نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٥

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٥

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-357-284-6
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٥٠٨

البحث الأوّل : في التراجيح الحاصلة بسبب الراوي

اعلم أنّ الترجيح لأحد الخبرين على الآخر بالنظر إلى الراوي إمّا أن يقع بكثرة الرواة ، أو بأحوالهم. أمّا الواقع بالكثرة فمن وجهين (١) :

الأوّل : أن يكون رواة أحدهما أكثر من رواة الآخر فيكون أرجح ، خلافا للكرخي ، لأنّ الظن الحاصل به أكثر من الآخر ، لأنّ احتمال وقوع الغلط والكذب على العدد الأكثر أقل من احتمال وقوعه في العدد الأقل ، إذ خبر كلّ واحد يفيد الظن والظنون المجتمعة أقوى من الواحد ، ولهذا لمّا كان الحد الواجب بالزنا من أكبر الحدود وآكدها جعلت الشهادة عليه أكثر عددا من غيره ، ولم يعمل أبو بكر بخبر المغيرة : «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطعم الجدّ السدس» ، حتى اعتضد بخبر محمد بن مسلمة.

الثاني : أن يكون أحد الخبرين أعلى إسنادا فإنّه أرجح من الآخر ، وإنّه كلّما كانت الرواة أقل كان احتمال الغلط والكذب أقل ، ومهما كان ذلك أقل كان احتمال الصحّة أظهر ، وحينئذ يجب العمل به ؛ فعلو الإسناد راجح من هذا الوجه ، إلّا أنّه مرجوح باعتبار ندوره.

وفيه نظر ، فإنّ احتمال الغلط والخطاء في العدد الأقل إنّما يكون أقل لو اتّحدت أشخاص الرواة في الخبرين أو تساووا في الصفات ، أمّا إذا تعدّدت أو كانت صفات الأكثر أكثر فلا.

__________________

(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٣.

٣٠١

وأمّا الواقعة بأحوال الراوي فهي : إمّا العلم ، أو الورع ، أو الذكاء ، أو الشهرة ، أو زمان الرواية ، أو كيفية الرواية.

أمّا الحاصلة بالعلم فمن وجوه (١) :

الأوّل : رواية الفقيه راجحة على رواية غيره مطلقا عند قوم وهو الحق ، لأنّه يميّز بين ما يجوز وما لا يجوز ، فإذا حضر المجلس وسمع كلاما لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه وسأل عن مقدّمته وسبب نزوله ، فيطّلع على سبب يزيل الإشكال. أمّا من لم يكن عالما فإنّه لا يعرف الجائز من غيره ، فينقل ما سمعه فربّما كان ذلك القدر وحده سببا للضلال.

وقال آخرون : هذا الترجيح إنّما يعتبر في خبرين مرويين بالمعنى ، أمّا اللفظ فلا. والحق ما تقدّم.

الثاني : رواية الأفقه راجحة على رواية الفقيه ، لأنّ احترازه عن الغلط أكثر ، فالظن الحاصل بخبره أقوى.

الثالث : العالم بالعربية أرجح رواية من غيره ، لتمكّنه من التحفّظ عن مواقع الزلل ، وقدرته على ما لا يقدر غيره عليه. وقيل : بل غيره أرجح ، لأنّ العارف بالعربية يعتمد على معرفته فلا يبالغ في الحفظ اعتمادا على خاطره ، والجاهل يكون خائفا فيبالغ في الحفظ.

وفيه نظر ، فإنّ معرفته تقتضي اختلاف دلالات الألفاظ باختلاف

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.

٣٠٢

أحوالها وتغيّر المعاني بتغيّر أدنى سبب في إعرابها ، وتشوقه إلى تحقيق ما يسمعه أكثر من الجاهل بالفرق بين المعاني المختلفة بسبب تغير الإعراب.

الرابع : رواية الأعلم بالعربية راجحة على رواية العالم بها ، لأنّ ظن احترازه أقوى.

الخامس : أن يكون أحدهما صاحب الواقعة فتترجح روايته على رواية الآخر. كما روت ميمونة قالت تزوجني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن حلالان. فإنّها مقدّمة على رواية ابن عباس : انّه نكحها وهو حرام. (١) لكونها أعرف بحال العقد من غيرها ، لشدة اهتمامها به. خلافا للجرجاني من الحنفية.

السادس : أن يكون أحدهما مباشرا والآخر غير مباشر فالمباشر أولى ، لأنّه أعرف بما روى. كرواية أبي رافع أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكح ميمونة وهو حلال ، فإنّه راجح على رواية ابن عباس ، لأنّ أبا رافع كان هو السّفير بينهما والقابل نكاحها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان أعرف بالقضية ؛ ولهذا رجّحنا حديث عائشة وأوجبنا الغسل من التقاء الختانين على رواية غيرها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّما الماء من الماء» ، لأنّ عائشة مباشرة ، فكانت أشد علما بذلك. (٢)

السابع : الّذي يسمع مشافهة أرجح رواية من غيره. كرواية القاسم بن

__________________

(١) سنن الدارمي : ٢ / ٣٨ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٤١٣ برقم ١٨٤٣ و ١٨٤٤ ؛ سنن البيهقي : ٧ / ٢١١ ، باب نكاح المحرم ؛ الإحكام : ٤ / ٢٥٣.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٥٣ ؛ ورود باختلاف في سنن البيهقي : ٥ / ٦٦ وج ٧ / ٢١٠.

٣٠٣

محمد بن أبي بكر (١) عن عائشة أنّ بريرة عتقت وكان زوجها عبدا ، فإنّها راجحة على رواية الأسود فإنّه روى عنها أنّه كان حرّا ، لأنّها عمة القاسم بخلاف الأسود فإنّه سمع من وراء الحجاب. (٢)

الثامن : أن يكون أحدهما أقرب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند سماعه. كرواية ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أفرد وكان تحت ناقته حين لبى. (٣)

التاسع : رواية من مجالسته للعلماء أكثر راجحة على رواية غيره ، لتفطّن الأوّل لما لا يتفطّن له الآخر ، فيقوى الظن بخبر الأوّل على الظن بخبر الثاني.

العاشر : رواية من مجالسته للمحدثين أكثر أرجح من رواية غيره.

الحادي عشر : من طريقه أقوى أرجح رواية إذا روى ما يقلّ اللبس فيه. كما إذا روى أنّه شاهد زيدا وقت الظهر بالبصرة ، وروى الآخر أنّه رآه في ذلك اليوم ببغداد. فالأوّل أرجح ، لأنّ تطرق الاشتباه إلى الثاني أكثر.

وأمّا الحاصلة بالورع فمن وجوه (٤) :

__________________

(١) القاسم بن محمد بن أبي بكر عدّه الشيخ تارة في أصحاب السجاد عليه‌السلام ، وأخرى في أصحاب الباقر عليه‌السلام ، وذكره البرقي في أصحاب الصادق ، وهو جد الإمام الصادق عليه‌السلام لأمّه أم فروة ، أحد الفقهاء السبعة في المدينة ، ولد فيها وتوفي بقديد (بين مكّة والمدينة) حاجّا أو معتمرا ، كان صالحا ثقة من سادات التابعين. معجم رجال الحديث : ١٥ / ٤٨ برقم ٩٥٥٨ ؛ الأعلام : ٥ / ١٨١.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٥٧. ولم نعثر عليها في المصادر الحديثية.

(٣) الإحكام : ٤ / ٢٥٣. ولم نعثر عليها في المصادر الحديثية.

(٤) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٥.

٣٠٤

الأوّل : رواية الأعدل أرجح من رواية العدل ، لأنّ الظن بقول الأوّل أقوى.

الثاني : رواية من عرفت عدالته بالاختبار أرجح من رواية مستور الحال عند من يقبل روايته.

الثالث : رواية من عرفت عدالته بالاختبار أولى من رواية من عرفت عدالته بالتزكية ، لإمكان غلط المزكّي وخطائه.

الرابع : رواية من زكّاه كثير أولى من رواية من زكّاه قليل.

الخامس : رواية من عرفت عدالته بتزكية من يكثر بحثه عن أحوال الرجال ويداوم على التطلّع عليها أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية من ليس كذلك.

السادس : رواية من عرفت عدالته بتزكية الأعلم الأزهد أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية العالم الزاهد.

السابع : رواية من ذكر المزكّي سبب عدالته أرجح من رواية من أطلق المزكّي العدالة.

الثامن : رواية من استندت تزكيته إلى عمل المزكّي بخبره أولى من رواية من استندت تزكيته إلى الرواية عنه.

التاسع : رواية العدل غير المبتدع أرجح من رواية العدل المبتدع وإن لم توجب بدعته كفرا.

٣٠٥

وأمّا الحاصلة بسبب الذكاء فوجوه (١) :

الأوّل : رواية زائد الضبط ، الأقل نسيانا أرجح من رواية ضده.

الثاني : لو كان أحدهما أشدّ ضبطا لكنّه أكثر نسيانا ، والآخر أضعف ضبطا لكنّه أقل نسيانا ، ولم تكن قلة الضبط ولا كثرة النسيان مانعة من قبول خبره ، قيل يتعارضان ، ويحتمل ترجيح الأوّل.

الثالث : أن يكون أحدهما أقوى حفظا لألفاظ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه أرجح من غيره ، إذ الحجّة في قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الرابع : الجازم بالرواية أولى من الظان.

الخامس : دائم سلامة العقل من الاختلال أرجح رواية ممّن يعتوره اختلاط العقل ، إذا لم يعرف أنّه أدّى الخبر حال سلامة العقل أو حال الاختلال.

السادس : رواية حافظ الحديث أرجح من رواية المعول على المكتوب ، لأنّه أبعد من الشبهة ، ويحتمل الضد.

السابع : رواية ذاكر الحديث راجحة على رواية المستند إلى خط.

وأمّا الحاصلة بسبب شهرة الراوي فأمور (٢) :

أحدها : رواية الكبير من الصحابة أو غيرهم أرجح من غيره في طبقته ،

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٦.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧.

٣٠٦

لأنّ دينه كما يمنعه من اعتماد الكذب كذا علو منصبه يمنعه منه أيضا ، ولهذا كان علي عليه‌السلام يحلّف بعض الرواة دون أبي بكر.

ثانيها : غير المدلّس أرجح من المدلّس.

ثالثها : صاحب الاسمين مرجوح بالنسبة إلى صاحب الاسم الواحد.

رابعها : رواية معروف النسب راجحة على رواية المجهول.

خامسها : رواية غير المتلبّس برجال ضعفاء أرجح من رواية من تلبّس اسمه باسم رجال ضعفاء مع صعوبة التمييز بينهم.

وأمّا التراجيح المستندة إلى زمان الرواية فأمور (١) :

الأوّل : رواية البالغ في جميع زمان الرواية أرجح من رواية الصّبي في بعض أوقات الرواية البالغ في الآخر.

الثاني : رواية البالغ وقت التحمّل والرواية أرجح من رواية المتحمّل وقت الصغر والكبر إذا لم يرو إلّا حالة البلوغ.

الثالث : من انتفى عنه احتمال هذين الوجهين أرجح رواية ممّن يحتمل فيه الوجهان.

وأمّا التراجيح العائدة إلى كيفية الرواية فأمور (٢) :

أحدها : أن يقع الخلاف في أحدهما أنّه موقوف على الراوي أو مرفوع

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

٣٠٧

إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالمتّفق على رفعه أرجح.

ثانيها : الخبر المنسوب إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولا أرجح من المنسوب إليه اجتهادا ، بأن يروي أنّه وقع ذلك في مجلس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم ينكر عليه ، فالأوّل أولى ، لقلة الاحتمال فيه وعدم الخلاف عنه.

ثالثها : المقترن بالسبب بأن يذكر الراوي سبب نزول ذلك الحكم أرجح من المجرد عنه ، لشدة اهتمام الأوّل بمعرفة ذلك الحكم بخلاف الثاني.

رابعها : الخبر المنقول بلفظه راجح على المنقول معناه خاصة وعلى ما يحتمل انّه نقل معناه ، للإجماع على قبول الأوّل والخلاف في الثاني ، ولأنّ تطرّق الغلط إلى الثاني أكثر ، فالظنّ فيه أضعف.

خامسها : المعتضد بحديث سابق أرجح من غيره.

سادسها : إذا أنكر الراوي الأصلي الرواية عنه كان مرجوحا بالقياس إلى ما لا يكون كذلك. وقد تقدّم تفصيل القول فيه.

سابعها : المسند أرجح من المرسل إن عملنا (١) بالمرسل على المذهب الحق. وقال عيسى بن أبان : المرسل أولى ، وقال القاضي عبد الجبار بالتساوي.

لنا : إنّ المرسل عدالته معلومة لرجل واحد وهو الراوي عنه ، والمسند

__________________

(١) في «أ» و «ب» و «د» : علمنا ، وفي المحصول : قبلنا.

٣٠٨

عدالته معلومة لكلّ أحد لتمكن كل واحد من البحث عنه وعن سبب جرحه وعدالته ، ومعلوم رجحان رواية من علمت عدالته عند الجميع على رواية من اختصت المعرفة بعدالته لرجل واحد ، فإنّ العدالة من الأمور الباطنة قد تخفى على شخص واحد ويبعد خفاؤها عن الأكثر.

احتجّ المخالف بوجهين (١) :

الأوّل : الثقة لا يسند القول إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويشهد به إلّا مع القطع والجزم أو مقاربة بأنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك ، بخلاف ما إذا استند وذكر الواسطة فإنّه لم يحكم على ذلك الخبر بالصحّة ، ولم يزد على الحكاية بأنّ فلانا زعم أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك ، فكان الأوّل أولى.

الثاني : قال الحسن البصري : إذا حدّثني أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحديث تركتهم وقلت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فأخبر عن نفسه أنّه لا يستجيز هذا الإطلاق إلّا مع شدة الوثوق.

والجواب عن الأوّل : أنّ قول الراوي : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا ، يقتضي ظاهره الجزم بصحّة خبر الواحد ، وهو جهل غير جائز فلا يمكن إجراؤه على ظاهره ، فيحمل على إرادة الظّن أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك أو سمعت أو رويت ، كان الإسناد المشتمل على ذكر الراوي أولى لمعرفة عدالته للكلّ.

وهو الجواب عن الثاني [بعينه].

واعلم أنّ رجحان المرسل على المسند إنّما يصحّ لو قال الراوي : قال

__________________

(١) ذكرهما الرازي مع الإجابة عنهما في المحصول : ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

٣٠٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا لو قال : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه لا يترجّح ، لأنّه في معنى قوله روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[و] لو كان أحد الراويين لا يرسل إلّا عن عدل وعرف منه ذلك ، والآخر لا يعرف منه ذلك ؛ فالأوّل أرجح ، وهذا يختص بالأخبار المرسلة. وقد رجّح قوم بالحرية والذكورة قياسا على الشهادة ولا بأس به.

البحث الثاني : في الترجيح المستند إلى حال ورود الخبر

وهو من وجوه (١) :

الأوّل : إذا كان أحد الخبرين أو الآيتين مدنيا والآخر مكّيّا قدّم المدني ، لأنّ غالب المكّي وقع قبل الهجرة والمدني متأخّر عنها ، والمكّي المتأخّر عن المدني قليل ، والقليل ملحق بالكثير ، فيكون العمل على المدني لظن تأخّره ، فيكون ناسخا.

الثاني : الوارد بعد قوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشدّة شوكته وعلو شأنه راجح على الخبر الّذي لا يكون كذلك ، لتأخّر الأوّل فيكون العمل عليه ، لأنّ علو شأنه كان في آخر زمانه ، فقد يتضمّن الخبر الوارد بعد علو شأنه ما يقتضي تأخّره عن الأوّل.

وفصّل آخرون فقالوا : إن دلّ الأوّل على علو الشأن والثاني على الضعف كان الأوّل مقدّما ، أمّا إن لم يدلّ الثاني لا على القوة ولا

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٩ ـ ٤٦١.

٣١٠

على الضعف فمن أين يجب تقديم الأوّل عليه.

وفيه نظر ، لأنّ الأوّل معلوم أنّه في آخر وقته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والثاني مشكوك فيه ، والمعلوم مقدّم على المظنون.

الثالث : أن يكون راوي أحدهما متأخّر الإسلام ويعلم أنّ سماعه حصل بعد إسلامه ، وراوي الآخر متقدّم الإسلام ، فيقدّم الأوّل ، لأنّه أظهر تأخّرا.

وقيل : إذا كان المتقدّم موجودا مع المتأخّر لم يمنع تأخّر روايته عن رواية المتأخّر ، وهو حسن. أمّا إذا علم موت المتقدّم قبل إسلام المتأخّر ، أو علمنا أنّ أكثر روايات المتقدّم متقدّمة على روايات المتأخّر حكم بالرجحان ، لأنّ النادر ملحق بالغالب.

الرابع : أن يحصل إسلام الراويين معا ، كإسلام خالد وعمرو بن العاص ، لكن يعلم أنّ سماع أحدهما بعد إسلامه ولا يعلم ذلك في سماع الآخر ، فيقدّم الأوّل لظهور تأخّره.

الخامس : المؤرّخ مقدّم على المطلق لظهور تأخّره.

وفيه نظر ، لإمكان تأخّر المطلق. نعم لو كان المؤرّخ في آخر زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه أولى من المطلق بظن تأخّر الأوّل.

السادس : أن يكون أحدهما مؤقّتا بوقت متقدّم والآخر مطلق ، فالمطلق أرجح ، لأنّه أشبه بالمتأخّر.

٣١١

السابع : إذا وردت حادثة كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغلظ فيها زجرا لهم عن العادات القديمة ثمّ خفف فيها نوع تخفيف قيل : يرجّح التخفيف على التغليظ لظهور تأخّره. ويضعف بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يغلظ آخر أمره عند علو شأنه ، فيظن تأخيره حينئذ.

الثامن : العموم الوارد ابتداء أرجح من العموم الوارد على السبب ، لوقوع الخلاف في أنّ الثاني هل هو مقصور على سببه أو لا؟ وهو وإن كان ضعيفا إلّا أنّه مرجّح. وهذه الوجوه ضعيفة الترجيح.

البحث الثالث : فيما يرجع إلى اللفظ

وهو على وجوه (١) :

الأوّل : الفصيح راجح على الركيك ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أفصح العرب. وردّ بعضهم الركيك لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفصاحته لا يتكلّم بغير الفصيح ، ومنهم من قبله وحمل الركيك على أنّ الراوي رواه بلفظ نفسه. وعلى كلّ تقدير فالفصيح راجح عليه إجماعا.

الثاني : قال بعضهم : الأفصح يقدّم على الفصيح. وليس بمعتمد ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتكلّم بهما معا ، وكذا وجد في القرآن العزيز.

الثالث : الخاص مقدّم على العام. وقد تقدّم.

الرابع : قيل : الحقيقة تقدّم على المجاز ، لأنّ دلالتها أظهر فإذا اشتمل

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦١ ـ ٤٦٤.

٣١٢

أحد الخبرين على الحقيقة والآخر على المجاز ، قدّم الأوّل. وهو ضعيف ، لأنّ المجاز الراجح أظهر في الدلالة من الحقيقة المرجوحة ، ولأنّ المجاز الّذي هو الاستعارة أظهر دلالة من الحقيقة ، فإنّ قولنا : فلان ينحر أقوى دلالة من قولنا : يضحي.

الخامس : أن يكونا حقيقتين إلّا أنّ أحدهما أظهر في المعنى ، لكثرة ناقليه ، أو لكون ناقله أقوى وأتقن من غيره أو لغير ذلك والترجيحات العائدة إلى الراوي آتية هنا.

السادس : أن يكون وضع أحدهما على مسمّاه مجمعا عليه ووضع الآخر مختلف فيه ، فالأوّل أرجح.

السابع : المستغني عن الإضمار أرجح من المفتقر إليه.

وفيه نظر ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتكلّم بهما معا.

الثامن : الدالّ على المقصود منه بالوضع الشرعي أو العرفي أولى من الدالّ عليه بالوضع اللغوي. والوجه أن يقال : حمل اللفظ الّذي صار شرعيا في غير ما وضع له في اللغة على الشرعي أولى من حمله على اللغوي ، لأنّ اللغوي منسوخ حينئذ. أمّا الّذي ليس كذلك مثل أن يكون لفظ يدلّ بوضعه الشرعي على حكمه ولفظ آخر يدلّ بوضعه اللغوي على حكمه ، ولا عرف للشرع في هذا اللفظ فإنّه لا يترجّح الأوّل عليه ، لأنّ هذا اللغوي حيث لم ينقله الشرع يكون لغويا عرفيا شرعيا. والأوّل شرعي لا غير ، والنقل على خلاف الأصل فلا ترجيح حينئذ.

٣١٣

التاسع : أكثر المجازين شبها بالحقيقة أرجح من مقابله.

العاشر : إذا تعارض خبران ولا يمكن العمل بأحدهما إلّا بمجازين ويمكن العمل بالآخر بمجاز واحد ، كان الثاني أولى لقلّة مخالفته للأصل.

الحادي عشر : ما لم يدخله التخصيص أرجح ممّا دخله ، لصيرورة الثاني مجازا بخلاف الأوّل لبقائه في تمام مسمّاه.

الثاني عشر : الدالّ على المراد بوجهين أرجح ممّا يدل بوجه واحد ، لأنّ الظنّ الحاصل منه أقوى.

وفيه نظر ، فإنّ قوة الدلالة لا توجب التأخير في التاريخ.

الثالث عشر : الحكم إذا اقترن بالعلّة كان راجحا على المنفرد عنها ؛ ومن هذا الباب أن يقترن أحدهما بالمعنى المناسب والآخر يكون معلّقا بمجرد الاسم ، فإنّ الأوّل أولى.

الرابع عشر : أن يكون أحدهما تنصيصا على الحكم مع اعتباره بمحلّ الآخر والآخر ليس كذلك ، يقدّم الأوّل في المشبّه والمشبّه به معا ، لأنّ اعتبار محلّ بمحلّ إشارة إلى وجود علّة جامعة. كقول الحنفي في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» (١) كالخمر يتخلّل فيحلّ ، رجّحناه في المشبّه على قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» (٢) ، وفي

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٢١٩ و ٢٧٠ و ٣٤٣ ؛ سنن الدارمي : ٢ / ٨٥ ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٩٣ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ١٣٥ برقم ١٧٨٢ ؛ سنن النسائي : ٧ / ١٧٣.

(٢) مسند أحمد : ٤ / ٣١٠ و ٣١١ ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٩٤ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٢٧٤ و ٢٧٥ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ١٣٦ ؛ سنن النسائي : ٧ / ١٧٥.

٣١٤

المشبّه به في مسألة تخليل الخمر على قوله : «أرقها».

الخامس عشر : المؤكّد أرجح من غيره كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا». (١)

السادس عشر : أن يكون أحدهما تنصيصا على الحكم مع ذكر المقتضي لضدّه كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» (٢) فإنّه مقدّم على ما ليس كذلك ، لدلالة اللفظ على ترجيح مدلوله على ضده ، ولأنّ تقديمه يقتضي وحدة النسخ وتقديم ضده يقتضي تعدّده مرّتين والأوّل أولى.

السابع عشر : المقترن بتهديد مقدّم على غيره كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» (٣). وكذا ما كثر التهديد فيه راجح على ما قلّ فيه.

الثامن عشر : الدليل المقتضي للحكم بغير واسطة راجح على ما يقتضيه بواسطة ، كما إذا كانت المسألة ذات صورتين فالمعلّل إذا فرض الكلام في صورة وأقام الدليل ، فالمعترض إذا أقام الدليل على خلافه في الصورة الثانية ثم توسّل إلى الصورة الأخرى بواسطة الإجماع يقول المعلّل : دليلي أرجح ،

__________________

(١) سنن أبي داود : ٢ / ٩٨ ؛ سنن البيهقي : ١٠ / ٤٧ و ٤٨ ؛ مجمع الزوائد : ٤ / ١٨٢ ؛ كنز العمال : ٤ / ٤٣٨ و ٤٤٣.

(٢) مستدرك الحاكم : ١ / ٣٧٤ و ٣٧٦ ؛ المعجم الأوسط : ٣ / ٢١٩ ؛ الجامع الصغير : ٢ / ٢٩٧ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٤٥ وج ٢ / ٦١ ؛ بحار الأنوار : ١٠ / ٤٤١ وج ٩٦ / ٢٨٦.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٢٢٩ ، كتاب الصوم ؛ مستدرك الحاكم : ١ / ٤٢٤ ؛ سنن البيهقي : ٤ / ٢٠٨.

٣١٥

لأنّه بغير واسطة ودليل المعترض بواسطة. والأوّل راجح ، لأنّ كثرة الوسائط الظنّية تقتضي كثرة الاحتمالات ، فيكون مرجوحا.

التاسع عشر : المنطوق مقدّم على المفهوم إن قلنا بأنّه حجّة ، لأنّ المنطوق أقوى دلالة على الحكم من المفهوم.

العشرون : يرجّح المجاز على المجاز الآخر لشهرته أو قوته أو قرب جهته أو رجحان دليله أو شهرة استعماله.

الحادي والعشرون : المجاز راجح على المشترك. وقد تقدم الخلاف فيه.

الثاني والعشرون : الحقيقة المشهورة أرجح من غيرها.

الثالث والعشرون : إذا كان أحد الخبرين قد اشتمل على لفظ موضوع في اللغة لمعنى والشارع قد استعمله في ذلك المعنى ، والآخر قد اشتمل على لفظ قد وضعه الشارع لمعنى من غير وضع أهل اللغة له ، فالأوّل راجح ؛ لأنّ الأصل موافقة الشرع اللغة. وهذا بخلاف ما إذا كان اللفظ واحدا منفردا واستعمل في اللغة لمعنى وفي الشرع الآخر فإنّ المعهود من الشرع أنّه إذا أطلق اللفظ فإنّما يريد به معناه الّذي وضعه هو بازائه.

الرابع والعشرون : أن يدلّا بجهة الاقتضاء إلّا أنّ العمل بأحدهما في مدلوله لضرورة صدق المتكلّم أو لضرورة وقوع الملفوظ به عقلا والآخر لضرورة وقوع الملفوظ به شرعا ، فالأوّل أرجح ؛ لأنّ الخلف في كلام الشارع ومخالفة المعقول ممتنعان ، بخلاف مخالفة المشروع.

٣١٦

الخامس والعشرون : أن يدلّا بجهة التنبيه والإيماء إلّا أنّ أحدهما لو لم يفد كون المذكور علّة للحكم لكان ذكره عبثا وحشوا فإنّه راجح على الإيماء بما رتّب فيه الحكم بفاء التعقيب.

السادس والعشرون : أن يدلّا من حيث المفهوم إلّا أنّ أحدهما يدلّ من حيث مفهوم الموافقة والآخر بمفهوم المخالفة ، فالأوّل راجح للإجماع عليه بخلاف الثاني. وقيل : الثاني أولى ، لأنّ فائدة مفهوم الموافقة التأكيد وفائدة مفهوم المخالفة شرع الحكم ابتداء ، وهو أولى من التأكيد.

السابع والعشرون : الدال من حيث الاقتضاء راجح على الدال من قبيل الإشارة ، لترجّحها بقصد المتكلّم لها بخلاف الثاني.

الثامن والعشرون : دلالة الاقتضاء أرجح من دلالة الإيماء ، لتوقّف صدق المتكلّم أو مدلول منطوقه عليه بخلاف الثاني.

التاسع والعشرون : دلالة الاقتضاء أولى من دلالة المفهوم ، للإجماع على الأوّل والخلاف في الثاني.

الثلاثون : إذا كان العمل بأحدهما يقتضي تخصيص العام والعمل بالآخر يقتضي تأويل الخاصّ ، والأوّل أولى لكثرته بخلاف الثاني.

الحادي والثلاثون : إذا كان عموم أحدهما من قبيل الشرط والجزاء والآخر من قبيل النكرة المنفية وغيرها ، فالأوّل أولى ، لأنّ الشرط كالعلّة والمعلّل أولى من غيره.

٣١٧

الثاني والثلاثون : الجمع المفيد للعموم ، ومن وما أرجح دلالة على العموم من المعرّف بلام الجنس عليه ، للاتّفاق بين القائلين بالعموم في الأوّل دون الثاني.

الثالث والثلاثون : أن يكون أحدهما إجماعا والآخر نصا ، فالأوّل أولى للأمن من النسخ في الأوّل بخلاف الثاني.

الرابع والثلاثون : الإجماع راجح على غيره من الأدلّة.

البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى الحكم

وهي من وجوه (١) :

الأوّل : إذا كان أحد الخبرين مقرّرا لحكم الأصل وكان الآخر ناقلا عنه ، اختلفوا : فالأكثر ترجيح الناقل ، وقال بعضهم : بل المقرر أولى (٢).

احتجّ الأوّلون بوجهين (٣) :

أ. الناقل يستفاد منه ما لا يعلم إلّا منه والمقرّر حكم معلوم بالعقل ، فكان اعتبار الأوّل أولى.

ب. العمل بالناقل يقتضي تقليل النسخ ، لأنّه يقتضي إزالة حكم العقل فقط ؛ أمّا لو جعلنا المقرر متأخّرا تكثير النسخ ، لأنّ الناقل أزال

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٤ ـ ٤٦٩.

(٢) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٤.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٤٦٥.

٣١٨

حكم العقل ، ثمّ المقرر أزال حكم الناقل مرة أخرى.

اعترض على أ. لو جعلنا المبقي متأخّرا استفدنا منه ما لا يستقل العقل به ، ولو جعلناه متقدّما استفدنا منه ما يتمكّن العقل من معرفته.

وعلى ب. أنّ ورود الناقل بعد ثبوت حكم الأصل ليس بنسخ ، لأنّ دلالة العقل إنّما تقيّد بشرط عدم دليل السمع ، فإذا وجد انتفى دليل العقل ، فلا يكون الدليل السمعي رافعا لحكم العقل ، بل يكون مبيّنا لانتهائه ، فلا يكون ذلك خلاف الأصل.

ولأنّه معارض بأنّا لو جعلنا المبقي متقدّما لكان المنسوخ حكما ثبت بدليلين : العقل ، والسمع وهو أشدّ مخالفة ، لأنّه نسخ للأقوى بالأضعف.

احتجّ الآخرون بأنّ حمل الحديث على ما لا يستفاد إلّا من الشرع أولى من حمله على ما يستقلّ العقل بمعرفته ، إذ فائدة التأسيس أقوى من فائدة التأكيد ، وحمل كلام الشارع على ما هو أكثر فائدة أولى ، فلو جعلنا المبقي متقدّما على الناقل لكنّا قد جعلناه واردا حيث لا حاجة إليه ، لأنّا نعرف ذلك الحكم بالعقل. ولو جعلنا المبقي واردا بعد الناقل لكان واردا حيث يحتاج إليه ، فكان الحكم بتأخيره أولى.

تذنيب

قال قاضي القضاة (١) : العمل بالناقل كما ذهب إليه الجمهور ، أو

__________________

(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.

٣١٩

بالمنفي كما ذهب إليه الآخرون ، ليس من باب الترجيح لوجهين :

أ. أنّا نعمل بالناقل على أنّه ناسخ ، والعمل بالناسخ ليس من باب الترجيح.

ب. لو كان العمل بالناقل ترجيحا لوجب العمل بالآخر لولاه ، لأنّه حكم كل خبرين رجح أحدهما على الآخر. ومعلوم أنّه لو لا الناقل لكنّا عاملين بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل لا للخبر. (١)

واعترض على أ. بأنّ النسخ يلزم لو علمنا تأخّر الناقل لكنّا لا نقطع بذلك ، بل نقول : الظاهر بآخره مع جواز خلافه ، فهو حينئذ داخل في باب الأوّل ، وهذا ترجيح.

وعلى ب. بأنّه لو لا الناقل لعلمنا بالآخر لأجله ، لأنّا نجعله حكما شرعيا ، ولهذا لا يصحّ رفعه إلّا بما يصحّ النسخ به ، ولو لا صيرورته شرعيا بعد ورود الخبر ، وإلّا لما كان كذلك.

* * *

[الوجه] الثاني (٢) : إذا كان أحد الخبرين يقتضي الإثبات والآخر النفي وكانا شرعيّين ، قال القاضي عبد الجبار : إنّهما سواء. وضرب لذلك أمثلة ثلاثة :

__________________

(١) في المحصول : ٢ / ٤٦٦ العبارة كما يلي : ومعلوم أنّه لو لا الخبر الناقل لكنّا إنّما نحكم بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل ، لا لأجل الخبر.

(٢) الوجه الثاني من وجوه التراجيح العائدة إلى الحكم.

٣٢٠