نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-357-284-6
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٤٧٦

الفصل السادس :

في مذهب الصحابي

وفيه مباحث :

البحث الأوّل : في أنّه ليس بحجّة

اتّفق الناس كافّة على أنّ مذهب الصحابي في مسائل الاجتهاد ليس حجّة على غيره من الصحابة المجتهدين ، إماما كان أو غيره ، حاكما كان أو مفتيا ؛ إلّا الإمامية فإنّ قول الإمام عندهم حجّة ، لأنّهم يشترطون العصمة فيه. (١)

واختلف الأصوليون في كونه حجّة على التابعين ومن بعدهم من المجتهدين.

فذهب الإمامية ، (٢) والأشاعرة ، والمعتزلة ، والشافعي في أحد قوليه ،

__________________

(١) ان قول الصحابي ليس حجّة على الغير ما لم يستند إلى المعصوم ، واما إذا كان الصحابي إماما معصوما كعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقوله حجّة لا بما أنّه صحابي بل بما أنّه إمام معصوم حجّة من الله سبحانه على العباد ، وإلى ما ذكرنا يشير المصنّف بقوله : لانهم يشترطون العصمة فيه.

(٢) إنّ لقول الصحابي صورا يختلف حكمها باختلاف الصور : ـ

٤٢١

وأحمد بن حنبل في إحدى الرّوايتين عنه ، والكرخي إلى أنّه ليس حجّة مطلقا.

وذهب مالك بن أنس وأبو بكر الرازي والبرذعي من الحنفية ، والشافعي في القول الآخر ، وأحمد في الرواية الأخرى إلى أنّه حجّة مقدّمة على القياس.

وقال قوم : إن خالف القياس فهو حجّة ، وإلّا فلا.

وقال قوم : إنّ الحجّة في قول أبي بكر وعمر لا في غيرهما. (١)

والحقّ الأوّل.

لنا وجوه (٢) :

__________________

ـ أ. لو نقل قول الرسول وسنّته يؤخذ به إذا اجتمعت فيه شرائط الحجّية.

ب. لو نقل قولا ولم يسنده إلى الرسول ودلّت القرائن على أنّه نقل قول لا نقل رأي ، فهو يعد في مصطلح أهل الحديث من الموقوف للوقف على الصحابي من دون إسناد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليس حجّة لعدم العلم بكونه قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ج. إذا كان للصحابي رأي في مسألة ولم يقع موقع الإجماع إمّا لقلّة الابتلاء ، أو لوجود المخالف ، فهو حجّة لنفس الصحابي وليس بحجّة للآخرين.

وقول الصحابي ليس بحجة عند الإمامية والأشاعرة والمعتزلة.

وثمّة كلمة قيمة للشوكاني (المتوفّى ١٢٥٥ ه‍) قال فيها : والحق أنّ رأي الصحابي ليس بحجّة ... وهناك حقيقة مرّة وهي أنّ حذف قول الصحابي من الفقه السنّي الّذي يعدّ الحجر الأساس للبناء الفقهي على صعيد التشريع ، يوجب انهيار صرح البناء الّذي شيّد ، وبالتالي انهيار القسم الأعظم من فتاواهم ، ولو حلّ محلّها فتاوى أخرى ربّما استتبع فقها جديدا لا أنس لهم به. الوسيط في أصول الفقه للعلّامة جعفر السبحاني : ٢ / ٨٨ ـ ٨٩.

(١) راجع الإحكام : ٤ / ١٥٥.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٥٦٢ ؛ الإحكام : ٤ / ١٥٥ ـ ١٥٧.

٤٢٢

الأوّل : قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا)(١) أمر بالاعتبار ، وهو ينافي جواز التقليد.

وفيه نظر ، فإنّ المجاوزة من الدليل إلى المدلول اعتبار ، وكما يتناول النصّ والإجماع وغيرهما من الأدلّة كذا يتناول قول الصحابي ، لأنّه إذا كان حجّة واستدلّ به على الحكم كان اعتبارا.

الثاني : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٢) أوجب الردّ عند الاختلاف إلى الله والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالردّ إلى مذهب الصحابي يكون تركا للواجب ، وهو ممتنع.

اعترض بمنع دلالة الأمر على الوجوب.

سلّمنا ، لكن عند إمكان الرد ، وهو أن يكون الحكم المختلف فيه مبيّنا في الكتاب أو السنّة ، أمّا على تقدير عدم كونه مبيّنا فيهما فلا. ونحن إنّما نقول باتّباع مذهب الصحابي مع عدم الظفر بما يدلّ على حكم الواقعة من الكتاب.

وفيه نظر ، لما تقدّم من أنّ الأمر للوجوب والأمر بالردّ في المختلف إلى ما لا بيان فيه تكليف بما لا يطاق ، فوجب اشتمال الكتاب والسنّة على كلّ مختلف فيه من الأحكام. وظاهر اشتمالها عليه فإنّ العمومات وغيرها من قضايا العقل كالبراءة الأصلية والاستصحاب وغيرهما وافية بجميع

__________________

(١) الحشر : ٢.

(٢) النساء : ٥٩.

٤٢٣

الأحكام ، ومذهب الصحابي إذا كان دليلا وجب البحث فيه والنظر في كيفية دلالته عند معارضة الكتاب أو السنّة ، كما في الكتاب والسنّة فلا تكون دلالته مشروطة بعدمها (١) كغيره من أنواع الأدلّة.

الثالث : إجماع الصحابة على جواز مخالفة كلّ واحد من آحاد الصحابة ، ولم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما ، بل ربّما رجعا إليه ، كقضايا كثيرة رجع عمر فيها عن رأيه واجتهاده ومذهبه إلى قول علي عليه‌السلام وغيره من الصحابة ؛ ولم ينكر أبو بكر على عمر ولا عمر على أبي بكر في مخالفة كلّ منهما صاحبه. ولو كان مذهب الصّحابي حجّة لما كان كذلك ، وكان يجب على كلّ واحد منهم اتّباع الآخر ، وهو محال.

اعترض بأنّ الخلاف إنّما هو في كون مذهب الصحابي حجّة على من بعده من مجتهدي التابعين لا مجتهدي الصحابة ، فلم يكن الإجماع دليلا على محلّ النزاع.

وفيه نظر ، فإنّ الإجماع على عدم وجوب تقليد الصحابي لمثله يستلزم عدمه في حقّ التابعي ، إذ علّة التقليد العلم والزهد ، ولو فرض وجودهما في التابعي وجب وجود المعلول لوجود علّته.

الرابع : الصّحابي من أهل الاجتهاد ، والخطاء ممكن عليه ، فلا يجب على المجتهد التابعي العمل بمذهبه كالصحابيين والتابعيين.

اعترض (٢) بأنّه لا يلزم من امتناع وجوب العمل بمذهب الصحابي

__________________

(١) في «أ» بعدمهما ، وفي «د» : بعدها.

(٢) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٦.

٤٢٤

على صحابي مثله ، وامتناع وجوب العمل بمذهب التابعي على تابعي مثله امتناع وجوب عمل التابعي بمذهب الصحابي مع تفاوتهما على ما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير القرون القرن الذي أنا فيه». (١)

وفيه نظر ، لما تقدّم من الاشتراك في العلّة فيجب الاشتراك في المعلول ، ولأنّا نعلم أنّ في التابعين من هو أفضل من كثير من الصحابة في العلم والزهد فلا يحسن القول بوجوب تقليده.

الخامس : الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة وذهب كلّ واحد منهم إلى خلاف مذهب الآخر ؛ كما في مسائل الجدّ مع الإخوة ، وقوله : أنت عليّ حرام ، (٢) وغيرهما ؛ فلو كان مذهب الصّحابي حجّة على غيره من التابعين ، لكانت حجج الله تعالى مختلفة متناقضة ، ولم يكن اتّباع أحدهم أولى من الآخر.

اعترض (٣) بأنّ اختلاف مذاهب الصحابة لا يخرجها عن كونها حججا في أنفسها ، كأخبار الآحاد والنصوص الظاهرة ، ويكون العمل

__________________

(١) ورد هذا الحديث باختلاف في الألفاظ في المصادر التالية : صحيح مسلم : ٧ / ١٨٤ و ١٨٥ ، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٤٠٣ برقم ٤٦٥٧ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٤٠ برقم ٢٣٢٢ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٢٢٨ وج ٤ / ٤٤٠. وقد ورد هذا الحديث في بعض كتب الشيعة مع الردود عليه ؛ راجع الإفصاح للمفيد : ٤٩ ، باب الروايات الدالة على تنزيه كافة الصحابة والرد عليها ؛ الصوارم المهرقة : ١٩.

(٢) صحيح البخاري : ٦ / ١٦٦ ، كتاب الطلاق ؛ سنن البيهقي : ٧ / ٣٥٠.

(٣) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٧.

٤٢٥

بالواحد منها متوقّفا على الترجيح ، ومع عدم الوقوف على الترجيح فالواجب الوقف أو التخيير.

وفيه نظر ، لأنّ كون كلّ واحد منها حجّة يستلزم عدم كونه حجّة ، لأنّ كلّ واحد منهم يعتقد حقّية ما ذهب إليه وبطلان ما ذهب إليه الآخر ، وهذا يصلح أن يكون دليلا برأسه ، والفرق ظاهر بين أقوال الصحابة والأخبار والنصوص الّتي يمكن الجمع بينهما.

السادس : قول الصحابي عن اجتهاد ممّا يجوز عليه الخطاء ، فلا يقدّم على القياس ، كالتابعي.

اعترض (١) بأنّ اجتهاد الصحابي وإن جاز عليه الخطاء فلا يمنع ذلك من تقديمه على القياس كخبر الواحد ، ولا يلزم من امتناع تقديم مذهب التابعي على القياس امتناع ذلك في مذهب الصحابي لما تقدّم من الفرق بينهما.

وفيه نظر ، فإنّ خبر الواحد قدّم على القياس لجواز أن يكون أصله الخبر ، ولمّا امتنع ترجيح الفرع على الأصل امتنع تقديم القياس على الخبر بخلاف مذهب الصحابيّ.

وقد تقدّم عدم الفرق بين التابعي والصحابي ، بل قد يوجد في التابعين من هو أفضل من بعض الصحابة.

__________________

(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٧.

٤٢٦

السابع : التابعي المجتهد متمكّن من تحصيل الحكم بطريقه ، فلا يجوز له التقليد فيه كالأصول.

اعترض (١) بأنّ اتّباع مذهب الصحابي إنّما يكون تقليدا له لو لم يكن حجّة متّبعة ، وهو محلّ النزاع ، وخرج عليه الأصول فإنّ القطع واليقين معتبر فيها ، ومذهب الغير من أهل الاجتهاد فيها ليس بحجّة قاطعة ، فكان اتّباعه في مذهبه تقليدا من غير دليل ، وهو غير جائز.

وفيه نظر ، فإنّ معنى التقليد ليس إلّا العمل بقول الغير من غير حجّة ، ولو كان قول الصحابي حجّة لكان باعتبار الزهد والعلم ، وإذا وجدا في غيره تساويا ، فكما لم يكن قول غيره حجّة كذا قوله.

واحتجّ المخالف بوجوه (٢) :

الأوّل : قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ)(٣) وهو خطاب مع الصحابة ، والمعروف واجب القبول.

الثاني : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» (٤) جعل الاهتداء لازما للاقتداء بأي واحد كان منهم ، وذلك يقتضي أن يكون قوله حجّة.

__________________

(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٧.

(٢) ذكرها مع الأجوبة عنها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٢ ـ ٥٦٣ ؛ الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٥٨ ـ ١٦٠.

(٣) آل عمران : ١١٠.

(٤) راجع إحقاق الحق : ٣ / ٩٣ ـ ٩٦ ، حيث ذكر مصادر الحديث من كتب أهل السنّة ثم ناقش فيها سندا ودلالة.

٤٢٧

الثالث : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر». (١)

الرابع : أجمعوا على أنّ عبد الرحمن بن عوف ولّى عليا عليه‌السلام الخلافة بشرط الاقتداء بالشيخين ، فامتنع ، فولّى عثمان فقبل ، ولم ينكر أحد ذلك على عثمان ، وكان ذلك بمحضر جماعة من الصحابة فكان إجماعا.

الخامس : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» (٢) أشار بذلك إلى الخلفاء الأربعة ، وقوله : «عليكم» للإيجاب ، (٣) وهو عامّ.

السادس : الصحابي إذا قال ما يخالف القياس فلا محمل له إلّا أنّه اتّبع الخبر ، وإلّا كان قولا في الدين لمجرّد التشهي وهو حرام.

السابع : قول الصحابي إذا انتشر ولم ينكر عليه منكر كان حجّة ، فكان حجة مع عدم الانتشار كقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الثامن : مذهب الصحابي إمّا أن يكون عن نقل أو اجتهاد ، فإن كان الأوّل كان حجّة ، وإن كان الثاني فاجتهاد الصحابي راجح على اجتهاد

__________________

(١) مسند أحمد : ٥ / ٣٨٢ ؛ سنن البيهقي : ٥ / ٢١٢ وج ٨ / ١٥٣. وراجع الإفصاح للمفيد : ٢١٩ ، مسألة إثبات أنّ حديث «اقتدوا باللذين ...» موضوع.

(٢) سنن الترمذي : ٥ / ٤٤ ـ ٤٥ ، باب ما جاء في الأخذ بالسنّة واجتناب البدع ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٢٦١ ، باب في لزوم السنة ؛ مسند أحمد : ٤ / ١٢٦. وقد وردت هذه الفقرة بزيادة «المهديين» بعد «الراشدين» ضمن حديث في الكتب المذكورة أعلاه.

وراجع رسالة في حديث «عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء ...» للسيد علي الميلاني.

(٣) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية ، ولكنّه موجود في المستصفى : ١ / ٤٠١ ، والمحصول : ٢ / ٥٦٣.

٤٢٨

التابعي ومن بعده لترجّحه بمشاهدة التنزيل ومعرفة التأويل ، ووقوفه من أحوال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومعرفة مراده من كلامه على ما لم يقف عليه غيره ، فكان حال التابعي إليه كحال العامي بالنسبة إلى المجتهد التابعي ، فوجب اتّباعه له.

والجواب عن الأوّل. المراد الإمام المعصوم على ما تقدّم.

سلّمنا ، لكن لا يجوز إرادة كلّ واحد لوقوع الخلاف بينهم فيكون الخطأ واقعا من أحدهم فلا يكون معروفا ، بل المراد مجموع الأمّة ولا اختصاص لذلك بالصحابة كما تقدّم في الإجماع.

وعن الثاني. بأنّه خطاب مشافهة فيكون راجعا إلى العوام. ويؤيّده قوله : «اقتديتم» ولأنّه وإن كان عاما في أشخاص الصحابة ، فلا دلالة فيه على عموم الاقتداء في كلّ ما يقتدى فيه. وعند ذلك فقد أمكن حمله على الاقتداء بهم في كلّ ما يروونه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليس الحمل على غيره أولى من الحمل عليه.

وفيه نظر ، فإنّ الاقتداء لا يفهم من الرواية.

وعن الثالث. لو سلّمنا صحّة نقله قلنا بموجبه ، فإنّه يجوز الاقتداء بهما في تجويزهما لغيرهما ، مخالفتهما بموجب الاجتهاد. وأيضا فلو اختلفا كما اختلفا في التسوية في العطاء فأيّهما يتّبع.

وعن الرابع. أنّ قول عثمان معارض برد علي عليه‌السلام ، ونمنع الإجماع وعدم الإنكار.

٤٢٩

سلّمنا ، لكن ترك الإنكار لأنّهم حملوا الاقتداء على المتابعة في السيرة والسياسة دون المتابعة في المذهب ، لدلالة الإجماع على أنّ مذهب الصحابي ليس حجّة على غيره من الصحابة من المجتهدين.

وعن الخامس. أنّ السنّة هي الطريقة ، وهي عبارة عن الأمر الّذي يواظب الإنسان عليه فلا تتناول ما يقوله الإنسان مرة واحدة. وأيضا لو سلّمنا صحّة السند فإنّا نقول بموجبه ، لأنّه تحريض على ملازمة مجموع السّنتين ، أو تقول : إنّه حرص على ملازمته سنّة الخلفاء ولا يجوز أن يتناول ما اختلفوا فيه وإلّا لزم التناقض أو الترجيح من غير مرجّح ، فوجب أن يتناول ما اتّفقوا عليه ، وهو مسلّم ، لأنّ عليا عليه‌السلام أحدهم ، وقوله حجّة.

وعن السادس. انّه ربّما صار إلى ما يظنّه دليلا وليس في نفس الأمر كذلك. نعم لو تعارض قياسان وقال الصحابي بما يوافق أحدهما ، جاز الترجيح بقول الصحابي أمّا جعله حجّة فلا. وأيضا فينتقض بقول التابعي مع أنّه ليس حجّة إجماعا.

وعن السابع. إن قلنا : إنّ قول الصحابي إذا انتشر ولم ينكر عليه منكر يكون إجماعا ، فالحجّة في الإجماع لا في مذهب الصحابي ، وهو غير متحقّق فيما إذا لم ينتشر ؛ وإن لم يكن إجماعا ، فلا حجّة فيه مطلقا مع أنّه ينتقض ما ذكرتم بمذهب التابعي فإنّه إذا انتشر في عصره ولم يوجد له منكر كان حجّة ، ولا يكون حجّة بتقدير عدم انتشاره إجماعا.

وعن الثامن. لا نسلّم أنّ مستنده الفعل ، إذ لو كان معه نقل لأبداه

٤٣٠

ورواه ، لأنّه من العلوم النافعة ، والظاهر من حال الصحابة نشر العلم وأقوال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم يبق إلّا أن يكون عن رأي واجتهاد. وحينئذ لا يبقى حجّة على غيره من المجتهدين بعده ، لجواز أن يكون دون غيره في الاجتهاد والصحبة ، وإن كانت مميزة لكن رتبة الاجتهاد أعلى ، ولهذا قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه». (١)

البحث الثاني : في تقليد الصحابي

الحق أنّه لا يجوز للعالم تقليد الصحابي في الفروع وهو أحد أقوال الشافعي ، لأنّ المانع من تقليد العالم لغيره آت في حقّ الصحابي وغيره من غير فرق وسيأتي.

لا يقال : كيف لا يقع الفرق بين الصحابة وغيرهم وقد أثنى الله تعالى ورسوله عليهم حيث قال : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) ، وقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ)(٣) ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير القرون قرني».

لأنّا نقول : الثناء يوجب حسن الاعتقاد فيهم وأن يظن بهم خيرا ، ولا يوجب تقليدهم ، لورود الثناء في حق آحاد الصحابة مع إجماع الصحابة على جواز مخالفتهم.

__________________

(١) الكافي : ١ / ٤٠٣ ضمن ح ١ و ٢ ؛ الخصال : ١٤٩ ؛ أمالي الصدوق : ٤٣٢ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ١٤٨ و ١٦١ و ١٦٤ وج ٢١ / ١٣٨ ح ٣٣ وج ٢٧ / ٦٨ ؛ مسند أحمد : ٤ / ٨٠ و ٨٢ وج ٥ / ١٨٣ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٧٤ و ٧٥ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٨٤ و ٨٦ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٧٩.

(٢) الفتح : ١٨.

(٣) التوبة : ١٠٠.

٤٣١

وللشافعي قول ثان قديم : إنّه يجوز تقليد الصّحابي في قوله إذا انتشر ولم يخالفه أحد.

وله ثالث : إنّه يقلّد وإن لم ينتشر. (١)

وقد فرّع الشافعية على القول القديم للشافعي فروعا سبعة : (٢)

الأوّل : قال الشافعي في كتاب «اختلاف الأحاديث» ، (٣) : روي عن علي عليه‌السلام أنّه صلّى في ليلة ست ركعات ، في كلّ ركعة ست سجدات.

قال : لو ثبت ذلك عن علي عليه‌السلام لقلت به ، فإنّه لا مجال للقياس فيه ، فالظاهر أنّه فعله توقيفا.

الثاني : قال في موضع : قول الصحابي إذا انتشر ، ولم يخالف ، فهو حجّة. وضعّفه الغزالي ، لأنّ السّكوت ليس بقول ، فأيّ فرق بين الانتشار وعدمه؟ وقد تمسّك الغزالي بمثل هذا الإجماع في القطع على أنّ خبر الواحد حجّة ، وهو تناف.

الثالث : قال الشافعي : إذا اختلفت الصحابة فالأئمة الأربعة أولى ، وإن اختلفت الأربعة ، فقول أبي بكر وعمر أولى.

الرابع : قال في موضع آخر : يجب الترجيح بقول الأعلم والأكثر قياسا ، لأنّ زيادة علمه تقوي اجتهاده وتبعده عن التقصير.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٦٤.

(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٥.

(٣) في المحصول : كتاب اختلاف الحديث.

٤٣٢

الخامس : ان اختلف الحكم والفتوى عن الصحابة فقد اختلف قوله ، فقال مرّة : الحكم أولى ، لأنّ العناية به أشد. وقال أخرى : الفتوى أولى ، لأنّ سكوتهم عن الحكم محمول على الطاعة.

السادس : هل يجوز ترجيح أحد القياسين بقول الصحابي؟ الحق عندهم أنّه في محلّ الاجتهاد ، فربّما يتعارض ظنّان ، والصحابي في أحد الجانبين فتميل نفس المجتهد إلى موافقة الصحابيّ ، ويكون ذلك أغلب على ظنّه.

السابع : إذا حمل الصحابيّ لفظ (الخبر) على أحد معنييه. منهم من جعله ترجيحا. وقال القاضي أبو بكر : إذا لم يقل علمت ذلك من قصد الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقرينة شاهدتها لم يكن ترجيحا.

٤٣٣

الفصل السابع :

في باقي أدلة شرعية اختلف فيها المجتهدون

وفيه مباحث :

الأوّل : في حكم الأفعال

قد سبق فيما تقدّم هذا البحث على الاستقصاء ونحن الآن بصدد بيان أنّ الأصل في المنافع الإذن ، وفي المضار المنع بطرق شرعية لنفع هذين الأصلين في الشرع. أمّا الأوّل فيدلّ عليه وجوه (١) :

الأوّل : قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٢) ، واللام تقتضي الاختصاص بجهة الانتفاع. والاعتراض من وجوه :

أ. نمنع اقتضاء اللام الاختصاص بجهة الانتفاع ، لقوله تعالى : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)(٣) ، (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٤) ، وليس المراد

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٤١.

(٢) البقرة : ٢٩.

(٣) الإسراء : ٧.

(٤) البقرة : ٢٨٤.

٤٣٤

فيهما الاختصاص النافع ، ولأنّ اللام عند النحاة للتمليك ، وهو غير ما قلتم.

ب. سلّمنا ذلك لكن يفيد مسمّى الانتفاع أو كلّ الانتفاعات. الأوّل مسلّم ، والثاني ممنوع. ويكفي في العمل بالمسمّى حصول فرد من أفراد الانتفاعات ، مثل الاستدلال بها على الصانع تعالى.

ج. سلّمنا عموم الانتفاع لكن بالخلق ، لدخول اللام عليه ، ونمنع أنّ المخلوق كذلك.

د. سلّمنا إفادة الانتفاع بالمخلوق ، لكن لكلّ واحد في حال واحد ، لأنّ هذا مقابلة الجمع بالجمع ، فيقتضي مقابلة الفرد بالفرد.

ه. سلّمنا إفادة العموم ، لكن «في» للظرفية فيدل على إباحة كلّ ما في داخل الأرض ، كالركاز والمعادن فلم قلتم : إنّ ما على الأرض كذلك؟

و. سلّمنا إباحة كلّ ما على الأرض ، لكن في ابتداء الخلق ، لأنّ قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ) يشعر بأنّه حالما خلقها إنّما خلقها لنا ، فلم قلتم : إنّه في الدوام كذلك؟

لا يقال : الأصل في الثابت البقاء.

لأنّا نقول : هذا فيما يحتمل الدوام ، لكنّ كونه مباحا صفة ، ولا بقاء للصفات.

ز. سلّمنا الإباحة للكلّ حدوثا وبقاء ، لكن للموجودين وقت الخطاب ، لأنّ قوله : (لَكُمْ) خطاب مشافهة ، فيختصّ بالحاضرين.

٤٣٥

ح. سلّمنا أنّه يدلّ على اختصاصها بنا ، لكن قوله : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ينافيه.

والجواب عن أ. الدليل على أنّ اللام لعود المنفعة قوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ)(١) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النظرة الأولى لك والثانية عليك» (٢) وقوله : «له غنمه وعليه غرمه» (٣). ويقال : هذا الكلام لك وهذا عليك ، أقصى ما في الباب أنّها جاءت في سائر المواضع لمطلق الاختصاص ، فنقول : لو جعلناه حقيقة في اختصاص المنافع أمكن جعله مجازا في مسمّى الاختصاص ، لأنّه جزء فيكون لازما ، فيصحّ التجوّز به باللفظ فيه ، فإذا انتفى اللزوم انتفى حسن التجوّز.

وقول النحويين : لم يريدوا به حقيقة الملك وإلّا لبطل لقولنا (٤) : الجلّ للفرس ، بل أرادوا الاختصاص النافع.

وعن ب. أنّه لا يمكن حمل الآية على هذا النفع ، لحصوله لكلّ مكلّف من نفسه ، إذ يمكنه الاستدلال بنفسه على الصّانع تعالى ، وإذا حصل هذا النفع من نفسه امتنع تحصيل هذا الجنس من النفع من غيره ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، أو كان قليلا جدا.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٦.

(٢) مجمع البيان : ٨ / ٤٣٣ ؛ نور الثقلين : ٤ / ٥١٧.

(٣) عوالي اللآلي : ١ / ٢٢١ برقم ٩٥ وج ٢ / ١١٤ وج ٣ / ٢٣٤ ؛ مستدرك الوسائل : ٣ / ٤٢٢ ، الحديث ٣ ؛ مستدرك الحاكم : ٢ / ٥١ ؛ سنن البيهقي : ٦ / ٣٩ و ٤٠ ؛ كنز العمال : ٦ / ٢٨٩.

(٤) في المحصول : ٢ / ٥٤٣ : بقوله.

٤٣٦

وعن ج. انّ الخلق هو المخلوق لقوله تعالى : (هذا خَلْقُ اللهِ)(١) أي مخلوقه. وبتقدير التغاير لا نفع للمكلف في صفته تعالى ، فيكون المراد من الخلق : المخلوق.

وعن د. نمنع أنّه مقابلة الجمع بالجمع ، بل هو جار مجرى تمليك دار واحدة لشخصين ، وهو يقتضي تعلّق كلّ منهما لا بجزء معيّن ، بل بجميع الأجزاء.

وعن ه. نمنع اختصاص «في» بما في باطن الأرض ، لقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). (٢)

وعن و. الأصل في كلّ ثابت بقاؤه.

قوله : الاختصاص عرض فلا يقبل الدوام.

قلنا : حكم الله تعالى صفة ، فهي واجبة الدوام.

وفيه نظر ، فإنّ النسخ يدخل في الإباحة وغيرها من الأحكام على ما تقدّم ، وهو ينافي الدوام.

وعن ز. حكمه تعالى في حق الحاضرين يستلزم حكم رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم به ، وحكم عليهم به يستلزم حكم علينا به ، (٣) لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حكمي على الواحد حكمي على الكلّ. (٤)

__________________

(١) لقمان : ١١.

(٢) البقرة : ٣٠.

(٣) العبارة في المحصول : ٢ / ٥٤٤ كما يلي : لأن الله تعالى لمّا حكم بذلك في حقهم ، وقد حكم به الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا في حقهم ، فوجب أن يكون قد حكم به أيضا في حقّنا.

(٤) عوالي اللآلي : ١ / ٤٥٦ برقم ١٩٧ وج ٢ / ٩٨ برقم ٢٧٠ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ٢٧٢ ح ٤ وج ٧٧ / ١٩٩.

٤٣٧

وعن ح. التعارض إنّما يثبت لو كان الاختصاص في الموضعين بمعنى واحد ، وهو محال ، لأنّه في حقّنا الاختصاص النافع ، وهو ممتنع في حقّه تعالى ، بل بجهة الإيجاد والخلق فلا يعارض.

الثاني : قوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)(١) إنكار على من حرّم الزينة وطيب الرزق فلا يكون حراما ، فيمتنع ثبوت الحرمة في فرد من أفراد الزينة ، لأنّ المطلق جزء من المقيّد ، فلو ثبتت الحرمة في فرد من أفراد الزينة لثبتت الحرمة في زينة الله تعالى ، وهو خلاف الأصل. وإذا انتفت الحرمة بالكليّة ثبتت الإباحة.

وفيه نظر ، لأنّ إباحة الكلّي لا يستلزم إباحة الجزئيات.

الثالث : قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ)(٢). وليس المراد من الطيّب الحلال ، وإلّا لزم التكرير ، فيجب تفسيره بما يستطاب طبعا ، وهو يقتضي حلّ المنافع بأسرها.

وفيه نظر ، فإنّ الاستطابة من الأمور الإضافية المختلفة باختلاف الأمزجة والطبائع ، ومثل ذلك لا تناط به الأحكام الشرعية لاضطرابه ، فليس المراد إلّا ما خلا عن وجه قبح ، ولا تكرار حينئذ.

الرابع : أنّه انتفاع بما لا ضرر فيه على المالك قطعا ، لأنّ المالك هو الله

__________________

(١) الأعراف : ٣٢.

(٢) المائدة : ٤.

٤٣٨

تعالى والضرر عليه ممتنع. وملك العباد قد كان معدوما ، والأصل بقاؤه على العدم ترك العمل به فيما وقع الإجماع على كونه مانعا ، فيبقى في غيره على الأصل وعلى المنتفع ظاهرا فيكون طلقا ، كالاستضاءة بضوء السراج والاستظلال بجدار الغير.

لا يقال : هذا يقتضي القول بإباحة جميع المحرمات ، لانتفاع فاعلها به ، ولا ضرر فيها على المالك ، ويستلزم سقوط التكاليف بأسرها ، وهو باطل قطعا.

والقياس على الاستضاءة والاستظلال باطل ، لأنّ المالك لو منع من الاستضاءة والاستظلال قبح المنع منه ، والله تعالى لو منع من الانتفاع لم يقبح.

لانّا نقول : احترزنا عن إباحة المحرمات بقولنا : ولا ضرر على المنتفع ظاهرا ، وهنا الضرر وهو العقاب بارتكاب ما نهى عنه ثابت ؛ أمّا على قول المعتزلة فلأنّه لو لا اشتمال الفعل والترك على جهة لأجلها حصل النهي ، وإلّا لما جاز ورود النهي ؛ وأمّا عند الأشاعرة فلأنّه تعالى لمّا توعّد بالعقاب عليه كان مشتملا على الضرر ، فلم يكن واردا.

وفيه نظر ، إذ على قول الأشاعرة لا يجب الإيفاء بالوعد والوعيد ، فانتفى الضرر.

والقياس على الاستضاءة لا يستلزم مساواة الفرع الأصل من كلّ الوجوه ، بل المساواة من الوجه المقصود.

٤٣٩

الخامس : خلق الأعيان لا لحكمة باطل ، لقوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً)(١) و (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)(٢) ؛ ولأنّ الفعل الخالي عن الحكمة عبث ، والعبث لا يليق بالحكيم.

وإن كان لحكمة فإمّا عود النفع إليه ، وهو محال ، لاستحالة النفع عليه ؛ أو إلينا ، وهو المطلوب ، وهذا يقتضي أن يكون المقصود من الخلق نفع المحتاج. وإذا كان كذلك كان نفع المحتاج مطلوب الحصول أين ما كان. فإن منع منه فإنّما منع ، لأنّه بحيث يلزمه رجوع ضرر إلى محتاج.

فإذا نهى الله تعالى عن بعض الانتفاعات علمنا أنّه تعالى إنّما منعنا منها للعلم باستلزامها للمضار حالا أو مستقبلا ، ولكن ذلك على خلاف الأصل ، فثبت أنّ الأصل في المنافع الإباحة.

قال فخر الدين الرازي (٣) ـ ونعم ما قال ـ : تحقيق القول فيه لا يتمّ إلّا مع القول بالاعتزال.

وأمّا الأصل الثاني وهو أصالة تحريم المضار فيستدعي بيان أمرين (٤) :

الأوّل : تحقيق ماهية الضرر.

الثاني : الدليل على تحريمه.

__________________

(١) المؤمنون : ١١٥.

(٢) الدخان : ٣٨.

(٣) المحصول : ٢ / ٥٤٦.

(٤) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٥٤٧ ـ ٥٤٩.

٤٤٠