباً جليل القدر له مؤلفات في الأصول والإمامة وغيرها وله ديوان شعر المسمى بـ ( خير جليس ونعم أنيس ) بخط الشيخ محمد السماوي وهو في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف.

ورأيت من مصنفاته كتاب ( خير المقال في فضل النبي والآل ) مخطوط في مكتبة صاحب الذريعة يحتوي على ثلاث مجلدات. رأيت المجلد الثالث في المكتبة المشار اليها يبدأ باحوال الامام الحسن الزكي ثم يذكر أحوال الحسين ويشير إلى جملة من القصائد التي نظمها في رثائه عليه‌السلام ويذكر مطلع كل قصيدة وبعض أبياتها ، وينتهي الكتاب باحوال الحجة المهدي عليه‌السلام. ويقول في آخره : قد وقع الفراغ من تأليف كتابنا المسمى بخير المقال في فضل النبي والآل في ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شهر شوال ثلاث وثمانين وألف.

أقول ورجعت إلى كتاب ( الذريعة ) ج ٧ فوجدت ما يلي : خير المقال في شرح القصيدة المقصورة في مدح النبي والآل كما ذكره في أمل الأمل وقال : هو في الأدب والنبوة والامامة للسيد علي خان الوالي الحويزي ابن السيد خلف بن عبد المطلب الموسوي المشعشعي المتوفى ١٠٨٨ كما ارخه حفيده وسميه في الرحلة المكية وترجمه صاحب الرياض وذكر انه يقرب من ثلاثة وستين الف بيت في أربع مجلدات صنفه في ستة أشهر ونصف ، شرع فيه منتصف ربيع الاول ١٠٨٣ وفرغ منه آخر رمضان قال : وهو شرح لقصائد في مدحهم.

قال الشيخ الطهراني في ( الذريعة ) عند ذكر ديوان السيد عليخان

١٣٤

المشعشعي : له ديوان عربي وفارسي. قال السيد شبر بن محمد بن ثنوان الحويزي في رسالته المؤلفة في نسب السيد عليخان الوالي ما لفظه : أنا لما اجتمعنا في زيارة رجب في سنة ١١٥٤ مع العالم اللبيب العارف الأديب الحاوي من الكمالات كل نفيس ، شيخنا المكرم الشيخ خميس الخلف ابادي ، ذكر أن الديوان الفارسي للسيد عليخان بن خلف غير ديوانه العربي انتهى.

أقول وفي الديوان المخطوط المشار اليه جملة من القصائد في الامام ابي عبد الله الحسين فمنها قصيدة أولها :

يا نجوماً لم ترض أفق السماء

كيف أضحت لقىً على البوغاء

وشموساً لم تنبعث لغروبٍ

قد كساها الكسوف في كربلاء

١٣٥

الحاج مؤمن الجزائري الشيرازي

قال يرثي الحسين عليه‌السلام وهي قطعة من قصيدة طويلة (١) :

جاء شهر البكاء فلتبكِ عيني

بدماء على مصاب الحسين

وإمام الانام من غيرِ مَين

وابن بنت الرسول قرّة عيني

آه واحسرتا لرزء الحسين

كم دماء في كربلاء أراقوا

وبدور قد اعتراها محاق

وسقوا طعم علقم لا يذاق

خير رهط على البرية فاقوا

آه واحسرتا لرزء الحسين

خطفتهم بروق بيض المنايا

وأصابتهم سهام البلايا

عن قسيّ الفضا فدعني ألأيا

لائمي في البكا لعظم الرزايا

آه واحسرتا لرزء الحسين

هم بدور وغربهم كربلاء

هالهم كرب أرضها والبلاء

خسفوا إذ لهم سنا واعتلاء

ما لهذي البدور منها انجلاء

آه واحسرتا لرزء الحسين

كم بها صادت البغاث نسورا

كم بها صارت السروج قبورا

__________________

١ ـ عن كتاب ( حديقة الافواح لازاحة الأتراح ) لمؤلفه أحمد بن محمد بن علي بن ابراهيم الانصاري اليمني الشرواني المتوفى سنة ١٢٥٠ هـ.

١٣٦

كم بها استوسد الكرام صخورا

كم بها رضّت الخيول صدورا

آه واحسرتا لرزء الحسين

وردته الخطوط منهم وقالوا

مِل الينا بسرعة ثم مالوا

عنه إذ حلّ في فناهم فحالوا

بينه والفرات ثم استطالوا

آه واحسرتا لرزء الحسين

ومنها في أنصار الحسين (ع) :

وعدوا النصر حين أعطوا عهودا

أوثقوا عقدها وصاروا أسودا

بذلوا دونه النفوس سعودا

حينما شاهدوا الجنان شهودا

آه واحسرتا لرزء الحسين

غاب فتيان أهله والكهول

فغدا السبط يشتكي ويقول

وله مدمع عليهم همول

هل بقي من يعين يا قوم قولوا

آه واحسرتا لرزء الحسين

لست أنسى الحسين فرداً وحيدا

وعداه سدّوا عليه الصعيدا

قصدوا بالنصال منه الوريدا

وسقوه الردى فأضحى شهيدا

آه واحسرتا لرزء الحسين

١٣٧

الحكيم الجزائري

مولده سنة ١٠٧٤ هـ

الحاج مؤمن ابن الحاج محمد قاسم ابن الحاج محمد ناصر ابن الحاج محمد الشيرازي المولد والمنشأ الجزائري الأصل ـ نسبته إلى جزائر خوزستان كان من العلماء العرفاء ، قرأ على المولى شاه محمد الشيرازي ووصفه في روضات الجنات بمولانا العالم العارف الجامع المؤيد البارع وقال : انه كان من أعاظم نبلاء عصر العلامة محمد باقر المجلسي الثاني له كتب مبسوطة في شرح منازل السائرين وذكر مقامات العارفين والسالكين ، له منية اللبيب في مناظرة المنجم والطبيب.

له شعر في مدح أمير المؤمنين علي ورثاء ولده الحسين عليهما‌السلام ومما ذكر السيد الأمين مضافاً إلى ما تقدم كتاب جامع المسائل النحوية في شرح الصمدية ومجالس الاخبار سبع مجلدات وبيان الاداب شرح على آداب المتعلمين النصيرية وتحفة الاحباء نظير الكشكول وتحفة الاخوان في تحقيق الاديان ومطلع السعدين.

وذكره في حديقة الافراح فقال : الحكيم محمد مؤمن بن محمد قاسم الجزائري الشيرازي أديب ماهر ، سيف ذهنه باتر حكيم حاذق ثاقب فهمه كاشف عن دقائق الحكمة والحقائق حاز حظاً وافراً من الكمالات وحيّر الافكار بما أبدع في صناعة السرقات ، مجاميعه كنوز الفوائد ومضامين رسائله فرائد.

وذكر الشيخ اغا بزرك الطهراني في الذريعة للمترجم له كتاب ( تعبير طيف الخيال في تحرير مناظرة العلم والمال ) هو شرح على طيف الخيال في المناظرة بين العلم والمال. والمتن والشرح كلاهما للمولى العارف الحاج محمد مؤمن

١٣٨

ابن الحاج محمد قاسم بن محمد ناصر بن محمد الجزائري الشيرازي المولد. ولد في ضحى السبت سابع عشر شهر رجب الاصب من سنة أربع وسبعين وألف. وقال هو في بعض مذكراته : سافرت نحو الهند في سلخ شهر ربيع الأول سنة اثنتين بعد ماية وألف ولي من العمر سبع وعشرون سنة ، ثم يذكر انه فرغ من تأليف الشرح المذكور سنة ١١١٩ بالهند وله يومئذ خمس وأربعون سنة ثم بعد ذلك شرع في المجلد الآخر من الشرح الضخم وهو نفس المناظرة بين العلم والمال. ويوجد له أيضاً : خزانة الخيال الذي فرغ من تأليفه في سنة ١١٣٠.

وذكر الشيخ له أيضاً كتاب تحفة الابرار في مناقب الأئمة الاطهار عليهم‌السلام وقال : حكى في نجوم السماء عن فهرس تصانيفه انه كتب هذا الشرح قبل بلوغه ثم كتب عليها حواشي دوّنها بنفسه وسماه بـ ( الدر المنثور ).

وفي حديقة الافراح قال ومن جيد شعره قوله مادحاً أمير المؤمنين علي بن أبي طالب :

دع الأوطان يندبها الغريب

وخلّ الدمع يسكبه الكثيبُ

ولا تحزن لا طلال ورسم

يهبّ بها شمال أو جنوب

ولا تطرب إذا ناحت حمام

ولاحت ظبية وبدا كثيب

ولا تصبو لرناث المثاني

وألحان فقد حان المشيب

ولا تعشق عذارى غانيات

يزين بنانها كف خضيب

ولا تلهو بحب صبيح وجه

شبيه قوامه غصن رطيب

ولا تشرب من الصهباء كأساً

يكون مديرها ساق أريب

ولا تصحب حميماً أو قريباً

فكل أخ يعادي أو يعيب

ولا تأنس بخل أو صديق

وذرهم إنهم ضبع وذيب

ولا تفرح ولا تحزن بشيء

فلا فرح يدوم ولا خطوب

١٣٩

ولا تجزع إذا ما ناب همٌ

فكم يتلو الأسى فرج قريب

وسكّن لوعة القلب المعنّى

وانشد حين يعروه الوجيب

عسى الهمّ الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

ولا تيأس فان الليل حُبلى

يكون ليومها شأن عجيب

وحسبك في النوائب والبلايا

مغيث مفزع مولى وهوب

جواد قبل أن يرجى بواسي

غياث قبل أن يأدعى يجيب

أمير المؤمنين أبو تراب

له يوم الوغى باع رحيب

عليه تحيتي ما جنّ ليل

وحنّ من النوى دنف غريب

١٤٠